لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه. ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله وامينه على وحيه ومبلغ الناس شرعه ما ترك خيرا الا دل الامة عليه. ولا شرا الا حذرها منه فصلوات الله وسلامه عليه وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد ايها المؤمنون اتقوا الله تعالى وراقبوه جل وعلا في السر والعلانية والغيب والشهادة مراقبة من يعلم ان ربه يسمعه ويراه وحاذروا ايها المؤمنون الفتن واتقوها عباد الله. فان في اتقاء فتن السعادة ففي سنن ابي داوود عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ان السعيد لمن جنب الفتن. قالها عليه الصلاة والسلام ثلاث مرات وثبت في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي عليه الصلاة والسلام قال تأتي على الناس فتنة القاعد فيها خير من الماشي الماشي خير من الساعي. وثبت في صحيح مسلم من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن. ايها المؤمنون والفتن في ولبروزها وبدو ظهورها تشتبه على كثير من الناس. ولهذا لا يقال عن الفتن فتن عمياء وفتن صماء. لكثرة اشتباهها عدم اتظاح امرها للناس. وان اعظم ما تتقى به الفتنة تقوى الله جل وعلا لما وقعت بعض الفتنة في زمن التابعين اتى قوم الى طلق ابن ابيب رحمه الله وقالوا لقد وقعت الفتنة. فبما نتقيها؟ قال اتقوها بالتقوى. قالوا اجمل لنا التقوى. قال تقوى الله عمل بطاعة الله. على نور من الله رجاء ثواب الله وترك لمعصية الله على نور من الله خيفة عذاب الله. ايها المؤمنون وان من اعظم ما يتأكد في هذا المقام مقام الفتن وطريقة التعامل معها ان يتبصر المسلم في العواقب والا يخطو خطوة لا بنفسه ولا بغيره حتى يطمئن ان ما يخطو في هذا الباب وفي هذا المقام على القوام والسداد. والا فان الخطورة في هذا الباب عظيمة والظرر جسيم. ومن يتق الله يجعل له رجا ومن يتق الله يجعل له من امره يسرا. ايها المؤمنون ولقد اكد اهل العلم في قديم الزمان وحديثه على اهمية بصيرة في مآلات الفتن وعواقبها. بمعنى ان المرء قبل ان يقدم ليتأمل كثيرا في العواقب. ولا يكون نظره انيا وقتيا. بل امل في عواقب الامور والى اي شيء تؤول بمثل هذه الاعمال. فبالبصيرة والاناة والسكينة والطمأنينة وحسن الالتجاء الى الله واستشارة اهل العلم الراسخين والائمة المحققين وسؤال الله تبارك وتعالى التوفيق بمثل ذلك ايها المؤمنون. تتحقق للناس العواقب الطيبة والمآلات الحميدة. عباد الله وعندما يتأمل المؤمن في عواقب الفتن ومآلاتها قبل ان يقدم على شيء منها فان هذا التأمل باذن الله يكون عاصما له من الفتن ومبعدا له عن الولوج فيها وفي هذه الوقفة ايها المؤمنون عباد الله اشارة الى شيء قليل وامر يسير مما هو من عواقب الفتن ومآلاتها التي لا تحمد ايها المؤمنون ان من اعظم عواقب الفتن وما تؤول به او تؤدي اليه في من انخرط فيها وسلكها انها تشغل العبد عما خلق له واوجد لتحقيقه من عبودية لله وخضوع له سبحانه وتعالى وانكسار بين يديه وضراعة وسؤال ودعاء الى انشغال بقيل وقال وهرج ومرج وعدوان وبغي وظلم وغير ذلك من الامور والعواقب الوخيمة جاء في الاثر عن الحسن البصري رحمه الله تعالى. لما وقعت الفتنة زمنت جاء عنه رضي الله عنه انه قال ايها الناس انه والله ما سلط الله الحجاج عليكم الا عقوبة. فلا تعارضوا عقوبة الله بالسيف ولكن عليكم بالسكينة والتضرع فان الله يقول ولقد لاخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون. فارشدهم الله تعالى في مثل هذه الفتن الى السكينة والتضرع وحسن الالتجاء الى الله جل وعلا وعدم الدخول في غمار الفتن ومن عواقب الفتن الوخيمة ايها المؤمنون. انها تصرف الناس عن اهل العلم الراسخين والائمة المحققين بل وتصرفهم عن البصيرة في دين الله. والفقه في شريعة الله ومعرفة احكام الله وحدوده سبحانه. بل وانها تفضي بكثير من الناس الى انتقاص العلماء واحتقارهم وازدرائهم. ومن الامثلة على ذلك في الفتنة انفة الذكر التي وقعت زمن التابعين دخل نفر على الحسن البصري رحمه الله وقالوا ما تقول في هذا الطاغية؟ اي الحجاج ما تقول في هذا الطاغية الذي سفك الدم الحرام واخذ المال وفعل وفعل. وذكروا له شيئا من افعال الحجاج. فقال الحسن ارى الا تقاتلوه. فان انتك عقوبة من الله اي تسليط الحجاج فما انتم برادي عقوبة الله وان يكن بلاء فاصبروا حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين انتهت وصيته رحمه الله الا انهم لم يستجيبوا لهذه الوصية وخرجوا من عنده وهم يقولون نطيع هذا العلج ازدراء وانتقاصا واحتقارا لمقام هذا العلم والفقيه المحقق. ثم انهم خرجوا. خرجوا وقتلوا اجمعين. في تلك الفتنة ولم يقدموا لا لانفسهم ولا لامتهم خيرا. ومن عواقب الفتن ايها المؤمنون انها تصدر السفهاء. ومن لا علم عند ومن لا فقه لديه فيصبح بيده زمام امر يوجه ويرشد ويدعو الى غير ذلك من الامور مما هو يؤول الى ايدي سفهاء الاحلام قليل العلم والبصيرة بدين الله جل وعلا. وقد قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله والفتنة اذا وقع عجز العقلاء فيها عن دفع السفهاء. ايها المؤمنون ومن عواقب الفتن ان من يدخلها يتورط فيها. ويبوء بالعواقب المرضية والمآلات السيئة من قتل وحبس وهرب وخراب ودمار والشواهد ايها المؤمنون على ذلك في تاريخ الامة وما حل بها في مراحل تاريخها من فتن ومحن ومصائب بسبب ذلك كثيرة ومن ذلكم في زمن الامام احمد رحمه الله تعالى لما اظهر الواثق انواعا من الباطل وحمل الناس على انواع من الضلال اتى نفر الى ابي عبدالله الامام احمد ابن حنبل رحمه الله اتوا اليه وقالوا يا ابا عبدالله ان الامر قد فشى وتفاقم وهذا الرجل يفعل ويفعل. وقد اظهر ما اظهر. ونحن نخاف على اكثر من هذا. فقال لهم ابو عبد الله وماذا تريدون؟ اي شيء تريدون ان تفعلون وماذا تريدون؟ قالوا اتيناك نساورك فيما نريد. قال فما تريدون؟ قالوا لا بامرته ولا بسلطانه. اي انهم ارادوا نزع اليد من الطاعة. لا نرضى ولا بسلطانه فناظرهم رحمه الله تعالى ساعة. حتى قال لهم رحمه الله الله تعالى ارأيتم ان لم يبقى لكم هذا الامر اليس قد سرتم من ذلك الى المكروه ولنتأمل في هذه الكلمة العظيمة. ارأيتم ان لم يبق لكم هذا الامر؟ اي ان لم تحقق لكم ما خرجتم لاجله. وتجمعتم لطلبه وتحقيقه. ارأيتم ان لم يبق هذا الامر اليس قد صرتم من ذلك الى المكروه؟ عليكم بالنكرة بقلوبكم ولا تخلعوا يدا من طاعة ولا تشقوا عصا المسلمين ولا تسفكوا دماءكم ولا دماء معكم انظروا الى عاقبة امركم. ولا تعجلوا حتى بر او يستراح من فاجر. ودار بينهم في ذلك كلام كثير. واحتج على احمد رحمه الله بحجج وادلة. فقال له بعضهم انا نخاف على اولادنا اذا ظهر هذا الامر لم يعرفوا غيره ويمحى الاسلام ويدرس. فقال ابو عبدالله كلا والله قال ابو عبد الله رحمه الله كلا ان الله عز وجل ناصر دينه وان هذا الامر له رب ينصره وان الاسلام عزيز منيع. الا ان هؤلاء ايضا لم يستجيبوا لوصية هذا الامام الناصح. والعلم المشفق رحمه الله تعالى فخرجوا فكان ما كان قتل من قتل وهرب من هرب وسجن من سجن وسفك الدماء وانتهكت ارواح. ايها المؤمنون ومن عواقب الفتن الوخيمة اشتباه اموري واختلاطها على كثير من الناس. فلا يميز فيها كثير من الناس. بين حق باطل ولا يفرقون بين هدى وضلال. فيقتل الرجل في الفتنة ولا يدري فيما قتل ويقتل القاتل اخاه. ولا يدري فيما قتله. وقد جاء في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال من قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة او يدعو الى عصبة او ينصر عصبا فقتل فقتلته جاهلية. وقد ضرب الصحابي الجليل سعد بن ابي وقاص رضي الله عنه وهو احد عشر المبشرين بالجنة ضرب مثلا عجيبا بديعا يصور حال الناس في الفتن. فقال رحمه الله ان حال الناس في الفتن كحال جماعة خرجوا في صحراء تعجت ريح وثارت عجاجة فلم يصبح الناس بسبب العجاج والغبار. لم يصبح الناس يبصرون طريقهم. فقوم منهم اخذوا ذات اليمين فضاعوا وتاهوا قوم اخرون اخذوا ذات الشمال وضاعوا وتاهوا. وقوم قالوا نبقى في الذي كنا عليه وامرنا الذي كنا عليه حتى ينقشع العجاج ويزول الغبار فنسير فسلموا وهذا فيه ان القاعدة في الفتنة هو السالم. وان السعيد كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام من جنب الفتن. ايها المؤمنون ومن عواقب الفتن الوخيمة الجرأة على القتل وسفك الدماء. تقتل الروح المسلمة. وتزهق النفس المؤمنة ولا كأن الامر شيئا. جاء عن الصحابي الجليل ابن عمر رضي الله عنهما انه قال في الفتنة لا ترون القتل شيئا. بينما القتل قتل النفس المؤمنة امره عظيم عند الله جل جلاله. فقد جاء في مسند الامام احمد بسند ثابت ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لزوال الدنيا اهون عند الله من قتل رجل مسلم. رجل واحد مسلم زوال الدنيا اهون عند الله من فكيف بارواح تزهق وارواح تقتل في مثل الفتن التي تعج بالناس ايها المؤمنون. ومن عواقب الفتن الوخيمة اختلال الامن وكثرة القلاقل فتراق الدماء وتزهق الارواح وتنتهب الاموال وتنتهك الاعراض وتدمر الممتلكات الى غير ذلك من الامور السيئات. وقد قال عليه الصلاة والسلام ان دماءكم واموالكم واعراضكم حرام عليكم. وقال عليه الصلاة والسلام كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله الا ايها المؤمنون لنتقي الله جل شأنه. ولنتعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن. ولنسأل الله ربنا ان يحفظنا والمسلمين. وان يقينا من الفتن والشرور وان يرزقنا الامن والامان. والسعادة والطمأنينة. في ظل طاعته وعبادته واتباع نبيه صلى الله عليه وسلم. اقول هذا القول واستغفر الله ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب. فاستغفروه يغفر لكم انه هو الغفور الرحيم الحمد لله حمد الشاكرين. واثني عليه الخير كله. لا احصي ثناء عليه هو جل وعلا كما اثنى على نفسه. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله وسلم عليه وعلى ال وصحبه اجمعين. اما بعد ايها المؤمنون عباد الله اتقوا الله تعالى ايها المؤمنون دعاء المسلم لاخيه المسلم بظهر الغيب اجاب ويتأكد الدعاء لعموم المسلمين في الاوقات التي تبرز فيها فتن وتكثر فيها المحن ويتورط فيها كثير من الناس بورطات ما لها ولا خطام. بان يدعى ايها المؤمنون. للمسلمين عموما. بان يحفظهم الله بحفظه. بان يحفظهم الله بحفظه. وان يكلأهم برعايته وان يحقن دماءهم. وان يستر عوراتهم. وان يؤمن روعاتهم وان يهديهم اليه صراطا مستقيما. والا يكلهم الى انفسهم طرفة عين اللهم يا رب الارض والسماء اللهم يا من بيده ملكوت كل شيء اللهم يا من بيده ازمة الامور يا ربنا يا عظيم يا خالقنا ويا مولانا ويا سيدنا ويا الهنا نسألك باسمائك الحسنى وصفاتك العليا وبانك انت الله لا اله الا انت يا حليم يا عظيم. يا قوي يا متين. يا عزيز يا ذا الجلال والاكرام يا من لا ترد عبدا دعاك. ولا تخيب ومؤمنا ناجاك نسألك بان لك الحمد وحدك لا شريك لك يا منان يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام ان تحقن دماء المسلمين اللهم احقن دماء المسلمين. اللهم احقن دماء المسلمين. اللهم احفظ اخواننا في كل مكان. اللهم جنبهم الفتن ما ظهر منها وما بطن. اللهم ربنا والهنا. استر عوراتهم وامن روعاتهم. اللهم واحفظهم. من بين ايديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم. اللهم يا قوي يا متين يا عزيز يا عظيم اعنا وجميع المسلمين ولا تعن علينا وانصرنا ولا تنصر علينا وامكر لنا ولا تمكر علينا واهدنا ويسر الهدى لنا وانصرنا على من ما علينا اللهم اجعلنا لك شاكرين لك ذاكرين اليك اواهين منيبين لك محبتين لك مطيعين. اللهم تقبل توبتنا واغسل حوبتنا وثبت حجتنا واهدي قلوبنا وسدد السنتنا واسلل سخيمة صدورنا. اللهم الهنا وربنا وسيدنا ومولانا ولي علينا خيارنا. اللهم ولي علينا خيارنا. اللهم ولي علينا خيارنا واصرف عنا شرارنا اله الحق. يا من بيده ازمة الامور. اللهم انت مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك على كل شيء قدير. اللهم لا حول لنا ولا قوة الا بك وانت حسبنا ونعم الوكيل. اللهم واصلح ذات بيننا والف بين قلوبنا واهدنا سبل السلام. واخرجنا من الظلمات الى النور. وبارك لنا في اسماعنا وابصارنا وازواجنا وذرياتنا واموالنا. واوقاتنا واجعلنا مباركين اينما كنا اللهم امنا في اوطاننا. اللهم امنا في اوطاننا. اللهم امنا في اوطاننا واصلح ائمتنا وولاة امورنا. واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين. اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات. اللهم الهنا ارحم موتى المسلمين. اللهم ارحم موتى المسلمين واشف مرضاهم واغن فقيرهم واجبر كسيرهم وسددهم اله الحق الى ما تحبه وترضاه من سديد الاقوال وصالح الاعمال. اللهم صلي على نبينا محمد النبي الامي واله وصحبه. اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد. وعلى اله وصحبه اجمعين واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين