الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد فيقول الشيخ حافظ حكمي رحمه الله تعالى مرتبة الاحسان قال وثالث مرتبة الاحسان وتلك اعلاها لدى الرحمن وهو رسوخ القلب في العرفان حتى يكون الغيب كالعيان هذه المرتبة هي الثالثة من مراتب الدين المفصلة في حديث جبريل المتقدم. وهي اعلى مراتب الدين واعظمها وترى واهلها هم المستكملون لها السابقون بالخيرات المقربون في علو الدرجات وقد قدمنا ان الاسلام هو الاركان الظاهرة عند التفصيل واقترانه بالايمان والايمان اذ ذاك هو الاركان الباطنة والاحسان هو تحسين الظاهر والباطن. واما عند الاطلاق فكل منهما فكل منها يشمل دين الله كله وقد جاء الاحسان في القرآن في مواضع كثيرة تارة مقترنا بالايمان وتارة بالتقوى وتارة بهما معا وتارة بالجهاد وتارة بالاسلام وتارة بالعمل الصالح مطلقا قال الله تبارك وتعالى ليس على الذين امنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا اذا ما اتقوا وامنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وامنوا ثم اتقوا واحسنوا. والله يحب المحسنين وقال تعالى ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون وقال تعالى ان الذين امنوا وعملوا الصالحات انا لا نضيع اجر من احسن عملا. وقال تعالى والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين وقال تعالى بلى من اسلم وجهه لله وهو محسن فله اجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون مم وقال تعالى ومن يسلم وجهه الى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وتارة بالانفاق في سبيل الله وهو من الجهاد كقوله تعالى وانفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بايديكم الى التهلكة احسنوا ان الله يحب المحسنين. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما واصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا الى انفسنا طرفة عين اما بعد قال المصنف رحمه الله مرتبة الاحسان هذه المرتبة هي اعلى مراتب الدين وارفعها شأنا ولما جاء جبريل الى النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث العظيم المشهور بحديث جبريل سأله عن الاسلام ثم الايمان ثم الاحسان ثم في تمام الحديث قال هذا جبريل اتاكم يعلمكم دينكم فعلم من ذلك ان الدين هو هذه المراتب الثلاثة الاسلام ثم الايمان ثم الاحسان وفسر النبي عليه الصلاة والسلام الاسلام بالاعمال الظاهرة والايمان بالعقائد القلبية والاحسان بان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك وهو ارفعها شأنا واعلاها مكانة وكل محسن من عباد الله اي بلغ هذه الرتبة العلية رتبة الاحسان فهو مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمن وليس كل مؤمن محسنا فاعلاها الاحسان وهو ارفعها شأنا والاحسان هو الاتقان والاجادة بان يأتي بالعمل والعبادة والقربة على اتم وجوهها واكمل احوالها في التقوى في النفقة في العمل الصالح في غير ذلك من امور الدين ولهذا مر معنا ايات عديدة ساقها رحمه الله تعالى قرن فيها الاسلام قرن فيها الاحسان بالتقوى وقرن فيها بالعمل الصالح وقرن فيها بالنفقة وقرن فيها بالجهاد الى غير ذلك وهذا يبين لنا ان الاحسان مرتبة من الدين مطلوبة في العمل كله. مرتبة في الدين مطلوبة في العمل كله مطلوب من المرء ان يحسن في تقواه. وان يحسن في في في صلاته وان يحسن في صيامه. وان ان يحسن في نفقته وبذله وغير ذلك من اعمال الدين والاحسان في هذه الاعمال ان يبلغ بها اعلى رتبها وارفعها على الحد الذي اه ذكره النبي عليه الصلاة والسلام ان تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك واذا بلغ العبد في عبوديته لله سبحانه وتعالى هذا المبلغ يكون بلغ بلغ اعلى رتب الدين وارفعها والله يحب المحسنين وهو معهم سبحانه وتعالى معية خاصة يحفظهم ويؤيدهم ويسددهم ويكلأهم بعنايته سبحانه وتعالى نعم قال رحمه الله تعالى وقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم تفسيرا لا يستطيعه من المخلوقين احد غيره صلى الله عليه وسلم سلم لما اعطاه الله تعالى من جوامع الكلم فقال صلى الله عليه وسلم الاحسان ان تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك اخبر صلى الله عليه وسلم ان مرتبة الاحسان على درجتين. وان للمحسنين في الاحسان مقامين متفاوتين. المقام الاول وهو اعلاهما ان تعبد الله كأنك تراه. وهذا مقام المشاهدة. وهو ان يعمل العبد على مقتضى مشاهدة اتق الله عز وجل بقلبه وهو ان يتنور القلب بالايمان وتنفذ البصيرة في العرفان حتى يصير الغيب كالعيان فمن عبد الله عز وجل على استحضار قربه منه واقباله عليه وانه بين يديه كأنه يراه اوجب له ذلك الخشية والخوف والهيبة والتعظيم وفي حديث وفي حديث حارثة المرسل ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له يا حارثة كيف اصبحت؟ قال اصبحت مؤمنا حقا قال انظر ما تقول فان لكل قول حقيقة. قال يا رسول الله عزفت عزفت نفسي عن الدنيا فأسهرت ليلي واظمأت نهاري وكاني انظر الى عرش ربي بارزا وكاني انظر وكأني انظر اهل الجنة في الجنة يتزاورون فيها. وكأني انظر الى اهل النار في النار كيف يتعاونون فيها قال قال ابصرت فالزم عبد نور الله تعالى بصيرته. نعم ذكر هنا الشيخ رحمه الله تعالى اخذا من قول نبينا صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل المشهور في تفسيره للاحسان قال ان تعبد الله الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك ان تعبد الله كانك تراه هذه رتبة او مقام المقام الثاني فان لم تكن تراه يعني ان لم تبلغ هذا المقام فان لم تكن تراه فانه يراك فاستحظر رؤيته لك. واطلاعه عليك المقام الاول مثل ما عبر الشيخ مشاء المشاهدة بالقلب ببصيرة القلب وهذه يبلغها العبد عندما يكون عظيم المعرفة بالله وباسمائه وصفاته وعظمته وجلاله ولهذا بوابة آآ الاحسان والمرتقى آآ الى رفيع رتبه ودرجاته المعرفة العظيمة بالله سبحانه وتعالى وباسمائه جل وعلا وصفاته الحسنى فان العبد كلما ازداد معرفة بالله وباسمائه وصفاته ازداد تعظيما له وخشية ومراقبة واقبالا على الله عز وجل وبعدا عن مساخطه جل في علاه ولهذا فان بوابة الاحسان والمرتقى الى رفيع درجاته انما يكون بحسن المعرفة بالله ولهذا قال الله سبحانه وتعالى انما يخشى الله من عباده العلماء فمن كان بالله عرف كان منه اخوف ولعبادته اطلب وعن معصيته ابعد الحاصل ان ان الاحسان في تفسير النبي صلى الله عليه وسلم له على مقامين. الاول في قوله ان تعبد الله كأنك تراه والثاني فان لم تكن تراه فانه يراك وسيأتي تفسير آآ الشيخ رحمه الله تعالى له واورد هنا حديث حادثة والحديث غير ثابت الاسناد لكن المعنى في ما يتعلق الاحسان وهذه المرتبة كما ذكر رحمه الله تعالى قال هذا مقام المشاهدة وهو ان يعمل العبد على مقتضى مشاهدة الله بقلبه وهو ان يتنور القلب بالايمان وقوله يتنور القلب بالايمان يأتي في مقدمة ذلك الايمان بالله باسمائه وصفاته وعظمته وجلاله وجماله كبرياءه سبحانه وتعالى نعم قال رحمه الله تعالى المقام الثاني مقام الاخلاص وهو ان يعمل العبد على استحضار مشاهدة الله اياه واطلاعه عليه وقربه منه. فاذا استحضر العبد هذا في عمله وعمل عليه فهو مخلص لله تعالى. لان استحضار ذلك في عمله يمنعه من الالتفات الى غير الله وارادته بالعمل. وهذا المقام هو الوسيلة الموصلة الى المقام اول ولهذا اتى النبي صلى الله عليه وسلم تعليلا للاول فقال فان لم تكن تراه فانه يراك. وفي بعض الفاظ الحديث فانك الا لم تكن تراه فانه يراك فانك الا تكن زيادة فانك الا تكن تراه فانه يراك فاذا تحقق في عبادته بان الله تعالى يراه ويطلع على سره وعلانيته وباطنه وظاهره ولا يخفى عليه شيء من امره فحينئذ يسهل عليه الانتقال الى المقام الثاني. وهو دوام التحقيق بالبصيرة الى قرب الله تعالى من عبده ومعيته حتى كأنه يراه. اذا وهما مقامان الاحسان له مقامان الاول ان ان تعبد الله كانك تراه والثاني فان لم تكن تراه فانه يراك والثاني كما بين الشيخ رحمة الله عليه وسيلة موصلة الى المقام الاول يعني لا لا يمكن ان يصل الى المقام الاول وهو ان تعبد الله كانك تراه حتى يصل الى المقام الذي قبله وهو فان لم تكن تراه فانه يراك استحضار قربه منك واطلاعه عليه وانه سبحانه وتعالى لا تخفى عليه خافية فاذا قوي هذا الجانب في قلب العبد كانت اعماله على السداد والاخلاص والمراقبة لله سبحانه وتعالى واذا قوي عنده هذا الجانب افضى به باذن الله الى المقام الاخر من مقامي الاحسان وهو ان يعبد الله كانه يراه وهذا يبين لنا ان دين الاسلام رتب ومنازل وان اهله متفاوتون فيه تفاوتا عظيما ليسوا فيه على درجة واحدة كما قال الله سبحانه وتعالى ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم بالخيرات باذن الله. فهم ليسوا على رتبة واحدة ولا على درجة واحدة بل بينهم تفاوت عظيم ولكل درجات مما عملوا نعم قال رحمه الله تعالى وقد ذكر الله تبارك وتعالى هذا المعنى في غير ما موضع من القرآن. كما قال تبارك وتعالى وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل الا كنا عليكم شهودا اذ تفيضون فيه. وما يعجب عن ربك من مثقال ذرة في الارض ولا في السماء ولا اصغر من ذلك ولا اكبر الا في كتاب مبين. الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين امنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الاخرة اتبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم. هذه الايات الكريمات هي من اعظم الايات بيانا لمقام الاحسان. من اعظم الايات بيانا لمقام الاحسان وذكرا لاهله. وذكرا صفاتهم واحوالهم واعمالهم وذكرا لثوابهم وعظيم مكانتهم عند الله سبحانه وتعالى وما اعده الله لهم من عظيم الثواب وجميل المآب وان المحسنين حقا هم اولياء الله وصفوة عباده. وفي هذا السياق الكريم بيان ان الولاية ليست مجرد دعوة بل بل هي جهاد عظيم للنفس على طاعة الله كما قال الله سبحانه وتعالى والذين جاهدوا فينا لنادينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين فاولياء الله حقا هم من جاهدوا انفسهم على الاخلاص وحسن المراقبة لله وجمال التعبد له جل في علاه وحسن الاتباع للرسول الكريم عليه الصلاة والسلام وملازمة الايمان والتقوى الذين امنوا وكانوا يتقون. ولهذا قال اهل العلم من كان مؤمنا تقيا فهو لله ولي فاولياء الله هم المؤمنون المتقون المراقبون لله سبحانه وتعالى المخلصون في اعمالهم الى غير ذلك من الصفات العظيمة التي جاءت في هذا السياق ينبغي ان يلحظ هنا امرا مهما حتى لا يخدع بعض العوام من بعض الادعية. ولي الله حقا لا يزكي نفسه ولي الله حقا لا يزكي نفسه وقد قال الله سبحانه وتعالى فلا تزكوا انفسكم. هو اعلم ممن اتقى فلا تزكوا انفسكم هو اعلم من اتقى عندما تقرأ هذه الايات العظيمات وتتأمل في معانيها تجد من خلال هذا السياق ان الولي حقا لله سبحانه وتعالى لا يمكن ان يزكي نفسه بل هو على وجل وخوف ومراقبة وخشية من الله سبحانه وتعالى ورؤية ايضا للتقصير تقصير النفس في جنب الله ومجاهدة مستمرة على تكميل العمل وتتميمه وحسن التقرب الى الله جل في علاه هذا هو الولي بينما يفاجئ الناس في بعظ المواطن في اشخاص لا يعرف بمجاهدة على العمل والطاعة وملازمة العبادة والتقرب الى الله لا يعرف بذلك ثم يدعي بيننا اتباعه انهم من الاولياء يدعي انه من الاولياء الدعاوى ما لم يقم عليها بينات فاهلها ادعياء الولاية ليست بالدعوة. الولاية ليست الدعوة. الولاية جهاد في طاعة الله. جهاد للنفس في الله جد في ظبط النفس وزمها بالاخلاص وحسن العمل لله جل وعلا. ومجاهدة لها على تحقيق الايمان والتقوى نعم قال رحمه الله تعالى وقال تبارك وتعالى واذا سألك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان. فليستغفر استجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون وقال تبارك وتعالى وتوكل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين انه هو السميع العليم. وغير ذلك من الايات فاولياء الله المتقون المحسنون هم الذين امنوا بالله عز وجل وبالهيته وربوبيته واسمائه وصفاته وافردوه بالعبادة محبة وتذللا وانقيادا وخوفا ورجاء. ورغبة ورهبة وخشية وخشوعا مهابة وتعظيما وتوكلا عليه وافتقارا اليه واستغناء به عما سواه. واتقوا بامتثال اوامره ومحبة مرضاته وتقوه واتقوه بامتثال اوامره ومحبة مرضاته وترك مناهيه. وموجبات سخطه سرا وعلنا وظاهرا وباطنا طولا وهملا واعتقادا. هذا كله تفسير آآ من الشيخ رحمه الله لما تقدم في الاية الكريمة قول الله عز وجل الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون كأنه قيل من هم ما صفتهم فقال الله سبحانه الذين امنوا وكانوا يتقون امنوا كما قال الشيخ بالله وبالهيته وبربوبيته وباسمائه وصفاته وافردوا بالعبادة تذللا وانقيادا عنه انكسارا وكانوا يتقون اي اتقوا الله عز وجل بامتثال اوامره ومحبة مرضاته وترك مناهيه ولهذا فان احسن ما قيل في حد التقوى قول احد التابعين تقوى الله ان تعمل بطاعة الله على نور من الله رجاء ثواب الله وان تترك معصية الله على نور من الله خيفة عذاب الله. نعم قال رحمه الله تعالى واستشعرت قلوبهم ونفوسهم احاطة الله عز وجل بهم علما وقدرة ولطفا وخبرة باقوال واعمالهم ونياتهم واسرارهم وعلانياتهم وحركاتهم وسكناتهم وجميع احوالهم. كيف واين عملوا ومتى عملوا؟ نعم كل هذا يراقبون فيها الله سبحانه وتعالى يعني في كيفية العمل وفي وقت العمل وفي صفة العمل كل ذلك يكون فيه على المراقبة لله عز وجل نعم. قال رحمه الله تعالى فكان عملهم خالصا لله موافقا لشرعه. مناطا بما جاءت به رسله ونطقت به كتبه. مستحضرين ذلك بقلوبهم نافذة فيه بصائرهم فاخلصوا لله العمل وراقبوهم مراقبة من ينظر الى ربه لكمال علمهم بان الله ينظر اليهم ويرى حالهم ويسمع مقالهم. فطرحوا النفوس بين يديه واقبلوا بكليتهم عليه والتجأوا منه اليه وعاذوا به منه واحبوه من كل قلوبهم. فامتلأت بنور معرفته فلم تتسع لغيره فيه يبصرون وبه يشفى به. نعم. فبه فبه يبصرون احسن الله اليك اخذا من الحديث فبي يسمع وبي يبصر نعم قال رحمه الله تعالى فلم تتسع لغيره فبه يبصرون وبه يسمعون وبه يبطشون وبه يمشون وبرؤيتهم الله تعالى وبذكره يذكرون وقال البخاري رحمه الله تعالى حدثنا عمر بن حفص قال حدثنا ابي قال حدثنا الاعمش قال سمعت ابا صالح عن ابي هريرة رضي الله عنه يقول قال النبي صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى انا عند ظن عبدي بي وانا معه اذا ذكرني فان ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وان ذكرني في ملإ ذكرته في ملأ خير منهم وان تقرب الي شبرا تقربت اليه ذراعا وان تقرب الي ذراعا تقربت اليه باعا. وان اتاني يمشي اتيته هرولة فقال رحمه الله تعالى حدثني محمد بن عثمان بن كرامة قال حدثنا خالد بن خالد بن مخلد قال حدثنا سليمان بن بلال قال حدثني شريك ابن عبد الله ابن ابي نمر عن عطاء عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى قال من عادى لي وليا فقد اذنته بالحرب. وما تقرب الي عبدي بشيء احب الي مما افترظته عليه وما يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه. فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به بصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها. وان سألني لاعطينه ولئن عاذ بي لاعيذن هذا الحديث يعرف عند اهل العلم بحديث الولي او حديث الاولياء وهو من اجمع الاحاديث النبوية ذكرا لصفات اولياء الله وايضا ذكرا لعظيم مقامهم ومكانتهم عند الله جل في علاه ولهذا صدر في صدر هذا الحديث بقول الله عز وجل من عادى لي وليا فقد اذنته بالحرب هذا يبين ان اولياء الله لهم مكانة علية عند الله سبحانه وتعالى ومنزلة رفيعة قال من عادى لي وليا فقد اذنته بالحرب. فكأنه قيل ومنهم اولياؤك الذين من عاداهم اذنته بالحرب فذكر صفاتهم قال ما تقرب الي عبدي بشيء احب الي مما افترضته عليه. ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه فاخذ من ذلك اهل العلم ان اولياء الله على درجتين الاولى العناية بالفرائض والزام النفس بها مع البعد عن المحرمات والمناهي فمن كان كذلك فهو من اولياء الله ثم اعلى منه مرتبة من زاد على ذلك اه عناية بالحسنات اه عناية بالنوافل والرغائب والمستحبات ولهذا قال ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه فهؤلاء هم اولياء الله اولياء الله من يجاهدون انفسهم على طاعة الله تقربا اليه الفرائض ثم من بعد ذلك مجاهدة للنفس على العناية النوافل والمستحبات. نعم قال صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى قال من عادى لي وليا فقد اذنته بالحرب وما تقرب الي عبدي بشيء احب الي مما افترضته عليه. وما يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به. وبصره الذي يبصر به. ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وان سألني لاعطينه ولئن عاذ بي ولئن عاذ بي لاعيذنه. وما ترددت عن شيء انا فاعله ترددي عن نفس عبدي المؤمن يكره الموت وانا اكره مساءته مساءته قال ذكروا الله تعالى فذكرهم وشكروه فشكرهم وتولوه ووالوا فيه فتولاهم وعادوا اعداءه لاجله فاذن بالحرب من عاداهم واحسنوا عبادة ربهم فاحسن جزاءهم واجزله عبدوه على قدر معرفتهم به فجازاهم بفضله وزادهم للذين احسنوا الحسنى وزيادة هل جزاء الاحسان الا الاحسان ولما ذكر اهل الجنة وما وعدهم به من النعم وصفهم ان ذلك جزاء احسانهم فقال ان المتقين في جنات وعيون اخذين ما اتاهم ربهم انهم كانوا قبل ذلك محسنين. ثم ثم فسر احسانهم كانوا قليلا من الليل ما يهجعون. وبالاسحار هم يستغفرون. وفي اموالهم حق للسائل والمحروم نعم يعني الاحسان ليس مجرد دعوة الاحسان جهاد للنفس على العمل والتقرب الى الله سبحانه وتعالى. كما ذكر الله هذه الاوصاف الجليلة العظيمة للمحسنين كانوا الى من الليل ما يجعون بالاسحار هم يستغفرون وفي اموالهم حق للسائل والمحروم. فهذه من آآ عظيم صفاتهم وجليل اعمالهم وحسن تقربهم الى الله جل في علاه. نعم قال رحمه الله تعالى وقدمنا في الفصل الاول ان الحسنى التي وعد الله عز وجل المحسنين هي الجنة والزيادة هي النظر الى لله عز وجل كما رواه مسلم عن صهيب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم. نعم. قال اذا دخل اهل الجنة الجنة قال الله عز وجل هل تريدون ان ازيدكم فيقولون الم تبيض وجوهنا؟ الم تنجنا من النار؟ الم تدخلنا الجنة؟ قال في كشف الحجاب فما اعطوا شيئا احب اليهم من النظر الى الله سبحانه وتعالى جاء في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم فسر هذا بالزيادة في قوله للذين احسنوا الحسنى وزيادة اي ان الزيادة هي النظر الى الله جل وعلا نعم قال رحمه الله تعالى فلما كانوا يعبدون الله عز وجل في الدنيا على وجه الحضور والمراقبة كانهم يرونه بقلوبهم وينظرون اليه في حال عبادتهم اياه كان جزاؤهم على ذلك النظر الى وجهه تبارك وتعالى في الاخرة عيانا بابصارهم نعم الجزاء من جنس العمل هل جزاء الاحسان الا الاحسان؟ نعم قال رحمه الله تعالى وعكس هذا ما اخبر به عن المكذبين الذين ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون. فقال تعالى فيهم كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون. اي لما كان حالهم في الدنيا التكذيب واعقبهم ذلك التكذيب تراكما على قلوبهم حتى حتى حجبت عن معرفته ومراقبته في الدنيا فكان جزاؤهم على ذلك ان حجبوا عن رؤية في الاخرة وذلك قول الله عز وجل ليجزي الذين اساءوا بما عملوا ويجزي الذين احسنوا بالحسنى ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار نعم هذا اخر ما يسر الله تعالى من الكلام على مفردات حديث جبريل وقد قال ابن رجب رحمه الله تعالى في شرح الاربعين بعد كلامه على مراتب الدين في هذا الحديث قال فمن تأمل ما اشرنا اليه مما دل عليه هذا الحديث العظيم علم ان جميع العلوم والمعارف يرجع الى هذا الحديث ويدخل تحته وان جميع العلماء من فرق هذه الامة لا تخرج علومهم التي يتكلمون فيها على هذا الحديث. وما دل عليه مجملا صلاة فان الفقهاء انما يتكلمون في العبادات التي هي من جملة خصال الاسلام ويضيفون الى ذلك الكلام في احكام الاموال والاضلاع والدماء. وكل ذلك من علم الاسلام كما سبق التنبيه عليه ويبقى كثير من علم الاسلام من الاداب والاخلاق وغير ذلك لا يتكلم عليه الا القليل منهم. ولا يتكلمون على معنى الشهادتين ان وهما اصل الاسلام كله والذين يتكلمون على اصول الديانات يتكلمون على الشهادتين وعلى الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والايمان بالقدر خيره وشره والذين يتكلمون على علم المعارف ومقامات العباد يتكلمون على مقام الاحسان وعلى الاعمال الباطنة التي تدخل في الايمان ايضا كالخشية والمحبة والتوكل والرضا والصبر ونحو ذلك فانحسرت العلوم الشرعية التي يتكلم عليها فرق في هذا الحديث ورجعت كلها اليه. ففي هذا الحديث وحده كفاية ولله الحمد والمنة انتهى كلامه رحمه الله تعالى في ابن رجب ولهذا قال بعض اهل العلم عن هذا الحديث انه يصلح ان يقال عنه ام السنة كما ان الفاتحة ام القرآن وذلك لان الفاتحة حوت ما حواه القرآن حوت اجمالا ما حواه القرآن تفصيلا فكانت ام القرآن وهذا الحديث حوى اجمالا ما حوته السنة تفصيلا فكان جديرا او يصلح ان يقال عن ام السنة والحاصل انه حديث جامع من جوامع كلم النبي عليه الصلاة والسلام ويكفي في بيان ذلك قول النبي عليه الصلاة والسلام في تمام الحديث هذا جبريل اتاكم يعلمكم دينكم اه مر معنا في اه درس الامس حديث عبد الله ابن عمرو اه ابن العاص قال المصنف رحمه الله وروى اي الامام احمد ذكره في الحديث الذي قبله قال قال وروى وروى من قال قبله وقد روى الامام احمد في تعريف الطيرة حديث الفضل ثم قال وروى اي الامام احمد في كفارتها حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه عندنا وقفه لكن الحديث المصدر الذي احال اليه مرفوع الى النبي صلى الله عليه وسلم فالصواب ان يقال رفعه الصواب ان يقال رفعه وذكر لي بعض الاخوة ان بعض النسخ لهذا الكتاب المثبت فيها رفعه فعلى كل حال هذا هو الصواب الصواب ان يقال رفعه لان المصدر المحال اليه جاء فيه آآ الحديث مرفوعا الى النبي عليه الصلاة والسلام هو حديث حسن ثابت عن نبينا صلوات الله وسلامه وبركاته اه عليه ونسأل الله الكريم ان ينفعنا اجمعين بما علمنا وان يزيدنا علما وتوفيقا وان يصلح لنا شأننا كله وان لا يكلنا الى انفسنا طرفة عين اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا ولولاة امرنا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات. سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه. جزاكم الله خيرا