بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فمن اكرمه الله تعالى ومن عليه بسلوك طريق طلب العلم فعليه ان يحقق الاداب والاخلاق التي تلزم كل من سلك هذا السبيل المبارك قال عبدالله ابن المبارك رحمه الله كاد الادب ان يكون ثلثي العلم ولزوم طالب العلم لاداب الطلب عنوان على فلاحه وسعادته في دنياه واخراه والعلم الشرعي افضل امر تصرف اليه الهمم وتمظى فيه الاوقات والمشتغل به على خير عظيم وفضل عميم عن ابي الدرداء رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من سلك طريقا يبتغي فيه علما سلك الله به طريقا الى الجنة وان الملائكة لتضع اجنحتها رضا لطالب العلم وان العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الارض حتى الحيتان في الماء وفضل العالم على العابد كفظل القمر على سائر الكواكب ان العلماء ورثة الانبياء ان الانبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وانما ورثوا العلم. فمن اخذ به اخذ بحظ اثر رواه الترمذي وعن معاوية رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين متفق عليه وليحذر طالب العلم من الصوارف والصوات التي لا بد ان يمر عليه في حياته شيء منها فان جاهد نفسه واستمر في طلب العلم وداوم على تحصيله صابرا محتسبا جادا مجتهدا فاز باعظم ربح واكبر غنيمة عن فضالة ابن عبيد رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله رواه احمد وعليه ان ينزه العلم عن كل ما لا يليق به وما لا يليق بطلابه ولهذا ينبغي على طالب العلم ان يحترم العلم وان يحترم كتب العلم وان يحترم حملة العلم عن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس من امتي من لم يجل كبيرنا ارحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه وعليه ان يبذل جهده في طلب العلم بعزيمة قوية وفي الدعاء المأثور اللهم اني اسألك الثبات في الامر والعزيمة على الرشد ويعينه على ذلك ان يستذكر دائما قدر العلم ومكانته واثاره وثماره على اهله في الدنيا والاخرة وعليه ان يكون متخلقا بالنصح باذنا له عن تميم الداري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الدين النصيحة قلنا لمن قال لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم رواه مسلم والنصح هو ارادة الخير للغير وان تحب له ما تحب لنفسك فكما ان الله اكرمك بحظ من العلم ونصيب فاوصل هذا الخير الذي اكرمك الله بي للاخرين لينتفعوا به كما انتفعت وليفيدوا منه كما استفدت محتسبا الاجر والثواب من الله. في بذل العلم لطلابه لا ترجو منهم شيئا وانما ترجو من الله وتحتسب ذلك ثوابا واجرا عند الله وتجعل ذلك من جملة قرباتك وطاعاتك التي تتقرب بها الى الله سبحانه وتعالى والنصيحة معاشر الاحبة الكرام اذا اسديت سرا كانت ابلغ في التأثير والفائدة ذكر الحافظ ابن رجب ان السلف كانوا يكرهون الامر بالمعروف والنهي عن المنكر اذا كان على وجه التشهير بالمخطي على رؤوس الملأ ثم قال ويحبون ان يكون سرا فيما بين الامر والمأمور فان هذا من علامات النصح فان الناصح ليس له غرض باشاعة عيوب من ينصح له وانما غرضه ازالة المفسدة التي وقع فيها واما الاشاعة واظهار العيوب فهو مما حرمه الله ورسوله قال الله تعالى ان الذين يحبون ان تشيع الفاحشة في الذين امنوا الايتين والاحاديث في فضل السر كثيرة جدا انتهى كلامه رحمه الله وبذل العلم والنصيحة للاخرين سبب لزيادة العلم ونمائه وهذا من جزاء الحسنة بالحسنة فمن احب الخير لعباد الله وفقه الله للخير كما قال الله تعالى هل جزاء الاحسان الا الاحسان وعلى طالب العلم ان يكون على قدر عال من الاحترام لمعلميه فعلى قدر هذا الاحترام تتحقق الفائدة ويعظم الخير ولهذا يخصص اهل العلم في كتب الاداب فصولا في ادب طالب العلم مع شيخه وحديث جبريل المشهور فيه جملة من هذه الاداب وعلى طالب العلم ان يجعل نيته خالصة لوجه الله. عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته الى دنيا يصيبها او الى امرأة ينكحها فهجرته الى ما هاجر اليه متفق عليه فطلب العلم عبادة كما قال الامام الزهري رحمه الله ما عبد الله بمثل العلم والعبادة لا تقبل الا بالاخلاص لله سبحانه وتعالى على طالب العلم ان يصحح نيته في كل وقت وحين. بمجاهدة مستمرة للنفس يقول سفيان الثوري ما عالجت شيئا اشد علي من نيتي لانها تنقلب علي فان الشيطان يأتي طالب العلم اذا جلس في مجالس العلم يقول اجتهد حتى يقال عالم او حتى يكون لك شهرة وسيط ليفسد عليه نيته ولهذا فنية تحتاج الى معالجة مستمرة والطالب يحتاج ان يصحح نيته دائما وان يبعد عن نفسه الرياء والسمعة وحب الظهور وحب الشهرة ويجعل طلبه للعلم من جملة اعماله الصالحة التي يتقرب بها الى الله وقد قال الامام احمد العلم لا يعدله شيء وقال مهنىء قلت لاحمد حدثنا ما افضل الاعمال؟ قال طلب العلم قلت لمن قال لمن صحت نيته قلت واي شيء يصحح النية؟ قال ينوي يتواضع فيه وينفي عنه الجهل والاخلاص هو قصد وجه الله سبحانه وتعالى وحده بالعمل ومن كان يطلب العلم لاجل ان يقول الناس عنه عالم او فقيه او يقال عنه كذا وكذا من الاوصاف والالقاب فان صفقته خاسرة يوم القيامة وان حصل شيئا من حطام الدنيا والشهرة فيها عن ابي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان اول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فاوتي به فعرفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها قال قاتلت فيك حتى استشهدت قال كذبت ولكنك قاتلت لان يقال جريء فقد قيل ثم امر به فسحب على وجهه حتى القي في النار ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فاوتي به فعرفه نعما فعرفها. قال فما عملت فيها قال تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن. قال كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم. وقرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل ثم امر به فسحب على وجهه حتى القي في النار ورجل وسع الله عليه واعطاه من اصناف المال كله فاوتي به فعرفه نعمه فعرفها. قال فما عملت فيها قال ما تركت من سبيل تحب ان ينفق فيها الا انفقت فيها لك قال كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل ثم امر به فسحب على وجهه ثم القي في النار رواه مسلم قال النووي رحمه الله في شرحه لهذا الحديث فيه دليل على تغليظ تحريم الرياء وشدة عقوبته والحث على وجوب الاخلاص في الاعمال كما قال الله تعالى وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء وفيه ان العمومات الواردة في فضل الجهاد انما هي لمن اراد الله تعالى بذلك مخلصا. وكذلك الثناء على العلماء وعلى المنفقين في وجوه الخيرات كله محمول على من فعل ذلك لله تعالى مخلصا انتهى كلامه رحمه الله ومن يبتغي بطلب العلم الدنيا فليس له يوم القيامة نصيب من ثواب الله عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله عز وجل لا يتعلمه الا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة يعني ريحها رواه ابو داوود وتأمل في هذا الامر ثلاث ايات القرآن الكريم قول الله عز وجل من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوفي اليهم اعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون اولئك الذين ليس لهم في الاخرة الا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون قول الله عز وجل من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم اصلاها مذموما مدحورا ومن اراد الاخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فاولئك كان سعيهم مشكورا وقول الله تعالى من كان يريد حرف الاخرة نزد له في حرثه. ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها ما له في الاخرة من نصيب فهذه ثلاثة مواضع في القرآن كلها صدرت بقوله من كان وكلها تبين ان من يبتغي بالعلم الدنيا فليس له يوم القيامة من حظ ولا نصيب وليحذر طالب العلم من ممارات السفهاء او مباهاة العلماء عن كعب بن مالك رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من طلب العلم ليجاري به العلماء او ليماري به السفهاء او يصرف به وجوه الناس اليه ادخله الله النار. رواه الترمذي اي انه يطلبه من اجل ممارات السفهاء او من اجل مباهاة العلماء بان يتباهى بعلمه في مجالس اهل العلم او يبرز نفسه ليقال هو واعلم من فلان او نحو ذلك فان هذا مما يخرم النية وليحذر ايضا من ان يجعل العلم غرضا للخصومات عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان ابغض الرجال الى الله الالد الخصم. متفق عليه والالد مأخوذ من لديدي الوادي وهما جانبان لانه كلما احتج عليه بحجة اخذ في جانب اخر وقيل مشتق من لديدي العنق وهما صفحتان والخصم اي ينمونا بالخصومة والماهر بها فمن كان بهذه الصفة صاحب لدد في الخصومة يتفنن فيها وهمه ان يغلب خصمه وان يظهر نفسه فهو ابغض الرجال الى الله سبحانه وتعالى. وقد قال الله تعالى ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو الد الخصام وليحذر طالب العلم من العجب بنفسه فان هذا من الامور التي تخل بالنية والعجب رؤية النفس والتعالي على الناس وهو خلق ذميم لا يليق باحاد المسلمين. فكيف بطالب العلم الذي اكرمه الله بالعلم ومن عليه بالفهم والفقه وطالب العلم كلما كان مستشعرا منة الله عليه وتفضله عليه بالعلم وانه لولا فضل الله عليه ورحمته ما حصل من العلم شيئا ذهب عنه العجب وعمر قلبه بالاخلاص ولهذا فان دواء العجب كما في القرآن ان تقول ما شاء الله لا قوة الا بالله ولولا اذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة الا بالله بان تذكر نعمة الله عليك وان الامور كلها بمشيئته وانه لا قوة لك الا بالله وان الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم وانه سبحانه المعطي المانع الرافع الخافظ القابظ الباسط والامر كله بتدبيره ومنه وبفظله جل في علاه ومن خطورة العجب الشديدة على المرء انه يجترث اعماله الصالحة اورد الحافظ المنذري في كتابه الترغيب والترهيب تحت باب الترهيب من الدعوة في العلم والقرآن احاديث منها حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يظهر الاسلام حتى التجار في البحر وحتى تخوض الخيل في سبيل الله ثم يظهر قوم يقرأون القرآن يقولون من اقرأ منا ومن اعلم منا ومن افقه منا ثم قال لاصحابه هل في اولئك من خير قالوا الله ورسوله اعلم. قال اولئك منكم من هذه الامة واولئك هم وقود النار قال المنذري رواه الطبراني في الاوسط والبزار باسناد لا بأس به والعجب عندما يصاب به طالب العلم يجره الى الكبر والى التعالي على الناس والترفع على عباد الله والعلو في الارض وقد جاء في الحديث عن نبينا صلى الله عليه وسلم انه قال لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر رواه مسلم وعلى طالب العلم ان يلزم خشية الله في سره وعلنه. قال الله تعالى انما يخشى الله من عباده العلماء وقال تعالى ان الذين امنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ابدا رضي الله عنهم ورضوا عنه لمن خشي ربه قال الامام احمد رحمه الله تعالى اصل العلم خشية الله تعالى وعلى طالب العلم ان يتدرج في طلب العلم درجة درجة. بدءا بالمهمات من امور الدين شيئا فشيئا حتى منه خيرا كثيرا وهذه قاعدة مفيدة لطالب العلم وهي مستفادة من قوله وكتبنا له في الالواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء فخذها بقوة وامر قومك يأخذ باحسنها وقول الله سبحانه وتعالى الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه اولئك الذين هداهم الله واولئك هم اولوا الالباب وفي هذا المعنى يقول الشاعر ما اكثر العلم وما اوسعه من ذا الذي يقدر ان يجمعه؟ ان كنت لابد له طالبا محاولا فالتمس انفعه قال الامام الزهري رحمه الله من طلب العلم جملة فاته جملة وانما يدرك العلم حديث وحديثان اي بالتدرج شيئا فشيئا وهذا المعنى مستفاد من قول نبينا عليه الصلاة والسلام احب العمل الى الله ادومه وان قل. متفق عليه تحفظ في اليوم حديثا واحدا وتستمر على هذا خير من ان تحفظ في يوم واحد مئة حديث ثم تقف يقول الشاعر اليوم شيء وغدا مثله من نخب العلم التي تلتقط يحصل المرء بها حكمة وانما السيل اجتماع النقط والواجب على طالب العلم ان يقدم كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وان يعظم الوحي وان يتهم الرأي في الدين قال الله عز وجل يا ايها الذين امنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله عن سهل بن حنيفة رضي الله عنه قال ايها الناس اتهموا انفسكم لقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ولو نرى قتالا لقاتلنا. وذلك في الصلح الذي كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين المشركين فجاء عمر بن الخطاب فاتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله السنا على حق وهم على باطل؟ قال بلى قال اليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال بلى قال ففيما نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم فقال يا ابن الخطاب اني رسول الله ولن يضيعني الله ابدا قال فانطلق عمر فلم يصبر متغيظا فاتى ابا بكر فقال يا ابا بكر السنا على حق وهم على باطل؟ قال بلى قال اليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال بلى قال فعلى ما نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم فقال يا ابن الخطاب انه رسول الله ولن يضيعه الله ابدا قال فنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفتح فارسل الى عمر فاقرأه اياه فقال يا رسول الله اوفتح هو؟ قال نعم فطابت نفسه ورجع. متفق عليه وليجتهد طالب العلم دوما في صيانة دينه من الضياع وليعلم ان كل مصيبة يصاب بها في غير الدين يجبرها الدين بينما مصيبة المرء في الدين لا يجبرها شيء الا ان من الله عليه بالتوبة وهداه للاوبة والمصيبة في الدين اعظم المصائب وفي الدعاء المأثور عن نبينا عليه الصلاة والسلام قال ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا رواه الترمذي ومعنى قوله ولا تجعل مصيبتنا في ديننا اي لا تصبنا بما ينقص ديننا ويذهبه. من اعتقاد سيء او مصيرا في الطاعة او فعل محرم وذلك لان المصيبة في الدين اعظم المصائب وليس عنها عوظ بخلاف المصيبة في الدنيا قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله اتقوا الله فان تقوى الله خلف من كل شيء وليس لتقوى الله خلف وعلى طالب العلم معاشر الاحبة الكرام ان يتبع العلم بالعمل لانه مقصود العلم قال علي رضي الله عنه يهتف العلم بالعمل فان اجابه والا ارتحل وللخطيب البغدادي رحمه الله مؤلف عظيم في هذا الباب سماه اقتضاء العلم العمل اورد فيه نصوصا كثيرة من السنة واثارا عن السلف جدير بطالب العلم ان يقف عليها قال فيه رحمه الله موصيا طالب العلم اني موصيك يا طالب العلم باخلاص النية في طلبه واجهاد النفس على العمل بموجبه فان العلم شجرة والعمل ثمرة وليس يعد عالما من لم يكن بعلمه عاملا فلا تأنس بالعمل ما دمت مستوحشا من العلم ولا تأنس بالعلم ما كنت مقصرا في العمل. ولكن اجمع بينهما وان قلا نصيبك منهما وما شيء اضعف من عالم ترك الناس علمه لفساد طريقته وجاهل اخذ الناس بجهله لنظرهم الى عبادته والقليل من هذا مع القليل من هذا انجى في العاقبة. اذا تفضل الله بالرحمة وتمم على عبده النعمة تأمل مدافعة والامهال وحب الهوينة والاسترسال وايثار الخفض والدعة والميل مع الراحة والسعة فان خواتيم هذه الخصال ذميمة وعقباها كريهة وخيمة والعلم يراد للعمل كما العمل يراد للنجاة فاذا كان العمل قاصرا عن العلم كان العلم كلا على العالم ونعوذ بالله من علم عاد كلا واورث ذلا وصار في رقبة صاحبه غلا وهل جامع كتب العلم الا كجامع الفضة والذهب وهل المنهوم بها الا كالحريص الجشع عليهما وهل المغرم بحبها الا ككانزهما وكما لا تنفع الاموال الا بانفاقها كذلك لا تنفع العلوم الا لمن عمل بها. وراعى واجباتها فلينظر امرؤ لنفسه وليغتنم وقته فان السواء قليل والرحيل قريب والطريق مخوف والاغترار غالب والخطر عظيم ناقد بصير والله تعالى بالمرصاد. واليه المرجع والمعاد فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره. انتهى كلامه رحمه الله عن ابي برزة الاسلمي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما افناه وعن علمه فيما فعل وعن ماله من اين اكتسبه وفيما انفقه. وعن جسمه فيما ابلاه رواه الترمذي قال الحسن البصري رحمه الله كان الرجل اذا طلب العلم لم يلبث ان يرى ذلك في بصره وتخشعه ولسانه ويده وصلاته وصلته وزهده. رواه الدارمي فهذه معاشر الاحبة الكرام جملة من الاداب التي ينبغي ان يكون طالب العلم متخلقا بها ترشد الى ما سواها وهي زينة طالب العلم وجماله وحليته وعنوان سعادته وفلاحه في دنياه واخراه. قال ابن سيرين رحمه الله كانوا يتعلمون الهدي كما يتعلمون العلم. والهدي السيرة والهيئة والسمت والادب اللهم انا نسألك التوفيق لرضاك والمعونة على طاعتك والهداية الى صراطك المستقيم. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته