بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فالحديث عن الاذكار والادعية المتعلقة بصلاة الجنازة عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة فحفظت من دعائه وهو يقول اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه واكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الابيض من الدنس وابدله دارا خيرا من داره واهلا خيرا من اهله وزوجا خيرا من زوجه وادخله الجنة واعذه من عذاب القبر او من عذاب النار قال حتى تمنيت ان اكون انا ذلك الميت. رواه مسلم هذا دعاء عظيم وهو من الدلائل على قوة التراحم وجمال التعاطف بين اهل الايمان والسنة ان يؤتى به بعد التكبيرة الثالثة لان التكبيرة الاولى يقرأ بعدها فاتحة الكتاب والثانية يصلى فيها على النبي عليه الصلاة والسلام والثالثة يؤتى فيها بالدعاء للميت وقد جمع هذا الدعاء معاني عظيمة من الدعاء للميت والترحم عليه وسؤال الله عز وجل ان يغفر له وان يكرم نزله وان يوسع مدخله وان يغسله بالماء والثلج والبرد وان يدخله الجنة وينجيه من النار قوله اللهم اغفر له وارحمه. المغفرة التجاوز عن الذنوب والرحمة فيها حصول النعمة والفضل والخير فجمع بين زوال الذنوب بالستر والتجاوز وحصول الخير بالتوفيق له والتيسير والاعانة والرحمة اعم فالمغفرة ستر الذنب والتجاوز عنه والرحمة تزيد عن ذلك بنيل الخيرات ورفعة الدرجات وكثرة الثواب قوله وعافه واعف عنه عافه اي من العذاب واعف عنه اي ما وقع فيه من ذنب وتقصير واكرم نزله النزل قراء الضيف وهو ما يعد ويقدم للضيف من طعام وشراب والمراد احسن نصيبه من الجنة قوله ووسع مدخله اي افسح له في قبره ووسع منازله في الجنة وهو مفرد مضاف فيشمل القبر وما يكون بعد القبر في القيامة والجنة فيتناول هذا كله ان يكون مدخله مدخل خير وانعام في قبره ويوم لقاء ربه قوله واغسله بالماء والثلج والبرد هذه الثلاثة الماء والثلج والبرد تقابل حرارة الذنوب وتطفئ لهيبها قوله ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الابيض من الدنس اي طهره من الذنوب كما يطهر الثوب الابيض من الدنس والوسخ الذي يعلق به وخص الثوب الابيض بالذكر لان الابيظ يظهر عليه الاثر مباشرة خلاف الالوان الاخرى قوله وابدله دارا خيرا من داره اي ادخله الجنة بدلا عن دار الدنيا التي ارتحل عنها قوله واهلا خيرا من اهله وزوجا خيرا من زوجه اي وابدله خيرا منهم وهذا يتناول الابدال في الاشخاص والصفات اما في الاشخاص بان يكون له اهلون وازواج غير الذين كانوا له في الدنيا واما الصفات بان تكون العجوز شابة وغير الحسنة جميلة حسنة يوم القيامة قوله وادخله الجنة المراد بذلك الدخول الاول لانه طلب له قبل ذلك التنقية التامة من الذنوب والخطايا وطلب له المغفرة فالمراد دخول الجنة دخولا اوليا بلا حساب ولا عذاب قال عوف بن مالك رضي الله عنه حتى تمنيت ان اكون ذلك الميت لدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم استشعر رضي الله عنه عظمة هذا الدعاء ولا سيما ان الداعي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فتمنى ان يكون هو ذلك الميت ليظفر بتلك الدعوات المستجابات والادعية المقبولات وفي لفظ وقه فتنة القبر وعذاب النار وفتنة القبر غير عذابه فالفتنة ما يكون في القبر من امتحان وسؤال كما جاء مفصلا في الحديث فيأتيه ملكان فيقعدانه ويسألانه ثم بعدها يكون النعيم او العذاب قوله وعذاب النار بان ينجيه من دخولها فيدخل الجنة دون عذاب قال تعالى فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة فقال اللهم اغفر لحينا وميتنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وانثانا وشاهدنا وغائبنا اللهم من احييته منا فاحيه على الاسلام ومن توفيته منا فتوفه على الايمان اللهم لا تحرمنا اجره ولا تضلنا بعده. رواه ابو داوود وابن ماجة وهذا دعاء عظيم شمل الميت المصلى عليه وغيره من المسلمين الاحياء منهم والاموات والصغار والكبار والذكور والاناث والشاهد منهم والغائب لان الجميع مشتركون في الحاجة بل الضرورة الى مغفرة الله وعفوه ورحمته ومن دعا بهذه الدعوة فله بكل واحد من المسلمين والمسلمات المتقدمين منهم والمتأخرين حسنة لما ثبت في المعجم الكبير للطبراني باسناد حسن عن عبادة ابن الصامت عن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة وقد قال الله تعالى لنبيه واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات فالاستغفار مطلوب للنفس ولعموم المسلمين قوله اللهم من احييته منا فاحيه على الاسلام ومن توفيته فتوفه على الايمان ذكر الاسلام في الحياة والايمان عند الممات وذلك ان الاسلام اذا قرن بالايمان يراد به الشرائع العملية الظاهرة ويراد بالايمان الاعتقادات الباطنة ولهذا ناسب في الحياة ان يذكر الاسلام لان الانسان ما دام حيا فلديه مجال وفسحة للعمل والتعبد واما عند الممات فلا مجال لذلك بل لا مجال الا للموت على الاعتقاد الصحيح والايمان السليم بتوفيق من الله عز وجل ولهذا قال ومن توفيته فتوفه على الايمان يوضح هذا حديث جبريل المشهور يرويه عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم اطلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه اثر السفر ولا يعرفه منا احد حتى اذا جلس الى النبي صلى الله عليه وسلم فاسند ركبتيه الى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال يا محمد اخبرني عن الاسلام فقال الاسلام ان تشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ان استطعت اليه سبيلا قال صدقت فعجبنا له يسأله ويصدقه. قال اخبرني عن الايمان قال ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وتؤمن بالقدر خيره وشره. قال صدقت قال فاخبرني عن الاحسان قال ان تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك قال فاخبرني عن الساعة؟ قال ما المسئول عنها باعلم من السائل؟ قال فاخبرني عن اماراتها قال ان تلد الامة ربتها وان ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان ثم انطلق فلبثت مليا ثم قال يا عمر اتدري من السائل؟ قلت الله ورسوله اعلم قال فانه جبريل اتاكم يعلمكم دينكم. رواه مسلم ففرق النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بين مسمى الاسلام ومسمى الايمان ففسر الاسلام بالاعمال الظاهرة والايمان بالاصول والاعتقادات الباطنة وقوله اللهم لا تحرمنا اجره اي الاجر الذي نحصله من تجهيزه والصلاة عليه وتشييعه ودفنه وكذلك الاجر الذي نحصله من صبرنا على مصيبتنا فيه واما اجر عمله فهو له وليس لنا منه شيء وقوله ولا تضلنا بعده اي اعذنا من الضلال وجنبنا الفتنة والزلل بعد فقدنا له وفي بعض الروايات ولا تفتن بعدها ومن الدعوات التي تقال في الصلاة على الجنازة ما رواه الطبراني في المعجم الكبير والحاكم عن يزيد ابن ركانة ابن المطلب رضي الله عنه قال قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا قام الى جنازة ليصلي عليها قال اللهم عبدك وابن امتك احتاج الى رحمتك وانت غني عن عذابه. ان كان محسنا فزد في حسناته وان كان مسيئا فتجاوز عنه. وهو حديث ثابت وروى مالك في الموطأ عن سعيد المقبوري انه سأل ابا هريرة رضي الله عنه كيف تصلي على الجنازة فقال ابو هريرة انا لعمر الله اخبرك اتبعها من اهلها فاذا وضعت كبرت وحمدت الله وصليت على نبيه ثم اقول اللهم انه عبدك وابن عبدك وابن امتك كان يشهد ان لا اله الا انت وان محمدا عبدك ورسولك وانت اعلم به اللهم ان كان محسنا فزد في حسناته وان كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته اللهم لا تحرمنا اجره ولا تفتنا بعده واسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير انه سميع قريب مجيب. والى لقاء اخر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته