بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فعن عطاء بن السائب عن ابيه قال صلى بنا عمار بن ياسر صلاة فاوجز فيها فقال له بعض القوم لقد خففت او اوجزت الصلاة فقال اما على ذلك فقد دعوت فيها بدعوات سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قام تبعه رجل من القوم هو أبي غير انه كنا عن نفسه فسأله عن الدعاء ثم جاء فاخبر به القوم اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق احييني ما علمت الحياة خيرا لي وتوفني اذا علمت الوفاة خيرا لي اللهم واسألك خشيتك في الغيب والشهادة واسألك كلمة الحق في الرضا والغضب واسألك القصد في الفقر والغنى واسألك نعيما لا ينفد واسألك قرة عين لا تنقطع واسألك الرضا بعد القضاء واسألك برد العيش بعد الموت واسألك لذة النظر الى وجهك والشوق الى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة اللهم زينا بزينة الايمان واجعلنا هداة مهتدين. رواه النسائي افاد هذا الدعاء العظيم ان الايمان زينة عظيمة وحلية بهية وحلة جميلة من وفق للتحلي بها والتجمل والتزين فقد وفق لاعظم الزينة وسعد في دنياه واخراه اذ هو الزينة الحقيقية والحلية التي لا نظير لها ولا مثيل ومن عري عن هذه الزينة فانه فاقد للجمال وان كان متحليا بابهى الحلل واحسن الثياب ولما ذكر الله سبحانه وتعالى في سورة الاعراف نعمة اللباس وانزاله للناس ليكون لهم زينة وسترا وجمالا قال عز وجل في ذلك السياق الكريم ولباس التقوى ذلك خير اذ ان لباس التقوى وحلية الايمان هو الحلية الحقيقية والزينة التامة الكاملة التي من فقدها فقد الخير والفضيلة وفقد الحسن والجمال فاي جمال يتصور بدون ايمان واي حلاوة وحسن تتصور بدون تقوى الرحمن سبحانه نعم قد تكون هناك مظاهر زائفة وامور يفتن بها الناس ويظنون انهم بها على اكمل زينة واحسن حلية الا ان الفاقد لزينة الايمان وحلاوته يكون فاقدا للزينة الحقيقية والجمال الحقيقي ولقد امتن الله سبحانه وتعالى على اهل الايمان بان اكرمهم بهذه الزينة وجملهم بهذه الحلية واصبحوا لمخالطة الايمان قلوبهم. ولتذوقهم طعمه وحلاوته ولمعرفتهم بقدره ومكانته يحسون بمكانة هذه الزينة ويجدونها في قلوبهم قال الله عز وجل في سورة الحجرات ولكن الله حبب اليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان اولئك هم الراشدون فضلا من الله ونعمة والله عليم حكيم والشاهد قول الله عز وجل وزينه اي الايمان في قلوبكم فاصبح قلب المؤمن الذي من الله سبحانه عليه بذوق هذه الحلاوة وشهودي هذا الطعم والهناءة بهذه اللذة يجد هذه الزينة في قلبه ويحس ان هذه الزينة التي من الله سبحانه وتعالى عليه بها واكرمه بان جعله من اهلها هي الزينة الحقيقية والجمال الحقيقي فلا يغتروا بالمظاهر الزائفة التي تكون لاناس معوقا وصارفا عن تحقيق الايمان وتتميمه وتكميله بل لقد ان الامر ببعض الناس الى ان اصبحوا في البحث عن الزينة الموهومة يخالفون شرع الله ويعصون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويخالفون الفطرة السليمة التي خلقهم الله سبحانه وتعالى عليها وهم في توهمهم الخاطئ يظنون انهم بذلك يحققون الزينة والحلية لانفسهم وانهم يكتسبون بذلك حسنا وجمالا وهيهات ان يكتسب الجمال بعصيان الرحمن وان تنال الحلية بمخالفة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام والحق ان هؤلاء يعيشون اوهاما زائفة وظنونا فاسدة وتحولات في الفطر القويمة والعقول المستقيمة والعاقل يبني حليته وزينته في ضوء ما حد له في شرع الله المطهر وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم كما في الدعاء المتقدم. اللهم زينا بزينة الايمان واجعلنا هداة مهتدين فسأل عليه الصلاة والسلام ربه هذا السؤال العظيم والمطلب الجليل والمقصد النبيل وهو التزين بزينة الايمان والتجمل بجمال التقوى ولباس التقوى ذلك خير وهذا التزين والتجمل بحلية الايمان وزينته يتطلب من العبد الموفق مجاهدة للنفس واستعانة بالرب عز وجل كما قال عليه الصلاة والسلام احرص على ما ينفعك واستعن بالله فيجاهد نفسه على التحقق بحقائق الايمان وشرائع الاسلام ساعيا في تكميل زينة نفسه وتتميم جمالهم الظاهر والباطن بتحقيق ذلك وهو في كل ذلك يطلب من الله مده وعونه سبحانه وزينة الايمان هي زينة تتناول ظاهر العبد وباطنه فهي زينة للقلب بحقائق الايمان واصول الدين واعظم ذلك اصول الايمان التي يقوم عليها دين الله وتقوم عليها هذه الزينة ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وان تؤمن بالقدر خيره وشره وهي اصول واسس يقوم عليها هذا الجمال العظيم. والزينة العظيمة زينة الايمان قال الله تعالى ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من امن بالله واليوم الاخر والملائكة والكتاب والنبيين وقال الله تعالى امن الرسول بما انزل اليه من ربه والمؤمنون كل امن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين احد من رسله وقالوا سمعنا واطعنا غفرانك ربنا واليك المصير وقال الله تعالى يا ايها الذين امنوا امنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي انزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر فقد ضل ضلالا بعيدا فهذه اسس يبنى عليها هذا الجمال العظيم وتقوم عليها شجرة الايمان التي لا ازين منها ولا احسن فقيامها على اصل ثابت منه تتفرع الفروع الجميلة البهية الحسنة فروع الايمان وهي انواع الطاعات وصنوف القربات التي يتقرب بها المسلم لربه عز وجل ثم بعد ذلك تأتي الثمار الجميلة الحسنة البهية التي يجنيها المؤمن تؤتي اكلها كل حين باذن ربها فلا يزال المؤمن يجني من ثمار هذه الشجرة الجميلة البهية في كل وقت وحين في دنياه واخراه من سعادة وراحة قلب وقرة عين وهناءة نفس وسعة رزق وذهاب هم وزوال غم الى غير ذلك من الثمار في هذه الحياة الدنيا وثواب الاخرة خير وابقى واما الظاهر فان تزينه وتجمله بزينة الايمان انما يكون بلزوم فرائض الدين وواجبات الاسلام والشرائع التي امر بها العبد وفي مقدمة ذلك مباني الاسلام الخمسة التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر بني الاسلام على خمس شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان فان هذه الاعمال المباركة والطاعات العظيمة هي في الحقيقة زينة للمسلم وجمال. اضافة الى الى كونها سبب فلاحه وسعادته في دنياه واخراه والصلاة نور لصاحبها وبهاء وحسن وكذلك عموم الطاعات لا يزال العبد يزداد بها حسنا وبهاء بخلاف المعرض عن دين الله سبحانه وتعالى فان الخطيئة والمعصية والبعد عن طاعة الله سبحانه ظلمة في الوجوه ووحشة في الصدور وكذلك النكوص عن شرع الله سبحانه بممارسة البدع المحدثات يسبب هذه الوحشة والظلمة ومن زينة الايمان وحليته زينة اللسان بذكر الله وتلاوة القرآن وتعلم العلم وتعليمه فعن عبدالله بن بسر رضي الله عنه ان رجلا قال يا رسول الله ان شرائع الاسلام قد كثرت علي فاخبرني بشيء اتشبث به قال لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله. رواه الترمذي وعن عثمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال خيركم من تعلم القرآن وعلمه رواه البخاري وعن ابي الدرداء رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم الا انبئكم بخير اعمالكم وازكاها عند مليككم وارفعها في درجاتكم وخير لكم من انفاق الذهب والورق وخير لكم من ان تلقوا عدوكم فتضربوا اعناقهم ويضربوا اعناقكم قالوا بلى يا رسول الله قال ذكر الله تعالى رواه الترمذي وكذلك من الجمال العظيم. عناية المسلم باداب الشريعة واخلاق الاسلام فاذا اكرم الله سبحانه وتعالى عبده بالتحلي بالاداب الفاضلة والاخلاق الكاملة والمعاملات الرفيعة فان كل من يخالطه يحس بهذا الجمال ويلمس هذا الحسن الذي يكسو من كان متحليا متجملا تزينا باخلاق الاسلام الفاضلة وقد اتى نبينا عليه الصلاة والسلام بالاداب الكاملة والاخلاق الرفيعة الفاضلة التي تسمو بصاحبها في عالي الدرجات ورفيع الرتب اضافة الى ما اعده الله سبحانه وتعالى لذوي الاخلاق الرفيعة من اجر عظيم وثواب جزيل حتى ان النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن اكثر ما يدخل الناس الجنة فقال تقوى الله وحسن الخلق وقال عليه الصلاة والسلام انما بعثت لاتمم صالح الاخلاق وقال عليه الصلاة والسلام اقربكم مني مجلسا يوم القيامة احاسنكم اخلاقا والاحاديث في هذا الباب كثيرة ثم ان مما هو داخل في هذه الزينة زينة الايمان وجمال هذا الدين. بعد العبد عن المنكرات وبعده عن المحرمات فان الله سبحانه وتعالى لم يحرم على عباده شيئا الا لما فيه من المضرة عليهم في العاجل والاجل فالمعصية وامالت اليها النفس وتطلعت في بعض الاوقات لفعلها وتشوفت للوقوع فيها هي في الحقيقة هلكة للانسان في دنياه واخراه واذهاب لبهائه وحسنه واذا خطا في المعصية خطوات كان بكل خطوة يخطوها في المعصية يفقد حظا ونصيبا من زينة الايمان وجماله بحسب ذلك وكما ان الايمان هو الزينة الحقيقية فهو الجالب للزينات في الدنيا والاخرة قال الله تعالى من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون وقال تعالى ان الذين امنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بايمانهم تجري من تحتهم الانهار في جنات النعيم دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام واخر دعواهم ان الحمد لله رب العالمين وقال تعالى وجوه يومئذ ناظرة الى ربها ناظرة وقال تعالى تعرف في وجوههم نظرة النعيم يسقون من رحيق مختوم. ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ونسأل الله عز وجل ان يزيننا بزينة الايمان وان يجعلنا هداة مهتدين وان يغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات وان يهدينا اجمعين صراطه المستقيم صراط الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته