ان الحمد لله احمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله وسلم عليه وعلى اله صحبه اجمعين اما بعد ايها المؤمنون اتقوا الله عز وجل وتزودوا ليوم اللقاء يوم الوقوف بين يدي الله عز وجل ليجزي الذين اساءوا بما عملوا ويجزي الذين احسنوا بالحسنى ايها المؤمنون روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن ابن عباس رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر يقول انكم ملاق الله حفاة عراة غرلا وجاء في الصحيح من حديث ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا قلت يا رسول الله النساء والرجال ينظر بعضهم الى بعض قال يا عائشة ان الامر اشد من ان ينظر بعضهم الى بعض ايها المؤمنون ما احوج العباد في الخطب العامة والمواعظ ومجالس التذكير الى ان يذكروا بيوم الملاقاة ملاقاة الله جل في علاه ليستعدوا لذلك اليوم وليتزودوا له بخير زاد فان الناس عباد الله اذا غفلوا عن ذلك اليوم الهتهم الدنيا بمتعها الزائلة وزخرفها الفن عن الاستعداد ليوم المعاد عباد الله ويوم القيامة يوم عظيم فيه اهوال جسم ومواقف عظم سيعاينها العباد ومبدأ ذلك عباد الله نفخة واحدة يؤمر بها الملك الموكل بالنفخ في الصور فيصعق العباد ولا يبقى احد من الناس به حياة ويتكاملون موتى ثم من بعد هذه النفخة باربعين تكون نفخة اخرى يقوم الناس على اثرها لرب العالمين قال الله تعالى واستمع يوم ينادي المنادي من مكان قريب يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج انا نحن نحيي ونميت والينا المصير يوم تشقق الارض عنهم صراعا ذلك حشر علينا يسير وقال الله عز وجل ونفخ في الصور فاذا هم من الاجداث اي القبور فاذا هم من الاجداث الى ربهم ينسلون قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون ان كانت الا صيحة واحدة فاذا هم جميع لدينا محضرون فاليوم لا تظلم نفس شيئا ولا تجزون الا ما كنتم تعملون ايها العباد وعلى اثر هذه النفخة الثانية يقوم الناس وينشرون من قبورهم للوقوف بين يدي الله عز وجل على ارض المحشر يوم تبدل الارض غير الارض والسماوات يقف الناس على ارض عفراء لا سواء فيها ولا انخفاض مستوية لا جبال فيها ولا اشجار يوما كان مقداره خمسين الف سنة وماذا يقارن ذلك اليوم بايام الدنيا مهما طال عمر الانسان فيها ايها العباد وفي تلك الارض ارض المحشر تدنو الشمس من رؤوس الخلائق حتى تكون في دنوها وقربها منهم على مقدار ميل روى مسلم في صحيحه من حديث المقداد بن الاسود رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال تدنى الشمس من الخلائق يوم القيامة حتى تكون على مقدار ميل ويكون عرقهم على قدر اعمالهم فمنهم من يكون عرقه الى كعبيه ومنهم من يكون عرقه الى ركبتيه ومنهم من يكون عرقه الى حقوين ومنهم من يلجمه العرق الجاما واشار النبي صلى الله عليه وسلم بيده الى فيه وجاء في حديث خرجه الحاكم وغيره ان الله عز وجل يهون ذلك اليوم على اهل الايمان مع طول مدته وفداحة امره فيكون لهم كما بين صلاتي الظهر والعصر في خفته ويسره وسهولته ايها العباد وفي القرآن ايات كثيرة تجني للعباد يوم القيامة وتبين لهم اهوالها واحوالها ليتنبه العباد وليستعدوا لذلك اليوم بل في القرآن سور اخلصت لبيان ذلك اليوم وايضاح امره كانه رأي العين روى الامام احمد والترمذي وغيرهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من سره ان ينظر الى يوم القيامة كانه رأي عين فليقرأ اذا الشمس كورت واذا السماء انفطرت واذا السماء انشقت وهذه السور الثلاث عباد الله فيها تفصيلات عظيمة لاهوال ذلك اليوم واحواله والقرآن مشتمل في مواضع كثيرة من بل لا تكاد تقرأ سورة من القرآن الا وترى فيها ذكرا لذلك اليوم وشيئا من تفاصيله ايها العباد لنكن على ذكر دائم بهذا اليوم العظيم مبدأه ومآل العباد فيه فالمبدأ نفخة والمآل اما الى الجنة او الى النار وتأمل سياقا عظيما في القرآن الكريم يجلي هذا المبدأ والمنتهى يقول الله عز وجل في اخر سورة الزمر ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الارض الا من شاء الله ثم نفخ فيه اخرى فاذا هم قيام ينظرون ثم قال جل في علاه وسيق الذين كفروا الى جهنم زمرا حتى اذا جاءوها فتحت ابوابها وقال لهم خزنتها الم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم ايات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين قيل ادخلوا ابواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين وسيق الذين اتقوا ربهم الى الجنة زمرا حتى اذا جاءوها وفتحت ابوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده واورثنا الارض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم اجر العاملين وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين ايها العباد في ذلك اليوم العظيم يوم يحشر العباد ويقفون ذلك اليوم العصيب العظيم وتدنو منهم الشمس فيفزع الناس طالبين من الانبياء ان يشفعوا لهم عند الله بان يبدأ بالجزاء والحساب وكلما اتوا نبيا اعتذر واحالهم الى اخر الى ان يحيلهم عيسى عليه السلام الى محمد صلى الله عليه وسلم فيقول انا لها ويخر ساجدا تحت عرش الرحمن ويحمد الله بمحامد يعلمه الله اياها في ذلك الوقت ثم يقول الله له ارفع رأسك وسن تعطى واشفع تشفع وحينئذ يجيء الرب جل جلاله للفصل بين العباد كلا اذا دكت الارض دكا دكا وجاء ربك والملك صفا صفا اي صفوف مطوقين بالعباد وجيء يومئذ بجهنم وجاء في الحديث ان الذي يأتي بها ملائكة يأمرهم الله عز وجل بسحبها الى ارض المحشر يقول عليه الصلاة والسلام كما في صحيح مسلم يؤتى بجهنم ولها سبعون الف زمام ومع كل زمام سبعون الف ملك يجرونها ايها العباد ما احوجنا الى التأمل في تفاصيل يوم القيامة لنستعد لذلك اليوم ولنتزود له بخير زاد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا اللهم اصلح لنا ديننا الذي هو عصمة امرنا واصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا واصلح لنا اخرتنا التي فيها معادنا واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر اقول هذا القول واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه يغفر لكم انه هو الغفور الرحيم الحمد لله كثيرا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد ايها المؤمنون عباد الله اتقوا الله تعالى فان من اتقى الله وقاه ايها المؤمنون ان اهل الايمان في ايمانهم باليوم الاخر على درجتين الدرجة الاولى درجة الايمان الجازم الذي لا شك فيه ولا ريب وهذه الدرجة لا قبول لعمل عامل الا بها فان الدين يقوم على اصول منها الايمان باليوم الاخر ومن كفر بشيء من اصول الايمان او شك فيه بطل عمله وحبط ومن يكفر بالايمان فقد حبط عمله وهو في الاخرة من الخاسرين قال الله عز وجل وما منعهم ان تقبل منهم نفقاتهم الا انهم كفروا بالله وبرسوله فالكفر بالله او برسوله او بشيء من اصول الايمان محبط للاعمال كلها واما الدرجة الثانية عباد الله فهي درجة الايمان الراسخ وهي درجة اهل الايمان الكامل وهم من يستحضرون هذا الاصل العظيم فيه حركاتهم وسكناتهم وفيما يأتون ويذرون فهم في كل اعمالهم مشفقين من يوم البعث ويوم اللقاء ولهذا حسنت اعمالهم وطابت قلوبهم وزكت اخلاقهم وتنافسوا في رفيع الاعمال وطيبها وانا لنسأل الله عز وجل ان يوقظ قلوبنا بالايمان وان يجدد الايمان في قلوبنا وان يصلح احوالنا كلها وان يهدينا اليه صراطا مستقيما وصلوا وسلموا رعاكم الله على محمد بن عبدالله كما امركم الله بذلك في كتابه فقال ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما وقال صلى الله عليه وسلم من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد وارضى اللهم عن الخلفاء الراشدين ابي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة اجمعين. ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اللهم انصر من نصر دينك وكتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم اللهم وفق ولي امرنا لهداك. اللهم اصلح قلوبنا اجمعين ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات واخر دعوانا ان الحمدلله رب العالمين