بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد بادئة ببدء اسأل الله عز وجل ان يلهمنا جميعا رشد انفسنا يمن علينا جميعا بالعلم النافع وان ينفعنا بما علمنا وان يرزقنا الفقه في دينه وان يوفقنا للعمل الصالح والقول السديد الذي يرضى به عنا تبارك وتعالى ثم ايها الاخوة الاكارم موضوع هذا اللقاء موضوع واسع وله جوانب عديدة ولا احسب كانني في هذا اللقاء استطيعوا ان اتي على بعض مهمات هذا الموضوع لكنني ساقف مع بعض الجوانب المتعلقة به من باب التذكير والمدارسة وقد قال الله تعالى وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين وموضوعنا عن اثر الايمان باسماء الله تبارك وتعالى الحسنى في حياة العبد وهذا موضوع عظيم بل هو اهم الموضوعات واشرفها واجلها على الاطلاق وسيكون حديث عن هذا الموضوع في ثلاثة محاور الاول في بيان شرف هذا العلم وفضله وعظيم مكانته وانه اشرف العلوم واجلها والمحور الثاني في بيان بعض القواعد المهمة والاصول العظيمة التي ينبغي ان يكون عليها المسلم في فقهه لهذا الباب وعنايته بهذا العلم العظيم الشريف والمحور الثالث بذكر اثار او شيء من اثار الفقه الصحيح باسماء الله الحسنى على العبد في عبوديته وسلوكه وادابه واخلاقه ومعاملاته وعموم حياته اما شرف هذا العلم فامر لا شك في تقرره وثبوته وانه اشرف العلوم واجلها وارفعها على الاطلاق لان الامر كما يقال شرف العلم من شرف معلومه وليس هناك اشرف ولا اعظم ولا انبل من العلم بالله ومعرفته سبحانه وتعالى بل ان العلم به جل وعلا مقصود للخلق كما يدل على ذلك قول الله تعالى الله الذي خلق سبع سماوات ومن الارض مثلهن يتنزل الامر بينهن لتعلموا لتعلموا ان الله على كل شيء قدير وان الله قد احاط بكل شيء علمه خلق لتعلموا العلم بالله وباسمائه وصفاته امر مقصود بالخلق والايجاد والله سبحانه وتعالى خلق الخلق ليعرفوه وليعبدوه قلقهم للعلم وللعمل قلقهم للعلم كما تدل على ذلك هذه الاية وهي اخر اية في سورة الطلاق وخلقهم للعمل كما قال جل وعلا في اواخر سورة الذاريات وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ولهذا قال العلماء التوحيد نوعان علمي وعملي توحيد العلم تعلق بجانب المعرفة والاثبات والعمل يتعلق بجانب الارادة والطلب العلم في قوله سبحانه قل هو الله احد الى تمام السورة والعمل في قوله سبحانه قل يا ايها الكافرون الى تمامها فالله جل وعلا خلق الخلق ليعرفوه وليعبدوه ومعرفة الله سبحانه وتعالى تكون بمعرفة اسمائه جل وعلا وصفاته في ضوء كتابه سبحانه وسنة رسوله صلوات الله وسلامه عليه ويدل على شرف هذا العلم وفضله انه ركن من اركان الايمان بالله لانه لان الايمان بالله سبحانه وتعالى يقوم على اركان منها اثبات اسماء الرب الحسنى وصفاته العليا الثابتة في كتابه وسنة رسوله صلوات الله وسلامه عليه والايمان بالله هو اعظم اركان الايمان واجلها بل هو اصل اصول اصل اصول الايمان واساسها وبقية اصول الايمان تبع لهذا الاصل قال تعالى كل امن بالله وملائكته وكتبه ورسله فبقية اصول الايمان تبع اصل اصول الايمان وهو الايمان بالله والايمان بالله يكون بالايمان بوحدانيته في ربوبيته وحدانيته في اسمائه وصفاته وحدانيته في الوهيته باعتقاد انه المعبود بحق ولا معبود بحق سواه وصرف العبادة بجميع انواعها لله وحده مخلصا له الدين ومما يدل على شرف هذا العلم قول النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين وغيرهما ان لله تسعة وتسعين أسماء مائة الا واحد من احصاها دخل الجنة وقد افاد هذا الحديث ان العلم باسماء الله وصفاته ان العلم باسماء الله الحسنى وبما دلت عليه من الصفات العظيمة يترتب عليه ويثمر في من وفق اليه دخول الجنة قد قال عليه الصلاة والسلام لن يدخل الجنة الا نفس مؤمنة واعظم اصول الايمان العلم بالله جل وعلا وبما امر جل وعلا عباده بمعرفته مما يتعلق بعظمته وجلاله وكماله وكبريائه وانه سبحانه وتعالى المعبود بحق ولا معبود بحق سواه ومما يدل على شرف هذا العلم وفضله انه اساس لكل خير وكل فضيلة فهو اساس لسعادة الانسان وزكاء قلبه وصلاح نفسه وطيب حاله بل ان تزكية النفس لا تكون الا بالعلم بالله وعظمته سبحانه كما جاء في ابي داود وغيره عندما ذكر عليه الصلاة والسلام خصالا ثلاثة منها تزكية العبد نفسه فسئل عليه الصلاة والسلام كيف يزكي نفسه قال ان يعلم ان الله معه اينما كان هو حديث حسنه بعض اهل العلم ان يعلم ان الله معه اينما كان فاساس تزكية النفس العلم بالله وانه معك اينما كنت اي بعلمه واطلاعه وانه جل وعلا لا تخفى عليه خافية في الارض ولا في السماء فقول الرب جل وعلا قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها اساس هذا هذه التزكية العلم بالله العلم بالله سبحانه وبعظمته وكماله وسعة علمه كمال قدرته ونفوذ مشيئته فكلما كان العبد على حظ اوفر من العلم بالله كان ذلك اكمل له في زكاة نفسه ولهذا قال الله جل وعلا انما يخشى الله من عباده العلماء ولهذا قال بعض اهل العلم من كان بالله اعرف كان منه اخوف قال ابن القيم رحمه الله من كان بالله اعرف كان منه اخوف ولعبادته اطلب وعن معصيته ابعد فاذا مما يدل على شرف هذا العلم ومكانته العلية ومنزلته الرفيعة انه مساس لكل خير والعبد كلما ازداد معرفة بالله وباسمائه الحسنى وصفاته العليا زاد بالخير والفضل والزكاء والصلاح والفلاح بحسب حظه ونصيبه من المعرفة بالله سبحانه وتعالى ومما يدل على فضل هذا العلم ومكانته ان في القرآن ايات تقرب من الثلاثين اية فيها الامر بتعلم هذا العلم في الامر بتعلم هذا العلم ولا سيما في خواتيم عدد من الايات مثل ما مر معنا في خواتيم سورة الطلاق لتعلموا ان الله على كل شيء قدير قال جل وعلا فاعلم انه لا اله الا الله وفي القرآن من هذا القبيل ايات تقرب من الثلاثين اية يأمر جل وعلا فيها بالعلم باسمائه جل وعلا وصفاته بالعلم باسمائه سبحانه وتعالى وصفاته ومما يدل على فظل هذا العلم ومكانته العلية انه قاعدة الدين التي عليها يبنى واساسه تراقبونا لعمل ولا انتفاع بطاعة الا اذا كانت قائمة على هذا الاصل قال تعالى ومن يكفر بالايمان فقد حبط عمله قال تعالى ومن اراد الاخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فاولئك كان سعيهم مشكورا قال تعالى من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فالايمان بالله وبما امر جل وعلا عباده بالايمان به اساس لقبول الاعمال اساس لقبول الاعمال وهو الذي يصحح الاعمال ولا تكون مقبولة الا به الى غير ذلك من الوجوه التي يعلم من خلالها مكانة هذا العلم الشريف ومنزلته العلية المحور الثاني في هذا اللقاء في ذكر بعض القواعد والاصول التي لا بد منها في فقه هذا الباب حتى يسلم طالب العلم من الانحراف والزمن والخطأ بهذا الباب وينبغي ان يعلم هنا ان الخطأ باسماء الله جل وعلا وصفاته ليس كالخطأ في اي اسم اخر فالامر فيه خطورة بالغة الخطأ في اسماء الله وصفاته في غاية الخطورة سواء كان الخطأ بان يثبت فيها او يدخل فيها ما ليس منها او ينفي منها ما هو ثابت والاخطاء التي تقع في هذا الباب راجعة الى هذين الخطأين اما بنفي الثابت او اثبات المنفي اما بان يثبت فيها اي الاسماء والصفات ما لا دليل عليه ولا مستند من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم او ان يخرج منها ما هو ثابت في كتاب الله وسنة نبيه صلوات الله وسلامه عليه الخطأ في هذا الباب يرجع الى هذين الجانبين ولنتأمل خطورة هذا الامر من خلال سياقين في كتاب الله كل سياق منها متعلق باحد هذين الجانبين الاول قول الله سبحانه بل ظننتم ان الله لا يعلم كثيرا مما تعملون وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم ارداكم فاصبحتم من الخاسرين كي يصبروا فالنار مثوى لهم وان يستعتبوا فما هم من المعتدين هؤلاء خطأهم في باب الاسماء والصفات من جهة نفي الثابت من جهة نفي الثابت الثابت ان الله سبحانه وتعالى عليم احاط علما بكل شيء لا تخفى عليه خافية في الارض ولا في السماء وسع كل شيء علما يعلم ما كان وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون يعلم السر واخفى يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور احاط بكل شيء علما واحصى كل شيء عددا وهؤلاء وقعوا في خطأ عقدي خطير ما هو قال بل ظننتم ان الله لا يعلم كثيرا مما تعملون وتأمل فان هؤلاء لم ينفوا العلم عن الله من اصله لم يقولوا انه ليس ذا علم لم ينف العلم من اصله وانما نفوا علمه جل وعلا بكثير مما يعملون فارداهم هذا الاعتقاد ذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم ارداكم اصبحتم من الخاسرين ومن هنا تعلم ان نفي شيء من اسماء الله وصفاته باي مبرر كان واي مسوغ افترض فانه هلاك للانسان ومرض له وذلك ظنكم الذي ظننتم بربكم ارداكم فاصبحتم من الخاسرين والسياق الاخر يتعلق باثبات المنفي بهذا الباب ومما نفاه جل وعلا عن نفسه ما جاء في قوله لم يلد ولم يولد فنزه نفسه عن الوالد والولد الاصلي والفرع لم يلد ولم يولد تنظر خطورة من اثبت ما نفاه الله وقالوا اتخذ الرحمن ولدا وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم شيئا ادا تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الارض وتخر الجبال هدا ان دعوا للرحمن ولدا ما نوع الخطأ هنا اثبات ما نفاه الله والخطأ الاول نفي ما اثبته الله اولئك نفوا العلم والعلم ثابت ولم ينفوا العلم من اصله قالوا ان قالوا لا يعلم كثيرا تنافسه الثابت وهؤلاء اثبتوا المنفي وكل من الخطأين سواء باثبات المنفي او بنفي الثابت في غاية الخطورة والخطأ في اسماء الله جل وعلا وصفاته هو اخطر ما يكون اضر ما يكون على الانسان هو سبب للردى والهلاك ولهذا قال اهل العلم ان الفساد بجانب الاعتقاد في اسماء الله وصفاته شؤم على صاحبه لانه يفضي بصاحبه الى فساد في عبادته وفساد في سلوكه بس هذي في معاملته وكل ذلك هم مستفاد من قوله بل ظننتم ان الله لا يعلم كثيرا مما تعملون وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم ارداكم ولهذا قال اهل العلم ان المناهج المنحرفة التي ينجم عنها تعطيل الصفات وجهدها وعدم اثباتها شؤم على اصحابها وسبب لانحلاله وانحرافهم وترديهم في اودية الهلاك بينما اذا سلم العبد من ذلك واثبت ما اثبته الله وما اثبته رسوله عليه الصلاة والسلام ونفى ما نفاه الله وما نفاه عنه رسوله عليه الصلاة والسلام ومضى في هذا الباب بسداد واعتدال في ضوء الكتاب والسنة ومنهج سلف الامة فانه باذن الله تبارك وتعالى يصح له الاعتقاد ويصح له العمل ويصح له العمل وان تيسر لنا سعة في الوقت اضرب امثلة توضح المقصود وتبين المراد باذن الله تبارك وتعالى واحيانا لا يتضح المقال الا بالامثلة التوظيحية التي تبين المراد المقصود الان بيان ان الخطأ في اسماء الله جل وعلا وصفاته ليس كالخطأ في اي اسم اخر ولهذا قال جل وعلا ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في اسمائه سيجزون ما كانوا يعملون تأمل التهديد لهؤلاء والوعيد من يلحد في اسماء الله جل وعلا وصفاته والالحاد في اسماء الله وصفاته بالعدول بها عن مراده ومقصوده لان الالحاد هو الميل والعدول والملحد الذي عدل عن الحق ومال عنه وانحرف والالحاد في اسماء الله جل وعلا بالعدول بها عن الحق الثابت لها اما بجحدها ونفيها وتعطيلها واما بتحريفها عن معناها وصرفها عن مدلولها او بان يدخل فيها ما ليس منها او بان يخرج منها ما هو ثابت لها او بان يشبه الله بخلقه تعالى الله عن ذلك ولله المثل الاعلى ليس كمثله شيء هل تعلم له سميا ولم يكن له كفوا احد فكل ذلكم الحال وعدول باسماء الله وصفاته عن الحق الثابت له ولهذا فان ابن القيم رحمه الله في كتابه بدائع الفوائد لما ذكر انواع الالحاد باسماء الله وصفاته ختم ذلك بقوله فجمعهم الالحاد وتفرقت بهم طرقه جمعهم الالحاد وتفرقت بهم طرقهم فالشاهد ان الواجب على المسلم ان يحذر من ذلك ان يحذر من الخطأ باسماء الله جل وعلا وصفاته لان الله عز وجل تهدد هؤلاء وتوعدهم وذروا الذين يلحدون في اسمائه سيجزون ما كانوا يعملون هددهم وامر بان تترك طريقه وان تجتنب سبيله وان يحذر مسلكهم لان بالحذر والاجتناب لمسلك هؤلاء سلامة الانسان وفي دخول الانسان في مسلك هؤلاء عطبه وهلاكه والعياذ بالله ويعين المسلم في سيره سيرا صحيحا في هذا الباب ان يتبصر في اسس ثلاثة تنير له الطريق وتهديه الى سواء السبيل ليكون كلامه في هذا الباب كلاما عدلا ما شطط فيه ولا انحراف الاساس الاول انه لا احد اعلم بالله من الله قل اانتم اعلم ام الله والاساس الثاني لا احد اعلم بالله من خلق الله من رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو اعلم الخلق بالله قد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام انه قال ان اعلمكم بالله انا فهو اعلم خلق الله بالله والاساس الثالث ان الله تبارك وتعالى غيب لم نره ان الله سبحانه وتعالى غيب لم نره فاذا علمت هذه الاسس الثلاثة تحصن منها الطريق السداد في هذا الباب وان الواجب على المسلم ان يكون كلامه في هذا الباب معتمدا فيه على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وان يكون عمدته في هذا الباب كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام كما قال احد السلف ندور مع السنة حيث دارت هذا هو الواجب ان يدور المسلم مع كتاب الله والسنة سنة النبي عليه الصلاة والسلام حيث دار اي ما ثبت في الكتاب والسنة اثبتناه وما نفي في الكتاب والسنة نفيناه قال الامام احمد رحمه الله نصف الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم لا نتجاوز القرآن والحديث لا نتجاوز القرآن والحديث ومن انتهى كلامه ومن تجاوز القرآن والحديث لا يحصل بهذا التجاوز الا الضلال ولهذا قال ابن ابي العز رحمه الله في مقدمة شرحه للعقيدة الطحاوية قال كيف يرام الوصول الى علم الاصول بغير ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام اي ان هذا غير غير ممكن وكان شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله كثيرا ما يقول من فارق الدليل ظل السبيل ولا دليل الا ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فاذا مضى المسلم في هذا الباب معتمدا على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم معتصما بهما فلن يضل قال صلى الله عليه وسلم تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وسنتي كتاب الله وسنته ولهذا فان مذهب اهل السنة والجماعة في باب الاسماء والصفات يتلخص لانهم يثبتون لله ما اثبته لنفسه وما اثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل وينفون عن الله ما نفاه عن نفسه وما نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم كما قال الامام احمد لا نتجاوز القرآن والحديث. هذا نهجه وهذه الامور الاربعة تحريف تعطيل التكييف والتمثيل محاذير يجب على كل مسلم ان يكون منها على حذر وان يبتعد عنها لا يعطل شيئا من اسماء الله وصفاته التعطيل والنفي ولا يحرف شيئا منها بصرفه عن معناه وحرفه عن مدلوله ولا يمثل شيئا من اسماء الله وصفاته صفات المخلوقين فالله جل وعلا ليس كمثله شيء والممثل هو الذي يقول سمع الله كسمعنا وصر الله كبصرنا والله يقول ليس كمثله شيء هو السميع البصير والتمثيل كفر بالله والممثل المشبه كافر بالله جل وعلا ولهذا قال بعض السلف وهو نعيم بن حماد شيخ الامام البخاري قال الممثل يعبد صنما الذي يمثل يمثل الله جل وعلا بالمخلوقات هذا يعبد صنم لان الله عز وجل منزه عن ذلك. قال والمعطل يعبد عدما بل يجحد الصفات وينفيها ولا يثبتها في الحقيقة هو يعبد العدم فيكون المسلم حذرا من ذلك وحذر من التكييف لا يحاول ان يعرف كيفية صفات الله فالكيف مجهول كما قال ذلك مالك وغيره من ائمة السلف قالوا امروها كما جاءت بلا كيف لان الكيد مجهول فيحذر المسلم من ذلك واهل السنة منهجهم في هذا الباب اثبات بلا تمثيل وتنزيه بلا تعطيل على حد قوله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء هو السميع البصير اثبت جل وعلا لنفسه السمع والبصر بعد نفي المثلية فدل ذلك على ان اثبات الصفات لله جل وعلا على الوجه اللائق بجلاله وكماله مع تنزيهه عن مماثلة المخلوقين هو الصواب الذي لا اصهى بغيره. والحق الذي لا حق غيره هو الذي عليه اهل السنة والجماعة هو الذي يجب ان يكون عليه كل مسلم انتقل الى المحور الثالث في هذا الموضوع وهو اثر المعرفة الصحيحة باسماء الله تبارك وتعالى وصفاته انا العبد في حياته وعبوديته وفي اخلاقه ومعاملته وفي عموم اخوانه وهذا موظوع حافل لانك تحتاج في هذا الموضوع ان تقف عند كل اسم من اسماء الله جل وعلا وتبين الاثار والعبوديات التي يقتضيها يستوجبها ايمان العبد بهذا الاسم والامر كما قال اهل العلم كل اسم من اسماء الله تبارك وتعالى له عبودية من موجبات الايمان بهذا الاسم كل اسم من اسماء الله له عبودية هي الموجبات الايمان بالاسم وبهذا يعلم ان ازدياد العبد بالمعرفة او من المعرفة باسماء الله الحسنى وصفاته العليا مع فقهها فقها صحيحا يعود عليه في اخلاقه وادابه ومعاملاته وسلوكه وجميع شؤونه بالاثار والثمار النافعة وتتحقق له اه زكاة نفسه وصلاح حاله بحسب ما يكون فيه او ما يكون عليه من المعرفة بالله جل وعلا واسمائه وصفاته قد مر معنا قول الله عز وجل انما يخشى الله من عباده العلماء ولنقف على بعض الامثلة للتوضيح ايمانك بان الله سبحانه وتعالى عليم وتقرأ في القرآن ايات كثيرة جدا فيها اثبات علم الله بل كثير من الايات تختم بهذا المعنى والله خبير بما تعملون والله بما تعملون عليم والله عليم بما تعملون ايات كثيرة في القرآن تختم بهذا المعنى سواء في مقام ترغيب او في مقام مقام الترغيب ايات تكرر هذا المعنى الم يعلم بان الله يرى لتعلموا ان الله على كل شيء على كل شيء قدير وان الله قد احاط بكل شيء علما يعلم ما ينجو في الارض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم اينما كنتم ايات كثيرة جدا بالقرآن تقرر هذه المعنى وتجد ايات الوعيد تختم به وايات الوعد تختم به الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين فهذا يفيدك ان علمك بان الله سبحانه وتعالى عليم تحتاج اليه والى استحضاره في مقام العبادة وفعل الصالحات لتخلص لتصدق لتحسن الاقبال على الله جل وعلا في عباده وتحتاج اليه ايضا في باب المنهيات لانه اعظم رادع واكبر زاجر بل يقول الشيخ الشنقيطي رحمه الله في بعض كتبه اتفق اهل العلم على ان اعظم واعظ واكبر زاجر الايمان بان الله بكل شيء عليم اكبر زاجر واعظم رادع الانسان ايمانه بان الله بكل شيء عليم وكل ما كان العبد يستحضر ذلك علم الله به اطلاعه عليه انه سبحانه وتعالى لا تخفى عليه خافية في الارض ولا في السماء فهذا اكبر زاجر العبد عن مقارفة الذنوب وغشيان الاثام والوقوع فيها وظرب مثال فقط للتقريب ولله المثل الاعلى قال لو لو تصورنا ان امير بلد امير بلد ذا بطش وذا شدة وذا قوة وذا نكال وعنده نساؤه وحريمه وتهدد من يقع في شيء من الاذى او التعدي شيء من حريمه ان يعاقبه باشد عقوبة وان يوقع به اشد نكال ووظع من يراقب ومن يتابع ومن يخبر يقول الانسان الذي يكون في مثل هذا الحال تجده يمنع نفسه خوفا منه وهو مخلوق مثله وقاصر وضعيف فما بال الانسان عندما يحقق الايمان بعلم الله سبحانه وتعالى او كيف يكون حال انسان عندما يحقق الايمان بعلم الله سبحانه وتعالى بك جل وعلا واطلاعه عليه مع علمه بكمال قدرته وشدة بطشه وشدة عقوبته وما توعد الله سبحانه وتعالى به اهل الذنوب والمعاصي فاذا استحضر العبد علم الله جل وعلا واطلاعه هذا اكبر زاجر ولهذا ذكر ابن رجب رحمه الله ببعض كتبه ان اعرابيا راود اعرابية في الصحراء وقال لها نحن في مكان لا يرانا الا الكواكب يعني من اي شيء تخافين قالت اين مكوكبها اين مكوكبها فكف الرجل وامتنع وذكر ان رجلا اكره امرأة على نفسه وقال لها غلقي الابواب تغلقت الابواب قال اغلقت جميع الابواب؟ قالت نعم الا باب واحد قال اي باب؟ قالت الباب الذي بيننا وبين الله الباب الذي بيننا وبين الله هذا ما يمكن ان يغلق فكف الرجل كل ما كان العبد مستحظرا لعلم الله سبحانه وتعالى به واطلاعه عليه كان ذلك اكبر زاجر له واكبر رادع اذا ظممت الى ذلك ايمانك بان الله سميع يسمع جل وعلا جميع الاصوات وسع سمعه الاصوات كما قالت عائشة رضي الله عنها في قصة المجادلة قالت الحمد لله الذي وسع سمعه الاصوات لما نزل قوله تعالى قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي الى الله والله يسمع تحاوركما ان الله سميع بصير وعائشة انا كنت في البيت وكانت تجادل النبي صلى الله عليه وسلم في زوجها فكنت اسمع بعض كلامها ويخفى علي بعضا ولم وعندما انهت كلامها نزل قول الله قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ولو ان الناس بل الانس والجن من زمن ادم الى ان يرث الله الارض ومن عليها. قاموا جميعا في صعيد واحد وسألوا الله في لحظة واحدة لسمعهم جل وعلا اجمعين لو انهم في لحظة واحدة في دقيقة واحدة كل الاولين والاخرين اجتمعوا في صعيد واحد وسأله كل بلغته وكل بلهجته وكل يذكر حاجته لسمعهم تبارك وتعالى اجمعين دون ان يختلط عليه صوت بصوت ولا لغة بلغة ولا حاجة بحاجة قال جل وعلا في الحديث القدسي يا عبادي لو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فاعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك من ملكي شيئا الا كما ينقص المخيط اذا غمس في البحر وهو جل وعلا بصير بالعباد يرى جل وعلا جميع المفصلات. يرى جميع الكائنات يرى سبحانه وتعالى من فوق سبع سماوات دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء ويرى جريان الدم في عروقها ويرى كل جزء من اجزائهم بصير جل وعلا لا تخفى عليه خافية فاذا استحضر الانسان علم الله وسمعه وبصره وانه جل وعلا الخبير يا بني يا بني انظر وصية لقمان انها ان تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة او في السماوات او في الارض يأتي بها الله ان الله لطيف خبير والخبير الذي يعلم بواطن الاشياء وخفايا الامور فان الله لطيف خبير وانظر التربية على العقيدة وعلى الايمان بالله واسماءه وصفاته من لقمان الحكيم يا بني يربي ابنه على العقيدة الصحيحة وعلى المعرفة بالله وبعظمته واسمائه وصفاته واطلاعه يا بني انها ان تكن مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة او في السماوات او في الارض يأتي بها الله ان الله لطيف خبير يعلمه ذلك ويلقنه الاعتقاد لينسى على عقيدة صحيحة انظروا الفرق في التربية بين هذا النهج المبارك ونهج الانسان عندما يربي ابناءه بتخويفهم بشخصه وربطهم بعقوبته هو مثلا يقول الوالد لولده انتبه لا تفعل كذا انا اراقبك انا اتابعك وين ما تروح انا عيني معك في يوم من الايام يكتشف هذا الابن ان هذا التهديد غير صحيح وان والده ما يستطيع يتابع فينسى عنده شيء من الخلل لان الشيء الذي ربي عليه تبين له عدم صحته بينما اذا ربي الابن على العقيدة والمراقبة لله والمعرفة به جل وعلا وباسمائه وصفاته هذا امر اخر يا بني انها ان تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة او في السماوات او في الارض يأتي بها الله ان الله لطيف خبير فهذا يبين لنا الاثر المبارك على علم الله على علم الاب اسماء الله جل وعلا وصفاته عندما تؤمن بان الله تواب تستحضر هذا المعنى كم يفتح لك هذا من ابواب الخير وتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح لله اشد فرحا بتوبة عبده اذا تاب من احدكم اظل راحلة بفلاه عليها طعامه وشرابه حتى اذا ايس منها استظل بظل شجرة ينتظر الموت فبين هو كذلك اذا بخطام ناقته عند رأسه فامسك بخطام ناقته وقال من شدة الفرح اللهم انت عبدي وانا ربك اخطأ من شدة البراءة هذا اشد فرح يتصور اشد فرح يتصور في الناس يقول عليه الصلاة والسلام هذا الفرح الذي هو اشد فرح يتصور الله عز وجل اشد فرحا بتوبة عبده اذا تاب من هذا برحلته فاذا امن الانسان بان الله تواب وانه يتوب على عباده ويعفو عن السيئات قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم تجد القنوط يزول واليأس الذي يستولي عليه من كثرة ذنوبه يذهب ويعظم اقباله على ربه سبحانه وتعالى راجيا منه جل وعلا ان يتوب عليه والتواب اسم من اسمائه جل وعلا وتوبته على عبده هي توبة على العبد التوفيق للتوبة وتوبة على العبد قبول التوبة وكل ذلك فضل من التواب سبحانه ثم تاب عليهم ليتوبوا توفيقهم للتوبة الذي يوفق للتوبة هو التواب والذي يقبل التوبة هو التواب سبحانه وتعالى فاذا عرف ان ربه تواب يقبل التوبة عن عباده ويدعو الى التوبة وتوبوا الى الله جميعا. هكذا يقول الله في القرآن وتوبوا الى الله جميعا. ايها المؤمنون لعلكم تفلحون يا ايها الذين امنوا توبوا الى الله توبة نصوحا عسى ربكم ان يكفر عنكم سيئاتكم فيدعو الى التوبة جل وعلا والايات التي هي الدعوة للتوبة والاحاديث كثيرة جدا مهما كان الذنب ومهما بلغ الجرم وحذر جل وعلا عبادا من القنوط من رحمته سبحانه وتعالى وهكذا اذا مضى العبد في في هذا الباب يعرف الاسماء ويعرف الصفات ويحقق الاثار والعبوديات التي تقتضيها يرى الخير والسعادة واللذة في حياته والنبي عليه الصلاة والسلام يربط بين العقيدة والشريعة قل امنت بالله ثم استقم والعقيدة هي اساس صلاح الانسان في عبادته وسلوكه ومعاملته وجميع شؤونه ولهذا تجد احاديث الاعتقاد تربط بالامر الخير او النهي عن المنكر الامر بالمعروف او بالنهي عن المنكر. الربط بين العقيدة وبين العمل يقول عليه الصلاة والسلام انكم سترون ربكم يوم القيامة لا تضامون في رؤيته فان استطعتم الا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها فافعلوا ينزل ربنا الى سماء الدنيا كل ليلة في ثلث الليل الاخر فيقول هل من سائل فاعطيه؟ هل من داع فاجيبه؟ هل من مستغفر فاغفر له تجد الاحاديث الكثيرة التي تربط بين العقيدة هو العمل العقيدة والشريعة مما يبين للانسان للمسلم ان المسلك القوام والمنهج السديد في هذا الباب ان يقوي جانب المعرفة بالله سبحانه وتعالى وان يجتهد في معرفة المعاني ثم يحقق العبوديات المتعلقة لتلك الاسماء وما من اسم من اسماء الله جل وعلا الا له عبودية هي من مقتضيات وموجبات ذلك الاسم واهل العلم لهم في هذا الباب مؤلفات عديدة ولي محاولة انا بهذا الباب في كتاب طبع اه مؤخرا او قريبا بعنوان فقه الاسماء الحسنى آآ اوضحت فيه كثير من جوانب هذا الموظوع ومعاني الاسماء الحسنى وايضا مقتضياتها والعبودية التي تختص بها والاثار التي يقتضيها ذلك الايمان والثمار التي يجنيها العبد واسأل الله الكريم رب العرش العظيم باسمائه الحسنى وصفاته العلا ان يصلح شأننا اجمعين وان يرزقنا الفقه في دينه وان يوفقنا لاتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم وان يصلح لنا ديننا الذي هو عصمة امرنا وان يصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا. وان يصلح لنا اخرتنا التي فيها معادنا وان يجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر وان يغفر لنا ولوالدينا ولمشايخ وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات انه تبارك وتعالى سميع مجيب قريب وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبد الله ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين