بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم اما بعد اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالدينا والحاضرين برحمتك يا ارحم الراحمين. السلام حياك الله. عليكم السلام قال الله تبارك وتعالى واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات اتمهن قال اني جاعلك للناس اماما. قال ومن قال لا ينال عهدي الظالمين يقول تعالى منبها على شرف ابراهيم خليله عليه السلام وان الله تعالى جعله اماما للناس يقتدى به في التوحيد حين قام بما كلفه الله تعالى به من الاوامر والنواهي. ولهذا قال واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات ايوا اذكر يا محمد لهؤلاء المشركين واهل الكتابين الذي واهل الكتابين الذين ينتحدون واهل الكتابين الذين ينتحدون ملة ابراهيم وليسوا عليها انما الذي هو عليها مستقيم فانت والذين معك من المؤمنين. اذكر لهؤلاء ابتلاء الله ابراهيم. اي اختبارهم له بما كلفه به من الاوامر والنواهي فاتمهن. اي قام بهن كلهن كما قال تعالى وابراهيم ما الذي وفى اي وفى جميع ما شرع له فعمل به صلوات الله عليه. وقال تعالى ان ابراهيم كان امة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين شاكرا لانعمه اجتباه وهداه الى صراط مستقيم واتيناه في الدنيا حسنة وانه في الاخرة لمن الصالحين ثم اوحينا اليك ان اتبع ملة ابراهيم حنيفا وما كان من المشركين. وقال تعالى قل انني هداني ربي الى صراط مستقيم دينا قيما ملة ابراهيم حنيفا وما كان من المشركين وقال تعالى ما كان ابراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين انه اولى الناس بابراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين امنوا والله ولي المؤمنين وقوله تعالى بكلمات اي بشرائع واوامر ونواه فان الكلمات تطلق ويراد بها الكلمات كقوله تعالى عن مريم عليها السلام وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانطين وتطلق بها الشرعية كقوله تعالى وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا اي كلمات الشرعية وهي اما خبر صدق واما طلب عدل ان كان امرا او نهيا. ومن ذلك هذه الاية الكريمة واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فاتمهن اي قام بهن. قال اني جاعلك للناس اماما. اي جزاء على ما فعل لما قام بالأوامر ترك الزواجر جعله الله للناس قدوة واماما يقتدى به ويحتذى حذوه. وقد اختلف في تعيين الكلمات التي اختبر الله بها ابراهيم الخليل عليه السلام. فروي عن ابن عباس في ذلك روايات فروى عبد الرزاق عن ابن عباس ابتلاه الله وكذا رواه ابو اسحاق وروى عبدالرزاق ايضا عن ابن عباس واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات قال ابتلاه بالطهارة خمس في الرأس في الجسد في الرأس خمس في الرأس وخمس في الجسد. في الرأس قص الشارب والمضمضة والاستنشاق والسواك وفرق الرأس وفي الجسد تقديم الاظفار وحلق العانة والختان ونتف الابط. وغسل اثر الغائط والبول بالماء. قال ابن ابي حاتم وروي عن سعيد بن المسيب ومجاهد والشعبي والنخعي وابي صالح وابي الجلد نحو ذلك قلت وقريب من هذا ما ثبت في صحيح مسلم. عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر من الفطرة قص الشارب واعفاء اللحية والسواك واستنشاق الماء وقص الاظفار وغسل البراجم. ونتف الابط وحلق العانة وانتقاص ونسيت العاشرة الا ان تكون المضمضة. قال وكيع انتقاص الماء يعني الاستنجاء. وفي الصحيحين عن ابي هريرة عن النبي الله عليه وسلم قال الفطرة خمس الختان والاستحداد وقص الشارب وتقديم الاظفار ونتف الابط ولفظه لمسلم ومحمد بن اسحاق ان ابن عباس قال الكلمات التي ابتلى الله بهن ابراهيم فاتمهن. فراق قومه في الله حين امر بمفارقة ومحاجته نمرود في الله حين حين وقفه على ما وقفه عليه من خطر الامر الذي فيه خلافه على قذفه اياه في النار ليحرقوه في الله على هول ذلك من امرهم. والهجرة بعد ذلك من وطنه وبلاده في الله حين امرؤوا بالخروج عنهم وما امره به من الضيافة والصبر عليها بنفسه وماله وما ابتلي به من ذبح ابنه حين امرهم بذبحه فلما مضى على ذلك من الله كله واخلصه للبلاء قال الله له اسلم قال اسلمت لرب العالمين. على ما كان من خلاف الناس وفراقهم. وقوله قال ومن ذريتهم قال لا عهد الظالمين. لما جعل الله ابراهيم اماما سأل الله ان تكون الائمة من بعده من ذريته. فاوجب الى ذلك واخبر انه سيكون من ذريته ظالم وانه لا ينالهم عهد الله ولا يكونون ائمة. فلا يقتدى بهم والدليل على انه اجيب الى الى طلبته قوله تعالى في سورة العنكبوت وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب فكل نبي ارسله الله وكل كتاب انزله الله بعد إبراهيم ففي ذريته صلوات الله وسلامه عليه واما قوله تعالى قال لا ينال عهدي الظالمين فيخبر كائن في ذريته ظالم لا ينال عهده ولا ينبغي ان يوليه شيئا من امره وان كان من ذرية خليله ومحسن ستنفذ فيه دعوته وتبلغ له ما اراد من مسألته. واختار ابن جرير ان هذه الاية وان كانت ظاهرة في الخبر انه لا ينال عهد الله ظالما ففيها اعلام من الله لابراهيم الخليل عليه السلام انه انه سيوجد من ذريتك من هو ظالم لنفسه وقال ابن خويز وقال ابن خويز من داد المالك الظالم لا يصلح ان يكون خليفة ولا حاكما ولا مفتيا ولا شاهدا ولا راويا الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى واذا ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فاتمهن قال اني جاعلك للناس اماما. قال ومن ذريتي؟ قال لا ينال عهدي. قال لا ينال عهدي الظالمين. في هذه الاية يخبر وربنا سبحانه وتعالى انه ابتلى ابراهيم. وابراهيم عظم بلاؤه. عظم بلاؤه من جهات كثيرة فمن ذلك ابتلي في زوجه. ومن ذلك ابتلي في ولده. من ذلك ابتلي في والده من ذلك ابتلي في قومه فعظم لاؤه وصبر عليه الصلاة والسلام ولذلك ابتلاه الله ببلاء عظيم حتى انه بهذا البلاء القي في النار ولذلك اصبح خليل الله واصبح امة قانتة لله بكون انه كان واحدا في قومه لكن الله وصفه بانه امة قانتة لله ولم يكن من المشركين فعندما اخبر ربنا واذا ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فاتمهن اي ابتلى الله عز وجل ابراهيم بتلك الكلمات سواء الكلمات القدرية او الكلمات الشرعية فوفى بذلك اعظم وفاء. واتى به على اكمل وجوهه عليه الصلاة والسلام. ومن تأمل قصصه ابراهيم وما ابتلي به رأى من ذلك العجب العجاب. ويكفي في ذلك ما حصله ما حصله بينه وبين ابيه وقومه. اذ قال انا براء منكم واما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء ابدا حتى تؤمنوا وحده الا قول ابراهيم. وهذا من اعظم البلاء ان يفارق المرء عشيرته وقومه ووالديه. ويترك ويترك عليه ويفارقهم في ذلك ويعتزلهم وما يعبد من دون الله. ولا يصبر على هذا الا الصديقون. والا الذين اذا اصطفاهم الله عز وجل والا اكثر الناس والا اكثر الناس قد يترك الحق شحا بوطنه وقد يترك الحق شحا بوالده ووالدته وقد يترك الحق شحا بماله واولاده اما ابراهيم عليه السلام فترك ذلك كله لله عز وجل. ابتلاه الله عز وجل ايضا في زوجه سارة عندما دخلت على في بلد مالكه ظالم من الظلمة ومن الطغاة فاخبر ان ان بلدك دخلها امرأة لم يرى مثلها قط. وعلم ابراهيم ان هذا الطاغية ان علم بها انها زوجته انه سيقتله ويأخذها غصبا فقال قولي له انك اختي وليس هناك من على هذا الدين الا انا وانت فلما سئل عنها قال هذه اختي في الله اي اختي في الاسلام ولم يكن على ملة التوحيد الا ابراهيم وزوجه سارة ذهبت سارة الى هذا الطاغوت الى هذا المجرم وجلس ابراهيم يدعو الله عز وجل ان يكفيها شر هذا الطاغوت وهذا المجرم. فلما اراد ان يتناولها او يأخذها بيده قالت اللهم اكفنيهم ما شئت فساحت قدماه في الارض حتى بلغ منتصف بطنه فقالها ادعو الله لي واتركك فلما دعت وخرج عاود فعاودت عليه الدعاء اللهم اكفني ما شئت فكفاه الله عز وجل اياه حتى ساقت اقدامه في الارض فلما خرج الثالثة قال اخرجوها عني فانما اتيتم بي بشيطان وقد وقالت لما رجعت ابراهيم قد كفى الله كفاك الله شر عدوك واخدمك الوليدة. واخدم هاجر عليها السلام ووطي هاجر واكرم الله بعد هذا البلاء العظيم اكرم بابنه اسماعيل حيث ان لا سارة لم تكن ممن يحمل فلما وطي ابراهيم ابراهيم هاجر ثم العرب ام العرب ام كما قال امكم بني ماء السماء حملت باسم فغارت سارة حتى ان هاجر رضي الله تعالى عنها كانت ترخي منطقها حتى لا تعرف صارت اثرها. فامره الله عز تطيبا لخاطري تطيبا خاطري سارة ولحكمة ارادها ربنا سبحانه وتعالى ان يأخذ هاجر وينزلها البيت البيت الحرام والوادي الذي ليس فيه زرع. فلما ذهبها هي وصغيرها واسكنها في هذا الوادي الذي لا زرع فيه ولا ماء فيه وقالت يا ابراهيم لمن تتركنا في هذا الوادي فلم يرد عليه. قالت يا ابراهيم ثلاثة حتى قالت الثالثة الله اكبر قالت؟ قال نعم. قالت اذا لا يضيعنا ربي. تأمل انه يترك وليده الذي جاء بعد بعد عمر طويل بعد ثمانين سنة ولد بي هذا الابن وزوج وسريته هذه تركها في ذلك الوادي الذي لا زرع فيه ولا لا ساكن فيه وليس فيه وليس فيه من من يؤانسهم ويساكنهم لكنه توكلا على الله وثقة بالله علم ان الله يحفظهم وكذلك قالت هاجر اذا لا يضيعنا ربي فاجر الله عين زمزم التي تجري الى يومنا هذا وجعل الناس يسكنون حول حول ام اسماعيل وكانت رحمها الله تحب تحب تحب الناس وتحب وكانت امرأة تحب المؤانسة رضي الله تعالى عنه فلما شب الغلام وبلغ مبلغا ينتفع به ينتفع به والده امره الله عز وجل لما اه ان ابراهيم قد امتلأ قد اخذ قلبه من حب هذا الغلام من هذا الولد امره الله عز وجل ببلاء عظيم وامتحان شديد ان يذبح هذا الغلام ان يذبح هذا الغلام. فلما قص ذلك ابراهيم على ابنه اسماعيل قال يا ابتي افعل ما تؤمر وتأمل هذا البلاء العظيم انك تؤمر بذبح ابنك ورؤيا الانبياء وحي. فالله اوحى الى ابراهيم ان يذبح وحيده وابنه اسماعيل عليه السلام فلما اخذ وتله للجبين واخذ السكين في يده وامرها على حلقه اثباتا وتحقيقا لقطع عنقه ما قطعت السكين وما سال الدم حتى ان اسماعيل فيما يذكر من الاثار انه كان يقول لابيه ابراهيم يا ابتي ارفع ثوبك لا يصيبك دمي تأذى من ذلك من باب طواعيته وكمال تسليبه. فلما اسلم وتل ونادينا يا ابراهيم قد صدقت الرؤيا. انا كذلك نجزي المحسنين. فابتلي بعد ذلك ايضا بالنمرود اللعين الذي كان يدعي انه رب العالمين وانه خالقه وانه خالق الناس فاتى ابراهيم الى تلك الاصنام التي تعبد دون الله وكانت تعلق بالكواكب ربطا وتأثيرا فكسرها وهدمها الا كبيرها اي كبيرهم الذي واعظم هذه الاصنام لعلهم اليه يرجعون. فلما نكس على رؤوسهم قالوا او الاقامة تعالى عندما سأل من فعل هذا؟ قال فعله كبيرهم. فلما رأوا ان هذه احجار لا تتحرك قال اتعبدون ما لا ينفعكم ولا يضركم اف لكم ولما تعبدون الله افلا تعقلون. فاخذ ابراهيم وكان وكان اعداؤه واتباع ذلك الملك اللعين يجمعون النار من كل حدب وصوب حتى ان المرأة تأتي بالحطب الصغير حتى تلقيه في هذه النار ليحرق بها ابراهيم فلما اجتمعت نار تأججت نار عظيمة حتى ان الطير اذا مر من اعلاها سقط من شدة وهجها وحرها. فلما القي ابراهيم عليه السلام في تلك النار قال الله للنار كوني بردا وسلاما. فدخل النار بعد ما القي بمنجنيق فيها خرج بل وقيل انه مكث فيها عدة ايام قيل اربعين يوما ولم تحرق النار منه الا الوثاق الذي وثق به. فخرج منها مهاجرا الى الى فلسطين الى فلسطين. وكان معه لوط امن بعد كذلك لوط ابن اخيه عليه عليه السلام فهذا من اعظم البلاء الذي ذكر الله اذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فاتمهن ثم افادهن ان ان ان التمكين التمكين والرفعة في الدنيا والاخرة لا تكون الا بعد البلاء وكما قيل ايمكن الرجل قبل ان يبتلى؟ قال لا الا بعد الا بعد البلاء. فلما ابتلي ابراهيم بهذا البلاء العظيم جعله الله عز وجل اماما للناس. جعله الله عز وجل اماما الناس وجعلهم امة قانتا لله حنيفا. واكد حنفيته بانه ولم يك ولم يك من المشركين قال سبحانه قال سبحانه فاتم قال اني جاعلك للناس اماما ابراهيم جعل امام واصبح اماما للناس الى يوم القيامة قال يا قال ابراهيم ومن ذريتي ايجعل امامك ايضا في وفي ذرية فقال الله عز وجل لا ينال عهدي الظالمين. وافاد هدى ان الظالم لا تناله ولاية الله. ولا ينال عهد الله ولا يكون وليا ولا يكون خليفة ولا يكون حاكما ينتفع الناس به وهو وهو على هذا الظلم والظلم اعظمه من يشرك لله عز وجل فان الشرك ظلم عظيم ودون ذلك ان يظلم العبد ان يظلم العبد عباد الله بسلب اموالهم او قتل انفسهم او عليه بما بما حرمه الله عز وجل فهذا من الظلم الذي يمنع الولاية ولا يكون العهد له وفي قوله لا ينال عهد الظالمين اي ان من امتك يا ابراهيم او من ذريتك يا ابراهيم من يكون ظالما ولا يعني ذلك ان جميع الدنيا تكون على هذا الوصف بل من ذرية من كان اماما واعظم اولئك الائمة الذين هم من ذرية ابراهيم عليه السلام محمد صلى الله عليه وسلم فهو من ذرية ابراهيم بل جميع الرسل والانبياء بعد ابراهيم كلهم من ذرية ابراهيم عليه السلام فاستجاب الله دعاءه ان جعل من ذريته ائمة يهتدى بهم ويقتدى بهم واخبر الله عز وجل ان هذا العهد لا يناله الظالمون من ذريته وانما ينال الصادقون الصالحون من ذريته فقوله هنا قال لا ينال عهدي الظالمين اي العهد بالولاية وآآ الامامة لا تكون الامام بالدين الا من كان من الصادقين الصالحين. ثم قال بعد ذلك واذ جعلنا البيت مثال الناس نقف على قوله وان جعلنا البيت مثال الناس والله تعالى اعلم واحكم صلى الله عليه وسلم على نبينا محمد