بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الايمان ليخلق في جوف احدكم كما يخلق الثوب فاسألوا الله ان يجدد الايمان في قلوبكم رواه الحاكم لقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم الايمان بانه يخلق كما يخلق الثوب اي يبلى ويضعف ويدخله النقص من جراء ما قد يقع فيه المرء من معاص واثام وما يلقاه في هذه الحياة من ملهيات وصوارف متنوعة تصرفه عن الايمان وفتن عظام تذهب جدة الايمان وحيويته وقوته وتضعف جماله وحسنه وبهائه وها هنا ارشد النبي صلى الله عليه وسلم الى ضرورة تجديد الايمان في القلب بالتوجه الصادق الى الله عز فقال فاسألوا الله ان يجدد الايمان في قلوبكم المقام يتطلب توجها صادقا الى الله سبحانه وسؤالا ملحا ان يزيد الايمان ويقويه وان يجدده في القلب وان يمكنه فيه والله جل وعلا يقول يثبت الله الذين امنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة ولابد من جهاد النفس ومحاسبتها والزامها بالحق واطرها عليه اطرا قال الله تعالى والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين ولابد ايضا من الحذر الشديد من الفتن التي تضعف الايمان بل كثير منها تأتي على الدين من اساسي وتنقضه من اصله والايمان اثمن شيء في الوجود واغلى كنز في هذه الدنيا. ومن افتقده افتقد الحياة الحقيقية فانه لا حياة حقيقية للانسان بلا ايمان ولهذا قال الله عز وجل يا ايها الذين امنوا استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم ولقد كان السلف رحمهم الله من الصحابة ومن بعدهم يعنون بايمانهم عناية كبيرة ويهتمون به اهتماما بالغا والاثار المنقولة عنهم في تفقد الايمان والعمل على تقويته وتجديده كثيرة فهذا الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول لاصحابه هلموا نزدد ايمانا اي نجلس اذكروا الله تبارك وتعالى ونذكر الجنة ونذكر النار ونذكر وعيد الله ووعده ونذكر رجاءه وخوفه فنذكر ذلك كله حتى يزيد ايماننا ويقوى وكان عبدالله بن مسعود رضي الله عنه يقول اجلسوا بنا نزدد ايمانا. وكان يقول في دعائه اللهم زدني ايمانا ويقينا وفقها وكان معاذ بن جبل رضي الله عنه يقول اجلسوا بنا نؤمن ساعة وكان عبدالله بن رواحة رضي الله عنه يأخذ بيد النفر من اصحابه فيقول تعالوا نؤمن ساعة تعالوا فلنذكر الله فنزدد ايمانا بطاعته لعله يذكرنا بمغفرته ويقول ابو الدرداء رضي الله عنه من فقه العبد ان يعلم اموزداد هو ام منتقص ومن فقه العبد ان يعلم نزغات الشيطان انى تأتيه. يريد ان من فقه العبد ان ينظر في امر ايمانه افي زيادة هو ام في نقصان فكثير من الناس ينقص ايمانه ولا ينتبه. وهذا من ضعف الفقه والبصيرة وكان عمير ابن حبيبنا الخطمي رضي الله عنه يقول الايمان يزيد وينقص. فقيل وما زيادته ونقصانه قال اذا ذكرنا الله عز وجل وحمدناه وسبحناه فذلك زيادته واذا غفلنا وضيعنا ونسينا فذلك نقصانه وكان علقمة ابن قيس النخاعي رحمه الله وهو احد كبار التابعين واجلائهم يقول لاصحابه امشوا بنا نزدد ايمانا وسئل عبدالرحمن بن عمرو الاوزاعي رحمه الله عن الايمان ايزيد قال نعم حتى يكون كالجبال. قيل ا فينقص؟ قال نعم حتى لا يبقى منه شيء وسئل الامام احمد رحمه الله عن الايمان يزيد وينقص؟ قال يزيد حتى يبلغ اعلى السماوات السبع وينقصوا حتى يصير الى اسفل السافلين السبع والاثار والنقول عن الصحابة والتابعين والائمة في هذا المعنى كثيرا ومن نظر في سير هؤلاء الصحابة والتابعين والائمة الاجلاء ادرك كيف كانوا يتفقدون ايمانهم ويسعون في زيادته وتقويته ويبتعدون عما يضعفه وينقصه وهكذا الشأن في كل من اتبعهم باحسان قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله فالعبد المؤمن الموفق لا يزال يسعى في امرين احدهما تحقيق الايمان وفروعه والتحقق به علما وعملا حالا والثاني السعي في دفع ما ينافيه ويناقضه او ينقصه من الفتن الظاهرة والباطنة ويداوي ما قصر من الاول وما تجرأ عليه من الثاني بالتوبة النصوح وتدارك الامر قبل فواته وفي هذا تنبيه على اهمية مراعاة الجانبين فيعنى العبد بجانب تجديد الايمان وقوته وزيادته والسعي في تكميله بفعل الطاعات وامتثال اوامر لله جل وعلا ويسعى في دفع الامور التي تضعف الايمان وتنقصه وفي تشبيه النبي صلى الله عليه وسلم الايمان بانه يخلق كما يخلق الثوب تنبيه الى اهمية رعاية الايمان وصيانته كرعاية الثوب بل اشد فاذا كان الثوب الذي يحرص كل على جدته ونظافته يخلق ويصيبه ما يصيبه من الاوساخ فيحتاج الى غسل وتعاهد وعناية فان مقام الايمان اعظم وشأن الدين اكبر وامره اجل ومن كان يعنى بثوبه فلا حرج عليه. لكن ايمانه اولى بالعناية واجدر بالاهتمام وفي قوله ليخلق في جوف احدكم تنبيه الى ان القلب هو الركيزة والاساس. الذي يبنى عليه العمل الظاهر وايمان المرء في جوفه يخلق فقد يكون في بعض الازمنة قويا ثم يصيبه ما يصيبه فيخلق ويضعف ولا سيما اذا توالت عليه الصوارف والفتن والصواد والملهيات فلا بد من تفقد الايمان والعمل على تقويته في القلب ولابد من فزع الى الله ولجوء صادق اليه لان الايمان بيد الله وهبة منه سبحانه يتفضل به على من يشاء قال الله تعالى ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من احد ابدا ولكن الله يزكي من يشاء وقال تعالى ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان الا قليلا وقال عز وجل ولكن الله حبب اليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكره اليكم الكفر والفسوق والعظة الصيانة اولئك هم الراشدون فضلا من الله ونعمة والله عليم حكيم وقد صح في الدعاء المأثور عن نبينا عليه الصلاة والسلام اللهم زينا بزينة الايمان واجعلنا هداة مهتدين ولهذا قال عليه الصلاة والسلام فاسألوا الله ان يجدد الايمان في قلوبكم ثم مع الدعاء يجاهد نفسه فيجاهد نفسه على تكميل ما يكون به حفظ ايمانه وثبات دينه كما قال عليه الصلاة والسلام احرص على ما ينفعك واستعن بالله وهذا التجديد للايمان يكون وظيفة يومية يصاحب المسلم في كل يوم من ايامه فيعمل على التجديد لايمانه يوميا من خلال وسائل ومجالات كثيرة هيأها الله سبحانه وتعالى له جاء اتبيانها في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ومن اهم ما يكون في هذا الباب ان يكون يوميا مرتبطا بالعلم الشرعي لان العلم الشرعي يعد صمام امان لحفظ الايمان وتقويته. ولهذا قال نبينا عليه الصلاة والسلام من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين وقال عليه الصلاة والسلام من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا الى الجنة والعلم نور لصاحبه وظياء له في طريقه وفي سيره فبالعلم يميز المرء بين الهدى والضلال والحق والباطل والنور والظلام وبدون العلم تلتبس عليه الامور وتختلط عليه السبل ولهذا كان نبينا عليه الصلاة والسلام يقول كل يوم اذا اصبح بعد ان يصلي الصبح اللهم اني اسألك علما نافعا ورزقا طيبا وعملا متقبلا ففي كل يوم يسأل الله العلم النافع لانه مطلوب من المرء في كل يوم من ايامه واعظم ما يكون في العلم الشرعي العناية بالقرآن الكريم فان امره عجب في تقوية الايمان وزيادة وتمتينه في القلب قال الله عز وجل واذا ما انزلت سورة فمنهم من يقول ايكم زادته هذه ايمانا فاما الذين امنوا فزادتهم ايمانا وهم يستبشرون وقال عز وجل انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم واذا تليت عليهم اياته زادتهم ايمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون. اولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم وكذا العناية بالسنة النبوية وايضا سير الصحابة الكرام. ومن اتبعهم باحسان فهذا باب عظيم من ابواب تقوية الايمان وايضا كل ما يعين على الصلة بالله والتعظيم لله والاجلال لله ويأتي في مقدمة ذلك حسن المعرفة بالله سبحانه وباسمائه وصفاته وافعاله والتأمل في مخلوقاته الدالة على عظمته وجلاله فان هذا يقوي الايمان في القلب تقوية عظيمة. ومن كان بالله اعرف كان منه اخوف ولعبادته اطلب وعن معصيته ابعد مع العناية ايضا بحفظ الايمان من الامور التي تنقصه وتتسبب في ضعفه ووهائه وربما ايضا ذهابه والمسلم كما انه مطلوب منه ان يعرف اسباب زيادة الايمان وقوته ليعمل بها ويحافظ عليها فانه مطلوب منه في الوقت نفسه ان يعرف اسباب ضعف الايمان ليجتنبها وليكون على حذر منها نسأل الله عز وجل ان يجدد الايمان في قلوبنا وان يزيننا بزينة الايمان وان يجعلنا هداة مهتدين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله الله وبركاته