بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فعن ابي هريرة رضي الله عنه قال ان نبي الله صلى الله عليه وسلم قال اذا قضى الله الامر في السماء ضربت الملائكة باجنحتها خظعانا لقوله كانه سلسلة على صفوان فاذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا للذي قال الحق وهو العلي الكبير رواه البخاري هذا حديث عظيم من احاديث الايمان في بيان عظمة الله وجلاله بذكر شأن ملائكته الكرام معه اذا تكلم سبحانه بالوحي وانهم مع عظم خلقهم يصعقون عند ذلك. خظعانا لقوله سبحانه قوله اذا قضى الله الامر في السماء ضربت الملائكة باجنحتها خظعانا لقوله اي اذا تكلم جل وعلا بالامر الذي شاءه من قضاء كوني او شرعي ضربت الملائكة باجنحتها خظعانا لقوله اي خاضعة مشفقة متذللة من خشية الله وخوفا منه سبحانه كما قال الله عنهم يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون قال ابن كثير رحمه الله وهذا مقام رفيع في العظمة وهو انه تعالى اذا تكلم بالوحي سمع اهل السماوات كلامه ارعد من الهيبة حتى يلحقهم مثل الغشي قاله ابن مسعود ومسروق وغيرهما قال سبحانه وتعالى حتى اذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير اي حتى اذا زال الفزع وذهب عن قلوب الملائكة وافاقوا من الغشي والصعق الذي حصل لهم يسألون جبريل ماذا قال الله فيقول لهم جبريل قال الله كذا وكذا اي من الحق وينبغي ان يعلم ان هذه الاية جاءت في مساق ابطال الشرك واقامة البراهين على وجوب توحيد الله واخلاص الدين له سبحانه ولهذا فان من تمام فهمها فهم السياق الذي وردت فيه قد قال الله عز وجل قبلها قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الارض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير ولا تنفع الشفاعة عنده الا لمن اذن له حتى اذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم؟ قالوا الحق وهو العلي الكبير وقوله حتى اذا فزع عن قلوبهم فيه دليل ان الملائكة لهم قلوب ووصفت هذه القلوب بانها اتصاب بالفزع والفزع هو شدة الخوف واذا زال الفزع الذي حصل لقلوبهم بسبب تكلم الله بالامر وافاقوا من الغشي الذي اصابهم يكون اول من يفيق جبريل عليه السلام ثم يبلغه الله سبحانه ما يبلغه من الوحي ثم ينزل به عليه السلام فلا يمر على ملائكة الا وسألوه ماذا قال ربكم روى ابن ابي عاصم في السنة وغيره عن النواس ابن سمعان الكلابي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا اراد الله ان يوحي بامر تكلم بالوحي فاذا تكلم اخذت السماوات منه رجفة من خوف الله عز وجل فاذا سمع ذلك اهل السماوات صعقوا وخروا سجدا فيكون اول من يرفع رأسه جبريل عليه السلام فيكلم الله من وحيه بما اراد فينتهي به جبريل على الملائكة كلما مر بسماء قال اهلها ماذا قال ربنا يا جبريل فيقول جبريل قال الحق وهو العلي الكبير قال فيقولون كلهم مثل ما قال جبريل حتى ينتهي به جبريل حيث امره الله من السماء والارض والايمان بالملائكة اصل من اصول الايمان العظيمة ويأتي في القرآن في مواضع منه تابعا للايمان بالله كما في قوله تعالى كل امن بالله وملائكته وكتبه ورسله وقوله ولكن البر من امن بالله واليوم الاخر والملائكة والكتاب والنبيين وهم خلق من خلق الله عز وجل وجند من جنوده لا يعصون الله تبارك وتعالى ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون لا يعلم عدتهم الا الذي خلقهم سبحانه ويجب الايمان بهم عموما باسمائهم ووظائفهم واوصافهم واعدادهم الواردة في الكتاب والسنة اجمالا فيما اجمل وتفصيلا فيما فصل بل الايمان بهم ركن من اركان الايمان واصل من اصوله العظام فمثلا اسماء الملائكة لم يذكر في النصوص الا اسماء بعضهم مثل جبريل وميكائيل واسرافيل ومالك ومنكر ونكير فهذه الاسماء التفصيلية التي وردت في الكتاب او وردت في السنة نؤمن بها تفصيلا كما وردت وما لم يأت من اسمائهم تفصيلا نؤمن به اجمالا فنؤمن ان لله عز وجل ملائكة ولهم اسماء الله اعلم بها ونؤمن كذلك بالاسماء التي تشملهم كلهم. مثل الملائكة وقد ورد هذا الاسم في القرآن في ستين موضعا والكرام البررة ورسل الله والسفرة فكل ما جاء تفصيلا عن الملائكة فيما يتعلق باسمائهم نؤمن به واما اوصاف الملائكة فنؤمن تفصيلا بما جاءت به النصوص مفصلة في ذكر اوصاف الملائكة وما لم يأتي من التفصيل في اوصافهم نؤمن به اجمالا ولا نخوض في تفاصيل لا دليل عليها من كتاب ولا سنة ومن اوصاف الملائكة التي جاءت على وجه التفصيل ما جاء في الحديث الصحيح عن نبينا صلى الله عليه وسلم انه قال اذن لي ان احدث عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش انما بين شحمة اذنه الى عاتقه مسيرة سبعمائة عام وهذا فيه اثبات العاتق والاذن وشحمة الاذن وعظم الخلق ومن اوصافهم انهم خلقوا من نور كما في الحديث عن نبينا صلى الله عليه وسلم انه قال خلقت الملائكة من نور وان لهم اجنحة. قال الله تعالى جاعل الملائكة رسلا اولي اجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل في صورته وله ست مئة جناح كل جناح منها قد سد الافق يسقط من جناحه من التهاويل والدر والياقوت ما الله به عليم فهم خلق عظيم لهم اوصاف عظيمة تدل على عظمة هذه المخلوقات وقوتها وكبر اجسامها واما اعداد الملائكة اجمالا فنؤمن بان عددهم لا يحصيه الا الذي خلقهم وما يعلم جنود ربك الا هو ومما يدل على هذه الكثرة العظيمة للملائكة قصة الاسراء بالنبي عليه الصلاة والسلام حيث قال ثم رفع لي البيت المعمور فقلت يا جبريل ما هذا قال هذا البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون الف ملك اذا خرجوا منه لم يعودوا فيه اخر ما عليهم وقال عليه الصلاة والسلام اطت السماء وحق لها ان تئط ما فيها موضع اربعة اصابع الا وملك واضع جبهته ساجدا لله وتفصيلا نؤمن بالاعداد المتعلقة بالملائكة على التفصيل كما وردت كقول الله سبحانه ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية وقول النبي عليه الصلاة والسلام يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون الف زمام مع كل زمام سبعون الف ملك يجرونها واما وظائف الملائكة واعمالهم اجمالا فهم جند لله عز وجل. وعباد مكرمون وكل منهم قائم بما يأمره الله سبحانه وتعالى به اتم قيامه ليس فيهم من يعصي الله في امره. لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون وتفصيلا نؤمن بوظائفهم التي جاء تبيانها في الكتاب والسنة فمن الملائكة من هو موكول بالوحي. قال تعالى نزل به الروح الامين على قلبك لتكون من المنذرين ومنهم من هو موكول بقبض الارواح قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ومنهم من هو موكول بحفظ العباد له معقبات من بين يديه ومن خلفي يحفظونه من امر الله ومنهم من هو موكول بالكتابة وان عليكم لحافظين كراما كاتبين وقال تعالى ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد ومنهم من هو موكول بالقطر. الى غير ذلك من وظائف الملائكة التي جاءت تفاصيلها في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فكل ذلك نؤمن به ومن ذلك ايضا ما جاء في الحديث قال صلى الله عليه وسلم ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم الا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده وقال صلى الله عليه وسلم من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا الى الجنة وان الملائكة لتضع اجنحتها رضا لطالب العلم فطالب العلم يمشي الى حلق العلم ويجلس فيها ولا يرى الملائكة وهي تضع اجنحتها لطالب العلم ولا يراهم وهم يحفون مجالس العلم باجنحتهم لكنه يؤمن بذلك وهو منه على يقين لخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم وهذا الايمان له اثره على العبد وله وقعه في النفوس حيث يستشعر العبد في طلبه للعلم هذه الكرامة العظيمة تشريفا لطالب العلم ورضا بما يصنع الحاصل ان الايمان بهم احد اصول الايمان العظيمة بل لا يتم الايمان بالله وكتبه ورسله الا بالايمان بهم وقد وصفهم الله بالصفات العظيمة وانهم في غاية القوة على عبادة الله والرغبة العظيمة فيها وانهم يسبحون الليل والنهار لا يفترون وانهم لا يستكبرون عن عبادته ويرونها من اعظم نعمه عليهم وانهم لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون كما قال الله سبحانه بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بامره يعملون. يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم. ولا يشفعون الا لمن اقتضى وهم من خشيته مشفقون وقال سبحانه لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون هذا والله وحده الموفق والهادي الى سواء السبيل. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته