بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فعن طلحة ابن مصرف قال سألت عبدالله ابن ابي اوفى رضي الله عنه هل اوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال لا قلت فلما كتب على المسلمين الوصية او فلما امروا بالوصية قال اوصى بكتاب الله عز وجل متفق عليه افاد هذا الحديث العظيم ان القرآن الكريم هو وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لامته ان يعظموا هذا القرآن وان يقدروا له قدره ويعرف له مكانته ويعنوا بحفظه حسا ومعنى فيكرم ويصان وتتبع اوامره وتجتنب نواهيه ويداوم على تلاوته وتعلمه وتعليمه وان يدركوا ان هذا القرآن نعمة عظمى وعطية كبرى وهبة جليلة من الله سبحانه من الله بها على امة الاسلام والله حمد نفسه على انزال هذا القرآن والمن به على العباد وتمدح الى عباده بهذه النعمة العظيمة والمنة الجسيمة وذكر جل شأنه عظم مقام هذه النعمة ورفعة شأنها في مواضع عديدة من القرآن الكريم قال الله تعالى الحمد لله الذي انزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ان لهم اجرا حسنا وقال تعالى تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا وقال جل وعلا وانه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الامين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين وقال تعالى ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ان لهم اجرا كبيرا وان الذين لا يؤمنون بالاخرة اعتدنا لهم عذابا اليما وقال تعالى وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين الا خسارا وقال تعالى قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات الى النور باذنه ويهديهم الى صراط مستقيم فالقرآن شرف امة الاسلام ومفخرتها العظمى ومنقبتها الخالدة وانه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون اي شرف لكم وعز ومفخرة ورفعة ومنة عظيمة ومنقبة خالدة من الله تبارك وتعالى عليكم بها وعنها تسألون يوم القيامة اي ان الله جل وعلا سائلكم عن هذا القرآن كيف انتم مع هذا القرآن هل عظمتموه حق تعظيمه وقدرتم له قدره وعرفتم له مكانته وتلوتموه كما ينبغي علما وعملا ام ان حظكم منه هجرا وصدودا واعراضا وتنكبا نعم عن هذا القرآن يسأل الله تبارك وتعالى الناس يوم القيامة عن شأنهم مع هذا الكتاب العظيم فيا ويل من كان حظ القرآن منه الهجر والصدود والاعراض وقال الرسول يا ربي ان قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا ويا ويل من اعرض عن القرآن عن تلاوته وعن فهمه والعمل به كذلك نقص عليك من انباء ما قد سبق وقد اتيناك من لدنا ذكرا من اعرض عنه فانه يحمل يوم القيامة وزرا خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا ويا ويل ثم يا ويل من يكون شأنه مع القرآن استخفافا واستهزاء وسخرية وتهكما قال الله تعالى قل ابالله واياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا. قد كفرتم بعد ايمانكم ويا ويحاء من يلحد في ايات الله ويميل بها عن مقاصدها العظيمة وغاياتها الجليلة واهدافها النبيلة ان الذين يلحدون في اياتنا لا يخفون علينا افمن يلقى في النار خير ام من يأتي امنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم انه بما تعملون بصير ان الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وانه لكتاب عزيز. لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد وعندما لا يعي الناس قدر القرآن ومكانته العظمى ومنزلته العلية وانه مفخرة امة الاسلام وعزها ورفعتها يظهر في اوساطهم صنوفا من الاستهانة بالقرآن وعدم التعظيم لمقامه وعدم انزاله منزلته اللائقة به وعدوا هذه الصور يطول بها المقام لكن علينا ان نعظم كتاب ربنا وان نعي انه عزنا وشرفنا وان اضاعتنا لهذا القرآن وعدم تعظيمنا له ظياع لنا في الدنيا والاخرة نحن قوم اعزنا الله بالقرآن ورفع شأننا بالقرآن واعلى مقامنا بالقرآن فمتى ظيعنا القرآن ظعنا ان الله تبارك وتعالى انزل هذا القرآن ليعمل به وليكون منهج حياة للمسلمين يهتدون بهداياته ويستضيئون باضاءاته ويعملون بمحكمه ويؤمنون بمتشابهه ويحلون حلاله ويحرمون حرامه ويصدقون اخباره ومتى كان المسلمون كذلك مع القرآن كانوا في عز ورفعة وسمو وعلو في الدنيا والاخرة لنحاسب انفسنا كيف نحن مع هذا الكتاب العظيم كلام الله الذي لا يقادر قدره ولا تدرك عظمته ومكانته وعلو شأنه كيف نحن مع هذا القرآن هل عظمناه حق تعظيمه؟ وعرفنا له مكانته هل عرفنا ان فضله على غيره من الكلام كفضل الله تبارك وتعالى على خلقه هل علمنا وتيقنا انه سبب عزنا وسبيل هدايتنا ورفعتنا في الدنيا والاخرة هل اعتنينا بتنشئة ابنائنا وتربيتهم على تعظيم القرآن والحفاوة به والعناية به تلاوة وفهما عمل يا امة القرآن يجب علينا ان نعظم هذا الكتاب وان نعرف له مكانته وقدره وان تعمر قلوبنا بتعظيمه وهذه وقفة تذكير في بيان بعض الجوانب من تعظيم القرآن ان من تعظيم القرآن ان نستشعر عظمة من تكلم به جل في علاه وان هذا القرآن هو كلام رب العالمين وخالق الخلق اجمعين قال الله تعالى تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين وقال تعالى وانه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الامين فلنستشعر هذه العظمة للقرآن الكريم باستشعار عظمتي وجلالي وكمال من تكلم به وانزله جل وعز وان من التعظيم للقرآن ان نعتقد انه اعظم الكلام وافظله واجله على الاطلاق لا كان ولا يكون في الكلام مثله ولا قريبا منه والفرق بين كلام الله وكلام خلقه كالفرق بينه وبين خلقه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير وكذلك ليس كمثل كلامه كلام قال ابو عبدالرحمن السلمي رحمه الله فضل القرآن على سائر الكلام بفضل الله على خلقه وان من تعظيم القرآن ان نعمر قلوبنا بمحبة القرآن فان محبته من محبة من تكلم به جل شأنه قال عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه من اراد ان يعلم انه يحب الله فليعرض نفسه على القرآن فان احب القرآن فانه يحب الله فانما القرآن كلام الله عز وجل وان من التعظيم للقرآن ان نعتقد كمال القرآن وانه لا نقص فيه بوجه من الوجوه. وانه سالم من من الاضطراب او التعارض او التناقض قال الله عز وجل ذلك الكتاب لا ريب فيه. هدى للمتقين وقال عز وجل ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا وقال سبحانه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد وان من التعظيم للقرآن ان نتلقاه كله بالقبول. والا يرد شيء منه فان من رد شيئا من القرآن فانما يرد على من تكلم به جل في علاه قال عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه القرآن كلام الله فمن رد شيئا من القرآن فانما يرد على الله عز وجل وان من التعظيم للقرآن ان يحذر اشد الحذر من الاستهزاء بشيء من اياته او الانتقاص لشيء من مضامينه فان هذا كفر بالله جل في علاه قال الله عز وجل قل ابالله واياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم وان من التعظيم للقرآن ان نعتقد شموله ووفاءه بجميع المطالب وانه اشتمل على بيان كل ما يحتاج اليه العباد من مصالحهم الدينية والاخروية قال الله تعالى ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء فهو كتاب قد استوفى جميع حاجات العباد ومطالبهم. ففيه اكمل العقائد واعظم الاداب واكمل والعبادات قد استوفى جميع الحاجات والمطالب وان من التعظيم للقرآن ان ننتصر للقرآن. وان نكون انصارا للقرآن ذابين عنه مدافعين عن حماه كل بحسب ما اتاه الله عز وجل من قدرة وبيان وانه نزل من عند الله بالحق والهدى لا شك فيه ولا مرية ولا ريب. كما قال الله تعالى تلك ايات كتاب والذي انزل اليك من ربك الحق ولكن اكثر الناس لا يؤمنون وان من التعظيم للقرآن ان نحذر اشد الحذر من الهجر للقرآن قال الله تعالى وقال الرسول يا رب ان قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا وقد بين العلماء ان الهجر للقرآن يكون بالهجر للتلاوة ويكون بالهجر للتدبر والتأمل ويكون بالهجر للعمل بالقرآن وان من التعظيم للقرآن ان نجاهد انفسنا على تلاوة هذا الكتاب جهدنا حق التلاوة قال الله عز وجل الذين اتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته اولئك يؤمنون به ومعنى يتلونه حق تلاوته كما بين العلماء اي بالجمع بين القراءة وحسن الفهم للمعاني والعمل بدلالات القرآن وهداياته وان من التعظيم للقرآن الرضا بحكمه والخضوع لما جاء به وعدم معارضته بكلام البشر لا في قليل ولا كثير قال الله تعالى وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا وان من التعظيم للقرآن ان يقصد تاليه وحافظه بذلك وجه الله لا الرياء والسمعة والشهرة فان اول من تسعر بهم النار يوم القيامة رجل قرأ القرآن ليقال هو قارئ ولا ليتأكل به كمن يقرأ القرآن في الطرقات وفي الاسواق من اجل ذلك ففي الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قرأ القرآن فليسأل الله به فانه سيجيء اقوام يقرأون القرآن يسألون به الناس وان من التعظيم للقرآن الا يعرض لعدو يمتهنه او زنديق ينال منه ففي صحيح مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه كان ينهى ان يسافر بالقرآن الى ارض العدو مخافة ان يناله العدو وان من التعظيم للقرآن الا يقرأه المرء وهو جنب والا يمس القرآن الا طاهر. لعموم قول الله تعالى لا يمسه الا المطهرون ولقول النبي صلى الله عليه وسلم في كتابه لعمرو بن حزم لا يمس القرآن الا طاهر وان من التعظيم للقرآن الا يعرض القرآن لشيء من الامتهان فلا تمد الارجل اليه ولا يتكأ عليه ولا يتوسد ولا يلقى في الارض ويطرح ونحو ذلك فان من التعظيم للقرآن ان يتجنب المرء ذلك كله. وان يحذر من ذلك اشد الحذر وان من التعظيم للقرآن ان يحرص تاليه على نقاء فمه وطهارته وهو يقرأ كلام الله روى ابن ماجة عن علي رضي الله عنه قال ان افواهكم طرق للقرآن فطيبوها بالسواك نسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لتعظيم القرآن والعمل به وان يجعلنا اجمعين بمنه وفضله وجوده وكرمه من اهل القرآن الذين هم اهل الله وخاصته وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته