ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد عباد الله اتقوا الله تعالى وراقبوه جل وعلا واعلموا ان تقواه عمل بطاعته سبحانه عمل بطاعة الله على نور من الله رجاء ثواب الله وترك لمعصية الله على نور من الله. خيفة عذاب الله عباد الله في القرآن الكريم سورة عظيمة تسمى الفاظحة وهي من اواخر سور القرآن نزولا على رسول الله صلى الله عليه وسلم الا وهي سورة التوبة قال قتادة رحمه الله تعالى هذه السورة تسمى الفاضحة فاضحة المنافقين وهذه الصورة عباد الله فضح الله جل وعلا فضح الله جل وعلا فيها المنافقين وهتك استارهم وبين فضائحهم ومخازيهم واخرج جل وعلا ما يفطنون في قلوبهم وصدورهم من حقد وكيد وحسد على الاسلام واهله وقد كان من شأن المنافقين وحالهم اذا خلا بعضهم لبعض اجتمعوا على الاستهزاء بالدين والسخرية بعباد الله المؤمنين والتهكم باعمال الدين العظيمة وطاعاته الجليلة وعباداته الفاضلة والاستهزاء بمن كان متمسكا بدين الله محافظا على طاعة الله ثم اذا ختموا مجلسهم تخوفوا وحاذروا ان تنزل سورة تفضحهم وتهتكوا سترهم وتبينوا مخازيهم يقول الله تعالى يحذر المنافقون ان تنزل عليهم سورة ان تنزل عليهم سورة تنبأهم بما في قلوبهم قل استهزئوا ان الله مخرج ما تحذرون وقوله جل وعلا قل استهزئوا خرج مخرج الوعيد والتهديد ان الله مخرج ما تحذرون اي ما تحذرون من خروجه وفظحكم به ونشره بين الناس ان الله مخرج اي فاضح لكم ايها المنافقون بهتك استاركم وكشف مخازيكم وبيان ذلك لعباد الله المؤمنين عباد الله فنزلت سورة التوبة فاضحة للمنافقين ولهذا نرى في هذه السورة في مواضع عديدة منها يذكر الله جل وعلا في اوصاف المنافقين فيبدأ ايات عديدة بقوله الذين او قوله ومنهم الى غير ذلك من ذكر لاوصاف المنافقين وفضح لهم ولقد كان فضح المنافقين في هذه السورة فظحا لهم بذكر اوصافهم ونعوتهم وخصالهم وخلالهم دون ذكر للاسماء وذلك ليبقى الامر حكما عاما الى قيام الساعة في كل من كان متصفا بصفات المنافقين في كل من كان متصفا بصفات المنافقين يبقى حكما عاما الى قيام الساعة يحذر المنافقون ان تنزل عليهم سورة تنبأهم بما في قلوبهم قل استهزئوا ان الله مخرج ما تحذرون ولئن سألتهم اي عن هذا الاستهزاء وعن هذه السخرية ما سبب ذلك وما القصد من وراء ذلك؟ ولئن سألتهم ليقولن انما كنا نخوض ونلعب اي سيقولون لم نقصد حقيقة الاستهزاء ولا اردنا حقيقة الاستخفاف والتهكم وانما اردنا الخوظ واللعب ومؤانسة الاصدقاء وتمظية الاوقات والتسلية في المجالس ليس قصدا منا في حقيقة الاستهزاء والتهكم ولئن سألتهم ليقولن انما كنا نخوض ونلعب قل ابالله قل ابالله واياته ورسوله كنتم تستهزئون اي ابلغ بكم الحال ووصل بكم الامر الى ان يكون الاستهزاء منكم بالله رب العالمين وباياته وذكره الحكيم وبرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ومن المعلوم ان الايمان والدين مبني على اصل عظيم واساس متين الا وهو تعظيم الله وتعظيم اياته وتعظيم شرعه وتعظيم رسوله صلى الله عليه وسلم والاستهزاء بذلك مناف كل المنافاة لتعظيم الله ولهذا كان المستهزئ بالله او بدين الله او بايات الله او برسول الله صلى الله عليه وسلم كافرا بالله العظيم ان لم يقصد حقيقة الاستهزاء باجماع اهل العلم قال جل وعلا ولئن سألتهم ليقولن انما كنا نخوض ونلعب. قل ابالله واياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم وقوله جل وعلا قد كفرتم بعد ايمانكم فيه دلالة على ان هؤلاء النفر كان عندهم ايمان ضعيف لكن هذا الايمان خرج منهم بهذا الاستهزاء. فكان الامر كذلك في كل مستهزئ او بكتاب الله او بشرع الله او برسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ينفعه عذرا في في هذا الباب امام الله ان يقول انما اردت بذلك الخوظ واللعب وتمظية الاوقات لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم ان نعفو عن طائفة منكم نعذب طائفة بانهم كانوا مجرمين نعم كانوا مجرمين اعظم الاجرام ومرتكبين لاعظم الاثام اذ كيف يليق بعاقل او يصح من انسان سوي ان يبلغ به الحال الى الاستهزاء بذي العظمة والجلال او بشرعه الحكيم او برسوله الكريم او بدينه القويم سبحانه وتعالى ولهذه الايات عباد الله سبب نزول اورده الامام ابن جرير في تفسيره وغيره من اهل العلم وهو باسناد حسن من حديث ابن عمر رضي الله عنه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما وحديث غيره من الصحابة ان رجلا من المنافقين قال ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء يقصد قراء القرآن يقصد الرسول عليه الصلاة والسلام والصحابة الكرام قال ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء ارغب بطونا ولا اكذب السنة ولا اجبن عند اللقاء فوصفهم ترى هي في طلب الطعام ووصفهم بالكذب في الحديث ووصفهم بالجبن عند اللقاء. وكل هذه الاوصاف الثلاثة. اوصاف للمنافقين. برأ الله منها رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم وارضاهم وحاشاهم من ذلك فقال عوف بن مالك رضي الله عنه كذبت ولكنك منافق لاخبرن بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي هذا من الفائدة ابلاغ ولي الامر باحوال اهل الفجور والفساد للاخذ على ايديهم وكف شرهم وفسادهم لاخبرن بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب رضي الله عنه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبره بالخبر فوجد ان القرآن قد سبقه بذلك فنزلت ايات على رسول الله صلى الله عليه وسلم تفضح هؤلاء المستهزئين الساخرين وتبينوا كفرهم برب العالمين ثمان ذلك الرجل جاء الى النبي عليه الصلاة والسلام ووجده قد ارتحل وركب دابته فاخذ بنسعة ناقة رسول الله اي زمامها وهو يقول يا رسول الله انما كنا نخوض ونلعب فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يلتفت عليه ولا يزيد ان يقول ابالله اياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم عباد الله ان في هذه الايات الكريمات عظات بالغات ودلالات بينات وتحذيرات عظيمات من هذا المنزلق الخطير والاثم الكبير الا وهو الاستهزاء بالله او بدين الله او بايات الله او برسول الله صلى الله عليه وسلم او بعباد الله واولياءه الصالحين وسواء كان هذا الاستهزاء بكلام يقوله المستهزئ او بفعل يفعله او بحركة تصدر منه فالاستهزاء هو الاستهزاء ايا كانت صفته وهيئته كمن اذا ذكرت عنده شيء من ايات الله او اسمائه سبحانه او اوصاف رسوله صلى الله عليه وسلم فيمد شفته او يغمز بعينه او يخرج لسان او غير ذلك من صفات التهكم والاستهزاء فكل ذلكم والعياذ بالله من موبقات العظام والمهلكات الجسم. حمانا الله جميعا من ذلك. وهدانا الى تعظيم دينه. والمحافظة على شرعه والتمسك باخلاق الاسلام وادابه العظام انه جل وعلا سميع الدعاء وهو اهل الرجاء وهو حسبنا ونعم الوكيل الحمد لله عظيم الاحسان واسع الفضل والجود والامتنان واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد عباد الله اتقوا الله تعالى عباد الله في القرآن الكريم ما يقرب ما يقرب من عشر ايات ختمها الله جل وعلا بقوله في شأن المستهزئين بالانبياء والمرسلين المتهكمين بما جاءوا به من الايات والذكر الحكيم ختمها جل وعلا بقوله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون وفي هذا ان المكر السيء ان ان المكر السيء لا يحيق الا باهله اي لا ينزل ولا يحل الا بهم ولهذا فان سنة الله جل وعلا ماضية في خلقه ان يفضح المستهزئين وان يهتك استارهم وان يحل جل وعلا بهم عقوبته ونكاله وعذابه ولا يحيق المكر السيء الا باهله يقول جل وعلا الله يستهزأ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون قد يتمادى الامر بالمستهزئ عندما يرى نفسه مع مع استهزائه وسخريته ممتعا بالصحة والعافية ممدا بالمال والاولاد والرزق فيكون ذلكم وبالا عليه لان نعمة الله جل وعلا ورزقه لا يزال نازلا به وهو لا يزال متهكما بدين الله فاخرا بايات الله جل وعلا الى ان يحيق به العقاب وينزل بساحته العذاب عباد الله صلوا وسلموا رعاكم الله على محمد بن عبدالله كما امركم الله بذلك في كتابه فقال ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما وقال صلى الله عليه وسلم من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين ابي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة اجمعين وعن التابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اللهم واعز الاسلام واهله في كل مكان يا ذا الجلال والاكرام اللهم اعز الاسلام واهله في كل مكان يا ذا الجلال والاكرام اللهم اعز الاسلام واهله في كل مكان يا ذا الجلال والاكرام اللهم وفقنا جميعا لهداك واجعل عملنا في رضاك واعنا على طاعتك وجنبنا الهنا كل امر يسخطك وتأباه اللهم وفق ولي امرنا لما تحب وترضى واعنه على البر والتقوى اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات اللهم انا نعوذ بك من النفاق ومن الشقاق ومن سيء الاخلاق يا ذا الجلال والاكرام ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. عباد الله اذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله اكبر والله يعلم ما تصنعون