بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد روى الامام احمد في المسند واهل السنن الاربعة عن انس بن مالك رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول اللهم اني اسألك بان لك الحمد لا اله الا انت وحدك لا شريك لك المنان بديع السماوات والارض ذو الجلال والاكرام فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقد سألت الله باسمه الاعظم الذي اذا دعي به اجاب واذا سئل به اعطى وزاد ابو داوود والنسائي في اخره يا حي يا قيوم وروى ابن ماجة والحاكم وغيرهما عن ابي امامة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اسم الله الاعظم الذي اذا دعي به اجاب في ثلاث سور من القرآن في البقرة وال عمران وطه وروى الامام احمد وابو داوود والترمذي عن اسماء بنت يزيد رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اسم الله الاعظم في هاتين الايتين والهكم اله واحد لا اله الا هو الرحمن الرحيم وفاتحة ال عمران الف لام ميم الله لا اله الا هو الحي القيوم وروى اصحاب السنن وابن حبان عن بريدة رضي الله عنه قال سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقول اللهم اني اسألك باني اشهد انك انت الله لا اله الا انت الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد سأل الله باسمه الاعظم الذي اذا سئل به اعطى واذا دعي به اجاب فهذه بعض الاحاديث الثابتة في ذكر اسم الله الاعظم الذي اذا دعي به اجاب واذا سئل به اعطى ولاجل ذا فقد كان لهذا الاسم ومعرفته والبحث عنه شأن عظيم عند اهل العلم ولهم في هذا ابحاث كثيرة مطولة ومختصرة قال الشوكاني رحمه الله وقد اختلف في تعيين الاسم الاعظم على نحو اربعين قولا قد افردها السيوطي بالتصنيف واشهر الاقوال في تعيين الاسم الاعظم ان اسم الله الاعظم هو الله وقيل الحي القيوم وقيل الرحمن الرحيم وعلى كل فمن دعا الله بالادعية المتقدمة فقال في دعائه اللهم اني اسألك بان لك الحمد لا اله الا انت وحدك لا شريك لك المنان بديع السماوات والارض ذو الجلال والاكرام يا حي يا قيوم او قال اللهم اني اسألك باني اشهد انك انت الله. لا اله الا انت الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد. فقد دعا الله باسمه الاعظم لاخبار النبي صلى الله عليه وسلم عمن دعا الله بذلك بانه دعاه باسمه الاعظم الذي اذا سئل به واذا دعي به اجاب وعموما فان دعاء الله والتوسل اليه باسمائه وصفاته يعد من اعظم الوسائل وانفعها ومن اعظم موجبات اجابة الدعاء وقد ندب الله عباده في مواطن من كتابه على تعلم اسمائه وصفاته ودعائه بها قال الله تعالى ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في اسمائه سيجزون ما كانوا يعملون وقال تعالى قل ادعوا الله او ادعوا الرحمن ايا ما تدعوا فله الاسماء الحسنى وقال تعالى هو الله الذي لا اله الا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم هو الله الذي لا اله الا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون هو الله الخالق البارئ المصور له الاسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والارض وهو العزيز الحكيم فاسماء الله كلها حسنى لكونها قد دلت على صفات كمال عظيمة لله وهي كلها اسماء مدح وثناء على الله قال العلامة ابن القيم رحمه الله اسماء الرب تبارك وتعالى كلها اسماء مدح ولو كانت الفاظا مجردة لا معاني لها لم تدل على المدح وقد وصفها الله بانها حسنى كلها فقال ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها ودروا الذين يلحدون في اسمائه سيجزون ما كانوا يعملون فهي لم تكن حسنى لمجرد اللفظ بل لدلالاتها على اوصاف الكمال ولهذا لما سمع بعظ الاعراب قارئا يقرأ والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهما جزاء بما كسبا كالا من الله والله غفور رحيم قال ليس هذا كلام الله فقال القارئ اتكذب بكلام الله؟ فقال لا ولكن ليس هذا بكلام الله فعاد الى حفظه وقرأ والله عزيز حكيم. فقال الاعرابي صدقت عز فحكم فقطع ولو غفر ورحم لم يقطع ولهذا اذا ختمت اية الرحمة باسم العذاب او بالعكس ظهر تنافر الكلام وعدم انتظامه انتهى كلامه رحمه الله وبهذا يتبين ان فهم اسماء الله الحسنى والعلم بمعانيها اساس لا بد منه لتحقيق قول الله ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها فدعاء الله باسمائه الذي امر الله به في هذه الاية انما يكون ويتحقق اذا علم الداعي معاني هذه الاسماء التي دعا الله بها فان لم يكن عالما بمعانيها فانه يجعل في دعائه الاسم في غير موطنه. كأن يختم طلب الرحمة باسم العذاب او العكس في ظهر التنافر في الكلام وعدم الانتظام ومن يتدبر الادعية الواردة في القرآن او في سنة النبي عليه الصلاة والسلام يجد انه ما من دعاء منها يختم بشيء من اسماء الله الحسنى الا ويكون في ذلك الاسم ارتباط وتناسب مع الدعاء المطلوب كقوله تعالى ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم وقوله ربنا امنا فاغفر لنا وارحمنا وانت خير الراحمين وقوله ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وانت خير الفاتحين ونحو ذلك من الايات والعلم باسماء الله وصفاته اشرف العلوم وازكاها لتعلقه باشرف معلوم وهو الله سبحانه فمعرفته سبحانه والعلم باسمائه وصفاته وافعاله اجل علوم الدين كلها وارادة وجهه اجل المقاصد وعبادته اشرف الاعمال والثناء عليه باسمائه وصفاته ومدحه وتمجيده اشرف الاقوال وذلك اساس الحنيفية ملة ابراهيم عليه السلام وهو الدين الذي اجمعت عليه جميع النبيين وعليه اتفقت كلمتهم وتواطأت مقالتهم وتوارد نصحهم وبيانهم صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين بل هو من الاسس العظام التي قامت عليها دعوات المرسلين وهو سبيل عز العبد ورفعته وصلاحه في الدنيا والاخرة فان من في قلبه ادنى حياة او محبة لربه وارادة لوجهه وشوق الى لقائه فطلبه لهذا الباب وحرصه على معرفته وازدياده من التبصر فيه وسؤاله واستكشافه عنه هو اكبر مقاصده واعظم مطالبه واجل غاياته وليست القلوب الصحيحة والنفوس المطمئنة الى شيء من الاشياء اشوق منها الى معرفة هذا الامر ولا فرحها بشيء اعظم من فرحها بالظفر بمعرفة الحق فيه وهذه المعرفة هي التي عليها مدار السعادة وبلوغ الكمال والترقي في درج الرفعة ونيل نعيم الدنيا والاخرة والظفر باجل المطالب وانجح الرغائب واشرف المواهب والناس في هذا بين مستكثر ومقل ومحروم والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ومتى كان العبد عارفا بربه محبا له قائما بعبوديته ممتثلا امره مبتعدا عن نواهيه تحقق له بهذه المعرفة والعبودية اللتين هما غاية الخلق والامر كما لا الانسان المرجو وسموه المنشود بل ليست حاجة الارواح قط الى شيء اعظم منها الى معرفة بارئها وفاطرها ومحبته وذكره به وطلب الوسيلة اليه والزلفة عنده ولا سبيل الى هذا الا بمعرفة اوصافه واسمائه فكلما كان العبد بها اعلم كان بالله اعرف وله اطلب واليه اقرب وكلما كان لها انكر كان بالله اجهل واليه اكره ومنه ابعد والله ينزل العبد من نفسه حيث ينزله العبد من نفسه ولهذا كان ذكر اسماء الله وصفاته في القرآن اكثر من ذكر اي امر اخر. لانها اعظم شيء ذكر في القرآن وافضله وارفعه قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله والقرآن فيه من ذكر اسماء الله وصفاته وافعاله اكثر مما فيه من ذكر الاكل والشرب والنكاح في الجنة والايات المتضمنة لذكر اسماء الله وصفاته اعظم قدرا من ايات المعاد فاعظم اية في القرآن اية الكرسي المتضمنة لذلك كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال لابي بن كعب اتدري اي اية في كتاب الله اعظم؟ قال الله لا اله الا هو الحي القيوم فظرب بيده في صدره وقال ليهنك العلم ابا المنذر وافضل سورة سورة ام القرآن. كما ثبت ذلك في حديث ابي سعيد ابن المعلى في الصحيح قال له النبي صلى الله عليه وسلم انه لم ينزل في التوراة ولا في الانجيل ولا في الزبور ولا في القرآن مثلها وهي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي اوتيته وفيها من ذكر اسماء الله وصفاته اعظم مما فيها من ذكر المعاد وقد ثبت في الصحيح انه صلى الله عليه وسلم من غير وجه ان قل هو الله احد تعدل ثلث القرآن وثبت في الصحيح انه بشر الذي كان يقرأها ويقول اني لاحبها لانها صفة الرحمن بان الله يحبه فبين ان الله يحب من يحب ذكر صفاته سبحانه وتعالى. وهذا باب واسع انتهى كلامه رحمه الله وهذه المعرفة والمحبة والانس هي السبيل الامنة للسائلين والطريق الرابحة للمشمرين فالسير الى الله من طريق الاسماء والصفات شأنه عجب وفتحه عجب صاحبه قد سيقت له السعادة وهو مستلق على فراشه غير تعب ولا مكدود ولا مشتت عن وطنه ولا رضي عن سكنه فلا يزال مترقيا في هذه المعالي ماضيا في هذه الطريق الى ان يبلغ عالي الرتب ورفيع المنازل وسبيل هذه المعرفة يكون باستحضار معاني الاسماء الحسنى وتحصيلها في القلوب حتى تتأثر القلوب باثارها ومقتضياتها وتمتلئ باجل المعارف. فمثلا اسماء العظمة والكبرياء والمجد والجلال والهيبة تملأ القلب تعظيما لله واجلالا له واسماء الجمال والبر والاحسان والرحمة والجود تملأ القلب محبة لله وشوقا له وحمدا له وشكرا واسماء العز والحكمة والعلم والقدرة تملأ القلب خضوعا لله وخشوعا وانكسارا بين يديه واسماء العلم والخبرة والاحاطة والمراقبة والمشاهدة تملأ القلب مراقبة لله في الحركات والسكنات وحراسة للخواطر عن الافكار الردية والارادات الفاسدة واسماء الغنى واللطف تملأ القلب افتقارا واضطرارا اليه والتفاتا اليه كل وقت في كل حال فهذه المعارف التي تحصل للقلوب بسبب معرفة العبد باسمائه وصفاته وتعبده بها لله لا يحصل العبد في الدنيا اجل ولا افضل ولا اكمل منها وهي افضل العطايا من الله لعبده وهي روح التوحيد وروحه ومن انفتح له هذا الباب انفتح له باب التوحيد الخالص والايمان الكامل فهي تجارة رابحة ومن ارباحها سكون النفس وطمأنينة القلب وانشراح الصدر وسكنى الفردوس يوم القيامة والنظر الى وجه الله الكريم والفوز برضاه والنجاة من سخطه وعذابه واسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير وان يصلح لنا شأننا كله والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين انه سميع قريب مجيب. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته