بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فالحديث في ذكر دعوات في ابواب متنوعات ما يقال عند رؤية اهل البلاء عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رأى مبتلى فقال الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا لم يصبه ذلك البلاء رواه الترمذي هذا من السنن العظيمة المأثورة عن نبينا عليه الصلاة والسلام عند رؤية اهل البلاء باي نوع من البلاء ان يستحضر المسلم نعمة الله عليه بالعافية والسلامة ويحمد ربه ان عافاه من هذا البلاء وفضله على كثير ممن خلق فانه ان اتى بهذه الدعوة العظيمة سلم باذن الله تعالى من ان يصيبه ذلك البلاء والبلاء قد يكون في الدين وامره اشد وقد يكون في البدن بان يبتلى ببدنه بعاهة او اعاقة او نحو ذلك ومما ينبه عليه في هذا المقام ان الواجب على المسلم ان يحذر من الشماتة باهل البلاء فلا يأمن ان يبتليه الله بما ابتلاهم به ولهذا يؤثر عن إبراهيم النخاعي رحمه الله انه قال اني لارى الشيء اكرهه فما يمنعني من ان اتكلم ما فيه الا مخافة ان ابتلى بمثله ما يقوله لاخيه اذا قال له اني احبك عن انس بن مالك رضي الله عنه ان رجلا كان عند النبي صلى الله عليه وسلم فمر به رجل فقال يا رسول الله اني لاحب هذا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اعلمته؟ قال لا قال اعلمه قال فلاحقه فقال اني احبك في الله فقال احبك الذي احببتني له. رواه ابو داوود هذا من السنن العظيمة التي تقوي الاخوة الدينية والرابطة الايمانية وتزيد الالفة والمحبة بين المؤمنين لان دين الاسلام دين التحاب والتآخي والتآلف قال تعالى انما المؤمنون اخوة فاذا احب المسلم اخاه في الله والحب في الله من اوثق عرى الايمان فليعلمه بذلك وفي اعلامه بذلك تمتين للاخوة وتقوية للصلة بين المؤمنين وفي هذا الحديث ان من السنة اذا احب المسلم احدا في الله عز وجل ان يعلمه بذلك لان اعلامه سبب لتقوية الصلة الدينية والرابطة الايمانية. وهذا مطلب شرعي. ومن قال له اخوه اني احبك في الله شرع له ان يدعو له بخير ومن اطيب الدعاء المناسب لهذا المقام ان يقول احبك الذي احببتني له ما يقوله لمن صنع اليه معروفا عن اسامة بن زيد رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صنع اليه معروف فقال لفاعله جزاك الله خيرا فقد ابلغ في الثناء. رواه الترمذي الاصل فيمن صنع اليه معروف ان يعمل على مكافأة من صنع اليه المعروف بمثل ما صنع او احسن لان النبي صلى الله عليه وسلم قال من صنع اليكم معروفا فكافئوه فان لم يتمكن من ذلك فعليه ان يجتهد له بالدعاء ولهذا قال فان لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له وافضل ما يدعى له به هذا الدعاء الذي وصف النبي صلى الله عليه وسلم بان الداعي به قد ابلغ في الثناء وهو ان يقول جزاك الله خيرا وهي كلمة عظيمة جامعة في الثناء على اهل المعروف والاحسان لما فيها من اعتراف بالتقصير وعجزا عن الجزاء وتفويض الجزاء الى الله ليجزيهم الجزاء الاوفى ولهذا قيل اذا قصرت يداك بالمكافأة فليطل لسانك بالشكر والدعاء وابلغوا الدعاء هو هذه الدعوة العظيمة المباركة وقد جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه قال لو يعلم احدكم ما له في قوله لاخيه جزاك الله خيرا لاكثر منها بعضكم لبعض. رواه ابن ابي شيبة في مصنفه ما يقوله في رؤية باكورة الثمر عن ابي هريرة رضي الله عنه قال كان الناس اذا رأوا اول الثمر جاءوا به الى النبي صلى الله عليه وسلم فاذا اخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم بارك لنا في ثمرنا وبارك لنا في مدينتنا وبارك لنا في صاعنا وبارك لنا في مدنا اللهم ان ابراهيم عبدك وخليلك ونبيك واني عبدك ونبيك وانه دعاك لمكة واني ادعوك للمدينة بمثل ما دعاك لمكة ومثله معه قال ثم يدعو اصغر وليد له فيعطيه ذلك الثمر رواه مسلم اول الثمر هو باكورته في اول نضجه السنة في ذلك ان يدعى بالبركة فما هو هدي النبي عليه الصلاة والسلام فكان من هديه الدعاء بالبركة عند رؤية باكورة الثمر وكان الصحابة رضي الله عنهم يبادرون باول الثمر يأتون به الى النبي صلى الله عليه وسلم فيدعو بالبركة يقول اللهم بارك لنا في ثمرنا ثم يعطيه اصغر من يحضره من الولدان وهذا من لطفه عليه الصلاة والسلام وكريم خلقه والصغار تتشوف نفوسهم الى مثل هذا اكثر من غيرهم وفيه ايضا حسن التودد لهم وكسب قلوبهم وتنشئتهم على حب اهل الخير والفضل ما يقال عند سماع صياح الديكة والنهيق والنباح عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله. فانها رأت ملكا واذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان فانه رأى شيطانا رواه البخاري ومسلم وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا سمعتم نباح الكلاب ونهيق الحمر بالليل فتعوذوا بالله. فانهن يرين ما لا ترون. رواه ابو داوود واحمد السنة اذا سمع المسلم صوت الديكة ان يسأل الله من فضله وعلنا النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله فانها رأت ملكا والملائكة تتنزل بالخير والرحمة. فيسأل الله سبحانه وتعالى من فضله واما عند سماع صوت نهيق الحمر او نباح الكلاب فيتعوذ بالله من الشيطان لانها رأت شيطانا والمشروع عند حضور الشياطين ان يتعوذ المسلم منهم. قال الله تعالى وقل ربي اعوذ بك من همزات الشياطين واعوذ بك ربي ان يحضرون ما يقوله في الشيء يعجبه ويخاف عليه من العين انفع ما يكون في هذا المقام الدعاء بالبركة والبركة هي بقاء الموجود ونماءه وزيادته وسلامته من الافات عن سهل بن حنيف رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا رأى احدكم من اخيه او من نفسه او من ماله ما يعجبه فليبركه فان العين حق رواه احمد قوله اذا رأى احدكم من اخيه او من نفسه او من ماله ما يعجبه اي في هيئته او في ملبسه او في مركبه او في مسكنه او نحو ذلك قوله فليبركه اي ليقل اللهم بارك لي او لفلان ويذكر الشيء الذي اعجبه قوله فان العين حق اي الاصابة بالعين حق فاذا رأى الانسان ما يعجبه فليبركه ليدعو لنفسه او ليدعو لهذا الشيء الذي عنده او عند غيره بالبركة بان يبارك الله تبارك وتعالى فيه واذا بورك له فيه لم تؤثر فيه العين باذن الله وهذا يفيد ان الدعاء بالبركة باذن الله يقاوم العين ويدفعها فيقاوم قدر الله بقدر الله وعن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الجان وعين الانسان حتى نزلت المعوذتان فلما نزلتا اخذ بهما وترك ما سواهما رواه الترمذي وابن ماجه بهذا الحديث دلالة على عظم شأن هاتين السورتين وعظم منفعتهما وشدة الحاجة بل الضرورة اليهما وانه لا يستغني عنهما احد وان لهما تأثيرا خاصا في دفع الجان والسحر والعين وسائر الشرور وقد تضمنت هاتان الصورتان الاستعاذة من هذه الشرور كلها باوجز لفظ واجمعه وادله على المراد واعمه استعاذة بحيث لم يبق من الشرور شيء الا دخل تحت الشر المستعاد منه فيهما وعلى المسلم ان يقول عند خوفه على نفسه من العجب بصحة او مال او ولد ما شاء الله لا قوة الا بالله قال الله تعالى ولولا اذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة الا بالله فقد جاءت هذه الكلمة في سياق مناصحة لصاحب الجنتين الذي اصيب بالعجب والغرور بما عنده من مال وخدم وغير ذلك فارشده من يحاوره الى ان يقول هذا الذكر فيؤخذ من هذا السياق ان هذه الكلمة تقال لطرد العجب وهي من انفع ما يكون في هذا الباب والعجب مهلكة خطيرة للمرء ويكفي دلالة على اهلاك العجب لصاحبه قصة هذا الرجل فقد كان العجب ممحقة لبركة ما عنده من خير عافية ونعمة وصحة وهذه الكلمة فيها التبرؤ من حول النفس وقوتها وان الامور كلها بيد الله المنعم المتفضل سبحانه اما اذا نظر المرء الى النعمة مجردة وجدارته ومهارته ونحو ذلك اصيب بالعجب المهلك حتى ربما قال اوتيته على علم عندي او ورثته كابرا عن كابر او انا جدير به فهذا كله يتولد من الغرور والعجب نسأل الله العافية والسلامة وبتمام هذه الحلقة الخامسة بعد المئة نصل الى خاتمة هذا البرنامج ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم وتب علينا انك انت تواب رحيم سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته