بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فلا يزال الحديث عن الاستسقاء والاستسقاء مقام عظيم من مقامات التذلل والخضوع لله عز وجل فان نبينا صلوات الله وسلامه عليه خرج الى الاستسقاء خاضعا متخشعا متبذلا متواضعا داعيا جاء الى الله وهو موطن عظيم من مواطن حسن التوسل الى الله عز وجل بكل الوسائل التي يحبها ويرضاها وشرعها لعباده جل وعلا واعظم ذلك التوسل اليه سبحانه باسمائه الحسنى وصفاته العليا وانه الله الذي لا اله الا هو وسع كل شيء علما قال الله تعالى قل ادعوا الله او ادعوا الرحمن ايا ما تدعوا فله الاسماء الحسنى وقال تعالى ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في اسمائه سيجزون ما كانوا يعملون ومن اعظم الوسائل الى الله التوسل اليه جل وعلا بافتقارك اليه واحتياجك اليه واعترافك بانك لا غنى لك عنه طرفة عين كما قال الله جل وعلا يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله والله هو الغني الحميد ومن الدعوات العظيمة ربي اني مسني الضر وانت ارحم الراحمين وكذلك ربي اني لما انزلت الي من خير فقير فالتوسل الى الله عز وجل بالذل والافتقار والخضوع اليه واظهار الفاقة والحاجة اليه من اعظم الوسائل ومن التوسل الى الله عز وجل التوسل اليه سبحانه بطاعته ولزوم عبادته واطر النفس على ذلك بان يكون عبدا ذليلا مطيعا محافظا على فرائظ الاسلام وواجبات الدين متجنبا الحرام متقربا الى الله عز وجل بما يحب وما تقرب متقرب الى الله بشيء احب الى الله مما افترظ على عباده ولا يزال العبد يتقرب الى الله بالنوافل حتى يحبه الله قال الله جل وعلا في الحديث القدسي وما يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وان سألني لاعطينه ولئن استعاذني لاعيذنه ومن الوسائل العظيمة الى الله جل وعلا التوسل الى الله سبحانه بمحبة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم القائل لا يؤمن احدكم حتى اكون احب اليه من والده وولده والناس اجمعين مع الاكثار من الصلاة والسلام عليه صلوات الله وسلامه عليه فان في الاكثار من الصلاة والسلام عليه تفريجا للهموم وتنفيسا للكربات وحلول خيرات وبركات ومن التوسل الى الله تبارك وتعالى الاحسان في عبادة الخالق والاحسان في معاملة الخلق قال تعالى واحسنوا ان الله يحب المحسنين ببر الوالدين وصلة الارحام والمعاملة الحسنة الكريمة مع عباد الله بالاخلاق الفاضلة والاداب الكاملة وبالحنو على الفقراء والعطف على المساكين ومساعدة المحتاجين ومعاونة الايتام الى غير ذلك من وجوه النفقات والصدقات والاحسان التي تطفئ غضب الرب وتكون سببا لحلول الخيرات ونزول البركات عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال بين رجل بفلات من الارض فسمع صوتا في سحابة اسق حديقة فلان تتنحى ذلك السحاب فافرغ ماءه في حرة فاذا شرجة من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء كله فتتبع الماء فاذا رجل قائم في حديقته يحول الماء بمسحاته فقال له يا عبد الله ما اسمك؟ قال فلان للاسم الذي سمعه في السحابة فقال له يا عبد الله لم تسألني عن اسمي فقال اني سمعت صوتا في السحاب الذي هذا ماؤه يقول اسقي حديقة فلان لاسمك فما تصنع فيها قال اما اذ قلت هذا فاني انظر الى ما يخرج منها فاتصدق بثلثه واكل انا وعيالي ثلثا وارد فيها ثلثه. رواه مسلم ومن اعظم الوسائل الى الله جل في علاه التوسل اليه بالتوبة النصوح والانابة الى الله وملازمة الاستغفار قال هود عليه السلام لقومه ويا قومي استغفروا ربكم ثم توبوا اليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة الى قوتكم ولا تتولوا مجرمين وقال نوح عليه السلام فقلت استغفروا ربكم انه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم باموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم انهارا ومن اعظم الوسائل الى الله جل وعلا حسن الظن به وتمام الثقة به وحسن التوكل عليه وتمام الالتجاء اليه فانه تبارك وتعالى يغيث من استغاث به ويكفي من التجأ اليه ومن التجأ اليه كفاه واعانه ووقاه وسدده في امور دينه ودنياه اليس الله بكاف عبده ما يقال عند سماع الرعد عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما انه كان اذا سمع الرعد ترك الحديث وقال سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته رواه مالك في الموطأ والبخاري في الادب المفرد الرعد هو الصوت الشديد الذي يصاحب السحاب وفي القرآن سورة بهذا الاسم. سورة الرعد والرعد اية من ايات الله سبحانه وتعالى الدالة على عظمة الخالق وكمال المدبر سبحانه ويستحب عند سماع الرعد التسبيح لان في هذا موافقة لعمل الرعد نفسه. فالرعد كما اخبر الله عنه يسبح بحمد الله فاذا سمع المرء صوت الرعد سبه ولهذا جاء في هذا الاثر المتقدم عن عبد الله ابن الزبير انه اذا كان سمع الرعد ترك الحديث اي ان كان يتحدث وقال سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته وروي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما انه كان اذا سمع صوت الرعد قال سبحان الذي سبحت له وفي التسبيح في هذا المقام تعظيم للرب سبحانه الذي الرعد اثر من اثارك ما لقوته وقدرته وفيه تجاوب مع الرعد الذي يسبح بحمد الله. ولكن لا نفقه تسبيحه تسبح له السماوات السبع والارض ومن فيهن وان من شيء الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم فنؤمن بذلك وان الرعد يسبح بحمد الله فاذا سمعنا صوته قلنا كما جاء في هذا الاثر سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته او كما قال ابن عباس سبحان الذي سبحت له ما يقال عند نزول الغيث ونزول الغيث نعمة من نعم الله سبحانه ومنة من مننه جل وعلا على عباده واذا انزل الله الغيث على الارض وهي هامدة اهتزت وربت وانبتت من كل زوج بهيج ذلك بان الله هو الحق وانه يحيي الموتى وانه على كل شيء قدير وان الساعة اتية لا ريب فيها وان الله يبعث من في القبور وقد مر معنا الادعية التي يشرع للمسلم ان يقولها عند قحوط المطر واستأخاره عن ابان نزوله وما يترتب على ذلك من جفاف في الزروع وهلاك في الماشية وغير ذلك من الاضرار وهي دعوات مباركات واستغاثات نافعات برب العالمين وخالق الخلق اجمعين الذي بيده ازمة الامور ومقاليد السماوات والارض الذي امره لشيء اذا اراده ان يقول له كن فيكون والدعاء ينبئ عن قوة الافتقار وتحقيق العبودية ويوجب للعبد خضوعه وخشوعه وشدة انكساره لرب البرية فكم من دعوة رفع الله بها المكاره وانواع المضار ونال بها العبد الخيرات العديدة والبركات المتنوعة وانواع المسار والعبد يدعو الله في كل احيانه ويدعو الله في كل شؤونه اذا تأخر المطر دعا واذا نزل المطر دعا واذا سمع الرعد ذكر الله ففقره الى الله ذاتي لا غنى له عن ربه وسيده ومولاه طرفة عين والله عز وجل غني حميد وقد كان من هديه عليه الصلاة والسلام اذا نزل الغيث ان يقول اللهم صيبا نافعا فعن عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اذا رأى المطر قال اللهم صيبا نافعا رواه البخاري قوله صيبا منصوب بفعل مقدر اي اجعله والصيب المطر وقوله نافعا وصف للصيد احترز به عن الصيد الضار وفي هذا دلالة على ان المطر قد يكون نزوله رحمة ونعمة وهو النافع وقد يكون نزوله عقوبة ونقمة وهو الضار والمسلم يسأل الله عند نزول المطر ان يكون نافعا غير ضار وهذا الدعاء المذكور يستحب بعد نزول المطر للازدياد من الخير والبركة مقيدا بدفع ما يخشى ويحذر من الضرر ومن الواجب على العبد في هذا المقام الكريم ان يعرف نعمة الله عليه وان ينسب الفضل اليه فهو سبحانه مولي النعم ومسديها بيده العطاء والمنع والخفض والرفع لا رب سواه ولا اله غيره ثبت في الصحيحين عن زيد بن خالد رضي الله عنه قال صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح بالحديبية على اثر سماء كانت من الليل اي على اثر مطر فلما انصرف اقبل على الناس فقال هل تدرون ماذا قال ربكم قالوا الله ورسوله اعلم قال اصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فاما من قال مطرنا بفظل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب. واما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا. فذلك كافر بمؤمن بالكوكب فالذي يقول عند نزول المطر مطرنا بفظل الله ورحمته نسب النعمة الى المتفضل سبحانه وتعالى واعتقد ان نزوله بفضل الله ومنه. واما الذي يقول عند نزول المطر مطرنا بنوء كذا وكذا فهذا اما ان يعتقد ان المنزل للمطر هو النجم او النو وهذا كفر او انه يعتقد انه سبب وان المنزل هو الله فيضيف النعمة الى ما يراه سببا وهذا من كفر النعمة وهو من الشرك الخفي والانواء ليست من الاسباب لنزول الامطار. وانما سبب نزول المطر حاجة العباد وافتقارهم وسؤالهم ولجوءهم الى الله عز وجل الذي بيده الامر فهو ينزله على من يشاء ويصرفه عمن يشاء لا علاقة للنوء بذلك كما قال الله تعالى فيصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء واسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير انه سميع قريب مجيب والى لقاء اخر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته