بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فعن سبرة ابن ابي فاكه رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الشيطان قعد لابن ادم باطرقه فقعد له بطريق الاسلام فقال تسلم وتذر دينك ودين ابائك واباء ابائك فعصاه فاسلم ثم قعد له بطريق الهجرة فقال تهاجر وتذر ارضك وسماءك وانما مثل المهاجر كمثل الفرس في الطوال فعصاه فهاجر ثم قعد له بطريق الجهاد فقال تجاهد فهو جهد النفس والمال فتقاتل فتقتل فتنكح المرأة ويقسم المال فعصاه فجاهد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن فعل ذلك كان حقا على الله ان يدخله الجنة ومن قتل كان حقا على الله ان يدخله الجنة قال وان غرق كان حقا على الله ان يدخله الجنة او وقصته دابته كان حقا على الله ان يدخله الجنة. رواه احمد والنسائي في هذا الحديث بيان لخطورة الشيطان البالغة على قلب المسلم وانه احرص ما يكون على العبد عندما يهم قلبه بالخير او يدخل فيه فهو يشتد عليه حينئذ ليقطعه عنه وكلما كان الفعل انفع للعبد واحب الى الله كان اعتراض الشيطان له اشد وهذه العداوة من الشيطان لابن ادم قديما اذ لما سأله الله عن امتناعه عن السجود لادم احتج بانه خير منه فاخرجه الله من الجنة فسأل الله ان ينظره فانظره ثم قال عدو الله قال فبما اغويتني لاقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لاتينهم من بين ايديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم ولا تجد اكثرهم شاكرين ولهذه الاية نظائر في بيان شدة تسلط الشيطان على قلب ابن ادم لصده عن الخير وايقاعه في الشر قال الله تعالى وقال لاتخذن من عبادك نصيبا مفروضا ولاضلنهم ولامنينهم ولامرنهم فليبتكن اذان الانعام ولامرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان الا غرورا وقال تعالى واستفزز من استطعت منهم بصوتك واجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الاموال والاولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان الا غرورا وقال تعالى وقيدنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين ايديهم وما خلفهم وحق عليهم القول في امم قد خلت من قبلهم من الجن والانس انهم كانوا خاسرين ولقد انذر الله جل في علاه عباده من اتباع خطوات الشيطان في اربعة مواضع من القرآن الكريم موضعين في سورة البقرة وموضعا في سورة الانعام وموضع في سورة النور قال الله تعالى يا ايها الناس كلوا مما في الارض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين وقال الله تعالى يا ايها الذين امنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين وقال الله تعالى ومن الانعام حمولة وفرشا كلوا مما رزقكم الله ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين وقال الله تعالى يا ايها الذين امنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فانه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من احد ابدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم وخطوات الشيطان هي نزغاته وسمومه التي ينفثها في القلوب وما يدعو اليه من كفر او بدعة او معصية لله وكل عاص لله ايا كانت معصيته فهو متبع لخطوات الشيطان والناس في ذلك متفاوتون بين مقل ومستكثر والشيطان عدو للانسان وهو حريص اشد الحرص باذل كل الجهد والوسع في اغواء الانسان وصده عن طاعة الرحمن وهو قاعد لابن ادم في كل طريق صدا واغواء وصرفا عن طاعة الله تبارك وتعالى روى الحاكم في المستدرك وابن حبان في صحيحه عن ابي موسى الاشعري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا اصبح ابليس بث جنوده فيقول من اضل اليوم مسلما البسته التاج فيخرج هذا فيقول لم ازل به حتى طلق امرأته فيقول اوشك ان يتزوج ويجيء هذا فيقول لم ازل به حتى عق والديه فيقول اوشك ان يبر ويجيء هذا فيقول لم ازل به حتى اشرك فيقول انت انت ويجيء هذا فيقول لم ازل به حتى زنا فيقول انت انت ويجيء هذا فيقول لم ازل به حتى قتل. فيقول انت انت ويلبسه التاج فهذه منافسة يجريها الشيطان كل يوم اذا اصبح بين جنوده وشياطينه واعوانه لاغواء الانسان وصده وابعاده عن طاعة الرحمن وايقاعه في شرك الذنوب ووحل المعاصي. بل ونقله الى الاشراك بالله والكفر به سبحانه ثم ان الشيطان ينصب في طريق الانسان عقبات يريد ان يوقعه فيها مهتما باعظمها عنده ثم التي تليها واولى تلك العقبات عنده الاشراك بالله والكفر به سبحانه والسخرية من دينه وتكذيب انبيائه ورسله والخروج من طاعته جل في علاه فان لم يتمكن من ايقاعه في هذه العقبة نقله الى عقبة البدع اما البدع الاعتقادية بان يعتقد ما لم يشرعه الله او البدع العملية بان يتقرب الى الله بما لم يأذن به فان لم يتمكن من ذلك نقله الى الكبائر وعظائم الذنوب وزينها في عينه حتى يقع فيها ويكون من اهلها فان لم يتمكن نقله الى الصغائر وهكذا عدو الله يتدرج بالانسان تنقلا بين هذه العقبات اغواء وصدا للانسان عن طاعة الله عز جل وللشيطان مدخلان على الانسان مدخل الشهوة ومدخل الشبهة ولا يبالي عدو الله باي الامرين ظفر فان رأى في الانسان تدينا وطاعة دخل عليه من مدخل الشبهات حتى يوقعه في الغلو في الدين وممارسة البدع التي ما انزل الله بها من سلطان وان وجد في الانسان تفلتا زين له الشهوات حتى يوقعه في حمأتها والواجب على العبد المؤمن ان يكون يقظا عارفا بهذا العدو مستعيذا بالله منه. اخذا باسباب النجاة مجاهدا نفسه على الفكاك والخلاص ومن يعتصم بالله فقد هدي الى صراط مستقيم ومن يجاهد نفسه في طاعة الله والبعد عن الشيطان الرجيم ووساوسه يهديه الله عز وجل ويكفيه وقد اخبر الله جل وعلا ان الشيطان ليس له سلطان على عبد الله المؤمن المعتصم بالله سبحانه قال الله تعالى ان عبادي ليس لك عليهم سلطان الا من اتبعك من الغاوين وقال تعالى ان عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا وان من اهم ما ينبغي للمسلم ان يعنى به في هذا المقام العناية بالحروز الواقية له من الشيطان واهمها واعظمها عشرة حروز الحرز الاول التعوذ بالله منه والتعود اعتصام بالله والتجاء اليه سبحانه وتعالى واعظم شر يتعوذ بالله منه شر الشيطان قال الله تعالى واما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله انه هو السميع العليم الثاني قراءة المعوذتين. قل اعوذ برب الفلق وقل اعوذ برب الناس وقد صح في الحديث عن نبينا صلى الله عليه وسلم انه قال ما تعوذ متعوذ بمثلهما وكان عليه الصلاة والسلام يتعوذ بهما كل ليلة اذا اوى الى فراشه وصح عنه صلى الله عليه وسلم انه من قرأهما مع سورة الاخلاص ثلاث مرات في الصباح وثلاث مرات في المساء كفي من كل شر الثالث قراءة اية الكرسي عندما يأوي المرء الى فراشه لينام فانها عظيمة الشأن في الوقاية من الشيطان وطرده وابعاده من المكان فقد ثبت في الصحيح عن نبينا صلى الله عليه وسلم ما يدل على ان من قرأهما اذا اوى الى فراشه لم يزل عليه من الله حافظا ولا يقربه شيطان حتى يصبح الرابع قراءة سورة البقرة بتمامها فان لها شأنا عجيبا عظيما للغاية في طرد الشياطين من البيوت ففي صحيح مسلم عن نبينا صلى الله عليه وسلم انه قال لا تجعلوا بيوتكم مقابر ان الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة الخامس قراءة الايتين العظيمتين من خاتمة سورة البقرة. ففي الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من قرأ بالايتين من اخر سورة البقرة في ليلة كفتاه اي من كل شر وسوء ومن شر الشيطان وشركه السادس قول لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير فان هذه الكلمة العظيمة كلمة التوحيد من اعظم ما يتحرز به من الشيطان ويتقى به شره ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال من قال لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مئة حسنة ومحيت عنه مئة سيئة وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي السابع ان يقول المرء حين تسلط الشياطين عليه في منامه اعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وان يحضرون ففي الترمذي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا فزع احدكم في النوم فليقل اعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه وشر عباده ومنها مزات الشياطين وان يحضرون فانها لن تضره الثامن البسملة ان يقول المرء بسم الله في دخوله لمنزله وفي تناوله لطعامه وغير ذلك من احواله فان لها في ذلك حفظا عظيما من الشيطان عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول اذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان لا مبيت لكم ولا عشاء واذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله قال الشيطان ادركتم المبيت. واذا لم يذكر الله عند طعامه قال ادركت ثم المبيت والعشاء التاسع ان يحذر المرء من فضول النظر وفضول الطعام وفضول الكلام وفضول المخالطة فان هذه الاربعة مداخل عظيمة للشيطان على الانسان فيتحرز من الشيطان باتقاء الفضول في هذه الاشياء حفظا للنفس ورعاية لها واتقاء للشيطان العاشر كثرة ذكر الله سبحانه في مختلف الاوقات فان المكثرين من ذكره جل في علاه ليس للشيطان عليهم طريق وقد جاء في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر ان يحيى ابن زكريا عليهما السلام اوصى قومه بذكر الله قال وامركم ان تذكروا الله فان مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في اثره سراعا حتى اذا اتى على حصن حصين فاحرز نفسه منهم كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان الا بذكر الله ونسأل الله سبحانه ان يعيذنا وذرياتنا من الشيطان الرجيم. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه به اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته