بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في ملأ من اصحابه اذ اقبل رجل يسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورد الملأ فقال يا محمد الا تخبرني ما الايمان قال الايمان ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه واليوم الاخر والبعث بعد الموت والحساب والميزان والجنة والنار والقدر خيره وشره قال فاذا فعلت هذا فقد امنت قال نعم. فقال صدقت قال فعجب اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله لرسول الله صلى الله عليه وسلم صدقت قال يا محمد الا تخبرني ما الاسلام قال الاسلام ان تقيم وجهك لله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة قال فاذا فعلت هذا فقد اسلمت قال نعم قال اخبرني ما الاحسان قال الاحسان ان تخشى الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك قال فاذا فعلت هذا فقد احسنت؟ قال نعم قال صدقت قال يا محمد الا تخبرني متى الساعة قال سبحان الله العظيم ما المسؤول عنها باعلم من السائل؟ استأثر الله بعلم خمس ان الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الارحام الاية وساخبرك بشيء يكون قبلها حين تلد الامة ربتها ويتطاول اهل الشاء في البنيان ثم ولى الرجل فاتبعه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفه طويلا ثم رده عليهم فقال ان هذا جبريل اتاكم يعلمكم دينكم. او يتعاهد دينكم. رواه احمد هذه الرواية لحديث جبريل المشهور وهو حديث عظيم جامع في بيان دين الله عز وجل اصوله وفروعه وهي اكثر تفصيلا في شأن الايمان باليوم الاخر من الرواية المتقدم ذكرها قال الايمان ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه واليوم الاخر والبعث بعد الموت والحساب والميزان والجنة والنار والقدر خيره وشره وروى احمد عن ابي سلام عن مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بخن بخ لخمس ما اثقلهن في الميزان لا اله الا الله والله اكبر وسبحان الله والحمدلله والولد الصالح يتوفى فيحتسبه والداه وقال بخ بخ لخمس من لقي الله مستيقنا بهن دخل الجنة. يؤمن بالله واليوم الاخر وبالجنة والنار والبعث بعد الموت والحساب والايمان باليوم الاخر اصل من اصول الايمان وركن من اركان الدين وسمي بهذا الاسم لتأخره عن الدنيا ويسمى يوم القيامة لان الناس يقومون فيه لرب العالمين ويسمى يوم الحشر لانهم فيه يحشرون ويسمى يوم الحساب لانهم فيه يحاسبون ويسمى يوم المعاد لان الاجساد تعاد فيه ويسمى يوم المصير ويوم المآب وله اسماء كثيرة وكل اسمائه دالة على مسميات وحقائق تتعلق بذلك اليوم كيوم الصاخة ويوم الطامة ويوم التغابن ويوم التناد الى غير ذلك من الاسماء الدالة على حقائق تتعلق بذلك اليوم العظيم روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن ابن عباس رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر يقول انكم ملاقوا الله حفاة عراة غرلا وجاء في الصحيح من حديث ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا قلت يا رسول الله النساء والرجال جميعا ينظر بعضهم الى بعض قال يا عائشة الامر اشد من ان ينظر بعضهم الى بعض ويوم القيامة يوم عظيم فيه اهوال جسام ومواقف عظام سيعاينها العباد ومبدأ ذلك نفخة واحدة يؤمر بها الملك الموكل بالنفخ في الصور فيصعق العباد فلا يبقى لاحد من الناس حياة ثم من بعد هذه النفخة باربعين تكون نفخة اخرى يقوم الناس على اثرها لرب العالمين قال الله تعالى واستمع يوم ينادي المنادي من مكان قريب يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم خروج انا نحن نحيي ونميت والينا المصير يوم تشقق الارض عنهم صراعا ذلك حشر علينا يسير وقال الله عز وجل ونفخ في الصور فاذا هم من الاجداث اي القبور الى ربهم ينسلون قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون ان كانت الا صيحة واحدة فاذا هم جميع لدينا محضرون فاليوم لا تظلم نفس شيئا ولا يعزون الا ما كنتم تعملون وعلى اثر هذه النفخة الثانية يقوم الناس وينشرون من قبورهم للوقوف بين يدي الله عز وجل على ارض بالمحشر يوم تبدل الارض غير الارض والسماوات فيقفون على ارض عفراء لا ارتفاع فيها ولا انخفاض مستوية لا جبال فيها ولا اشجار في يوم كان مقداره خمسين الف سنة فعن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها الا اذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فاحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت اعيدت له في يوم كان مقداره خمسين الف تانا حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله اما الى الجنة واما الى النار وفي تلك الارض ارض المحشر تدنو الشمس من رؤوس الخلائق حتى تكون في دنوها وقربها منهم على مقدار ميل روى مسلم في صحيحه من حديث المقداد بن الاسود رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال تدنى الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل فيكون الناس على قدر اعمالهم في العرق فمنهم من يكون الى كعبيه ومنهم من يكون الى ركبتيه ومنهم من يكون الى حقويه ومنهم من يلجمه العرق الزاما واشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده الى فيه وجاء في حديث خرجه الحاكم وغيره ان الله عز وجل يهون ذلك اليوم على اهل الايمان مع طول مدته وفضاحة امره فيكون لهم كما بين صلاتي الظهر والعصر في خفته ويسره وسهولته وفي القرآن ايات كثيرة تجلي للعباد ذلك اليوم. وتبين لهم اهواله واحواله ليتنبه العباد وليستعدوا لذلك اليوم بل في القرآن سور افردت لبيان ذلك اليوم وايضاح امره كأنه رأي العين روى الامام احمد والترمذي وغيرهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من سره ان ينظر الى يوم القيامة كأنه رأي عين فليقرأ اذا الشمس كورت واذا السماء انفطرت واذا السماء انشقت وهذه السور الثلاث فيها تفصيلات عظيمة لاهوال ذلك اليوم واحواله والقرآن مشتمل في مواضع كثيرة منه على ذكر اليوم الاخر بل لا تكاد تقرأ سورة من القرآن الا وترى فيها ذكرا لذلك اليوم وشيئا من تفاصيله والمبدأ لذلك اليوم نفخة والمآل اما الى الجنة او الى النار ولنتأمل سياقا عظيما في القرآن يجلي هذا المبدأ والمنتهى يقول الله عز وجل في اخر سورة الزمر ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الارض الا من شاء الله ثم نفخ فيه اخرى فاذا هم قيام ينظرون واشرقت الارض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون ووفيت كل نفس ما عملت وهو اعلم بما يفعلون وسيق الذين كفروا الى جهنم زمرا حتى اذا جاءوها فتحت ابوابها وقال لهم خزنتها الم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم ايات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين قيل ادخلوا ابواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين وسيق الذين اتقوا ربهم الى الجنة زمرا حتى اذا جاءوها وفتحت ابوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده واورثنا الارض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم اجر العاملين وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمدلله رب العالمين وفي ذلك اليوم العصيب يطول الوقوف وتدنو الشمس من رؤوس الخلائق فيفزع الناس طالبين من الانبياء ان يشفعوا لهم عند الله بان يبدأ بالجزاء والحساب وكلما اتوا نبيا اعتذر واحالهم الى الاخر الى ان يحيلهم عيسى عليه السلام الى محمد صلى الله عليه وسلم فيقول انا لها ويخر ساجدا تحت عرش الرحمن ويحمد الله بمحامد يعلمه الله اياها في ذلك الوقت ثم يقول الله له ارفع رأسك وسل تعطى واشفع تشفع وحينئذ يجيء الرب جل جلاله للفصل بين العباد كلا اذا دكت الارض دكا دكا وجاء ربك والملك صفا صفا اي صفوفا مطوقين بالعباد وجيء يومئذ بجهنم وجاء في الحديث ان الذي يأتي بها ملائكة يأمرهم الله عز وجل بسحبها الى ارض المحشر يقول عليه الصلاة والسلام كما في صحيح مسلم يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون الف زمام مع كل زمام سبعون الف ملك يجرونها وما احوج المسلم الى التأمل في تفاصيل يوم القيامة الواردة في الكتاب والسنة ليستعد لذلك اليوم وليتزود له بخير زاد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا هذا وان اهل الايمان في ايمانهم باليوم الاخر على درجتين الدرجة الاولى درجة الايمان الجازم. الذي لا شك فيه ولا ريب وهذه الدرجة لا قبول لعمل عامل الا بها فان الدين يقوم على اصول منها الايمان باليوم الاخر ومن كفر بشيء من اصول الايمان او شك فيه بطل عمله وحبط. قال تعالى ومن يكفر بالايمان فقد حبط عمله وهو في الاخرة من الخاسرين وقال الله عز وجل وما منعهم ان تقبل منهم نفقاتهم الا انهم كفروا بالله وبرسوله فالكفر بالله او برسوله او بشيء من اصول الايمان محبط للاعمال كلها واما الدرجة الثانية فهي درجة الايمان الراسخ وهي درجة اهل الايمان الكامل وهم الذين يستحضرون هذا الاصل العظيم في حركاتهم وسكناتهم وفيما يأتون ويذرون فهم في كل اعمالهم مشفقون من يوم البعث ويوم اللقاء ولهذا حسنت اعمالهم وطابت قلوبهم وزكت اخلاقهم وتنافسوا في رفيع الاعمال وطيبها واهل هذا الرسوخ يحظون يوم القيامة بمقام عظيم ومنزلة رفيعة انا كنا قبل في اهلنا مشفقين فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم وقال تعالى فاما من اوتي كتابه بيمينه فيقول هاء مقرأوا كتابية اني ظننت اني ملاق حسابي ومعنى ظننت اي اعتقدت في حياتي الدنيا اني سالقى الحساب وهذا الاستحضار له اثاره الطيبة في سلوك المرء وقد جاء في الحديث ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اذا اراد ان يرقد وضع يده اليمنى تحت خده ثم قال اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك رزقنا الله حسن الاستعداد ليوم المعاد بمنه وكرمه سبحانه وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته