بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما وعملا يا عليما اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين. قال الامام حافظ الحكمي رحمه الله تعالى فمنهم شقي والسعيد وذا مقرب وذا طريد. لحكمة بالغة قضاها يستوجب الحمد على اقتضاها. وهو الذي يرى دبيب الذر في الظلمات فوق صم الصخر وسامع للجهر والاخفات بسمعه الواسع للاصوات وعلمه بما داوم خفي احاط علما بالجلي والخفي وهو الغني بذاته سبحانه جل ثناؤه تعالى شأنه وكل شيء رزقه عليه وكلنا مفتقر اليه. رسول الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه اجمعين ذكرنا في لقائنا السابق ما يتعلق بارادة الله عز وجل وذكرنا انه سبحانه وتعالى منفرد بالخلق فلا خالق غيره سبحانه وتعالى ومنفرد بالارادة والانفراد بالارادة هنا بمعنى المنفرد بالمشيئة والتنفيذ فما اراده وشاءه خلقه سبحانه وتعالى والارادة تظاف للمخلوق ايضا فان المخلوق يريد ايضا ارادة تناسبه. الا ان ارادة العبد وارادة المخلوق لا تنفذ الا بما شاء الله عز وجل ان ينفذ فما لم يشأه ربنا سبحانه وتعالى مما اراده المخلوق فانه لا يقع ولا يكون بخلاف ربنا سبحانه وتعالى فهو المنفرد بما يريد فما اراده خلقه واوجده سبحانه وتعالى وهذه الارادة هي الارادة الكونية بخلاف الارادة الشرعية فقد لا تقع وقد يريد الله عز وجل الشيء من عباده ولكن لا يقع لانه قضى كونا وشاء كونا الا يقع ذلك المراد من ذلك المخلوق على وجه التخصيص قال وحاكم جل بما اراده. اي ان الله سبحانه وتعالى هو الحكم. وهو الحاكم وهو الحكيم ذو الحكمة البالغة سبحانه وتعالى والحاكم هو القاضي الذي يحكم ويقضي بين عباده سبحانه وتعالى فكما يسمى الحكم كما والقاضي قاضيا لانه يمنع الخصوم من ظلم بعضهم بعضا ويفصل بينهما في الخصومة ذلك ربنا سبحانه وتعالى هو الحاكم وهو الحكم وهو احسن الحاكمين سبحانه وتعالى. ومن اسمائه الحكم ومن اسماءه الحكيم سبحانه وتعالى ومن صفاته انه ذو حكمة بالغة سبحانه وتعالى. وهو ان يضع الاشياء في مواضعها التي تناسبها. هذا معنى ذو الحكمة الذي خلق الاشياء لحكمة ووضع الاشياء في مواضعها التي تناسبها. وحاكم جل بما اراده من يشاء وفقه بفظله. وقد ذكرنا بان هذه المسألة تسمي مسألة التوفيق بمسألة التوفيق خذلان عند اهل العلم. وان الهداية هي توفيق من الله عز وجل. وان الاظلال هو عدل من الله سبحانه وتعالى. فاسباب الهداية قد وجدت وقد اوجدها ربنا سبحانه وتعالى في خلقه وانزل الدلالة على هذه الهداية. انزل الكتب وارسل الرسل. وبين الطرق وضحها سبحانه وتعالى اما التوفيق وهداية الخلق الى هذا الطريق فهو فظل الله عز وجل. يتفضل به على من يشاء من عباده سبحانه وتعالى ويخذل ايضا من خذل من سلوكه طريق المغضوب عليهم والضالين عدلا منه سبحانه فلم يحرم هذا شيئا له ولم يمنع هذا شيئا له. وانما يعطي هذا فضلا ويمنع ذاك عدل لأ وممن ومما ينبغي على العبد ان يستحضر مثل هذا المعنى عندما يرى توفيق الله له وهدايته له فان هذه نعمة عظمى من الله عز وجل ان تكون من اهل الاسلام ثم توفق فتكون من اهل السنة ثم توفق فتكون العاملين بالسنة لا شك ان هذي من اعظم النعم ذكر في ترجمة بشر الحافي رحمه الله تعالى ان قف على باب بيته. وقد اطال الوقوف فرأته اخته وقد اطال القيام عند بابه وعند عتبة بابه حتى مضت او مضى وقت طويل فقالت يا بشر فانتبه من طول قيامه قالت ما بالك؟ قال تذكرت بشرى النصراني. وتذكرت بشرى اليهودي وتذكرت بشرى المجوس وتذكرت بشر المسلم. فمن الذي خصني دون هؤلاء باني مسلم؟ وباني من اهل الاسلام لا شك ان هذا هو فضل الله عز وجل. فالهداية محض فضل من ربنا سبحانه وتعالى يمن بها على من يشاء من عباده ولذلك نسأل الله دائما في صلواتنا اهدنا الصراط المستقيم. هداية ثبات وهداية ازدياد من الاعمال الصالحة وتوفيق ومعرفة لما يحبه ربنا ويرضاه. ومن اضله الله عز وجل فانما اظله بعدله والله اعلم يجعل رسالته سبحانه وتعالى الله اعلم حيث يجعل هدايته. والله اعلم بمن يصلح للطاعة والخدمة له. ومن لا يصلح لذلك فمن اظله الله عز وجل فان الله عليم بانه لا يصلح لخدمة الملوك ولا لعبادة الملوك ان يكون عبدا للملوك وعبدا لله عز وجل فخذله واضله واذله حيث انه جعله عبدا للشيطان والهوى فان العبودية على العبد لا تنفك اما ان يوفق فيكون عبدا لله عز وجل واما ان يخذل فيكون عبدا لعدوه الشيطان فهذا هو فهذا الاظلال هو عدل من الله عز وجل. فالله لم يمنع الذي اضل شيئا له. بل وظح له الدلالة وظح له وارسل الرسل وانزل الكتب ودعاه ودعاه الى الصراط المستقيم وارسل يدعونه الى النجاة ولكن لا يهلك على الله الا الا هالك. ولا يزيغ الا من ازاغ الله قلبه. فهذا قد قامت عليه الحجة واتضحت له الدلالة الا ان الله عز وجل حرمه توفيقه. والتوفيق هو محض فضل من الله عز وجل يعطيه من يشاء وتعالى فمنهم الشقي وهو ذاك الذي اظله الله عز وجل والشقاء شقاءان شقاء مطلق ومطلق الشقاوة. اما ان يكون له الشقاء المطلق الذي ليس بعده سعادة ابدا. وليس بعده فوزا ابدا وليس بعده نجاة ابدا وهذا كحال الاشقياء الذين كفروا بالله عز وجل وحاربوا الله ورسوله وصدوا عن سبيله فهؤلاء هم الاشقياء الشقاوة الابدية السربدية في الدنيا وفي الاخرة. ومآلهم ومردهم الى النار نسأل الله عز عز وجل العافية. قال تعالى ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا. ونحشره يوم القيامة اعمى. اذا هذا هو طريق الشقاء الضنك والهم والغم وابى الله عز وجل الا ان يذل من عصاه ومن سلك طريقا غير طريق انعم عليهم والمهتدين فان فان طريقه وطريق الاشقياء. فمنهم الشقي ومنهم السعيد ومنهم من شقاوته له مطلق الشقاوة ليست الشقاء المطلق وهو من يشقى بترك واجبات او فعل محرمات استوجب على ذلك عذابا او عقوبة مؤقتة. لان الشقاء ان اما ان يكون شقاء مستوجب للعذاب الابدي واما ان يكون شقاء مستوجبا للعذاب الامدي. اما ان يعذب امدا واما ان يعذب ابدا ولا شك ان الشقاء هو الشقاء المطلق اعظم الشقاء الشقاء المطلق الذي ليس بعده سعادة. عندما ينادى عليه لقد شقي فلان ابن فلان. شقاوة لن يسعد بعدها ابدا كما هو حال اهل النار المخلدين فيها نسأل الله العافية والسلامة. اما من يعذب في النار امدا ويدخل النار امدا فان دخوله شقاء وتعذيبه شقاء لكن هذا الشقاء يعقبه فلاح ونجاح وسعادة. عندما ينادي منادي من السماء ان اخرج من النار من في قلبه مثقال ذرة من ايمان. فيخرجون وقد امتحشوا وتفحموا فيلقون في نهر الحياء. ثم فينبتون كما تنبت الحبة في حمير السيل ثم يدخلون الجنة ويسمى هؤلاء بالجهنميين. هذا ادركهم شيء من الشقاء لكن العاقبة لهم والسعادة لهم بعد ذلك ومآلهم الى السعادة. ومنهم السعيد وهو السعادة المطلقة والسعادة هي السعادة التي تكون في الدنيا وتكون في الاخرة. ومن موجبات السعادة الاخروية السعادة الدنيوية. وما احسن ما قاله شيخ الاسلام ابن تيمية ان في الدنيا جنة من لم يدخلها فلن يدخل جنة الاخرة. وما احسن ما قاله ابن القيم عند قول ابن عباس ومن من عمل صالحا من كلن او انثى وهو مؤمن فليحين طيبة قال ابن عباس الحياة الطيبة هي الحياة السعيدة قال ابن القيم والحياة السعيدة هي التلذذ بمناجاة الله عز وجل والفرح بطاعة الله عز وجل هذه هي السعادة السعادة ان ان تتلذذ وان تفرح بتوفيق الله لك كلعبادته ولطاعته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون وليست السعادة بكثرة المأكل والمشرب ولا بكثرة النكاح والمال فقد قال ابن القيم ان هذه الاسباب تشاركك فيها البهائم فاكثر من يأكل البهائم واكثر من ينكح البهائم واكثر من يشرب ايضا البهائم فليست هي سبب فليست هي السعادة وانما السعادة كما قال القيم هي التلذذ بطاعة الله عز وجل والفرح بطاعة الله عز وجل. ولذلك قال ابراهيم ابن ادهم لو يعلم الملوك وابناء الملوك ما نحن فيه من السعادة يلدون عليها بالسيوف مع انه كان يأتدم الزيت بالخبز رحمه الله تعالى. اذا السعادة هي سعادة معنوية في القلوب. امتلأت قلوبهم بحب الله وتعظيم الله والرضا بالله سبحانه وتعالى فكساهم نورا وسعادة ورضا بربهم سبحانه وتعالى. هذه الحياة هي الحياة السعيدة. ومن عاد هذه الحياة ونالها فحتما سينال السعادة الابدية. ومن ادرك شيئا منها سيدرك ايضا السعادة الاخروي. واما يا من حرم من السعادة كلها ولم يتلذذ بهذه السعادة واعرض عن ذكر الله عز وجل فان له المعيشة ضنكا وله الهم والغم. فالله سبحانه وتعالى اخبر ان من اعرض عن ذكره فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة اعمى. ومن يهن الله فما له ان مكرم. واهانة الله عز وجل للعبد هو ان يحرم من طاعة الله عز وجل ويسلب من توفيق الله له ان يكون من عباد الله الصالحين. فيا من هديت ووفقت للاستقامة والى الطريق انت في نعمة عظيمة لا يقدر قدرها ولا يعلم قدرها الا الا الله سبحانه وتعالى. ولن تستشعر وهذه النعمة الا عندما يحل بك الاجل. وعندما تبعث بين يدي الله عز وجل ستعرف حقيقة هذه النعمة وانما يعرفها في الدنيا اهل البصيرة اهل البصيرة الذين يبصرون حلاوة الايمان ويذوقونها فهم الذين يبصرون هذه الحياة اما من له بصر دون بصيرة وانما يرى الاشياء بمحسوساتها وملموساتها فانه لا يفرق بين الصالح والطالح وبين العبادة والمعصية لانه لم يذق طعم الايمان ولم يتلذذ بحلاوة الايمان وانما يبصر ذلك اذا نزل ملك الموت بالعبد اما ان يبشر بجنة عرضها السماوات والارض. وتخرج روحه وتخرج روحه كاطيب ريح وجه الارض واما ان يظرب على على دبره وعلى وجهه ويقال اخرجي. ايتها الروح الخبيثة الخبيث الى سخط وغظب من الله عز وجل في هذا مقام يتمايز المنافقون من المؤمنين ويتمايز المصلحون المؤمنون من الفاجرين والفاسقين يتمايز في هذا المقام ازداد او يزداد التمايز بعد هذا الموقف بعد الموت تتبين الحقائق ويصبح الغيب مشاهد ويصبح الغيب علنا فيبصر الانسان ما غاب يبصر الانسان ما غاب عنه من المغيبات. اذا فمنهم شقي ومنهم سعيد وذا مقرب الذي قربه الله عز وجل وجعله من خدمه في عبادته لان العبادة تشريف ورفعة وتكريم وذاك بعيد مطرود عن طاعة الله وعن عبودية الله لانه مهان. ولذلك قال ابن ميمون ابن مهران رحمه الله تعالى هالوا على الله فعصوه. هالوا على الله فعصوه. ولو عظموا عنده لعصمهم. اذا وقوع العبد المعصية هو نوع هالة والله يقول ومن يهن الله فما له فما له من مكرم. اذا كنت من اهل الطاعة فانت المكرم. واذا كنت من المحرومين من الطاعة فقد اهنت فقد اهنت وكما قال الحسن كما قال الحسن رحمه الله تعالى ابى الله عز وجل الا ان يذل من عصاه ولو وطقطقت بهم البراذين وهملجت بهم البغال فان ذل المعصية لا يفارقهم. اذا وذا مقرب وذا طريد واعظم واعظم من طرد هو ابليس لعنه الله عز وجل. اذ طلعنه الله ورجمه وطرده من رحمته. فهو يائس من رحمة الله لا يمكن يتوب ويرجع الى الله عز وجل وهو اشقى الخلق. اشقى الخلق بالله والشيطان. ابليس لعنه الله عز وجل. ثم يكون الشقاء على قدر على قدر على قدر تحوذ الشيطان من ذلك العبد. فكلما كان تحوذ الشيطان عليك اكثر كلما كان ايضا مقاربا لطرد الشيطان فالكافر والمشرك بالله عز وجل هو ايضا ممن طرد من رحمة الله عز وجل فان رحمة الله لا ينالها الكافرون ورحمة الله لا ينالها المشركون. ورحمة الله لا ينالها من خرج من دائرة التوحيد والاسلام. قال بالغة قضاها اي ان تفريق الخلق هذا مؤمن وهذا كافر وهذا صالح وهذا طالح وهذا مستقيم وهذا هذا التفريق لحكمة بالغة ارادها ربنا سبحانه وتعالى والا لو شاء الله عز وجل لجعل الناس امة واحدة ولو شاء الله لهدى الناس جا اجمعين. فالله لو شاء لجعل الخلق كلهم على التوحيد والايمان. ولكن الله سبحانه وتعالى لحكمة بالغة خلق الخلق وجعلهم عقولا وجعلهم مشيئة واختيارا وجعل لهم ما يختارون ثم بعد ذلك ارسلهم الرسل وانزل لهم الكتب وبعث لهم الانبياء والمرسلين ليأمروهم وجعله المشيئة والاختيار وجعله المشيئة والاختيار لحكمة ارادها ربنا سبحانه وتعالى ولا شك ان مثل ان مما يتجلى العبد من هذه الحكمة ان يعرف اولياء الله من اعدائه. وان تتجلى للخلق اثار اسماء الله عز وجل فاسم التواب لا يعرف الا اذا وجد العاصي. لا يعرف اثره ولا يمكن ان يدرك العبد اثره مع ان اثره موجود الا الا اذا وجد العاصي الذي يتوب الى الله عز وجل فاذا فاذا عصى العبد وقع في الذنب ثم قال اتوب اليك يا ربي عرف ان الله تواب يقبل التوبة. اذا وقع في الذنب ثم طلب رحمة الله عز وجل يعني عرف اثر رحمة الله عز وجل عليه انه لم يقبض روحه على معصيته سبحانه وتعالى. فتفريق الخلق ومباة الخلق بين مهتد وضال فيها حكمة العظيمة يتمايز اهل الحق من اهل الباطل يتمايز اولياء الله من اولياء من اولياء الشيطان يتمايز حزب الله من حزب الشيطان يعرف الصادق من الكاذب الف لام ميم احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا امناهم لا يفتنون. ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا ولا يعلمن الكاذبين. اذا ليبلونا خلقنا ربنا سبحانه وتعالى ليبلونا اينا احسن عملا. الله خلق الخلق فليبلوهم وليبتليهم من الصادق من الكاذب؟ من المطيع؟ من العاصي؟ من الذي من الذي يؤثر طاعة ربه على طاعة طاعة نفسي وهواه ولذلك يوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون فريق في الجنة وفريق في السعير كما تفرقوا في الدنيا فكان هناك من ينصر الله وينصر دين الله وينصر اولياء الله عز وجل كذلك يوجد في الدنيا من انصروا الشيطان ويسعى في نصرة الشيطان واقامة ما يحبه الشيطان فانت ترى من الناس من هو من هو عند الشيطان فما من شر الا ويدعو له. وما من فساد الا وتراه يسعى فيه. وما من بلية ورجية الا وتراه راكبا لها اسأل الله العافية والسلامة ولا شك ان هذا من حزب الشيطان واخر تراه محتسبا امرا ناهيا امرا بالمعروف ناهي عن المنكر مطيعا لله عز وجل مجتنبا لمعصية الله عز وجل لا يستوون لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون لا يستوي الذين امنوا والفاسقين لا يستوي الاتقياء والفجار لابد من التمايز في الدنيا كما ان التمايز يظهر ويتبين حقيقته في الاخرة. فهذه البالغة التي اقتضاها وارادها ربنا سبحانه وتعالى تستوجب الحمد. والله له الحمد كله. وما من شيء الا ويسبح بحمده سبحانه وتعالى وان من شيء الا يسبح بحمد الله عز وجل فالله يحمد على ذاته ويحمد على اسمائه ويحمد على صفاته ويحمد على افعاله ويحمد على تقديره وقدره سبحانه وتعالى. فكل ما في هذا الكون ينادي بحمد الله عز وجل وان الله يحمد على ذلك حتى ما تراه من البلاء ومن الشدة والشرور فان الله يحمد على ان يوجد لمثل هذه الاشياء حتى يتميز من هو ولي لله عز وجل ممن هو ولي للشيطان ومن يغار لله ممن هو من حزب الشيطان فيحمد الله على كل فعل وعلى كل قضاء يفعله ويقضيه سبحانه وتعالى. فهذا الحكمة وهذا القضاء وهذا القدر الذي يقدره ربنا سبحانه وتعالى يستوجب الحمد على اقتظاءها على اقتظاء. قال وهو الذي انتقل بعد ذلك الى مسألة الى ذكر بعظ صفات الله عز وجل قال هنا وهو الذي يرى دبيب الذر وهو الذي يرى دبيب الذر في الظلمات فوق صم الصخر سامع للجهر والاخفات بسمعه الواسع للاصوات. ذكر هنا صفتين صفة الرؤية وصفة السمع والله سبحانه وتعالى يسمع ويرى. واهل السنة متفقون على ان الله سبحانه وتعالى من صفاته انه بصير ومن صفاته انه يرى يرى كل شيء لا يخفى عليه شيء في الارض ولا في السماء. يرى دبيبا ذرة على الصخرة السوداء في الليلة الظلماء ويسمع دبيبها سبحانه وتعالى. يرى هذه الذرة ويرى انتقال الدم الذي ينتقل في مفاصلها من مفصل مفصل سبحانه وتعالى. ويعلم ويرى الجزئيات كما يرى الكليات سبحانه وتعالى بصره ورؤيته لا يحول بينها وبين وبين ما يراه شيء. فكل فكل ما يرى فقد رآه ربنا سبحانه وتعالى لا تحجبه السماوات السبع ولا تحجبه الاراضين السبع. بل كل ما ما هو فكل ما يرى فان الله قد رآه فان ان الله قد رآه وكل مسموع فان الله قد سمعه كلما يسمع وكلما يدب ويتحرك ويسمع فان الله سامعه سبحانه وتعالى يسمع يسمع يسمع اللغات واللهجات على اختلافها سبحانه وتعالى على جهرها وعلى فاكهة فلا فلا يخفى عليه ما اسر العبد ولا يخفى عليه ما جهر به العبد. بل خائنة الاعين وما تخفي الصدور يعلمه ربنا سبحانه وتعالى وهذا الذي اراد ان يثبته رحمه الله تعالى بقوله ويرى دبيب وهو الذي يرى دبيب الذر في الظلمات فوق سم الصخر كما قال تعالى انني معكما اسمع وارى فاثبت الرؤيا واثبت انه ايضا سميع بصير فله صفة البصر وله صفة الرؤيا وهو البصير من اسمائه سبحانه وتعالى. والله يبصر ويبصر سبحانه وتعالى له عينان يبصر بهما سبحانه وتعالى. ويسمع بسبع على ما يليق بجلاله سبحانه وتعالى. وما اذن الله لشيء لنبي حسن الصوت اي ما سمع الله لشيء ما سمع لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن. فالله يسمع وللسمع ويأتي لمعنيين يأتي معنا سماع المسموعات ويأتي معنى الاجابة. سمع الله لمن حمده اي اجاب الله من حمده. ويأتي معنى ادراك المسموعات التي التي تسمع فكل ما يسمع فان الله سامعه وكل ما يرى فان الله يراه وذكر هنا انه يرى دبيب الذر في الظلمات فوق سم الصخر من باب تبيين ان الله لا يخفى عليه شيء. وما دون ذلك ما دون دبيب وما دون ذلك مما هو اصغر من الذر فان الله يراه سبحانه وتعالى. والله لا يخفى عليه شيء في الارض ولا في السماء وسامع ان يسمع ربنا سبحانه وتعالى الجهر عندما يجهر العبد وعندما ينادي ربه وعندما يتكلم فان الله سامعه وسامع ايضا للاخفات عندما يسر العبد كلامه. ولا يسمعه ولا يريد ان يسمعه الا من بجانب بل اذا تكلم بينه وبين نفسه فان الله سامعه وما احسن ما قالت عائشة رضي الله تعالى عنها عندما ذكرت المشتكية التي اتت تشتكي الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وانزل الله فيها قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها قالت والله لم يكن بيني وبينها الا الحجاب وما سمعت ما تقول. والله سمع من فوق سبع سماوات قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها. والله يسمع ما هو دون ذلك. بل نقول ان كل ما يسمع فان الله سامعه الهمس والدبيب والحركات التي لا يدرك سمعها الا باكبر الاجهزة وباعلى الاجهزة فان ان الله يسمع ذلك كله من فوق سبع سماوات سبحانه وتعالى. وكذلك قال بسمعه الواسع للاصوات. اذا نثبت هنا اسم السميع فنقلن الله من اسمائه السميع ومن اسمائه ايضا اسم البصير. ويؤخذ من اسم السميع اثبات وصفات السمع لله عز وجل وان الله يسمع وان الله يسمع بسمع كيفما شاء سبحانه وتعالى. ولا يلزم من اثبات السمع ان نثبت الاذن والتجاويف وما يسمى للانسان وانما نثبت لله سمعا دون ان نثبت كيفيته لكن نثبت ان الله يسمع بسمع يليق بجلاله سبحانه وتعالى ولا يلزم ايضا من اثبات السمعي للمخلوق ان يكون للسمع اذن وتجاويف فهناك مخلوقات اسمع تسمع بلا تسمع بلا اذان تسمع بلا اذان فهناك مخلوقات ليس لها اذن ظاهرة وليس لها وغضاريف ومع ذلك يثبت يثبت لها السماع ومن باب اول ولله المثل الاعلى ان نثبت لله السمع دون ان نثبت له مثل هذه الكيفية بل نقول ان الله يسمع بسمع يليق بجلاله سبحانه وتعالى. ونثبت لله عز وجل نثبت لله عز وجل ايضا البصر. ونقول الله بصير ومبصر سبحانه وتعالى وهو يرى الا ان البصر والرؤية جاء فيها انه يرى بعينه سبحانه وتعالى وان له عين وان له عينان سبحانه وتعالى كما جاء في حديث ابن عمر في الصحيحين ان ربكم ليس باعور. فافاد هنا بقوله ليس باعور ان فله عينان سبحانه وتعالى وهذا محل اتفاق بين اهل السنة رحمهم الله تعالى ان الله له ان الله سبحانه وتعالى له عينان سبحانه وتعالى. خلافا لابن حزم فانه اثبت اعينا كثيرة. ولم يثبت العينين فقط. وهذا قول باطل. وخلافا للجهمية والمعتزلة الذين نفوا صفة العين ولمثل الله عز وجل. اما اهل السنة فاثبتوا ان الله يرى وان رؤيته متعلقة بعينيه سبحانه وتعالى. وادلة العين في كتاب الله كثيرة. ادلة عليه في كتاب الله عز وجل. كثيرة جاءت مفردة وجاءت مجموعة والمجموع يراد به يراد به العينين المفرد يراد به ايضا العينين. فنقول الله يرى ويبصر بعينيه سبحانه وتعالى. قال وعلمه بما بدأ وبما خفى وعلم بما بدأ وما خفي وعلم بما بدأ وما خفي احاط علما بالجلي والخفي. ايضا اهل السنة متفقون على ان الله عز وجل له علم واسع. علم محيط بكل شيء سبحانه وتعالى. وان علمه لا يخرج عنه شيء يعلم الجزئيات والدقائق ويعلم الكليات ويعلم كل شيء سبحانه وتعالى. وصفة العلم هي من الصفات التي من انكرها فقد كفر بالله العظيم فقد كفر بالله العظيم لان نفي العلم عن ربنا سبحانه وتعالى يستلزم اثبات الجهل له واثبات عدم عدم العلم له سبحانه وتعالى وهذا كفر بالله عز وجل. كما قال احمد والشافعي جادلوهم بالعلم فان انكروه كفروا وان اقروا به خصموا. فاهل السنة مجمعون على ان الله له علم واسع فكل شيء بعلمه سبحانه وتعالى يعلم خائنة الاعين. ويعلم ما تخفي الصدور. يعلم ما كان. وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون ان الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلو ما في الارحام وما تدري نفس وما تدر نفس ما تكسب غدا وما تدري نفس باي ارض تموت ان الله عليم خبير. فالله هو العليم الخبير والخبير هو وجه من وجوه العلم. الا ان الخبير تعلق بما خفي والعلم يتعلق بما ظهر والله هو عليم وخبير ومطلع ومحيط سبحانه وتعالى ومذهب اهل السنة يثبتون ان الله يعلم كل كل شيء وان كل معلوم فالله يعلمه سبحانه وتعالى. وكل ما يؤول الى ان يعلم فالله يعلمه سبحانه وتعالى فيعلم وكل شيء وشيء هو كل ما كل ما يصلح ان يعلم او يكون شيئا فان الله يعلمه سبحانه وتعالى. وقد خالف في ذلك فلم يثبتوا لله صفة العلم وانما اثبت انه خالق المعلومات وان العلم مخلوق له وليس وليس صفة له تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا. ثم بين ان علمه احاط بالجلي والخفي. ما يكون من نجوى اثاث لا هو رابعهم ولا خمس الا سادس ولا ادنى من ذاك ولا اكثر الا هو معهم ثم يلبي ما عمل يوم القيامة ان الله بكل شيء ان الله بكل شيء عليم. وادلة اثبات العلم لله عز وجل كثيرة جدا في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا مما استقر في الفطر اثباته وان الله يعلم كل شيء ثم قال بعد ذلك وهو الغني بذاته. اذا يؤخذ من اثبات العلم انه اسم العليم. فمن اسمائه العليم ومن صفاته صفة العلم سبحانه وتعالى وهذا محل اجماع بين اهل السنة. قال وهو الغني بذاته سبحانه جل ثناؤه تعالى جل ثناؤه تعالى شأنه اي ان الله سبحانه هو الغني وله من الغنى مطلقه فله الغنى المطلق غنى ذات وغنى الاسماء وغنى الصفات وغنى الافعال فهو غني سبحانه وتعالى غنى المطلق الذي لا يكون معه حاجة لاحد المخلوقات سبحانه وتعالى بل الخلق كلهم محتاجون لله عز وجل والله غني عنهم وكل ما سوى الله فهو فقير الى الله عز وجل وكل ما سوى الله فالله غني عنه سبحانه وتعالى. حتى حملة العرش وحتى العرش وحتى ما دون مخلوقات قالت ما دون ملائكة العرش من المخلوقات الله غني عنهم جميعا وهم كلهم فقراء الى الله عز وجل كما قال تعالى يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله. والله هو الغني الحميد. وعندما تستشعر معنى الغنى عندما تستشعر معنى هذه الصفات. صفة السمع وصفة البصر وصفة الغنى وصفة العلم تكسبك اجلالا وتوقيرا وهيبة لله عز وجل. فاذا كنت اتعلم ان الله يسمع كل شيء حفظت لسانك ان يسمعك وانت تعصيه. واذا علمت ان الله يرى كل شيء حفظت جوارحك ان يراك الله وانت تعصيه. واذا علمت ان الله يعلم خائنة الاعين وما وما تخفي الصدور. يعلم السر واخفى يعلم ما تظهر وما تعلن وما تخفي وما تعلن حفظت نفسك ان تعصيه في خلوتك وان تعصيه في جلوتك وتتقي الله اينما كنت وحيثما كنت. واذا علمت ان الله هو الغني. وان غناه لا نهاية له سبحانه وتعالى. وان وان انك انت الفقير حملك ذلك على الثقة بالله عز وجل يا من يطلب رزقا الرزق عند الله. يا من يطلب نصرا النصر عند الله سبحانه وتعالى يا من يطلب فرجا ويطلب عزا ويطلب تمكينا كل ذلك عند ربنا سبحانه وتعالى لان له غنى المطلق سبحانه وتعالى. واما الخلق فلا يملكون نفعا ولا ظرا ولا يملكون شيئا الا ما ملكهم الله عز وجل اياه ولذلك من ضعف اليقين ان يتعلق العبد بغير الله عز وجل ومن ضعف التوكل ان يتعلق العبد بهذه الاسباب هدى المخلوقات وينسى ربه سبحانه وتعالى او يغفل عن سؤال ربه ودعاء ربه سبحانه وتعالى. اذا وهو الغني بذاته اي ليس هناك من يكتسب ربنا منه الغنى وانما غناه غنى غنى ذاتيا متصفا به ازلا سبحانه وتعالى بذاته وغنى باسمائه وغنا بصفاته سبحانه وتعالى. وكل شيء رزقه عليه. وكلنا مفتقر اليه. الرزق رزقان رزق حسي وهذا الذي يشهده اكثر الناس ويعرفه اكثر الناس ويطلبه اكثر الناس ورزق ورزقا معنوي هذا الذي يختص الله بمن شاء من عباده اما الرزق الحسي فهذا يشترك في جميع المخلوقات وقد تكفل الله عز وجل برزق جميع المخلوقات اما الرزق الحسي اما الرزق المعنوي والا هو رزق الارواح ورزق القلوب وحياتها فهذا فظل الله عز وجل يؤتيه من يشاء ولا يسأل ربه رزق رزق الرزق المعنوي الذي به تحيا القلوب وترزق به القلوب الخشية والانابة والايمان والتوفيق والتقوى الا من وفقه الله عز وجل وعامة الناس انما يسألون الله الرزق المحسوس من المأكل والمشرب المال والمركب والملبس وما شابه ذلك ويغفلون عن الرزق الذي هو اعظم الرزق وهو ان يرزقك الله عز وجل تقواه وخشيته كما جاء في حديث معاذ ابن جبل رضي الله تعالى عنه قال يا معاذ اني احبك فلا تدع ان تقول في كل صلاة اللهم اعني على ذكرك تكرمك وحسن عبادتك فهذا رزق يسأله العبد ربه ان يعينه على ذكره وان يعينه على طاعته وان يعينه على شكره فالهداية رزق والتقوى رزق والتوفيق رزق والتوفيق ايضا رزق من الله عز وجل كما ان الارزاق الاخرى هي من الله كذلك هذه الهداية هي رزق من الله عز وجل. فالله سبحانه وتعالى هو كل شيء رزقه عليه اي جميع المخلوقات رزقها على الله عز حتى الكافر رزقه على الله ما من دابة فعلى الله رزقها. جميع الدواب جميع المخلوقات انسا وجنا مسلما كلهم يتقلبون في رزق الله عز وجل ولا يمكن لمخلوق ان يعيش بغير رزق الله عز وجل. وهذا من مقتضى ربوبية الله عز وجل لما خلقهم كان المقتدر بيده ان يرزقهم. اما الرزق اما الرزق المعنوي فهذا فضل الله عز وجل يخص به من يشاء من عباده. وكلنا مفتقر اليه مفتقر الى الرزقين. الى الرزق الحسي الذي تحيا به ابداننا الى الرزق المعنوي الذي تحيا به قلوبنا وارواحنا. فنسأل الله عز وجل ان يمدنا برزقه رزقا معنويا تحيا به القلوب والارواح وان يمدنا برزق حسي تحيا به ابداننا ونستغني به عن خلقه والله تعالى اعلم واحكم. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد