بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فالحديث عن الذكر المتعلق بالنكاح والتهنئة به والدخول بالزوجة والنكاح يعد منة عظيمة من منن الله سبحانه وتعالى على عباده به يتحقق للعباد منافع عظيمة ومصالح متنوعة وهو من هدي المرسلين عليهم صلوات الله وسلامه اجمعين كما قال الله سبحانه وتعالى ولقد ارسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم ازواجا وذرية وقد جاء الحث على النكاح والترغيب فيه وذكر ثماره في ايات عديدة واحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاء بيان الحقوق المتعلقة به من حسن المعاشرة وكف الاذى ونحو ذلك من الضوابط مما يتحقق به الكريمة الطيبة ويشرع بين يدي عقد النكاح ان يؤتى بخطبة الحاجة فقد جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام الحث عليها والترغيب فيها وكان عليه الصلاة والسلام يقولها بين يدي حاجته وفي خطبه صلوات الله وسلامه عليه عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة الحاجة بالنكاح وغيره الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ به من شرور انفسنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله فكان عليكم رقيبا يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما رواه ابو داوود والنسائي هذه خطبة عظيمة ومشتملة على معاني جليلة من حسن الثناء على الله والاستعانة به وطلب المغفرة والتعوذ به سبحانه من شرور النفس وسيئات الاعمال وعلى الايمان بالقضاء والقدر وقد جاءت جامعة لابواب الخير بل قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله عنها هي عقد نظام الايمان والاسلام اي انها جامعة لاصول الايمان وحقائق الاسلام وجامعة لابواب الخير واصول السعادة فهي خطبة مباركة واستهلال عظيم جمع اصولا عظيمة وقواعد متينة وتأصيلات نافعة ولها اثرها المبارك على المسلم عندما يستهل بها كلامه لا سيما اذا كان يقولها متأملا معناها ولها اثرها المبارك على المسلم لا سيما اذا كان يقولها متأملا معناها محققا دلالتها ولها اثرها المبارك على المسلم لا سيما اذا كان يقولها متأملا معناها محققا دلالتها من طلب العون والاستعانة والهداية والتوفيق وطلب الغفران الى غير ذلك من المعاني الجامعة العظيمة التي اشتملت عليها هذه الخطبة وقد بدأت بحمد الله عز وجل الحمد لله نحمده والحمد هو الثناء على الله مع حبه سبحانه وال في قوله الحمدلله للاستغراق فهو شامل للمحامد بجميع انواعها. والله عز وجل يحمد على اسمائه وصفاته ويحمد جل وعلا على نعمه والائه ومننه وعطاياه قوله ونستعينه اي نطلب منه العون كقوله سبحانه واياك نستعين وطلب العون هنا هو لتحقيق مصالح العبد الدينية والدنيوية فالعبد مفتقر في كل مصالحه الدينية والدنيوية الى عون الله عز وجل فكل ذلك لا سبيل الى تحقيق شيء منه الا بعون الله سبحانه وتعالى قوله ونستغفره اي نطلب منه سبحانه ان يغفر زلاتنا وخطايانا وتقصيرنا والمغفرة هي العفو الذنوب والصفح عنها والتجاوز عن العبد في تقصيره قوله ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا اي الشر الذي تدفعه نفسه اليك والنفس فيها شر وامارة بالسوء والعبد محتاج الى الاستعاذة بالله تبارك وتعالى من شرها وفي الجمع بين شرور النفس وسيئات الاعمال جمع بين منبع الشر ومصدره وبين الاثر والنتيجة فالشر له منبع وله نتيجة فمنبعه شر النفس النفس لها شر فتدفع العبد الى فعل الشر. وتحرك فيه الشر والنتيجة هي سيئات الاعمال مثله ما جاء في الدعاء الذي علمه النبي عليه الصلاة والسلام ابا بكر الصديق ان يقوله في الصباح وفي المساء وعند النوم قال تقول اللهم فاطر السماوات والارض عالم الغيب والشهادة رب كل شيء ومليكه. اشهد ان لا اله الا انت اعوذ بك من شر نفسي ومن شر الشيطان وشركه وان اقترف على نفسي سوءا او اجره الى مسلم فجمع بين المنبع وبين الاثر والنتيجة قوله من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له هذا فيه الايمان بالقضاء والقدر الذي هو نظام التوحيد وان الامور كلها بقدر الله. وان الهداية بيده سبحانه وتعالى كما قال عز وجل افمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فان الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء. والايات في هذا المعنى وايمان العبد بالقدر يحقق له قوة الصلة بالله وحسن الاعتماد عليه في طلب الهداية والوقاية من الضلال وقد كان اكثر دعاء نبينا عليه الصلاة والسلام يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك عن شهر ابن حوسب قال قلت لام سلمة رضي الله عنها يا ام المؤمنين ما كان اكثر دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا كان عندك قالت كان اكثر دعائه يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك قالت فقلت يا رسول الله ما لاكثر دعائك يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك قال يا ام سلمة انه ليس ادمي الا وقلبه بين اصبعين من اصابع الله فمن شاء اقام ومن شاء ازرق رواه الترمذي قوله اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له هذه الشهادة لله تبارك وتعالى بالوحدانية ومعنى لا اله الا الله اي لا معبود بحق الا الله قوله واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم هذا فيه الشهادة له صلى الله عليه وسلم بالرسالة والله جل وعلا يقول وما ارسلنا من رسول الا لوطاع باذن الله وعليه فالشهادة له صلى الله عليه وسلم بالرسالة تعني طاعته فيما امر وتصديقه فيما اخبر والانتهاء عما نهى عنه وزجر ثم انه في الاستعانة والاستغفار والاستعاذة ذكرها بالنون نون الجمع ان نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ولما ذكر الشهادة ذكرها بالافراد قال واشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله ووجه ذلك ان الاستعانة والاستغفار والاستعاذة تقبل النيابة تستغفر لك ولاخوانك وتطلب العون لك ولاخوانك وتطلب العودة لك ولاخوانك. اللهم اعذني وذريتي اللهم اغفر لي ولوالدي اللهم اعني واخواني المسلمين فهي تقبل النيابة ويتحملها الواحد عن نفسه وعن اخوانه اما الشهادة فلا تكون الا من المرء يخبر بها عن نفسه ويشهد بها لنفسه ولا تقبل النيابة ولهذا فالشهادة لله بالوحدانية وللنبي عليه الصلاة والسلام بالرسالة جاءت بالافراد واما الاستعانة والاستغفار والاستعاذة جاءت بالجمع وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الخطبة ثلاثة ايات عظيمات فيها الحث على تقوى الله عز وجل. قول الله تعالى يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا وقوله يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون وقوله يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولنا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما ثمان هذه الخطبة المباركة كما هو واضح منها فيها تقوية الايمان والثقة بالله وحسن التوكل عليه وتفويض الامر اليه وطلب العون منه والهداية ومن يتأمل هذه الخطبة ويفهم معانيها تؤثر فيه تأثيرا بالغا حتى انها كانت سببا في اسلام احد اهل الجاهلية بل واسلام قومه معه لما سمع هذه الخطبة طلب اعادتها فاثرت فيه تأثيرا بالغا وكانت سبب اسلامه على الفور عن ابن عباس رضي الله عنهما ان ضمادا قدم مكة وكان من ازدشنوأة وكان يرقي من هذه الريح فسمع سفهاء من اهل مكة يقولون ان محمدا مجنون فقال لو اني رأيت هذا الرجل لعل الله يشفيه على يدي قال فلقيه فقال يا محمد اني ارقي من هذه الريح وان الله يشفي على يدي من شاء فهل لك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الحمد لله نحمده ونستعينه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله اما بعد قال فقال اعد علي كلماتك هؤلاء فاعادهن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات قال فقال لقد سمعت قول الكهنة وقول السحرة وقول الشعراء فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء ولقد بلغنا ناعوس البحر قال فقال هات يدك ابايعك على الاسلام. قال فبايعه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى قومك قال وعلى قومي قال فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فمروا بقومه فقال صاحب السرية للجيش هل اصبتم من هؤلاء شيئا؟ فقال رجل من القوم اصبت منهم مطهرة فقال ردوها فان هؤلاء قوم ضماد فتأمل اثر هذه الكلمات المباركات على هذا الرجل حيث كانت سببا في اسلامه واسلام قومه وكثيرا ما تسمع هذه الكلمات في الخطب وتكون ضعيفة الاثر على القلوب والسبب عدم التأمل في المعاني والدلالات والهدايات التي اشتملت عليها هذه الخطبة العظيمة واسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير والى لقاء اخر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته