بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم يا اما بعد اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالدينا وللحاضرين برحمتك يا ارحم الراحمين. قال الله تعالى فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة اعدت للكافرين. اما الوقود بفتح الواو فهو ما يلقى في النار لاضرامها كالحضر ونحوه قال تعالى واما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا. وقال تعالى انكم وما تعبدون من دون الله حصى جهنم واجد لو كان هؤلاء الهة ما وردوها وكلهم فيها خالدون. والمراد بالحجارة ها هنا هي حجارة الكبري العظيمة العظيمة السوداء الصلبة المنتنة وهي اشد الاحجار حرا اذا حميت اجارنا الله منها وقيل المراد بها حجارة الاصنام والانداد التي كانت تعبد من دون الله كما قال تعالى انكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم وقوله تعالى اعدت للكافرين الاظهر ان الضمير في اعدت عائد الى النار التي وقودها الناس والحجارة ويحتمل عودوه الى الحجارة ولا منافاة بين القولين في المعنى لانهما متلازمان واعدت اي ارصدت وحصلت الكعبين وحصلت الكافين بالله ورسوله كما قال ابن اسحاق عن محمد عن عكرمة او سعيد بن جبير عن ابن عباس وعيد الليل الكافرين اي لمن كان على مثل ما انتم عليه من الكفر. وقد استدل كثير من ائمة السنة بهذه الاية على ان النار موجودة موجودة الان لقوله تعالى اعدت اي ارصدت وهيأت وقد وردت احاديث كثيرة في ذلك منها تحاجت الجنة والنار ومنها تأذنت النار ربها فقالت ربك اكل بعضي بعضا فاذن لها من الحسين. نفس في الشتاء ونفس في الصيف. وحديث ابن مسعود سمع وجبة وسمعنا وجبة فقلنا ما هذه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا حجر القي به من شرير جهنم منذ سبعين الان وصل الى قعرها وهو عند مسلم وحديث صلاة الكسوف وليلة الاسراء وغير ذلك من الاحاديث المتواترة في هذا المعنى قال تعالى وبشر الذين امنوا وعملوا الصالحات ان لهم جنات تجري من تحتها الانهار وكل ما رزقوا منها من ثمرة رزق قالوا هذا الذي رزقنا من قبل واتوني متشابه وورم فيها ازواج مظاهرات فيها خالدون. لما ذكر تعالى ما اعده لاعدائه من الاشقياء الكافرين بهم وبرسله من العذاب والنكد عطف بذكر حال اوليائه من السعداء المؤمنين به وبرسله الذين صدقوا ايمانهم باعمالهم الصالحة. وهذا وهذا معنى تسمية القرآن مثاني على اصح قولي العلماء كما سنبسطه بموضعه وهو وهو ان يذكر الايمان ويتبع بذكر الكفر او عكسه ويتبع بذكر الكفر او عكسه اوحال السعداء ثم الاشقياء او عكسه. وحاصره ذكر الشيء ومقابله. واما ذكر الشيء ونظيره فذاك التشابه كما سنوضح وان شاء الله فلهذا قال تعالى الانهار من تحت اشجارها وغرفها وقد جاء في الحديث ان انها لا تدري من غير اخدود وجاء في الكونثر ان حافتي قباب اللؤلؤ المجوف ولا منافاة بينهما فطينها المسك فطينها المسك الاذفر وحصباؤها اللؤلؤ والجوهر. نسأل الله من فضله انه هو البر الرحيم. وابن ابي حاتم عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انهار الجنة تفجر تحت تلال او من تحت جبال المسك. ورواه ايضا عن مسروق قال قال عبدالله انهار الجنة تفجر من جبل المسك وقوله تعالى كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وروى ابن ابي حاتم عن يحيى ابن ابي كثير قال عشب الجنة الزعفران. وكثبانها المسك ويطوف عليهم بلدان وبالفواكه فيأكلونها. ثم يؤتون بمثلها فيقول لهم اهل الجنة هذا الذي اتيتمونا هذا الذي اتيتمونا انفا به فتقول لهم الولدان كلوا فاللون واحد والطعم مختلف. وهو قول وهو قول الله تعالى واتوا به متشابها قال ابو جعفر الرازي عن الربيع ابن انس عن ابي العالي واتوا به متشابها قال يشبه بعضه بعضا ويختلف في الطعم. وقال عكرمة واتوا به متشابها قال يشبه ثمر الدنيا غير ان ثمر الجنة اطيب. وقال سفيان الثوري عن الاعمش عن ابي ضبيان عن ابي عباس لا يشبه شيء مما في الجنة ما في الدنيا الا في الاسماء وفي رواية ليس بالدنيا مما في الجنة الا الاسماء وقوله تعالى قال ابن ابي طلحة عن ابن عباس مطهرة من القذر والاذى وقال وقال مجاهد من الحيض والغائط والبول والنخام والبزاق والمني والولد وقال قتادة مطهرة من الاذى والمأثم وفي رواية عنه لا حيظ ولا كلف وروي عن عطائه والحسن والضحاك وابي صالح وعطية والسد نحو ذلك فقوله تعالى هم فيها خالدون هذا تمام السعادة فانهم مع هذا النعيم في مقام امين من الموت والانقطاع فلا اخر له ولا انقضاء بل في نعيم سرمدي ابدي على الدوام. والله المسئول ان يحشر في زمرتهم انه جواد كريم بار رحيم. قال تعالى ان الله لا يستحيي ان يضرب مثلا الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه اجمعين. اخوي ربنا سبحانه وتعالى عن حال اهل النار. بعدما توعدهم ان لم يأتوا بالشهداء ولن يأتوا ولن يؤمنوا ولن يسلموا قال تعالى فان لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا الله اي اذا لم تفعلوا وهو ان تأتوا مثل هذا القرآن ولن تستطيعوا ان تفعلوا كما قال تعالى وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا بسورة من مثله وادعوا شهدائكم من دون الله ائتوا بسورة مثل القرآن مثل هذا القرآن وادعوا شهدائكم من دون الله الذين تعبدون وتدعون من دون الله ان كنتم صادقين فان لم تفعلوا اي لم تأتوا بسورة ولن تأتوا بشهدائكم لن تفعلوا فان لم تفعلوا واكد انهم لن يفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة اعدت للكافرين في قوله فاتقوا النار هذا امر لكل كعبد من عبيد الله عز وجل ان يتقي النار واتقاء النار ان يجعل بينه وبينها وقاية. ان يجعل بينها وبينه ان يجعل بينها وبينه وقاية تقيه من حرية كما جاء في الصحيح اتقوا النار ولو بشق تمرة حتى التمرة يتصدق بها العبد فانها تكون وقاء من نار جهنم. وهذا من فضل الله عز وجل مع عظمة النار وسعتها وطول آآ وسعتها وطولها وعرضها الا ان العبد يستطيع ان يتقي اي من عذابها بشق تمرة فكيف اذا كان عمله اعظم واكثر واحب لله عز وجل من الاعمال الصالحة؟ الله يقول فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة. هذه النار ليست كنار الدنيا يوقدها الخشب ويوقدها الحطب ويوقدها الخرق وما شابه ذلك وانما وقودها الناس والحجارة وهذا الوقود لا ينطفئ هذا الوقود لا ينطفئ تأكل عظامهم وتأكل لحومهم وهي تشتعل فيهم كلما نضج جلودهم بدلناهم جلودا غيرهم واتقوا النار التي فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة. هذه الحجارة تشمل اي حجارة تسمى حجارة سواء كانت من كبريت او كانت من صفا او كانت من غيره من الاحجار فانها تدخل تحت قوله فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة. فالحجارة هنا عامة والالف لام دخل على اسم الجنس فيفيد العموم تفيد العموم اي جميع انواع الحجارة وقد ذكر انها حجارة الكبريت وهي وهي سميت الحجاب الكبير خصت بذلك لسرعة ايقادها. ولنثر ريحها ولقوة حرارتها لهذه الحجارة هالكيبيد فيها ثلاثة خصائص انها سريعة الوقود وانها منتنة الرائحة وانها شديدة الحرارة فهي وقود اهل النار نسأل الله العافية والسلامة. وقودها الناس والحجارة اعدت للكافرين. وفي قوله عدة الكافرين دليل بمذهب اهل السنة والجماعة ان النار خلقت ان النار مخلوقة خلافة للجاهمية والمعتزلة فانهم لا يرون وجودها الان وانها تخلق عند دخولها ومع خلقها فانها تفنى. اما اهل السنة فيقول انها مخلوقة الان وهي جنة عدن وهي جنة المأوى التي دخلها ادم عليه السلام واخرج منها وادلة وجودها منها قوله تعالى اعدت والمعد لا يكون الا بعد التي اعدت اي هيئت وجهزت للناس نسأل الله العافية والسلامة وهذا دليل على وجودها ايضا احتجت الجنة والنار وقالت اكل بعضي بعضا ايضا حديث كحاج الاوقات ما لي يدخل الضعفاء واوقات النار ما يدخل المتكبرون الجبابرة. فقال الجنة انت رحمتي وقال النار انت عذابي هذا كله يدل عليه شيء على وجودها. كذلك سمع وجبة فقال وجبتك صوت عظيم قال تدرون ما هذا؟ هذا حجر كان على شبه جهنم سقط منذ اربعين عاما الان وصل قعرها نسأل الله النجاة منها ايضا مثل حديث آآ النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج عندما رأى النار ورأى ما فيه من العذاب نسأل الله العافية والسلامة. كذلك ما جاء في صلاة الكسوف عندما تقدم فرأى الجنة وعندما تقهقر عندما رأى النار كل هذا يدل على اي شيء على ان الجنة والنار موجودتان وانهما مخلوقتان الان قال بعد سبحانه وتعالى اعدت للكافرين اي هيئت وخلقت هذه النار للكفرة وان اهل التوحيد والايمان ممن اطاع الله ولم يعصه فانه لا يدخل النار. المانع من دخول النار المانع من دخول النار هو فعل ما امر الله عز وجل به وترك ما نهى الله عز وجل عنه. فكل من فعل ما امر وترك ما نهي عنه فانه لا يدخل النار ابتداء ابدا لا يدخل ابتداء ولا يدخلها ابدا. اما من وقع في بعض الكبائر فانه ان دخل النار ابتداء فانه لا يخرج فيها ابدا لا ياخذ فيها ابدا انما يدخل ابدا ثم يخلد في الجنة ابدا قال اعدت للكافرين اي ان هذه النار التي وقودها الناس والحجارة انما خلقت وهيأت واعدت للكافرين وهذا هو الاصل لان المؤمنين لا يدخلون النار هذه بشارة لاهل الايمان ان النار لم تعد لهم ولم تهيأ لهم ولم تخلق لاجلهم وقد يقال انها نارا نار للكفار ونار للموحدين. فالنار التي يقودها الناس حج عدة الكافرين ولو الموحدين تختلف عن ذلك لكن الصحيح انها نار اعدت للكافرين وهي تشمل نار الموحدين ونار الكفار لكن هي بشارة ان الاصل في اهل الايمان انهم لا يدخلون النار ان الاصل في اهل الايمان انهم لا يدخلون النار وانه لا يدخل النار الا من هلك على الله ولا يهلك على الله الا هالك وهو الذي غلبت احاده عشراته ثم قال وبشر الذين امنوا وعملوا الصالحات. هنا الخطاب في قوله وبشر منهم من ذهب الى انه محمد صلى الله عليه وسلم وان هذا من باب تفخيم وتعظيم النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم من قال هذا عام لكل موحد ولكل مؤمن ان يبشر من وراء من المؤمنين الذين عملوا الصالحات اما ان يقال وبشر الخطاب محمد صلى الله عليه وسلم واما ان يقال لجميع الفصح انه لمحمد ولكل من قرأ القرآن اشهد ان محمد وكل من قرأ القرآن فكل من قرأ هذه الايات فانه يؤمر ان يبشر الذين امنوا وعملوا الصالحات بان لهم جنات تجري من تحتها الانهار وبشر الذين امنوا وعملوا الصالحات ان لهم جنات تجري من تحتها انهار اي تحت قصورهم ودور في بيوت تجري الانهار. والانهار جاء جاء في كتاب الله انها انهار من لبن لم يتغير طعمه وانهار من خمر وانهار من عسل مصفى انهم لن يتغير طعمه وانهار الماء الغير اس وانهار من خمر اللذة للشاربين وانهار من عسل مصفى هذه انهار وانهار من ونهر من سلسبيل ونهر بانواع مختلفة. وهذه الانهار يسيرها المؤمن بين قصره كيف شاء بين قصوره ودونه كيف شاء وانهار الجنة تمشي في غير اخاديد وانهار الجنة حصباؤها اللؤلؤ والياقوت وملاطها المسك الخالص هذه انهار الجنة وايضا ان من المهارة في الجنة نهر خص الله به نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وهو نهر الكوثر هو نهر الماء وهو ابرد من الثلج وابيض من اللبن واحلى من العسل فهذه الانوار قال وبشر الذين امنوا واعملوا الصالحات ان لهم جنات وليس جنة واحدة تلهم جنات كثيرة وهذه الجنات تجري من تحت عنق كلما رزقوا منها من ثمرة الرزق قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وهذا دليل على ان ثمار الجنة متعددة الانواع لا يمكن حصرها ولا يمكن عدها ونعيمها لا لا تدركه العقول. ولكن اهل الجنة اذا اكلوا من ثمار الجنة وقع لهم الشبه من جهة من جهة اسمائها هذا تفاح فيذكر تفاح الدنيا ويرون موزق هذا موز الدنيا ولكن مجرد اكله والنيل من طعمه لا يعرفون الاسماء فقط فليست فاكهة الجنة كفاكهة الدنيا انما الشبه بينهما هو بالاسماء فقط فقوله كلما رزقنا من ثمرة رزقا وهذا يدل على ان رزق الجنة متغاير وانه كثير ليس رزقا واحدا وانه متتابع. كلما رزقوا واكلوا وشربوا اتاه رزق اخر غير غير الرزق الاول وهكذا فهو دعا لشيء على تتابع الارزاق عليهم. وانهم اذا اكلوا شيء تذكروا شيء من الدنيا فقالوا هذا هو كذا وانما يتشابهون في الاسماء لا في الحقائق قالوا هذا الذي رزقنا من قبل واوتوا به متشابها اي يشبه الاسم هذا الاسم او يكون شكله مقارب لشكل من شيء من المأكولات التي بالدنيا مع ان البول والفرق بينهما عظيم واتوا به متشابها اي فقط مجرد شبه لا حقيقة في تشابهه ولا اتفاق في معناه. قالهم فيها ايضا لهم فيها ازواج مطهرة هذا ايضا من نعيم اهل الجنة ان لهم فيها ازواج مطهرة فهل الازواج الصفة الاولى وانهم وانها مطهرة من كل اذى سواء الحي او المخاط او البصاق او العرق او اي شيء مؤذي فان زوجات اهل الجنان مطهرة او مطهرات من كل اذى يعتري النساء. فالنساء الدنيا يعتريهن الحيض ويعتريهن النفاس ويعتريهن تغير الابدان ويعتريهن ايضا العرق والقذى والوسخ وما شابه ذلك. فاما نساء الجنة فكلما فظ بكارتها عادت بكرا فهي ان عرقت فعرقها مسك وان آآ اكلت فلا يظهر لها اثر الا المسك والطيب فلا تعرق ولا تبصق ولا تتمخط بل كل ما فيها بكل ما فيها طاهر مطهر ليس فيها مؤذي وليس فيها ما يتأذى به زوجها ومع هذا النعيم كله هم فيها خير جاء في صحيح في الصحيح عن انس قال لو ان حوراء طلت من الجنة لاضاءت ما بين المشرق والمغرب نورا ولا ملأته ريحا طيبة ولا لصيفها اي خمار على رأسها خير من الدنيا وما فيها. وجاء عند الطبراني لو ان حوراء تفلت في بحر لجي لصار البحر عذبا جلالا من حلاوة ريقها وجاء في بعض الاثار وهي ضعيفة ان المؤمن يرى بارقة تبرق في الجنة بارقة. فيظن ان في رفع رأسه يظن من هذا الذي هذا النور الذي بدأ فاذا هي حوراء ضحكت في وجه زوجها تبرق لها الجنة بضحكتها فهذا شيء من نعيم اهل الجنان اعده الله لاهل الجنة. قال ومع هذا النعيم وهم فيها خالدون. وهذا كما جاء ابن عمر ان الله ينادي يا اهل الجنة فيشرئبون فيقول خلود فلا موت فلو كان احد يموت فرحا لمات اهل الجنة ففي هذه الاية ان الله بعد ذكر بعد ان ذكر نعيم اهل الجنة وان لهم فيها جنات تجري من تحتها انهار ولهم فيها فواكه متتابعة يأتي رزقها شيئا فشيئا ان لهم ازواج مطهرة هم مع هذا النعيم هم مع هذا النعيم كله قم فيها خالدون فنسأل الله عز وجل ان يجعلنا اهل الجنة. ولذلك لك الله هذا من باب اللفت والنشر عندما ذكر النار وعقوبة اهل النار ذكر ايضا ما يتعلق الجنة وهذا يأتي القرآن كثيرا من المثاني يثني ربنا بين النار والجنة بين الجزاء والعقاب بين النعيم العذاب حتى تشتاق النفوس للجنان وحتى تهرب وتخاف من النيران الله يذكر الله ويعق بعدها الجنة ويذكر الجنة ويعق بعدها النار حتى يكون المسلم بين رجاء وبين خوف بين رجاء ان يدخل الجنة قبيل الخوف ليدخل النار نسأل الله العافية والسلامة منها