بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد ما يقال في الاستسقاء فقد شرع الله عز وجل لعباده اذا اجدبت فيهم الديار وحصل القحط وقلت الامطار ان يفزعوا الى الصلاة والدعاء والاستغفار ومن دعا الله وصدق في سؤاله اجاب سبحانه وتعالى سؤله وقال ربكم ادعوني استجب لكم وفي سير الانبياء عليهم السلام انهم حثوا اممهم على الاستغفار وذكروا لهم من فوائده نزول الامطار وحصول الخيرات كما قال نوح عليه السلام لقومه فقلت استغفروا ربكم انه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا وقال هود عليه السلام ويا قومي استغفروا ربكم ثم توبوا اليه يرسل السماء عليكم مدرارا الاستغفار والتوبة والدعاء سبب لنزول المطر ولهذا شرع للعباد ان يجتمعوا للصلاة والدعاء والاستغفار عند قحط الديار وجذبها وقلة الامطار وقد ثبت في السنة دعوات عظيمات يشرع ان تقال عند القحط وطلب الغيث عن انس ابن مالك رضي الله عنه ان رجلا دخل يوم الجمعة من باب كان وجاه المنبر ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما فقال يا رسول الله هلكت المواشي وانقطعت السبل فادعوا الله يغيثنا قال فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه فقال اللهم اسقنا اللهم اسقنا اللهم اسقنا قال انس ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة ولا شيئا وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار قال فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس فلما توسطت السماء انتشرت ثم امطرت قال والله ما رأينا الشمس سبتا ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبله قائما فقال يا رسول الله هلكت الاموال وانقطعت السبل فادعوا الله يمسكها. قال فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الاكام والجبال والاجام والضراب والاودية ومنابت الشجر قال فانقطعت وخرجنا نمشي في الشمس. رواه البخاري ومسلم قوله فقال يا رسول الله هلكت المواشي وانقطعت السبل فادعوا الله يغيثنا اي بسبب تأخر الامطار وقوله انقطعت السبل اي ان الابل ظعفت لقلة القوت عن السفر او لكونها لا تجد في طريقها من الكلأ ما وقيل المراد نفاذ ما عند الناس من الطعام او قلته فلا يجدون ما يحملونه يجلبونه الى الاسواق فادعوا الله ان يغيثنا اي ان ينزل علينا الغيث في كشف به ما بنا من جهد وشدة وكرب وطائقة فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال اللهم اسقنا اللهم اسقنا اللهم اسقنا اي انه شرع عليه الصلاة والسلام في التضرع الى الله تبارك وتعالى والالحاح عليه بان ينزل الغيث قال انس ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة ولا شيئا اي ان الحال وقت مجيء ذلك الرجل ان السماء صحون ما فيها سحاب ولا فيها قزعة اي وليس فيها حتى القطع الصغيرة من السحاب قوله وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار. سلع جبل معروف في الجهة الغربية الشمالية من المدينة اي ليس بيننا وبينه بنيان فنراه رؤيا واضحة دون ان يكون هناك ما يحجبنا الرؤيا قال فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس اي جاءت من وراء الجبل سحابة على اثر ذلك الدعاء العظيم وقوله مثل الترس اي في الاستدارة والكثافة قال فلما توسطت السماء اي صارت في وسط السماء انتشرت ثم امطرت المراد ان السحابة طلعت صغيرة ثم انتشرت قال فلا والله ما رأينا الشمس سبتا اي اسبوعا كاملا ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبله قائما فقال يا رسول الله هلكت الاموال وانقطعت السبل فادعوا الله يمسكها في الجمعة الاولى جاء يستسقي وفي هذه جاء يستصحي لكثرة الماء وتزايد المطر حتى هلكت بسبب ذلك الاموال وانقطعت السبل يطلب امساك هذه السحابة عنهم فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال اللهم حوالينا ولا علينا اي اجعل هذا المطر حوالينا وليس علينا قوله اللهم على الاكام والجبال والاجام والضراب والاودية ومنابت الشجر الاكام التلال والاجام الاشجار والحوائط واضطراب الجبال الصغيرة قوله فانقطعت وخرجنا نمشي في الشمس اي توقف المطر وخرجنا نمشي والسماء صحو وهذا الاستصحاء لا يقال عند نزول المطر ابتداء. وانما يقال اذا تتابع نزوله وكثر وخاف الناس من هذه المضار فيدعى حينئذ ان يصرفه الله عن هذا المكان الذي كثر عليه الماء وخشيت المضرة فيه وان يجعله في الجبال وبطون الاودية ومنابت الشجر. حيث الانتفاع به مع عدم المضرة وفي هذا الحديث عظم بركة الدعاء وان الدعاء مستجاب اذا صدق العبد مع الله والح عليه سبحانه فلا يأتي بالحسنات الا الله ولا يصرف السيئات الا هو وعن عائشة رضي الله عنها قالت شكى الناس الى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر فامر بمنبر فوضع له في المصلى ووعد الناس يوما يخرجون فيه قالت عائشة رضي الله عنها فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بدا حاجب الشمس فقعد على المنبر فكبر صلى الله عليه وسلم وحمد الله عز وجل ثم قال انكم شكوتم جذب دياركم واستئخار المطر عن ابان زمانه عنكم وقد امركم الله عز وجل ان تدعوه ووعدكم ان يستجيب لكم. ثم قال الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم. مالك يوم الدين لا اله الا الله يفعل ما يريد اللهم انت الله لا اله الا انت الغني ونحن الفقراء انزل علينا الغيث واجعل ما انزلت لنا قوة وبلاغا الى حين ثم رفع يديه فلم يزل في الرفع حتى بدا بياض ابطين ثم حول على الناس ظهره وقلب او حول رداءه وهو رافع يديه ثم اقبل على الناس ونزل فصلى ركعتين فانشأ الله سحابة فرعدت وبرقت ثم امطرت باذن الله فلم يأتي مسجده حتى سالت السيول فلما رأى سرعتهم الى الكني ضحك حتى بدت نواجذه فقال اشهد ان الله على كل شيء قدير واني عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم رواه ابو داوود قولها شكى الناس الى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر اي وما يصيب الارض من جدب والماشية من هلاك بسبب تأخر المطر عن وقت نزوله فامر بمنبر فوضع له في المصلى ووعد الناس يوما يخرجون فيه يستفاد من هذا انه عندما تصاب الارض بالقحط بسبب تأخر الامطار وتضرر الماشية والزروع ان ينقل هذا الامر لولي الامر فيواعد الناس وقتا ويعين لهم يوما يجتمعون فيه للصلاة والدعاء قولها فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بدا حاجب الشمس اي حينما بان طرف الشمس قولها فقعد على المنبر فكبر صلى الله عليه وسلم وحمد الله عز وجل ثم قال انكم شكوتم جذب دياركم واستئخار المطر عن ابان زمانه عنكم وقد امركم الله عز وجل ان تدعوه ووعدكم ان يستجيب لكم. ثم قال الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم. ما لك يوم الدين لا اله الا الله يفعل ما يريد. اللهم انت الله لا اله الا انت الغني ونحن الفقراء انزل علينا الغيث واجعل ما انزلت لنا قوة وبلاغا الى حين اي انه عليه الصلاة والسلام شرع في الدعاء لكنه قدم بين يدي دعائه الثناء على الله عز وجل وتمجيده سبحانه وذكر الناس ووعظهم وبين كمال غنى الله تبارك وتعالى وشدة تقال العباد اليه ثم سأل الله عز وجل ان ينزل الغيث ثم رفع يديه فلم يزل في الرفع حتى بدا بياض ابطيه وهذا اشارة الى المبالغة في الرفع ففي الدعاء المعتاد تكون بطون الاكف الى السماء او يقنع بهما الوجه لكن في الاستسقاء يبالغ في رفع اليدين حتى يبدو بياض الابطين قوله ثم حول على الناس ظهره وقلب او حول رداءه وهو رافع يديه اي جعل الباطن في الظاهر والظاهر في الباطن وهو مستمر في رفع اليدين يدعو الله. وقيل الحكمة من تحويل الرداء التفاؤل بتحول الحال وتبدل الامر ثم اقبل على الناس ونزل فصلى ركعتين اي بعد الخطبة وجاء في بعض الاحاديث ما يدل على تقديم الركعتين على الخطبة. فالامر في ذلك واسع قال فانشأ الله سحابة فرعدت وبرقت ثم امطرت باذن الله فلم يأت مسجده حتى سالت السيول اي نزلت الامطار وعمت الخيرات فلما رأى صلى الله عليه وسلم سرعتهم الى الكن ضحك حتى بدت نواجذه. فقال اشهد ان الله على كل شيء قدير واني عبد الله ورسوله الكن ما يرد الحر والبرد من الابنية والمساكن فاصبحوا يسرعون الخطى كل يدخل في بيت او تحت خيمة حتى لا يصيبهم المطر الغزير فلما رأى ذلك عليه الصلاة والسلام ضحك لانهم قبل قليل يشكون القحط وعدم وجود الماء. والان يهربون من غزارته وكثرته هذا واسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير وان ينفعنا بما علمنا وان يزيدنا علما وتوفيقا والى لقاء اخر. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته