بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل اي الاعمال افضل فقال ايمان بالله ورسوله. قيل ثم ماذا؟ قال الجهاد في سبيل الله قيل ثم ماذا؟ قال حج مبرور متفق عليه ان اهم ما يجب على العبد ان يعنى به في هذه الحياة الايمان فهو افضل ما اكتسبته النفوس وحصلته القلوب ونال به العبد الرفعة في الدنيا والاخرة بل ان كل خير في الدنيا والاخرة متوقف على الايمان الصحيح فهو اعظم المطالب واجل المقاصد وانبل الاهداف ومباحث الايمان ومسائله هي اهم المسائل على الاطلاق لانها اهم مباحث الدين واعظم اصول الحق واليقين وكم للايمان الصحيح من الفوائد المغدقة والثمار اليانعة والجنا اللذيذ والاكل الدائم والخير المستمر امور لا تحصى وفوائد لا تستقصى عاجلا واجلا فبالايمان يحيا العبد حياة طيبة في الدارين وينجو من المكاره والشرور والشدائد ويدرك جميع الغايات والمطالب وينال ثواب الاخرة فيدخل جنة عرضها كعرض السماء والارض فيها من النعيم ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وينجو من نار عذابها شديد وقعرها بعيد واعظم من ذلك كله ان يفوز برضا الرب سبحانه فلا يسخط عليه ابدا ويتلذذ بالنظر الى وجهه الكريم في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة وبالايمان يطمئن القلب وتسكن النفس ويسر الفؤاد الذين امنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله الا بذكر الله تطمئن القلوب وكم للايمان من الفوائد العظيمة والاثار المباركة والثمار اليانعة والخير المستمر في الدنيا والاخرة ما لا يحصيه ولا يحيط به الا الله الا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة اعين جزاء بما كانوا يعملون وبالجملة فالخير كله فرع عن الايمان ومترتب عليه والهلاك والشر كله انما يكون بفقد الايمان ونقصه فلا غرو اذا ان تكون مباحثه اهم المباحث واعظمها واولاها بالعناية والاهتمام واجدرها بصرف الهمم والاوقات وشرف العلم من شرف معلومه وليس هناك اشرف من الايمان وعلومه التي يتحقق بتحققها كل خير ويصرف كل شر بل لا صلاح للعباد ولا فلاح ولا حياة طيبة ولا سعادة في الدارين ولا نجاة من خزي الدنيا وعذاب الاخرة الا بالايمان الصحيح علما وتطبيقا العلم والايمان هما افضل هبات الرحمن واجل عطياته قال ابن القيم رحمه الله افضل ما اكتسبته النفوس وحصلته القلوب ونال به العبد الرفعة في الدنيا والاخرة هو العلم والايمان ولهذا قرن بينهما سبحانه في قوله وقال الذين اوتوا العلم والايمان لقد لبثتم في كتاب الله الى يوم البعث وقوله سبحانه يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات وهؤلاء هم خلاصة الوجود ولبه والمؤهلون للمراتب العالية ان الايمان شجرة مباركة عظيمة النفع غزيرة الفائدة كثيرة الثمر لها مكان تغرس فيه ولها سقي خاص ولها اصل وفرع وثمار اما مكانها فهو قلب المؤمن فيه توضع بذورها واصولها ومنه تنشأ اغصانها وفروعها واما سقيها فهو الوحي المبين. كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فبه تسقى هذه الشجرة المباركة ولا حياة لها ولا نماء الا به واما اصلها فهو اصول الايمان الستة الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والايمان بالقدر خيره وشره واعلى هذه الاصول الايمان بالله فهو اصل اصول هذه الشجرة المباركة واما فروعها فهي الاعمال الصالحة والطاعات المتنوعة والقربات العديدة التي يقوم بها المؤمن من صلاة وزكاة وحج وصيام وبر واحسان وغير ذلك واما ثمارها فكل خير وسعادة ينالها المؤمن في الدنيا والاخرة فهو ثمرة من ثمار الايمان ونتيجة من نتائجه من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون هذا واهمية الايمان تظهر بمعرفة فوائده وثماره وفي هذا يقول الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله اعلم ان خير الدنيا والاخرة من ثمرات الايمان الصحيح وبه يحيى العبد حياة طيبة في الدارين وبه ينجو من المكاره والشرور وبه تخف الشدائد وتدرك جميع المطالب ولنشر الى هذه الثمرات على وجه التفصيل فان معرفة فوائد الايمان وثمراته من اكبر الدواعي الى التزود منه ثم شرع رحمه الله بذكر تفاصيل ثمرات الايمان وفوائده وفيما يلي تلخيص لها فمن ثمرات الايمان وفوائده اولا انه سبب رضا الله الذي هو اكبر شيء ثانيا ان ثواب الاخرة ودخول الجنة والتنعم بنعيمها والنجاة من النار وعقابها انما يكون بالايمان ثالثا ان الله يدفع ويدافع عن الذين امنوا شرور الدنيا والاخرة رابعا ان الله وعد المؤمنين القائمين بالايمان حقيقة بالنصر والتأييد خامسا ان الهداية من الله للعلم والعمل ولمعرفة الحق وسلوكه هي بحسب الايمان والقيام بحقوقه سادسا ان الايمان يدعو الى الزيادة من علومه واعماله الظاهرة والباطنة سابعا ان المؤمن بالله وبكماله وعظمته وكبريائه ومجده اعظم الناس يقينا وطمأنينة وتوكلا على الله وثقة به ثامنا انه لا يمكن للعبد ان يقوم بالاخلاص لله والنصيحة لعباد الله على وجه الكمال الا بالايمان تاسعا ان المعاملات بين الخلق لا تتم ولا تقوم الا على الصدق والنصح وعدم الغش ولا يقوم بذلك حقيقة الا المؤمنون عاشرا ان الايمان اكبر عون على تحمل المشقات والقيام باعباء الطاعات وترك الفواحش التي في النفوس داء قوي الى فعلها فلا تتم هذه الامور الا بقوة الايمان الحادي عشر ان العبد لابد ان يصاب بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات والايمان اكبر عون على تحمل هذه المصائب ثاني عشر ان الايمان يوجب للعبد قوة التوكل على الله لعلمه وايمانه ان الامور كلها راجعة الى الله ومندرجة في قضائه وقدره الثالث عشر ان الايمان يشجع العبد ويزيد الشجاع شجاعة فانه لاعتماده على الله العزيز الحكيم ولقوة رجاءه وطمعه فيما عنده تهون عليه المشقات ويقدم واثقا بربه راجيا لربه راهبا منه سبحانه رابع عشر ان الايمان هو السبب الاعظم لتعلق القلب بالله في جميع مطالبه الدينية والدنيوية خامس عشر ان الايمان يدعو الى حسن الخلق مع جميع طبقات الناس واذا ضعف الايمان او نقص او انحرف اثر ذلك في اخلاق العبد انحرافا بحسب بعده عن الايمان سادس عشر ان الايمان الكامل يمنع من دخول النار بالكلية كما منع صاحبه في الدنيا من فعل المعاصي والايمان الناقص يمنع الخلود في النار السابع عشر ان الايمان يوجب لصاحبه ان يكون معتبرا عند الخلق امينا ويوجب للعبد العفة عن دماء الناس واموالهم واعراضهم ثامن عشر ان قوي الايمان يجد في قلبه من ذوق حلاوته ولذة طعمه واستحلاء اثاره والتلذذ بطاعة لربه واداء حقوقه وحقوق عباده التي هي موجب الايمان واثره فالمؤمن يتقلب في لذات الايمان وحلاوته المتنوعة التاسع عشر ان الايمان هو السبب الوحيد للقيام بذروة سنام الدين وهو الجهاد البدني والمالي والقولي في سبيل الله فهذا كله من ثمرات الايمان ومن تمامه وكماله وكل خير الدنيا والاخرة فرع عن الايمان ومترتب عليه فان الله رتب على الايمان بكتابه من الفوائد والثمرات ما لا يقل عن مائة فائدة. كل واحدة منها خير من الدنيا وما فيها قال ابن القيم رحمه الله وهو نحو مئة خصلة كل خصلة منها خير من الدنيا وما فيها فمنها الاجر العظيم وسوف يؤتي الله المؤمنين اجرا عظيما ومنها الدفع عنهم شرور الدنيا والاخرة ان الله يدافع عن الذين امنوا ومنها استغفار حملة العرش لهم الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين امنوا ومنها موالاة الله لهم ولا يذل من ولاه الله قال الله تعالى الله ولي الذين امنوا ومنها امره ملائكته بتثبيتهم. اذ يوحي ربك الى الملائكة اني معكم. فثبتوا الذين امنوا ومنها ان لهم الدرجات عند ربهم والمغفرة والرزق الكريم ومنها العزة ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين. ولكن المنافقين لا يعلمون ومنها معية الله لاهل الايمان. وان الله مع المؤمنين ومنها الرفعة في الدنيا والاخرة يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات ومنها اعطاؤهم كفلين من رحمته واعطاؤهم نورا يمشون به ومغفرة ذنوبهم ومنها الود الذي يجعله سبحانه لهم وهو انه يحبهم ويحببهم الى ملائكته وانبيائه وعباده الصالحين ومنها امانهم من الخوف يوم يشتد الخوف فمن امن واصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ومنها انهم المنعم عليهم الذين امرنا ان نسأله سبحانه ان يهدينا الى صراطهم في كل يوم من وليلة سبعة عشرة مرة ومنها ان القرآن انما هو هدى لهم وشفاء قل هو للذين امنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في اذانهم وقر وهو عليهم عمى اولئك ينادون من مكان بعيد والمقصود ان الايمان سبب جالب لكل خير وكل خير في الدنيا والاخرة فسببه الايمان وكل شر في الدنيا والاخرة فسببه عدم الايمان الايمان اكبر وسيلة للقرب من الله والقرب من رحمته ونيل ثوابه واكبر وسيلة لمغفرة الذنوب وازالة الشدائد او تخفيفها ورتب عليه في الدنيا الحياة الطيبة وتيسير العبد لليسرى وتجنيبه للعسرى وطمأنينة القلوب وراحة النفوس والقناعة التامة وصلاح الاحوال وصلاح الذرية الى غير ذلك من الثمار والاثار العظيمة المترتبة على الايمان الدالة على عظيم فضله وجلالتي شأنه ونسأل الله عز وجل ان يزيننا اجمعين بزينة الايمان وان يجعلنا هداة مهتدين اللهم اصلح لنا ديننا الذي هو عصمة امرنا واصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا واصلح لنا اخرتنا التي فيها معادنا واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموتى راحة لنا من كل شر وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته