بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فلا يزال الحديث عما يرقى به المريض عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من عاد مريضا لم يحضر اجله فقال عنده سبع مرار اسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان يشفيك الا عافاه الله من ذلك المرض. رواه ابو داوود والترمذي وفي الادب المفرد للبخاري رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا عاد المريض جلس عند رأسه ثم قال سبع مرار اسأل الله العظيم رب عرش العظيم ان يشفيك فان كان في اجله تأخير عوفي من وجعه عيادة المريض هي زيارته ومن السنة ان يكون جلوس العائد عند رأس المريض كما تقدم في الحديث كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا عاد المريض جلس عند رأسه وهذا الجلوس عند رأس المريض فيه انس له وقرب منه واراحة لنفسه وادخال للسرور عليه بخلاف لو انه كان بعيدا عنه وايضا ايسر في الحديث معه وارفق به ومن السنة ايضا ان يضع يده على بدنه رأسه او يده وقربه منه ييسر له ذلك ووضع اليد على المريض هذا ايضا فيه فوائد. منها ان تستشعر حجم المرض احيانا تضع يدك فتجد ان المريض معاناته شديدة وحماه مرتفعة فيزيد عطفك عليه ودعاؤك له وتلطفك به ومؤانستك له ومن فوائده ان هذا اتم في الرقية بوظع اليد على رأسه او على يده حال الرقية ثم يقول سبع مرار اسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان يشفيك فهذه كلمات عظيمة يشرع ان تقال عند عيادة المريض تكرر سبع مرات وهي دعوات بطلب الشفاء له. متوسلا الى الله عز وجل بعظمته هو سبحانه وربوبيته للعرش العظيم الذي هو اعظم المخلوقات واكبرها قوله الا عافاه الله من ذلك المرض والحديث الثاني قال فان كان في اجله تأخير عوفي من وجعه وهذا فيه انه دعاء مستجاب والعافية للمريض على اثره متحققة وليعلم ان الدعاء سبب ينال به المطلوب وقد يتخلف ذلك لاسباب تعود للداعي. اما لضعف في الدعاء او اخلال ببعض الشروط او نحو ذلك هذا لمن كان في اجله تأخير اما من حضر اجله فلا مناص له عن الموت فاذا جاء اجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون وقوله فقال عنده سبع مرار فيه ان رقم سبعة له خاصية ولهذا تقدم في الحديث قول سبع مرار اعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما اجد واحاذر وهي وتر والله وتر يحب الوتر فيأتي بها سبعا لا يزيد عليها وقوله ان يشفيك. هل يقولها بصوت يسمع المريض او يقولها سرا. الامر في ذلك واسع لكن ان اسمع المريض بصوت خافت فهذا فيه مؤانسة للمريض وعن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول للمريض بسم الله تربة ارضنا بريقة بعضنا يشفى سقيمنا باذن ربنا. رواه البخاري ومسلم هذه رقية ثابتة ومأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها الرقية بهذه الكلمات وبهذه الطريقة ان يبل اصبعه بريقه ثم يضعه على التراب ولا يختص هذا بتربة المدينة بل في اي مكان المهم ان تكون التربة نظيفة ثم يضع اصبعه على المريض والاقرب والله اعلم ان هذا لمن به قروح او دمامل او نحو ذلك لمنفعته في تجفيف الجراح واندمالها وابراء القروح والورم فيضع اصبعه الذي علق فيه بعض التراب على المريض ثم يقول بسم الله تربة ارضنا بريقة بعضنا يشفى سقيمنا باذن ربنا قوله تربة ارضنا تربة خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذه تربة ارضنا قوله بريقة بعضنا اي ممزوجة بريقة بعضنا اجتمع امران تربة طاهرة وريق طاهر قوله يشفى سقيمنا يشفى مبني لما لم يسمى فاعله. اي يشفيه الله سبحانه وتعالى باذن ربنا اي الشفاء باذنه لا شفاء الا شفاؤه سبحانه وعن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ان رهطا من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلقوا في سفرة سافروها حتى نزلوا بحي من احياء العرب فاستضافوهم فابوا ان يضيفوهم فلدغ سيد ذلك الحي فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء وقال بعضهم لو اتيتم هؤلاء الرهط الذين قد نزلوا بكم لعله ان يكون عند بعضهم شيء فاتوهم فقالوا يا ايها الرهط ان سيدنا لدر فسعينا له بكل شيء لا ينفعه شيء. فهل عند احد منكم شيء فقال بعضهم نعم والله اني لراق ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا فما انا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلا فصالحوهم على قطيع من الغنم فانطلق فجعل يتفل ويقرأ الحمد لله رب العالمين حتى لكأنما نشط من عقال فانطلق يمشي ما به قلبه قال فاوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه فقال بعضهم اقسموا فقال الذي رقى لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنذكر له الذي كان فننظر ما يأمرنا فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له فقال وما يدريك انها رقية اصبتم اقسموا واضربوا لي معكم بسهم. رواه البخاري ومسلم بهذا الحديث فضل الفاتحة اعظم سور القرآن وانها رقية فقد قال له النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر انه كان يقرأ الفاتحة وينفث قال وما يدريك انها رقية اصبتم فالفاتحة رقية عظيمة ولها تأثير عظيم في شفاء المريض حتى قال ابن القيم رحمه الله ولو احسن العبد التداوي بالفاتحة لرأى لها تأثيرا عجيبا في الشفاء ومكثت بمكة مدة يعتريني ادواء ولا اجد طبيبا ولا دواء فكنت اعالج نفسي بالفاتحة فارى لها تأثيرا عجيبا فكنت اصف ذلك لمن يشتكي الما وكان كثير منهم يبرأ سريعا ولكن ها هنا امر ينبغي التفطن له وهو ان الاذكار والايات والادعية التي يستشفى بها ويرقى بها هي في نفسها نافعة شافية ولكن تستدعي قبول المحل وقوة همة الفاعل وتأثيره فمتى تخلف الشفاء كان لضعف تأثير الفاعل او لعدم قبول المنفعل او لمانع قوي فيه يمنع ان ينجح فيه الدواء كما يكون ذلك في الادوية والادواء الحسية فان عدم تأثيرها قد يكون لعدم قبول الطبيعة لذلك الدواء وقد يكون لمانع قوي يمنع من اقتضائه اثره فان الطبيعة اذا اخذت الدواء بقبول تام كان انتفاع البدن به بحسب ذلك القبول فكذلك القلب اذا اخذ الرقى والتعاويذ بقبول تام وكان للراقي نفس فاعلة وهمة مؤثرة في ازالة الداء انتهى كلامه رحمه الله قوله انطلق نفر من اصحاب النبي عليه الصلاة والسلام في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من احياء العرب فاستضافوهم اي طلبوا منهم ان يضيفوهم بشيء من الطعام او الغذاء او اللبن او نحو ذلك فابوا ان يضيفوه اي امتنعوا من ذلك فمضوا في طريقهم مع حاجتهم للغذاء فلدغ سيد ذلك الحي اي رئيسهم لدغته عقرب فسعوا له بكل شيء لا ينفعه. جاءوا له بادوية وعلاجات فلم تجد شيئا فقال بعضهم لو اتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعله ان يكون عند بعضهم شيء اي طب نعالجه به مع انهم قبل قليل امتنعوا من ضيافتهم لكن الان احتاجوا اليهم وذهبوا اليهم لعلهم يجدون عندهم شيئا يعالجون به سيدهم فأتوهم فقالوا يا ايها الرهط والرهط هو ما بين الواحد الى العشرة ان سيدنا لدغ وسعينا له بكل شيء لا ينفعه. فهل عند احدكم من شيء فقال بعضهم والله اني لراق ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا فما انا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلا الجعل ما يعطى على العمل فصالحوهم على قطيع من الغنم اي ان رقى سيدهم وشفي يعطونهم قطيعا من الغنم تنطلق يتفل عليه ويقرأ الحمد لله رب العالمين ورواه الترمذي وابن ماجه بلفظ فقرأت عليه الحمد سبع مرات فبرئ فكأنما نشط من عقال اي قام نشيطا لا يجد شيئا ولا يحس بالم فانطلق يمشي وما به قلبة اي ما به وجع قال فاوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه اي اعطوهم قطيعا من الغنم فقال بعضهم اقسموا فقال الذي رقى لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنذكر له الذي كان فننظر ما يأمرنا فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له فقال وما يدريك انها رقية اي ان الفاتحة رقية عظيمة وشفاء من الادواء والاسقام ولكن كيف عرفت هذا وهذا فيه اقرار من النبي عليه الصلاة والسلام انها رقية وثبوت نفعها العظيم باذن الله تعالى ثم قال قد اصبتم اقسموا لي واضربوا لي معكم سهما اي اجعلوا لي منه نصيبا وكانه اراد المبالغة في تأنيسهم واسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير انه سميع قريب مجيب وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته