بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فالحديث عن اذكار الطعام والشراب عن عمر ابن ابي سلمة رضي الله عنه قال كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك فما زالت تلك طعمتي بعد. رواه البخاري ومسلم معنى تطيش في الصحفة اي انه لا يكن مقتصرا على ما يليه بل مرة يأكل مما يليه ومرة يأكل من الجهات الاخرى التي ليست له فتطيش يده مرة هنا ومرة هناك فقال له النبي عليه الصلاة والسلام معلما بارفق الاساليب والطفها يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل من ما يليك فاثرت موعظته صلى الله عليه وسلم في هذا الغلام. ولذا قال فما زالت تلك طعمتي بعد وقد ارشده النبي صلى الله عليه وسلم الى ثلاثة اداب عظيمة يستحب للمسلم ان يرعاها عندما يتناول والاطعام الاول قوله سم الله اي قل بسم الله وزيادة الرحمن الرحيم في هذا الموطن لم يأت ما يدل عليها ولهذا الاولى ان يقتصر على المأمور به والتسمية في اول الطعام بركة عظيمة فيه. لانها لجوء الى الله واعتماد عليه واستعانة به وقد ثبت في حديث اخر ان الشيطان يقول عندما يترك المسلم التسمية عند دخول بيته وعند طعامه ادركتم المبيت والعشاء وفي هذا ان التسمية طاردة للشيطان مانعة له من دخول المنزل ومن المشاركة في الطعام والشراب الثاني قوله وكل بيمينك وهذا فيه ان الاكل لا يكون الا باليد اليمنى فلا يحل للمرء ان يأكل بيده اليسرى وقد استجدت بعض الاكلات عند الناس وهي قطعة الخبز تكون في يد وعلبة العصير في اليد الثانية. فيأكل بيمينه ويشرب بشماله وهذا لا يجوز بل عليه ان يأكل ويشرب بيمينه. يظع هذه ويتناول هذه ولا يشرب ولا يأكل بشماله لان النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن ذلك بل روى سلمة ابن الاكوع رضي الله عنه ان رجلا اكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله فقال كل بيمينك قال لا استطيع قال لاستطعت ما منعه الا الكبر قال فما رفعها الى فيه. رواه مسلم وهذا يدل على خطورة الامر فلا يجوز للمرء ان يأكل بشماله ولا يشرب بشماله الا اذا كانت يده اليمنى عاجزة لمرض او نحوه واذا اكل بشماله اعلى من شأن اليد التي للامور الدنيئة وحط من قدر اليد التي للامور الشريفة. وصار متشبها بالشيطان فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا اكل احدكم فليأكل بيمينه واذا شرب فليشرب بيمينه فان الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله. رواه مسلم الثالث قوله وكل مما يليك وهذا فيه ان من السنة ومن اداب الطعام ان يأكل المرء من الجانب الذي يليه من القصعة قال النووي رحمه الله لان اكله من موضع يد صاحبه سوء عشرة وترك مروءة فقد يتقدره صاحبه لا سيما في الاوراق وشبهها وهذا في الثريد والامراق وشبهها. فان كان تمرا او اجناسا فقد نقلوا اباحة اختلاف الايدي في الطبق ونحوه والذي ينبغي تعميم النهي حملا للنهي على عمومه حتى يثبت دليل مخصص ثم ان المسلم ان نسيت تسمية في اول طعامه شرع له ان يقول في اثنائه اذا ذكر بسم الله اوله واخره. فقد روى ابو داوود وابن ماجة وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مقال اذا اكل احدكم فليذكر اسم الله تعالى فان نسي ان يذكر اسم الله في اوله فليقل بسم الله اوله واخره وقد افاد هذا الحديث ان محل التسمية عند اول الطعام فان نسيها المسلم في هذا الموضع اجزأه ان يأتي بالتسمية في اثنائه بهذه الصيغة المذكورة في الحديث وقد جاء في حديث في اسناده ضعف ان الشيطان يستقيء ما في بطنه اذا اتى المسلم بهذه التسمية وذلك فيما رواه ابو داوود والنسائي عن امية ابن مخشي رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا ورجل يأكل فلم يسم حتى لم يبق من طعامه الا لقمة فلما رفعها الى فيه قال بسم الله اوله واخره. فضحك النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال ما زال الشيطان يأكل معه. فلما ذكر اسم الله استقاء ما في بطنه لكن الحديث ضعيف ضعفه الحافظ ابن حجر وغيره واما التسمية في اثناء الطعام في حق من نسي بقول بسم الله اوله واخره ثابتة كما في الحديث الذي قبله وعن حذيفة رضي الله عنه قال كنا اذا حظرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم طعاما لم نضع ايدينا حتى يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيضع يده وانا حضرنا معه مرة طعاما فجاءت جارية كانها تدفع فذهبت لتضع يدها في الطعام فاخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدها. ثم جاء اعرابي كانما يدفع فاخذ بيده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الشيطان يستحل الطعام الا يذكر اسم الله عليه وانه جاء بهذه الجارية ليستحل بها فاخذت بيدها فجاء بهذا الاعرابي ليستحل به فاخذت بيده. والذي نفسي بيده ان يده في يدي مع يدها رواه مسلم قوله كانها تدفع وفي رواية كانها تطرد اي لشدة سرعتها وهذا الحديث يفيد ان عدم التسمية على الطعام من احد المشاركين فيه يتيح للشيطان ان يشارك في هذا الطعام كما قال عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث ان الشيطان يستحل الطعام الا يذكر اسم الله عليه فيستحل الطعام بدفع شخص من الصغار او حتى من الكبار ان يمد يده الى الطعام دون تسمية ليعجل به ان يأكل من الطعام بلا تسمية حتى يجد مدخلا له على الطعام ولهذا يتأكد على جميع من على السفرة ان يبدأ بالتسمية ويفيد ايضا انه اذا حصلت التسمية لا يصبح للشيطان في الطعام اي نصيب ولا يصبح له اي ومشاركة قال الله تعالى وشاركهم في الاموال والاولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان الا غرورا. ان عبادي ليس لك عليهم سلطان عن اي الذين يذكرون الله ليس لك عليهم طريق فمن فوائد التسمية منع الشيطان من المشاركة في الطعام واذا لم تحصل التسمية ليس الذي يشارك منهم واحد فقط بل عدد ينادي بعضهم بعضا بقولهم ادركتم العشاء ومن هذا الذي يرضى باعداد من الشياطين تشاركه في طعامه ومن ترك التسمية فقد رضي بذلك شاء ام ابى وعن وحشي بن حرب عن ابيه عن جده رضي الله عنه ان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا يا رسول الله انا نأكل ولا نشبع قال فلعلكم تفترقون. قالوا نعم قال فاجتمعوا على طعامكم واذكروا اسم الله عليه يبارك لكم فيه. رواه ابو داوود وابن ماجة وهذا فيه ذكر امرين عظيمين من اسباب البركة في الطعام الاول الاجتماع اجتماع الايدي على الطعام لا ان يكون كل واحد منهم معه طعام في طرف يأكل وحده والثاني ان يذكروا اسم الله عليه وعن شهر ابن حوشب قال كان يقال اذا جمع الطعام اربعا كمل كل شيء من شأنه اذا كان اوله حلالا وذكر اسم الله تعالى وكثرت عليه الايدي وحمد الله تعالى عليه حين يفرغ منه فقد كمل كل شيء من شأنه. رواه ابن المبارك في الزهد وعن انس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله ليرضى عن العبد ان يأكل الاكلة فيحمده عليها او يشرب الشربة فيحمده عليها. رواه مسلم وهذا فيه فضل الحمد بعد الطعام وبعد الشراب فيشرع للمسلم اذا فرغ من طعامه او شرابه ان يحمد الله وقد اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان هذا امر يرضي الله فيرضى الله سبحانه وتعالى عن عبده اذا فعل ذلك فاذا قال الحمد لله عقب الطعام او عقب الشراب يكفي هذا وينال بذلك الرضا لكن هناك ايضا صيغ عظيمة مباركة ثبتت عن نبينا صلى الله عليه وسلم ان تيسر للعبد ان يحفظها او يحفظ بعضها فيأتي بهذا مرة وهذا مرة فهو اكمل. وان لم يتيسر فلا يدع ان قل الحمد لله عقب الطعام والله يرضى عن عبده بذلك ان يأكل الاكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها وعن معاذ بن انس رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من اكل طعاما ثم قال الحمد لله الذي اطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه. رواه ابو داوود والترمذي من الناس من لا يستذكر وقت الطعام منة الرب به بل يلتفت الى نفسه كيف صنعوا وكيف احضره وكيف اتقنه ولو ترك هذا واقبل على المنعم حمدا وثناء عليه سبحانه وتعالى الذي رزق العبد هذا الطعام من غير حول من العبد ولا قوة لكان ذلك من موجبات نيله الغفران والفوز برحمة الله ورضاه سبحانه وعن ابي امامة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا رفع مائدته قال الحمد لله كثيرا طيبا مباركا فيه غير مكفيا ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا. رواه البخاري قوله كثيرا طيبا مباركا فيه. هذا حمد مظعف وهذه اوصاف هذا الحمد فهو يحمد الله حمدا موصوفا بالكثرة والبركة والطيب قوله غير مكفي ولا مودنع ولا مستغنى عنه اي الحمد فكأنه قال حمدا كثيرا غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عن هذا الحمد واسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير وان ينفعنا بما علمنا وان يزيدنا علما وتوفيقا انه تبارك وتعالى سميع قريب مجيب. والى لقاء اخر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته