نعم الحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فيقول الشيخ حافظ حكمي رحمه الله تعالى وقوله تعالى مهضعين قال قتادة مسرعين وقال مجاهد مديم النظر ومعنى الاهطاع انهم لا يلتفتون يمينا ولا شمالا ولا يعرفون مواطن اقدامهم مقنعي رؤوسهم قال القتيبي المقنع الذي يرفع رأسه ويقبل ببصره على ما بين يديه وقال الحسن وجوه الناس يومئذ الى السماء لا ينظر احد الى احد وقوله لا يرتد اليهم طرفهم اي لا ترجع اليهم ابصارهم من شدة النظر وهي شاخصة. قد شغلهم ما بين ايديهم وقوله وافئدتهم هواء اي هي خالية قال قتادة خرجت قلوبهم عن صدورهم فصارت في حناجرهم لا تخرج من افواههم ولا تعود الى اماكنها افئدتهم هواء لا شيء فيها. ومنه سمي ما بين السماء والارض هواء لخلوه وقيل خالية لا تعي شيئا ولا تعقل من الخوف وقال سعيد بن جبير مترددة تمور في في اجوافهم ليس لها مكان تستقر فيه قال البغوي رحمه الله وحقيقة المعنى ان القلوب زائلة عن اماكنها والابصار شاخصة من هول ذلك اليوم انتهى كلامه وهذا معنى قوله عز وجل اذ القلوب لدى الحناجر كاظمين. قال قتادة وقفت القلوب في الحناجر من الخوف فلا تخرجوا ولا تعودوا الى اماكنها. وكذا قال عكرمة والسدي وغير واحد ومعنى كاظمين اي ساكتين لا يتكلم احد الا باذنه بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما واصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا الى انفسنا طرفة عين اما بعد سبق ان ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان من احوال يوم القيامة انه يوم يجمع الله سبحانه وتعالى فيه الاولين والاخرين ولهذا كان من اسماء ذلك اليوم يوم الجمع. وذكر رحمه الله تعالى اسماء اخرى عديدة ليوم القيامة بحسب الاحوال المتعلقة بذلك اليوم وانما تعددت اسماؤه ذلك اليوم لتعدد الاوصاف والاحوال والاهوال التي تكون في ذلك اليوم العظيم وساق رحمه الله تعالى ادلة كثيرة من القرآن في تقرير ذلك وبيانه ثم شرع رحمه الله تعالى في تفسير هذه الايات فكان مما اورد والله تعالى قول الله عز وجل فلا تحسبن الله ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون انما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الابصار. موطعين مقنعي لا يرتد اليهم طرفهم وافئدتهم هواء. ثم اورد قول الله سبحانه وانذرهم يوم الازفة. اذ القلوب لدى الحناجر كاظمين وايات اخرى ثم شرع رحمه الله تعالى في تفسير هذه الايات قوله عز وجل مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد اليهم طرفهم وافئدتهم هواء هذا من البيان لشدة ذلك اليوم وعظيم الخطب فيه وانه يوم عظيم ويوم عصيب ويوم شديد على الكافرين غير يسير ومن شدة ذلك اليوم ان الناس عندما يقومون لله سبحانه وتعالى يقومون مهطعين اي مسرعين ومقنعي رؤوسهم لا يلتفتون يمينا ولا شمالا ابصارهم خاشعة ابصارهم خاشعة لا يرتد اليهم طرفهم وافئدتهم خاوية فهذه صفات حال الناس في في ذلك اليوم في وقوفهم يوم الجمع الذي على اثره يكون المصير اما الى الجنة واما الى النار. ليجزي الذين اساءوا بما عملوا ويجزي الذين احسنوا بالحسنى نعم قال رحمه الله تعالى وقوله يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون الا من اذن له الرحمن وقال صوابا قال ابن جريج باكين وقال البغوي مكروبين ممتلئين خوفا وجزعا والكظم تردد الغيظ والخوف والحزن في القلب حتى يضيق به قوله كان مقداره خمسين الف سنة في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه في الزكاة قولها في باكين وقول البغوي مكروبين هذا راجع للاية التي قبلها كاظمين قوله آآ ومعنى كاظمين اي ساكتين لا يتكلم احد الا باذنه جاء بشاهد على ذلك الاية يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون. فهذه الاية اوردها في مساق التفسير هنا والبيان لما ذكره او الدليل لما ذكره رحمه الله لا لا يتكلم احد الا باذنه الشاهد ذلك قوله سبحانه يوم يقوم الروح والملائكة صفا. لا يتكلمون الا من اذن له وقال صوابا. وقال صوابا وقوله هنا سبحانه وتعالى وقال الصواب فيه فضل اهل التوحيد اهل القول الصواب الذي هو لا اله الا الله وحد الله واخلص دينه لله وافرد الله سبحانه وتعالى بالعبادة مثل ما قال النبي عليه الصلاة والسلام لابي هريرة لما سأله من اسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة يا ما قال من قال لا اله الا الله خالصا من قلبه وهذا هو الصواب الصواب التوحيد والاخلاص لله وافراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة نعم قال رحمه الله تعالى في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه في الزكاة وفيه من كانت له ابل لا يعطي فيها حقه في نجدتها ورسلها قلنا يا رسول الله ما نجدتها وما رستها؟ قال في عسرها ويسرها فانها تأتي يوم يوم القيامة كاغظ ما كانت واكثره واسمنه واشره حتى يبطح لها بقاع قرقر فتطأه باخفافها فاذا جاوزت اخراها اعيدت عليه اولاها في يوم كان مقداره خمسين الف سنة حتى يقضى بين الناس فيرى سبيله اما الى الجنة واما الى النار الحديث. قول الله سبحانه وتعالى في يوم كان مقداره خمسين الف سنة هذا بيان لطول ذلك الموقف طول ذلك الموقف وان الناس يقفون يوما بهذا المقدار خمسين الف سنة فهو مع شدته يوم طويل وقد صح عن النبي عليه الصلاة والسلام في الحاكم وغيره ان الله سبحانه وتعالى يهون ذلك اليوم الطويل على المسلم فيكون كقدر ما بين صلاتي الظهر والعصر كقدر ما بين صلاتي الظهر والعصر قول النبي عليه الصلاة والسلام كقدر ما بين صلاتي الظهر والعصر فيه تنبيه ان هذا التهوين على هؤلاء من طول ذلك اليوم وشدته لعنايتهم بالصلاة ومحافظتهم على طاعة الله سبحانه وتعالى. ولذا ذكر الوقت وقصره ما بين الوقتين صلاة الظهر والعصر فهذا التهوين مرتبط بالطاعة مرتبط اه العبادة مرتبط بالصلاة المحافظة عليها الحاصل انه يوم طويل وشديد وعصيب وعسير ومن طوله ذكر الله سبحانه وتعالى انه فمقداره خمسين الف سنة وعندما يتأمل العاقل الناصح لنفسه ما هي حياة الانسان وعمر الانسان في هذه الحياة الدنيا مقابل هذا اليوم الطويل الذي مقداره خمسين الف سنة كم عمر الانسان في حياته الدنيا ستين سبعين ثمانين تسعين ماذا تعني هذه السنيات؟ امام هذا اليوم الذي مقداره خمسين الف سنة ثم اذا نظر الناظر بهذه السنيات التي في الحياة الدنيا يذهب ثلثها في النوم. والنائم غير مكلف الذي ينام في اليوم والليلة ثمان ساعات ان كان عمره ستين سنة فقد نام في حياته كلها عشرين سنة الثلث جاء متفرقا في ايامه ولياليه فالذي عمره ستين سنة قد نام في حياته عشرين سنة هذا ثلث العمر ذهب في النوم ما قبل التكليف الى الخامسة عشرة هذا غير مكلف. فلا يصفو له من عمره الا شيء قليل ماذا يقارن هذا القليل باليوم الذي مقداره خمسين الف سنة ولهذا العاقل يحفظ هذه السنيات القليلة حتى يهون عليه ذلك اليوم الطويل حتى يهون عليه ذلك اليوم الطويل العصيب الذي لا مسكن فيه ولا ظل ولا مأوى ولا شجر ولا اماكن راحة وتدنو الشمس من رؤوس الخلائق لكن يكرم الله سبحانه وتعالى في ذلك اليوم اهل عبادته اهل طاعته اولياءه المتقربون اليه بالطاعة والعبادة فيظلهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظله تكون هذه المدة الطويلة هينة بالنسبة لهؤلاء فتكون كما بين صلاتي الظهر والعصر نعم قال رحمه الله تعالى وقوله ولا يسأل حميم حميما يبصرونهم اي لا يسأل القريب قريبه عن حاله وهو يراه في اسوأ الاحوال فتشغله نفسه عن غيره قال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما يعرف بعضهم بعضا ويتعارفون بينهم ثم يفر بعضهم من بعض بعد ذلك يقول الله تعالى لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه وهذه الاية كقوله تعالى يا ايها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده. ولا مولود هو عن والده شيئا ان وعد الله حق وقوله تعالى وان تدعو مثقلة الى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى قال عكرمته والجار يتعلق بجاره يوم القيامة فيقول يا رب سل هذا لم يكن يغلق بابه لم يكن يغلق بابه دوني وان الكافر ليتعلق بالمؤمن يوم القيامة فيقول يا مؤمن ان لي عندك يدا قد عرفت كيف كنت لك في الدنيا وقد احتجت اليك اليوم فلا يزال المؤمن يشفع له عند ربه حتى يرده الى منزل دون منزله وهو وان الوالد ليتعلق بولده يوم القيامة فيقول يا بني اي والد كنت لك؟ فيثني خيرا. فيقول يا يا بني اني قد احتجت الى مثقال ذرة من حسناتك انجو بها مما ترى. فيقول ولده يا ابتي ما ايسر ما ولكني اتخوف مثلما تتخوف فلا استطيع ان اعطيك شيئا ثم يتعلق بزوجته فيقول يا فلانة او يا هذه اي زوج كنت لك اي زوج كنت لك فتثني خيرا فيقول لها اني اطلب اليك حسنة واحدة تهابينها الي. لعلي انجو بها مما ترين قال فتقول ما ايسر ما طلبت ولكني لا اطيق ان اعطيك شيئا. اني اتخوف مثل الذي تتخوف يقول الله تعالى وان تدعو مثقلة الى حملها الاية ويقول تبارك وتعالى لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا ويقول تعالى يوم يفر المرء من اخيه وامه وابيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ ان شأن يغنيه فهذا كله من البيان شدة ذلك اليوم وعظا الخطب فيه وان كلا مشغول بنفسه يطلب نجاتها وفكاكها وخلاصها من عذاب الله سبحانه وتعالى ومهما كانت المودة المحبة عالية بين اب وابنة زوج وزوجة قريب قريبة صديق وصديقه. فانه في ذلك اليوم كل يفر يطلب النجاة لنفسه نفسي نفسي كل يريد فكاك نفسه ونجاتها من العذاب واذا كانت النفس في الحياة الدنيا تجود باشياء واشياء لقريب او بعيد لكنها في ذلك اليوم لا تجود ولا بحسنة واحدة. مهما كانت القرابة والصلة والمحبة والالفة. كل يريد خلاص نفسه لا يجزي والده ولا يجزي مولود آآ ووالده ويفر المرء من اخيه وامه وابي وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم شأن يغنيه. يعني كل مذهول مشغول بنفسه والخطب الذي يتعلق به فلا يلتفت الى غيره وفظلا عن ان يعطي غيره من حسناته نعم قال رحمه الله تعالى قوله فاذا نقر اي نفخ في الناقور وان تدعو مثقلا الى حملها يعني اذا ان تدعو متقنة بالذنوب الى حملها ما تحمله من من من ذنوب لا يحمل منه شيء ما احد يأخذ من هذا الحمل شيء ولا قليل ولو كان ذا قربة مهما كانت القرابة ومهما كانت الصلة مهما كانت الالفة والمحبة فكل يفر بنفس يرجو نجاتها نعم قال رحمه الله تعالى قوله فاذا نقر اي نفخ في الناقور الصور. روى ابن ابي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف انتم وصاحب القرن قد التقم القرن وحنا جبهته ينتظر متى يؤمر فينفخ فقال اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا رواه الامام احمد وابن جرير قوله فذلك يومئذ يوم عسير اي شديد على الكافرين غير يسير اي عليهم وروي عن زرارة بن اوفى قاضي البصرة رحمه الله تعالى انه قرأ في صلاة الصبح بالمدثر فلما بلغ هذه الاية فاذا نقر في اقول فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير شهق شهقة فمات اولئك قوم قرأوا القرآن بقلوب حاضرة واذان واعية وبصائر نافذة. وافهام جلية ونفوس علية تأويل معانيه حين وقوعها واوان وعيدها. شاهدين ببصائرهم من تكلم به فانزله. فاثمر ذلك في قلوبهم خشية الله عز وجل فذابوا خوفا وحياء من ربهم وشوقا اليه انما يخشى الله من هذه العلماء وقال تعالى فيهم ويخافون يوما كان شره مستطيرا قال ابن عباس رضي الله عنهما فاشيا وقال قتادة رحمه الله استطار والله شر ذلك اليوم حتى ملأ السماوات والارض وقال مقاتل كان شره فاشيا في السماوات فانشقت وتناثرت الكواكب وكورت الشمس والقمر وفزعت الملائكة وفي الارض نسفت الجبال وغارت المياه وتكسر كل شيء على الارض من جبل وبناء قال ابن جرير رحمه الله ومنه قولهم استطال الصدع في الزجاجة واستطال ومنه قول الاعشى فبانت وقد اثارت في الفؤاد صدعا على نأيها مستطيرا. يعني ممتدا فاشيا وقوله عبوسا قمطريرا قال ابن عباس رضي الله عنهما اي ظيقا طويلا وعنه رضي الله عنه قال يعبس الكافر يومئذ حتى يسيل من بين عينيه عرق مثل القطران. وقال مجاهد في قوله عبوسا العابس الشفتين قمطريرا اي تقبض الوجه تقبض الوجه بالسيور وقال سعيد بن جبير وقتادة تعبس في الوفيه الوجوه من الهول امطريرا تقليص الجبين وما بين العينين من الهول وقال ابن زيد العبوس الشر والقنطرير الشديد. وقال ابن جرير والقنطرير هو الشديد يقال هو يوم قمطرير ويوم قماطر ويوم عصيب وعصبصب وقد اقمطر اليوم يقمت الرقمطرارا وذلك اشد الايام اطولها في البلاء والشدة ومنه قول بعضهم بني عمنا هل تذكرون بلائنا عليكم اذا ما كان يوم قماطروا. آآ قول الله سبحانه وتعالى فاذا نقر في الناقور فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير هذا كله من البيان لما تقدم من عظم ذلك اليوم وشدة الهول و الخطب فيه وانه يوما عصيب وعظيم وشديد وعسير واجال له اوصاف كثيرة جدا تبين هوله وشدة الامر في ذلك اليوم وقول الله عز وجل على الكافرين غير يسير مفهوم المخالفة ان الله سبحانه وتعالى ييسره للمؤمن. وهذا جاء مصرحا به في بعض آآ النصوص وفي هذا ان الايمان نجاة للعبد وفكاك من العذاب وسلامة من عسر ذلك اليوم وهوله وشدته ونسأل الله الكريم رب العرش العظيم باسمائه الحسنى وصفاته العليا ان يصلح لنا اجمع عين ديننا الذي هو عصمة امرنا وان يصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وان يصلح لنا اخرتنا التي فيها معادنا وان يجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر. اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا ولولاة امرنا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات. الاحياء منهم والاموات اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا فاللهم متعنا باسماعنا وابصارنا وقوتنا ما احييتنا واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا اكبر همنا. ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك. اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه. جزاكم الله خيرا