بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم اما بعد اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالدينا والحاضرين برحمتك يا ارحم الراحمين قال الله تعالى اتأمرون الناس بالبر وتنسون انفسكم وانتم تتلون الكتاب افلا تعقلون يقول تعالى كيف يليق بكم يا معشر اهل الكتاب وانتم تأمرون الناس بالبر وهو جماع الخير ان تنسوا انفسكم فلا تاتمروا بما بما تأمرون الناس به وانتم مع ذلك تتلون الكتاب وتعلمون ما فيه على من قصر في اوامر الله. افلا تعقلون ما انتم صانعون بانفسكم فتنتبهوا من دارت ليكم وتتبصروا من عمايتكم وهذا كما قال عبد الرزاق عن معمل عن قتادة في قوله تعالى تأمرون الناس بالبر وتنسون انفسكم قال بنو اسرائيل كان بنو اسرائيل يأمرون الناس بطاعة الله وبتقواهم وبالبر. ويخالفون فعيرهم الله عز وجل. وكذلك قال السدي وقال ابن جريج اتأمرون الناس بالبر؟ اهل الكتاب والمنافقون كانوا يأمرون الناس بالصوم والصلاة. ويدعو ويدعون العمل بما يأمرون به الناس فعيرهم الله بذلك فمن امر بخير فليكن اشد الناس فيه مسارعة. وروى محمد بن اسحاق عن ابن عباس وتنسون انفسكم اي تتركون نفوسكم وانتم تتلون الكتاب افلا تعقلون اي تنهون الناس عن الكفر بما عندكم من النبوة والعهد من التوراة وتتركون انفسكم اي وانتم تكفرون بما فيها من عهد من عهدي اليكم في تصديق رسولي وتنقضون ميثاقي وتجحدون ما تعلمون من كتابي والغرض وان الله تعالى ذمهم على هذا الصنيع ونبههم على خطأهم في حق انفسهم حيث كانوا يأمرون بالخير بالخير ولا يفعلونه. وليس المراد ذمهم على امرهم بالبر مع تركهم له بل على تركهم له فان الامر بالمعروف معروف وهو واجب على العالم ولكن الواجب والاولى العالم ان يفعله مع من امرهم به ولا يتخلف عنهم كما قال شعيب عليه السلام وما اريد ان اخالفكم الى ما انهاكم عنه توكلت واليه منيب. فكل فكل من الامر بالمعروف وفعله واجب لا يسقط احدهما بترك الاخر على اصح قولي العلماء من السلف والخلف قال الامام احمد عن ابي وائل قال قيل لاسامة وانا رديفه الا الا تكلم عثمان؟ فقال انكم ترون اني لا اكلمه الا اسمعكم اني لاكلمه فيما بيني وبينه دون ان افتتح امرا لا احب لا احب ان اكون اول من افتتحه. والله لا اقول لرجل انك خير الناس وان كان علي وان كان علي اميرا بعد ان سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قالوا وما سمعته يقول قال سمعته يقول يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق به اقتابه. فيدور بها في النار كما يدور الحمار برحاه. فيطيف به اهل النار فيقولون يا فلان ما اصابك الم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ فيقول كنت امركم بالمعروف ولا وانهاكم عن المنكر واتيه رواه البخاري ومسلم وقال ابراهيم النخعي اني لاكره القصص لثلاث ايات. قوله تعالى اتأمرون الناس بالبر وتنسون انفسكم وقوله يا ايها الذين امنوا تقولون ما لا تفعلون؟ كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون. وقوله اخبار عن شعيب وما اريد ان اخالفكم الى ما انهاكم عنه وان اريد الا الاصلاح ما استطعت وما توفيقي الا بالله عليه توكلت واليه مريض. وقال تعالى واستعينوا بالصبر والصلاة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد هذه الاية التي فيها يقول ربنا سبحانه وتعالى اتأمرون الناس بالبر وتنسون انفسكم وانتم تتلون الكتاب افلا تعقلون يأمر ربنا سبحانه وتعالى من امر ان يأتمر تمناها ان ينتهي وهذا هو الكمال ان من امر ان يكون اول المؤتمرين لما امر به. واذا نهى ان يكون اول المنتهين ما نهى عنه والا ان يخالف ذلك فيأمر ولا يمتثل وينهى ويقع فهل ما يذم فاعله؟ يذم فاعل ذلك عاتب ربنا سبحانه وتعالى اهل الكتاب اتأمرون الناس بالبر وتنسون انفسكم ولا شك الا اوجد من ينصح ان ينصح العبد نفسه. هذا اوجب من ينصحه العبد ان ينصح نفسه وان يتقي الله عز وجل في نفسه والنبي صلى الله عليه وسلم يقول كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته واولى الرعايا بالنصح الاحاطة والرعاية هي النفس ان يأمرها بطاعة الله عز وجل وينهاها عن معصية الله سبحانه وتعالى. وليس معنى الاية الا نأمر والا ننهى ولذا من يحتج بهذه الاية الا يأمر الا من الا من ائتمر ولا ينهى الا من انتهى فليس بصحيح. وانما نقول هذه الاية فيها فيها دعوة لمن امر ان يأتمر ولمن نهى ان ينتهي وفيها تحظير وحضن على الامر ان يكون اول الممتثلين. والنار يكون اول المجتنبين لان اه مما يعابه المسلم ومما ترد به دعوته ويرد به نصحه ان يرى مخالفا لما دعاه مخالفا لما امر ومخالفا لما نهى فالناس اذا رأوا من يأمرهم ولا يمتثل وينهاهم ويقع لم لم يستجيبوا له ولم يمتثلوا دعوته وامره لانهم يقولون اذا لو كان صادقا لم تذهب. ولو كان كما يخوفنا ويحذرنا لكان اول من يجتنب ولذا جاء في الصحيح في صحيح مسلم اه من حيث رضي الله تعالى عنه انه اه انه اذا ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لو يؤتى بوجه من كان قبلكم فتندلق اقتابه في نار جهنم يدور فيها كما يدور الحمار في رحاه فيجتمع عليه اهل النار فيقول يا فلان الست كنت تأمرنا وتنهانا قال نعم كنت امركم ولا اتيه والهاكم آتيه فهذا الرجل الذي اخبر اسامة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه تندلق امعاؤه في نار جهنم يدور فيها كما يدور الحماية في رحاه انما عذب لانه وقع. انه عذب لانه وقع وكان عذابه اشد من غيره لانه كان عالم ولذا معصية العالم ليست كمعصية الجاهل ومعصية من عرف الله عز وجل ليست كمعصية من جهل بمقام الله وتوقير الله عز وجل لكن لا يحملنا مثل هذا على ان نترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ولذلك قال الحسن البصري رحمه الله تعالى يقول الحسن ود الشيطان لو ظفر ومنكم بهذه الاية يقول ود الشيطان لو ظفر منكم بهذه الاية الا يأمر الا من ائتمر بجميع الاوامر. والا ينهى الا من انتهى الجميع النواهي فهذا عزيز وقل ان تجده قل ان تجد من يكون ممتثلا لجميع الاوامر مجتنبا لجميع النواهي فالبشر كتب الله عز وجل عليهم حظهم من الزنا مدركين ذلك لا محالة فالعين تزني واليد تزني والرجل تزني والقلب ايضا يزني والفرج يصدق ذلك او يكذبه ولذا نقول الناس في هذا المقام على اربعة احوال قسم يأمر ويأتمر وينهى ويجتنب وهذا هو الكامل من الناس وهذا هو افظلهم واكملهم. القسم الثاني من يأمر وينهى لكنه يخالف فيقع فيما فيخالف ما امر به ويقع فيما نهى عنه وهذا ادرك بعض الخيرين. ادرك بعض الخيرين وهو انه ادرك الامر المعروف والنهي عن المنكر القسم الثالث من بل لا يأمر ولا ينهى لكنه ياتمر ويجترب وهذا ايضا ادرك بعض الخيرين وهو انه امتثل اوامر الله وانتهى عما نهى الله عز وجل عنه لكنه قصر في امر بالمعروف والنهي عن المنكر فهو ملموم من جهة تركه الامر بالمعروف والنهي عن المنكر القسم الرابع وهو شره واخبثهم من لا يأمر ولا يأتمر ولا ينهى ولا يشترك فهو لم يأمر بالمعروف ولم ينهى عن المنكر ولم يمتثل اوامر الله ولم ينته عما نهى الله عنه ورسوله وهذا شر الناس وهذا شر الناس فقوله تعالى اتأمرون الناس بما تنسون انفسكم ومن باب الحظ ان من امر ان يمتثل. ومن نهى ان يجتنب وان اولى من يحاط بالنصيحة هي النفس واولى من يسعى في نجاتها هي النفس والروح التي بين جنبينا اما الذي يأمر الناس ويقصر في حقه فحاله كحال الشمعة تضيء لغيرها وتحرق نفسها ولذا جاء في بعض الاثار لا يكن احدكم كالشمعة لا يكن احدكم كالشمعة يضيء لغيره ويحرق نفسه ولكن كن كالمصباح الذي الذي يضيء لنفسه ولغيره. واما ان يضيء لغيره ويحرق نفسه فهذا الذي هلك. هذا الذي هذا الذي هلك فالمسلم مأمورا يأمر وان يأتمر وينهى وان يجتنب وانتم تتلون الكتاب افلا تعقلون وهذه فائدة واشارة ان العالم ليس كالجاهل وان الذي يعرف اسماء الله وصفاته ويعرف احكام الله واوامره ليس كمن جهل دين الله عز وجل واذا قال تعالى وانتم تتلون الكتاب. انتم معكم علم ومعكم معرفة وتعرفون ما يحل وما يحرم وتعرفون ما طب على على المخالفة وعلى المعصية بخلاف غيرك ولذا ذكر الرازي هاداك الشافي ان العالم اذا ان العالم اذا عصى الله عز وجل جرأ الناس على معصية الله والا المعصية ليس كمعصية غيره لان الناس يجعلونه لهم قدوة ويجعلونه لهم رأسا فيبنون على فعله ان الامر ليس بحتم فيبنون على فعله ان الامر جائز ويبنون على فعله ان ان مثل هذه الاوامر لا يلزم امتثالها. ولذا خطيئة العالم ليست كخطيئة غيره وكلما كان الانسان رأسا فان ذنبه وجريرته اعظم من غيره. جريرته اعظم من غيره ولذا يحرص المسلم دائما ان يكون فان كان ذا علم وصاحب علم ان يكون من اسرع الناس بطاعة الله واسبقهم في مرضاة الله فان الناس ينظرون الى اهل العلم بمنظر غير المنظر الذي ينظرون به الى غيره من الجهال يدققون في صغائر لا يدققونها عند غيرهم بل قد يفعل غيرهم الكبيرة ولا يستنكرونها ويفعل احدهم الصغيرة فيتعاظمونها. لان معه من العلم ما يحمله على اجتناب مثل هذه الامور واذا استدل بها اتأمرون الناس بالبر وتنسون انفسكم وانتم تتلون الكتاب افلا تعقلون. فمن كان له عقل لم يكن كذلك وانما من خالف هذا فهو الذي وضعف عقله نسأل الله العافية والسلامة والله اعلم