بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد. وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا يا رب العالمين. قال الامام رحمه الله تعالى واسكو قدري سر الله تعالى في خلقه. لم يطلع قال ذلك ملك مقرب ولا نبي مرسل والتعمق والنظر في ذلك ذريعة ذريعة الخذلان وسلم الحرمان ودرجة الطغيان. فالحذر كل حذر من ذلك نظرا وفكرا ووسوسة فان الله تعالى طوى علم القدر عن آلامه ونهاهم عن مرامه. كما قال تعالى في كتابه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون فمن سأل لما فعل فقد رد حكم الكتاب. ومن رد حكم الكتاب كان من الكافرين. قال الامام ابن ابي العز رحمه الله تعالى رأس القدر سر الله في خلقه وهو كونه اوجد وافنى وافقر واغنى وامات واحيا واضل قال علي رضي الله عنه القدر سر الله فلا تكشفه. والنزاع بين الناس بمسألة القدر مشهور والذي عليه اهل السنة والجماعة ان كل شيء بقضاء الله وقدره وان الله تعالى خالق افعال العباد قال تعالى ان كل شيء خلقناه بقدر. وقال تعالى كل شيء فقدره تقديرا. وان الله تعالى يريد الكفر. وان الله تعالى يريد الكفر من الكافر ويشاؤه ولا يرضاه ولا يحبه فيشاؤه كونا ولا يرضاه ديناك. وخالف في ذلك القدرية والمعتزلة. وزعموا ان الله شاء الايمان من الكافرين ولكن الكافر شاء الكفر فروا الى هذا لئلا يقولوا شاء الكفر من الكافر وعذبه عليه ولكن صاروا كالمستجير من الرمضاء بالنار فانهم هربوا من شيء فوقعوا فيما هو شر منه فانه يلزمهم ان مشيئة الكافر غلبت مشيئة الله تعالى فان الله قد شاء الايمان منك على قولهم والكافر شاء الكفر فوقعت مشيئة الكافر دون مشيئة الله تعالى. وهذا من اقبح الاعتقاد وهو قول لا دليل عليه بل هو مخالف للدليل. رولى لك من حديث بقية عن الاوزاعي حدثنا العلاء ابن عن محمد بن عبيد المكي عن ابن عباس رضي الله عنهما ان رجلا قدم علينا يكذب بالقدر فقال دلوني عليه وهو يومئذ اعمى فقالوا له ما تصنعوا به؟ فقال والذي نفسي بيده لئن استمكنت منه لاعضن انفه لاعضن انفه حتى اقطعه. ولئن وقعت رقبته بيدي ولان وقعت رقبته بيدي لادقنها فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كاني بني فهم يطوفن بالخزرج تصطك الياتهن مشركات وهذا اول شرك في الاسلام. والذي نفسي بيده لا بهم سوء لا ينتهي لا ينتهي بهم لا ينتهي بهم سوء رأيهم حتى يخرجوا الله من ان يقدر الخير كما من ان يقدر الشر. قوله وهذا اول شرك في الاسلام الى اخره من كلام ابن عباس رضي الله عنهما. وهذا يوافق قوله القدر نظام التوحيد فمن وحد الله وكذب بالقدر نقض تكذيبه توحيدا. وروى عمر ابن الهيثم قال خرجنا في سفينة وصحبنا فيها قدري ومجوسي فقال القدري للمجوسي اسلم قال المجوسي حتى يريد الله. فقال القدري ان الله يريد ولكن لا يريد قال المجوسي اراد الله واراد الشيطان فكان ما اراد الشيطان هذا شيطان قوي وفي رواية انه قال فانا مع اقواهما ووقف اعرابي على حلقة فيها عمرو بن عبيد فقال يا هؤلاء ان ناقتي سرقت فادعوا الله ان يردها علي. فقال عمرو ابن عبيد اللهم انك لم ترد ان تسرق ناقته فسرقت فارددها عليه فقال الاعرابي لا حاجة لي في دعائك. قال ولم؟ قال اخاف كما اراد الا تسرق فسرقت اي يريد ردها فلا ترد. وقال رجل لابي عاصم القسطلاني ارأيت ان منعني ارأيت ان منعني الهدى واوردني الضلال ثم عذبني ايكون منصفا؟ فقال له ابو عاصم ان يكن الهدى شيئا هو له فله ان يعطيه من يشاء ويمنعه من يشاء. واما الادلة من الكتاب والسنة فقد قال تعالى ولو شئنا لاتينا كل نفس هداها ولكن حق مني لاملأن جهنم من الجنة والناس اجمعين. وقال تعالى ولو شاء ربك لامن من في الارض تب ولو شاء ربك لامن من في الارض كلهم جميعا. افانت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين. وقال تعالى وما تشاؤون الا ان يشاء الله رب العالمين وقال تعالى وما تشاؤون الا ان يشاء الله ان الله كان عليما حكيما. وقال تعالى من يشاء الله يضلله هو من يستأجل على صراط مستقيم. وقال تعالى فمن يرد الله ان يهديه يشرح صدره للاسلام. ومن يرد ان يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كانما يصعد في السماء. ومنشأ الضلال من التسوية بين المشيئة والارادة. وبين المحبة والرضا فسوى بينهما فسوى بينهم فسوى بينهما الجبرية والقدرية ثم اختلفوا فقالت الجبرية الكون كله بقضائه وقدره فيكون محبوبا مرضيا. وقالت القدرية النفى ليست المعاصي محبوبة لله. ولا مرضية له فليست مقدرة ولا مقضية فهي خارجة عن مشيئته وخلقه. وقد دل على الفرق بين المشيئة والمحبة. الكتاب والسنة والفطرة الصحيحة. اما نصوص المشيئة والارادة من الكتاب فقد تقدم ذكر بعضها. واما نصوص المحبة والرضا فقال تعالى والله لا يحب الفساد. وقال تعالى ولا لا يرضى لعباده الكفر. وقال تعالى عقب ما نهى عنه من الشرك والظلم والفواحش والكبر. كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ان الله كره ان الله كره لكم ثلاثة. قيل وقال وكثرة السؤال واضاعة المال وفي مسند ان الله يحب ان يؤخذ برخصه كما يكره ان تؤتى معصيته. وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم اللهم اني اعوذ بك اني اعوذ برضاك من سخطك واعوذ بمعافاتك من عقوبتك واعوذ بك منك. فتأمل ذكرى فتأمل ذكرى استعادته بصفة الرضا بصفة السخط من صفة من صفة السخط وبفعل المعافاة من فعل العقوبة فالاول بالصفة والثاني لاثرها المرتب عليها ثم ربط ذلك كله بذاته سبحانه وان ذلك كله راجع اليه وحده لا الى غيره. فما اعوذ منه واقع فما اعوذ منه واقع بمشيئتك وارادتك وما اعوذ به من رضاك ومعافاتك هو بمشيئتك وارادتك ان شئت ان ترضى عن عبدك وتعافيه وان شئت ان تغضب عليه عاقبة فاعادتي مما اكره. ومنعه ان يحل به بمشيئتك ايضا فالمحبوب والمكروب كله بقضائك ومشيئتك يؤدي بك فعيادي بك منك فعيادي بحولك وقوتك ورحمتك مما يكون بحولك وقوتك وعدلك وحكمتك وقوتك ورحمتك ما يكون بحولك وقوتك وعدلك وحكمتك. فلا استعيذ بغيرك من غيرك. ولا استعيذ بك من شيء صادر من غير مشيئتك هل هو منك فلا يعلم ما في هذه الكلمات من التوحيد والمعارف والعبودية الا الراسخون في العلم بالله ومعرفة ومعرفة عبوديته فان كيف يريد الله امرا ولا يرضاه ولا يحبه. وكيف يشاؤه ويكونه وكيف يجتمع ارادته له وبغضه وكراهته. قيل هذا السؤال هو الذي افترق الناس لاجله في رقاق وتباينت طرقهم واقوالهم فاعلم ان المراد نوعان مراد لنفسه ومراد لغيره فالمراد لنفسه مطلوب محدود لذاته وما فيه من الخير فهو مراد فهو مراد ارادة الغايات والمقاصد. والمراد لغيره قد لا يكون مقصودا للمريد ولا فيه مصلحة له بالنظر الى ذاته وان كان وسيلة الى مقصوده ومراده فهو مكروه فهو مكروه له من حيث نفسه وذاته. ومراد له من حيث وايصاله الى مراده فيجتمع فيه الامران بغضه وارادته ولا يتنافيان الاختلاف متعلقهما وهذا كالدواء الكريه. اذا علم المتناول له ان فيه شفاؤه اذا علم المتناول له ان فيه شفاءه وقطع العضو المتآكل واذا علم ان فيه قطعه بقاء جسده وكقطع المسافة الشاقة اذا علم انها توصل الى مراده ومحبوبه بل العاقل يكتفي في ايثار هذا المكروه وارادته بالظن الغالب وان خفيت عنه عاقبته فكيف بمن لا يخفى عليه خافية؟ فهو سبحانه يكره الشيء ولا ينافي ذلك ارادته لاجل لغيره وكونه سببا الى امر هو احب اليه من فوته. من ذلك انه خلق ابليس الذي هو مادة لفساد الاديان. الذي هو مادة لفساد الاديان والاعمال والاعتقادات والايرادات وهو سبب لشقاوة كثير من العباد وعملهم بما يغضب الرب تبارك وتعالى وهو السعي في وقوع بخلاف ما يحبه الله ويرضاه ومع هذا فهو وسيلة الى محبة كثيرة للرب تعالى ترتبت على خلقه ووجودها احب اليه من منها انه تظهر للعباد قدرة الرب تعالى على خلق المتضادات المتقابلات. فخلق هذه الذات التي هي اخبث الذوات وشرها وهو سبب كل وهو سبب كل شر في مقابلة ذات جبريل التي هي من اشرف الذوات واطهرها وازكاها وهي مادة كل كل خير فتبارك خالق هذا وهذا كما ظهرت قدرته في خلق الليل والنهار والداء والدواء والحياة والموت والحسن والقبيح والخير والشر وذلك من ادل دليل على كمال قدرته وعزته وملكه وسلطانه فانه خلق هذه المتضادات وقابل بعضها ببعض وجعلها لا محال تصرفه وتدبيره. فخلو الوجود عن بعضها بالكلية تعطيل لحكمته. وكمال تصرفه مملكته ومنها ظهور اثار اسمائه القهرية مثل القهار والمنتقم والعدل والضار والشديد العقاب والسريع الحساب وذي البطش الشديد والخافض والمذل فان هذه الاسماء والافعال كمال لابد من وجود متعلقها ولو كان الجن والانس على طبيعة الملائكة لم يظهر اثر هذه ومنها ظهور اثار اسمائه المتضمنة لحلمه وعفوه ومغفرته وستره وتجاوزه عن حقه. وعتقي لمن شاء من عبيده فلولا خلقه ما اكرهوا من الاسباب المفضية الى ظهور اثار هذه الاسماء لتعطلت هذه الحكم والفوائد. وقد اشار النبي صلى الله عليه وسلم الى هذا بقوله لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون ويستغفرون فيغفر لهم. ومنها ظهور اثار اسماء الحكمة والكبرة فانه حكيم الخبير الذي يضع الاشياء مواضعها وينزلها منازلها اللائقة بها فلا يضع الشيء في غير موضعه ولا ينزله في غير منزلته التي يقتضيها كمال علمه وحكمته وخبرته فهو اعلم حيث يجعل رسالاته واعلم بما يصلح لقبولها. ويشكره على انتهائها اليه واعلم بمن لا يصلح لذلك فلو قدر فلو قدرعدم الاسباب المكروهة لتعطلت حكم كثيرة ولفاتت مصالح عديدة ولو عطلت تلك الاسباب لما فيها من الشر لتعطل الخير الذي هو اعظم من الشر الذي الذي في صلاح تلك الاسباب. وهذا كالشمس والمطر والرياح التي فيها من المصالح ما هو اضعاف واضعاف ما يحصل بها من الشر. ومنها حصول العبودية المتنوعة التي لولا خلق ابليس لما حصلت فان عبودية الجهاد من احب انواع عبودية اليه سبحانه ولو كان الناس كلهم مؤمنين لتعطلت هذه العبودية وتوابعها من الموالاة لله سبحانه وتعالى والمعاداة فيه الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وعبودية الصبر ومخالفة الهوى وايثار محاب الله تعالى وعبودية التوبة والاستغفار وعبودية بالله من ان يجيره من عدوه ويعصمه من كيده واذاه الى غير ذلك من الحكم التي تعجز العقول عن ادراكها. فان قيل فهل كان يمكن وجود تلك الحكم بدون هذه الاسباب فهذا سؤال فاسد. وهو فرض وجود الملزوم بدون لازم كفرض وجود الابن بدون الاب حركة بدون المتحرك والتوبة بدون التائب. فان قيل فاذا كانت هذه الاسباب مرادة لما تفظي اليه من الحكم. فهل تكون مرضية من هذا الوجه؟ ام هي مسخوطة؟ ام هي مسخوطة من جميع الوجوه؟ قيل هذا السؤال يرد على وجهين احدهما من جهة الرب تعالى وهل يكون لها من جهة افضائها الى محبوبه وان كان يبغضها لذاتها. والثاني من جهة العبد وانه هل يصوغ له الرضا؟ هل يسوغ له الرضا من تلك الجهة ايضا فهذا سؤال له شأن. فاعلم ان الشر كله يرجع الى العدم. اعني عدم الخير واسبابه المفضية اليه. وهو من هذه الجهة شر. واما من وجوده المحظ فلا شر فيه. مثاله ان النفوس الشريرة ان النفوس الشريرة وجودها خير من حيث هي موجودة. وانما حصل لها الشر بقطع ما الخير عنها فانها خلقت في الاصل متحركة. فان اعينت بالعلم والهام الخير تحركت به. وان تركت تحركت بطبعها الى خلافه. وحركة ومن حي من حيث هي حركة وحركتها من حيث هي حركة خير. وانما تكون شرا بالاضافة. لا من حيث هي حركة والشرب كله ظلم وهو وضع الشيء في غير محله فلو وضع في موضعه لم يكن شرا. فعلم ان جهة الشر فيه هزلية اضافية. ولهذا كانت العقوبة الموضوعة في محالها خيرا في نفسها. فان كانت شرا بالنسبة الى المحل الذي حلت به لما احدثت فيه من الالم الذي كانت الطبيعة قابلة لضده من اللذة مستعدة له. فصار ذلك الالم شرا بالنسبة اليها. وهو خير بالنسبة الى الفاعل حيث حيث وضعه في موضعه لأنه سبحانه لم يخلق شرا محضا من جميع الوجوه والاعتبارات. فإن حكمته تأبى ذلك فلا يمكن في جناب الحق تعالى ان يريد شيئا يكون فسادا من كل وجه لا مصلحة في خلقه بوجه ما وهذا من ابين المحال فانه سبحانه الخير كله بيديه والشر ليس اليه بل كل ما اليه فخير والشر انما حصل لعدم هذه الاضافة بالنسبة اليه. فلو كان اليه لم يكن شرا فتأمله فانقطاع نسبته اليه هو الذي شراء. فان قيل لم تنقطع نسبته اليه خلقا ومشيئا؟ قيل هو من هذه الجهة ليس من هذه الجهة ليس بشرط فان وجود له هو المنسوب اليك وهو من هذه الجهة ليس بشر والشر الذي فيه من عدم امداده بالخير واسبابه والعدم ليس بشيء حتى ينسب الى من بيده الخير فان اردت مزيد ايضاح لذلك فاعلم ان اسباب الخير ثلاثة. الايجاد والاعداد والامداد. فايجاد هذا خير وهو الى الله وكذلك اعداده وامداده فاذا لم يحدث فيه اعداد ولا امداد. حصل فيه الشرط بسبب هذا العدم الذي ليس الى علم وانما الى ضدك وانما اليه ضده. فان قيل هلا امده اذ اوجده؟ قيل ما اقتضت الحكمة ايجاده وامداده وانما اقتضت وترك امداده فايجاده خير والشر وقع من عدم امداده. فان قيل فهلا امد الموجودات كلها فهذا سؤال فاسد نريده ان التسوية بين الموجودات ابلغ في الحكمة. وهذا عين الجهل. بل الحكمة كل الحكمة في هذا التفاوت العظيم. الذي بين الاشياء وليس في خلق كل نوع منها تفاوت فكل نوع منها ليس في خلقه تفاوت والتفاوت انما وقع بامور عدمية لم يتعلق بها الخلق والا فليس في الخلق من تفاوت فان اعتاص عليك هذا ولم تفهمه حق الفهم فراجع قول القائل اذا لم تستطع شيئا فدعه وجاوبه الى ما تستطيعوا فان قيل كيف ان قيل؟ كيف يرضى لعبده شيئا ولا يعينه عليه؟ قيل لان اعانته عليه قد فوات محبوب له اعظم من حصول تلك الطاعة التي رضيها له. وقد يكون وقوع تلك الطاعة منه يتضمن مفسدة هي اكره اليه سبحانه من محبته لتلك الطاعة. وقد اشار تعالى الى ذلك بقوله ولو ارادوا الخروج لاعدوا له عدة. ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم الآيتين فأخبر سبحانه انه كره انبعاثهم الى الغزو مع رسوله صلى الله عليه وسلم. وهو طاعة فلما كرهه منهم ثبتهم عنه ثم ذكر سبحانه بعض المفاسد التي كانت تترتب على خروجهم مع رسوله صلى الله عليه وسلم فقال لو خرجوا فيكم ما زادوكم الا خبالا اي فسادا شراء ولاوضعوا خلالكم اي سعوا بينكم بالفساد والشر. يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم. اي قابلون منهم مستجيبون لهم تولد من سعي هؤلاء وقبول هؤلاء من الشر ما هو اعظم من مصلحة خروجهم؟ فاقتضت الحكمة والرحمة ان اقعدهم عنه اجعل هذا المثال اصلا وقس عليك. واما الوجه الثاني وهو الذي من جهة العبد فهو ايضا ممكن بل هو بل واقع. فان العبد يسخط الفسوق والمعاصي ويكرهها من حيث هي فعل العبد واقعة بكسبه وارادته واختياره. ويرضى بعلم الله وكتابته ومشيئته وارادته وامنه فيرضى بما فيرضى بما من الله ويسخط ما هو منه فهذا مسلك طائفة من اهل العرفان اخرى كرهتها مطلقة وقولهم يرجع الى هذا القول لان اطلاقهم للكراهة لا لا يريدون به شموله لعلم الرب وكتابته ومشيئته وسر المسألة ان الذي الى الرب منها غير مكروه والذي الى العبد مكروه. فان قيل ليس الى العبد شيء منها. قيل هذا هو الجبر الباطل الذي لا يمكن صاحب الذي لا يمكن صاحبه التخلص منه الذي لا يمكن صاحبه التخلص من هذا المقام الطيب القدري المنكر اقرب الى التخلص منه الى الجبر واهل السنة المتوسطون بين القدرية والجبرية اسعد بالتخلص من الفريقين. فان قيل كيف يتعدى الندم والتوبة مع شهود الحكمة في التقدير ومع شهود القيومية والمشيئة النافذة؟ قيل هذا هو الذي اوقع من عمي بصيرته في شهود الامر على خلاف ما هو عليه. فرأى تلك الافعال طاعات لموافقته فيها المشيئة والقدر. فقال ان عصيت امره فقد اطعت ارادته وفي ذلك قيل فاصبحت منفعلا لما تختاره مني ففعلي كله طاعات. وهؤلاء اعمى الخلق بصائر واجهلهم بالله واحكامه الدينية والكونية. فان الطاعة هي موافقة الامر الديني الشرعي. لا موافقة القدر والمشيئة. ولو كان موافقة القدر طاعة لكان ابليس من اعظم المطيعين له ولكان قوم نوح وهود وصالح ولوط وشعيب وقوم فرعون كلهم مطيعين. وهذا غاية الجهل. لكن اذا شهد العبد عجز نفسه ونفوذ الاقدار فيه وكمال فقره الى ربه وعدم استغنائه عن عصمته وحفظه طرفة عين كان بالله في هذه الحال لا وقوع الذنب منه لا يتأتى في هذه الحالة البتة. فان عليه حصنا حصينا من فبي يسمع وبي يبصر بيبطش وبي يمشي فلا يتصور منه الذنب في هذه الحال. فاذا حجب عن هذا المشهد وبقي بنفسه استولى عليه حكم النفس فهنالك نصبت عليه الشباك والاشراك وارسلت عليه الصيادون فاذا انقشع عنه ضباب ذلك الوجود الطبعي فهنالك يحضره الندم والتوبة والانابة فانه كان في المعصية محجوبا بنفسه عن ربه فلما فارق ذلك الوجود صار في وجود اخر فبقي بربه لا بنفسه فان قيل اذا كان الكفر بقضاء الله وقدره ونحن مأمورون ان نرضى بقضاء الله فكيف ننكره ونكرهه؟ فالجواب يقال اولا نحن غير مأمورين بالرضا بكل ما يقضيه الله ويقدره. ولم يرد بذلك كتاب ولا سنة. بل من المقضي ما يرضى به ومنه ما خطوة يمقت كما لا يرضى به القاضي لاقضيته سبحانه. بل من القضاء ما يسخط كما ان من الاعيان المقضية ما يغضب عليه ويمقت ويلعن ويدمر ويقال ثانيا هنا امران قضاء الله هو فعل قائم بذات الله تعالى ومقضي وهو المفعول المنفصل عنه فالقضاء الماء كله خير وعدل وحكمة. فيرضى به كله والمقضي قسمان. منه ما يرضى به منه ما يرضى به ومنه ما لا يرضى به ويقال ثالثا القضاء له وجهان. احدهما تعلقه بالرب تعالى ونسبته اليه. فمن هذا الوجه يرضى به والوجه الثاني تعلقه بالعبد ونسبته اليك فمن هذا الوجه ينقسم الى ما يرضى به وما لا والى ما لا يرضى به. مثال ذلك قتل النفس له اعتباران. فمن حيث قدره الله وقضاه وكتبه وشاءه وجعله اجلا للمقتول ونهاية لعمره نرضى به. ومن حيث صدر من القاتل وباشره وكسبه عليه باختياره وعصى الله بفعله نسخط ولا نرضى به. وقوله والتعمق والنظر في ذلك ذريعة الخذلان. الى اخره التعمق هو المبالغة في طلب الشيء. والمعنى ان المبالغة في طلب القدر والغوص في الكلام فيه ذريعة الخذلان. والذريعة الوسيلة والذريعة والدرجة سلم متقارب المعنى وكذلك الخذلان والحرمان والطغيان متقارب المعنى ايضا لكن الخذلان في لكن الخذلان في مقابلة النصر والحرمان في مقابلة الظفر والطغيان في مقابلة الاستقامة. قوله فالحذر كل الحذر من ذلك نظرا فكرا ووسوسة عن ابي هريرة رضي الله عنه قال جاء ناس من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه انا في انفسنا ما يتعاظم احدنا ان يتكلم به. قال وقال وقد وجدتموه؟ قالوا نعم. قال ذاك صريح الامام رواه مسلم الاشارة بقوله ذاك صريح الايمان الى تعاظم الى تعاظمهم ان يتكلموا به. ولمسلم ايضا عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوسوسة. فقال تلك محض الايمان وهو بمعنى حديث ابي هريرة رضي الله عنه فان وسوسة النفس ومدافعة مدافعة وسواسيها بمنزلة المحادثة الكائنة بين اثنين. فمدافعة الوسوسة الشيطانية واستعظامها صريح الايمان ومحض الايمان هذه طريقة الصحابة رضي الله عنهم والتابعين لهم باحسان ثم خلف من بعدهم خلف سودوا الاوراق بتلك الوساوس التي هي شكوك بل وسودوا القلوب وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق. وذاؤوا لذلك اذنب الشيخ رحمه الله في دم الخوض في الكلام في القدر والفحص عنه. وعن عائشة رضي الله انها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان ابغض الرجال الى الله الالد الخصم. وقال الامام احمد حدثنا ابو معاوية حدثنا داوود ابن ابي هند عن شعيب عن ابيه عن جده قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم والناس يتكلمون في القدر قال فكأنما تفقأ في وجهه حب الرمان من الغضب قال فقال ما لكم تضربون كتاب الله بعضه ببعض بهذا هلك من كان قبلكم. قال فما غبطت نفسي بمجلس فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لم اشهده بما غضت نفسي بذلك المجلس اني لم اشهده رواه ابن ماجة ايضا. وقال تعالى فاستمتعت فاستمتعتم باخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم كن بخلاقهم وخضتم كالذي خاضوا. الطلاق النصيب. قال تعالى وما له في الاخرة من خلاق. اي استمتعتم بنصيبكم من الدنيا كما استمتع الذين من قبلكم بنصيبهم اخوكم كالذي خاضوا اي كالخوض الذي خاضوه او كالفوج او الصنف او الجيل الذي خاضوا. وجمع سبحانه بين الاستمتاع بالخلاق وبين الخوض لان فساد الدين اما في العمل واما في الاعتقاد فالاول من جهة الشهوات والثاني من جهة الشبهات. وروى البخاري عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لتأخذوا امتي لتأخذن امتي مآخذ القرون قبلها شبرا بشبر وذرعا بذراع. قالوا فارس والروم قال فمن الناس الى اولئك قال فمن الناس الا اولئك؟ وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأتين على امتي ما اتى على بني اسرائيل حذو النعل بالنعل حتى ان كان منهم من امتي امة علانية. ايش؟ حتى ان كان منهم من اتى امه علانية كان في امتي من يصنع ذلك وان بني اسرائيل تفرقوا على اثنتين وسبعين ملة وتفترق امتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار الا ملة واحدة قالوا من هي يا رسول الله؟ قال ما انا عليه واصحابي رواه الترمذي. وعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تفرقت اليهود على احدى وسبعين فرقة او اثنتين وسبعين فرقة والنصارى مثل ذلك وتفترق امتي على ثلاث وسبعين فرقة وابو داوود وابن ماجة والترمذي وقال حديث حسن صحيح وعن معاوية ابن ابي سفيان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان اهل الكتابين افترقوا في دينهم على اثنتين وسبعين ملة وان هذه الامة ستفتري على ثلاث وسبعين ملة يعني الاهواء كلها في النار الا واحدة وهي الجماعة. واكبر المسائل التي وقع فيها الخلاف بين الامة مسألة القدر وقد اتسع الكلام فيها غاية الاتساع وقوله فمن سأل لما فعل وقد رد حكم الكتاب ومن رد حكم الكتاب كان من الكافرين. اعلم ان مبنى العبودية والايمان بالله وكتبه ورسله على التسليم وعدم الاسئلة عن تفاصيل الحكمة في الاوامر والنواهي والشرائع. ولهذا لم يحك الله سبحانه عنه ولهذا لم يحكي الله سبحانه وتعالى عن امة نبي صدقت بنبيها وامنت بما جاء به فانها سألته عن تفصيل الحكمة فيما امرها به ونهى عنه وبلغها عن ربه ولو فعلت ذلك لما كانت مؤمنة بنبيها بل انقادت وسلمت واذعنت وما عرفت من الحكمة وما عرفت من الحكمة عرفته وما خفي عنها لم تتوقف في انقيادها وتسليم وتسليمها. تسليمها لم تتوقف في القيادية وتسديدها تسليمها على معرفة لم تتوقف وتسليمها على معرفته. ولا جعلت ذلك من شأنها. وكان رسولها صلى الله عليه وسلم اعظم عندها من ان تسأله عن ذلك. كما في الانجيل يا بني اسرائيل قولوا لما امر ربنا ولكن قولوا بما امر ربنا ولهذا كان سلف هذه الامة التي هي اكمل الامم عقولا ومعارف وعلوما. لا تسألوا نبيها ما امر الله بكذا ولما نهى عن كذا ولما قدر كذا ولما فعل كذا لعلمهم ان ذلك مضاد للايمان والاستسلام. وان قدم الاسلام لا الا على درجة التسليم. فاول مراتب تعظيم الامر التصديق به. ثم العزم الجازم على امتثاله ثم المسارعة اليه المبادرة به القواطع والموانع ثم بذل ثم بذل الجهد والنصح في الاتيان به على اكمل الوجوه ثم فعله لكونه مأمورا به حيث لا يتوقف الاتيان به على معرفة حكمته فان ظهرت له فعله والا عطله. فان هذا ينافي الانقياد ويقدح في الامتثال قال القرطبي رحمه الله تعالى ناقلا عن عن ابن عبدالبر رحمه الله فمن سأل مستفهما راغبا في العلم ونفي الجهل عن نفسه باحثا عن معنى يجب والوقوف في الديانة عليه فلا بأس به فشفاء العي السؤال. ومن سأل متعنتا غير متفقه ولا متعلم فهو الذي لا يحل قليل سؤالي ولا كثيرة قال ابن العربي الذي ينبغي للعالم ان يشتغل ان يشتغل به هو بسط الادلة وايظاح سبل النظر وتحصيل مقدمات الاجتهاد واعداد الالة المعينة على الاستمداد قال فاذا عرضت نازلة اوتيت من بابها ونشدت من مظانها والله يفتح وجه الصواب فيها انتهى وقال صلى الله عليه وسلم من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه. رواه الترمذي وغيره. ولا شك في تكفير من رد حكم الكتاب. ولكن من تأول حكم الكتاب شبهة عرضت له بين له الصواب ليرجع اليه. والله سبحانه وتعالى لا يسأل عما يفعل بكمال حكمته ورحمته وعدله. لا مجر لا لمجرد وقدرته كما يقول جهم واتباعه. وسيأتي بذلك زيادة بيان عند قول الشيخ ولا نكفر احدا من اهل القبلة بذنب ما لم يستحله. قال الامام الطحاوي رحمه الله فهذا جملة ما يحتاج اليه من هو منور قلبه من اولياء الله تعالى. وهي درجة الراسخين في العلم. لان العلم علمان علم في الخلق موجود وعلم في الخلق مفقود. فانكار العلم موجود كفر. وادعاء العلم المفقود كفر. ولا يثبت الايمان الا بقبول الا بقبول العلم من الموجود وترك طلب العلم المفقود. قال الامام ابن ابي العز رحمه الله الاشارة بقوله فهذا الى ما تقدم ذكره. مما يجب اعتقاده والعمل به مما جاءت به الشريعة وقوله وهي درجة الراسخين في العلم اي علم ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم جملة وتفصيلا. نفيا واثباتا. ويعني بالعلم المفقود علم القدر الذي طواه الله عن انامه ونهاهم عن مرامه ويعني بالعلم الموجود علم الشريعة اصولها وفروعها فمن انكر شيئا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم كان من الكافرين. ومن ادعى علم الغيب كان من الكافرين. قال تعالى عالم الغيب فلا يظهر على غيبه احدا الا يا من ارتضى من رسول وقال تعالى ان الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الارحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس باي ارض تموت ان الله عليم خبير. ولا يلزم من خفاء حكمة الله تعالى علينا عدمها. ولا انتفاؤها ولا انتفاؤها جهلنا حكمته على وان خفاء حكمة الله على ترى ان خفاء حكمة الله علينا في خلق الحيات والعقارب والفأر والحشرات التي لا يعلم منها الا المضرة. لم في ان يكون الله تعالى خالقا لها ولا يلزم الا يكون فيها حكمة خفيت علينا لان عدم العلم لا يكون علما بالمعدوم والله اعلم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد ذكر الامام الطحاوي رحمه الله تعالى في هذا الفصل ما يتعلق بالقدر ذكر واخبر ان القدر هو سر الله عز وجل في وهذا الباب باب القدر وباب واصل من اصول اهل السنة والجماعة. فان من اصول الايمان التي يؤمن العبد ويكون مؤمنا بها ان يؤمن بالقدر خيره وشره كما جاء في الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله تعالى عنه وفي صحيح مسلم ابن الخطاب رضي الله تعالى عنه الايمان قال ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر. وان تؤمن بالقدر خيره وشره. ومن كذب بالقدر ولم يؤمن به فان ايمانه منتقب واسلامه منتقض ايضا. فلا يصح اسلام العبد ولا ايمانه الا بالايمان بقدر الله عز وجل. وان جميع الامور بتقديره وان الامور كلها تحت مشيئته. فامن اهل السنة بهذا القدر والله سبحانه وتعالى ذكر في كتابه انه خلق كل شيء سبحانه وتعالى فكل الخلق خلقوا بقدر الله عز وجل وبمشيئته سبحانه وتعالى وتحت علمه وبأمره سبحانه وتعالى. والايمان قدر يتضمن اربع مراتب يتضمن اربع مراتب المرتبة الاولى يتضمن الايمان بعلم الله السابق. فالله وتعالى علم كل شيء وعلم ما كان وما لم يكن لو كان كيف يكون عليه ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون وتعالى وعلم الله صفة ازلية لذات صفة ازلية وهو متصل بها ازلا ومتصف سبحانه وتعالى. واول من انكر القدر اه انكر العلم. ولاة القدرية عندما تطرقوا لهذا الباب ولهذا اصل انكر علم الله في خلقه. وهي اول بدعة ظهرت آآ بعد بدعة الخوارج وبدعة الرافضة ظهرت بدعة القدر او بدعة الشيعة ظهر بدعة القدر. والقدرية الاوائل الذين ظهروا في الزمن الاول كما قال آآ حميد بن عبد الرحمن احبنا يعمرن مقالا لابن عمر رضي الله تعالى عنه انه قبلنا اناس يتقفرون العلم ويقرؤون القرآن وانهم يقولون ان الامر اولوا اي لا قدر اي ان الله لا يعلمه وان الله لا يعلم به الا بعد وقوعه. وهذا كفر بالله عز وجل باجماع اهل السنة ان من انكر علم الله عز وجل فهو كافر باجماع اهل السنة. وايات العلم في كتاب الله كثيرة. ويختمها ربنا حليم عليم عليم حكيم قدير العليم وهو علي قدير وعليم قدير وايات كلها تدل على ان الله عالم وان الله لا يخفى عليه شيء في الارض ولا في السماء وان عنده علم الساعة ينزل الغيث سبحانه وتعالى وهي صفة يثبتها اكثر طوائف اهل الاسلام ويغالي في نفيها الجهمية الغلاة والقدرية الغلاة فينفون الله عز وجل هذه المرتبة الاولى المرتبة الثانية من مراتب القدر الذي يؤويها للسنة مرتبة المشيئة هذه المرتبة ينافي ينفيها ولا يثبتها الجهمية وغولاتهم. واما اهل السنة فيثبتون مشيئة الله عز وجل وارادته وان الله له مشيئة تليق بجلاله وان كل ما يكون في هذا الكون فهو بمشيئة ربنا سبحانه وتعالى كما قال تعالى وما آآ وما تشاؤون الا ان يشاء الله وقال تعالى ان الله على كل شيء قدير. اي على ما شاءه سبحانه وتعالى قدير اي على ما يشاء وما يريده قدير سبحانه وتعالى فمشيئة الله ايضا صفة ذاتية له وهي صفة ازلية لله سبحانه وتعالى اثبتها للسنة قاط واتفقوا على اثبات لله سبحانه وهو احد مراد الامام القدر. المرتبة الثالثة مراتب القدر. مرتبة الكتابة. وهي ان الله سبحانه وتعالى كتب كل ما هو كائن. كتب في اللوح المحفوظ ما هو الى قيام الساعة. اه كما قال تعالى اه آآ في قوله آآ وكل صغير وكبير مستطر اي مكتوب مسطور في كتابه سبحانه وتعالى. وذكر ان القرآن في اللوح المحفوظ ودليل ذلك ما جاء ايضا في صحيح في السنن من حديث عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اول ما خلق الله القلم اول ما خلق الله القلم قال اكتب قال ما اكتب قال اكتب ما هو كائن الى قيام الساعة فجرى القلم بما هو كائن بما هو كائن الى قيام الساعة فكل ما كان فقد كتب اللوح المحفوظ واهل السنة يؤمنون بذلك ان كل ما يكون ما كان وما وما سيكون انه مخطوط مكتوب في اللوح المحفوظ وهذه المرتبة الثالثة. المرتبة الرابعة او لا يمكن ان نقول المرتبة الثانية العلم. ثم الكتابة ثم المشيئة وان شئت قلت المشيئة ثم الكتاب الامر في ذلك صفات متعلق بعضها ببعض. الامر الرابع الخلق وهي ان ان الله عز وجل خالق لكل شيء. وان ليس ليس هناك مخلوق الا وخالقه الله عز وجل. ولا يوجد في هذا الكون الا خالق ومخلوق. الخالق هو ربنا سبحانه وتعالى وما دونه فهو مخلوق له سبحانه وتعالى. ومعنى انه خالق اي هو بذاته وبصفاته وباسمائه هو خالقه سبحانه وتعالى. وكل ما خرج عن ذاته واسمائه وصفاته فهو مخلوق له سبحانه وتعالى فكل ما دون الله فهو خلق له سبحانه وتعالى. فكل ما في هذا الكون هو مخلوق لله عز وجل الا الا القرآن فانه فانه كلام الله سبحانه وتعالى وليس بمخلوقه بيننا ولا يوجد شيء بيننا غير القرآن غير القرآن الا وهو مخلوق يدخل في هذا اه ما كان متنقلا للقرآن ومنسوب للقرآن في غير الكتب فانه يبقى كلام الله. اذا نقول القرآن كيف ما تصرف هو كلام الله عز وجل ولا يدخل في مخلوقاته سبحانه وتعالى يدخل في اوامره. هذه اربع مراتب يؤمن بها اهل السنة. ومن ومن حقق المراتب الاربعة يسمى قد امن بالقدر خير وشر. ومعنى الخلق ان ان كل شيء خلقه الله الجنة الخير والشر واه الشرور والمعائب والمصائب كلها بخلق الله عز وجل. ما المشيئة ومسألة الخلق ايضا يختلف فيها يخالف فيها المبتدعة. فالجهمية الجهمي من وافقهم من الاشياء ينفون مشيئة الله عز وجل ويقول ان الله ليس له مشيئة وهم متناقضون في هذا الاصل ايضا لكن آآ تناقضهم هذا حملهم على تخبط في باب افعال الله عز وجل. فنفوا الحكمة ونفوا العلة ونفوا اشياء كثيرة بسبب انهم نفوا مشيئة الله عز وجل. كذلك نفى المعتزلة الى خلق افعال العباد وقالوا ان الله لا يخلق افعال العباد. واول امرهم انهم قالوا ان الله لا يخلق الشر ثم زاد امرهم الى ان قالوا ان الله لا يخلق الخير والشر. فقال ان الله لا يخلق الخير والشر وان الخالق لذلك كالعبد نفسه العبد هو الذي يخلق الخير والشر واما الذي يخلق افعالا قالوا ان العبد هو الذي يخلق افعال نفسه وان الله لا يخلقها وارادوا بهذا ان يخرجوا او ينزهوا الله عن عن وصف وصفوه وعن وصف همد هم زعموه انه لو قيل ان الله يخلق افعال العباد لكان ظالما. اذ كيف يخلق افعالهم ثم يعذبهم على خلق هو الذي خلقه. وهذا القول باطل. ومن شاء من شاء هذا الامر او منشأ هذا الاختلاف انهم لم يفرقوا بين المشيئة والارادة وانهم ارادوا ان يطلعوا على سر الله عز وجل في الخلق الذي لا يعلمه الا الله سبحانه وتعالى وهو العلم المفقود الذي من طلبه اورام حصوله لا شك انه تعرض للهلاك والزيغ والضلال نسأل الله العافية والسلامة فهؤلاء لما تطرقوا الى افعال الله عز وجل تطرقوها للنظر فيها بعلة لماذا يفعل الله كذا ولماذا يقول الله يخلق الله هذا ولماذا دا اصل العبودية ان يسلم الامر لله عز وجل. والا يعترض على الله لا لماذا؟ ولا ولا باي قاظ يعترض على خلق الله عز وجل. فانفرق الناس في هذا في باب الخلق الى قسمان او يتفرق الى قسمين او الى طائفتين. الطائفة الاولى قالوا ان العبد يخلق افعال ان العبد يخلق افعال نفسه وان الله يريد منه الخير والعبد يريد وقد تغلب ارادة العبد ارادة ربه سبحانه وتعالى وعلى وهذا القول وقول المعتزلة لاصل اصلوه سموه باصل العدل اي ان من العدل ان العبد هو الذي يخلق افعال نفسه حتى لا يعذب الله العبد على افعال خلقها ربنا سبحانه وتعالى وهذا قول باطل. فحملهم تنزيه الرب من الظلم على الى اخراج افعال العباد من خلق الله لها وجعلهم مع الله خالقا اخر يخلق افعال العبد وهذا اه ولهذا سمى اهل السنة القدرية سموهم بمجوس هذه الامة. حيث ان المجوس يقولون ان للخلق خالقين خالقا للخير وخالقا للشر. فقالوا ان النور يخلق الخير والشر والظلمة تخلق الشر. ولذلك سمي من باب التسمية هذا من باب المقابلة سم بالقدرية لا لاجل اثبات القدر وانما سموا بالقدر انهم ينفون ينفون قدر الله عز وجل على خلقه وقدرة الله على تأخرت بستم من باب المقابلة بنفي لما اه نفوه فسمي القدرية. او قيل انهم سموا بذلك لانهم اعطوا العبد قدرة توازي قدرة الله في خلق افعال الخلق فقال العبد يخلق افعاله فجعلت له قدرة كقدرة الله عز وجل. هؤلاء المعتزلة قالوا ان العبد هو الذي يخلق افعال الناس وقد ذكر ابن ابي عز في شرحه على هذه على هذا المتن انه ذكر قول عمرو عمرو بن عبيد وقول القدري للمجوسي عندما قال عندما اتى اعرابي الى عمر ابن فقال قال يا يا ابا يا عمرو وهو كان عابدا زاهدا في البصرة ان ابلا لي قد سرقت فادعوا الله لي ان يردها. فقال ابو عبيد الدواء هو المعروف بعبادته في بلده. اللهم ان عبدك هذا قد سرقت ابله وانت لا تريد ان تسرق. اللهم رده فقال الاعرابي كف عنا دعاءك وكف دعاك فلا فرب لا فرب فرب لا يستطيع ان يمنع السارق من من سرقة مالي لا يستطيع ان ان يلزمه بارجاع ذلك كالمال لي اي انك اذا كنت تقول انك تقول يا عمر اللهم ان هذا قد سرقت ابل وانت لا تريد ان تسرق فكما انه عجز عن ان يمنع السارق من سرقة سيعجز ايضا ان يردها الى الي. فعرف الاعرابي فطرته وسلامة معتقده ان هذا القول المعتزل قول باطل وضال. وكما قال والقدر عندما قال واسلم قال ان قال له المجوسي له قالوا قد ساسلم قال اني لا اريد ان ان ان انت تقول اني اخلق انا اني لا قدرة لي على ذلك واني انا اريد الاسلام. قال اه قال المجوس لو اراد الله لي ان اسلم لاسلمت. قال الله يريد. ولكن الشيطان لا يريده قال اذا كان الشيطان اراد وربك اراد ولم ولم يستطع ربه ان يمضينا على هذه الارادة فانا اعبد الشيطان لست مسلم يعني ربك ضعيف حاجز ان انه يريد مني شيء ولا يستطيع ان يمضيه والشيطان يريد شيئا فيمضيه. فهذا القول قول باطل وقول وقول ظال كثير من الناس الى التخبط في هذا الباب. عندما سمعت الجبرية مقولة المعتزلة ومقولة عند الله لا يخلق افعال العباد قابلوا هذا الباطل بباطل اشد منه. فقالوا ان العبد لا مشيئة له. ولا فعل له ولا اختيار له. وانه مجبور مغفور على على افعاله وان حاله كحال الريشة في مهب الريح يقلبها الريح كيف شاء فصلاته وطاعاته فعل من؟ هي فعل الله ليست فعله. وجعلوا كل شيء يفعله العبد هو فعل الله. فقالوا ان خالفت امره فقد وافقت مشيئته وارادته وقظاءه وهذا القول ايظا قول باطل وقول مبتدع وقول الكفر حتى ولهم في ذلك اقوال لهم في ذلك اقوال شنيعة مستشنعة يقول البعض عندما اراد ان يصلح بين رجل وامرأة قال ادعوا الله قال ان خرج منها سلمنا. ان خرج منها سلمنا اعوذ بالله من الكفر. واقوال كفرية نسأل الله العافية والسلامة لانهم قالوا ان العبد ان الله هو الذي يريد هذا ان الله عز وجل هو الذي يريد هذا الامر كله. اما نسوة توسطوا وفرقوا بين المشيئة والارادة وقالوا ان الله سبحانه وتعالى له مشيئة كونية عامة تشمل الخير والشر وتشمل كل ما يكون فيها الكون ولا يلزم المشيئة المحبة ولا الرضا ولكن يلزم المشيئة الارادة فالله يريد هذه الاشياء لكن لا يلزم المشيئة العامة المحبة والرضا. فاتوا الى الرضا وقالوا ان الارادة تنقسم الى قسمين. ارادة كونية تراد في المشيئة وارادة شرعية ارادة شرعية آآ هذه الارادة الشرعية تكون لها شرطان ان الله يريدها شرعا ان الله يحبها ويرضاها ويريدها لكنها متعلقة اي معلقة الوقوع قد تقع فتدخل تحت المشيئة الكونية وقد لا تقع لموافقة الارادة ايضا الارادة الكونية. لان الله سبحانه وتعالى عندما خلق هذا الخلق شاء له آآ شاء بمشيئته العامة الكونية ان يكون هناك الصالح وهناك الطالح هناك المؤمن وهناك الكافر هناك الضار وهناك النافع حسب مشيئته وهذا هو سر الله عز وجل الذي لا يطلع عليه لا يطلع عليه احد وانما كما قال ابن عباس القدر سر الله في خلقه سر الله في خلقه فمن اراد ان يطلب هذا السر لا شك انه سيظل وسيطلب المستشفى. وسر الله في خلقه. ويظهر هذا السر يوم القيامة عندما يبدل الحكم والعللة لاجلها فرق مع ان هناك حكم كثيرة فاستنبطها العلم في التفريق بين الخلق وخلق الناس بين سعيد وشقي وبين مؤمن وتقي وكافل ومؤمن تقي وكافر فاجر. فهناك حكم ذكر منها ابن ابي العز عدة عدة حكم منها آآ اظهار قدرة الله عز عز وجل في خلق المتضادات وفي خلق المختلفات حيث يخلق الخير ويخلق الشهداء عليه شيء على قدرة لان من بطبيعة البشر ان من الناس من لا يستطيع ان يفعل الخير فقط. لكن الله عز وجل خلق الخير وخلق ما يضاده فهذا دليل عليه شيء على كمال قدرته وقوته. الامر الثاني ان تتجلى وتظهر الخلائق اثار اسماء الله عز وجل. فالله له اسماءه الحسنى مثل اسماء القهر والجبروت والقوة تظهر اسماء اذا وجد الفجرة والكفرة والعصاة ان الله منتقم وان الله قهار وان الله جبار فينتقم من هؤلاء ويظهر رحمته وعفوه حلمه وايضا اسماء الرحمة والعفو والكرم والجود في انزاله على من؟ على من اطاعه. تظهر ايضا اسماء الحلم والتواب والغفور والرحيم. اذا وجد اهل المعاصي واهل الذنوب واهل كذا. كذلك يظهر آآ يظهر في هذا الخلق وفي هذه الحكم من حيث تظهر آآ تبادل الخلق من جهة محبته لله عز وجل وولائهم لله عز وجل فعندما يخلق الخير والشر لابد يكون لك ولاء وبراء يوالي المؤمن اولياء الله ويتبرأ من اعداء الله عز وجل. هو ذكر حكم كثيرة في هذا المعنى تدل على ان الله عز وجل باين بين الخلق وفارق بينهم لحكم كثيرة وقد ذكر اعتراضات وقال هل يمكن يوجد هذه العلل وهذه الاحكام دون ان توجد هذه دون ان يخلق الله شيء؟ نقول هذا مستحيل وهذا سؤال فاسد لان الله ربط الاسباب مسبباتها وربط الحكم بعللها ايضا فلا بد ان يوجد اشياء حتى توجد هذه الاثر. وهذا السؤال لا يعلمه لا يعلمه الانسان حقيقة جوابه الا متى؟ الا اذا الا اذا قدم على الله عز وجل كذلك قولهم اذا لماذا اذا كان الله يريد الخير فلماذا خلق الشر؟ واذا اراد الله واذا كره الشر فلماذا خلق؟ نقول هناك الموجودات اما ان تكون محبوبة لذاتها واما ان تكون محبوبة لغيرها. فرسل الله واهل الايمان والتقوى محبوبون. الرسل محبوب لذاتهم. ولاثارهم ولما يترتب على وجوده من الخير. اهل الشر والشرور قد تكون مكروهة لذاتها. مكروه يترتب عليها. اما ان يكون في المفعولات مفعولا شر محض فنقول لا لا بد في كل مفعول الله عز وجل ان يكون فيه خير. فابليس هو شر في ذاته لكن يترتب على ايجاده اي شيء يترتب على ايجاد خير كثير لا يعلمه الا الله سبحانه وتعالى. فبوجود ابليس تميز اهل الحق من اهل الباطل. وبوجود ابليس عرف اهل الجنة من اهل النار. وبوجود ابليس عرف المتقي اصاب على ترك المعاصي والدنوب ومن يطيع هواه. فوجود ابليس من؟ له منفعة وحكمة لا يطلع عليها الا من وفقه الله بعين البصيرة والعلم. كذلك مثلا ما يتعلق بالمفعولات لان هل هل يلزم المسلم ان يرضى بقضاء الله وقدره مطلقا؟ نقول المقضي والقضاء ينقسم الى قسمين قضاء متعلق بذات الله عز وجل وقضاء متعلق بالمفعول. فقضاء هو صفة لله عز وجل وقضاء هو اثر فعله اثر صفته سبحانه وتعالى اما ما يتعلق بقضاء الله فانا نرضى به ونحبه ونرضاه لان القضاء هو فعل من افعال الله فنرظى به. اما من جهة مفعولاته اي مفعولات مفعولات الله عز وجل واثر القضاء وثمن القضاء فالمفعولات لله عز وجل تنقسم الى قسمين قسم يحب كاهل الايمان والتقوى وقسم يبغض ويكره ولا يرظى كاهل الكفر والفسوق والفجور والمعاصي والذنوب. فانت عندما تنظر اه الى الى الى الشر مثلا نقول من جهة قظاء الله لهذا نرضى به ونسلم لله قضاءه. ومن جهة اثره ووجوده في هذا الكون فاننا نبغضه ونعاديه ولا نحبه وان كان مفعولا لله عز لان الله لا يرضى لعباده الكفر ونحن نرظى ما يرظي الله ونسخط ما يسخط الله عز وجل ونتقلب فيما يحبه الله ويرضاه. ختم ابن ابناء الطحاوي عندما ذكر القدر وسر الله عز وجل انه سر الله في خلقه. ختم ان المسلم مأمور في طلب العلم ان يطلب العلم العلم الذي الذي اوضح الله ادلته وبراهينه وحججه وبينه وارسل به رسله وانزل به كتبه سبحانه وتعالى فهذا الموج الذي انت مكلف بتعلمه هو العلم الذي يطلب. وهو العلم الذي يسعى في طلبه طالب العلم ويسعى في تحصيله. اما العلم المفقود ليس مفقود حيث مفقودة لا يستطيع طالب العلم ان يرومه. ولذلك لما سأل ذلك عندما سأل ذلك الذمي الكاره النصراني اه اذا كان ربي قظى علي بالظلال فما فما قاله ابن القارئ شيخ الاسلام في رتاهيته قال سؤالك يا هذا سؤال معاندي اي ان هذا السؤال سؤال معاد فهذا العلم المفقود الذي الذي يسعى لمعرفته الجهال من الناس ان يضربوا كلام الله بعضهم بعض علم القدر ويطلب آآ اسرار القدر في خلقه نقول هذا علم مفقود لا لا يمكن الاطلاع عليه ولا معرفته وانما تثبت قدم الاسلام على العبد على وجه التسليم والايمان والاستسلام لله عز وجل. اما اذا رام ان ان يتجاوز هذا الحد فان عقله لا يدرك ذلك العلم ولا يبلغه وسيعود عليه باي شيء بالشقاء والضلال والهلاك والانتكاس والردة نسأل الله العافية والسلامة كما حصل لكثير من الملاحد والزنادقة عندما ارادوا ان يروموا علما مفقودا وسعوا في تحصيل واحى وادخلوا في تلك الغيبيات كفروا بالله عز وجل والحدوا لان العقل له حد اذا تجاوزه هلك العقل وعبودية الله عز وجل كما قال تعالى لا يسأل عما افعل وهم يسألون فحقيقة العبودية الانقياد التام لله عز وجل والطاعة التامة لاوامره وحكمه وقظاه فما فنسمع ان يقول لماذا نطوف حول كعب حجر وهذا فعل نقول هذا؟ هذا امر الله عز وجل وهي عبودية لله عز وجل. اما لماذا؟ فليس ليس هذا سؤال عبد وانما هو سؤال معاند معارضك لا يعرف ان الصحابة رضي الله تعالى سألوا رسولنا صلى الله عليه وسلم انه لماذا فرض الله كذا ولماذا شرع الله كذا؟ وانما حالهم سمعنا واطعنا. هذا حال اهل التوحيد والايمان. جعلني الله واياكم من اهل والله اعلم واحكم وصلاة على النبي محمد