السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا يشكر الله من لا يشكر الناس فابدأ هذا اللقاء بالشكر اخي الفاضل الشيخ خالد ابن عثمان السبت حفظه الله وبارك في جهوده على كريم الرغبة في هذا اللقاء هؤلاء هذا الموضوع العظيم الجليل وايضا اشكركم جميعا على حضوركم ورغبتكم وحرصكم جعل الله ذلك في موازين حسناتكم ومن علينا جميعا بالعلم النافع والعمل الصالح وهدانا اليه صراطا مستقيما وسددنا فيما نقول ونفعل والهمنا رشد انفسنا واعاذنا من من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا ايها الاخوة الاكارم لا تخفى مكانة العلم ومنزلته العلية في ديننا الحنيف ومنزلته العظيمة فهو اساس به يبدأ ولا يمكن ان تقام الشريعة وان تحقق العبودية التي خلق العبد لاجلها واوجد لتحقيقها الا بالعلم فهو اساس لا بد منه وبه يبدأ وهو المقدم كما قال الله سبحانه وتعالى فاعلم انه لا اله الا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات فبدأ جل شأنه بالعلم وكان من دعاء نبينا صلى الله عليه وسلم الذي يواظب عليه كل يوم اذا اصبح بعد صلاة الصبح كما جاء في مسند الامام احمد وسنن ابن ماجة وغيرهما من حديث ام سلمة رضي الله عنها قالت كان صلى الله عليه وسلم يقول كل يوم بعد صلاة الصبح بعد ان يسلم اللهم اني اسألك علما نافعا ورزقا طيبا وعملا متقبلا وفي رواية وعملا صالحا تقدم عليه الصلاة والسلام في دعائه اليومي العلم النافع على الرزق الطيب والعمل المتقبل وذلك ان العبد لا يستطيع ان يميز بين رزق طيب وخبيث ولا بين عمل صالح وطالح الا بالعلم النافع فالعلم النافع ضياء لصاحبه ونور له يهتدي به قال الله جل وعلا وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا. نهدي به من نشاء من عبادنا فالعلم نور وضياء لصاحبه ومثل العالم في الامة مثل اناس في ظلمة وبينهم شخص بيده مصباح يضيء لهم بمصباحه الطريق فيسلمون من العثار ويتقون الشوكة والاخطار ويسيرون في جادة سوية وصراط مستقيم ولهذا تكاثرت النصوص والدلائل في كتاب الله جل وعلا وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ببيان فظل العلم وشرف قدره وعظيم مكانته والثناء على اهله وبيان منزلتهم العلية ويكفي اهل العلم شرفا ونبلا ان الله عز وجل قرن شهادتهم بشهادته في اعظم مشهود به وهو توحيده شهد الله انه لا اله الا هو والملائكة واولو العلم قائما بالقسط لا اله الا هو العزيز الحكيم ويقول الله جل وعلا في شرف وفضل اهل العلم قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ويقول جل وعلا انما يخشى الله من عباده العلماء ويقول الله جل وعلا يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات قيل في معنى الاية ان يرفع الله العالم المؤمن على المؤمن غير العالم غير الفقيه درجات ورفعة الدرجات تدل على عظم الفضل وعلو المكانة وجاء في الحديث حديث ابي الدرداء في المسند وغيره ببيان فضل العلم ومكانة اهله قول نبينا عليه الصلاة والسلام في حديثه العظيم الجامع من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا الى الجنة وان الملائكة لتضع اجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع وان العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الارض حتى الحيتان في الماء وان فظل العالم على العابد كفظل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وان العلماء ورثة الانبياء فان الانبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وانما ورثوا العلم فمن اخذه اخذ بحظ وافر يروى عن ابي هريرة رضي الله عنه انه مر بالسوق والناس يبيعون ويشترون فقال ما بالكم تبيعون وتشترون وميراث النبي صلى الله عليه وسلم يقسم في المسجد فانطلق الناس فلم يجدوا الا عالما يفقه الناس هذا هو ميراث النبي عليه الصلاة والسلام وميراث النبيين فان الانبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وانما ورثوا العلم. فكلما عظم قبض العبد ونصيبه من العلم عظم حظه من ميراث النبوة وجاء في حديث معاوية في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين قال خيرا جاء بها منكرة تفخيما وتشريفا وتعلية للثمار والاثار التي تجنى ويجنيها من يتفقه في دين الله قال من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ولهذا دخول المسلم في سبيل طلب العلم وطريق تحصيله هذا من علامات وامارات ارادة الله سبحانه وتعالى الخير به ولكن كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى قال هذا اذا اريد بالفقه الفقه المستلزم للعمل الفقه المستلزم للعمل بمعنى ان يتفقه ويعمل ويكون مقصوده بتفقهه رفع الجهل عن نفسه وتحقيق العبودية لله سبحانه وتعالى على بصيرة وعلى نور من الله تبارك وتعالى فاذا كان بهذه الصفة كان موجبا لحصول الخير اما اذا كان مجرد فقه بلا عمل فانه يكون شرطا لحصول الخير لا موجبا له والعلم مقصود للعمل العلم مقصود للعمل ويطلب للعمل ولتحقيق العبودية لله سبحانه وتعالى ولهذا كان مقدما على العمل يبدأ به ليكون العمل والعبادة والطاعة والتقرب لله سبحانه وتعالى على بصيرة على علم نافع على اساس صحيح مستمد من كتاب الله وسنة نبيه صلوات الله وسلامه عليه ولهذا جاء هذا الموضوع المقترح في هذه الليلة اقتضاء العلم العمل وهو عنوان رسالة قيمة للخطيب البغدادي رحمه الله تعالى اوت جملة من النصوص والاثار العظيمة في هذا الباب العظيم اقتضاء العلم العمل بمعنى ان العلم مقصوده العمل وتحقيق العبودية لله والقيام بها على بصيرة فاذا كان لدى العبد علم بلا عمل لم يحقق العبودية واذا كان عنده عمل بلا علم ايظا لم يحقق العبودية فلا تتحقق العبودية لله سبحانه وتعالى الا بالامرين بالعلم النافع والعمل الصالح كما قال الله عز وجل هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق الهدى هو العلم النافع ودين الحق هو العمل الصالح المقرب الى الله عز وجل فهذا الذي بعث به نبينا عليه الصلاة والسلام وبعث به جميع النبيين ومن اجل الوقوف على الشواهد والدلائل على اقتضاء العلم العمل وان مقصود العلم العمل اذكر في هذا الباب نقاطا عديدة تجلية لهذا الامر وجمعا لما تيسر من شواهده ودلائله فاقول اولا ان اقتضاء العلم العمل واضح من حيث ان كلا الامرين مقصود الخلق فالله عز وجل خلق الخلق ليعرفوه وخلقهم جل وعلا ليعبدوه دل على الاول قول الله سبحانه وتعالى في اخر اية من سورة الطلاق الله الذي خلق سبع سماوات ومن الارض مثلهن يتنزل الامر بينهن لتعلموا ان الله على كل شيء قدير وان الله قد احاط بكل شيء علما قال خلق لتعلموا فالعلم مقصود الخلق ودل على الثاني قول الله سبحانه وتعالى في اواخر الذاريات وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون فالعلم والعبادة كل منهما مقصود الخلق والعبادة لا تكون الا بالعلم النافع المقرب الى الله سبحانه وتعالى فمن علم وعمل هو الذي حقق مقصود الخلق ولهذا قال اهل العلم التوحيد الذي خلقنا لاجله واوجدنا لتحقيقه له جانبان جانب علمي وجانب عملي توحيد في المعرفة والاثبات وتوحيد في الارادة والطلب فلا بد من هذا ولابد من من ذاك لا بد من الامرين لتتحقق العبودية وليكون العبد من عباد الله حقا المطيعين له سبحانه وتعالى صدقا ومن كان ذا علم بلا عمل فهو مغضوب عليه يبوء بغضب الله لانه لم يحقق مقصود العلم ومن كان صاحب عمل وجد واجتهاد في العبادة بلا علم فهو ضال عن سبيل الله وصراطه المستقيم ولهذا شرع لنا ان نقرأ في سورة الفاتحة تلك الدعوة العظيمة التي هي اهم الدعوات واعظمها اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين فالمنعم عليهم هم اهل العلم والعمل والمغضوب عليهم هم اهل العلم بلا عمل والضالون هم اهل العمل بلا علم ولهذا قال سفيان ابن عيينة رحمه الله تعالى قال من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود ومن فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى لان اليهود عندهم علم لا يعملون به كما قال الله مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار لم يحملوها لم يعملوا بها حفظوها وفهموا ما دلت عليه ولكنهم لم يعملوا بها ومن فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى لان النصارى اهل بدع واحداث وعبادات ما انزل الله سبحانه وتعالى بها من سلطان ولم يشرعها جل وعلا لعباده ولم يأذن سبحانه وتعالى لعباده بها فهذه النقطة الاولى من النقاط التي يتبين بها اقتضاء العلم العمل الامر الثاني ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر بان الناس يوم القيامة يسألون عن العلم الذي حصلوه ماذا عملوا به كما جاء في حديث ابي برزة الاسلمي رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن اربع وذكر منها عليه الصلاة والسلام عن علمه ماذا عمل به ولهذا جاء عن ابي الدرداء رضي الله عنه انه قال انما اخشى يوم القيامة ان يناديني ربي فيقول يا عويمر ماذا عملت بما علمت وهذا خطب جسيم وهول عظيم ومقام خطير فكل علم اصله العبد يسأل عنه يوم القيامة ماذا عملت بما علمت لان مقصود العلم العمل ولهذا يسأل كل انسان عن علمه الذي تعلمه جاء عن غير واحد من السلف انه قال ليتني انجو يقصد من العلم الذي تعلمه كفافا لا لي ولا علي كفافا الليالي ولا عليه ليتني انجو من علمي كفافا لا لي ولا علي وهذا محمول على شدة ورع السلف رحمهم الله وشدة خوفهم مع صلاح علمهم وعملهم كما قال الحسن البصري رحمه الله تعالى ان المؤمن جمع بين احسان ومخافة والمنافق جمع بين اساءة وامن فهو محمول على هذا كقول عبد الله ابن ابي مليكة رحمه الله تعالى ادركت اكثر من ثلاثين صحابيا كلهم يخاف النفاق على نفسه فجمع الله لهم بين مقامين عظيمين مقام الاحسان في العمل والاجادة في الطاعة وفي الوقت نفسه الخوف من الله سبحانه وتعالى الا تتقبل منهم اعمالهم والذين يؤتون ما اتوا وقلوبهم وجلة انهم الى ربهم راجعون قالت عائشة رضي الله عنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الاية فقلت يا رسول الله اهو الرجل يزني ويسرق ويخاف ان يعذب هل هذا معنى الاية قال لا يا ابنة الصديق ولكنه الرجل يصلي ويصوم ويتصدق ويخاف ان لا يقبل والله جل وعلا يقول واذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل ربنا تقبل منا قرأ وهيب بن الورد رحمه الله الاية هذه الاية وبكى قال خليل الرحمن ويبني بيت الرحمن بامر الرحمن ويخاف ان لا يقبل ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم الامر الثالث ان القرآن والسنة جاء فيهما تهديد ووعيد لمن لا يعمل بالعلم الذي تعلمه يتعلم ويتفقه وربما ايضا يدعو الى هذا العلم ولا يعمل به قال الله سبحانه وتعالى يا ايها الذين امنوا لا يا ايها الذين امنوا لم تقولون ما لا تفعلون؟ كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون وقال جل وعلا اتأمرون الناس بالبر وتنسون انفسكم اي بالعمل به وانتم تتلون الكتاب افلا تعقلون وقال جل وعلا عن نبيه شعيب عليه السلام وما اريد ان اخالفكم الى ما انهاكم عنه فهذه ثلاث ايات في القرآن العظيم في هذا الباب وقد جاء في الحديث حديث اسامة رضي الله عنه في الصحيحين وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال يجاء برجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق اقتابه اي تخرج امعاؤه ويدور بها كما يدور الحمار بالرحى فيأتيه اهل النار ويقولون اي فلان ما شأنك الم تكن تأمرنا تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ قال بلى كنت امركم بالمعروف ولا اتيه وانهاكم عن المنكر واتيه وجاء بمسند الامام احمد من حديث انس رضي الله عنه ان النبي عليه الصلاة والسلام رأى ليلة اسري به قوما تقرض شفاههم بمقاريض من نار فقال من هؤلاء قال او قالوا هؤلاء خطباء من امتك يأمرون الناس بالبر وينسون انفسهم وهم يتلون الكتاب افلا يعقلون رواه الامام احمد في مسنده فالشرع ودلائل الكتاب والسنة جاء فيه مواعيد لمن لا يعمل بعلمه ومن يدعو ولا يعمل ويكون حظ الناس من علمه اكثر من من حظه هو من علمه ولهذا كان بعض السلف يقول في دعائه اللهم لا تجعل غير اسعد بما علمتني مني ولا تجعلني لغيري عبرة قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وهو من اعظم الدعاء ومن اجمع الدعاء وهو دعاء كان يدعو به مطرف ابن عبد الله ابن كما في الزهد للامام احمد وغيره وهي دعوة عظيمة اللهم لا تجعل غيري اسعد بما علمتني مني وغير الانسان يكون اسعد بعلمه منه اذا كان يضيء للناس يضيء للناس الطريق ويحرق نفسه فلا يعمل بما تعلمه ولا يعمل بما يدعو الناس اليه الامر الرابع ان دلائل الشرع جاء فيها ان الاعمال المقربة الى الله سبحانه وتعالى ذخيرة للعبد يوم القيامة يفوز بسببها برضا الله جل وعلا وجنته ولهذا في القرآن ما يقرب من الخمسين اية يجمع فيها في مقام ذكر الثواب والاجر بين الايمان والعمل مع ان العمل داخل في مسمى الايمان لكن تعلية لمقام العمل وبيانا لعظيم شأنه ورافعي ذكره يخص بعد عموم ان الذين امنوا وعملوا الصالحات من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون ونودوا ان تلكم الجنة اورثتموها بما كنتم تعملون الذين تتوفاهم الملائكة طيبين سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون والايات بهذا المعنى عديدة بل عمل سبب لدخول الجنة وقول نبينا عليه الصلاة والسلام لن يدخل احد الجنة بعمله اي على سبيل المعاوضة اي على سبيل المعاوضة والمقابلة والا فان العمل سبب من اسباب الجنة ودخول الجنة برحمة الله سبحانه وتعالى قال لن يدخل الجنة احد بعمله قالوا ولا انت يا رسول الله قال ولا انا الا ان يتغمدني الله برحمته فليست الاعمال بمقام يكون دخول العبد الجنة عوضا او مقابلا لذلك بل الاعمال سبب والا فان دخول الجنة انما هو برحمة الله وفضله الاعمال ذاتها التي يقوم بها العبد هي رحمة الله به وفضله عليه ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من احد ابدا ولكن الله يزكي من يشاء الامر الخامس مما يبين هذا المقام حال السلف رحمهم الله العجيبة في المبادرة للاعمال والمسارعة اليها والمواظبة على فعلها والاتيان بها فور سماعها. من رسول الله صلى الله عليه وسلم وفور سماعهم لحديثه عليه الصلاة والسلام يبادرون مبادرة عجيبة ويسارعون مسارعة عظيمة للعمل بما يأمرهم به صلوات الله وسلامه عليه ويواظبون على ذلك وفي هذا المعنى ينقل عنهم نقول كثيرة جدا تدل على شدة عنايتهم وعظيم رعايتهم لهذا الامر ومن ذلكم ما جاء بالصحيحين وغيرهما من حديث علي رضي الله عنه بقصة فاطمة رضي الله عنها بنت النبي صلى الله عليه وسلم عندما جاءت النبي صلى الله عليه وسلم تطلب خادما فقال لها عليه الصلاة والسلام اولا ادلك على ما هو خير لك من خادم اذا اويت الى الفراش تسبحين الله ثلاثا وثلاثين وتحمدينه ثلاثا وثلاثين وتكبرينه ثلاثا وثلاثين قال علي رضي الله عنه فما تركتها وهذا موضع الشاهد فما تركتها منذ سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختار احد الحاضرين ليلة عصيبة ليلة عصيبة قد يذهل فيها الانسان او يذهل في مثلها الانسان قال ولا ليلة صفين قال ولا ليلة صفين قال ولا ليلة صفين وهي الليلة التي دارت فيها الحرب المعروفة والمعركة المشهورة قال ولا ليلة صفين وجاء بصحيح مسلم من حديث ام حبيبة رضي الله عنها هذا الحديث يرويه النعمان ابن سالم عن عمرو بن اوس عن عنبسة بن ابي سفيان عن ام حبيبة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من حافظ في اليوم والليلة على ثنتي عشرة ركعة بنى الله له بها بيتا في الجنة قالت ام حبيبة رضي الله عنها فما تركتها منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه منذ سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال عنبسة بن ابي سفيان ما تركتها منذ سمعتها من ام حبيبة وقال عمرو ابن اوس ما تركتها منذ سمعتها من عنبسة وقال النعمان ابن سالم ما تركتها منذ سمعتها من عمرو والحديث بهذا السياق في صحيح مسلم هذه همة عالية جدا بالمسارعة والمواظبة معا المسارعة الى العمل والمبادرة الى القيام به والمواظبة عليه وجاء في صحيح البخاري من حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال اوصاني خليلي بثلاث لا ادعهن حتى اموت هذا موضع الشاهد لا ادعهن حتى اموت صلاة الضحى وصيام ثلاثة ايام من كل شهر وان اوتر قبل ان انام ومثله تماما ما رواه مسلم في صحيحه من حديث ابي الدرداء رضي الله عنه قال اوصاني حبيبي بثلاث لن ادعهن ما عشت لن ادعهن ما عشت وذكر هذه الثلاث ومثال اخر لاحد صغار الصحابة وهو عمرو ابن ابي سلمة عمر ابن ابي سلمة رضي الله عنه قال كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك خرجه البخاري ومسلم زاد البخاري عنه رضي الله عنه انه قال فما زالت تلك طعمتي بعد فما زالت تلك طعمتي بعدي يعني منذ ان كان غلاما صغيرا في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعه يقول هذه الكلمات قال فما زالت تلك طعمتي بعد ونلاحظ كثيرا ما يزجر الصغار وينهون وينبهون مرة وثانية وثالثة وهذا غلام من صغار الصحابة من مرة واحدة قال فما زالت تلك طعمتي بعد فهذا يدل على المسارعة من جهة والمواظبة على ذلك الى الممات من جهة اخرى هذا جانب ايضا اذا نظرنا في سير السلف الصالح بعد الصحابة ينقل عنهم في هذا المعنى نقول عظيمة جدا مثل قول سفيان الثوري رحمه الله ما بلغني حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الا عملت به وقال عمرو ابن قيس الملائي رحمه الله اذا بلغك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعمل به ولو مرة تكن من اهله وقوله فاعمل به ولو مرة هذا في السنن والرغائب. اما الواجبات والفرائظ فلا يكفي ليكون من اهله ان يعمل به مرة ونقل ابن القيم رحمه الله تعالى عن شيخه شيخ الاسلام ابن تيمية لما ذكر ابن القيم حديث ابي امامة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال من قرأ اية الكرسي دبر كل صلاة لم يكن بينه وبين الجنة الا ان يموت قال ابن القيم بلغني عن شيخ عن شيخ الاسلام ابن تيمية انه قال ما تركتها عقيد كل صلاة ما تركتها عقيب كل صلاة وجاء عن الامام احمد رحمه الله انه قال ما سمعت او ما كتبت حديثا وقد كتب المسند ومعروف حجمه وكثرة الاحاديث التي فيه قال ما كتبت حديثا الا عملت به حتى انني كتبت او او سمعت ان النبي صلى الله عليه وسلم احتجم واعطى الحاجم دينارا فاحتجمت واعطيت الحاجم دينارا فهذه طريقة السلف بحرصهم ومواظبتهم ودأبهم وعظيم عنايتهم بالعلم مسارعة الى فعله ومواظبة عليه الامر السادس في جانب المنهيات ما جاء النهي عنه والزجر عن فعله ايضا كانوا اهل مسارعة ومواظبة ومبادرة عجيبة في هذا الباب ولهذا جاء في الصحيحين عن عمر رضي الله عنه او في صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله ينهاكم عن ان تحلفوا بابائكم ان الله ينهاكم عن ان تحلفوا بابائكم. وقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في بعض الروايات يحلف بابيه ولنلاحظ هنا ان هذا امرا اعتادوا عليه في جاهليتهم قبل الاسلام اعتادوا على الحلف بالاباء ودرج اللسان على ذلك يقول عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الله ينهاكم عن ان تحلفوا بابائكم قال عمر فوالله الذي لا اله الا هو ما حلفت بها بعد لا ذاكرا ولا اثرا يعني لا من قول ولا ايضا حاكيا لقول غيري فما حلفت بها لا ذاكرا ولا اثرا من الطرائف التي تنقل في هذا الباب وهذا اذكره فقط للمقارنة ولندرك ايظا همة السلف وعظيم عنايتهم في هذا الباب يذكر ان شخصا سمع رجلا يحلف بالنبي فناصحه واخذ يشرح له الادلة حتى اقتنع حتى اقتنع وعزم على الا يحلف فمن باب التأكيد لمن يعظه قال له والنبي لن احلف بالنبي بعد اليوم اللسان نلاحظ هنا اللسان درج على شيء من الصعوبة بمكان ان ينفلت منه الانسان ويواظب دون ان يقع منه ولا مجرد فلتة لسان عمر رضي الله عنه يحلف والله ما حلفت بها بعد. لا ذاكرا ولا اثرا فهذا مما يبين لنا عظيمة عناية السلف ورعايتهم للعلم ما ان يسمع الحديث سواء في باب الامر او في باب الزجر الا و يواظب عليه مواظبة عجيبة حتى فيما الفته النفس واعتادت عليه من هذا الباب ما جاء في حديث انس في الصحيحين وقد كان رضي الله عنه خادما عند ابي طلحة وكان يوما يسقيهم الخمر قبل التحريم وبينه وكذلك يسقي يسقيهم الخمر اذ اتى ات وقال حرمت الخمر فامروا فورا باراقتها مع تعلق النفوس واعتيادهم على ذلك فاراقوها فورا في نفس اللحظة وكان ذلك اخر عهدهم بها كذلك ما جاء عن ابن عباس في حديث ابن عباس في صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم رأى في يد رجل خادما من ذهب فنزعه عليه الصلاة والسلام فنزعه عليه الصلاة والسلام من يده وطرحه في الارض وقال ايعمد احدكم الى جمرة من النار فيضعها في يده فلما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا خذ خاتمك انتفع به يعني تبيعه تتركه لاهلك هذه وجوه مباحة قال والله لا اخذ شيئا طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نفسه زهدت في هذا المباح من شدة العناية والالتزام بما اه جاء عن النبي صلوات الله وسلامه عليه الامر السادس او السابع في هذا الباب ان العناية بالعمل العناية بالعمل سبب لثبات العلم ورسوخه وقوته واذا ترك العمل ذهب العلم كما جاء عن علي رضي الله عنه انه قال هتف بالعلم العمل فان فان اجابه ولى ارتحل يعني لا يبقى فالعمل بالعلم سبب لثباته. ولهذا جاء عن الشعب رحمه الله انه قال كنا نستعين على حفظ الحديث بالعمل به وجاء عن ابي الدرداء رضي الله عنه انه قال انك لن تكون عالما حتى تكون متعلما ولن تكون متعلما حتى تكون عاملا بما تعلمت وفي هذا المعنى العظيم ينقل عن السلف رحمهم الله نصوص كثيرة واذا نظر ايظا المسلم الى الواقع العملي في حياة السلف يجد ذلك واضحا جليا في سيرهم العطرة واخبارهم المباركة رضي الله عنهم ورحمهم والحقنا جميعا بالصالحين من عباده الامر السابع ان العمل بالعلم ابلغ فالدعوة من القول بلا عمل قد مر معنا قول الله سبحانه وتعالى عن شعيب وما اريد ان اخالفكم الى ما انهاكم عنه جاء عن مالك ابن دينار رحمه الله انه قال ان العالم اذا لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب ان العالم اذا لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب وجاء عن المأمون انه قال نحن الى ان نوعظ بالاعمال احوج من ان نوعظ بالاقوال لان الذي يعمل ويواظب فعمله ومواظبته على العمل هي بحد ذاتها دعوة ويكون بذلك للناس اسوة وقدوة ويكون فعلا اماما قال واجعلني للمتقين اماما لا يكون الانسان بهذه المنزلة اماما الا اذا اجتمعت فيه صفات الخير بحيث يكون قدوة للناس في صفات الخير اما ان يستكثر من العلوم ولا يكون من اهل العمل فهذا كما انه لم ينتفع لا ينتفع بعلمه واذكر من المواقف المؤثرة انني مرة زرت احد المسنين من العباد في مسجده المسجد الذي يصلي فيه وكان صاحب عبادة ويجلس في المسجد انتظار الصلاة بعد الصلاة فسلمت عليه وتحدثت معه وقلت له ما شاء الله حي في حيكم هذا مجموعة من طلبة العلم قال اه حينا هذا قلت اي نعم في حيكم مجموعة ما شاء الله من طلبة العلم قال حينا هذا يعيدها علي استفهام انكار قال حينا هذا قلت نعم قال يا وليدي اللي ما يحافظ على الصلاة ما هو طالب علم اتركنا اللي ما يحافظ على الصلاة ما هو طالب علم ولهذا احيانا بعظ الناس قد يستكثر من العلوم والحفظ والمذاكرة لكن تفقدهم في خاصة في صلاة الفجر تفقده كثيرا اذا كانت الفريضة العظيمة التي اعظم اركان الاسلام بعد الشهادتين واول ما يسأل عنه يوم القيامة اول ما يسأل عنه الصلاة اذا كان مضيعا لها هذه الفريضة اين اثر العلم يفتقد في صلاة الفجر والصحابة رضي الله عنهم كما جاء عن ابن مسعود كانوا اذا افتقدوا الرجل في صلاة الفجر اتهموه بالنفاق اثقل الصلوات على المنافقين صلاة الفجر وصلاة العشاء في زماننا هذا زمن السهر بالليل كثيرا ما تضيع صلاة الفجر وكثيرا ما يفرط فيها وربما بعضهم يسهر الليل في مناقشات علمية ببعض المسائل او في بعض الموضوعات ثم ينام عن صلاة الفجر لو كان يسهر بالليل على القرآن حفظا له وقراءة له اذا كان على حساب صلاة الفجر فان سهره محرم ولا يحل له ويأثم على ذلك السهر واكثر صلاة تضيع في هذا الزمان هي افضل الصلوات على الاطلاق تدرون ما هي جاء في الحديث قد حسنه الالباني رحمه الله في بعض كتبه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال افضل الصلوات صلاة الفجر يوم الجمعة في جماعة صلاة الفجر يوم الجمعة في جماعة. حسنه الالباني بهذا اللفظ وصلاة الجمعة في جماعة هي اكثر صلاة تضيع الان وليسأل عن هذا ائمة المساجد لان ليلة الجمعة ليلة اجازة ليلة سهر يسهر الناس الى وقت متأخر ثم ينامون في وقت متأخر من الليل وينامون عن هذه الصلاة والجيد منهم يأتي لهذه الصلاة متأخرا كسلانا يأتي ورأسه مثقل بالنوم متعب فلا يؤدي هذه الصلاة كما ينبغي واذا كان يعلم من امام مسجده انه يقرأ في ذلك اليوم السجدة وهل اتى فان فانه لا يأتي اذا كان يواظب الا في نهاية الركعة الثانية اين ثمرة العلم اذا كان المقام والخطب يتعلق بفريضة هي اول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة ومن ضيعها كان لما سواها اضيع الامر الثامنة والتاسع ان وقد مر معنا ان النبي عليه الصلاة والسلام كان كل يوم كما قدمت من حديث ام سلمة يواظب على الدعاء اللهم اني اسألك علما نافعا ورزقا طيبا وعملا متقبلا كنت اريد ان اقف وقفة موسعة بعض الشيء مع هذه الدعوة لكن اشير باختصار الى ان هذه الدعوة مناسبة غاية المناسبة في صدر اليوم وبدايته لان اليوم هو ميدان الاعمال هدف المسلم او اهداف المسلم في يومه هي هذه الامور الثلاثة لا رابع لها. المسلم له في يومه ثلاثة اهداف علم نافع وعمل صالح ورزق متقبل. ولهذا من المناسب ان تبدأ يومك بعد ان تصلي الفجر بهذه الدعوة اللهم اني اسألك علما نافعا ورزقا طيبا وعملا متقبلا. ثم تنطلق في يومك وقد استعنت بالله وطلبت مده وعونه في طلب العلم والاجتهاد في العمل وتحصيل الرزق الامر الاخير ان السلف رحمهم الله ورد عنهم نقول كثيرة جدا في ذم من لا يشتغل بالعلم من لا يشتغل بالعمل ولا يعتني بالعمل ينقل عنهم في هذا الباب نقول عديدة كنت اود ان اسمعكم جملة منها لكن لعلها تراجع في كتاب اقتضاء العلم العمل قد جمع الخطيب رحمه الله تعالى فيه نقولا عظيمة في هذا السلف ومن جميل ما ينقل في هذا الباب ان سفيان رحمه الله تعالى سئل قيل له طلب العلم احب اليك او العمل فقال انما يراد العلم للعمل فلا تدع طلب العلم للعمل ولا تدع العمل لطلب العلم كلمة عظيمة جدا وهذه ايها الاخوة وصية عظيمة وبليغة ونافعة ومؤثرة للخطيب البغدادي رحمه الله في كتابه اقتضاء العلم العمل فلنستمع يقول رحمه الله اني موصيك يا طالب العلم اني موصيك يا طالب العلم باخلاص النية في طلبه واجهاد النفس على العمل بموجبه فان العلم شجرة والعمل ثمرة وليس يعد عالما من لم يكن بعلمه عاملا فلا تأنس بالعلم ما دمت مستوحشا من العمل فلا فلا تأنس بالعمل ما دمت مستوحشا من العلم ولا تأنس بالعلم ما كنت مقصرا في العمل ولكن اجمع بينهما وان قل نصيبك منهما اعيدها قال فلا تأنس بالعمل ما دمت مستوحشا من العلم ولا تأنس بالعلم ما كنت مقصرا في العمل ولكن اجمع بينهما وان قل نصيبك منهما وما شيء اضعف من عالم ترك الناس علمه لفساد طريقته وجاهل اخذ الناس بجهله لنظرهم الى عبادته والقليل من هذا مع القليل من هذا انجى في العاقبة اذا تفضل الله بالرحمة وتمم على عبده النعمة فاما المدافعة والاهمال وحب الهوينا والاسترسال وايثار الخفظ والدعى والميل مع الراحة والسعة فان خواتيم هذه الخصال ذميمة وعقباها كريهة وخيمة والعلم يراد للعمل كما العمل يراد للنجاة فاذا كان العمل قاصرا فاذا كان العمل قاصرا عن العلم كان العلم كلا على العالم ونعوذ بالله من علم عاد كلا واورث ذلا وصار في رقبة صاحبه غلا. انتهى كلامه رحمه الله وبهذا ينتهي الحديث هذا حول هذا الموضوع ونسأل الله عز وجل ان يجعل هذا الذي سمعناه حجة لنا لا علينا وان ينفعنا بما علمنا وان يعلمنا ما ينفعنا وان يزيدنا علما وان يصلح لنا شأننا كله سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبد الله ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين