بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم اما بعد اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالدينا والحاضرين برحمتك يا ارحم الراحمين قال الله جل وعلا يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم الذين من قبلكم لعلكم تتقون الذي جعلكم الارض فراشا والسماء بناء وانزل من السماء ماء فاخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا للهدادا وانتم تعلمون. شرع تبارك وتعالى في بيان وحدانية قلوب بانه تعالى هو المنعم على عبيده. باخراجه من العدم الى الوجود واسباغه عليهم النعم الظاهرة والباطنة. بان جعلهم الارض عاشا اي مهدا كالفراش مقررة موطأة مثبتة مثبتة بالرواج الشامخات والسماء بناء هو السقف كما قال في الاية الاخرى وجعلنا السماء سقفا محفوظا. وهم عن اياتها معرضون وانزل لهم من السماء ماء والمراد به السحاب ها هنا في وقته عند احتياجهم اليه فاخرج لهم به من انواع الزروع والثمار ما هو مشاهد رزق اللهم لانعامهم كما قرر هذا في غير موضع من القرآن. ومن اشبه اية ومن اشبه اية بهذه الاية. قوله تعالى الذي جعل لكم الارض قرارا والسماء بناء وصوركم فاحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين. ومضمونه انه الخالق الرازق مالك الدار وساكنيه. ورازقهم فبهذا يستحق ان يعبد وحده ولا يشرك به غيره. ولهذا قال فلا تجعلوا لله اندادا وانتم تعلمون. وفي الصحيحين ابن مسعود قال قلت يا رسول الله اي الذنب اعظم؟ اي الذنب اعظم عند الله؟ قال ان تجعل لله ندا وهو خلقك. الحديث حديث معاذ اتدري ما حق الله على عباده ان يعبدوه ولا يشركوا به شيئا الحديث. وفي الحديث الاخر لا يقولن احدكم ما شاء الله وشاء فلان ولكن ليقل ما شاء الله ثم شاء فلان. وقد وقد استدل به كثير من المفسرين كالرازي وغيره على وجود الصانع تعالى وهي دالة على ذلك بطريق اولى. فان من تأمل هذه الموجدات السفلية والعلوية واختلاف اشكالها والوانها وطباعها ومنافعها. ووضع بمواضع النفع بها محكمة. علم قدرة خالقها وحكمته وعلمه واتقانه وعظيم سلطانه. كما قال بعض الاعرابي وقد ما الدليل على وجود الرب تعالى؟ فقال يا سبحان الله ان ان البعر ليدل على البعير وان اثر الاقدام لتدل على فسماء ذات ابراج وارض ذات فجاج وبحار ذات امواج الا يدل ذلك على وجود لطيف خبير؟ فمن تأمل هذه ارتفاعها واتساعها وما فيها من الكواكب الكبار والصغار النيرة من السيارة ومن الثوابت وشاهدها كيف تدور مع الفلك العظيم في كل يوم وليلة دويرة ولها في انفسها سير يخصها ونظر الى البحار المكتنفة الارض من كل جانب والجبال الموضوعة في الارض لتقر ويسكن ساكنها مع اختلاف اشكالها والوانها. كما قال تعالى ومن الجبال جدد بيض وحمر هم مختلف الوانها وغرابيب سود. ومن الناس والدواب والانعام مختلف الوانه كذلك انما يخشى الله من عباده العلماء. وكذلك هذه الانهار السارحة من قطر الى قطر. للمنافع وما رأى في الارض من الحيوانات المتنوعة والنبات المختلف الطعون المختلف الطعوم والاراجيج والاشكال والالوان مع اتحاد طبيعة التربة والماء. استدل على وجود الصانع وقدرته العظيمة وحكمته ورحمته بخلقه ولطفه بهم واحسانه اليهم وبذه بهم لا اله لا اله غيره ولا رب سواه عليه توكلت واليه انيب والايات في القرآن الدالة على هذا المقام كثيرة جدا. وان كنتم في ريب مما نزلنا عبدنا فاتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله ان كنتم صادقين. فان لم تفعلوا ولن تفعلوا وتكن نار التي يقودها الناس والحجارة اعدت للكافرين. ثم شرع تعالى في تقرير النبوة بعد ان قرر انه لا اله الا هو فقال مخاطبا الكافرين وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا يعني محمدا صلى الله عليه وسلم فاتوا بسورة من مثل ما جاء به ان زعمت انه من عند غير الله فعارضوه بمثل ما جاء به. واستعينوا على ذلك بمن شئتم من دون الله فانكم لا تستطيعون ذلك. قال ابن عباس شهدائكم اعوانكم وقال السدي عن ابن مالك شركاؤكم اي قوما اخرين يساعدونكم على ذلك ايستعينوا بالهتكم بذلك يمدونكم وينصرونكم وقال مجاهد شهدائكم قال ناس يشهدون به يعني يعني حكام الفصحاء. وقد تحداهم الله تعالى بهذا في غير موضع من القرآن فقال في سورة القصص قل فأتوا بكتاب من عند الله هو اهدى منه ما اتبعه ان كنتم صادقين. وقال في سورة الاسراء قل لئن اجتمعت الانس والجن على ان يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعضهم ظهيرا. وقال في سورة هود لم يقولون افترى قل فأتوا بعشر بسور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين. وقال في سورة يونس وما كان هذا ان يفتر من دون الله ولكن التصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين. ام يقولون افترى بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين. وكل هذه الايات مكية ثم تحداهم بذلك ايضا في فقال في هذه الاية وان كنتم في ريب اي شك مما نزلنا على عبدنا يعني محمدا صلى الله عليه وسلم فاتوا بسورة من مثله يعني من مثل القرآن قاله مجاهد وقتادة اختاره والزمخشري والرازي ونقله عن عمر وابن مسعود وابن عباس والحسن البصري واكثر المحققين ذلك بوجوه من احسنها انه تحداهم كلهم متفرقين ومجتمعين. سواء في سواء في ذلك اميهم. وكتابيهم وذلك اكمل التحدي واشمل من ان يتحدى احدهم الاميين ممن لا يكتب ولا يعاني شيئا ولا يعاني شيئا من المعلوم. وبدليل قوله تعالى فاتوا بعشر سور مثل وقوله لا يأتون بمثله فهذا التحدي يعامل لهم كلهم مع انهم افصح الامم وقد تحداهم بهذا في مكة والمدينة مرات عديدة مع شدة عداوة له وبغضهم لدينه. ومع هذا عجزوا عن ذلك ولهذا قال تعالى فان لم تفعلوا ولن تفعلوا ولا لنفي التأبيد في اي ولن تفعل ذلك ابدا وهذه ايضا معجزة اخرى وهو انه اخبر خبرا جازما قاطعا مقدما غير خائف ولا مشفق ان هذا القرآن لا يعارض بمثله لا يعارض بمثله ابدا ابدا ابد الابدين ودهر الدائرين وكذلك وقع الامر لم يعارض من لدنه الى الى زماننا هذا ولا يمكن وان وان يتأتى ذلك لاحد والقرآن كلام الله خالق كل شيء. وكيف يشبه وكيف يشبه كلام الخالق كلام المخلوقين؟ ومن تدبر القرآن وجد فيه من وجوه الاعجاز فنونا ظاهرة وخفية من حيث اللفظ ومن جهة المعنى قال الله تعالى الف لام راء كتاب احكمت اياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير. فاحكمت الفاظه وفصلت معانيه. او بالعكس على الخلاف. فكل من لفظ فكل من لفى فكل من لفظه ومعناه. فصيح لا هذا ولا يدان. فقد اخبر عن مغيبات ماضية كانت ووقعت طبق ما اخبر سواء وامر بكل خير ونهى عن كل شيء كما قال تعالى كلمة ربك صدقا وعدلا. اي صدقا في الاخبار وعدلا في الاحكام فكله حق وصدق وعدل وهدى. ليس فيه مجازفة ولا كذب ولا افتراء ما يوجد في اشعار العرب وغيره من الاكاذيب والمجازفات التي لا يحسن شعرهم الا بها. كما قيل في الشعر ان اعذابه اكذبه. وتجد القصيدة الطويلة المديدة لقد استعمل غالبها بوصف النساء او الخيل او او الخمر او في مدح شخص معين او فرس او ناقة او حرب او كائنة او مخافة او السبع او من المشاهدات المتعينة التي لا تفيد شيئا الا قدرة متكلم معين. ما على الشيء الخفي او الدقن او ابرازه الى الشيء الواضح. ثم تجد له فيه بيتا او بيتين او اكثر هي بيوت القصيد وسائرها هدر لا طائل تحته. واما القرآن فجميعه فصيح في غاية نهايات البلاغة. عند من يعرف ذلك تفصيلا واجمالا ممن فهم كلام العرب وتصاريف التعبير فانه ان تأملت اخباره وجدتها في غاية الحلاوة سواء كانت مبسوطة او وجيزة وسواء تكرر ام لا؟ وكلما تكرر حلا وعلا لا يخلق عن لا يخلق عن كثرة الرد ولا يمل منه العلماء. وان اخذ في الوعيد والتهديد جاء منهم تشعر منه الجبال الصم الراسيات. الله اكبر. فما ظنك بالقلوب الفاهمات؟ وان وعد اتى بما يفتح القلوب والاذان ويشوق الى دار السلام ومجاوزة عرش الرحمن كما قال ومجاورتي ومجاورة عرش الرحمن كما قال في الترغيب فلا تعلم نفس ما اخفي له من قرة اعين. جزاء بما كانوا يعملون. وقال وفيها ما تشتهيه الانفس هو تلذذ الاعين وانتم فيها خالدون. وقال في الترهيب امنتم ان يخسف بكم جانب البرق وقال تعالى اامنتم من في السماء ان يخسف بكم الارض فاذا هي ثمور ام امنتم من في السماء ان يرسل عليكم حاصبا حاصبا فستعلمون كيف ندين وقال في الزجر فكل من اخذنا بذنبه. وقال في الوعظ افرأيت ان متعناهم سنين. ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما اغنى عنهم ما كانوا يمتعون الى غير ذلك. من انواع الفصاحة والبلاغة والحلاوة وان جاءت الايات بالاحكام والاوامر والنواهي اشتملت على الامر بكل معروف حسن نافع طيب محبوب والنهي عن كل قبيح ودين دنيء. كما قال ابن مسعود وغيره من السلف اذا سمعت الله تعالى يقول في القرآن يا ايها الذين امنوا فارعها سمعك فانها خير يؤمر به او شر ينهى عنه لهذا قال تعالى يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم يسرهم والاغلال التي كانت عليهم الاية وان جاءت الايات في في وصف المعادي وما فيه من الاهوال وفي وصف الجنة والنار. وما اعد الله فيهما لاولياءه واعدائه من النعيم والجحيم والملاذ والعذاب الاليم بشرت به وحذرت وانذرت ودعت الى فعل الخيرات واجتناب المنكرات وزهدت في الدنيا ورغبت في الاخرة وثبتت على الطريقة المثلى وهبت الى الله المستقيم وشرعه القويم ونفت عن القلوب رجش رجس الشيطان الرجيم. ولهذا ثبت في الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من نبي من الانبياء الا قد اعطي من الايات ما امن على مثله البشر وانما كان الذي اوتيته وحيا اوحيا على مثله على مثله البشر ما امن على مثله البشر وانما كان الذي اوتيته وحيا اوحاه الله الي فارجو ان اكون اكثرهم تابعا يوم القيامة لفظ مسلم وقوله صلى الله عليه وسلم وانما كان الذي وانما كان الذي اوتيته وحيا. اي الذي اي الذي اختصصت به من بينهم هذا القرآن المعجز للبشر ان يعارضوه. بخلاف غير ان الكتب الالهية فانها ليست معجزة عند كثير من العلماء والله اعلم. ولهم عليه الصلاة والسلام من الايات الدالة على نبوته وصدقه فيما جاء به ما لا يدخل تحت حصر ولله الحمد والمنة. وقوله تعالى فاتقوا النار التي وقودها الناس فيها. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه اجمعين. ذكر شيخ الاسلام ذكر ابن كثير رحمه الله تعالى عند قوله تعالى يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلق اولا هذه هي اول اية في كتاب الله عز وجل يأمر الله عز وجل فيها عباده بالعبادة. يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون فلما ذكر الله عز وجل اهل الايمان وذكر الكفار وعقب المنافقين ذكر بعد ذلك اول امر امر الله به عباده في كتابه وهو اول امر ايضا جاءت به الرسل ونزلت به الكتب ولاجله خلقت الجنة والنار وجردت سيوف الموحدين وهو عبادة الله يا ايها الناس اعبدوا ربكم. وعبادة الله عز وجل هو تأليفه. وافراده بالعبادة. هذا اصل العبادة تدل والخضوع لله عز وجل. فالله امر عباده ان يعبدوه ومعنى يعبدوه ان يوحدوه بطاعته ولا يشركوا معه غيره. فالعبادة اصلها من التذلل والخضوع واصلها ايضا من افراد الله عز وجل بالعبادة. فلا يسمى العابد عابدا الا اذا اخلص اما اذا اشرك مع الله غيره فلا يسمى عابد لله عز وجل ولذا قال تعالى قل يا ايها الكافرون لا اعبد ما تعبدون مع ان الكفار كانوا يعتقدون ان الله هو الخالق الرازق المدبر المحيي المميت. وكانوا له يحجون وله ايضا يصومون. فكانوا يصومون عاشوراء ويحجون بيت الله ويتصدق ويعتقون ومع ذلك قال النبي قال الله عز وجل للنبي قل يا ايها الكافرون لا اعبد ما تعبدون. لان عبادتهم لم تكن عبادة صحيحة فهم يشركون مع الله غيره فهنا يأمر ربنا قل يا ايها الناس اعبدوا ربكم. ثم دلل على احقيته بالعبادة. واستدل على ذلك بقوله الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون. فالله سبحانه وتعالى يستدل على توحيد الالوهية بتوحيد الربوبية. فالذي ويرزق ويحيي ويميت والمستحق للعبادة. وفي هذا تنبيه لتلك الاصنام وتلك الانداد وتلك الالة يعبدونها انها لا تنفع ولا تضر ولا تملك موتا ولا حياة. لا تسمع ولا تجيب فهي صماء عمياء فهذا مما يبطل عبادته. اما ربنا سبحانه وتعالى فهو الاله الحق الذي لا مألوه غيره لا مألوه يعبد بحق سواه. فهو الاله الاحد الصمد سبحانه وتعالى. الذي الذي خلقكم الذين من قبلكم لعلكم تتقون لعلكم اي تزداد تقوى. وتزداد ايمانا فان العبد اذا عبد الله عز وجل زاد ايمانه وزاد التقواه وحصله الاتقاء من عذاب الله عز وجل اي لعلكم تتقون تتقون عذابه وتتقون سخطه وتتقون النار نسأل الله النجاة منها. ثم قال سبحانه وتعالى الذي جعلكم الارض فراشا. وهذا وهذا ذاك على سبيل الامتنان والله سبحانه وتعالى من رحمته ان جعل الارض مهادا ومن رحمته ان جعلها فراشا اي نفترشها ونجلس عليها وقد مهدها لنا ربنا سبحانه وتعالى. والا ربنا قادر على ان يجعلها خلاف ذلك. ولكن بعباده ان جعلها مهادا وجعلها فراشا. الذي جعلكم الارض فراشا والسماء بناء اي بناها وزينها وجملها بهذه النجوم بهذه النجوم التي هي دلالات وعلامات دلالات وعلامات ورجوب للشياطين الذي جاء كل مهاد الذي جاء كل الارض فراش السماء بناء. وانزل من السماء ماء فاخرج من الثمرات رزقا فلا تجعل الله اندادا وهذا كله من باب الاستدلال على روبيته على الوهيته فهو الذي انزل من السماء ماء فحصل به الرزق. وحصل به الحياة وحصل به النفع العظيم لخلقه سبحانه وتعالى هو الذي اوجد وخلق واحيا واعطى ومنع سبحانه وتعالى. ثم قال فلا تجعل الله اندادا وانتم تعلمون. اي وانتم تعلمون انه هو الخالق وهو الرازق وهو المحيي وهو المميت وهذا الذي كان يعتقده كفار قريش كما قال تعالى ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله وهم يعتقن الله وخالقهم وهو رازق وهو محي وميتهم ويقرون بما ذكره ربنا انه جعل الارض فراش والسماء بناء وانزل من السماء ماء فاخرج مثل ما رزقا لهم ومع ذلك كانوا يشركون مع الله غيره. واذا ركبوا الملك دعوا الله مخلصين له دين فكانوا يخلصون في الشدائد ويشركون في الرخاء. فالله يقول فلا تجعلوا لله اندادا وانتم تعلمون انه هو النافع الضار وهو المحيي المميت والند هو المثيل والنظير المعاند. من كان معاند يسمى ندا فهم جعلوا لله اندادا جعلوا الله اندادا عبدوها من دون الله عز وجل كاللات والعزى وما شابه ذلك. ثم قال تعالى وان كنتم في ريب اي وقع في وبكم شك مما جاء به محمد وان كنتم في مما نزلنا على عبدنا فاتوا بسورة مثله الله سبحانه وتعالى تحدى المشركين والكفار على وجه الخصوص وهم وهم كفار قريش والعرب خاصة على ان يأتوا بمثل هذا القرآن وذلك ان كل نبي كان يعطى من المعجزات ما يحسنه قومه. فموسى عليه السلام اعطي معجزة لا يستطيعها السحرة وكان في زمانه اكثر ما اشتهر هو السحر وعيسى عليه السلام اعطي من المعجزات ما عجز عنه الاطباء. وكان الطب في زمانه قد بلغ اعلى واوج ما يكون برأى الله به الاكمة واحيا به الموتى وهذا لا يستطيعه اهل الطب. ومحمد صلى الله عليه وسلم اوتي وحيا لا ينقطع الى قيام الساعة. وهو هذا هذا وهو هذا القرآن العظيم الذي هو كلام الله عز وجل. وكانت العرب من افصح الخلق لغة وبيانا وايظاحا. ومع ذلك تحداهم الله عز وجل واعجزهم بهذا القرآن تحديا حقيقيا عند اهل السنة. خلافا لما يقوله المعتزل من وافق البدع ان هذا الاعجاز هو من باب الصرف اي ان الله عز وجل صرفهم ان يأتوا مثل هذا القرآن وهذا باطل بل لو اجتمع الانس والجن على ان يأتي مثل هذا القرآن لا يأتون بمثله. ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا اي لو اجتمع الجن بعلمائهم وفصحائهم و اه ورؤوس ورؤوسهم اكابرهم واصاغرهم اجتمعوا كلهم لو اجتمع الجن لو اجتمع الجن جميعا رؤساء واكابر وعظماء وحقراء واجتمعوا واجتمع معهم الانس ايضا علماء واصار واكابر على ان بسورة من القرآن لم يستطعوا ان يأتوا بمثله. ولو كان بعضهم لبعض معينا ونصيرا وظهيرا لعجزوا وعن ذلك مع بذلهم وسعيهم وقد فعل ذلك جمع من هؤلاء المشركين ومن هؤلاء الكفار فحاول مسيلمة ان يفعل ذلك فوصم بالكذاب واصبح شعارا له الى قيام الساعة وحاول ايضا طليحة الاسد وكذلك باء بالفشل. فلا يأتي احد مثل هذا والى يومنا هذا لم يستطع احد ان يأتي مثل هذا القرآن وهذا من اعظم دلالات نبوة صلى الله عليه وسلم انه لا يستطيع العجم ولا العرب انيات مثل هذا القرآن. ثم ذكر ابن القيم ذكر ابن كثير ان لو كانت تحسن الشعر وكانت فيه من افصح الناس. ومع ذلك كانت اشعارهم جلها فيما لا ينفع اما في وصف النساء او في وصف او في وصف الخيل او في وصف الخمر او يكون اكثره حشوا لا فائدة فيه اما كلام ربنا فلا يأتيه الباطل لا من بين يديه ولا من خلفه. فكلما كررته زادك حلاوة وزادك ايمانا. ان قص فقصصه احسن القصص. وان اخبر فاخباره احلى الاخبار. وان وعظ انزجرت له القلوب والنفوس وان هدد وان توعد وهدد انزجرت النفوس والقلوب. بل الجبال الشم الصم تخشع لهذا القرآن. وان وعد بالنعيم اشتاقت النفوس وطربت لهذا النعيم فهو كلام لا لا يخلق على كثرة الترداد. ولا يمل منه العلماء ولا يشبع منه المؤمنون والقراء كلما قرأته كلما ازددت ايمانا وازددت علما فهذا هو كلام الله عز وجل الذي لا يأتيه الباطل لا من بين يديه ولا من خلفه. وقد تحداهم الله عز وجل ان يأتوا بعشر سور. ثم تحداهم بان يأتوا وبسورة مثله ثم تحداهم بان يأتوا مثل القرآن. وقد قال اهل العلم ان اقل ما يتحدى به هؤلاء هو قدر ثلاث ايات لان اقل سور القرآن هي سورة الكوثر وهي ثلاث ايات فلا يمكن لمشرك او كافر او لعربي او لفصيح او لغير ذلك ان يأتي مثل القرآن ولو قدر ثلاث ايات يعني لو اراد احد ان يأتي بقدر ثلاث ايات ما استطاع. والقرآن ليس فيه ما هو لا يحسن ذكره ما ذكره الله عز وجل فلا يمكن ان يؤتى بلفظ خيرا منه ولا بعبارة افصح منه ولذلك الا يتكلم به هو كلام هو كلام الله عز وجل. فهو ليس بقول البشر بل هو كلام خالق البشر سبحانه وتعالى ثم قابلت الا اندادا وانتم وان كنتم فادعوا شهادة الله ان كنتم صادقين اي اؤتوا بنصرائي بانصاركم واتوا بمن يظاهركم واتوا بمن يعينكم على ان يأتي مثل هذا القرآن ولن يستطيع ولن يستطيعوا ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا وهذا من اعظم ما يدل على دلالة واضحة وبينة على انه كلام الله سبحانه وتعالى وان محمد صلى الله عليه وسلم هو رسول الله عز وجل والا قد حاول الغرب الكافر وحاول الشرق الكافر ان يجاروا القرآن فما استطاع بل وضعوا كتابا سموه القرآن ومن قرأه علم ان هذا من اجهل خلق الله واضعه. وقد وزع في بعض المدن يزعمون ارادوا ان يدخلوا في كلام الله شيئا من هذه الخرافات وهذه الخزعبلات ومن حفظ الله له ان انه لو ارادوا ان يزيدوا حرفا واحدا لما استطاعوا ولو ارادوا ان ينقصوا حرفا واحدا ما استطاعوا. وهذا من حفظ الله. وايضا دلالة على ان هذا الدين هو الدين الحق وان محمد صلى الله عليه وسلم هو رسول الله وان القرآن كلام الله سبحانه وتعالى والله اعلم واحكم وصلى الله وسلم نبينا محمد