بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله طوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فالحديث عما يقال عند العطاس عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله يحب العطاس ويكره التثاؤب فاذا عطس فحمد الله فحق على كل مسلم سمعه ان يشمته واما التثاؤب فانما هو من الشيطان. فليرده ما استطاع فاذا قال هاء ضحك منه الشيطان رواه البخاري قوله ان الله يحب العطاس ويكره التثاؤب يحب سبحانه العطاس لما فيه من النفع العظيم والفائدة الكبيرة التي تحصل للعاطس فان العاطس كما يقول ابن القيم رحمه الله قد حصل له بالعطاس نعمة ومنفعة بخروج الابخرة المحتقنة في دماغه التي لو بقيت فيه احدثت له ادواء عسيرة ولهذا شرع له حمد الله على النعمة مع بقاء اعضائه على التئامها وهيئتها بعد هذه الزلزلة التي حصلت لبدنه بل عطاس نعمة من نعم الله على العبد لان فيه راحة له وخروج الاذى الذي لو بقي في بدنه لاضر به واضر بدماغه والله عز وجل يحب العطاس لما فيه من النفع والخير للعبد وهذا من فضل الله الغني الحميد الكريم سبحانه فنحمد الله سبحانه وتعالى على نعمه ونحمده سبحانه على حبه ما فيه النفع لنا والخير بينما التثاؤب فالله جل وعلا لا يحبه بل يكرهه. يكره التثاؤب لان التثاؤب كما اخبر نبينا عليه الصلاة والسلام من الشيطان ولان التثاؤب في الغالب لا يكون الا مع ثقل البدن وامتلائه واسترخائه وميله الى الكسل والمسلم مطلوب منه ان يتعوذ بالله من الكسل وان يكون ذا همة ونشاط بعيدا عن الفتور والخمول قوله فاذا عطس فحمد الله فحق على كل مسلم سمعه ان يشمته. هذا من الاداب العظيمة التي يجدر بالمسلم ان يعتني بها وان يواظب عليها ان العاطس يحمد الله ومن يسمعه يشمته اي يقول يرحمك الله ولنتأمل هذا الحسن والتلاحم والترابط الذي بين المسلمين. ولا يمكن ان ترى مثله ولا قريبا منه في اي دين او مذهب عندما يعطس المسلم حصلت له نعمة تقدم بيانها فيحمد الله سبحانه على هذه النعمة. يقول الحمد لله فيشرع لمن كان عنده من اخوانه ورفقائه ان يشمتون بهذا الشرط اذا عطس وحمد الله اما اذا عطس ولم يحمد الله الا يشمت وهذا يبين الرابطة العظيمة بين المسلمين اخوك المسلم حصلت له نعمة فحمد الله عليها فتشمته بان تدعو الله له بالرحمة لان استشعاره للنعمة وحمده لله عليها موجب لنيل الرحمة فيدعى له بها. يقال يرحمك الله ثم لا ينتهي الامر عند هذا الحد بل مطلوب منه هو ايضا ان يقابل الدعاء بالدعاء فهم دعوا له بالرحمة وهو ايضا يدعو لهم بالهداية وصلاح الامر. فهذه رابطة عظيمة اوجدها الاسلام بين اهله وليس هذا فقط بل جعل تشميت العاطس حق من حقوق المسلم على اخوانه كما جاء في الصحيح عن نبينا صلى الله عليه وسلم انه قال حق المسلم على المسلم ست وذكر منها واذا عطس فحمد الله فشمته والتسميت هو الدعاء له كما تقدم قيل سمي تشميتا من الشوامت وهي القوائم فيكون دعاء له بالقيام والثبات وصلاح العمل وقيل انه من الشماتة اي جنبك الله الشماتة وما تشمت به والمراد الدعاء له بما جاء في السنة ان تقول يرحمك الله وهو حق للمسلم على اخيه كما قال عليه الصلاة والسلام فحق على كل مسلم سمعه ان يشمته قوله واما التثاؤب فانما هو من الشيطان فليرده ما استطاع فاذا قال هاء ضحك منه الشيطان التثاؤب من الشيطان وهو في الغالب لا يكون الا مع ثقل البدن وامتلائه واسترخائه وميله الى الكسل والمسلم مأمور بكظمه ما استطاع فقوله فليكظم ما استطاع هذا يكون بمحاولة منع حصول التثاؤب فان لم يتمكن من ذلك يحاول اغلاق فمه عند حصوله فان لم يتمكن من ذلك وضع يده او طرف لباسه على فمه والاحوال التي يكون عليها المسلم مع التثاؤب هي مراحل. الاولى ان يكون دائما على نشاط ولا يفتح على نفسه الابواب التي تجلب له الخمول فتجلب له التثاؤب والمرحلة التي تليها كظم التثاؤب. بمحاولة منع حصوله فان لم يتمكن من ذلك يحاول اغلاق فمه عند حصوله فان لم يتمكن يضع يده او طرف لباسه على فمه فلا يكون الفم مفتوحا هكذا بدون ان يضع عليه شيء يغطيه ولا يليق بالمسلم ان يتثاءب مفتوح الفم دون وضع يده او شيء من لباسه على فيه فان هذا اضافة الى ما فيه من قبح في الهيئة والمنظر فانه ذريعة وسبيل لدخول الشيطان فقد روى مسلم في صحيحه عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا تثائب احدكم فليمسك بيده على فيه فان الشيطان يدخل قل والتعوذ بالله من الشيطان عند التثاؤب لم يثبت فيه دليل لكن اذا تذكر المسلم عند التثاؤب ان ذلك من الشيطان وتعوذ بالله منه فلا حرج في ذلك ما لم يتخذه سنة قوله فاذا قالها ضحك منه الشيطان هذه تأتي عندما يشتد التثاؤب ويفتح المرء فمه فيخرج هذا الصوت هاء وهو امر يدخل سرورا على الشيطان وفرحا فهي هيئة يحبها الشيطان ويسر بها ولهذا يضحك وضحكه ناشئ عن سروره بهذا الامر وفرحه به والمسلم عندما يستشعر هذا الامر يحذر وهذا من نصح النبي عليه الصلاة والسلام ان اطلعنا على هذه الحقيقة حتى نستعين بالله تبارك وتعالى ونحفظ انفسنا بان نجنبها امرا يضحك الشيطان ويفرحه وعن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا عطس احدكم فليقل الحمد لله وليقل له اخوه او صاحبه يرحمك الله فاذا قال له يرحمك الله فليقل يهديكم الله ويصلح بالكم. رواه البخاري قوله وليقل له اخوه قوله اخوه يفيد ان هذا التراحم وتبادل الدعاء منبعه الاخوة الايمانية فكلما قويت هذه الاخوة والتآخي بين المسلمين جاءت هذه الاثار واذا ظعفت الاخوة تجد هذا يعطس ويحمد ومن حوله ما يشعرون به ولا يبالون لامره قوله وليقل له اخوه او صاحبه يرحمك الله. هذا دعاء له بالرحمة فاذا قال له يرحمك الله فليقل اي المشمت يهديكم الله ويصلح بالكم هذا من كمال الدعوات المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له بدعوتين دعوة بالهداية يهديكم الله اي لكل ما يحبه ويرضاه من سديد الاقوال وصالح الاعمال فهي دعوة للهداية لكل خير ورفعة في الدنيا والاخرة وحذف المتعلق ليشمل كل خير ودعوة بصلاح البال اي الشأن ويصلح بالكم ولم يعين شأنا من الشؤون بل اطلق والمفرد اذا اضيف يعم ليشمل كل شأن ديني او دنيوي او اخروي ثم تشميت العاطس هل يستمر اذا زاد على ثلاث جاءت السنة بان ما زاد على الثلاث فهو زكام. والزكام مرض يدعى لصاحبه بالشفاء والعافية ففي صحيح مسلم عن سلمة بن الاكوع رضي الله عنه انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وعطس رجل عنده فقال له يرحمك الله ثم عطس اخرى فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل مزكوم. ورواه الترمذي وفيه ثم عطس الثانية والثالثة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا رجل مزكوم وفي سنن ابي داوود من حديث ابي هريرة مرفوعا وموقوفا. شمت اخاك ثلاثا فما زاد فهو زكام ولهذا يقول الامام ابن القيم رحمه الله في كتابه الزاد وقوله في الحديث الرجل مزكوم هذا فيه التنبيه على الدعاء له بالعافية لان الزكمة علة وفيه اعتذار من ترك تشميته بعد الثلاث وفي تنبيهه على هذه العلة ليتداركها ولا يهملها فيصعب امرها فكلامه صلى الله عليه وسلم كله حكمة ورحمة وعلم وهدى وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا عطس وظع يده او ثوبه على فيه وخفض او غض بها صوته فهاتان سنتان دل عليهما هذا الحديث الاولى تغطية الفم والانف معا بوظع اليد او الثوب. حتى لا يتطاير رشاش من اثر العطاس فيمنع وضع اليد او الثوب من تطاير شيء من ذلك والسنة الثانية غض الصوت وخفضه. لانه ان ترك العطاس على حاله سيخرج معه صوت عال. واذا حاول خفظه لا يكون معه هو صوت مزعج وعن ابي بردة قال دخلت على ابي موسى في بيت ابنة ام الفضل فعطست ولم يشمتني وعطست فشمتها رجعت الى امي فاخبرتها فلما جاءها قالت عطس ابني عندك فلم تشمته وعطست فشمتها فقال ان ابنك عطس فلم يحمد الله تعالى فلم اشمته وانها عطست فحمدت الله تعالى فشمتها وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اذا عطس احدكم فحمد الله فشمتوه وان لم يحمد الله عز وجل فلا تشمتوه فقالت احسنت احسنت رواه احمد الذي يحصل منه عطاس ويحمد يشمت والذي يحصل منه عطاس ولا يحمد لا يشمت لكن اذا كان جاهلا يعلم السنة. واسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير والى لقاء اخر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته