بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من الانبياء من نبي الا قد اعطي من الايات ما مثله امن عليه البشر وانما كان الذي اوتيت وحيا اوحى الله الي فارجو ان اكون اكثرهم تابعا يوم القيامة متفق عليه الانبياء هم صفوة العباد وخيارهم. كما قال الله تعالى الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس اختارهم الله على علم ليكونوا واسطة بينه وبين عباده في ابلاغ دينه وبيان شرعه فلا سبيل الى معرفة الشرع الا من جهتهم وسموا رسلا لهذا قال الله تعالى وما على الرسول الا البلاغ لانهم يبلغون عن الله سبحانه وحيه ودينه وشرعه وحق الانبياء على اممهم الطاعة فلاجلها بعثوا. قال الله تعالى وما ارسلنا من رسول الا ليطاع باذن الله وطاعتهم هي السعادة الحقيقية والنجاة والفلاح في الدنيا والاخرة وقد ايدهم الله بالايات الدالة على صدقهم وصحة ما جاءوا به وانهم اكملوا الخلق علما وعملا فكل نبي مؤيد بايات مقنعة كافية وحجج واضحة ما مثله امن عليه البشر لكن كثيرا من البشر في قلوبهم عماية عن الحق وغواية عن الطريق المستقيم ولهذا قال الله تعالى وما تغني الايات والندر عن قوم لا يؤمنون وقال تعالى وكاين من اية في السماوات والارض يمرون عليها وهم عنها معرضون والعلم بالانبياء وما ايدوا به من البراهين من جملة علوم القرآن العظيمة التي يترتب عليها فوائد غزيرة وثمار جليلة قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله ومنها اي علوم القرآن ذكر الانبياء وما ارسل به وما جرى لهم مع اممهم وفي ذلك فوائد منها ان من تمام الايمان بهم معرفتهم بصفاتهم وسيرهم واحوالهم وكلما كان المؤمن بذلك اعرف كان اعظم ايمانا بهم ومحبة لهم وتعظيما لهم وتعزيرا وتوقيرا ومنها ان من بعض حقوقهم علينا خصوصا النبي محمدا صلى الله عليه وسلم معرفتهم ومحبتهم محبة صادقة ولا سبيل لذلك الا بمعرفة احوالهم ومنها ان معرفة الانبياء موجبة لشكر الله تعالى على ما من به على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولا منهم يزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة بعد ان كانوا في ضلال مبين ومنها ان الرسل هم المربون للمؤمنين وما نالهم مثقال ذرة من الخير ولا اندفع عنهم مثقال ذرة من الشر الا على ايديهم وبسببهم فقبيح بالمؤمن ان يجهل حالة مربيه ومزكيه ومعلمه واذا كان من المستنكر جهل الانسان بحال ابويه ومباعدته لذلك فكيف بحالة الرسول الذي هو اولى بالمؤمنين من انفسهم وهو ابوهم الحقيقي الذي حقه مقدم على سائر الحقوق بعد حق الله تعالى ومنها ان في معرفة ما جرى لهم وما جرى عليهم تحصل للمؤمنين الاسوة والقدوة ويخف عنهم كثير من المقلقات والمزعجات لانها مهما بلغت من الثقل والشدة فلا تصل الى بعض ما جرى على الانبياء قال تعالى لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة ومن اعظم الاقتداء بهم الاقتداء بتعليماتهم. وكيفية القاء العلم على حسب مراتب الخلق والصبر على التعليم والدعوة الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي احسن وبهذا وامثاله كان العلماء ورثة الانبياء ومن فوائد معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم معرفة الايات القرآنية المنزلة عليه. وفهم المعنى والمراد منها موقوف على معرفة احوال الرسول مع قومه واصحابه وغيرهم من الناس فان الازمنة والامكنة والاشخاص تختلف اختلافا كثيرا فلو اراد الانسان ان يصرف همه لمعرفة معاني القرآن من دون معرفة منه لذلك لحصل من الغلط على الله وعلى رسوله وعلى مراد الله من كلامه شيء كثير وهذا انما يعرفه من عرف كيف كثر حمل مراد الله ورسوله على العرف الحادث فوقع الخلل الكثير ولغير ذلك من الفوائد المفيدة والنتائج السديدة والايمان بالرسل اصل عظيم من اصول الايمان. ومبناه على اعتقاد انهم رسل الله حقا وانبياؤه صدقا وان الله عز وجل بعثهم للناس بالهدى والحق مبشرين ومنذرين وانهم ادوا الامانة ونصحوا لاممهم وبلغوا ما امرهم الله بتبليغه على الكمال والتمام وان من اطاعهم فهو من اهل الجنة ومن عصاهم فهو من اهل النار واعتقاد فظلهم ورفعة شأنهم وعلو قدرهم وان الله عز وجل اجتباهم واختارهم وميزهم على الناس وخصهم برسالته وفضلهم على العالمين وجعلهم وسائط بينه وبين خلقه في بلاغ دينه وايدهم سبحانه بالبراهين الدالة على صدقهم وصحتهم ما جاءوا به وانهم اكمل الخلق علما وعملا واصدقهم وابرهم واكملهم اخلاقا واعمالا واعتقاد التفاضل بينهم وان افضل الانبياء الرسل وافضل الرسل اولو العزم منهم وافضل اولي العزم محمد صلى الله عليه وسلم فهو امام المرسلين وخيرهم ومقدمهم صلوات الله وسلامه عليه قال الله تعالى انا اوحينا اليك كما اوحينا الى نوح والنبيين من بعده. واوحينا الى ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط وعيسى وايوب ويونس وهارون وسليمان واتينا داود زبورا ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما رسلا مبشرين ومنذرين لان لا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما وقال تعالى وتلك حجتنا اتيناها ابراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء ان ربك حكيم عليم ووهبنا له اسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داوود وسليمان وايوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى والياس كل من الصالحين واسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين ومن ابائهم وذرياتهم واخوانهم واجتبيناهم وهديناهم الى صراط مستقيم ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده ولو اشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون اولئك الذين اتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فان يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين اولئك الذين هدى الله فبهداه مقتده قل لا اسألكم عليه اجرا ان هو الا ذكرى للعالمين ولما اخبر الله عن كمال الرسل وما اعطاهم من الفضل والخصائص وان دينهم واحد ودعوتهم الى الخير واحدة كان موجب ذلك ومقتضاه ان تجتمع الامم على تصديقهم والانقياد لهم لما اتاهم من البينات التي على مثلها يؤمن البشر لكن اكثر الناس انحرفوا عن الصراط المستقيم ووقع الاختلاف بين الامم فمنهم من امن ومنهم من كفر كما قال تعالى ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الارض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين ومدار بعثتهم من اولهم الى خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم على الدعوة الى التوحيد الخالص والنهي عن الشرك تنوح وغيره اول ما يقولون لقومهم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره ويكررون هذا الاصل بطرق كثيرة ولما كان الانبياء بهذه المثابة وعلى هذه الصفة وغاياتهم واحدة وهدفهم واحد وجب على كل مسلم ان يؤمن بجميع الانبياء دون تفريق بينهم ولهذا صار الكفر بنبي واحد كفرا بجميع الانبياء ومن عادى احدا من رسله فقد عاد الله وعادا جميع رسله. كما قال الله تعالى من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فان الله للكافرين فجميع الانبياء دعوتهم واحدة فمن كذب بواحد منهم فقد كذب بالجميع لانه يكذب الحق الذي جاء به كل واحد منهم قال الله تعالى قولوا امنا بالله وما انزل الينا وما انزل الى ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط وما اوتي موسى وعيسى وما اوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين احد منهم ونحن له مسلمون وقال تعالى امن الرسول بما انزل اليه من ربه والمؤمنون كل امن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين احد من رسله وقالوا سمعنا واطعنا غفرانك ربنا واليك المصير وقد ختم الله النبوات بنبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فلا نبي بعده عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مثلي ومثل الانبياء من قبلي كمثل رجل بنى بنيانا فاحسنه واجمله الا موضع لبنة من زاوية من زواياه فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة قال فانا اللبنة وانا خاتم النبيين. رواه مسلم وعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فضلت على الانبياء بست اعطيت جوامع الكلم ونصرت بالرعب واحلت لي الغنائم وجعلت لي الارض طهورا ومسجدا وارسلت الى الخلق كافة وختم بي النبيون. رواه مسلم وعن جبير بن مطعم رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان لي اسماء انا محمد وانا احمد وانا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وانا الحاسر الذي يحشر الناس على قدمي وانا العاقب الذي ليس بعده احد متفق عليه قال الحافظ ابن كثير رحمه الله والاحاديث في هذا كثيرة فمن رحمة الله تعالى بالعباد ارسال محمد صلى الله عليه وسلم اليهم ثم من تشريفه لهم ختم الانبياء والمرسلين به واكمال الدين الحنيف له وقد اخبر الله تبارك وتعالى في كتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم في السنة المتواترة عنه انه لا نبي بعده ليعلموا ان كل من ادعى هذا المقام بعده فهو كذاب افاك وقوله عليه الصلاة والسلام وانما كان الذي اوتيته وحيا اوحاه الله الي فارجو ان اكون اكثرهم تابعا يوم القيامة فيه فضل القرآن خاتمة الكتب المنزلة والمصدق لما بين يديه من الكتاب والمهيمن عليه وهو اية خالدة الى قيام الساعة وهو كتاب عظم نفعه للبشر وكثر خيره ودامت عوائده ومنافعه قال الحافظ ابن حجر رحمه الله قوله فارجو ان اكون اكثرهم تابعا يوم القيامة رتب هذا الكلام على ما تقدم من معجزة القرآن المستمرة لكثرة فائدته وعموم نفعه لاشتماله على الدعوة والحجة والاخبار بما سيكون فعما نفعه من حضر ومن غاب ومن وجد ومن سيوجد فحسن ترتيب الرجوى المذكورة على ذلك وهذه الرجوة قد تحققت فانه صلى الله عليه وسلم اكثر الانبياء تابعا فعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال عرضت علي الامم فرأيت النبي اهو الرهيط والنبي ومعه الرجل والرجلان والنبي ليس معه احد اذ رفع لي سواد عظيم فظننت انهم امتي. فقيل لي هذا موسى صلى الله عليه وسلم وقومه ولكن انظر الى الافق فنظرت فاذا سواد عظيم فقيل انظر الى الافق الاخر فاذا سواد عظيم فقيل لي هذه امتك ومعهم سبعون الفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب. متفق عليه فجزاه الله عن امة الاسلام خير ما جزى نبيا عن امته ورزقنا حسن اتباعه وحشرنا في زمرته تحت لواءه واوردنا حوضه الذي لا يظمأ من شرب منه واوفر نصيبنا من شفاعته انه جواد كريم. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته