بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد فان من الخلال العظيمة والخصال الكريمة التي دعا اليها ديننا الحنيف. وامر بها الاسلام الرفق ببهيمة انعام وبعموم الحيوانات. والرفق في الامر كله شأنه في الحياة عظيم. ولا يوفق له الا صاحب وخلق كريم. وهو جمال وحسن وبهاء لصاحبه. ومن يتأمل سيرة نبينا عليه الصلاة والسلام يجد عامرة بالرفق والاخلاق الفاضلة. فكان عليه الصلاة والسلام قدوة يحتذى واماما به يؤتى. لقد قد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر ومن يطالع سيرته يجد عجبا في جمال رفقه عليه الصلاة والسلام بالحيوان والاحسان اليه عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء. رواه الترمذي قوله صلى الله عليه وسلم ارحموا من في الارض اي من على الارض وهذا يشمل الناس ويشمل ايضا الدواب والبهائم والطير يرحمكم من في السماء اي يرحمكم الله تبارك وتعالى العلي على خلقه المستوي على عرشه استواء يليق بجلاله وكماله وعظمته سبحانه وعن معاوية ابن قرة عن ابيه رضي الله عنه ان رجلا قال يا رسول الله اني لاذبح الشاة وانا ارحمها او قال اني ارحموا الشاة ان اذبحها. فقال صلى الله عليه وسلم والشاة ان رحمتها رحمك الله. والشاة ان رحمتها رحمك الله رواه احمد هذا رجل رحيم عندما يذبح الشاة محتاجا الى لحمها يذبحها وهو راحم لها فينال بهذه الرحمة رحمة الله سبحانه وتعالى له يوم القيامة عن ابي امامة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رحم ولو ذبيحة رحمه الله يوم القيامة رواه البخاري في الادب المفرد اي من رحم شاته او بقرته او ناقته التي اراد ان يذبحها بان يذبحها وهو راحم لها رحمه الله سبحانه وتعالى يوم القيامة وتكون الرحمة للبهيمة في هذا الموطن اي موطن ذبحها بامور عديدة جاءت السنة ببيانها اولا ان يحسن سوقها الى مكان الذبح برفق والا يجرها بايذاء لها وعنف وشدة ثانيا ان يحسن وضعها على الارض ولا يطرحها على الارض بقسوة وشدة. ثالثا ان تكون الة الذبح حادة حتى لا يؤذيها بالذبح رابعا الا يحد شفرته امام الذبيحة لان هذا يؤذيها. خامسا ان يعجل امرارها سريعا على عنقها لانه اذا لم يعجل طال تعذيبها وراحتها بالتعجيل والتسهيل سادسا الا يذبحها امام اختها فهذا كذلك يؤذيها. سابعا ان يرجعها على شقها الايسر ويظع رجله وعلى عنقها برفق ويترك قوائمها الاربعة بدون امساك لان ذلك ابلغ في راحتها عن سداد ابن اوس رضي الله عنه قال ثنتان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان الله كتب الاحسان على كل فاذا قتلتم فاحسنوا القتلة واذا ذبحتم فاحسنوا الذبحة. وليحد احدكم شفرته وليرح ذبيحته رواه مسلم وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ان رجلا اضجع شاة يريد ان يذبحها وهو يحد سفرته. فقال النبي صلى الله عليه وسلم اتريد ان تميتها موتات؟ هلا حددت شفرتك قبل ان تضجعها؟ رواه الحاكم فهذا رجل مر به النبي صلى الله عليه وسلم وواضع رجله على صفحة شاة وهو يحد شفرته والشاة ببصرها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اتريد ان تميتها موتات؟ اي ان هذا ليس من الرحمة. كما انه ايضا ليس من الرحمة بالشاة ان تذبح الشاة امام صاحبتها فقد كان عمر رضي الله عنه ينهى ان تذبح الشاة عند الشاة وكره ابو هريرة رضي الله عنه ان تحد الشفرة والشاة تنظر اليها وكذلك ليس من رحمة ان تجر بشدة الى موطن الذبح فعن محمد ابن سيرين ان عمر رضي الله عنه رأى رجلا يجر شاة ليذبحها فضربه بالدرة وقال سقها لا الى الموت شوقا جميلا رواه البيهقي فلا بد ان يرفق بها ولا تعامل بقسوة وشدة فلا ترمى رميا على الارض بل تضجع برفق وتكون السكين التي تذبح فيها حادة لان غير الحادة تؤذي الشاة عند الذبح ولا يحد شفرته امام شاته ولا اذبح الشاة امام الاخرى لان هذا يتنافى مع الرحمة. ومن كان في قلبه رحمة للشاة عند ذبحها فانه يقوم بهذه الامور. اما غليظ القلب فانه لا يبالي يرميها بعنف على الارض ويقسو عليها بقدمه ويحد الشفرة امامها ويذبحها امام صاحباتها الى غير ذلك من التصرفات التي ليست من الرحمة فيه شيء فاذا يمكن ان تذبح الشاة ويراق دمها والمرء راحم لها. اذا حقق معاني الرحمة فعلا المتقدم ذكرها ليفوز برحمة الله له يوم القيامة. وكما تقدم في قول ذلك السائل الرحيم بالشاة حين يذبحها اني لاذبح وانا ارحمها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم والشاة ان رحمتها رحمك الله واعادها مرتين وعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئرا فنزل فيها فشرب ثم خرج فاذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال الرجل لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان قد بلغ مني فنزل البئر فملأ خفه ماء ثم امسكه بفيه حتى رقى فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له قالوا يا رسول الله وان لنا في هذه البهائم لاجرا فقال صلى الله عليه وسلم في كل كبد رطبة اجر متفق عليه فهذا معاشر الاحبة الكرام اشتدت حاجته للماء وحصل له ظمأ شديد فوجد بئرا فنزل فيها فشرب والنزول في بئر فيه مشقة اذ لم يجد دلوا ينزح به الماء فغامر بالنزول وفي بعض روايات الحديث ما يفيد ان هذه البئر التي نزلها فيها صعوبة. ولهذا احتاج ان يحمل الخف بفمه عندما اراد ان يصعد للمرة الثانية لصعوبة هذه البئر فنزل وخاطر وذلك من شدة العطش وشرب ثم لما خرج اذا كلب يلهث يأكل الثرى من شدة العرض فقال الرجل لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلعني. فقام في قلبه رحمة لهذا الكلب فنزل البئر مرة ثانية مخاطرا بنفسه من اجل هذا الكلب رحمة به. فملأ خفه ماء ثم امسكه بفيه فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما كلب يطيف بركية قد كاد يقتله العطش اذ رأته بغي من بغايا بني اسرائيل فنزعت موقها فاستقت له به فسقته اياه فغفر لها به متفق عليه وهذا الغفران راجع الى ما قام في قلب العامل من قوة الاخلاص والصدق مع الله وحسن التوجه اليه ولهذا يشترك كثير من الناس في صورة عمل واحدة ويكون التباين بينهم شاسعا من حيث القبول والرد بحسب الاخلاص قوة وضعفا قال ابن القيم رحمه الله ما قام بقلب البغي التي رأت ذلك الكلب وقد اشتد به العطش يأكل الثرى قام بقلبها ذلك الوقت مع عدم الالة وعدم المعين وعدم من ترائيه بعملها ما حملها على ان بنفسها في نزول البئر وملء الماء في خفها ولم تعبأ بتعرضها للتلف وحملها خفها بفيها وهو ملآن حتى امكنها الرقي من البئر ثم تواضعها لهذا المخلوق الذي جرت عادة الناس بظربه فامسكت له الخف بيدها حتى شرب من غير ان ترجو منه جزاء ولا شكورا فاحرقت انوار هذا القدر من التوحيد ما تقدم منها من البغاء فغفر لها فهكذا الاعمال والعمال عند الله انتهى كلامه رحمه الله. ثم ان الصحابة رضي الله عنهم قالوا كما في الحديث الاول يا رسول الله وان لنا في البهائم اجرا طرحوا هذا السؤال بمناسبة تلك القصة والقصة تتعلق بثواب سقي الماء للبهيمة. اي هل كل بهيمة نحسن اليها ونرحمها؟ نؤجر فذكر لهم عليه الصلاة والسلام قاعدة جامعة نافعة في هذا الباب فقال في كل ذات كبد رطبة اجر والكبد الرطبة تشمل كبد الانسان وكبد الحيوان. وفيه ان سقي الماء من افضل الصدقات لا سيما مع اشتداد حاجتي اليه فعن سعد ابن عبادة ان امه ماتت فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ان امي ماتت افاتصدق وعنها؟ قال نعم قال فاي الصدقة افضل؟ قال سقي الماء رواه احمد فصدقت الماء معاشر الاحبة الكرام هي اعظم الصدقات. وتكون صدقة الماء بحفر الابار او بمد انابيب الماء او وضع برادات الماء للناس او بتلمس المناطق المحتاجة للماء لايصال الماء لها الى غير ذلك من طرق التصدق بالماء ومن الرحمة للبهائم وضع الطعام لها حتى ولو من الزائد من الطعام بحيث يذهب به الى مكان فيه طير او دواب يضعه لها رحمة بها واكراما ايضا للنعمة. وهذا العمل قد يظنه الناس قليلا. لكن قد في قلب من قام به من الصدق مع الله ورحمة البهائم والاحسان للطعام ما يكون سببا لغفران ذنوبه عند الله عز وجل وعن انس ابن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من مسلم غرس غرسا منه انسان او دابة الا كان له به صدقة رواه البخاري. قال ابن بطال رحمه الله في هذه احاديث الحظ على استعمال الرحمة للخلق كلهم كافرهم ومؤمنهم ولجميع البهائم والرفق بها وان ذلك مما يغفر الله به الذنوب ويكفر به الخطايا. فينبغي لكل مؤمن عاقل ان يرغب في الاخذ بحظه من الرحمة ويستعملها في ابناء جنسه وفي كل حيوان. فلم يخلقه الله عبثا وكل احد مسؤول عما وملكه من انسان او بهيمة لا تقدر على النطق وتبين ما بها من الضر وكذلك ينبغي ان يرحم كل بهيمة وان كانت في غير ملكه. الا ترى ان الذي سقى الكلب الذي وجده بالفلاة لم يكن له ملكا فغفر الله له بتكلفه النزول في البئر واخراجه الماء في خفه وسقيه اياه. وكذلك كل ما في معنى السقي من الاطعام الا ترى قوله عليه الصلاة والسلام ما من مسلم غرس غرسا فاكل منه انسان او داب الا كان له صدقة مما يدخل في معنى سقي البهائم واطعامها التخفيف عنها في احمالها وتكليفها ما تطيق حمله فذلك من رحمتها والاحسان اليها. ومن ذلك ترك التعدي في ضربها واذاها وتسخيرها في الليل وفي غير اوقات السخرة وقد نهينا في العبيد ان نكلفهم الخدمة في الليل فان لهم الليل ولوليهم النهار والدواب وجميع البهائم في هذا المعنى انتهى كلامه رحمه الله وعن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار لا هي اطعمتها وسقتها اذ حبستها ولا هي تركتها تأكل من خشاش ارض متفق عليه. وعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عذبت امرأة في هرة لم تطعمها ولم تسقها ولم تتركها تأكل من خشاش الارظ. رواه مسلم. فهذه امرأة قاسية. غليظة الكبد تقصدت حبس هذه الهرة حتى الموت. فلم يكن الامر حصل من غير قصد وهي لا تشعر بذلك بل تقصدت حبسها حتى مات فعذبها الله سبحانه وتعالى بها وادخلها النار وجاء ما يدل على ان من صور التعذيب لهذه المرأة بجناية فيها هذه ان تلك الهرة تخدشها يوم القيامة انتقاما لنفسها واخذا بالثأر. فعن اسماء بنت ابي بكر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الكسوف فقال دنت مني النار حتى قلت اي رب وانا معهم فاذا امرأة حسبت انه قال تخدشها هرة. قال ما شأن هذه؟ قالوا حبستها حتى ماتت جوعا رواه البخاري وهل كانت هذه المرأة كافرة او مؤمنة؟ قال النووي رحمه الله الصواب انها كانت مسلمة وانها دخلت النار بسبب الهرة كما هو ظاهر الحديث. وهذه المعصية ليست صغيرة. بل صارت باصرارها كبيرة. وليس في هذا الحديث تخلد في النار. انتهى كلامه. ولهذا لا يستهان بهذا الامر. بل يجب ان يخاف الانسان ويحذر. وان يرحم البهيمة ويرحم الطير ليرحمه الله سبحانه وتعالى. وان يحذر من ان يتعامل مع البهيمة او مع الطير بخلاف الرحمة حتى لا عرض نفسه للعقوبة وقوله لا هي اطعمتها وسقتها اذ حبستها. ولا هي تركتها تأكل من خشاش الارظ. فيه ان الانسان لو استبقى عنده لكوني محتاجا اليها لتأكل الخساس الذي في البيت مثلا واكرمها واعطاها الماء وحاجتها من الطعام ولم يؤذها فلا شيء عليه وكذلك اذا احتاج طيرا يستمتع برؤيته وسماع صوته واكرمه واعطاه حاجته من الطعام والماء فلا شيء عليه. فعن انس رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم احسن الناس خلقا وكان لي اخ يقال له ابو عمير قال احسبه فطيما وكان اذا جاء قال يا ابا عمير ما فعل النغير؟ نغر كان يلعب به متفق عليه. فيجب ان تعامل بهيمة الانعام والطيور بالرحمة والرفق والاحسان. والبعد عن ظلمها وايداعها. ولهذا جاء في الحديث النهي عن ان يتخذ الطير غرضا. عن سعيد ابن جبير قال مر ابن عمر رضي الله عنهما بفتيان من قريش قد نصبوا طيرا وهم يرمونه. وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من نبلهم. فلما رأوا ابن عمر تفرقوا فقال ابن عمر من فعل هذا لعنه الله من فعل هذا؟ ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا. رواه مسلم وعن هشام ابن زيد ابن انس ابن مالك قال دخلت مع جدي انس ابن مالك دار الحكم ابن ايوب فاذا قوم قد نصبوا دجاجة يرمونها. قال فقال انس نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان تصبر البهائم. متفق عليه. وعن سعيد بن عمرو عن ابن عمر رضي الله عنهما. انه دخل على يحيى ابن سعيد وغلام من بني يحيى رابط دجاجة يرميها. فمشى اليها ابن عمر حتى حلها ثم اقبل وبالغلام معه فقال ازجروا غلامكم عن ان يصبر هذا الطير للقتل فاني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم لم نهى ان تصبر بهيمة او غيرها للقتل. رواه البخاري ومن ذلك التمثيل بالحيوان عن ابن عمر رضي الله عنهما قال لعن النبي صلى الله عليه وسلم من مثل بالحيوان رواه البخاري. اي سيره مثلى بان يقطع اطرافه او بعضها وهو حي. واللعن دليل على التحريم. ومن ذلك ايضا التحريش بين البهائم بان يتعمد تسليط بعضها على بعض فعن مجاهد عن ابن عمر انه كره ان يحرش بين البهائم رواه البخاري في الادب المفرد والتحريش بين البهائم هو الاغراء بينها وتهييج بعضها على بعض وان يسلط بعضها على بعض مثل ان ينطح الثور الاخر او ان يسلط ديكا يؤذي اخر. وذلك لما فيه من العبث ولان فيه ايذاء وايلاما للحيوان حيث ان احدهما قد يؤذي الاخر فيفقع عينه او يلحق به ظررا فلا يجوز ان تتسبب المرء في ذلك ومن المعلوم ان الانسان لو جاء بسكين مثلا وشرط بها رأس الحيوان او فقأ بها عينه لم يجوز له ذلك وعده الناس ذنبا وجرما. فكذلك اذا تعمد تسليط بعضها على بعض لتفعل ذلك ببعضها ومن ذلك ايضا النهي ان يفجعها في ولدها او فرحها. فعن عبد الله ابن مسعود ان النبي صلى الله عليه وسلم نزل منزلا فاخذ رجل بيض حمرة فجاءت ترف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال ايكم فجع هذه ببيضتها؟ فقال رجل يا رسول الله انا اخذت بيضتي فقال النبي صلى الله عليه وسلم اردد رحمة لها. فالطائر معاشر الاحبة الكرام يتأذى وينزعج بذلك فكم عانى هذا الطائر حتى صارت له هذه البيضة ومن يتأمل في حياة الطيور يرى اية من ايات الله العظيمة كيف ان هذا الطائر يجمع وقتا طويلا العش ويرتبه ترتيبا بديعا جميلا على قدر بيضه وحجمه. فالطير الصغير يضع عشا صغيرا والطير الكبير يضع عشا ايران. ثم لما يدنو وقت خروج البيض يتناوب الذكر والانثى على العش يدفئانه. لتنزل البيضة في مكان دافئ ملائم لها ثم بعد وضعها تبقى الانثى ملازمة البيظ تدفئها ولا تذهب عنها الا مضطرة لوقت فين يسير فتعمد انسان اخذه من العش واحيانا بعض الناس قد يأخذه على وجه العبث والتسلية ثم يرمي به في مكان ما كسر وربما يعد هذا نوعا من المتعة فيفجع الطائر في بيضة ويؤذيه بذلك ويعذبه ولا يرحمه ومن لا يرحم لا يرحم. قوله فجاءت ترف على رسول الله صلى الله عليه وسلم اي جاءت عند رأس النبي صلى الله عليه وسلم ان تحركوا جناحها تشتكي. فقال ايكم فجأة هذه ببيضتها؟ فقال رجل يا رسول الله انا اخذت بيضتان فقال النبي صلى الله عليه وسلم اردد رحمة لها. اي ان تركه في مكانه وعدم اخذه وعدم فجع طير فيه يعد من رحمته وضد ذلك يتنافى مع الرحمن ومن ذلك الا يحمل الحيوان ما لا يطيق او ان يقصر في اطعامه. عن عبد الله ابن جعفر اردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم خلفه فاسر الي حديثا لا اخبر به احدا. وكان رسول الله صلى الله الله عليه وسلم احب ما استتر به في حاجته هدف او حائش نخل. فدخل يوما من حيطان الانصار. فاذا جمل قد اتاه فجرجر وذرفت عيناه. قال بهز وعفان فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حن وذرفت عيناه فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم سراته ودفراه فسكن. فقال من صاحب الجمل؟ فجاء فتى من الانصار فقال هو لي يا رسول الله فقال اما تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله اياها انه شكى الي انك تجيعه وتدأبه رواه احمد. اي تجيعه فلا تطعمه وتدأبه اي تجعله يعمل كثيرا وفي رواية فانه شكى كثرة العمل وقلة العلف فاحسنوا اليه. فارشد عليه الصلاة والسلام صاحبه الى الاحسان الى هذه البهيمة وان يعطيها نصيبها وحاجتها من الطعام والا يكلفها ما لا تطيق. وعن سهل ان الحنظلية رضي الله عنه قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعير قد لحق ظهره بطنه فقال اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة. فاركبوها وكلوها صالحة. رواه ابو داوود. ورواه احمد بلفظ فمر ببعير مناخ على باب المسجد من اول النهار ثم مر به اخر النهار وهو على حاله فقال اين صاحب هذا البعير فابتغي فلم يوجد. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اتقوا الله في هذه البهائم. ثم اركبوها صحاحا سمانا كالمتسخط قوله المعجمة اي التي لا تنطق ولا تعبر عن حاجتها. فامر صلى الله عليه وسلم بتقوى الله فيها. وذلك بان يحسن اليها ولا يساء اليها وان تعطى حاجتها من الطعام والشراب. وقوله اركبوها صالحة اي بعد ان تكونوا قد احسنتم اليها في طعامها وشرابها فصارت قوية صالحة للركوب ومن الاثار المروية عن السلف في هذا الباب وفيها عظيم عنايتهم بهذا الامر اتباعا لهدي النبي صلى الله عليه وسلم والمروي عنهم في هذا كثير عن المسيب ابن دار قال رأيت عمر بن الخطاب ظرب جمالا وقال لما تحمل على بعيرك ما لا يطيق. رواه ابن سعد في الطبقات. وعن عاصم ابن عبيد الله ابن عاصم ابن عمر ابن الخطاب. ان رجلا حد شفرة واخذ شاة ليذبحها فظربه عمر بالدرة وقال اتعذب الروح؟ الا فعلت هذا قبل ان تأخذها؟ اي حد بالسكين لا تحدها امامها. رواه البيهقي. وعن محمد بن سيرين ان عمر رضي الله عنه رأى رجلا يجر شاة ليذبحها بالدرة وقال سقها لا ام لك الى الموت سوقا جميلا رواه البيهقي. وعن وهم ابن كيسان ان ابن عمر رأى راعي غنم في مكان قبيح وقد رأى ابن عمر مكانا امثل منه اي فيه عشب افضل فقال ابن عمر ويحك يا راعي حولها فاني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول كل راء مسؤول عن رعيته رواه واحمد وعن معاوية ابن قرة قال كان لابي الدرداء جمل يقال له دمون فكان اذا اعاره قال هو يحمل كذا وكذا فلا تحملوا عليه الا كذا وكذا. فلما كان عند انقضاء هلاكه يعني هلاك الجمل قال دمون يخاطب رضي الله عنها الجمل لا تخاصمني عند ربي فاني كنت لا احملك الا طاقتك. رواه ابن المبارك في الزهد وعن ابي عثمان الثقفي قال كان لعمر ابن عبد العزيز رضي الله عنه غلام يعمل على بغل له يأتيه بدرهم كل يوم فجاء يوما بدرهم ونصف فقال اما بدا لك؟ قال نفقة السوق؟ قال لا ولكنك اتعبت البغل اجمه ثلاثة ايام. رواه ابو نعيم في الحلية. فهذه بعض الاثار عن السلف صالح في هذا الباب وهي تدل على مبلغ عنايتهم بتوجيه النبي صلى الله عليه وسلم في الرفق بالحيوان وهو كل من جل. وفي ذلك بيان واضح ان الاسلام هو الذي وضع للناس مبدأ الرفق بالحيوان عن ابي امامة الباهلي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله وملائكته واهل السماوات والارض راضيين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير. وعن ابي الدرداء رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سلك طريقا يبتغي فيه علما سلك الله به طريقا الى الجنة. وان ملائكة لتضع اجنحتها رضا لطالب العلم. وان العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الارض حتى تلحيتان في الماء رواهما الترمذي. قال الحافظ ابن القيم رحمه الله قيل سبب الاستغفار ان العالم يعلم الخلق مراعاة هذه الحيوانات ويعرفهم ما يحل منها ما يحرم ويعرفهم كيفية تناولها واستخدامها وركوبها والانتفاع بها. وكيفية ذبحها على احسن الوجوه وارفقها بالحيوان. والعالم اشفق الناس على الحيوان واقومهم ببيان ما خلق له. وبالجملة فالرحمة والاحسان التي خلق بهما ولهما الحيوان وكتب لهما حظهما منه انما يعرف بالعلم. فالعالم معرف لذلك فاستحق ان تستغفر له البهائم والله اعلم هذا ونسأل الله لنا اجمعين التوفيق لكل خير وغفران الذنوب انه سبحانه وتعالى غفور رحيم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته