بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فالحديث عما ورد في السلام والسلام من خصال الدين العظيمة وادابه الرفيعة وهو تحية اهل الايمان وداعية الاخاء والمحبة بين المسلمين وهو تحية مباركة طيبة كما وصفها الله سبحانه وتعالى بذلك قال تعالى فاذا دخلتم بيوتا فسلموا على انفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة وهو تحية اهل الجنة يحييهم بها الملائكة كما قال تعالى سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين وهو تحية اهل الجنة بينهم. كما قال تعالى وتحيتهم فيها سلام وهو تحية الله لهم كما قال تعالى سلام قولا من رب رحيم وهم من فضائل الدين العظيمة وخصاله الجليلة وهو نشر للسلام والاخوة والطمأنينة والالفة والمحبة بين المؤمنين عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ان رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم اي الاسلام خير قال تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف. رواه البخاري ومسلم قوله اي الاسلام خير؟ فيه دلالة على تفاضل شعب الايمان. وان بعضها افضل من بعض ولهذا قال اي الاسلام خير اي اي خصاله خير وافضل وفي حديث الشعب قال النبي صلى الله عليه وسلم الايمان بضع وسبعون او بضع وستون شعبة فافضله قول لا اله الا الله وادناها اماطة الاذى عن الطريق والحياء شعبة من شعب الايمان. متفق عليه فذكر عليه الصلاة والسلام انها شعب متفاوتة. بعضها افضل من بعض قوله تطعم الطعام اي تكون سخي النفس تطعم الفقراء والمحتاجين طالبا بذلك ثواب الله سبحانه واجره. كما قال تعالى انما نطعمكم لوجه الله واذا كان هذا الطعام عن حاجة فهو اعظم عن عمار ابن ياسر رضي الله عنه قال ثلاث من جمعهن فقد جمع الايمان. الانصاف من نفسك وبذل السلام للعالم والانفاق من الاقتار. رواه البخاري تعليقا قوله وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف اي تسلم على كل مسلم فلا يكون سلامك مقصورا على من تعرف بل تسلم على من تلقاه من المسلمين سواء من عرفت ومن لم تعرف وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام ان من اشراط الساعة ان يكون السلام مقصورا على المعرفة فقط عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان من اشراط الساعة ان يسلم الرجل على الرجل لا يسلم عليه الا للمعرفة. رواه احمد وافشاء السلام والقاؤه على من عرف المرء ومن لم يعرف مدعاة الاخلاص والصدق ومن امارات نصحه لاخوانه وحرصه على هذه الشعيرة من شعائر الدين. وفيه التواضع وحسن الخلق والتعامل الكريم وفيه التأسي بالنبي عليه الصلاة والسلام والاهتداء بهديه الكريم قال تعالى لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر وذكر الله كثيرا وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا اولا ادلكم على شيء اذا فعلتموه تحاببتم؟ افشوا السلام بينكم. رواه مسلم الجنة دار اهل الايمان. اعدها الله سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين وفي هذا الحديث فضل السلام وافشائه وانه من اعظم اسباب التحاب والتحاب من اعظم اسباب تمكين الايمان وتقويته. والايمان هو سبب دخول الجنة وقوله ولا تؤمنوا حتى تحابوا فيه اهمية نشر التحاب بين المؤمنين لانهم ان تحابوا تعاونوا على البر والتقوى. بينما اذا تعادوا اشغلوا انفسهم عن طاعة الله وعبادته بالخصومات والعداوات والبغضاء والشحناء التي تعطلهم عن اقامة الدين في انفسهم وعن العمل على نشره بين الناس قوله اولا ادلكم على شيء اذا فعلتموه تحاببتم؟ افشوا السلام بينكم فيه ان السلام مفتاح للتحاب والتواد وان النفوس ترتاح وتطمئن لمن يبادرها بالسلام ويسابق الى القائه لكونه سببا عظيما للالفة بين المسلمين ونشر المحبة بينهم لان كلا من المتلاقيين يدعو للاخر بالاسباب الجالبة للخير والمبعدة عن الشر فيحدث بينهم سلامة وامن وراحة ولهذا جاء في الحديث الاخر ان النبي عليه الصلاة والسلام قال افشوا السلام تسلموا. رواه احمد ومعنى تسلم اي من موجبات الفرقة والقطيعة فكيف اذا انضم الى السلام حسن الترحيب وجمال الاخلاق وبشاشة الوجه وحسن التعامل فهذه كلها روافد تزيد من الالفة والمحبة وهذا مطلب شرعي ينبغي ان يحرص عليه اهل الاسلام حتى تزيد الالفة بينهم وتتقوى الاخوة نية والرابطة الدينية وعن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال خلق الله ادم على صورته طوله ستون ذراعا فلما خلقه قال اذهب فسلم على اولئك النفر من الملائكة جلوس فاستمع ما يحيونك فانها تحيتك وتحية ذريتك فقال السلام عليكم فقالوا السلام عليك ورحمة الله فزادوه ورحمة الله فكل من يدخل الجنة على صورة ادم فلم يزل الخلق ينقص بعد حتى الان. رواه البخاري ومسلم في هذا الحديث ان السلام تحية ادم وذريته فالمحافظ عليه منهم محافظ على تحية والده ادم عليه السلام وعن عمران ابن حصين رضي الله عنه قال جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال السلام عليكم فرد عليه السلام ثم جلس فقال النبي صلى الله عليه وسلم عشر ثم جاء اخر فقال السلام عليكم ورحمة الله فرد عليه فجلس فقال عشرون ثم جاء اخر فقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فرد عليه فجلس فقال ثلاثون رواه ابو داوود والترمذي فيه ان اقل السلام ان يقول السلام عليكم فاذا زاد بما ورد زاد الثواب لان السلام عليكم فيها عشر حسنات فاذا زاد ورحمة الله ففيها عشرون حسنة فاذا زاد وبركاته ففيها ثلاثون حسنة. وهذا اكمل ما يكون في السلام ان يقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وان اقتصر على السلام عليكم ففيه كفاية وخير وبركة والزيادة خير وافضل واعظم ثوابا عند الله سبحانه وتعالى وعن ابي امامة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان اولى الناس بالله من بدأهم بالسلام. رواه ابو داوود وهذا فيه فضل من يبدأ بالسلام وعظيم ثوابه عند الله سبحانه وانه اولى الناس بالله. لانه الاسبق الى فعل ما يحبه الله الله ويرضاه بين عباده فمن الخير للمرء ان يكون دائما سباقا بالسلام ليفوز بهذه الفظيلة العظيمة والرتبة العلية ومن السنة ان يسلم الصغير على الكبير. والقليل على الكثير والراكب على الماشي. والماشي على القاعد ففي الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير وفي رواية للبخاري يسلم الصغير على الكبير. والمار على القاعد والقليل على الكثير واذا لم يسلم من يطلب منه ابتداء السلام فليسلم الاخر ولا يترك السنة وعن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يجزئ عن الجماعة اذا مروا ان يسلم احدهم ويجزئ عن الجلوس ان يرد احدهم. رواه ابو داوود وهذا فيه ان السلام اذا قام به واحد كفى عن الباقين والرد كذلك اذا قام به واحد كفى عن الباقين. وان سلم الجميع ورد الجميع فهذا اكمل وافضل وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة فيه ان السلام مقدم وبه يبدأ وان من لم يبدأ بالسلام لا يجاب وعن انس بن مالك رضي الله عنه انه مر على صبيان فسلم عليهم وقال كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله رواه البخاري وهذا فيه ان من السنة ان يسلم على الصبيان. اذا مر الكبير على الصغير يسلم عليه والتسليم على الصغير فيه اناس له وادخال للسرور على قلبه واهتمام به. وفيه ايضا تحبيب لهذا الصغير الى اهل الفضل وفيه ايضا تدريبه على السلام وتعويده عليه من الصغر. وفيه فوائد عظيمة وهو سنة مأثورة عن نبينا صلى الله عليه وسلم وعن السلف الصالح روى مسلم في صحيحه عن يسار قال كنت امشي مع ثابت البناني فمر بصبيان فسلم عليهم وحدث ثابت انه كان يمشي مع انس رضي الله عنه فمر بصبيان فسلم عليهم وحدث انس انه كان يمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر بصبيان فسلم عليهم وعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا انتهى احدكم الى مجلس فليسلم فان بدا له ان يجلس فليجلس ثم اذا قام فليسلم فليست الاولى باحق من الاخرة. رواه ابو داوود والترمذي وهذا فيه كمال عدل شريعة الاسلام في كل شيء ففي المجالس ليس اول المجلس احق بالسلام من اخره فكما سلمت في اول المجلس فمفارقة المجلس كذلك حقيقة بالسلام واسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير والى لقاء اخر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته