بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى على اله وصحبه اجمعين اما بعد فقد تقدم حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ذكر مجيء جبريل عليه السلام الى النبي صلى الله عليه وسلم بسؤالات اراد بها تعليم الناس دينهم ومن هذه السؤالات قوله فاخبرني عن الايمان قال ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وتؤمن بالقدر خيره وشره فجعل النبي صلى الله عليه وسلم الايمان مبنيا على هذه الاصول الستة العظيمة. التي محلها القلب وتعد اساسا متينا وتعد اسسا متينة يقوم عليها صلاحه بل لا صلاح للقلوب الا بها واصل هذه الاصول واعظمها هو الايمان بوحدانية الله في ربوبيته وفي اسمائه وصفاته وفي الوهية فيؤمن العبد بربوبيته سبحانه بان يعتقد اعتقادا جازما لا يخالطه ادنى شك ولا ريب ان الله عز وجل وحده هو الخالق الرازق المنعم المتصرف المدبر لشؤون خلقه كلها ويؤمن باسماء الله وصفاته الواردة في الكتاب والسنة قائلا امنا بالله وبما جاء عن الله على مراد الله وامنا برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله لا يطلب اماما غير الكتاب والسنة. ولا يتخطاهما الى غيرهما ولا يحيد عما جاء فيهما ينطق بما نطق به ويسكت عما سكت عنه. كما قال الامام احمد رحمه الله نصف الله بما وصف به وبما وصفه به نبيه صلى الله عليه وسلم لا نتجاوز القرآن والحديث وكما قال الامام الزهري رحمه الله من الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ وعلينا التسليم فاذا اخبر الله عز وجل عن نفسه باسم او صفة او فعل او غير ذلك امن به وصدق دون تشبيه لله جل وعلا بخلقه. ودون تعطيل او تحريف او تأويل ويفرد الله وحده بجميع انواع العبادة فلا يصرف شيئا منها لغيره سبحانه فكما انه لا خالق غيره فلا معبود حق حقيق بالعبادة سواه قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك امرت وانا اول المسلمين وكلما عظم حظ العبد من هذا الايمان طاب قلبه وصلح ومن اصول الايمان العظيمة الايمان بالملائكة بان يقر ويعتقد بكل ما جاء عنهم في كتاب الله. وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم من اسمائهم واعمالهم واوصافهم واعدادهم ولا يعلم عددهم الا الله سبحانه. وما يعلم لربك الا هو ومما يبين كثرتهم ما جاء في حديث الاسراء. قال صلى الله عليه وسلم رفع لي البيت المعمور فقلت يا جبريل ما هذا قال هذا البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون الف ملك اذا خرجوا منه لم يعودوا فيه اخر ما عليهم وقول النبي صلى الله عليه وسلم اطت السماء وحق لها ان تئط ما فيها موضع اربع اصابع الا وملك واضع جبهته ساجدا لله ومما يبين عظم خلقهم ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال اذن لي ان احدث عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش انما بين شحمة اذنه الى عاتقه مسيرة سبعمائة عام. وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل الى عليه السلام وقد سد الافق وله ستمئة جناح ثم هم مع عظمهم وكبرهم وقوتهم فانهم اذا تكلم الله سبحانه وتعالى بالوحي خروا صعقين قال تعالى حتى اذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم؟ قالوا الحق وهو العلي الكبير فهذا يبين حالهم مع الله وطاعتهم له وانقيادهم لامره وخضوعهم له وانهم لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون ومن اصول الايمان الايمان بالانبياء. عليهم السلام وهم كثيرون منهم من قص الله خبره في القرآن الكريم. ومنهم من لم يقصص خبره ولقد ارسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك وعدد الانبياء الذين ذكرت اسماؤهم في القرآن خمس وعشرون بين رسول ونبي وقد بعث الله في كل امة من الامم رسولا يدعوهم الى عبادة الله وتوحيده قال الله تعالى ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت وجميعهم صادقون مصدوقون بارون صالحون هادون مهتدون نصحاء امناء. قال تعالى بعد ان ذكر طائفة كبيرة من الانبياء والرسل قال ومن ابائهم وذرياتهم واخوانهم واجتبيناهم وهديناهم الى صراط مستقيم وقال تعالى هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون وقد جاءوا بالحق والعدل. قال تعالى لقد ارسلنا رسلنا بالبينات وانزلنا معهم الكتاب والميزان يقوم الناس بالقسط ودعوتهم واحدة. الدعوة الى توحيد الله قال تعالى وما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحي اليه انه لا اله الا انا فاعبدون وقد بلغوا البلاغ المبين. قال تعالى ليعلم ان قد ابلغوا رسالات ربهم واحاط بما لديهم واحصى فكل شيء عددا وافضلهم هو محمد صلى الله عليه وسلم. سيد ولد ادم عليه الصلاة والسلام وشريعته ناسخة لشرائعهم وهي الخاتمة للشرائع السماوية نؤمن به وننقاد لاوامره ونخضع لشرعه وننتهي ان نواهيه ونشهد انه رسول الله حقا وصدقا ارسله بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا وداعيا الى الله باذنه وسراجا منيرا فهدى بنوره من الضلالة وبصر به من العمى وارشد به من الغي وفتح به اعينا عميا واذانا صما وقلوبا غلفا صلوات الله وسلامه عليه ثم الايمان بالكتب بان يؤمن بكل كتاب انزله الله قال الله تعالى وقل امنت بما انزل الله من كتاب وقال تعالى قولوا امنا بالله وما انزل الينا وما انزل الى ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب اسباط وما اوتي موسى وعيسى وما اوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين احد منهم ونحن له مسلمون وقال تعالى يا ايها الذين امنوا امنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي انزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر فقد ضل ضلالا بعيدا فيؤمن بكل كتاب انزله الله اجمالا فيما اجمل وتفصيلا فيما فصل فقد سمى الله تعالى من كتبه التوراة على موسى والانجيل على عيسى والزبور على داوود في قوله تعالى واتينا داود زبرا والقرآن على محمد صلى الله عليه وسلم. وذكر صحف إبراهيم وموسى. ومعنى الايمان بها التصديق بانها كلها منزلة من عند الله عز وجل على رسله عليهم السلام الى عباده بالحق والهدى وانها كلام الله عز وجل تكلم بها حقيقة كما شاء. وعلى الوجه الذي اراد فمنها المسموع منه من وراء حجاب بدون واسطة ومنها ما يسمعه الرسول الملكي ويأمره بتبليغه منه الى الرسول البشري كما قال تعالى وما كان لبشر ان يكلمه الله الا وحيا او من وراء حجاب او يرسل رسولا فيوحي باذنه ما يشاء. انه علي حكيم وقال تعالى وكلم الله موسى تكليما وقال تعالى ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه والتصديق بكل ما فيها من الشرائع وانه كان واجبا على الامم الذين نزلت اليهم تلك الكتب الانقياد لها والحكم بما فيها كما قال تعالى انا انزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين اسلموا للذين هادوا والربانيون والاحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء وانها يصدق بعضها بعضا كما قال تعالى في الانجيل مصدقا لما بين يديه من التوراة وقال في القرآن مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه ثم الايمان بالقرآن العظيم ايمانا خاصا وهو كتاب الله الذي انزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه وهو اخر الكتب المنزلة واجلها واشرفها واكملها وهو الناسخ لما قبله من الكتب كما قال تعالى وانزلنا اليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه اي مهيمنا مؤتمنا وشاهدا على ما قبله من الكتب ومصدقا لها فيصدق ما فيها من الصحيح وينفي ما وقع فيها من تحريف وتبديل وتغيير ويحكم عليها بالنسخ او التقرير ولهذا يخضع له كل متمسك بالكتب المتقدمة ممن لم ينقلب على عقبيه. كما قال تبارك وتعالى الذين اتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون. واذا يتلى عليهم قالوا امنا به انه الحق من ربنا انا اكنا من قبله مسلمين ثم الايمان باليوم الاخر وهو الايمان بكل ما اخبر الله به مما يكون بعد الموت. من حين دخول الانسان قبره والقبر هو اول منازل اخرة الى افتراق الناس الى فريقين فريق في الجنة وفريق في السعير فيؤمن بفتنة القبر وعذابه ونعيمه ونزول الملكين في القبر وسؤال من في القبر عن ربه ودينه ونبيه صلى الله عليه سلم ثم النفخ في الصور والبعث والنسور وحشر الناس ومجيء الله للقضاء ونصب الموازين ونشر الدواوين فاخذ كتابه بيمينه واخذ كتابه بشماله وتطاير الصحف والصراط الذي ينصب على متن جهنم وبجهنم وما فيها من صنوف العذاب وبالجنة وما فيها من نعيم مقيم وان الجنة والنار باقيتان لا تفنيان ورؤية المؤمنين ربهم سبحانه في الجنة. وهذا اكمل النعيم واعلاه ثم الايمان بالقدر بان يؤمن العبد بان الله سبق في علمه وجود الكائنات وما يعمله العباد من خير وشر وكتب كل ذلك في اللوح المحفوظ وان وجود اي شيء من ذلك انما يكون بمشيئته وانه سبحانه الخالق لكل شيء وعليه فالايمان بالقدر لا يكون الا بالاتيان بمراتب القدر وهي اربع مراتب المرتبة الاولى الايمان بعلم الله الازلي وانه احاط بكل شيء علما وانه علم ما كان وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون والمرتبة الثانية الايمان بالكتابة. وان كل شيء كتب في اللوح المحفوظ. قال الله تعالى الم تعلم ان الله يعلم ما في السماء والارض ان ذلك في كتاب ان ذلك على الله يسير وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب الله مقادير الخلائق قبل ان يخلق السماوات والارض بخمسين الف سنة وعرشه على الماء رواه مسلم وعن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان اول ما خلق الله القلم قال له اكتب فجرى بتلك الساعة ما هو كائن الى يوم القيامة رواه احمد والترمذي المرتبة الثالثة الايمان بالمشيئة وان ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. قال الله تعالى وما تشاؤون الا ان يشاء الله رب العالمين المرتبة الرابعة الايمان بالايجاد والخلق. وان الموجد والخالق للاشياء كلها هو الله تعالى كما قال تعالى الحمد لله رب العالمين وقال تعالى الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل وقال تعالى والله خلقكم وما تعملون فهذه اصول الايمان التي جاءت في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وعليها قيام دين الله وتفاصيل هذه الاصول مبينة في الكتاب والسنة فاذا ترسخت في القلب عظم صلاحه وطاب وزكى وهي غذاء القلوب وقوتها وصلاحها وقوامها والله المسئول والمرجو وحده ان يزيننا بزينة الايمان وان يجعلنا هداة مهتدين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته