بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فلا يزال الحديث عما يرقى به المريض عن عثمان بن ابي العاص رضي الله عنه انه شكى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعا يجده في جسده منذ اسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل بسم الله ثلاثا وقل سبع مرات اعوذ بالله وقدرته من شر ما اجد واحاذر. رواه مسلم اشتكى عثمان ابن ابي العاص رضي الله عنه وجعا في موضع معين من جسده طالت مدته يجده منذ اسلم وربما يسمى في زماننا المرض المزمن فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ضع يدك على الذي تألم من جسدك اي موضع الالم وقل بسم الله ثلاثا وقل سبع مرات اعوذ بالله وقدرته من شر ما اجد واحاذر قوله وقل بسم الله ثلاث مرات الباء في بسم الله باء الاستعانة ففيه الاستعانة بالله والتيمن بذكر اسمه تبارك وتعالى قوله وقل سبع مرات اعوذ بالله وقدرته من شر ما اجد واحاذر اعوذ اي اعتصموا بالله والتجأوا اليه سبحانه وتعالى من شر ما اجد اي من شر ما اجد من وجع والم واحاذر اي شر ما اخاف ان يكون او يقع اشتمل هذا التعود على التعوذ من امرين التعوذ من الوجع الذي يجده والتعود من الوجع الذي يخاف حصوله ويخشى وقوعه ومن ذلك ان يتفاقم المرظ او يتولد عنه امراض فكثير من المرضى يكون عنده مع الوجع الذي يشتكي منه تخوف من تفاقم المرظ. او ان يجر عليه امراظا اخرى فجاء هذا التعوذ النبوي العظيم شاملا للامرين للتعوذ من الوجع الذي يجده والتعوذ من الاشياء التي يحاذر ان يخشى ان تحصل وتزيد بسبب هذا المرض وعن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ان جبريل عليه السلام اتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد اشتكيت فقال نعم قال بسم الله ارقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس او عين حاسد الله يشفيك بسم الله ارقيك. رواه مسلم هذا فيه رقية جبريل التي رقى بها نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم جاءه وسأله قال اشتكيت؟ قال نعم فرقاه بهذه الرقية. بسم الله ارقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس او عين حاسد الله يشفيك وهي رقية شاملة من الشرور والافات كلها وفيها الالتجاء الى الله والاعتصام به سبحانه وتعالى وان الشفاء بيده لا شافي الا هو وعن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم دخل على اعرابي يعوده قال وكان النبي صلى الله عليه وسلم اذا دخل على مريض يعوده قال لا بأس طهور ان شاء الله فقال له لا بأس طهور ان شاء الله قال قلت طهور كلا بل هي حمى تفور او تثور على شيخ كبير تزيره القبور فقال النبي صلى الله عليه وسلم فنعم اذا رواه البخاري بهذا الحديث ما يقال للمريض والمريض يحتاج الى من يطمئنه ويهون عليه ويذكره بالثواب ويذكره بما في المرض من تكفير وتطهير وهذه امور نافعة للمريض. عندما يقال له لا بأس ويقال له طهور فهذه كلمات لها وقع في نفس المريض واثر عظيم ان يذكر بالثواب ويتفائل له بالشفاء والعافية ونحو ذلك من الكلمات المؤنسة المفرحة لقلبه وقد كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم اذا عاد مريضا ان يقول له طهور ان شاء الله وطهور خبر مبتدأ محذوف. تقديره هو اي المرض طهور لك من ذنوبك مطهر لك منها وفي هذا استحبابا يذكر المريض بما في المرظ من تطهير للذنوب لكن الاعرابي لم يقبل هذا فقال قلت طهور كلا بل هي حمى تفور او تثور اي يظهر حرها ووهجها وغليانها على شيخ كبير تزيره القبور اي تكون سببا في موته فتبعثه الى القبور فقال النبي صلى الله عليه وسلم فنعم اذا اي ان هذا هو الذي يكون او يقع لان الرجل ما قبل من النبي صلى الله عليه وسلم ما ذكره به من ان الامراظ كفارات وذلك لضعف صبره والمعنى ارشدتك بقول لا بأس طهور عليك اي ان الحمى تطهرك وتنقي ذنوبك فاصبر واشكر الله عليها فابيت الا اليأس والكفران فكان كما زعمت وما اكتفيت بذلك بل رددت نعمة الله عليه قالها غضبا عليه وقد رواه الطبراني وزاد اما اذ ابيت فهي كما تقول وما قضى الله فهو كائن. قال فما امسى من الغد الا ميتا ففي الحديث انه ينبغي للمريض ان يتلقى موعظة العائد بالقبول ويحسن جواب من يذكره بذلك وعليه ان يتجنب ان يقول قولا يجر عليه بلاء فان البلاء موكول بالمنطق قال ابن القيم رحمه الله ومن البلاء الحاصل بالقول قول الشيخ البائس الذي عاده النبي صلى الله عليه وسلم فرأى عليه حمى فقال لا بأس طهور ان شاء الله فقال بل حمى تفور على شيخ كبير تزيره القبور فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فنعم اذا وقد رأينا من هذا عبرا. انتهى كلامه رحمه الله وعن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوذ بعض اهله يمسح بيده اليمنى ويقول اللهم رب الناس اذهب البأس اشفه وانت الشافي لا شفاء الا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما. رواه البخاري ومسلم وعن عبدالعزيز بن صهيب قال دخلت انا وثابت على انس بن مالك رضي الله عنه فقال ثابت يا ابا حمزة اشتكيت فقال انس الا ارقيك برقية رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال بلى قال اللهم رب الناس مذهب البأس اشف انت الشافي لا شافي الا انت شفاء لا يغادر سقما. رواه البخاري هذه الرقية العظيمة التي كان يرقي بها النبي صلى الله عليه وسلم المريض جدير بالمسلم ان يعتني بها. بضبط الفاظها حفظا وبفهم معانيها ثم الرقية بها يرقي نفسه ويرقي مريظه. من اهل او ولد او قريب او نحو ذلك قوله اللهم رب الناس هذا فيه التوسل الى الله سبحانه وتعالى بالربوبية وانه رب الناس وخالقهم وموجدهم وقوله اذهب البأس البأس هو التعب والشدة والمرض وهو هنا بغير همزة مراعاة للازدواج والمؤاخاة وحديث انس جاء بلفظ اللهم رب الناس مذهب البأس وهذا فيه التوسل الى الله بكونه سبحانه وتعالى وحده المذهب للبأس الشافية لا شفاء الا شفاؤه قوله اشفه وانت الشافي. هذا توسل الى الله سبحانه بانه الشافي الذي بيده الشفاء. كما في قوله تعالى واذا مرضت فهو يشفين فلا شفاء الا باذنه لهذا ينصح المريض في العلاجات التي يستعملها الا يعلق قلبه بها فهي لا تنفعه الا اذا اذن الله بالشفاء ولا يعلق قلبه بالطبيب فالشفاء بيد الله بل عليه عندما يفعل الاسباب التوكل على الله. واعتقاد ان الشافي هو الله وان هذه اسباب نتخذها كما قال عليه الصلاة والسلام تداووا عباد الله ما انزل الله من داء الا وله دواء فنتداوى ونأخذ بالاسباب ونستفيد من العلاجات لكن لا نعلق قلوبنا بها فالشفاء بيد الله وباذنه سبحانه وقوله لا شفاء الا شفاؤك هذا فيه تأكيد للمعنى السابق ان الشافي هو الله وقوله شفاء لا يغادر سقما اي لا يترك او يعقب علة والفائدة من هذه الزيادة شفاء لا يغادر سقما ان بعض الامراض يشفى منها الانسان لكن يكون لها عواقب واثار جانبية للمرض فسأل الله العافية من المرظ والسلامة من الامراظ التي تتولد عنه وتنشأ منه والفائدة من هذا ان الشفاء من المرض قد يحصل ولكنه قد يخلفه مرظ اخر يتولد منه وينشأ بسببه فسأل الله ان يكون شفاؤه من المرض شفاء تاما لا يبقى معه اثر ولا يخلف في المريض اي علة. وهذا من تمام الدعوات النبوية وكمالها ووفائها وتوضع اليد على مكان الالم. اذا كان الالم في الصدر يضع يده على صدره وان كان على الرأس يضع يده على رأسه او البطن يضع على بطنه ويمسح بيده والمسح على المريض او موطن الوجع والالم كما ان فيه قراءة وتعويذا ونحو ذلك ففيه ايضا طمأنة له لانك اذا وضعت يدك عليه يطمئن لانك تفقدته وتحسست مرضه فتدخل عليه راحة وسرورا وانسا ومن الفوائد ايضا من هذا المسح ان تعرف حجم مرضه فقد يكون جسمه محترا حرارة شديدة قد تضر به. فاذا لم استوقت تدرك مدى الوجع ومدى الالم الذي هو مصاب به فتجتهد له بالدعاء وببذل اسباب الشفاء وهذا كله منطلقه الرابطة الايمانية التي تجمع وتؤلف قال صلى الله عليه وسلم مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم مثل الجسد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى رواه البخاري ومسلم وفي صحيح مسلم عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمون كرجل واحد ان اشتكى عينه اشتكى كله وان اشتكى رأسه اشتكى كله واسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير انه سميع قريب مجيب. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته