بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فان من محاسن الشريعة ما هدت اليه من اداب عظيمة تتعلق بركوب الدابة والسفر وقد كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك اكمل الهدي واتمه. كيف لا وهو اكمل الناس سيرة واجملهم وازكاهم سريرة. وفيما يلي عرض لشيء من هديه صلوات الله وسلامه عليه في ذلك عن علي ابن ربيعة قال شهدت عليا واوتي بدابة ليركبها فلما وظع رجله في الركاب قال بسم الله فلما استوى على ظهرها قال الحمد لله ثم قال سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ثم قال الحمد لله ثلاث مرات ثم قال الله اكبر ثلاث مرات ثم قال سبحانك اني ظلمت نفسي فاغفر لي فانه لا يغفر الذنوب الا انت ثم ظحك. فقيل يا امير المؤمنين من اي شيء ضحكت؟ قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فعل كما فعلته ثم ظحك فقلت يا رسول الله من اي شيء ضحكت؟ قال ان ربك يعجب من عبده اذا قال اغفر لي ذنوبي يعلم انه لا الذنوب غيري رواه ابو داوود. وكان من هديه صلى الله عليه وسلم اذا ركب دابته مسافرا ان يسأل الله ان يكتب له البر والتقوى في سفره. وان ييسر له العمل الصالح الذي يرضيه. وان يهون عليه السفر وان يعيذه فيه من العواقب السيئة في نفسه او ماله او اهله. عن عبدالله ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اذا استوى على بعيره خارجا الى سفر كبر ثلاثا ثم قال سبحان انا الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين. وانا الى ربنا لمنقلبون. اللهم انا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ضمن العمل ما ترضى اللهم هون علينا سفرنا هذا واطوي عنا بعده اللهم انت الصاحب وفي السفر والخليفة في الاهل اللهم اني اعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والاهل واذا رجع قالهن وزاد فيهن ايبون تائبون عابدون لربنا حامدون رواه مسلم. قوله اللهم انا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى. البر فعل الطاعات. والتقوى وترك المعاصي والذنوب هذا عند اجتماعهما في الذكر كما في هذا النص. واما اذا ذكر كل واحد منهما فردا فانه يتناول معنى الاخر وقوله اللهم هون علينا سفرنا هذا واطوي عنا بعده. اي يسره لنا وقصر لنا مسافته وقوله اللهم انت الصاحب في السفر المراد بالصحبة المعية الخاصة التي تقتضي الحفظ والعون والتأييد ومن كان الله معه فممن يخاف. وقوله والخليفة في الاهل. الخليفة من يخلف من من استخلفه فيما استخلفه فيه. والمعنى اني اعتمد عليك وحدك يا الله في حفظ اهلي. وقوله اللهم اني اعوذ بك من وعثاء السفر اي من مشقته وتعبه. وقوله وكآبة المنظر اي سوء الحال. والانكسار بسبب الحزن والالم. وقوله وسوء المنقلب اي الانقلاب والقفول من السفر بما يحزن ويسوء. سواء في في نفسه او في ماله او في اهله. وقوله واذا رجع قالهن وزاد فيهن ايبون تائبون عابدون لربنا حمد بدون من السنة ان يقال هذا عند القفول وان يقال ايضا عند الاسراف على بلده والقرب منه. فعن انس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم لما اشرف على المدينة قال ايبون تائبون عابدون لربنا حامدون فلم يزل يقولها حتى دخل المدينة متفق عليه. وقوله ايبون اي نحن ايبون. من ابى اذا رجع والمراد راجعون بالسلامة والخير. وقوله تائبون اي الى الله عز وجل من ذنوبنا وتفريطنا. وقوله بنا حامدون اي لنعمه العظيمة وعطاياه الجسيمة. وتسهيله وتيسيره. واذا دخل على اهله قال ثوبا ثوبا لربنا اوبى. لا يغادر علينا حوبا. فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا اراد ان يخرج الى سفر قال اللهم انت الصاحب في السفر في الاهل اللهم اني اعوذ بك من الضبنة في السفر والكآبة في المنقلب اللهم اطوي لنا وهون علينا السفر واذا اراد الرجوع قال ايبون تائبون عابدون لربنا حامدون. واذا دخل اهله قال توبا توبا لربنا اوبى لا يغادر علينا حوبا. رواه احمد. ومن السنة التكبير عند صعود الاشراف والاماكن المرتفعة والتسبيح عند نزول الاودية والاماكن المنخفظة. عن جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما قال كنا اذا صعدنا كبرنا واذا نزلنا سبحنا. رواه البخاري. وفي التكبير في شغل للقلب واللسان بتعظيم الرب. واعلان كبريائه وعظمته. وفيه طرد للكبر والعجب والغرور وفي التسبيح في الهبوط تنزيه لله عن النقائص والعيوب وعن كل ما ينافي ويضاد كماله وجلاله وكان من هديه صلى الله عليه وسلم الدعاء لمن اراد السفر بالحفظ وحسن العاقبة وتيسير الامر مع له بتقوى الله عز وجل. عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما كان يقول للرجل اذا اراد سفرا ادنوا مني اودعك ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يودعنا. فيقول استودع الله دينك وامانتك وخواتيم عملك رواه الترمذي اي اسأل الله ان يحفظها عليك. وعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رجلا قال يا رسول الله اني ان اسافر فاوصني قال عليك بتقوى الله والتكبير على كل شرف فلما ان ولى الرجل قال اللهم اطوي له الارظ وهون عليه السفر رواه الترمذي. وعن انس بن مالك رظي الله عنه قال جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله اني اريد سفرا فزودني. قال زودك الله التقوى. قال لزدني قال وغفر ذنبك. قال زدني بابي انت وامي. قال ويسر لك الخير حيثما كنت. رواه الترمذي وكان صلى الله عليه وسلم يوصي من اراد السفر ان يدعو لمن يخلف بان يكون في وداع الله وحفظه فعن موسى ابن وردان قال اتيت ابا هريرة اودعه لسفر اردته فقال ابو هريرة الا اعلمك يا ابن اخي شيئا علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم اقوله عند الوداع قال قلت بلى قال قل استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة ورأه ابن ماجة عن ابي هريرة قال ودعني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اي انه سبحانه يحفظ مستودع. وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ان لقمان الحكيم كان يقول ان الله عز وجل اذا استودع شيئا حفظه. رواه احمد قال ابن عبدالبر في كتابه بهجة المجالس قال اذا خرج احدكم الى سفر فليودع اخوانه فان الله جاعل في دعائهم بركة. قال وقال الشعبي السنة اذا قدم رجل من سفر ان يأتيه فيسلمون عليه. واذا خرج الى سفر ان يأتيهم فيودعهم ويغنم دعاءهم. ويستحب مسافر اذا نزل منزلا ان يدعو بدعاء المنزل ليسلم ويحفظ باذن الله. عن خولة بنت حكيم تقول رضي الله عنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من نزل منزلا ثم قال اعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك رواه مسلم قال القرطبي رحمه الله هذا خبر صحيح وقول صادق علمنا صدقه دليلا وتجربة فاني منذ سمعت هذا الخبر عملت عليه فلم يضرني شيء الى ان تركته فلدغتني عقرب بالمهدية ليلا فتفكرت في نفسي فاذا بي قد نسيت ان اتعوذ بتلك الكلمات. وكان من هديه صلى الله عليه وسلم حثوا المسافر اذا قظى حاجته في سفره ان يعجل بالرجوع الى اهله. عن ابي هريرة رظي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال السفر قطعة من العذاب يمنع احدكم طعامه وشرابه ونومه فاذا قضى نهمته اي حاجة فليعجل الى اهله رواه البخاري. قال الحافظ ابن حجر وفي الحديث كراهة التغرب عن الاهل لغير حاجة افتح باب استعجال الرجوع ولا سيما من يخشى عليهم الضيعة بالغيبة. ولما في الاقامة في الاهل من الراحة المعينة على صلاح الدين والدنيا ولما في الاقامة من تحصيل الجماعات والقوة على العبادة. وتكره الوحدة في السفر عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لو يعلم الناس ما في الوحدة ما اعلم ما فسار راكب بليل وحده. رواه البخاري. وعن عمر ابن شعيب عن ابيه عن جده رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب رواه الترمذي. قال الخطابي معناه انه التفرد والذهاب وحده في الارض من فعل الشيطان وهو شيء يحمله عليه الشيطان ويدعوه اليه. وكذلك الاثنان فاذا صاروا ثلاثة فهم ركب اي جماعة وصحب. قال والمنفرد في السفر ان مات لم يكن بحضرته من يقوم بغسله ودفنه تجهيزه ولا عنده من يوصي اليه في ماله ويحمل تركته الى اهله ويورد خبره اليهم ولا معه في سفره من يعينه على الحمولة فاذا كانوا ثلاثة تعاونوا وتناوبوا المهنة والحراسة وصلوا الجماعة واحرزوا الحظ فيها ويستحب للمسافرين اذا كانوا جماعة ان يؤمروا عليهم احدهم لتنتظم امورهم في الاقامة في حال والطعام ونحو ذلك. عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا خرج ثلاثة في سفر فليأمروا احدهم. رواه ابو داوود. ويحرم على المرأة السفر بلا محرم. عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الاخر تسافر مسيرة ثلاثة ايام الا ومعها ذو محرم متفق عليه. وعن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يحل امرأة تؤمن بالله واليوم الاخر تسافر مسيرة يوم الا مع ذي محرم متفق عليه. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يقول لا يخلون رجل بامرأة الا ومعها ذو محرم ولا تسافر المرأة الا مع ذي محرم. فقام رجل فقال يا رسول الله ان امرأتي خرجت حاجة اني اكتتبت في غزوة كذا وكذا. قال انطلق فحج مع امرأتك متفق عليه. ومن هدي السلف في السفر التناهد قيل للامام احمد ايهما احب اليك يعتزل الرجل في الطعام او يرافق؟ قال يرافق هذا ارفق اوا نون ان كنت وحدك لم يمكنك الطبخ ولا غيره. ولا بأس بالنهد قد تناهد الصالحون. قال ابن مفلح ومعنى النهد ان يخرج كل واحد من الرفقة شيئا من النفقة يدفعونها الى رجل ينفق عليهم منه ويأكلون جميعا وان اكل بعضهم اكثر من بعض فلا بأس. وكان من هديه صلى الله عليه وسلم في السفر انه يحب خروج يوم الخميس في اول النهار. عن كعب بن مالك رضي الله عنه قال اقل ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج اذا اراد سفرا الا يوم الخميس رواه احمد. وعن صخر الغامدي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه عليه وسلم. اللهم بارك لامتي في بكورها. قال وكان اذا بعث سرية او جيشا بعثهم اول النهار كان صخر رجلا تاجرا وكان اذا بعث تجارة بعثهم اول النهار. فاثرى وكثر ما له رواه الترمذي. وكان من هديه صلى الله عليه وسلم في السفر ان يصلي النافلة على راحلته وان لم يكن القبلة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في السفر على راحلته حيثما توجهت يومئ ايماء صلاة الليل الا الفرائض. ويوتر على راحلته رواه البخاري كان من هديه صلى الله عليه وسلم اذا رأى قرية يريد دخولها سأل الله خيرها وتعوذ به من شرها عن صهيب ان النبي صلى الله عليه وسلم لم ير قرية يريد دخولها الا قال حين يراها اللهم رب السماوات السبع وما اظلل ورب الاراضين السبع وما اقلن ورب الشياطين وما اضللن ورب الرياح وما درين. فانا اسألك خير هذه القرية وخير اهلها ونعوذ بك من شرها وشر اهلها وشر ما فيها رواه النسائي ويستحب الاجتماع عند النزول عن ابي ثعلبة الخشني قال كان الناس اذا نزلوا منزلا تفرقوا في الشعاب اودية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان تفرقكم في هذه الشعاب والاودية انما ذلكم من الشيطان الم ينزل بعد ذلك منزلا الا انضم بعضهم الى بعض حتى يقال لو بسط عليهم ثوب لعمهم. رواه ابو داوود والمراد بحيث لا يظيق بعظهم على بعظ. ومن هديه عليه الصلاة والسلام الا يكون المبيت في السفر قريبا من الطريق عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا سافرتم في الخصب فاعطوا الابل حظها من الارض واذا سافرتم في السنة فبادروا بها نقيها واذا عرستم فاجتنبوا الطريق فانها طرق الدواب ومأوى الهوام بالليل رواه مسلم. والتعريس النزول في الليل للنوم والراحة. قال النووي رحمه الله وهذا ادب من اداب السير والنزول ارشد اليه صلى الله عليه وسلم لان الحسرات ودواب الارض من ذوات السموم والسباع تمشي في الليل على الطريق لسهولته ولانها تلتقط منها ما يسقط من مأكول ونحوه وما تجد فيها من رمة ونحوها. فاذا عرس الانسان في الطريق ربما مر به منها ما يؤذيه فينبغي ان يتباعد عن الطريق انتهى كلامه رحمه الله. وينبغي للمسافر ان يحتاط للقيام لصلاة في الفجر ولا سيما ان نام متأخرا ومجهدا. عن جبير ابن مطعم رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقال من يكلؤنا الليلة؟ اي يرقبنا ويحرسنا لا نرقد عن صلاة الفجر قال بلال انا فاستقبل مطلع الشمس فضرب على اذانهم فما ايقظهم الا حر الشمس فادوها ثم توظؤوا فاذن بلال فصلوا الركعتين ثم صلوا الفجر رواه واحمد. وعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قفل من غزوة خيبر سار له حتى اذا ادركه الكرأ عرس وقال لبلال اكلأ لنا الليل فصلى بلال ما قدر له ونام رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه فلما تقارب الفجر استند بلال الى راحلته مواجهة الفجر فغلبت بلالا عيناه. وهو مستند الى راحلته فلم يستيقظ رسول الله صلى الله عليه سلم ولا بلال ولا احد من اصحابه حتى ضربتهم الشمس. فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم اولهم استيقاظا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اي بلال. فقال بلال اخذ بنفس الذي اخذ بابي انت امي يا رسول الله بنفسك قال اقتادوا فاقتادوا رواحلهم شيئا ثم توظأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وامر بلالا فاقام الصلاة فصلى بهم الصبح. فلما قضى الصلاة قال من نسي الصلاة فليصلها اذا ذكرها فان الله قال اقم الصلاة لذكري رواه مسلم. وعن ابي قتادة رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا كان في سفر فعرس بليل اضطجع على يمينه. واذا عرس قبيل الصبح نصب ذراعه ووضع رأسه على كفه. رواه مسلم. وفي زماننا هذا تيسرت وسائل دقيقة تنبيه فيجب على المسلم ظبط الوقت ليؤدي الصلاة في وقتها كما امره الله. ويستحب السير بالليل اذا سلم الطريق من الخطر. فعن انس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بالدلجة فان الارض تطوى بالليل. رواه ابو داوود. ودعوة المسافر مستجابة. فليحرص على الاستكثار من الدعاء عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن دعوة الوالد ودعوة المسافر ودعوة المظلوم رواه ابو داوود. وكان من هديه صلى الله عليه سلم مراعاة الرفقة في السفر ومعاونتهم ومساعدة من يحتاج المساعدة منهم. فعن جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلف في المسير فيزي الضعيف ويردف ويدعو لهم رواه ابو داوود. ويكره قدوم المسافر على اهله ليلا. عن جابر رضي الله عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه عليه وسلم ان يطرق الرجل اهله ليلا يتخونهم. او يلتمس عثراتهم. رواه مسلم. وفي رواية نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا اطال الرجل الغيبة ان يأتي اهله طرقا. قال النووي رحمه الله ومعنى هذه الرواية انه يكره لمن طال سفره ان يقدم على امرأته ليلا بغتة. فاما من كان سفره قريبا امرأته اتيانه ليلا فلا بأس كما قال في احدى هذه الروايات اذا اطال الرجل الغيبة. انتهى كلامه رحمه الله ويزول هذا الاشكال في زماننا بالتواصل عبر الهاتف والعلم بموعد المجيء. ويستحب صلاة ركعتين في المسجد اذا وصل الى بلده عن كعب رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا قدم من سفر من ضحى دخل المسجد فصلى ركعتين قبل ان يجلس رواه البخاري. وان من نعم الله على عباده في هذا الزمان ما هيأ لهم ويسر من وسائل النقل التي يركبونها وينتقلون عليها من من مكان الى مكان ويحملون عليها امتعتهم واثقالهم. يقول الله سبحانه والانعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون وتحمل اثقالكم الى بلد لم تكونوا بالغيه الا بشق الانفس. ان ربكم لرؤوف رحيم. والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون. وقال تعالى وعليها وعلى الفلك تحملون. وقال تعالى وجعل لكم من الفلك والانعام ما تركبون لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم اذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين. وانا الى ربنا لمنقلبون. واذا كانت النعمة على من قبلنا عظيمة بان يسر لهم من الفلك والانعام ما يركبون. فان النعمة علينا في هذا الباب اكبر. حيث يسر لنا وسائل النقل الحديثة الحسنة في مركبها المريحة في تحركها وتنقلها الجميلة في شكلها ومنظرها ويسر مع ذلك طرقها وذلل سبلها وهيأ كل الوسائل المحققة للراحة فيها. ينتقل الناس عليها من مكان الى مكان ومن بلد الى بلد بلا مشقة او عناء او تعب. واذا كان من قبلنا يكابدون في اسفارهم ام وهج الصحراء وحرارة الجو ونفح السموم والاعاصير فان الناس في هذا الزمان لا يشعرون بشيء من ذلك لانهم ينتقلون في بعربات مغلقة واجواء مكيفة ومقاعد مريحة وثيرة فلله ما اعظمها من نعمة واجلها من منة تستوجب شكر المنعم سبحانه وتعالى المتفضل بها وبتيسيرها فالحمد لله على اولانا ونسأله ان يوزعنا شكرها وان يعيذنا من كفرانها وان يوفقنا لاستعمالها فيما يرضيه وان من الظواهر المؤسفة المتعلقة بوسائل النقل وبخاصة السيارات. كثرة الحوادث المروعة. فاصبح المصابون بها من بين كسير وجريح وميت ليس بالافراد ولكن الاعداد الكبيرة وقد جاء في رصد لعدد المتوفين والمصابين في حوادث السير خلال السنوات العشرة الماضية وذكر في ذلك عدد مخيف وارقام ومآسي محزنة ولا شك ان وراء كثير من ذلك مخالفات وتجاوزات لم يجني اصحابها ومسببوها لها سوى مرارة تلك المآسي ونكد تلك الالام. ارواح تهدر ونفوس تروع واموال تضيع نتيجة متى تلك الممارسات الخاطئة والمخالفة لانظمة المرور او الخروج عليها؟ معاشر الكرام ان الوعي في هذا الباب الخطير مطلوب من كل من يمتلك سيارة ينطلق فيها بين المسلمين. ليراعي حقوقهم وليحفظ حرماتهم ولان لا يعرظ واحدا منهم الى شيء من تلك الاخطار. وفي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم ان دمائكم واموالكم عليكم حرام متفق عليه. وقال عليه الصلاة والسلام كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه. رواه مسلم هل راعى اولئك المتجاوزون هذه الاحاديث وامثالها ليطمئن الناس في طرقاتهم وليأمنوا في سيرهم ولتقل تلك المآسي والاخطار بينهم. ومما ينبغي ان يعلم في هذا المقام ان طاعة ولي الامر بالتزام الانظمة المرورية التي تخدم مصالح الناس وتنظم سيرهم امر واجب يأثم من المسلم بتركه. والله تعالى يقول يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم. نسأل الله ان يوفقنا لكل خير وان اهدينا اليه صراطا مستقيما وان يعيذنا من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا انه تبارك وتعالى سميع الدعاء وهو الرجاء وهو حسبنا ونعم الوكيل وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته