الحمدلله تفرد بالوحدانية والخلق والايجاد وتنزه عن الشركاء والنظراء والانداد ولا جل شأنه على عباده نعما لا حصر لها ولا تعداد واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له شهادة ارجو بها النجاة يوم التناد واشهد ان محمدا عبده ورسوله الداعي الى الحق والهدى والسداد صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه صلاة وسلاما دائمين الى يوم المعاد اما بعد ايها المؤمنون عباد الله اتقوا الله تعالى وراقبوه جل في علاه مراقبة من يعلم ان ربه يسمعه ويراه ايها المؤمنون عباد الله روى الامام مسلم في كتابه الصحيح من حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسير فنفذت ازواج القوم قال حتى هم بنحر بعض حمائلهم فقال عمر يا رسول الله لو جمعت ما بقي من ازواج القوم فدعوت الله عليها قال ففعل قال فجاء ذو البر ببره وذو التمر بتمره فدعا عليها قال حتى ملأ القوم ازودتهم فقال عند ذلك اشهد ان لا اله الا الله واني رسول الله. لا يلقى الله بهما عبد غير فيهما الا دخل الجنة وفي رواية قال لما كان غزوة تبوك اصاب الناس مجاعة قالوا يا رسول الله لو اذنت لنا فنحرنا نواضحنا فاكلنا وادهنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم افعلوا قال فجاء عمر فقال يا رسول الله ان فعلت طل الظهر ولكن ادعهم بفظل ازواجهم ثم ادعوا الله لهم عليها بالبركة لعل الله ان يجعل في ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم قال فدعا بنطع فبسطه ثم دعا بفضل ازواجهم قال فجعل الرجل يجيء بكف ذرة قال ويجيء الاخر بكف تمر قال ويجيء الاخر بكسرة حتى اجتمع على النطع من ذلك شيء يسير قال فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه بالبركة ثم قال خذوا في اوعيتكم قال فاخذوا في اوعيتهم حتى ما تركوا في العسكر وعاء الا ملأوه حتى شبعوا وفضلت فضله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشهد ان لا اله الا الله واني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيحجب عن الجنة ايها المؤمنون عباد الله تأملوا هذه القصة ما اعظمها وادلها على عظم شأن الشهادتين شهادتي ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وان ما يقف عليه المرء في هذه الحياة من الحجج الباهرات. والدلائل من الظاهرات على عظمة الرب جل شأنه. وكمال قدرته وتدبيره سبحانه وانه جل وعلا يدبر الامر لا شريك له. تفرد بالخلق ايجاد ما شاء كان وقع كما شاء وما لم يشأ لم يكن العباد كلهم طوع امره وتسخيره وتدبيره جل في علاه وهكذا عباد الله ما يضر بالمؤمن في هذه الحياة من الايات الباهرات كلها تدعوه الى الخضوع لعظمة الله والذل بين يديه جل في علاه. والاقبال على طاعته اخلاصا وتوحيدا ايها المؤمنون عباد الله نبينا عليه الصلاة والسلام في هذا المقام العظيم الدال على عظمة الله وجلاله قال دالا ومبينا عظم شأن هاتين الكلمتين. قال اشهد ان لا اله الا الله واني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما الا دخل الجنة نعم ايها المؤمنون ان الشهادتين بهذا الشأن العظيم وبهذه المكانة العلية فعليهما قيام دين الله وهما مفتاح السعادة ولا نجاة للعبد ولا فوز برضا الله ولا دخول لجنته الا بهذا المفتاح العظيم. اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله. ولهذا عباد الله فان يوم القيامة لا تزول قدم عبد فيه بين يدي الله جل وعلا حتى يسأل عن عظيمتين ماذا كنتم تعبدون؟ وماذا اجبتم المرسلين؟ وجواب الاول شهادة ان لا اله الا الله معرفة وتحقيقا واخلاصا. وجواب الثاني شهادة ان محمدا رسول الله. مع معرفة وتحقيقا وانقيادا ايها المؤمنون عباد الله وهاتان الشهادتان العظيمتان اللتان عليهما مدار السعادة والفلاح في الدنيا والاخرة عليهما قيام دين الله كله. فدين الله قيام على شهادة ان لا اله الا الله اخلاصا للمعبود وتوحيدا. وشهادة ان محمدا رسول الله. طاعة للرسول صلى الله عليه وسلم وانقيادا. فمن لم يكن كن دينه قائما على هذين الاصلين العظيمين لم يقبل الله منه عمل ولم ينتفع بطاعة وقد قال الله جل وعلا في الحديث القدسي انا اغنى الشركاء عن الشرك. من عمل عملا من اشرك معي فيه غيري تركته وشركه. وقال صلى الله عليه وسلم من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد. فدل الحديث الاول ان الاعمال ايا كانت لا قبول لها الا بالاخلاص. ودل الحديث الثاني ان الاعمال لا قبول لها الا بالاتباع والاخلاص هو تحقيق شهادة ان لا اله الا الله. والاتباع هو تحقيق شهادة ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وبهذا عباد الله يعلم ان الشهادتين لا تنفعاني قائلهما بمجرد النطق والتلفظ حتى يحقق ما دلتا عليه من اخلاص للمعبود ومتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم ولهذا قال الامام الفضيل ابن عياض رحمه الله تعالى في معنى قول الله جل وعلى ليبلوكم ايكم احسن عملا. قال اخلصه واصوبه قيل يا ابا علي وما اخلصه واصوبه؟ قال ان العمل اذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل. واذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صواب والخالص ما كان لله. والصواب ما كان على السنة ايها المؤمنون عباد الله ان المقام مقام الشهادتين مقام عظيم جدا فالشهادتان هما مفتاح الجنة وبهما تحقق المنة فلا ذوقون للجنة الا بهاتين الشهادتين. وليس المراد الاتيان وبهما نطقا مجردا وانما الاتيان بهما نطقا وفهما وتحقيقا لما دلتا عليه. من اخلاص للمعبود جل في علاه. ومتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم فهما عباد الله توحيدان لا نجاة الا بهما توحيد للمرسل جل في علاه. بالاخلاص وافراده وحده بالعبادة وتوحيد للمرسل صلى الله عليه وسلم بتجريد المتابعة له عليه الصلاة والسلام فعلى هذين الامرين مدار النجاة والفلاح والسعادة في الدنيا والاخرة المؤمنون عباد الله واحوال الناس مع هذين الاصلين العظيمين اربعة من كان مخلصا متابعا. والثاني من كان مخلصا بدون اتباع الثالث من كان متبعا بغير اخلاص. والرابع من لا اخلاص عنده ولا متابعة وكل هؤلاء هالكون الا الاول. الذي جاءت اعماله على الاخلاص. للمعبود جل في علاه والمتابعة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ومن عظيم الدعاء في هذا الباب ايها المؤمنون. ما يؤثر عن الخليفة الراشد. عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه كان يقول في دعائه اللهم اجعل عملي كله صالحا ولوجهك خالصا ولا تجعل لاحد فيه شيئا. اقول هذا القول استغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب. فاستغفروه يغفر لكم. انه هو الغفور الرحيم الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله وسلم عليه. وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد ايها المؤمنون عباد الله اتقوا الله تعالى فان تقوى الله جل وعلا خير زاد يبلغ الى رضوان الله قال الله تعالى وتزودوا فان خير الزاد التقوى واتقوا نيا اولي الالباب ايها المؤمنون عباد الله قال الله عز وجل في نعت نبيه ورسوله ومصطفاه صلى الله وسلم عليه انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا الى الله باذنه وسراجا منيرا فوصفه جل وعلا بانه داع الى الله جل وعلا باذنه فمن دعا الى غير الله كان مشركا ومن دعا اليه بغير اذنه كان مبتدعا ولا سلامة من الشرك والبدعة الا بتحقيق الشهادتين اخلاصا للمعبود جل في علاه. ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم فواجب على كل مسلم ناصح لنفسه يرجو نجاتها وفوزها يوم لقاء الله ان يتأمل هذا المقام العظيم تأملا دقيقا وان يحرص على مجاهدة نفسه على تحقيق مقتضى الشهادتين من الاخلاص للمعبود والمتابعة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم اللهم يا ربنا يا ذا الجلال والاكرام يا حي يا قيوم نسألك باسمائك كالحسنى وصفاتك العليا ان تجعل اعمالنا كلها لك خالصة ولسنة نبيك الكريم صلى الله عليه وسلم موافقة. وان تعيذنا يا ربنا من الشرك والبدع والاهواء كلها يا ذا الجلال والاكرام. والا تكلنا الى انفسنا طرفة عين اين؟ وعلى مرعاكم الله ان اصدق الحديث كلام الله وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها. وكل محدثة بدعة. وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وعليكم بالجماعة فان يد الله على الجماعة. وصلوا وسلموا رعاكم الله على محمد بن عبدالله كما امركم الله بذلك في كتابه فقال ان الله وملائكته يصلون على النبي. يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم فانك حميد مجيد. وارض اللهم وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين. الائمة المهديين ابي بكر وعمر وعثمان وعلي. وارض اللهم عن الصحابة اجمعين. وعن التابعين ومن تبعهم احسان الى يوم الدين. اللهم اعز الاسلام والمسلمين. اللهم انصر من نصر دينك وكتابك نبيك محمد صلى الله عليه وسلم. اللهم كن لاخواننا المسلمين المستضعفين في كل مكان ناصرا ومعينا وحافظا ومؤيدا. اللهم وعليك باعداء الدين انهم لا يعجزونك. اللهم انا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك اللهم من شرورهم. اللهم ان في اوطاننا واصلح ائمتنا وولاة امورنا. واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع يا رب العالمين اللهم جنبنا والمسلمين الفتن ما ظهر منها وما بطن. اللهم وفق ولي امرنا لهداك. واجعل عمله في رضاك. اللهم ات نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها. اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين مسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. واخر دعوانا ان الحمدلله رب العالمين