ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله وامينه على وحيه ومبلغ الناس شرعه فصلوات الله وسلامه عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد عباد الله اتقوا الله تعالى واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله عباد الله ساعة رهيبة ولحظة عصيبة سيمر بها كل انسان لا محالة وستدرك كل عبد فلا مناص انها عباد الله ساعة الاحتضار ساعة المغادرة لهذه الدار والقدوم على الدار الاخرة دار القرار عباد الله انها اي والله ساعة عصيبة ولحظة رهيبة وخطب جسيم جلل لابد لكل عبد من تفكر وتدبر لامره وحاله حينما تدركه تلك الساعة عباد الله وفي القرآن الكريم مواضع اربعة فيها عرض لهول هذا الخطب وبيان لعظم هذا الكرب الاول قول الله سبحانه وتعالى ولو تراءذي الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا ايديهم اخرجوا انفسكم فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن اياته تستكبرون والثاني قول الله تعالى وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد والثالث قول الله سبحانه فلولا اذا بلغت الحلقوم وانتم حينئذ تنظرون ونحن اقرب اليه منكم ولكن لا تبصرون والرابع قوله جل وعلا كلا اذا بلغت التراقي وقيل من راق وظن انه الفراق وانتفت الساق بالساق الى ربك يومئذ المساق فلا صدق ولا صلى ولكن كذب وتولى. ثم ذهب الى اهله يتمطأ عباد الله وهذا الخطب الجسيم جاء في بيانه في سنة النبي صلى الله عليه وسلم احاديث متكاثرة ونصوص متضافرة ولنتأمل في حديث واحد منها حديث جامع حقيق بكل مسلم عباد الله ان يتأمله ويتدبره فعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال كنا في جنازة في بقيع الغرقد فاتى النبي صلى الله عليه وسلم فقعد وقعدنا حوله كأن على رؤوسنا الطير وهو يلحد له فقال اعوذ بالله من عذاب القبر ثلاث مرات ثم قال ان العبد المؤمن اذا كان في اقبال من الاخرة وانقطاع من الدنيا نزلت اليه الملائكة كأن على وجوههم الشمس معهم كفن من اكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة فجلسوا منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول يا ايتها النفس الطيبة اخرجي الى مغفرة من الله ورضوان قال فتخرج تسيل كما تسيل القطرة كما تسيل القطرة من في السقاء. فيأخذها فاذا اخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وذلك الحنوط ويخرج منها كاطيب نفحة مسك وجدت على وجه الارض قال فيصعدون بها فلا يمرون بها يعني على ملأ من الملائكة الا قالوا ما هذه الروح الطيبة فيقولون فلان ابن فلان باحسن اسمائه التي كانوا يسمونه بها باحسن اسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا حتى ينتهوا بها الى السماء فيستفتحون له فيفتح له. فيشيعه من كل لسماء مقربوها الى السماء التي تليها حتى ينتهى به الى السماء فيقول الله عز وجل اكتبوا كتاب عبدي في عليين واعيدوه الى الارض فاني منها فاني منها خلقتهم. وفيها ومنها اخرجهم تارة اخرى قال فتعود روحه في جسده فيأتيه ملكا فيجلسانه فيقولان له من ربك؟ فيقول ربي الله. فيقولان له ما دينك؟ فيقول ديني الاسلام. فيقول له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم فيقول هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولان له ما علمك فيقول قرأت كتاب الله فامنت به وصدقت فينادي مناد من السماء ان صدق عبدي فافرشوه من الجنة. وافتحوا له بابا الى الجنة. قال فيأتي من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره. قال ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح. فيقول ابشر بالذي يسرك. هذا ايومك الذي كنت تعد؟ فيقول له من انت فوجهك الذي يجيء بالخير فيقول انا عملك الصالح. فيقول يا رب اقم الساعة حتى ارجع الى اهلي ومالي قال وان العبد الكافر اذا كان في انقطاع من الدنيا واقبال من الاخرة نزل اليه من السماء ملائكة لا تنسود الوجوه معهم المسوح اي الكساء من الشعر. فيجلسون منه مد البصر. ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول ايتها النفس الخبيثة اخرجي الى سخطك من الله وغضب. قال فتتفرق في جسده. فينتزعها كما ينتزع من الصوف المبلول والسفود حديدة ذات شعب معقدة. فيأخذها فاذا اخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح ويخرج منها كأنتني ريح خبيثة. وجدت على وجه الارض فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة الا قالوا اهذه الروح الخبيثة؟ فيقولون فلان ابن فلان باقبح اسمائه التي كان تسمى بها في الدنيا حتى ينتهى بها الى السماء الدنيا. فيستفتح له فلا افتح له ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تفتح لهم ابواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط فيقول الله عز وجل اكتبوا كتابه في سجين في الارض السفلى فتطرح روحه طرحا. ثم قرأ ومن يشرك بالله فكأنما خر من من السماء فتخطفه الطير او تهوي به الريح في مكان سحيق قال فتعد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك؟ فيقول ها ها لا ادري فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول ها ها لا ادري في نادي مناد من السماء ان كذب فافرشوه من النار. وافتحوا له بابا الى النار فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه اضلاعه ويأتيه رجل رجل قبيح وجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول بالذي يسوؤك هذا يومك الذي كنت توعد. فيقول من انت؟ فوجهك الوجه يجيء بالشر فيقول انا عملك الخبيث. فيقول ربي لا تقم الساعة. حديث صحيح. رواه الامام احمد وابو داوود والحاكم وغيرهم عباد الله اما ان للغافل ان ينتبه من غفلته قبل هجوم الموت بمرارة كؤوسه وعظم خطبه وشدة هوله وحينها عباد الله يذهب عن الانسان رونقه وبهاؤه ويتغير منظره وروائه. ويرد بعد النعمة والنظرة. والسطوة والقدرة. والنخوة والعزة الى حالة يحمله فيها اقرب اقربائه واعز اصفيائه ويدرج في حفرة من الحفر ويهيلون عليه التراب وحيدا بلا انيس. فريدا بلا جليس. ملاقاة هذه الشدائد والاهوال. الا فلنتعظ عباد الله ولنعد العدة لهذه الساعة العصيبة واللحظة الرهيبة اللهم الهنا وفقنا لرضاك واعنا على طاعتك ولا تكلنا الى انفسنا طرفة عين. اقول هذا القول واستغفر الله لي ولكم. ولسائر المسلمين من كل ذنب يغفر لكم انه هو الغفور الرحيم الحمد لله عظيم الاحسان واسع الفضل والجود والامتنان واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله علي وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد عباد الله اتقوا الله تعالى. واعلموا رعاكم الله ان اخر الاي نزولا على رسول واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله. واعلموا رعاكم الله ان صلاح العبد وفلاحه في هذه الدار يكمن في الاعتبار والتذكر لدار الاخرة دار القرار. وايقانه بانه وسيلقى الله وسيفارق هذه الدار وسيجازى على كل اعماله واقواله. فمن عاش متفكرا متذكرا صلحت حاله وزاد يقينه وزالت غفلته وحسنت صلته بربه جل وعلا والكيس من عباد الله من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الاماني وصلوا وسلموا رعاكم الله على محمد ابن عبد الله كما امركم الله بذلك في كتابه فقال ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. وقال صلى الله عليه وسلم من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا. اللهم صل على محمد وعلى ال محمد. كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين الائمة المهديين ابي بكر وعمر وعثمان وعلي وارضى اللهم عن الصحابة اجمعين وعن التابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. وعنا معهم بمنك وكرمك واحسانك يا اكرم الاكرمين. اللهم اعز اسلامه المسلمين واذل الشرك والمشركين ودمر اعداء الدين واحمي حوزة الدين يا رب العالمين. اللهم امنا في اوطاننا واصلح ائمتنا وولاة امورنا. اللهم وفق ولي امرنا لهداك. واجعل عمله في رضاك. اللهم واتي نفوسنا تقواها زكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها. اللهم انا نسألك الجنة وما قرب اليها من قول او عمل ونعوذ بك من النار وما قرب اليها من قول او عمل. وان تجعل كل قضاء قضيته لنا خيرا. اللهم اصلح لنا ديننا الذي هو عصمة امرنا واصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا واصلح لنا اخرتنا التي فيها معادنا واجعل اتى زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر. اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات المؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. عباد الله اذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم. ولذكر الله اكبر. والله يعلم ما تصنعون