بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فعن البراء بن عازب رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان اوثق عرى الايمان ان تحب في الله وتبغض في الله رواه احمد وعن ابي امامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال من احب لله وابغض لله واعطى لله ومنع لله فقد استكمل الايمان رواه ابو داوود ان من اعمال القلوب الجليلة محبة اولياء الله والصالحين من عباد الله وتجنب بغضهم ومعاداتهم فهي من عظيم القرب التي يتقرب بها المسلم الى الله عز وجل وهي اوثق عرى الايمان وهي مما يستكمل به الايمان ومن الدعاء المأثور عن نبينا صلى الله عليه وسلم واسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربني الى حبك فينبغي ان تتخذ محبتهم دينا وقربة يتقرب بها الى الله سبحانه لما لهم من عظيم المكانة ورفيع المنزلة ولما حباهم الله عز وجل به من حسن التقرب اليه جل وعلا واذا كانت محبتهم دينا وقربة فان معاداتهم اثم وباب شر على المرء في دنياه واخراه روى البخاري عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله قال من عادى لي وليا فقد اذنته بالحرب وما تقرب الي عبدي بشيء احب الي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وان سألني لاعطينه ولئن استعاذني لاعيذنه. وما ترددت عن شيء انا فاعله ترددي عن المؤمن يكره الموت وانا اكره مساءته ولما ذكر الله في سورة الحشر الصحبة الكرام واثنى عليهم الثناء العظيم اتبع ذلك بقوله سبحانه والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان. ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا انك رؤوف رحيم فوصفهم بسلامة القلب وسلامة اللسان بالا يكون في القلب تجاههم غل او حقد او حسد او ضغينة والا يكون في اللسان تجاههم سب او شتم او لعن او وقيعة بل الالسنة مصونة والقلوب نقية لا غل فيها ولا حقد ولا حسد وهذا هو الواجب على عبد الله المؤمن تجاه عباد الله المؤمنين ومحبة اولياء الله يتطلب من المسلم ان يكون على معرفة بصفات اولياء الله في ضوء كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لئلا يلتبس عليه الامر فيعد في اولياء الله من ليس منهم او يجعل من هم من اولياء الله ليسوا من اوليائه وهذا يقع من المرء اذا قلت بصيرته بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وقد قال الله جل في علاه الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون وكأنه قيل من هم يا الله اولياؤك فقال جل وعلا الذين امنوا وكانوا يتقون اي ان الاولياء هم اهل الايمان والتقوى فمن كان مؤمنا تقيا كان لله وليا فالولاية ايمان بالله وبكل ما امر جل وعلا عباده بالايمان به وعمل بطاعة الله وبعد عما نهى الله سبحانه وتعالى عنه وفي الحديث القدسي المتقدم ذكره قال الله تعالى من عادى لي وليا فقد اذنته بالحرب وكأنه قيل من هم اولياؤك الذين من عاداهم اذنته بالحرب فقال وما تقرب الي عبدي بشيء احب الي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وان سألني لاعطينه ولئن استعاذني لاعيذنه وقد حصر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الذي يعرف عند اهل العلم بحديث الاولياء صفات الاولياء في صفتين الاولى التقرب لله بالفرائض فانه ما تقرب متقرب الى الله بمثل ما افترض الله على عباده والثانية العناية بالنوافل والرغائب والمستحبات استكثارا منها وتنافسا في الاتيان بها فان العبد كلما زاد حظه من ذلك زاد حظا ونصيبا من مقام الولاية الرفيع ومنزلتها العلية فمن حافظ على فرائض الاسلام وواجبات الدين وتجنب المنهيات والمحرمات وعظائم الذنوب وابتعد عنها افهو من اولياء الله وقد جاء في صحيح مسلم ان النعمان بن قوقل رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال يا رسول الله ارأيت اذا صليت المكتوبة وحرمت الحرام واحللت الحلال. اادخل الجنة؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم نعم قال رضي الله عنه والله لا ازيد على ذلك شيئا وهذه الرتبة في الولاية يسميها اهل العلم رتبة المقتصدين كما قال الله سبحانه فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات واعلم من هذه الرتبة وارفع ان يعنى بعد عنايته بالفرائض وبعده عن المحرمات بالرغائب والنوافل والمستحبات لتعلو درجته عند الله عز وجل ولهذا قال وما يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ان اهل الجنة يتراءون اهل الغرف من فوقهم كما يتراءون الكوكب الدري الغابر في الافق من المشرق او المغرب لتفاضل ما بينهم فالجنة درجات ورتب ومنازل. ولكل درجات مما عملوا فكلما ازداد العبد تقربا الى الله عز وجل بالنوافل والرغائب والمستحبات علت منزلته عند الله وبهذا يعلم ان الولاية ليست رسوما مفتعلة او طقوسا مدعاة او زين ولباسا معينا او نحو ذلك من المسالك التي تفعل زعما ممن يفعلها ان هذا طريق الولاية وبابها طالبا للمكانة عند الناس والتعظيما للنفس بل هي امر بين العبد وبين ربه ولهذا اولياء الله الصادقون لا يقول الواحد منهم انا من اولياء الله بل قال عبدالله ابن ابي مليكة وهو من علماء التابعين رحمه الله ادركت اكثر من ثلاثين صحابيا كلهم يخاف النفاق على نفسه ولهذا يقول الحسن البصري رحمه الله ان المؤمن جمع احسانا وشفقة وان المنافق جمع اساءة وامنا قال الله تعالى والذين يؤتون ما اتوا وقلوبهم وجلة انهم الى ربهم راجعون روى الامام احمد ان ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت سألت النبي عليه الصلاة والسلام عن هذه الاية قلت يا رسول الله اهو الرجل يزني ويسرق ويخاف ان يعذب قال لا يا ابنة الصديق ولكنه الرجل يصوم ويصلي ويتصدق ويخاف الا يقبل منه ولهذا مضت سنة المسلمين من زمن الصحابة الى يومنا هذا عقب فريضة الصيام وعقب فريضة الحج في عيد الفطر وعيد الاضحى اذا لقي بعضهم بعضا يقولون تقبل الله من منا ومنكم فما منهم من يدعي ان اعماله متقبلة ولا يزكي الانسان نفسه مهما اجتهد في العمل والله سبحانه يقول فلا تزكوا انفسكم هو اعلم بمن اتقى ولهذا ينبغي للمسلم ان يميز في هذا الباب بين اولياء الرحمن وغيرهم بمعرفة صفات اولياء الله وقد ذكر الله جل وعلا في مواطن عديدة من كتابه العظيم اوصاف اوليائه المتقين ذكرها سبحانه في مقام التعلية لشأنهم وبيان رفيع مكانتهم وعلو منزلتهم. وعظم ما لهم عند الله من جميل الثواب وطيب المآب من ذلكم ما جاء في اوائل سورة البقرة وفي وسطها اية البر وفي اوائل سورة الانفال واوائل سورة المؤمنون وفي وسط سورة المعارج واواخر سورة الفرقان. وفي وسط سورة المعارج وغيرها من اي الذكر الحكيم وفي وقوف المؤمن على صفات اولياء الله وما اعد الله لهم من الثواب العظيم فوائد عظيمة اهمها فائدتان الاولى ان يجاهد المؤمن نفسه على ان يتحلى بتلك الصفات وان يتصف بتلك النعوت ليفوز بعالي المقامات ورفيع الدرجات وعظيم الثواب والثانية ان يكون محبا مواليا لمن يرى انه متصف بصفات الاولياء فلا يكون معاديا لهم ولا مبغضا لهم فمن عادى اولياء الله فقد اذنه الله تبارك وتعالى بالحرب قال ابن القيم رحمه الله فان اشتبه عليك اي معرفة الولي فاكشفه في ثلاثة مواطن في صلاته ومحبته للسنة واهلها ودعوته الى الله ورسله وتجريد التوحيد والمتابعة وتحكيم السنة فزنه بذلك لا تزنه بحال ولا كشف ولا خارق ولو مشى على الماء وطار في الهواء الميزان الاول الصلاة هل هو من اهل المسجد المحافظين على الصلاة المعظمين لها المعتنين بها المواظبين عليها المؤدين لها جماعة في بيوت اذن الله ان ترفع يذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والاصال. رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله واقام الصلاة فهذا مقياس وميزان يومي فاذا كان الشخص محافظا على هذه الصلاة خمس مرات في اليوم والليلة يؤديها في بيوت الله معظما لها فهذا من امارات الخير وعلاماته ودلائله وشواهده وبراهينه الثاني محبة السنة واهلها فاذا كان يحب السنة النبوية ويعظمها ويحب اهلها المحافظين عليها فهذا من علامات الخير ودلائلنا الثالث دعوته الى الله ورسله وتجريد التوحيد والمتابعة فالولي حقا لا يدعو لنفسه ليعظم. وانما يدعو لدين الله. قال الله سبحانه قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني ان الولاية سلم مبارك ومرتقى عظيم سبيله ميسرة وطريقه مهيئة للسالكين تحتاج من العبد الى امرين ان وفقا لتحقيقهما نال الولاية وفاز بها الاول الدعاء والاستعانة بالله جل وعلا فان الامر بيد الله وهو جل وعلا الهادي الى صراطه المستقيم يهدي من يشاء ويزكي من يشاء ويهب من يشاء. والفضل كله بيد الله يؤتيه من يشاء. والله ذو الفضل عظيم والثاني ان يجاهد نفسه على التحلي بصفاتهم والتشبه بهم والاتصاف بنعوتهم بمجاهدة للنفس ومداومة على العمل عاملا بقول الله سبحانه والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين ثمان تبصر المؤمن بهذه الحقائق الايمانية ومعرفته بها يجعل من نفسه نفسا متحركة تواقة ترجو عالي الرتب ورفيع المنازل والمرجو من ربنا جل شأنه الذي بيده ازمة الامور والتوفيق بيده لا شريك له ان يأخذ بنواصينا جميعا الى الخير وان يصلح لنا شأننا كله وان يجعلنا من اوليائه المتقين وحزبه المقربين وان يهدينا اليه صراطا مستقيما. والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته