بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اجمعين اما بعد قال امير المؤمنين في الحديث ابو عبد الله محمد ابن اسماعيل البخاري رحمه الله تعالى قال في كتابه الادب المفرد في باب رفع الايدي في الدعاء. قال حدثنا ابو معمر قال حدثنا عبد قال حدثنا عبد العزيز بن صهيب عن انس بن مالك رضي الله عنه انه قال كان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يتعوذ يقول اللهم اني اعوذ بك من الكسل واعوذ بك من الجبن واعوذ بك من الهرم واعوذ بك من البخل بسم الله الرحمن الرحيم. ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه. ونعوذ بالله اي من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى على اله واصحابه اجمعين. اما بعد فان الامام البخاري رحمه الله تعالى عقد هذه الترجمة في كتابه الادب المفرد باب رفع الايدي في الدعاء لبيان ان رفع اليدين في الدعاء من سنن الدعاء ومستحباته ومن اسباب اجابته قد صح في الحديث عن نبينا عليه الصلاة والسلام انه قال ان الله حيي كريم يستحيي من عبده اذا رفع اليه يديه ان يردهما صفرا. فهو من اسباب الاجابة ولهذا يستحب ولا يشترط لمن دعا ان يمد يديه الى الله عز وجل مد الفقير الذليل المحتاج المنكسر المتذلل بين يدي ربه تبارك وتعالى فان مد اليدين بحد ذاته هو ذل وانكسار وافتقار واحتياج واظهار للفاقة والحاجة الى الله تبارك وتعالى والله عز وجل حي كريم يستحي من من عبده اذا مد يديه اليه ان يردهما صفرا اي خائبتين دون ان يعطيهما سأل. ودون ان يحقق له ما رجا وسبق في درس الامس الكلام على السنة في رفع اليدين وهدي النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك. وان رفع اليدين يكون بدعاء الله تبارك وتعالى ببطون ببطون الاكف بحيث تظم اليدين بعضهما الى بعض وتكون بطون الاكف الى السماء وظهورهما الى الارظ وتكون اليدان محاذيتان للمنكبين او نحو ذلك فهذه هي السنة التي دل عليها الاحاديث الواردة عن نبينا صلى الله عليه وسلم في هذا الباب واشرت الى ان هناك اخطاء عديدة وكثيرة تقع من العوام ومن جهال المسلمين في امور توارثوها واعتادوا على فعلها لكنها عند التحقيق والتمحيص لا اصل لها في السنة ولا دليل عليها في هدي النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه ثم ان رفع اليدين في الدعاء او عدم الرفع عند الدعاء الاقسام فيه كما بين اهل العلم ثلاثة القسم الاول ما ورد فيه ان النبي صلى الله عليه وسلم دعا ورفع يديه فمثل هذا يقال ان السنة فيه رفع ان السنة فيه رفع اليدين كما رفع نبينا عليه الصلاة والسلام مثل رفعه ليديه في صلاة الاستسقاء ومثل رفعه ليديه في الدعاء يوم عرفة وعند رمي الجمرة الصغرى والوسطى وعلى الصفا والمروة في كل ذلك رفع يديه مستقبلا صلى الله عليه وسلم القبلة فما كان من هذا القبيل يقال فيه ان السنة فيه ان يرفع يديه عند الدعاء كما رفع صلى الله عليه وسلم مؤتسيا به مقتديا به القسم الثاني ما ورد فيه انه عليه الصلاة والسلام دعا ولم يرفع فمثل هذا يقال فيه السنة عدم الرفع ومن ذلكم الدعاء في صلاة الجمعة والدعاء في الصلاة مكتوبة او نافلة فان هذا لا رفع فيه اليدين لا ترفع اليدين عند الدعاء في الصلاة ايا كانت مكتوبة او نافلة ولا ترفع اليدين وقت خطبة الجمعة حتى وان دعا الامام لان النبي عليه الصلاة والسلام لم يثبت عنه ولم يؤثر عنه الرفع لليدين في مثل هذه المواظع فما كان من هذا القبيل يقال فيه ان السنة عدم الرفع فلا ترفع الايدي ولهذا السنة في هذا الباب من حيث الرفع وعدمه الاقتداء به عليه الصلاة والسلام كما كان يرفع فيه من الدعاء يديه ترفع وما كان لا يرفع يديه عليه الصلاة والسلام في الدعاء لا ترفع فيؤتسى به صلى الله عليه وسلم فيما فعل وفيما ترك فما فعل فيه الرفع ترفع اليدان وما ترك فيه عليه الصلاة والسلام الرفع لا ترفع اليدان تأسيا به عليه الصلاة والسلام واقتداء والقسم الثالث ما لم يرد فيه لرفع ولا عدمه وانما ورد فيه الدعاء فهذا كما قال اهل العلم الباب فيه واسع الباب فيه واسع ان شاء الداعي رفع وان شاء لم يرفع والاولى به هو ان يرفع يديه لعموم الادلة كقوله صلى الله عليه وسلم ان الله حيي كريم يستحيي من عبده اذا رفع اليه يديه ان يردهما صفرا والامام البخاري رحمه الله تعالى في خاتمة هذا الباب باب رفع الايدي في الدعاء ذكر دعاء ثابتا عن نبينا عليه الصلاة والسلام وهو من من تعوذاته ولم يذكر فيه رفع ولا عدم رفع واراده رحمه الله لهذا الحديث في هذا الباب لعل فيه اشارة الى ان ما كان من الادعية واردا هكذا فان الاولى فيه ان ترفع اليدين ولو دعا به المسلم دون ان ان يرفع يديه فلا حرج عليه لكن الاولى في مثل هذه الدعوات ان يرفع يديه لان رفع اليدين من اسباب الاجابة اورد هنا حديث انس ابن مالك رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ يقول اللهم اني اعوذ بك من الكسل واعوذ بك من الجبن واعوذ بك من الهرم واعوذ بك من البخل يتعوذ من هذه الامور الاربعة وهذه الامور الاربعة هي بعض ما تعوذ عليه الصلاة والسلام منه والا فتعوذاته كانت من امور كثيرة جمعها اهل العلم ومن احسن من جمع تعوذات النبي صلى الله عليه وسلم الامام النسائي رحمه الله تعالى في كتابه السنن حيث عقد فيه كتابا بعنوان الاستعاذة جمع فيه جمعا طيبا ومباركا لتعوذات النبي صلى الله عليه وسلم ومن الحسن والمفيد للمسلم وطالب العلم ان يقف على تلك التعوذات الثابتة المأثورة عنه صلى الله عليه وسلم ليكون في حياته متعوذا مما تعوذ منه الرسول صلى الله عليه وسلم والتعوذ التجاء الى الله سبحانه وتعالى واعتصام به بان يحمي العبد وان يقيه مما استعاذ منه مما استعاذ منه بان ينجيه منه وان يخلصه منه وان يقيه شره وان يحفظه منه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ يقول اللهم اني اعوذ بك من الكسل قوله اللهم تأتي كثيرا في دعواته صلوات الله وسلامه عليه ومعناها يا الله حذف من اولها ياء النداء وعوض عن ياء النداء بالميم الساكنة في اخرها فاللهم اصلها يا الله حذف من اولها ياء النداء وعوض عنه ميما ساكنة في اخره ولهذا لا يجمع بين العوظ والمعوظ فلا يقال يا اللهم وانما يقال يا الله او تحذف ياء النداء ويعوض عنها بالميم فيقال اللهم فقولنا اللهم اي يا الله وهو نداء يتوجه العبد الى الله سبحانه وتعالى مناديا بهذا الاسم العظيم الجليل الله الذي معناه اي ذو الالوهية والعبودية على خلقه اجمعين قال اللهم اني اعوذ بك من الكسل اعودوا اي التجأ واعتصم بك اي يا الله من الكسل والكسل هو فتور الهمة وتراخي العزيمة وتواني العبد عن القيام بما فيه مصلحة له في دنياه واخراه ويأتي في بعض الاحاديث جمعه عليه الصلاة والسلام في تعوده بين العجز والكسل يقول اللهم اني اعوذ بك من العجز ومن الكسل وكل منهما ترك للعمل كل منهما ترك للعمل وترك لما يفيد العبد لكن العجز ترك للشيء لعدم القدرة عليه والكسل ترك للشيء لعدم ارادته فتور الهمة والارادة فهذا هو الفرق بين العجز والكسل العجز ترك لعدم القدرة والكسل ترك لعدم الارادة ارادة الانسان فاترة وعزيمتهم متوانية عنده قدرة على فعل الشيء ليس عاجزا عن فعله ولكن همته وارادته فاترة فهذا يسمى كسول والاول يسمى عاجز من لا قدرة له على الشيء يسمى عاجزا ومن عنده القدرة على الشيء فلا يفعله يسمى كسولا وكان عليه الصلاة والسلام يتعوذ من الامرين يتعوذ من العجز ويتعوذ من من الكسل وكل منهما وجودة يحرم الانسان من العمل يحرم الانسان من العمل ويحول بينه وبين فعله فكان عليه الصلاة والسلام يتعوذ منهما من عجز يحرم الانسان من العمل او من كسل وفتور يحرمه منه قال واعوذ بك من الجبن وضم هنا في اخر الدعاء الى الجبن البخل فتعوذ عليه الصلاة والسلام من الجبن والبخل ويأتي في بعض الاحاديث ذكرهما مكترنين كالعجز والكسل يقول اللهم اني اعوذ بك من العجز ومن الكسل واعوذ بك من الجبن ومن البخل وكل من الجبن والبخل ترك للاحسان والنفع ترك للاحسان الى الناس ونفعهم فاذا كان ترك الاحسان اليهم ونفعهم بالمال اي يشح عليهم بماله فلا يحسن اليهم بماله فهذا يسمى بخلا واذا كان لا يحسن اليهم ببدنه يشح ببدنه فلا يحسن الى اليهم بالبدن فهذا يسمى جبنا فالجبان من يترك الاحسان ببدنه والبخيل من يترك الاحسان بماله من يترك الاحسان بماله وقد تعود عليه الصلاة والسلام من هذين الامرين مقترنين لانهما يحرمان العبد من الاحسان وبذل الخير فالجبن يحرمه من الاحسان ببدنه والبخل يحرمه من الاحسان بماله قال واعوذ بك من الهرم والهرم هو الكبر عندما يرد الانسان بسبب طول عمره وامتداد حياته الى ارذل العمر فيهرم جسمه ويؤول الى الضعف وتضعف قواه ويشيب شعر شعر بدنه ويضعف سمعه وبصره وتضعف احاسيسه ويضعف عقله وربما ذهب عقله بسبب كبر سنه فلا يعي شيئا ولا يعرف شيئا ولا يعقل شيئا وكلما كان يعرفه يصبح لا يعرف منه شيئا لكي لا يعلم من بعد علم شيئا فكان عليه الصلاة والسلام يتعوذ بالله من الهرم يتعوذ بالله من الهرم وفي بعض الاحاديث جاء هذا التعوذ بصيغة اعوذ بك ان ارد الى ارذل العمر ان ارد الى ارذل العمر بحيث يصبح البدن في وهن تام فلا يستطيع خدمة نفسه ولا يستطيع القيام بالعبادة وليس عنده حواس يستفيد منها فكان عليه الصلاة والسلام يتعوذ بالله من ذلك وهذا يتضمن سؤال الله تبارك وتعالى التمتيع بالحواس والقوى الى ان يموت العبد تعوذ الانسان من الهرم او كذلك في بعض الالفاظ وسوء الكبر او في بعض الالفاظ ان ارد الى ارذل العمر فهذا تعوذ بالله سبحانه وتعالى من ان تؤول حال الانسان الى ذلك وهذا يتضمن سؤال الله تبارك وتعالى ان يمتع الانسان في حواسه ومن الدعاء المأثور ومتعنا اللهم باسماعنا وابصارنا وقواتنا ما احييتنا واجعله الوارث منا اي اجعل التنفيع بهذه الحواس الوارثة منا بحيث نبقى ممتعين بحواسنا وقوانا الى ان نموت فالتعوذ بالله سبحانه وتعالى من الهرم يتضمن سؤاله تبارك وتعالى التمتيع بالحواس والقوى ونسأل الله عز وجل لنا اجمعين ان يمتعنا باسماعنا وابصارنا وقواتنا وان يجعل ذلك الوارث منا ونعوذ به تبارك وتعالى من العجز ومن الكسل ومن الجبن ومن البخل ونعوذ به تبارك وتعالى من الهرم وسوء كبر نعم قال حدثنا خليفة ابن خياط قال حدثنا كثير ابن هشام قال حدثنا جعفر عن يزيد ابن الاصم عن ابي ابي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه قال قال الله وعز وجل انا عند ظن عبدي وانا معه اذا دعاني ثم اورد رحمه الله تعالى هذا الحديث عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل وما يأتي فيه من الاحاديث قال الله عز وجل يقال عنه حديث قدسي ويقال عنه حديث الهي لان الكلام فيه كلام الله عز وجل يقول النبي صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل انا عند ظن عبدي بي عن ابي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله قال الله عز وجل انا عن ابي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال الله عز وجل انا عند ظن عبدي بي وانا معه اذا دعاني فهذا الحديث القدسي العظيم المبارك يدل دلالة ظاهرة على عظيم من الله عز وجل وكريم فضله وسعة رحمته وعظيم منه وعطائه سبحانه وتعالى وانه عز وجل من عظيم منه بعباده وعظيم احسانه وفضله وجوده وكرمه سبحانه انه عند ظن عبده به جاء في بعض الاحاديث قال فليظن بي ما شاء وجاء في بعض الروايات ان خيرا فخير وان شرا فشر فمن ظن بربه خيرا وحصل ونال خيرا ومن ظن خلاف ذلك والعياذ بالله فلا يلومن الا نفسه وضوء وسوء ظنه بالله رب العالمين ولهذا وجب على كل مسلم ان يكون دائما وابدا في حياته كلها حسن الظن بالله حسن الظن بالله تبارك وتعالى يرجو رحمته يرجو قبول عمله يرجو اقالة عثرته يرجو قبول طاعته يرجو اجابة دعوته يرجو رفعة درجاته ومنازله عند الله تبارك وتعالى فيكون في احواله كلها وشؤونه جميعها حسن الظن بالله اذا وقع في زلة او ذنب عظيما كان او او صغيرا فانه يحسن الظن بالله ويكون واثقا بانه تبارك وتعالى يقيل العثرة ويقبل التوبة ويتجاوز عن السيئات مهما عظمت قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم في باب العبادة يكون حسن الظن بالله فيكون مقبلا على الله عز وجل حسن الطاعة له حسن الاقبال عليه جل وعلا حسن الاداء للعبادة له جل وعز بما شرع سبحانه وتعالى وهكذا يكون متقلبا في اعماله كلها وشؤونه جميعها من هذا المنطلق والاساس العظيم الا وهو حسن الظن بالله عز وجل وحسن الظن بالله لا يكون الا مصاحبا للخير وفعله والبعد عن الضلال واهله ولهذا كلما بعد العبد عن الخير سواء اخلاصا لله في العبادة او بعدا عن المعاصي والاثام كلما حسنت حال العبد حسن ظنه بالله عز وجل وكلما ساءت حاله وعظم بعده عن الله ساء ظنه بالله وهذه لطيفة عظيمة في هذا الباب نبه عليها اهل العلم وغفل عنها كثير من الناس حسن الظن بالله جل وعلا رديف للطاعة وملازم لها فكلما قويت الطاعة في العبد وعظمت ملازمته لها وعظم بعده عن المعاصي والاثام زاد حسن ظنه بالله عز وجل وكلما كان والعياذ بالله مسفا مغرقا في المعاصي والاثام بعيدا عن طاعة الله سبحانه وتعالى والتقرب اليه يعظم فيه وحاله هذه سوء الظن بالله فحسن الظن بالله رديف الطاعة وقرينها وسوء الظن بالله عز وجل رديف المعصية وقرينها ولهذا وصف الله عز وجل المشركين والمنافقين وغيرهم من اهل الباطل بانهم الظانين بالله ظن السوء ظنهم بالله تبارك وتعالى سيء وهذا الظن السيء بالله رب العالمين بالرحمن الرحيم بالجواد الكريم بالمحسن العظيم بالغفور الرحيم هذا الظن السيء منهم برب العالمين سببه سوء اعمالهم وفساد احوالهم ولهذا اذا فسدت حال الانسان وساء عمله ساء ظنه واذا قوي عمله وصحت طاعته واستقامت حاله فان ظنه بالله تبارك وتعالى يحسن ولهذا حسن الظن بالله يزيد بزيادة صلاح الاعمال واستقامة الحال وحسن الاقبال على الله تبارك وتعالى ولهذا ينبغي ان يفهم قوله جل وعلا انا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء ان خيرا فخير وان شرا فشر ينبغي ان يفهم التلازم الذي بين حسن الظن وحسن العمل وبين سوء الظن وسوء العمل بمعنى ان العمل كلما حسن حسن الظن بالله تبارك وتعالى وكلما ساء العمل ساء الظن بالله تبارك وتعالى واذا وقع الانسان والعياذ بالله في الشرك بالله او في النفاق او في غيرهما من المكفرات الناقلات من ملة الاسلام فانه حينئذ يكون من اسوأ الناس ظنا بالله رب العالمين فحسن الظن بالله ملازم للتوحيد والاخلاص وملازم للطاعة والتقرب الى الله تبارك وتعالى ولهذا يمتنع وجودا حسن ظن بالله تبارك وتعالى مع شرك بالله وكفر به يمتنع وجودا حسن ظن بالله مع شرك بالله جل وعلا وكفر به وعدم اخلاص له تبارك وتعالى في الطاعة والعبادة ولهذا كل مشرك سيء الظن بالله وليس في المشركين من هو حسن الظن بالله اذ كيف يكون حسن الظن بالله وهو لا يتوجه في ضروراته وحاجاته وطلباته الا لغيره ولا يلتجئ الا لغيره ولا يصرف العباد الا لغيره. اين حسن ظنه بالله وقد جعل طاعاته وعباداته والتجائات الى غير الى غير الله تبارك وتعالى ولهذا يمتنع وجودا حسن ظن بالله مع وجود الشرك والكفر بالله سبحانه وتعالى اما اذا كان الانسان على المعصية فان حسن ظنه بالله يضعف بسبب المعاصي التي يرتكبها والاثام التي يفعلها ولهذا من اراد لنفسه حسن ظن بالله تبارك وتعالى على وجهه الاتم وعلى مقامه الاعلى والارفع فليواظب على طاعة الله عز وجل مخلصا له تبارك وتعالى متبعا لرسوله صلوات الله وسلامه عليه قال انا عند ظن عبدي بي وانا معه اذا دعاني وانا معه اذا دعاني وفي بعض الالفاظ وانا معه اذا ذكرني والله سبحانه وتعالى مع من دعاه ومع من ذكره ومع من عبده ومع من شكره ومع من استغفر ومع من تاب اليه مع هؤلاء كلهم مع الشاكر قبولا لشكره وحفظا له وتأييدا ومع الداعي بسماع دعائه واجابة نداءه واعطائه ما سأل وهو تبارك وتعالى مع المستغفر بسماع استغفاره وقبول وقبوله وغفران ذنوبه مع هؤلاء كلهم معية خاصة تقتضي الحفظ والتأييد والنصر والعون وقبول الدعاء وقبول العمل والاثابة والجزاء كل ذلك من المعاني التي تقتضيها هذه المعية قال انا مع وانا معه اذا دعاني وهذه معية خاصة وهو تبارك وتعالى مع الخلق كلهم معية عامة يدل يدل عليها قول الله سبحانه وتعالى الا هو معهم اينما كانوا الا هو معهم اينما كانوا. هذه معية عامة وهو معكم اينما كنتم هذه معية عامة وهي تدل على الاحاطة والاطلاع وانه تبارك وتعالى لا يخفى عليه شيء فهي معية العلم ولهذا فان الايات الكريمات التي جاء فيها ذكر هذه المعية اعني المعية العامة كانت كل كانت كلها في سياق ذكر احاطة علم الله كقوله سبحانه وتعالى ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم ولا خمسة الا هو سادسهم ولادنى من ذلك ولا اكثر الا هو معهم اينما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة ان الله بكل شيء عليم وقال الله تبارك وتعالى وهو الذي خلق السماوات والارض في ستة ايام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الارض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم اينما كنتم والله بما تعملون بصير فهذه معية عامة وقد بدأ سبحانه وتعالى هذا السياق بالعلم وختمه بالعلم فدل ذلك على ان المراد بالمعية هنا العلم معهم اي بعلمه واطلاعه سبحانه وتعالى باجماع ائمة السلف باجماع ائمة السلف ومن يستدل بهذه الاية من اهل الضلال والباطل من يستدل بقوله وهو معكم اينما كنتم وقوله الا هو معهم اينما كانوا من يستدل بها على ان الله مع خلقه بذاته في كل مكان فهو ضال مبطل في غاية الضلال ومنتهاه ولهذا لما رد اهل العلم كالامام احمد وغيره من ائمة السلف على هؤلاء المبطلة في استدلالهم بمثل هذه الايات قالوا لهم اقرأوا الاية كاملة لان الله سبحانه وتعالى بدأ الخبر بالعلم وختمه بالعلم لكن هؤلاء المبطلة اتوا الى وسط الاية وجردوها عن اولها واخرها وقالوا وهو معهم اينما كانوا اي بذاته وان الله بكل مكان بذاته وهذا كلام باطل لا يقوله من من عرف القرآن ولا يقوله من عرف سنة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام لان دلائل اثبات علو الله في الكتاب والسنة ليست بالعشرات ولا بالمئات بل هي بالالاف كما قال ابن القيم رحمه الله والله قال يا قومنا والله ان لقولنا الفا تدل عليه بل الفان اي من الدلائل وافراد النصوص الدالة على علو الله تبارك وتعالى على خلقه اجمعين ولهذا يجب ان تفهم هذه الايات على وجهها الصحيح بعيدا عن تحريفات المبطلين واراء المضلين الذين يحرفون الكلمة عن مواضعه ويفهمونه على غير على غير مراده وعلى غير بابه وقول ربنا عز وجل في هذا الحديث القدسي وانا مع وانا معه اذا دعاني هذه معية خاصة تختلف عن المعية العامة التي تشمل العبادة كلهم معية خاصة تقتضي اجابة الدعاء وتحقيق الرجاء والحفظ والعون والتأييد الى غير ذلك من المعاني العظيمة وختم الامام البخاري رحمه الله لباب رفع الايدي بالدعاء بهذا الحديث العظيم المبارك فيه تنبيه للداعي الذي مد يديه الى الله سبحانه وتعالى يدعوه ويرجوه ويطمع في نواله سبحانه وتعالى ان تكون حاله مع الله كذا ان تكون حاله مع الله كما جاء في الحديث حسن الظن بالله راجيا طامعا فيما عند الله سبحانه وتعالى كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام ادعوا الله وانتم موقنون بالاجابة فيكون حسن الظن بالله بان يجيب دعاءه ويسمع نداءه ويقبل عبادته وطاعته ويغفر زلته وعثرته الى غير ذلك من المعاني التي يقتضيها حسن ظن العبد بربه تبارك وتعالى وانا لنسأل الله عز وجل باسمائه الحسنى وصفاته العلا ان يجعلنا اجمعين من اهل حسن الظن به. جل وعلا وان يوفقنا لكل خير يحبه ويرضاه نعم قال رحمه الله تعالى باب سيد الاستغفار قال حدثنا مسدد قال حدثنا يزيد ابن زريع قال حدثنا حسين قال حدثنا عبد الله ابن بريدة عن بشير ابن كعب عن شداد ابن اوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه قال سيد الاستغفار اللهم انت ربي لا اله الا انت خلقتني وانا عبدك وانا على عهدك ووعدك ما استطعت ابوء لك بنعمتك وابوء لك بذنبي فاغفر لي فانه لا يغفر الذنوب الا انت اعوذ بك من شر ما صنعت اذا قال حين يمسي فمات دخل الجنة او كان من اهل الجنة. واذا قال حين يصبح فمات من يومه مثله ثم عقد الامام البخاري رحمه الله تعالى هذه الترجمة باب سيد الاستغفار وهذه الترجمة عقدها رحمه الله تعالى ليبين من خلالها فضل الاستغفار عموما وعظيم مكانته في الدين وعظيم ثواب الله تبارك وتعالى للمستغفرين وما جاء في النصوص من الحث على الاستغفار والاكثار منه وعقد هذه الترجمة بعنوانه سيد الاستغفار لانه اورد فيها افضل صيغ الاستغفار الثابتة في السنة لان الاستغفار الثابت في سنة النبي عليه الصلاة والسلام جاء بصيغ كثيرة مثل استغفر الله ومثل ربي اغفر لي وتب علي انك انت التواب الغفور ومثل اللهم اغفر لي ما قدمت وما اخرت وما اسررت وما اعلنت وما اسرفت ومثل اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله اوله واخره سره وعلنه الى غير ذلك من الصيغ الثابتة عن نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه الا ان اكمل صيغ الاستغفار واعظمها شأنا هذه الصيغة العظيمة المباركة التي نعتها نبينا عليه الصلاة والسلام ووصفها بانها سيد الاستغفار بانها سيد الاستغفار والسيد هو المقدم على غيره لرفعة شأنه وعلو مكانته ورفيع منزلته وهذا الدعاء سمي سيد الاستغفار لانه ارفع لانه ارفع صيغ الاستغفار شأنا واعلاها مكانة وافضلها فهو افضل صيغة في الاستغفار اثرت وجاءت في في سنة نبينا صلى الله عليه وسلم ولاجل ذلك نعته عليه الصلاة والسلام بانه سيد الاستغفار اي المقدم والافضل والاخير والاولى اورد رحمه الله من حديث شداد ابن اوس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال سيد الاستغفار اللهم انت ربي لا اله الا انت خلقتني وانا عبدك الى اخره هذه الصيغة الكاملة في الاستغفار التي نعتها نبينا عليه الصلاة والسلام بهذا النعت العظيم نعتت بذلك لانها جمعت امورا عظيمة في الاستغفار حيث بدأ هذا الاستغفار بالتوحيد والاخلاص لله تبارك وتعالى بنوعي التوحيد العلمي منه والعملي وايضا بالوفاء بالعهد والالتزام بالوعد والقيام بالطاعة ما استطاع العبد وايضا الاعتراف بالذنب والاقرار به والاعتراف بالخطأ والاقرار لله سبحانه وتعالى بالفضل والنعمة والعطاء. ثم بعد ذلك التعوذ به سبحانه وتعالى من شر ما صنع العبد فكل ذلك فيه كمال الذل وكمال الانكسار من العبد وفيه ايضا توحيد الله عز وجل واخلاص الدين له ثم يأتي في خاتمة ذلك سؤال الله تبارك وتعالى مغفرة الذنوب فهي صيغة كاملة في الاستغفار بدأها عليه الصلاة والسلام بقوله اللهم انت ربي لا اله الا انت وقوله انت ربي لا اله الا انت جمع بين نوعي التوحيد التوحيد العلمي والتوحيد العملي لان التوحيد الذي خلقنا الله سبحانه وتعالى لاجله نوعان علمي وعملي العلمي اقرار العبد بربوبية الله واسمائه تبارك وتعالى وصفاته والعمل قيام العبد بالعبادة واخلاص الدين لله تبارك وتعالى والبعد عن الشرك ولهذين ولهذين النوعين من التوحيد خلقنا قال الله عز وجل في النوع الاول الله الذي خلق سبع سماوات ومن الارض مثلهن يتنزل الامر بينهن لتعلموا ان الله على كل شيء قدير وان الله قد احاط بكل شيء علما فتأمل هنا قال خنقا لاجل ماذا لتعلموا فهو توحيد علمي خلقنا لاجله خلق لتعلموا لتعلموا ان الله على كل شيء قدير وان الله قد احاط بكل شيء علما فهذا يسمى التوحيد العلمي لان الذي يطلب فيه من العبد اقرار وعلم وايمان والنوع الثاني قال الله سبحانه وتعالى فيه وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون هنا قال خلق لتعبدوا للعبادة التوحيد الذي خلقنا لاجله نوعان علمي وعملي وهنا في قوله انت ربي لا اله الا انت جمع بينهما فقوله انت ربي هذا التوحيد العلمي اقرار العبد بان ربه هو الله والرب هو المالك الخالق المدبر الرازق المتصرف الذي بيده ازمة الامور فهذا اقرار من العبد وتوحيد في قوله انت ربي اقرار بربوبية الله عز وجل وبكل معاني الربوبية من الملك والخلق والرزق وغير ذلك وقوله لا اله الا انت هذا التوحيد العملي اي لا معبود بحق سواك انت المعبود بحق ولا معبود بحق سواك اخصك بالطاعة وافردك بالعبادة ولا اتخذ معك شريكا. هذا معنى قولنا لا اله الا انت وقوله عليه الصلاة والسلام انت ربي لا اله الا انت في اشارة الى التلازم بين التوحيدين وان من اقر بان ربه وخالقه ورازقه ومالكه هو الله يجب عليه الا يجعل معه شريكا في العبادة وان يفرده وحده تبارك وتعالى بالطاعة ولهذا قال وانا ربكم فاعبدون وقال فلا تجعلوا لله اندادا وانتم تعلمون وقال يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم فالذي يقر بان ربه وخالقه ورازقه ومالكه هو الله جل وعلا يجب عليه ان يفرده وحده بالعبادة فلا يجعل معه شريكا ولا يتخذ من دونه ندا قال انت ربي لا اله الا انت ولما كان هذا المقام اعظم المقامات واجلها على الاطلاق اكده فقال خلقتني وانا عبدك خلقتني وانا عبدك خلقتني هذا متعلق بقوله انت ربي متعلق بقوله انت ربي انت ربي اي الذي لك الملك ولك الخلق ولك الرزق والاحياء والاماتة وانا مخلوق من مخلوقاتك خلقتني اوجدتني من العدم فانت ربي الذي خلقتني ليس لي خالق سواك هل من خالق غير الله يرزقكم فالله عز وجل ليس له شريك في الخلق وهذا اقرار من العبد بذلك. يقول انت ربي ثم بعد ذلك يقول خلقتني. اي تفرطت في خلقي. تفرطت في خلقي واذا ايقن العبد وامن بان الله سبحانه وتعالى تفرد بالربوبية وتفرد بخلقه وايجاده من العدم فان هذا يستوجب ان يخصه وحده بالطاعة ولهذا قال وانا عبدك خلقتني وانا عبدك وانا عبدك اي وانا عابد لك وانا عبدك اي وانا معبد لك لان عبد تطلق ويراد بها المعبد المذلل وتطلق ويراد بها العابد تطلق ويراد بها العابد والاقرب لهذا السياق ان المراد بقوله وانا عبدك اي وانا عابد لك فهو تحقيق منه اي من القائل لهذا الاستغفار لقوله لا اله الا الله لقوله لا اله الا الله لان مقتضى قولك انت ربي ان تقر بانه وحده الذي خلقك واوجدك من العدم ومقتضى قولك لا اله الا انت ان تخصه وحده تبارك وتعالى بالعبادة ولهذا قال خلقتني وانا عبدك خلقتني متعلق بقولي انت ربي وانا عبدك متعلق بقوله لا اله الا انت فقائل لا اله الا الله لا يعبد الا الله. ولهذا قال المستغفر هنا وانا عبدك اي اخصك وحدك بالعبادة ولا اعبد سواك قال وانا عبدك وانا على عهدك ووعدك ما استطعت اي وانا على ما عاهدتك عليه يا الله من اخلاص الدين لك والقيام بطاعتك وما وعدتك عليه من امتثال امرك والخضوع لشرعك ما استطعت وهذا فيه ان الاوامر يؤتى منها ما استطاعه العبد ما نهيتكم عنه فانتهوا وما امرتكم به فاتوا منه ما استطعتم فهنا قال ما استطعت وهذا فيه ايضا ان الله عز وجل لا يكلف نفسا الا وسعها وما جعل في الدين من حرج تبارك وتعالى قال وانا على عهدك بوعدك ما استطعت اي انا على ما عاهدتك عليه ووعدتك به من اخلاص الدين لك والقيام بطاعتك وامتثال امرك والخضوع لشرعك والبعد عن نهيك انا ممتثل لذلك كله قال ما استطعت والعبد بينه وبين الله عهد ان يلزم طاعة ربه جل وعلا ولهذا قال العلماء في قول المصلي اياك نعبد واياك نستعين عهد من العبد يعاهد الله على انه يعبده ولا يعبد غيره ويستعين به تبارك وتعالى ولا يستعين بغيره فهذا عهد من العبد يعاهد الله عليه بان يلتزم به وان يقوم به ووعد من العبد لربه سبحانه وتعالى ان يلتزم بذلك وفي سيد الاستغفار يستحضر المستغفر هذا المعنى يقول وانا على عهدك ووعدك ما استطعت ابوء بنعمتك ابوء بنعمتك علي في بعض الروايات اي اعترف معنى ابوه ايعترف واقر بنعمتك علي ونعمة هنا مفرد مضاف والقاعدة ان المفرد اذا اظيف يعم فمعنى قوله بنعمتك علي اي بكل نعمة انعمت بها علي اقر بانها نعمتك وان الفضل فظلك وان العطاء عطاؤك وهذا فيه سلامة من حال من قال الله عنهم يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها اي بنسبتها الى غيره تبارك وتعالى ابوء لك بنعمتك علي اي اقر لك بنعمتك وهذا الاقرار والاعتراف يشمل كل النعم يدخل تحت قولك ابوء بنعمتك علي يدخل نعمة الاسلام ونعمة الصحة ونعمة السمع ونعمة البصر ونعمة الولد ونعمة العافية ونعمة المال وكل النعم كلها داخلة تحت قولك ابوء بنعمتك علي ايعترفوا واقر بان كل نعمة وصلت الي فهي منك كما قال الله تعالى وما بكم من نعمة فمن الله كما قال الله تعالى وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها وقوله وابوء بذنبي اي اقر بذنبي والذنب هنا مفرد مضاف فيعم ايضا ومعنى قولك وابوء بذنبي اي ذنوبي كلها ابوء بذنبي ايعترف بذنوبي واقر باني مذنب واني عبد خاطئ مقصر عندي ذنوب كثيرة واثام عديدة واخطاء متعددة ابوء بذنبي اعترف بذنبي واهل العلم يقولون الاعتراف بالذنب والاقرار به بوابة بوابة التوبة الاقرار بالذنب والاعتراف به بوابة التوبة اذا اعترف الانسان بخطئه واقر بذنبه واقر بانه مذنب مقصر واحس بذلك فان هذا الاقرار وهذا الاحساس وهذا الاعتراف بوابة للتوبة اما والعياذ بالله من كان يذنب ولا يحس انه يذنب ويخطئ ولا يشعر بخطئه ولا يعترف بذنوبه ويكابر بانه غير مخطئ مع نفسه او مع الناس فهذا بعيد عن التوبة ولهذا جاء في الحديث ان الله احتجز التوبة على كل صاحب بدعة لماذا يا اخوان قال ان الله احتجز التوبة على كل صاحب بدعة. لان صاحب البدعة لا يقر انه مذنب لان صاحب البدعة لا يقر انه مذنب ولا يعترف بالذنب واذا قيل له انت مخطئ يغضب ويقول ابدا انت المخطئ لا يقر ولا يعترف ولهذا الاعتراف بالخطأ بوابة التوبة وبوابة الانابة والعبد على خير ما دام مقرا بذنبه معترفا به. ولهذا جعل قوله ابوء لك بذنبي توطئة وتمهيدا بين يدي طلب الغفران وهذا فيه ان اقرار العبد بذنوبه يعد وسيلة مباركة لطلب غفرانها لطلب غفرانها من الله ان يعترف بها وان يقر ولهذا قال العلماء يستحب كما دلت على ذلك السنة الصحيحة يستحب في مقام الاستغفار ان ينوع الانسان فيما يعم الذنوب كلها وما يتضمن الاقرار بها جميعها المتقدمة منها والمتأخر السر منها والمعلن الخفية منها والظاهر ولهذا يستحب في مقام الاستغفار التنويع لو قلت في استغفارك اللهم اغفر لي ذنبي كله لشمل ماذا لشمل ذنوبك كلها القديم منها والحديث الظاهر والمعلن لكن يستحب لك ان تفصل حتى تستحضر تقصيرك وذنوبك واخطاءك ولهذا مر معنا في استغفاره عليه الصلاة والسلام اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله اوله واخره سره وعلنه. لو قال المستغفر اللهم اغفر لي ذنبي كله لشمل السر والعلن والدقة القديم هو الحديث. لكن يسن اه تنويع الصيغ حتى يستحضر العبد الذنوب ويستحضر التقصير ويطلب غفران ذلك كله مثله تماما اللهم اغفر لي ما قدمت وما اخرت وما اسررت وما اعلنت وما اسرفت وما انت اعلم به مني هذا كله التفصيل والتنويع حتى يستحضر العبد ذنوبه كلها القديمة منها والحديث السر منها والمعلن الخفية منها والجلي الكثير منها والقليل يستحضر ذلك كله ويطلب في ويطلب في ذلك كله غفران الله سبحانه وتعالى قال وابوء بذنبي ايعترف بذنبي. والمراد هنا بقوله بذنبي اي ذنوبي كلها الخفي منها والمعلن القديم منها والحديث كل ذنب وقع مني اعترف به واقر فهذا فيه اتيان العبد اتيان العبد مقرا بذنوبه معترفا باخطائه ويجعل ذلك وسيلة بين يدي طلب الغفران قال وابوء بذنبي فاغفر لي ما سبق قبل قوله فاغفر لي كله توسلات ما سبق قبل قوله فاغفر لي كله توسلات المطلوب في هذا الدعاء بتمامه هو قوله فاغفر لي هذا هو المطلوب وما سبق كلها توسلات وهذا تستفيد منه فائدة عظيمة وجليلة ان لغفران الذنوب وسائل لا بد منها واعظم هذه الوسائل التوحيد وانتبه لهذا اعظم الوسائل لغفران الذنوب التوحيد ومن لم يكن عنده توحيد لا مطمع له في مغفرة الذنوب اذا لقي الله عز وجل على غير التوحيد ولهذا قال الله عز وجل بالحديث القدسي في شأن الموحدين قال يا ابن ادم انك لو اتيتني بقراب الارض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لاتيتك بقرابها مغفرة وهذا فيه ان التوحيد اعظم اسباب غفران الذنوب ومن يأتي يوم القيامة غير موحد لا مطمع له في غفران ذنوبه قال الله عز وجل ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ولهذا جاء بالتوحيد وبدأ به في سيد الاستغفار بدأ به قال اللهم انت ربي لا اله الا انت خلقتني وانا عبدك وهذا فيه تنبيه تنبيه عظيم على ان التوحيد هو اساس الغفران وان من لا توحيد عنده لا مطمع له في مغفرة الله كما قال الله عز وجل في اية اخرى والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور فهذه فائدة عظيمة القدر تستفاد من هذا الحديث وايضا من فوائد هذا الحديث ان النبي عليه الصلاة والسلام جمع فيه بين التوحيد وبين الاستغفار جمع فيه بين التوحيد وبين الاستغفار واتى الجمع بينهما في احاديث كثيرة مثل قوله عليه الصلاة والسلام في استغفاره استغفروا الله الذي لا اله الا هو الحي القيوم واتوب اليه وايضا في دعاء ذي النون قال لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين جمع بين التوحيد والاستغفار وجاء في احاديث كثيرة الجمع بينهما فالتوحيد هو الاساس لغفران الذنوب ومن لا توحيد له لا مطمع له في مغفرة الله سبحانه وتعالى والاستغفار هو الذي تقال به العثرات وتكفر به السيئات وترتفع به الدرجات وتنال ايضا به الخيرات والبركات في الدنيا والاخرة قال الله تعالى فقلت استغفروا ربكم انه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم باموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم انهارا فالاستغفار من اعظم ما تنال به بركات الدنيا وبركات الاخرة وقد جاء مرة رجل للحسن البصري يشكو جفاف بستانه فقال له استغفر الله وجاءه اخر يشكو قحط الديار وقلة الامطار فقال له استغفر الله وجاءه ثالث يشكو عدم الانجاب قال له استغفر الله فقال له احد جلسائه كل ما جاءك رجل في امر قلت استغفر الله قال لم ازد على القرآن وتلا قول الله تعالى فقلت استغفروا ربكم انه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم باموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم انهارا قال فاغفر لي اي ذنوبي كلها دقها وجلها اولها واخرها سرها وعلنها فانه لا يغفر الذنوب الا انت وهذا مثل قوله تعالى ومن يغفر الذنوب الا الله فهذا ايضا وسيلة الى الله يتوسل به العبد الى الله سبحانه وتعالى في طلب الغفران قال فانه لا يغفر الذنوب الا انت فالذي يغفر السيئات ويعفو عن الذنوب ويتوب على التائبين هو الله سبحانه وتعالى هو الله جل وعلا ولهذا قال العبد متوسلا الى الله فانه لا يغفر الذنوب الا انت. غفران الذنوب الى الله سبحانه وتعالى ليس لاحد غيره قال فاغفر لي فانه لا يغفر الذنوب الا انت قال اعوذ بك من شر ما صنعت اعوذ بك من شر ما صنعت. هذه الجملة عندكم هكذا هذه الجملة جاءت هنا متأخرة لكنها عند المصنف رحمه الله في الصحيح موضعها متقدم عند قوله خلقتني وانا عبدك وانا على عهدك ووعدك ما استطعت اعوذ بك من شر ما صنعت ابوء لك بنعمتك علي فهذا هو موضعها وليس هنا فموضعها وانا على عهدك ووعدك ما استطعت اعوذ بك من شر ما صنعت ابوء لك بنعمتك علي فتأخيرها هنا يكون وهما من بعض الرواة والا مكانها هو هذا كما هو عند المصنف المحفوظ هو ذاك قال اعوذ بك من شر ما صنعت وهذا فيه استعاذة العبد بالله تبارك وتعالى من شر ما صنع اي من الاثام والاخطاء والذنوب والتقصير ونحو ذلك ثم ختم النبي عليه الصلاة والسلام هذا الاستغفار وهذه الصيغة المباركة بقوله اذا قال اذا قال حين يمسي اي اذا قال ذلك حين يمسي فمات دخل الجنة اذا اذا قال ذلك حين يمسي فمات دخل الجنة وسيأتي في في اللفظ الاخر عند المصنف موقنا بها موقنا بها قال اذا قال ذلك آآ في اللفظ الاخر قال من قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه دخل قبل ان يمسي فهو من اهل الجنة ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل ان يصبح فهو من اهل الجنة وهذا فيه ان هذا الاستغفار وهذه الصيغة المباركة يستحب للمسلم ان يقولها كل يوم مرة في الصباح ومرة في المساء يقولها مرة في الصباح ومرة في المساء فاذا قالها في الصباح موقنا بها وسيأتي حديث عن معنى اليقين اذا قالها في الصباح موقنا بها ومات قبل ان يمسي فهو من اهل الجنة واذا قالها في المساء موقنا بها ومات قبل ان يصبح فهو من اهل الجنة وهذا يستفاد منه فائدة عظيمة ان المسلم يستحب له ان يواظب عليها مواظبة مستمرة دائمة كل يوم مرة في الصباح ومرة في المساء ولهذا اقول من كان من الاخوة مواظبا على هذا الاستغفار فليحمد الله عز وجل على هذه المواظبة وليزد واصل في هذه المواظبة ومن كان من الاخوة لا يعرفه او متهاونا به او غير مواظب عليه فليبدأ من اليوم ليبدأ من هذا اليوم المبارك الطيب بالاستغفار من مساء هذا اليوم يبدأ وغدا في الصباح وهكذا يستمر واذا كان لا يحفظه يطلب من بعض طلاب العلم الموجودين ان يحفظه هذا الدعاء ويبدأ يواظب عليه يبدأ يواظب عليه يبدأ من هذا المساء لا يؤخر لا يقول غدا ابدأ من الصباح بل يبدأ من هذا المساء اذا كان لا يحفظ يقرأه اه اه يلقنه من من يحفظه او يقرأه عليه من من الكتاب او يقرأه من الكتاب ويبقى معه مكتوب في ورقة يوم يومين ثلاثة الى ان يحفظه ويواظب عليه مرة في الصباح ومرة في المساء اذا قاله في الصباح ومات قبل ان يمسي فهو من اهل الجنة واذا قاله في المساء قبل ان يصبح فمات فهو من اهل الجنة وهنا امر لا بد منه ولابد من العناية به وهو قول نبينا عليه الصلاة والسلام موقنا بها وهي لفظة جاءت عنه او ثبتت عنه في في في الحديث في السياق الاخر قال من قالها من النهار موقنا بها وهنا لابد من اليقين وهذا فيه تنبيه الى انه لا يكفي ان يأتي المسلم بالفاظ هذه الكلمات مجردة ان يأتي بالالفاظ مجردة بل لا بد من فهم المعاني والمدلولات واليقين بما دلت عليه ولهذا اليقين يرتبط بالمعنى واذا كان الانسان يجهل المعنى اين اليقين ولهذا قال العلماء اليقين تمام العلم وكماله اليقين تمام العلم وكماله ولهذا يستحضر الانسان هذه المعاني وهذه الدلالات لهذه الكلمات العظيمة ويكرره كل مساء وصباح وهو على اليقين وهو على اليقين والمراد باليقين انتفاء الشك والريب والمراد باليقين اي باليقين اليقين بهذه المعاني العظيمة الجليلة التي تظمنها فهذا الدعاء وهذه الصيغة المباركة من الاستغفار قال اللهم انت ربي لا اله الا انت خلقتني وانا عبدك وانا على عهدك ووعدك ما استطعت اعوذ بك من شر ما صنعت ابوء لك بنعمتك علي وابوء بذنبي فاغفر لي فانه لا يغفر الذنوب الا انت مرة ثانية قال اللهم انت ربي لا اله الا انت خلقتني وانا عبدك وانا على عهدك وعدك ما استطعت اعوذ بك من شر ما صنعت ابوء لك بنعمتك علي وابوء بذنبي فاغفر لي فانه لا يغفر الذنوب الا انت ايضا مرة ثالثة اللهم انت ربي لا اله الا انت خلقتني وانا عبدك وانا على عهدك ما استطعت اعوذ بك من شر ما صنعت ابوء لك بنعمتك علي وابوء بذنبي فاغفر لي فانه لا يغفر الذنوب الا انت واسأل الله العظيم رب العرش العظيم باسمائه الحسنى وصفاته العلى ان ينفعنا اجمعين بما علمنا وان يجعل ما تعلمناه حجة لنا لا علينا وان يهدينا اليه صراطا مستقيما انه تبارك وتعالى سميع الدعاء وهو اهل الرجاء وهو حسبنا ونعم الوكيل والله وتعالى اعلم وصلى الله وسلم على عبد الله ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين. جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم الهمكم الله الصواب ووفقكم للحق نفعنا الله بما سمعنا وغفر الله لنا ولكم وللمسلمين اجمعين امين يقول السائل ما هي كيفية رفع اليدين في الدعاء عند القنوت كيفية رفع اليدين في الدعاء عند القنوت هي رفع الدعاء في المسألة مثل ما مر معنا في الحديث المسألة ان يرفع يديه الى حذو منكبيه ان يرفع يديه الى حدو منكبيه يضم اليدين بعضهما الى بعض ولا يفرق الاصابع بل تكون الاصابع مضمومة واليدان مضمومتان وبطون الاكف الى السماء وتكون اليد محاذية للمنكب او نحوا منه زادت قليلا او نقصت قليلا هذه هي السنة كما قال عليه الصلاة والسلام اسألوا الله ببطون اكفكم ولا تسألوه بظهورها فتكون بظهور الاكف الى الارظ وبطون الاكف الى السماء وتكون الايدي او اليدين مضمومتين والاصابع ايضا مضمومة لا تكون مبددة او مفرقة وانما تظم وبطون الاكف الى السماء وتكون اليدان محاذيتان الى للمنكب فهذه صيغة رفع اليدين في في القنوت الا اذا كان ففي النوازل والملمات فهذا امر اخر او كذلك في الاستسقاء والشدة والكرب هذا امر اخر على التفصيل الذي سبق بيانه في حديث ابن عباس رضي الله عنهما وهل يستحب ان يقال سبحانك في الثناء على الله بدلا من قول امين في مقام الثناء على الله في القنوت عندما عندما يقول الامام انه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت ونحو ذلك من الثناء على الله والتمجيد فليس هنا المقام مقام تأمين وانما هو مقام ثناء على الله والذي يناسب في اه في في مقام الثناء على الله تعظيم الله وذكر ما يناسب تعظيم الله سبحانه وتعالى ولهذا يقول قال المأموم سبحانك او نحو ذلك والله تعالى اعلم. لذا قال انه لا يعز من عاديت ولا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت يقول سبحانه او سبحانك او نحو ذلك من التعظيم واذا دعا اللهم اللهم يا ربنا او نحو ذلك يقول امين اي اي اي اللهم استجب معنا امين اي اللهم استجب نعم هل يشرع رفع اليدين في الدعاء بين الاذان والاقامة؟ على الدوام فهذا من النوع الثالث او من القسم الثالث الذي الامر فيه واسع لكن لا يتخذ المسلم ذلك سنة بمعنى انه لابد في كل بين اذان بين اذان واقامة ان يرفع يديه المداومة على ذلك هو اتخاذه سنة هذا لا دليل عليه من سنة نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه والله اعلم جزاكم الله خيرا سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك