بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالدينا وللحاضرين قال الامام الصحابي رحمه الله تعالى ودين الله في الارض والسماء واحد ودين الاسلام. قال الله تعالى ان ان الدين عند الله الاسلام. وقال تعالى ورضيت لكم الاسلام دينا وهو بين الغلو والتقصير وبين التشبيه والتعطيل وبين الجبر والقدر وبين الامن والاياس. قال الشارف رحمه الله تعالى ثبت في الصحيح عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ان معاشر الانبياء ديننا واحد وقوله تعالى ومن يبتغي غير الاسلام دينا فلن يقبل منه. عام في كل زمان ولكن الشرائع تتنوع كما قال تعالى لكل جعلنا منكم شراطا ومنهاجا. فدين الاسلام هو ما شرعه الله سبحانه وتعالى لعباده على السنة رسله واصول هذا الدين وفروعه. موروثة عن الرسل وهو وهو ظاهر غاية الظهور. يمكن كل مميز من صغير وكبير وفصيح واعجم وذكي وبريد ان يدخل فيه باقصر الزمان. وانه يقع خروج الخروج منه باسرع من ذلك. من انكار كلمة او تكذيب او معارضة او كذب على الله او ارتكاب في قول الله او رد لما انزل الله وشك فيما نهى الله عنه الشك او غير ذلك مما في معناه. فقد دل الكتاب والسنة على ظهور على ظهور دين الاسلام وسهولة تعلمه وانه يتعلمه الوافد. ثم في وقته واختلاف تعليم النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الالفاظ بحسب من يتعلم فان كان بعيد الوطن كظمام ابن ثعلبة والنجدي ووفد عبد القيس علمهم ما لا يسعهم مما مع علمه ان دينه سينتشر في الافاق. ويرسل اليهم من يفقههم في سائر ما يحتاجون اليه. ومن كان قريب الوطن يمكنه الاتيان كل وقت بحيث يتعلم على التدريج او كان قد علم فيه انه قد عرف ما لا بد منه منه اجابه بحسب حاله وحاجته على ما تدل قرينة حال السائل كقوله قل امنت بالله ثم استقم. واما من شرع دينا لم يأذن به الله فمعلوم ان اصوله المستلزمة له لا يجوز ان تكون منقولة عن النبي صلى الله عليه وسلم عن غيره من المرسلين اذ هو اذ هو باطل وملزوم الباطل باطل. كما ان لازم الحق حق وقوله بين الغلو والتقصير. قال تعالى يا اهل الكتاب لا تغروا في دينكم ولا تقولوا الله الا الحق قل يا اهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق. وقال تعالى يا ايها الذين امنوا لا تحرموا طيبات ما احل الله لكم ولا تعتدوا. ان الله لا يحب المعتدين وكلوا من رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذي انتم فيه مؤمنون. وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها ان ناسا من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوا ازواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله في السر فقال بعضهم لا اكل اللحم وقال بعضهم لا اتزوج النساء وقال بعضهم لا انام على فراشي. فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما بال اقوام يقول احدهم كذا وكذا لكني اصوم وافطر وانام واكل اللحم واتزوج النساء ومن رغب عن سنتي فليس مني وفي غير الصحيحين سألوا عن عن عبادته في السر فكأنهم تقالوها وذكر في سبيل نزول الاية الكريمة عن عن ابن جريج عن عكرمة ان عثمان ابن مظعون وعلي ابن قال ابن مسعود ومقداد ابن اسود وسأل من مولى ابي حنيفة رضي الله عنهم في اصحاب تبتلوا فجلسوا في البيوت واعتزلوا النساء ولبسوا المسوح وحرموا طيبات الطعام لباس الا ما يأكل الا ما يأكل ويلبس اهل السياحة من بني اسرائيل. وهموا بالاختصار واجمعوا لقيام الليل وصيام النهار. فنزلت يا ايها الذين امنوا لا تحرموا طيبات ما احل الله لكم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين. يقول لا تسيروا بغير سنة المسلمين يريدوا ما حرموا من والطعام واللباس وما اجمعوا له من قيام الليل وصيام النهار وما هم به من اختصار فنزلت فيهم فبعث النبي صلى الله عليه وسلم اليهم فقال ان لانفسكم حقا وان لي عيونكم حقا. صوموا افطروا وصلوا وناموا فليس منا من ترك سنتنا. فقالوا اللهم اللهم سلمنا واتبعنا ما انزلنا وقوله بين التشبيه والتعطيل تقدم ان الله سبحانه وتعالى يحب ان يوصف بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله من غير تشبيه فلا يقال سمع سمعنا ولا بصر كبصرنا ونحوه ومن غير تعطيل فلا ينفى عنه ما وصف به نفسه او وصفه به اعرف الناس برسوله صلى الله عليه وسلم فان ذلك وقد تقدم الكلام في هذا المعنى ونظير هذا القوم قوله فيما تقدم ومن لم يتوق النفي والتشبيه زل ولم يصب التنزيه وهذا المعنى مستفاد من قوله تعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير فقوله ليس كمثله شيء رد على المشبهات وقوله وهو السميع البصير رد على المعطلة وقوله بين الجبر بين الجبر والقدر تقدم الكلام ايضا على هذا المعنى وان العبد غير مجبور على افعاله واقواله وانها ليست بمنزلة حركات المرتعش وحركات الاشياء بالرياح وغيرها وليست مخلوقة للعبد بل هي فعل العبد وكسبه وخلق الله تعالى وقوله بين الامن والاياس تقدم الكلام ايضا على هذا المعنى وانه يجب ان يكون العبد خائفا من عذاب ربه راجيا رحمته وان الخوف والرجاء بمنزلة الجناحين للعبد في سيره الى الله تعالى والدار الاخرة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه اجمعين. قال رحمه الله تعالى ودين الله في الارض والسماء واحد ودين الله في الارض والسماء واحد وهو دين الاسلام. الاسلام له اطلاقان اسلام عام واسلام خاص. اما الاسلام العام فهو دين جميع الانبياء والمرسلين من لدن ادم عليه السلام. الى محمد صلى الله عليه وسلم فدينهم كله قائم على توحيد الله وعبادة الله عز وجل في الارض وهم يكلفون المخاطبون وفي السماء هم المقرون بهذا الدين وان الدين لله عز وجل لا يخالف في ذلك واما الدين الخاصة والاسلام الخاص فهو الذي خاص بنبينا صلى الله عليه وسلم والاسلام العام لا يقبل بعد مجيء الاسلام الخاص. من كان على الاسلام العام ثم ادرك الاسلام الخاص لم يقبل اسلامه العام الا بعد تسليمه بالاسلام الخاص كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ما من يهودي ولا نصراني يسمع بي ثم لا يؤمن بي الا كان من اهل النار وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم الانبياء اخوة لعلات. دينهم واحد وامهاتهم شتى. اي ان اصل دعوتهم هو توحيد الله عز وجل. اما شرائعهم فتختلف من نبي الى نبي. هذا ينسخ ما سبقه. واخر زيدوا على ما سبقه فلكل نبي شرعة ومنهاجا وان من ابتغى غير الاسلام دينا فلن يقبل منه ولو كان يريد بذلك عبودية الله عز وجل ولو كان على عبودية لربه سبحانه وتعالى لكنه لم يلتزم باتباع الانبياء فان هذا العبادة وهذا العبادة لا تنفعه ويكون كافرين الاسلام هو ما شرعه الله عز وجل على السن رسله صلوات الله وسلامه عليهم وهو الدين الذي جاء به انبياؤه ورسله صلى الله وسلم عليهم. ومن ظن انه يسع او الخروج على شريعة الانبياء والمرسلين فقد ظن كفرا واعتقد باطلا وخرج من ذات الاسلام بهذا الاعتقاد الفاسد ذكر ايضا ان هذا الدين وان هذا الاسلام ظاهر وسينتشر كما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ليبلغن هذا الدين ما بلغ الليل والنهار وان هذا الدين لن يدع بيت وبر ولا مدر الا دخله بعز يعز الله به المسلم او ذلا يذل الله به المشركين. وان هذا الدين ايضا يخرج الانسان بكلمة يقولها لا يلقي لها بال او بفعل يفعله ياخذ من دار الاسلام. فكما ان الاسلام يقول على الشهادتين وعلى اقامة دين الله الخروج منه ايضا يكون بكلمة او بفعل او باعتقاد. فقد يقول كلمة تبا لدين الله فيكفر او يقول كلمة مستهزأ بدين الله فيكبر وهذا ما قصده انه كما انه يدخل به فان هناك ايضا من يخرج من ده وان كل شريعة او كل دين لم يأذن به الله فالتعبد لله به فهو باطل. ودليل ذلك حديث عائشة من عمل ليس عليه امرنا فهو رد. وكل مبتدع فهو ظال من جهة بدعته. واما من جهة ثواب اجره فانه لا يثاب الا على صدق نيته اذا كان جاهلا بكونها بدعة. اما من علم انها بدعة وعملها فانه يأثم من جهة الابتداع ولا ولا يؤجر من جهة الاخلاص. قال ايضا بين الغلو والتقصير اي مذهب اهل سوى الجماعة انه بين الغلاة المفرطين الذين غلوا في دين الله عز وجل وشرعوا فيما لم يشرعه الله عز وجل وبين المقصرين المبطل المعطرين لحكم الله عز وجل غلو مذموم والتقصير ايضا مذموم. وقد ذم الله عز وجل بقول اهل الكتاب لا تغلوا في دينكم. وقوله قل يا اهل الكتاب لا تغلوا في دينكم الحق فالغلو مذموم وهو تجاوز الحد الذي حده الله ورسوله والتقصير ايضا وهو التفريط مذموم وهو الذي يتجاوز ما حده والله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم. واستدعى لقوله تعالى يا ايها الذين لا تحرموا طيبات ما احل الله لكم. فمن حرم الطيبات فهو غالي. ومن تجرأ على المحرمات فهو مقصر مفرط واهل السنة بين الغلو وبين التقصير وبين الغلوة بين الافراط والتفريط ولذلك ذكر في حديث عائشة في الصحيحين ان اناسا يأتون بلحمار لا ندري اذكروا اسم الله عليه او لا اه في حديث صحيح ذكرت عائشة رضي الله تعالى عنها ان ناس من اصحاب رسول قالوا فسألوا سألوا ازواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله في السر. فقال بعضهم لا اكل اللحم عندما سألوا واخبروا بفعل النبي صلى الله عليه وسلم كأنهم تقال لو عمله ذكر شيئا من قيامه وشيئا من صيامه فكأنهم قالوا ان عمله قليل ثم تعتذر له بان الله غفر له ما تقدم من ذنبه فقال احدهم اما انا فلا اكل اللحم فقال النساء وقال اخرمن انا فلا افطر واما قال انا لا انام فقال وسلم اما انا فاكل اللحم واصوم وافطر واقوم واقوم وانام واتزوج النساء من رغب عن سنتي فليس مني ولا شك ان التعبد لله بهذه الامور انه بدعة وضلالة وان من تعبد لله اللحظة هو اثم ولا يؤجر. ومن تعبد الا بترك الزوج فهو اثم ولا يؤجر وهكذا وقال ايضا ذكر ايضا في سبب نزول هذه الاية قول عكرمة ان عثمان يقول رضي الله تعالى عنه علي ابن مسعود علي ابن ابي طالب ابن مسعود والمقدار الاسود المولى ابي لاصحابه تبتلوا فجلسوا في البيوت. واعتزلوا النساء ولبسوا المسوح وحرموا طيبات الطعام واللباس والا ما يأكل ويلبس اهل السياحة من بني اسرائيل وهم وهموا بالاقصاء. واجمع بالاختصار واجمع لقيام الليل وصيام النهار فنزلت يا ايها الذين امنوا لا تحرموا طيبات ما احل الله لكم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين هذا الاثر في اسناده انقطاع فان عكرمة لم يشهد هذه القصة وهو حديث منقطع. وعلى كل حال نقول ان المسلم مأمور باتباع هدي النبي صلى الله الله عليه وسلم والسير على سنته وطريقته والا يتعبد الله بعبادة لم يشرعها رسولنا صلى الله عليه وسلم. اذا هم بين الغلو والتقصير وبين التشبيه والتعطيل فهم لا يجسمون ولا يمثلون الله عز وجل بصفات خلقه ويقولن سمعك سمع خلقه ولا بصرك ببصر خلقه وليسوا ايضا هم ممن يعطلوا صفات ربه سبحانه وتعالى فهم يثبتون الصفات وينزهون الله عن تعطيل صفاته وينزهون الله عز وجل عن تمثيله بخلقه فهذا هو ايضا مذهب اهل السنة انهم يثبتون صفات ربنا من غير تمثيل ويثبتونها من غير تعطيل. فاهل السنة بين المعطلة كالجاهمية والمعتزلة وبين المجسمة الممثلة الذين يقيسون الله في خلقه كالحكم لهشام الرافظي كمقاتل وغيره ممن نسب له هذه الاقوال الكفرية ونظيره هذا القول قوله بما تقدم ومن لم يتبقى النفي والتشبيزن ولم يصب التنزيه اي ان هذا القول قد مر بنا قبل. قال وبين الجبر اي اهل السنة يظبينا مذهب الجبرية الذي يقول العبد لا مشيئة له ولا اختيار وانه كالريشة في مهب الريح وبين القدرية الذين يقولون عبدا يخلق فعل نفسه وسم الجبرية جبرية ومنهم من يقول الجبرية بالجبرية لانهم يرون ان العبد مجبورا على افعاله وانه لا اختياره لمشيئه واما القدرية فهم الذين جعلوا العبد قادر على خلق افعال نفسه فسم قدرية ابن عبيد اما لنفي قدرة الله على خلقه. واما لاعطاء العبد قدرة على خلق افعال نفسه فهو بهذا المعنى وقضي بهذه المعنى. اما الجبرية تسبوا بذاك لانهم جعلوا افعال العبد افعال المجبور الذي لا بمشيئة له ولا اختيار وبين الامن والاياس فهم لا يأمر بمكر الله من عذاب الله ولا ييأسون من قنوط ولا ييأسون من رحمة الله فهم بين الرجاء والخوف. بين الرجاء يرجون رحمة الله ويخافون من عذاب الله عز وجل. فالذي ييأس من رحمة الله ويقنط فهو الخاسر الكافر ومن يأمن من مكر الله عز وجل فهو الهالك الخاسر فكما قال تعالى فلا يا بكر ولا للقوم الكافرون. وكذلك لا ييأس من رحمة الله الا القوم. الكافرون فالاب بعذاب الله ان الله لا يعذبه وان الله لا يقبل على تعذيبه كافر. والذي ييأس من رحمة الله ومن سعة فضل الله وان الله لا يرحم ولا ولا ولا يتفضل فهو كافر ايضا اما اهل السنة فهم بين بين رجاء وخوف وبين رغبة ورهبة وبين امن واياس فهو فهو لا يأمن ان الله ينزل به عذابه ولا ييأس ان الله يشمله برحمته فهو يرجو رحمة الله ويخاف عذاب ربه سبحانه وتعالى وهذا حال المؤمن انه يسير برجاء وخوف وحب لله عز وجل وذاك شبه ابن الباجيون المؤمن في هذه المراتب بالطائر الذي له رأس وجناحان فرأسه المحبة وجناحاه الخوف والرجاء فبهما يسير فمتى ما تعطل احدهما سقط وهلك فاذا فقد الرأس وهو هلك واذا فقد الجناحان هلك واذا فقد احدهما ايضا هلك فهكذا المؤمن يعبد الله بالرجاء والخوف والمحبة. ويحقق ذلك في عبوديته لله عز وجل والله اعلم