نعم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فيقول الشيخ حافظ حكمي رحمه الله تعالى فصل في تعريف العبادة وذكر بعض انواعها وان من صرف منها شيئا لغير الله فقد اشرك قد عرفت مما قدمنا في معنى لا اله الا الله ان الاله هو المألوه الذي تألهه القلوب اي تعبده محبة وتذللا وخوفا ورجاء ورغبا ورهبا وتوكلا عليه واقتراحا بين يديه واستعانة به والتجاء اليه وافتقارا اليه وذلك لا ينبغي الا لله عز وجل خالق كل شيء ومصوره ومصرفه ومدبره مبدئي الخلق ومعيده ومحييه ومبيده الفعال لما يريد الذي هو على كل شيء شهيد. الذي لا ملجأ ولا منجى منه الا اليه ولا حول ولا قوة الا بالله وان يمسسك الله بضر فلا كاشف له الا هو. وان يردك بخير فلا راد لفضله ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله والله هو الغني الحميد ان يشاء يذهبكم ويأتي بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما واصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا الى انفسنا طرفة عين اما بعد فهذا فصل عقده المصنف رحمه الله تعالى لبيان العبادة بيان حقيقتها ما هي وفي بيان انواعها وفي بيان وجوب صرفها لله عز وجل وان بصرف العبادة لغير الله جل وعلا شرك ناقل من ملة الاسلام والعبادة هي الغاية المقصودة للخلق فان الله سبحانه وتعالى انما خلق الانس والجن ليعبدون واوجدهم ليوحدوه وليفردوه سبحانه وتعالى وحده بالعبادة كما قال الله جل وعلا وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون فالخلق فعله والعبادة الفعل المطلوب من الخلق الخلق فعل الله سبحانه وتعالى والعبادة هي الفعل المطلوب من هذا الخلق قال الا ليعبدون اي يوحدون ويخلص للعبادة فكما انه تبارك وتعالى تفرد بالخلق لا شريك له فيجب ان يفرد بالعبادة لا شريك له فلا تجعلوا لله اندادا وانتم تعلمون اي انه لا خالق لكم غير الله والعبادة كما سيأتي تعريفها عند المصنف رحمه الله تعالى اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الاقوال والاعمال واذا كان المرء انما خلق لعبادة الله فان اوجب الواجبات عليه ان يعرف هذه العبادة ان يعرف حقيقتها وان يعرف انواعها وان يعرف انها حق لله وحده جل وعلا لا تصرف لغيره وان صرفها لغيره اظلم الظلم واشنع الباطل فيجاهد المرء نفسه على معرفتها ليقيم الدين لله وليكون عبدا خاضعا لله سبحانه وتعالى مقبلا عليه بهذه العبادة التي خلقه الله سبحانه وتعالى لاجلها وفي القرآن الكريم ايات كثيرة يذكر الله عز وجل فيها براهين وجوب صرف هذه العبادة لله وانها حقه سبحانه وتعالى جل في علاه وان غيره لا احقية له في شيء من العبادة قل او كثر فيحق الخالق الرازق المدبر المنعم المتصرف الذي بيده تبارك وتعالى ازمة الامور ومقاليد السماوات والارض فان العباد ما يصيبهم من نعمة ورحمة فهي محض منه وفضله وما يصيبهم ايضا من لاواء وشدة ضر ونحو ذلك فهو بمشيئته واذنه سبحانه وتعالى يمسسك الله بضر فلا كاشف له الا هو وان يردك بخير فلا راد لفضله ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده فالامر لله وبيد الله ووحده تبارك وتعالى المنعم الخالق المتصرف المدبر لهذا الكون فالعبادة حقه وحده جل في علاه لا يجوز صرف شيء منها لغيره ولهذا كان من اوجب الواجبات معرفة هذه العبادة حقيقة العبادة وكذلك معرفة انواعها ومعرفة انها حق الله سبحانه وتعالى وهذا كله يأتي تفصيله في هذا الفصل النافع المبارك الذي عقده هذا الامام رحمه الله تعالى في كتابه معارج القبول نعم قال رحمه الله تعالى والعبد ان اريد به المعبد اي المذلل المسخر دخل فيه جميع المخلوقات من جميع العالم بالعلوي والسفلي من عاقل وغيره. ومن رطب ويابس ومتحرك وساكن وظاهر وكامل ومؤمن وكافر وبر وفل ظد ظاهر يعني خفي الكامن الخفي ظاهر وخفي ظاهر وكامن اي خفي. نعم الكل مخلوق لله عز وجل مسخر بتسخيره مدبر بتدبيره ولكل منها رسم يقف عليه وحد ينتهي اليه. لا الشمس ينبغي لها ان تدرك القمر ولا الليل سابق النهار كل يجري لاجل مسمى لا يتجاوزه مثقال ذرة ذلك تقدير العليم وتدبير العدل الحكيم وان اريد به العابد خص ذلك بالمؤمنين. وان كان اكثر المشركين يعبدون الله عز وجل ويتقربون اليه بكثير من العباد لكن لما عبدوا مع الله غيره واشركوه معه في الهيته والعابد. وان اريد به العابد وان اريد به العابد خص ذلك بالمؤمنين؟ نعم هنا يذكر الشيخ رحمه الله تعالى ان هذا هذه اللفظة العابد او العبد العابد او العبد تطلق تارة اي في النصوص مرادا بها المعبد المذلل فبهذا الاطلاق يتناول هذا اللفظ جميع المخلوقات مثل ما ذكر الشيخ الاخضر واليابس الظاهر والكامن المؤمن والكافر الحي والجماد كل هذه المخلوقات عبيد لله بمعنى معبدة معبدة لله سبحانه وتعالى وتارة يطلق هذا اللفظ العابد او العبد ويراد به من عبد الله. ولهذا قال خص ذلك بالمؤمنين وهو الغالب في اطلاق هذا اللفظ في النصوص اطلاق العبد او العابد يراد به من عبد الله مثل قول الله عز وجل وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا واذا خاطبهم الجاهلون قالوا السلام فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه ونظائر ذلك من الايات يراد بالعابد هنا من عبد الله ولهذا يمكن ان يقال ان العبادة نوعان او العبد نوعان عام وخاص ويمكن يقال بعبارة ادق العبد نوعان عبد لربوبية الله. وعبد لالهيته وان شئت قل العبودية نوعان. عبودية لربوبية الله وعبودية لالوهيته العبودية لربوبية الله سبحانه وتعالى هذه العبودية العامة كل المخلوقات طوع تدبيره سبحانه وتعالى وتسخيره فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ومشيته في الخلق نافذة وقدرته شاملة سبحانه وتعالى والخلق كلهم طوع تدبير الله عز وجل وطوع تسخيره فما قضاه وابرمه وشاؤه كان طبقا لما شاء الله سبحانه وتعالى لا راد لي حكمه ولا معقب لقضائه فبهذا المعنى الخلق كلهم عبيد لله ولهذا قال الله عز وجل في اواخر سورة مريم قال ان كل من في السماوات والارض الا اتي الرحمن عبدا عبد اي معبد مذلل لا خروج له عن قهر الله وقدرة الله ومشيئة الله سبحانه وتعالى فالكل بهذا المعنى عبيد لله سبحانه وتعالى الكل بهذا المعنى عبيد لله سبحانه وتعالى عبودية لربوبية الله فهم عبيد له بمعنى انه هو ربهم هو خالقهم هو رازقهم هو المنعم عليهم هو المدبر لشؤونهم لا خروج لهم عن مشيئته سبحانه وتعالى ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده هو العزيز الحكيم الامر امره والخلق خلقه والعبيد عبيد سبحانه وتعالى يقضي ما يشاء ويحكم ما يريد جل في علاه فاذا العبودية نوعان عبودية لربوبية الله وهذه تتناول جميع الخلق المؤمن والكافر البر والفاجر المطيع والعاصي. الظاهر والباطن الحي والميت كل هؤلاء عبيد لله سبحانه وتعالى الحيوان والجماد كل هؤلاء عبيد لله سبحانه وتعالى لان الجميع معبدون مذللون لله سبحانه وتعالى فاذا العبد والعابد تارة يراد به المعبد تارة يراد به المعبد اي المذلل فبهذا المعنى الخلق كلهم عبيد لله اي عبيد لربوبية الله طوع تسخيره وتدبيره جل في علاه والنوع الثاني من اطلاقات العبد والعبودية بمعنى العابد لله المطيع الممتثل الخاضع لله عز وجل المقبل على الله خضوعا وتذللا وانكسارا هذا خص بالمؤمنين دون غيرهم فالمؤمنون هم عباد الله هم عباد الرحمن هم الخاضعون هم المسلمون هم المنقادون لله سبحانه وتعالى وهذا النوع من العبادة والعبودية عبودية لالوهية الله عبودية لالوهية الله والتأله التعبد فهم عبودية فهي عبودية لؤلؤ لالوهية الله سبحانه وتعالى لانهم متعبدون لله خاضعون لله منقادون مسلمون لله سبحانه وتعالى نعم قال رحمه الله تعالى وان كان اكثر المشركين يعبدون الله عز وجل ويتقربون اليه بكثير من العبادات لكن لما عبدوا مع الله غيره واشركوه معه في الهيته كانت اعمالهم هباء منثورا. الشيخ رحمه الله تعالى يقول وان كان كثيرا كتير من المشركين يعبدون الله لكن مشكلتهم في الاخلاص مشكلتهم في الاخلاص يعبدون الله لكن لا يخلصون العبادة له لا يخلصون العبادة له بل يتخذون معه الانداد والشركاء فيعبدونه ويعبدون معه غيره ولهذا كانوا يقولون في تلبيتهم عندما يقصدون بيته الحرام لبيك لا شريك لك الا شريكا هو لك تملكه وما ملك فمشكلة مشكلتهم في الاخلاص هم يعبدون الله سبحانه وتعالى لكن لا يخلصون له الدين ومن لم يعبد الله بالاخلاص ما عبد الله ليس عبدا لله ليس من عباد الله من لم يعبد الله سبحانه وتعالى بالاخلاص فهو في الحقيقة ما عبد الله ليس عبدا لله سبحانه وتعالى مثل الاخلاص في العبادة مثل الطهارة في الصلاة الرجل الذي جاء الى المسجد وصلى وادى الصلاة كاملة باركانها لكنه لم يتوضأ جالس صلاة بدون طهارة يقال ما صلى كل اعماله هذه يقال عنها لم يصل لانه لان صلاته فاقدة لشرط من شروط صحتها فالعبادة بدون توحيد ليست عبادة كما ان الصلاة بدون طهارة ليست صلاة العبادة بدون توحيد ليست عبادة لا تكون العبادة عبادة مقبولة مرضية عند الله سبحانه وتعالى الا بالتوحيد فاذا فقدت العبادة التوحيد لم تكن عبادة ولهذا قال قال الله سبحانه وتعالى في سورة الكافرون قل يا ايها الكافرون لا اعبد ما تعبدون ولا انتم عابدون ما اعبد. لماذا قال ولا انتم عابدون ما اعبد مع انهم يعبدون الله سبحانه وتعالى في جملة ما يعبدون قالوا ولا انتم عابدون ما اعبد؟ لانه لانه لا لانهم لا يعبدون الله بالاخلاص اتخذوا معه الانداد سبحانه وتعالى والشركاء فصح ان يقال عنهم انهم ليسوا عبيدا لله ولم يعبدوا الله. لان العبادة لله سبحانه وتعالى لا تكون الا بالاخلاص وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين اي ان تكون عبادتهم لله سبحانه وتعالى وحده خالصا لم يتخذوا معه شريكا في شيء منها ولهذا ينتبه هنا الى ان لفظة الشرك نفسها التي هي وصف هؤلاء المتخذين للانداد والشركاء مع الله سبحانه وتعالى. هذه اللفظة نفسها تدل على انهم يعبدون الله اليس كذلك لان الشرك التسوية ولهذا اذا دخل المشركون النار قالوا تالله ان كنا لفي ضلال مبين اذ نسويكم برب العالمين الشرك التسوية تسوية غير الله بالله فالمشركون يعبدون الله لكنهم لا يخلصون دينهم لله فلا تنفعهم عبادتهم قال الله عز وجل وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا قال عز وجل ولقد اوحي اليك والى الذين من قبلك لئن اشركت ليحبطن عملك. الشرك محبط للعمل مبطل له مبطل له مفسد له كله جملة وتفصيلا لا ينفع مهما كان العمل حسنا وكثرة لا ينفع اذا فقد الاخلاص للمعبود لان الاخلاص هو روح العبادة ولبها فالمشركون كانوا يعبدون الله سبحانه وتعالى لكن ما كانوا يعبدونه بالاخلاص ولهذا قال الله عز وجل وما يؤمن اكثرهم بالله الا وهم مشركون وما يؤمن اكثرهم بالله الا وهم مشركون نعم قال قال رحمه الله تعالى لكن لما عبدوا مع الله غيره واشركوه معه في الهيته كانت اعمالهم هباء منثورا كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء وقوله كمثل صفوان عليه تراب فاصابه وابل فتركه صلى. وقوله كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء اه هذي امثال ظربها الله سبحانه وتعالى لاعمال الكفار باعمال الكفار مهما كانت مهما كثرت مهما تنوعت مهما تعددت اعمالهم ماذا شأنها اذا قدموا على الله سبحانه وتعالى يوم القيامة وجدوا اعمالهم كلها تذهب هباء منثورا لا ينتفعون منها بشيء تذهب هباء اعمالهم من امثال القرآن كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف اي شيء ينتفع به او كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء او تراب عليه او صفوان عليه تراب فاصابه وابل فتركه صلدا هذي امثال ظربها الله سبحانه وتعالى للاعمال الكفار يوم القيامة مهما كانت اعمالهم حتى من كان منهم محسنا للخلق في النفقات والصدقات والبذل والانفاق واكرام الضيف وغير ذلك لا يجد شيء من اعماله تلك يوم القيامة ولهذا جاء في في الصحيح ان عائشة ام المؤمنين رضي الله عنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن جدعان قالت كان يقرئ الضيف ويفك العاني وذكرت من اعماله الكبيرة التي كان يبذلها نفعا للناس ومعونة لهم قالت اينفعه ذلك اينفعه ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لا لانه ما قال يوما قط رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين ما معنى هذا ما قال يوما قط ربي اغفر لي خطيئتي يوم الدين اي ان اعماله كلها تلك ما كان يعملها ليوم الدين للقاء الله تقربا الى الله سبحانه وتعالى من اجل الله ما كان يعملها لذلك فلا يجدها يوم القيامة عملا صالحا بل تذهب كلها هباء منثورا مهما كانت اعماله عادي ابن حاتم الطائي المشهور يعني حاتم بالكرم والبذل والسخاء سأل النبي عن والده قال ان والدي كان يقرئ الضيف وذكر ايضا من اعماله عدد من اعماله قال اينفعه ذلك والحديث اسناده حسن اينفعه ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لا ذاك رجل اراد شيئا فناله او حصله قال العلماء رحمهم الله الشهرة الشهرة حتى لو ملأت الدنيا اذا كان العمل ليس لله لا يقبله الله سبحانه وتعالى وانظر الى زماننا هذا اذا ذكر الكرم يذكر حاتم في الغالب يذكر حاتم لكن لا ينفع لا ينفعه قال هل ينفعه؟ قال لا لان العمل ما ينفع الا اذا اخلص لله قصد به وجه الله سبحانه وتعالى تقرب به العامل الى الله وما امروا الا ان يعبدوا الله مخلصين له الدين فالمشركون يعبدون الله عندهم عبادات لكن ليست خالصة ليست خالصة لله سبحانه وتعالى فكل عمل لا يقوم على ساق الاخلاص للمعبود سبحانه وتعالى هذا شأنه وهذه امثال مضروبة في القرآن لبيان عمل لبيان مآل عمل غير المخلص لبيان مآل عمل غير المخلص نعم هذا في مآل عمله وفي القرآن ايضا امثال اخرى في بيان انه لا ينتفع اي اي انتفاع دنيوي باقباله على غير الله سبحانه وتعالى وفي القرآن امثال ايضا في في هذا المعنى فهو لا لا ينتفع بل يتضرر في دنياه واخراه بلجوءه الى غير الله سبحانه وتعالى وبصرفه للعبادة لغير الله سبحانه وتعالى نعم قال رحمه الله تعالى وقوله او كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض اذا اخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور ذلك بانهم اتخذوا الشياطين اولياء من دون الله واتبعوا ما اسخط الله وكرهوا رضوانه فاحبط اعمالهم وتولوا الطاغوت فاخرجوهم من النور الى الظلمات وعبدوا الشيطان. وقد عهد الله اليهم الا يعبدوه. وبين لهم عداوته هل المشرك كما في المثل المتقدم كله ظلمات ظلمات بعضها فوق بعض واذا اراد المرء ان يعرف ما يبين له واقع المشرك في ظلماته التي بعضها فوق بعض فليتأمل في حال البحر اللجي الذي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب وفي ظلمة الليل فانظر كيف هذه الظلمات ظلمة البحر وظلمة الموج وظلمة السحاب وظلمة الليل فالمشرك اعماله ظلمات فوق بعضها فوق بعض ظلمات متراكمة فهذه امثال موقظة في تحذير الناس من الشرك وبيان حال المشرك. والقرآن فيه امثال كثيرة جدا تقرب من الاربعين مثل كلها في بيان هذا الامر وتقريره تبيان التوحيد وحال الموحد وعظيم شأنه عند الله سبحانه وتعالى وفي التحذير من الشرك وبيان قبح حال المشرك نعم قال رحمه الله تعالى وقال تعالى ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا انما يدعو حزبه ليكونوا من اصحاب السعير وقال تعالى افتتخذونه وذريته اولياء من دوني وهم لكم عدو. بئس للظالمين بدلا فخالفوا امر الله وتولوا اعداءه وكذبوا رسله وانبيائه وحاربوا حزبه واولياءه. وارادوا تشييد الكفر واعلاءه ورد الحق قوى اباءه فابى الله عز وجل الا ان يتم نوره ويظهر دينه ويعلي كلمته وينصر اولياءه ويحق الحق بكلماته. ويقطع دابر الكافرين ويجعل حزبه هم الغالبين ويجعل العاقبة للمتقين ولا عدوان الا على الظالمين. نعم الحق منصور الحق منصور والله عز وجل هو ناصره جل وعلا المتولي نصرة الحق ونصرة اهله فالحق منصور بعز عزيز وذل ذليل وناصر الحق رب العالمين سبحانه وتعالى واذا علم المؤمن ذلك وجب عليه ان يجتهد في ان يكون من انصار الحق. الحق منصور بك وبدونك. لكن اجتهد ان تكون من انصار الحق بما استطعت تعلما للعلم ونصحا لنفسك وعبادة لربك وتعليما لولدك واهلك ونشرا للخير كن ناصرا للحق بما استطعت والا فان الحق منصور والله جل وعلا ناصره ومؤيده وحافظه وحافظ اهله نعم قال رحمه الله تعالى لكن المؤمنون هم عباده حقا الذين افردوه بالهيته وربوبيته واسمائه وصفاته. ولم يشبهوه بشيء من خلقه ولم يسووا شيئا من خلقه به. اولئك الذين تضاعف لهم الحسنة بعشر امثالها الى سبعمائة ضعف الى اضعاف كثيرة كما قال تعالى في الاولى من جاء بالحسنة فله عشر امثالها. وقال في الثانية مثل الذين ينفقون اموالهم في سبيل الله كمثل حبة انبتت سبع سنابل بكل سنبلة مئة حبة والله يضاعف لمن يشاء. الله واسع عليم. لما ذكر الامثال التي تبين قبح المشرك وسوء فعاله ومآل اعماله وعاقبة امره بينما يتعلق بالموحد عبدالله المخلص دينه لله سبحانه وتعالى فان اعماله وان قلت ذاك ذاك اعماله وان كثرت ما شأنها لا تنفس وان كثرت تذهب هباء منثورا بينما المؤمن الموحد لله سبحانه وتعالى اعماله فان اعماله وان قلت يضاعفها الله له فقليل بالتوحيد خير من كثير بلا توحيد القليل بالتوحيد يضاعفه الله ويبارك فيه سبحانه وتعالى الحسنة بعشر امثالها الى سبع مئة ضعف الى اضعاف كثيرة فالله سبحانه وتعالى يضاعف للموحد عمله قال عليه الصلاة والسلام من من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب تلقاها الله بيمينه ورباها له كما يربي احدكم فلوه او فصيلة حتى يجدها يوم القيامة مثل الجبل الله يضاعف المؤمن ثواب اعماله اضعافا مضاعفة ذاك الاول المشرك اعماله وان كثرت تذهب هباء منثورا والمؤمن اعماله وان قلت تضاعف له اضعافا كثيرة الحسنة بعشر امثالها كما قال الله سبحانه وتعالى من جاء بالحسنة فله عشر امثالها الى سبع مئة ضعف كما قال الله سبحانه وتعالى مثل الذين ينفقون اموالهم في سبيل الله كمثل حبة انبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم السنبلة انبت السبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة اضرب سبعة في مئة سبع مئة ضعف وسبحان الله هذا هذا المثل للمضاعفة كما ان فيه ذكر العدد كما ان فيه ذكر للعدد سبعمائة ضعف فيه لفت واشارة وهذا نبه عليه ابن القيم رحمه الله في بعض كتبه في اشارة الى معنى جليل جدا وهو ان مثل العامل عمل العامل عبادة العابد المخلص لله سبحانه وتعالى كشأن الحبة عندما توضع في الارظ الطيبة عندما توضع في الارض الطيبة فتنمو وتزهو تتفرع من الفروع ويخرج منها الحبوب مضاعفة هي حبة واحدة التي وضعتها في الارض لكن تأتي بعد وقت وقد وضعتها في ارض طيبة وسقيتها بالماء واعتنيت بها تجد ان هذه الحبة الواحدة اخذت منها كم كم من كبيرا من الحبوب حبة واحدة تأخذ منها حبوبا كثيرة والعمل الصالح تأخذ منه ثوابا مضاعف فهذا مثل تراه امامك وعمل المشرك في المثل الذي تقدم معنا كمثل حبة وضعت على صفوان عليه تراب فجاء المطر فتركه صلدا تركه صلدا اي لا شيء عليه لا يجد شيئا. الصفوان الان اذا كان عليه شيء من البذور مع التراب اذا نزلت عليه الامطار وجئت اليه لا ترى عليه شيء اصلا لا تراب ولا بذور فهذا مثل لعمل المشرك لا يجد شيئا على عمله بينما المؤمن كحبة وضعت في ارض طيبة تعهدت بالماء فيخرج منها الحبوب الكثيرة فهذا فيه فضل التوحيد هذا فيه فضل التوحيد وان التوحيد يترتب عليه بركة عظيمة جدا في العمل فالقليل من التوحيد قال القليل من العمل بالتوحيد والاخلاص لله سبحانه وتعالى يضاعف عند الله سبحانه وتعالى اضعافا كثيرة نعم قال رحمه الله تعالى وقال في الثالثة من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له اضعافا كثيرة. والله يقبض تبسط واليه ترجعون. الشيخ ذكر ثلاث ثلاث امور في المضاعفة وثم رتبها فيما بعد في ذكر ادلتها قال يضاعف عشر هذي واحدة الى سبع مئة ضعف هذه الثانية الى اضعاف كثيرة هذه الثالثة وكل واحدة منها ذكر دليلها كما قرأنا نعم قال رحمه الله تعالى تولوا الله فاخرجهم من الظلمات الى النور اخرجهم من ظلمات الكفر الى نور الايمان. الله ولي الذين امنوا من الظلمات الى النور ومن ظلمات الضلال الى نور الهدى ومن ظلمات الجهر الى نور العلم ومن ظلمات الغي الى نور الرشاد ومن يتولى لان الله عز وجل قال الظلمات يخرجهم من الظلمات الى النور. الظلمات انواع ظلمات الكفر وظلمات الجهل ظلمات المعاصي ظلمات البدع انواع كثيرة فمن اقبل على الله عز وجل صادقا تولاه الله وانقذه واخرجه من هذه الظلمات الى النور نور التوحيد ونور العلم ونور الهدى ونور الحق نعم قال تعالى ومن يتولى الله ورسوله والذين امنوا فان حزب الله هم الغالبون ملأ الله قلوبهم بنور معرفته ومحبته والشوق الى لقائه. فلم تتسع لغيره. دنا الشيطان من قلوبهم فاحترق بنون بايمانهم فنقص على عقبيه خاسئا حسيرا. وايس منهم ان يطيعوه فانقلب مذموما مدحورا. ان عبادي ليس لك سلطان نعم. احسن الله اليك فعند ذلك عزى نفسه اللعين وقال الا عبادك منهم المخلصين وقال عز وجل ان عبادي ليس لك عليهم سلطان حفظوا الله فحفظهم وصدقوا ما عاهدوا الله عليه فلم ينكثوا ايمانهم تعرفوا الى الله في الرخاء بالعبادة فعرفهم في الشدة بالفرج صدقوا رسله وامنوا بكتابه وانقادوا لامره وانكفوا عما نهى عنه. ثم تجردوا لنصرة دينه وجاهدوا باموالهم وانفسهم في سبيله ودخل الناس بذلك في دين الله افواجا طوعا وكرها وقادوهم الى الجنة بالسلاسل نصروا الله فنصرهم وشكروه فشكرهم. وذكروه فذكرهم عرفوا ما خلقوا له فاقبلوا عليه ورأوا ما ورأوا ما سواه مما لا يعنيهم فلم يلتفتوا اليه. واثروا ما يبقى على ما يفنى وتعلقت ارواحهم بالرفيق الاعلى اولئك هم خاصة الله من خلقه والمصطفون المصطفون من عباده اولئك فهم اولياؤه المتقون وحزبه الغالبون الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ليوفيهم اجورهم ويزيدهم من فضله انه غفور شكور نعم نسأل الله عز وجل ان يجعلنا اجمعين من عباده المخلصين واولياءه المقربين وان يصلح لنا شأننا كله والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين اللهم ات نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها اللهم انا نسألك الهدى والتقى والعفة والغنى اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا. اللهم متعنا باسماعنا وابصارنا وقوتنا ما احييتنا واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا انصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه. جزاكم الله خيرا