بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فالحديث عن اذكار ركوب الدابة والسفر الدابة اي المركوب الذي يركبه المرء لينتقل من مكان الى مكان وهو من النعم العظيمة قال الله تعالى في سورة النحل سورة عد النعم والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون وتدخل وسائل النقل الحديثة كالطائرات والسيارات والقطارات وغيرها في قوله ويخلق ما لا تعلمون فاذا ركب المرء مركوبا من هذه المركوبات شرع له ان يقول الذكر الذي يؤثر عن النبي صلى الله عليه وسلم في ركوب الدابة وايضا فيما يتعلق بالسفر هناك ادعية مأثورة تتعلق به بماذا يودع المسافر اهله وبما يودعونه وبما يوصى عن ابي هريرة رضي الله عنه قال ودعني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه. رواه ابن ماجة وعن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من اراد ان يسافر فليقل لمن يخلف استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه رواه الطبراني في الدعاء وفي عمل اليوم والليلة لابن السني عن موسى ابن وردان قال اتيت ابا هريرة اودعه لسفر اردته. فقال ابو هريرة رضي الله عنه الا اعلمك يا ابن اخي شيئا علمنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم اقوله عند الوداع قال قلت بلى قال استودعكم الله الذي لا تظيع ودائعه وفي المسند عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ان لقمان الحكيم كان يقول ان الله عز وجل اذا استودع شيئا حفظه قوله من اراد ان يسافر اي من هم بالسفر قوله فليقل لمن يخلف اي ليقل لاهله وولده الذين يتركهم ولرفقائه استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه اي اترككم في وداعه تبارك وتعالى وبحفظه ورعايته وتوفيقه وتسديده فان الله عز وجل ما استودع شيئا الا حفظه فهو يكلأه بعنايته وحفظه وهو بمعنى قول لقمان ان الله عز وجل اذا استودع شيئا حفظه لان العبد عاجز فاذا تبرأ من الاسباب واعترف بضعفه وبرأ من حوله وقوته واستودع الله شيئا حفظه الله فالله خير حافظا وعن ابن عمر رضي الله عنهما كان يقول للرجل اذا اراد سفرا ادنوا مني اودعك كما كان رسول الله صلى الله وعليه وسلم يودعنا فيقول استودع الله دينك وامانتك وخواتيم عملك. رواه الترمذي ورواه البزار ولفظه كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا ودع رجلا اخذ بيده فلا يدع يده حتى يكون الرجل هو الذي يدع يد النبي صلى الله عليه وسلم ويقول استودع الله دينك وامانتك وخواتيم عملك قوله رضي الله عنه كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يودعنا فيه فائدة عظيمة للمسلم وهي حرص الصحابة على السنة وتطبيقها ولا يعجز الواحد منهم عندما يودع احدا ان يأتي بكلمات جميلة تعبر عن مشاعره نحوه لكن الصحابة رضي الله عنهم مع قدرتهم على ذلك كانوا حريصين على السنة لانها بركة كلها قوله ادنوا مني فيه ان الوداع عن قرب اولى من الوداع عن بعد فبالقرب تحصل المصافحة والمعانقة ونحو ذلك قوله استودع الله دينك وامانتك وخواتيم عملك هذا توديع عظيم لمن هو مقيم يودع به المسافر ان يجعله الله في حفظه وكلاءته في دينه وامانته وخواتيم عمله وهذا فيه ان الاسفار مظنة المخاطر على المرء في هذه الثلاث اما الدين فبالفتنة فيه والمضرة التي قد تحصل للانسان في سفره والتعرض للشبهات التي تحرفه او التي تفسده فتضر بدينه فهو بحاجة لهذه الدعوة ان يحفظ الله عليه دينه ويثبته ويجنبه مظلات الفتن ما ظهر منها وما بطن واما الامانة وامرها عظيم وشأنها كبير سواء بمعناها العام في قوله تعالى انا عرضنا الامانة على السماوات والارض والجبال فابين ان يحملن ها واشفقن منها وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا او بمعناها الخاص في قول النبي صلى الله عليه وسلم ادي الامانة الى من ائتمنك ولا تخن من خانك واما خواتيم العمل وهذا ايضا مقام عظيم في العبادة والتقرب الى الله بان يختم له في هذه الحياة على خير وفي عمل صالح وفي هذا لفتة ان المسافر عرضة في سفره ان يكون سفرا لا عودة فيه فكم من مسافر انتهت حياته في سفره فالدعاء له بهذا عظيم في هذا المقام ان يختم له بعمل صالح وطاعة لله لان المدار عليها في امر الاخرة والتقصير فيما قبلها مجبور بحسنها قوله كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا ودع رجلا اخذ بيده فلا يدع يده حتى يكون الرجل هو الذي يدع يد النبي صلى الله عليه وسلم هذا من لطفه وحسن خلقه صلوات الله وسلامه عليه فلا يترك يد الرجل وذلك من غاية التواضع ونهاية اظهار المحبة والرحمة. حتى يكون الرجل هو الذي يدعو يد النبي صلى الله عليه وسلم باختياره وعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رجلا قال يا رسول الله اني اريد ان اسافر فاوصني قال عليك بتقوى الله والتكبير على كل شرف فلما ان ولى الرجل قال اللهم اطوي له الارض وهون عليه السفر. رواه الترمذي وابن ماجة قوله عليك بتقوى الله هذه وصية الله سبحانه وتعالى للاولين والاخرين من خلقه. قال تعالى ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم واياكم ان اتقوا الله وهي وصية النبي صلى الله عليه وسلم لامته وهي خير ما يوصى به فكان صلى الله عليه وسلم اذا ودع احدا اوصاه بتقوى الله عز وجل بقوله عليك بتقوى الله اي الزمها في سفرك وحافظ عليها واعتن بها واحذر من خوادشها وخوارمها وتقوى الله عز وجل ان يجعل المرء بينه وبين ما يخشاه من سخط الله وعقابه وقاية تقيه وذلك بفعل المأمور وترك المحظور لذا فان من احسن ما عرفت به التقوى قول الطلق بن حبيب رحمه الله من علماء التابعين قال تقوى الله العمل بطاعة الله على نور من الله رجاء ثواب الله وترك معصية الله على نور من الله خيفة عذاب الله فتقوى الله هي فعل للاوامر. وترك للنواهي على نور اي برهان وبينة وبصيرة في دين الله وان يكون العبد جامعا بين الرجاء والخوف يرجو يرجو رحمة الله سبحانه ويخاف عقابه ومن اتقى الله حفظه من اعدائه ونجاه من الشدائد ورزقه من حيث لا يحتسب واصلح عمله وغفر ذلله وتكفل له بكفلين من رحمته وجعل له نورا يمشي به بين يديه وقبله واكرمه واعزه ونجاه من النار. الى غير ذلك من الثمار والاثار قوله والتكبير على كل شرف اي كلما علا على جبل او هضبة او مرتفع كبر واذا نزل في منخفض او اماكن نازلة سبح كما جاء في الحديث الاخر اذا علوا الثنايا كبروا واذا هبطوا سبحوا فوضعت الصلاة على ذلك اي اذا كانوا في هبوط ونزول في الاودية والامكنة المنخفضة يسبحون واذا كانوا في صعود على الامكنة المرتفعة العالية يكبرون وقوله فوضعت الصلاة على ذلك اي وضع فيها التسبيح حال الركوع والسجود والتكبير وقت الرفع وقيل في الحكمة في التكبير في الامكنة العالية ان المرء يعظم الله في هذه المواطن. مواطن العلو والتي قد يصيب النفس فيها شيء من العجب او الغرور او اشياء من هذا القبيل فيكسرها بالتكبير ويذلها لله سبحانه وتعالى ففي التكبير في الصعود شغل للقلب واللسان بتعظيم الرب واعلان انه لا اكبر منه سبحانه وهذا يطرد عن نفس المرء الكبر والعجب ونحو ذلك وفي التسبيح في الهبوط تنزيه لله عن كل ما لا يليق بجلاله وكماله سبحانه والتكبير من الكلمات الاربع الحبيبة الى الله. قال صلى الله عليه وسلم احب الكلام الى الله اربع سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر والله اكبر معناها اعتقاد وايمان انه لا شيء اكبر من الله. وانه سبحانه الكبير المتعال الذي لا اكبر منه قال فلما ان ولى الرجل قال اللهم اطوي له الارض وهون عليه السفر اي دعا له بظهر الغيب فانه اقرب الى الاجابة. وهذه دعوة عظيمة يستحب ان يدعى بها للمسافر ان يهون الله عليه السفر وان يطوي عنه بعد السفر قوله اطوي له الارض من الطي اي قربها له وسهلها له والمعنى ارفع عنه مشقة السفر بتقريب المسافة البعيدة له حسا او معنى قوله وهون عليه السفر اي اموره ومتاعبه ومصاعبه وهو تعميم بعد تخصيص ويستفاد منه مع الذي قبله ان المسافر يدعى له بحضرته وفي غيبته وهذا كله من هدي نبينا عليه الصلاة والسلام والسفر قطعة من العذاب كما جاء عن نبينا صلى الله عليه وسلم فيدعى للمسافر ان يهون الله عليه السفر فلا يجد مشقة ولا عنة ولا اذى ولا نصبا. وان يجد راحة وطمأنينة وكل ذلك داخل في تهوين السفر وللحديث صلة واسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير انه سميع قريب مجيب. والى لقاء اخر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته