ايها الاخوة الكرام حيث نلتقي فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرزاق ابن عبد المحسن البدر الاستاذ في الجامعة الاسلامية والمدرس بالمسجد النبوي الشريف في ليلة ليست كاليالي حيث نجتمع لنتدارس سويا اعظم اية انزلت في اعظم كتاب على سيد ولد ادم صلى الله عليه وسلم اية الكرسي وقد علمت ان الشيخ قد طرحها في سبع وعشرين ليلة امضاها في المسجد النبوي الشريف مستخرجا منها اسماء الله عز وجل وصفاته والقواعد في هذا الموضوع مبينا ومجليا لمعانيها العظيمة وليس بعجيب ان تكون هذه المدة لمثل هذه الاية بل هي باطول منها احرى واولى. واليوم يعطينا فضيلته شيئا من اطراف تلك الليالي الجميلة في ذلك المكان طيب المبارك ندعكم مع الشيخ فالوقت قصير فليتفضل الشيخ جزاه الله خيرا وبارك الله فيه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له معاشر الاخوة الكرام لقاؤنا فهذه الليلة التي نسأل الله جل وعلا ان يجعلها ليلة خير وبركة وتقرب الى الله سبحانه وتعالى بمذاكرة اعظم اية في كتابه جل وعلا اية الكرسي الله لا اله الا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الارض من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء وسع كرسيه السماوات والارض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم وهذه الاية تحتاج منا جميعا الى عناية بالغة واهتمام كبير عناية بها من حيث المواظبة على تلاوتها ولا سيما في الاوقات الموظفة الراتبة لتلاوتها في اليوم والليلة مما سيأتي بيانه والاشارة اليه ومن حيث تعقل معانيها ومعرفة دلالاتها وتدبر مضامينها وقد قال الله سبحانه وتعالى في القرآن عموما افلا يتدبرون القرآن فكيف الامر باعظم اية في كتاب الله جل وعلا ومن حيث تحقيق ما دلت عليه من الاخلاص لله تبارك وتعالى وتعظيمه جل وعلا وتحقيق التوحيد له والبراءة من الشرك والخلوص منه فهذه الاية المباركة العظيمة تحتاج منا الى مزيد عناية ومواصلة في الاهتمام لكي نربح ثمارها العظيمة واكلها واكلها المبارك ونتائجها العظيمة المثمرة على تاليها ومتدبرها ومحققها في دنياه واخراه ولعل اول ما نبدأ به الحديث عن هذه الاية المباركة ما جاء في صحيح مسلم عن ابي ابن كعب رضي الله عنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ابا المنذر اي اية من كتاب الله معك اعظم اي اية من كتاب الله معك اعظم قال قلت الله ورسوله اعلم قال يا ابي او يا ابا المنذر اي اية معك من كتاب الله اعظم قال قلت اية الكرسي الله لا اله الا هو الحي القيوم قال فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيده على صدري وقال والله ليهنك العلم يا ابا المنذر والله ليهنك العلم يا ابا المنذر اي هنيئا لك هذا العلم العظيم الذي ساقه الله لك ومن عليك به ليهنك العلم ويحلف على هذه التهنئة بالله تبارك وتعالى تعنية لهذا المقام وتفخيما لهذا الشأن وهنا ايها الاخ الموفق لابد ان تتأمل في امور عديدة تبين لك عظم هذا الامر وفخامته وكبره اعني فهذا الجواب المسدد الذي اجاب به هذا الصحابي الجليل رظي الله عنه فتأمل اولا ان هذا الصحابي لما سأله النبي عليه الصلاة والسلام فهذا السؤال اي اية معك من كتاب الله اعظم وابي من حفاظ القرآن فالقرآن معه كله في صدره يحفظ القرآن كاملا بل قالوا في ترجمته سيد القراء فمعه القرآن كاملا وايات القرآن تزيد على الستة الاف اية والنبي صلى الله عليه وسلم يقول اي اية معك من كتاب الله اعظم فهو يستخرج اية هي اعظم اية في القرآن من بين ما يزيد على الستة الاف اية ليس استخراجه لها من بين عشر ايات او عشرين وليس استخراجه لها من بين مئة اية او مئتين بل من ايات يزيد عددها على الستة الاف اية تأمل ايضا ان ابي رضي الله عنه اجاب على هذا السؤال في الوقفة نفسها ليس بعد مهلة زمنية للتفكير والتأمل كاسبوع او اسبوعين او شهر او شهرين ثم يأتي بالجواب بل الجواب في الوقفة نفسها في اول الامر لما سأله النبي عليه الصلاة والسلام اي اية معك من كتاب الله اعظم؟ قال الله ورسوله اعلم فلما اعاد عليه السؤال ادرك رضي الله عنه ان اعادة السؤال هنا اذن له رضي الله عنه بالاجتهاد في الامر بين يدي رسول الله عليه الصلاة والسلام فلما شعر بهذا الاذن في الاجتهاد اجاب فورا قائلا اية الكرسي الله لا اله الا هو الحي القيوم وهنا ايها الاخ الموفق حتى حتى تدرك السرعة العظيمة لاستخراج هذا الجواب بهذه الوقفة القصيرة واللحظة اليسيرة تأمل في هذا المقام عظمة ومكانة التوحيد في قلوب الصحابة رضي الله عنهم. فهو سر الجواب واساس المسألة سر هذا الجواب وهذه المسألة العظيمة ادراك الصحابة رضي الله عنهم لمكانة التوحيد وعظم شأنه وان التوحيد هو اعظم شيء في القرآن ولهذا ابي لما سأله النبي عليه الصلاة والسلام اي اية معك من كتاب الله اعظم لم يرد على ذهنه ايات الاحكام ولم يرد على ذهنه ايات الامم او قصص الامم السابقة ولم يرد على ذهنه ايات اهوال يوم القيامة ولم يرد على ذهنه ايات الاداب او نحوها. وانما الذي جاء وقفز الى ذهنه رأسا اعظم شيء في القرآن وهو توحيد الله توحيد الله جل وعلا واخلاص الدين له فورد عنده ايات التوحيد ووجد بفهمه للقرآن ومعرفته بدلالاته ومعانيه ان اعظم ايات التوحيد اية الكرسي اعظم الايات تقريرا للتوحيد وبيانا لبراهينه ودلائله اية الكرسي حتى قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في بعض تصانيفه ان ما اجتمع في اية الكرسي من براهين التوحيد ودلائله لم يأت مجتمعا في اية اخرى غيرها في القرآن الكريم بل ما جاء مجتمعا فيها جاء مفرقا في ايات كما في اوائل سورة الحديد وخواتيم سورة الحشر ونحوها من ايات التوحيد في القرآن فاية الكرسي اختصت من بين اي القرآن انها اية اخلصت لتقرير التوحيد وبيان براهينه وذكر حججه ودلائله بما لم يأتي مجتمعا في اية اخرى من ايات القرآن الكريم ولهذا بادر ابي رضي الله عنه هذه المبادرة واجاب بهذا الجواب المسدد الذي يبين لنا مكانة التوحيد في قلوب الصحابة رضي الله عنهم وارضاهم شبيه لهذا مما يبين مكانة التوحيد في قلوب الصحابة وقصة الصحابي الجليل الثابتة في صحيح البخاري وغيره عندما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في سرية عندما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في سرية فكان يقرأ في اصحابه في كل ركعة بقل هو الله احد فاشكل عليهم هذا الامر ولما رجعوا رجعوا الى النبي صلى الله عليه وسلم سألوه في ذلك فقال لهم عليه الصلاة والسلام اسألوه لاي شيء كان يفعل ذلك؟ فسألوه لاي شيء يفعل ذلك؟ فسألوه فقال لان فيها صفة الرحمن وانا احب الرحمن هذا هو سر الامر لان فيها صفة الرحمن. وانا احب الرحمن فاخبروا النبي صلى الله عليه وسلم فقال اخبروه ان الله يحبه وفي رواية ان حبك اياها ادخلك الجنة لان فيها صفة الرحمن وانا احب الرحمن. ايات التوحيد لها شأنها ولها مكانتها ولها منزلتها ولها قدرها في نفوس الصحابة. لانهم يدركون انها اعظم شيء في القرآن الكريم. ايات اخلصت لبيان عظمة الرب لبيان جلال الرب لبيان كمال الرب سبحانه وتعالى لبيان انه وحده جل وعلا المستحق المستحق للعبادة دون سواه جل وعز فكانت هذه الايات لها شأن عظيم ومنزلة عالية فاية الكرسي اعظم اية في القرآن وسورة الاخلاص تعدل ثلث القرآن ومن قرأ سورة قل يا ايها الكافرون قبل ان قبل ان ينام كتب له براءة من الشرك كما ثبت بذلك الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام بل كان بعض السلف يسميها المقشقشة لانها تقشقش الشرك وتزيله وتبعد الانسان عنه اذا قرأ هذه السورة متدبرا لها فالشاهد ان هذه الاية العظيمة المباركة اعظم اية القرآن على الاطلاق وعظمتها من عظمة الفاظها ومعانيها. والا فان القرآن المتكلم به واحد وهو رب العالمين. ولكن ايات اياته وصوره تفاضلت بتفاضل الالفاظ والمعاني المبينة. فالايات التي بين فيها التوحيد. وبين فيها عظمة الرب وجلاله وكماله سبحانه تعالى وبين فيها انه المستحق للعبادة جل وعلا اعظم من غيرها من الايات وهذا امر بينه العلماء واطال في بيانه وتوضيحه شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه جواب اهل الايمان في ان سورة قل هو الله احد تعدل ثلث القرآن ايها الاخوة هذه الاية المباركة اية الكرسي ورد عن نبينا صلى الله عليه وسلم في احاديث عديدة حث على قراءتها وترغيب في تلاوتها وتوظيفها في ايام المسلم ولياليه والذي ثبت عنه في هذا الباب انها تقرأ قراءة موظفة راتبة في اليوم والليلة ادبار الصلوات الخمس كما في حديث ابي امامة الباهلي في سنن النسائي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال من قرأ اية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة الا ان يموت يقول ابن القيم رحمه الله في كتابه زاد المعاد سمعت شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله يقول ما تركتها عقيب كل صلاة ما تركتها عقيب كل صلاة ويشرع قراءتها كل ليلة اذا اوى المسلم الى فراشه لما ثبت في صحيح البخاري في قصة اسير ابي هريرة رضي الله عنه ولهذا نبه اهل العلم ان هذه الاية ونظائرها من اية القرآن الكريم اثرها في العبد طرع عن عناية العبد بتدبر معانيها وتأمل دلالاتها ولعلك هنا ينقدح في ذهنك سؤال عن الحكمة في قراءة هذه الاية مرات وكرات في ايام المسلم ولياليه وجواب ذلك ان ذلك كله استذكار للتوحيد وعناية بمقامه وتدبر لدلالاته وبراهينه. ليصبح المسلم في ايامه ولياليه لا يزال تذكرا التوحيد مستحظرا له معتنيا بدلائله وبراهينه واقول هنا كلمة من حفظ هذه الاية وفهمها وتدبرها وعقل مدلولها وحقق ما دلت عليه خرج من الشرك كله اوله اخره وخلص له توحيده باذن الله تبارك وتعالى فهي اية لها شأنها ولها مكانتها ولها اثرها بل كما وصفها اهل العلم هي اية اشتملت على دروس مختصرة عظيمة النفع جليلة القدر في بيان التوحيد وتقريره وذكر دلائله وبرائله ايها الاخوة الكرام بدأت هذه الاية المباركة العظيمة بكلمة التوحيد الخالدة لا اله الا الله قدرت هذه الاية بكلمة التوحيد الله لا اله الا هو قدرت الاية بذلك ثم اتبعت ثم اتبع هذا التصدير بذكر البراهين وحشت الادلة على هذا التوحيد الذي خلق الخلق لاجله واوجدوا لتحقيقه التوحيد الذي خلقنا له قدرت الاية به الله لا اله الا هو اي لا معبود بحق سواه فكلمة لا اله الا الله التي صدرت بها اية الكرسي هي اعظم الكلمات على على الاطلاق واجلها وليس في الكلمات كلمة وليس في الكلمات كلمة اعظم من اعظم من هذه الكلمة فهي اعظم الكلمات واجلها وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام في بيان عظيم شأن هذه الكلمة وخير ما قلته انا والنبيون من قبلي لا اله الا الله وحده لا شريك كذا له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير فهي اعظم كلمة قالها نبي وهي اول كلمة يسمعها الاقوام من انبيائهم وهي التي يسأل عنها الخلائق يوم القيامة فيوم القيامة يسأل الاولون والاخرون ماذا كنتم تعبدون؟ وجواب ذلك الصحيح الذي لا جواب غيره لا اله الا الله علما بمعناها وتحقيقا لمدلولها وقياما بمقتضاها لا اله الا الله هي كلمة التوحيد وكلمة الاخلاص وكلمة التقوى والعروة الوسطى كما قال الله سبحانه وتعالى في الاية التي تلي اية الكرسي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى اي بلا اله الا الله بل قال سفيان بن عيينة رحمه الله ما انعم الله على عباده نعمة اعظم من ان عرفهم لا اله الا الله واقرأ دليل ذلك في سورة النحل التي هي سورة النعم كما يسميها بذلك جماعة من اهل العلم لكثرة ما عدد الله تبارك وتعالى بها من نعمه بدأها جل وعلا باعظم نعمة فقال سبحانه اتى امر الله فلا تستعجلوه وتعالى عما يشركون ينزل الملائكة بالروح من امره على من يشاء من عباده ان انذروا انه لا اله الا انا فاعبدون فصدرت باعظم نعمة وهي نعمة التوحيد التي تدل عليها كلمة التوحيد لا اله الا الله فاية الكرسي بدأت بهذه الكلمة العظيمة الله لا اله الا هو اي لا معبود بحق سواه بدأت بالمقصود الاعظم والغاية الاجل التي خلق الخلق لاجلها واوجدوا لتحقيقها. كما قال رب العالمين وما خلقت الجن والانس الا هل يعبدون لا اله الا الله نفي واثبات وعليهما قيام التوحيد بل لا قيام لا قيام للتوحيد الا على هذين الركنين الذين دلت عليهما هذه الكلمة العظيمة. النفي والاثبات النفي العام في اولها لا اله نفي عام للالوهية عن كل من سوى الله وابطال لها لا اله الا الله اثبات للالوهية بكل معانيها وجميع دلالاتها لله تبارك وتعالى وحده ولهذا لا يكون المرء موحدا الا بالقيام بهذين الركنين العظيمين والاصلين المتينين الذين دلت عليهما هذه الكلمة المباركة لا اله الا الله نفي للعبودية عن كل من سوى الله واثبات لها بكل معانيها لله وحده من نفى ولم يثبت لا يكون موحدا ومن اثبت ولم ينفي لا يكون موحدا بل لا يكون موحدا الا بالنفي والاثبات نفي العبودية عن كل من سوى الله واثبات العبودية بكل معانيها لله تبارك وتعالى وحده وبهذا نعلم ان لا اله الا الله التي صدرت بها اية الكرسي ليست كلمة لا معنى لها او لفظة لا مدلول لها او قولا لا مضمون له بل هي كلمة دالة على اعظم المعاني واجل المقاصد على الاطلاق وهو توحيد الله تبارك وتعالى واخلاص الدين له والبراءة من الشرك كله صغيره وكبيره دقيقه وجليله. لا اله الا الله اي لا معبود بحق الا الله فهو وحده المعبود بحق ولا معبود بحق سواه. هو جل وعلا الذي يفرد بالعبادة بالصلاة بالصيام بالدعاء بالتوكل بالخوف بالنذر بالرجاء بكل عبادة. فاهل لا اله الا الله حقا لا يدعون الا الله. ولا يستغيثون الا بالله ولا يطلبون المدد الا من الله ولا يتوكلون الا على الله ولا ينذرون الا لله ولا يصرفون شيئا من العبادة الا لله تبارك وتعالى وحده هذا هو معنى اه كلمة التوحيد التي صدرت بها هذه الاية المباركة. الله لا اله الا هو اي لا معبود بحق سواه قدرت بالتوحيد ثم اتبع هذا التصدير بذكر البراهين. والدلائل على ان المعبود بحق ولا معبود بحق سواه هو الله تبارك وتعالى. فذكرت البراهين في هذه الاية ذكرت ذكرا متناسقا برهانا يتلوه برهان وحجة يتبعها حجة حتى انتظم عقد مبارك وجوهر فريد من براهين التوحيد انتظمتها هذه الاية المباركة العظيمة فلما ذكر جل وعلا في اولها انه المعبود بحق ولا معبود بحق سواه اتبع ذلك بذكر البراهين البرهان الاول من براهين التوحيد في هذه الاية في قوله جل وعلا الحي هذا برهان عظيم من براهين التوحيد فالحي اسم من اسماء الله تبارك وتعالى دال على الحياة الكاملة التي اتصف بها رب العالمين الحياة التي لم تسبق بعدم فهو تبارك وتعالى اول ليس قبله شيء حياة لا يلحقها فناء. كل شيء هالك الا وجهه حياة لا يعتريها نقص او ضعف او سنة او نوم او تعب او غير ذلك مما يعتري حياة غيره جل وعلا فهو جل وعلا الحي الحياة الكاملة. ومن كان هذا شأنه هو وحده تبارك وتعالى. الذي يستحق ان يخص بالعبادة وان يفرد بالطاعة ولهذا قال في اية اخرى وتوكل على الحي الذي لا يموت وتوكل على الحي الذي لا يموت اما الحي الذي يموت او الحي الذي قد مات او الذي ليس بحي اصلا بل هو جماد من الجمادات فاي من هؤلاء لا يستحق شيئا من من العبادة. وبهذا نعلم كفاهة عقول وحقارة افكاري وعقولي من يعبدون غير الله من اناس اموات او جمادات ليس لها حياة اصلا يعبدونها ويسألونها ويستغيثون بها ويتوكلون عليها ويطلبون منها حاجاتهم ويدعون الالتجاء والتوكل على الحي الذي لا يموت تبارك وتعالى اذا اسمه الحي جل وعلا الدال على كمال حياته هذا برهان من براهين توحيده ووجوب اخلاص الدين له جل وعلا البرهان الثاني في قوله سبحانه وتعالى القيوم وهذا اسم عظيم من اسمائه تبارك وتعالى وهو دال على قيوميته جل وعلا والقيومية التي هي صفة من صفات الله تبارك وتعالى تدل على امرين الامر الاول قيامه سبحانه وتعالى بنفسه وهذا يدل على كمال غناه سبحانه وتعالى هو قائم بنفسه غني عن خلقه جل وعلا يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله والله هو الغني الحميد وفي الحديث القدسي يقول تعالى يا عبادي انكم لن تبلغوا نفعي فتنفعوني ولن تبلغوا ضري فتضروني. فهو جل وعلا قيوم قائم بنفسه غني عن خلقه والمعنى الاخر الذي تدل عليه قيوميته سبحانه قيامه سبحانه وتعالى بشؤون خلقه وهذا يدل على كمال قدرته وتدبيره لشؤون الخلق كما قال عز وجل ومن اياته ان تقوم السماء والارض بامره وكما قال جل وعلا افمن هو قائم على كل نفس بما كسبت وجعلوا لله شركاء قل سموهم وكما قال جل وعلا ان الله يمسك السماوات والارض ان تزول ولئن زالتا ان امسكهما من احد من بعده فهو جل وعلا القيوم اي القائم بنفسه القيوم اي القائم بشؤون خلقه تصرفا وتدبيرا فمن كان هذا شأنه وهذا وصفه قيوم قائم بنفسه غني عن خلقه قيوم قائم بشؤون خلقه مدبرا متصرفا جل وعلا كيف شاء وبما شاء جل وعلا فوحده المستحق لان يعبد وان يخص بالذل والخضوع والالتجاء والانكسار ولا يصرف شيء من ذلك لاحد سواه البرهان الثالث في قوله تبارك وتعالى لا تأخذه سنة ولا نوم وهذا من اوصافه سبحانه وتعالى انه جل وعلا منزه عن السنة والنوم والسنة اول النوم وبداياته وهو النعاس والنوم معروف والله تبارك وتعالى حي قيوم لا تأخذه سنة ولا نوم. ولهذا قال نبينا عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح قال ان لا ينام ولا ينبغي له ان ينام يخفض القسط ويرفعه يرفع اليه عمل الليل قبل النهار. وعمل النهار قبل الليل. قال حجابه النور لو كشفه احرقت سبحات وجه ما انتهى اليه بصره من خلقه جل وعلا قيوم اه ان الله لا ينام ولا ينبغي له ان ينام وتنزيهه تبارك وتعالى عن النوم دليل على ثبوت كمال قوته وكمال قدرته وكمال تدبيره سبحانه وتعالى وكمال حياته لان القاعدة عند اهل العلم ان كل امر نفي عن الله تبارك وتعالى في الكتاب والسنة يثبت لله تبارك وتعالى كمال ضده فنفي السنة والنوم عنه دليل على كمال حياته وكمال قيوميته وكمال قدرته جل وعلا وكمال تدبيره عز وجل لا تأخذه سنة ولا نوم من كان هذا شأنه هو المستحق لان يعبد وان يخضع له ويذل. اما الذي تأخذه سنة ونوم ووصفة للناس وصفة للاحياء والنوم فرع التعب فرع النصب فرع المشقة بل يقول ابن القيم رحمة الله عليه كلمة جميلة في بيان ملاذ الدنيا التي يتمتع بها الناس يقول كل لذة يتمتع بها الانسان فهي متولدة عن وجع وتعب كل لذة يتمتع بها الانسان متولدة عن وجع وتعب لذة النوم تكون متى عند شدة التعب اذا جاء الانسان متعبا مرهقا اصابه العناء والكد والتعب يجد لذة للنوم لذة الطعام يجدها عند الجوع لذة الماء والشراب يجدها عند العطش اذا كان الانسان شبعان لا يجد لذة للطعام ولو كان من اهناء الطعام واطيبه. ولو كان رويان لا يجد لذة للماء ولو كان جسمه مرتاح ليس بمتعب لا يجد لذة للنوم فلذات الدنيا للانسان فرع عن تعبه. اذا النوم متولد عن تعب عن حاجة عن نصب فمن كان شأنه النوم والتعب والنصب ايليق بمن كان هذا شأنه ان يصرف له شيء من العبادة او يعطى شيء من الطاعة والخضوع والذل اذا كونه تبارك وتعالى لا تأخذه سنة ولا نوم هذا من براهين توحيده ودلائل وجوب اخلاص التوحيد له جل وعلا البرهان الرابع في قوله جل وعلا له ما في السماوات وما في الارض هذا من براهين توحيده سبحانه له ما في السماوات وما في الارض اي ملكا وتدبيرا كل ما في السماوات وما في الارض ملك لله جل وعلا. وكل ما في السماوات وما في الارض خاضع لتدبيره وتصرفه في وعلا الملك ملكه والخلق خلقه سبحانه وتعالى هذا من براهين توحيده له ما في السماوات وما في الارض اي ملكا وتصرفا وتدبيرا ومن سوى الله جل وعلا لا يملك في السماوات ولا في الارض مثقال ذرة قال الله عز وجل قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الارض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير ولا تنفع الشفاعة عنده الا لمن اذن له وقال جل وعلا والذين يدعون والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير ان تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بسرككم ولا ينبئك مثل خبير ويقول جل وعلا قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا. الملك ملك الله سبحانه وتعالى ولا يوجد اي مخلوق كائنا من كان يملك في هذا الكون مثقال ذرة ملكا استقلاليا نعم هناك من يملك لكن ماذا يملك املاكا ملكها بتمليك رب العالمين لها بتمليكه اياها رب العالمين قال الله عز وجل قل اللهم ما لك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء فيك الخير انك على كل شيء قدير ومن يملك شيئا في الدنيا فهو صائر الى احد امرين اما ان يفارقه وما يملك او يفارقه ما يملك لا مناص اما ان يفارقه وما يملك او يفارقه ما يملك بجائحة او تلف او غير ذلك من الاسباب وملكه لما يملك انما ملكه بتمليك الله تبارك وتعالى له الملك ملك الله سبحانه وتعالى له ما في السماوات وما في الارض هذا من الدلائل والبراهين على انه تبارك وتعالى المستحق لان يعبد لانه سبحانه وتعالى المالك لهذا الكون. ايليق والامر كذلك ان يسوى به تبارك وتعالى مملوك مما من مماليكه ومخلوق من مخلوقاته يسوى به ويعدل به الحمد لله الذي جعل الحمد لله الذي خلق الحمد لله الذي خلق السماوات والارض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم مع انه الخالق للسموات والخالق للارظ والخالق لهذه المخلوقات ثم يعدل به يسوى به مخلوق من مخلوقاته ومملوك من مملوكاته سبحانه وتعالى يسوى بالله تبارك وتعالى ويعدل به جل وعلا هذا من ابطل الباطل واظلم الظلم واكبر الاعتداء ان الشرك لظلم عظيم. ليس هناك ظلم افظع ولا اشنع من ان يسوى مملوك من المملوكات ومخلوق من المخلوقات بالرب العظيم والمالك الجليل سبحانه وتعالى. اذا من براهين التوحيد ودلائله قوله جل وعلا له ما في السماوات وما في الارض اي ليس له شريك في ذلك تفرد بذلك عز وجل وكما انه سبحانه تفرد بالملك والخلق والرزق والتدبير والاحياء والاماتة فالواجب ان يفرد تبارك وتعالى وحده بالعبادة ولا يشرك به شيئا البرهان الخامس في قوله سبحانه من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه وهذا برهان عظيم من براهين التوحيد من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه وهذا فيه كمال سلطانه تبارك وتعالى فلا احد يستطيع ان يشفع عند الله تبارك وتعالى الا اذا اذن الله تبارك وتعالى له فالملك ملك الله ولهذا قال عز وجل ولا تنفعوا الشفاعة عنده الا لمن اذن له وقال جل وعلا وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا الا من بعد ان يأذن الله لمن يشاء ويرضى نبينا عليه الصلاة والسلام يوم القيامة لا يشفع للناس الا اذا اتاه الابن الالهي بعد سجوده لله رب العالمين ارفع رأسك وسل تعطى واشفع تشفع لا احد يشفع عند الله الا اذا اذن الله سبحانه وتعالى هذا برهان من براهين التوحيد وفيه ابطال لما عليهم لما عليه اهل الشرك في القديم والحديث من التعلق بغير الله تبارك وتعالى مدعين انهم وسطاء وشفعاء يقربونهم الى الله سبحانه وتعالى ويدنونه منه زلفى قال عز وجل ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاء شفعاؤنا عند الله وفي الاية الاخرى قالوا ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى. فابطل الله ذلك. قال من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه مهما علا شأن الانسان وارتفع مقامه وكبر جاهه عند الله لا يملك ان يشفع عند الله سبحانه وتعالى ولو لاقرب قريب واسمع هذه القصة العجيبة المؤثرة وقد رواها البخاري في صحيحه من حديث ابي هريرة رضي الله عنه وارضاه قال يلقى ازروا اباه يوم القيامة يلقى ازر اباه يوم القيامة وعلى وجهه غبرة وقدرة وعلى وجهه غبرة وقترة يلقى اباه يوم القيامة يلقى نعم يلقى يلقى ازر ابنه ابراهيم يوم القيامة او قال يلقى ابراهيم اباه يوم القيامة ازر وعلى وجهه قبرة وقترة على وجه ازر غبرة وقترة فيقول ابراهيم الخليل امام الحنفاء يقول نبينا عليه الصلاة والسلام حتى نستشعر اكثر الامر والمقام والجاه والمكانة. يقول عليه الصلاة والسلام ان الله اتخذني خليلا كما اتخذ ابراهيم خليلا. ابراهيم خليل الرحمن جاهه عظيم ومكانته عظيمة ومنزلته عليا والذي سيشفع له والده والذي سيشفع له والده قال يلقى ابراهيم اباه يوم القيامة وعلى وجهه قطرة وغبرة فيقول له الم اقل لك لا تعصيني إبراهيم يقول لوالده ألم اقل لك لا تعصيني فيقول والده الان لا اعصيك يقول الان لا اعصيك لكن لا تبيد في ذاك الوقت يقول الان لا اعصيك فيقول ابراهيم متوسلا طالبا من الله سبحانه وتعالى يقول يا رب الم تعدني اسمع ماذا يقول خليل الرحمن شافعا لوالده يا رب الم تعدني الا تخزني يوم يبعثون واي خزي اخزى من ابي الابعد الان يشفع لوالده يا رب الم تقل لي الم تعدني الا تخزني يوم يبعثون؟ واي خزي اخزى من ابي الابعد فيقول الله تبارك وتعالى اني حرمت الجنة على الكافرين اني حرمت الجنة على الكافرين ثم يقول الله له انظر تحت قدميك فينظر فاذا بذيخ ملطخ بدمه الديخ ذكر الظباع فاذا بضيخ ملطخ بدمه يتحول والده على هيئة بيخ ذكر الضباع ويؤخذ بقوائمه ويلقى في نار جهنم ويلقى في نار جهنم الشفاعة لا تكون الا باذن الله ولا تكون الا لمن رضيه الله تبارك وتعالى ولهذا جاء في صحيح البخاري من حديث ابي هريرة عن نبينا عليه الصلاة والسلام انه ذكر الغلول وعظم شأنه وقال عليه الصلاة والسلام في خطبة بليغة قال فيها عليه الصلاة والسلام لا يأتين ايها الناس لا يأتين احدكم يوم القيامة وعلى رقبته بعير له رغاء فيقول يا رسول الله اغثني فاقول لا املك لك شيئا قد ابلغتك لا يأتين احدكم يوم القيامة وعلى رقبته شاة لها ثقاء فيقول يا رسول الله اغثني فاقول لا املك لك شيئا قد ابلغتك لا يأتين احدكم يوم القيامة وعلى رقبته فرس له حمحمة فيقول يا رسول الله اغثني فاقول لا املك لك شيئا قد ابلغتك اذا اخر الحديث فباب الشفاعة فيها ثلاثة فصول لا بد من حفظها الفصل الاول انه لا احد يشفع عند الله الا باذن الله الفصل الثاني انه لا يشفع الا لمن رضي الله تبارك وتعالى قوله وعمل وعمله. الفصل الثالث لا يرظى تبارك وتعالى الا عن اهل التوحيد. هذي فصول ثلاثة في الشفاعة يجب ان تحفظ الفصل الاول لا يشفع احد عند الله الا باذن الله الفصل الثاني لا يشفع الا لمن رضي الله قوله وعمله الفصل الثالث لا يرضى الله الا عن اهل التوحيد. هذه فصول ثلاثة في الشفاعة لابد من حفظها هنا قال من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه. السلطان سلطانه والملك ملكه. قل لله الشفاعة جميعا ولهذا اذا اراد احد ان ينال الشفاعة فعليه ان يصلح حاله مع الله باخلاص التوحيد له ولهذا تأمل السؤال الجميل الذي طرحه ابو هريرة على النبي عليه الصلاة والسلام والحديث في صحيح مسلم قال يا رسول الله من اسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة من اسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ ماذا قال من قال لا اله الا الله خالصا من قلبه. وفي صحيح مسلم من حديث ابي هريرة قال عليه الصلاة والسلام لكل نبي دعوة مستجابة واني ادخرت دعوتي شفاعة لامتي يوم القيامة. وانها انتبه وانها نائلة ان شاء الله من لا يشرك بالله شيئا لاحظ كلمتين نائلة ان شاء الله هذا الاذن من لا يشرك بالله شيئا هذه الرضا عن المشفوع له. فلابد من الاذن ولابد من الرضا ولا يرضى الله تبارك وتعالى الا عن اهل التوحيد. اذا هذا برهان اخر من براهين التوحيد دل عليه قوله تعالى من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه البرهان الخامس السادس في قوله تبارك وتعالى يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم هذا من براهين التوحيد انه تبارك وتعالى احاط علما جل وعلا بكل شيء وسع كل شيء علما واحصى كل شيء عددا يعلم ما كان وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور احاط علمه بجميع مخلوقات وبجميع البريات لا تخفى عليه تبارك وتعالى خافية. يعلم السر واخفى. احاط علما بكل شيء جل وعلا فاحاطة علمه بالمخلوقات دليل على وجوب اخلاص الدين له وافراده تبارك وتعالى وحده بالعبادة والخضوع له ومراقبته في الاعمال كلها والاخلاص له وعلا الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين فهذا من براهين التوحيد وتأمل ارتباطا بين قوله لهما في السماوات وما في الارض وقوله يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم الذي خلق المخلوقات علمه ولا شك محيط بها وهو القائل سبحانه وتعالى الا يعلم من خلق فخلقه لها دليل على علمه بها وهنا يرد في ذهنه قصة جميلة جدا ومفيدة ونافعة ذكرها التيمي في كتابه الحجة يقول احد الملاحدة اراد ان يشكك بعض الناس فقال لهم انا استطيع ان اخلق ليس رب العالمين هو المتفرد بالخلق انا استطيع ان اخلق ائتوني بزجاجة فجيء له بزجاجة ووضع فيها روثا ووضع فيها لحما وخلطها واحكم غطاءها ثم قال ائتوني بها بعد ثلاثة ايام فجاءوا بها واذا بها ممتلئة ماذا ادام ممتلئة من الديدان والديدان تتساقط منها وقد امتلأت بالديدان. فقال هذه انا خلقتها. فقال له احد الحاضرين وهو اصغرهم قال لم يكن احد ليخلق الا ويعلم عدد ما خلق وذكورهم من اناثهم وارزاقهم واجالهم فاب لنا ذلك كله. كم عدد مخلوقاتك كم الذكور من الاناث كم من ارزاقهم ما هي؟ وفاتوا كل واحد منهم متى فبهت الذي كفر بهت الملحد فالخلق دليل على ماذا؟ على احاطة علم الخالق تبارك وتعالى بالمخلوقات فهو سبحانه وتعالى وسع علمه كل شيء. ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما. يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم. احاط علمه تبارك تعالى بكل شيء لا تخفى عليه خافية في الارض ولا في السماء. فهذا من براهين توحيده ودلائل وجوب اخلاص الدين له البرهان السابع في قوله سبحانه وتعالى ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء وهذا فيه دلالة على ضعف المخلوقات وان المخلوق مهما اوتي من العلم فعلمه قاصر ناقص علم مسبوق بعدم والله اخرجكم من بطون امهاتكم لا تعلمون شيئا وايل الى الذهاب يرد ومنكم من يرد الى ارذل العمر لكي لا يعلم من بعد علم شيئا ويعتريه النقصان والنسيان ولقد عهدنا الى ادم من قبله فنسي نسي ادم ونسي ذريته وايضا هو في كل ذلك علم قليل وما اوتيتم من العلم الا قليلا فعلم الانسان قليل وضعيف وخاسر فكيف يسوى من هذا شأنه بالرب العظيم؟ والخالق الجليل سبحانه وتعالى البرهان الثامن في قوله سبحانه وتعالى الا بما شاء اي ان الامور كلها بمشيئة الله سبحانه وتعالى الا بما شاء ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. وفي القرآن الكريم يا اخوان ما يزيد على الاربع مئة اية كلها في ذكر ان الامور بمشيئته يرزق من يشاء يرحم من يشاء يعز من يشاء يذل من يشاء يهب لمن يشاء اناثا يهب لمن يشاء الذكور ايات بهذا المعنى تزيد على الاربع مئة اية فكل شيء في هذا الكون بمشيئة الله الرزق الموت الحياة الطعام الشراب كل شيء كل حركة كل سكون بمشيئة الله تبارك وتعالى. فالامر كله بمشيئته. ولهذا يقول الشافعي رحمه الله في ابيات جميلة له في هذا المعنى يقول ما شئت مناجيا رب العالمين ما شئت كان وان لم اشأ وما شئت ان لم تشأ لم يكن خلقت العبادة على ما علمت وفي العلم يجري الفتى والمثن على ذا مننت هذا خذلت وهذا اعنت وذا لم تعن فمنهم شقي ومنهم سعيد ومنهم قبيح ومنهم حسن. الامور كلها بمشيئة الله سبحانه وتعالى هل يسوى من بيده كل كل شيء والامور كلها بمشيئته ومعقودة بقضائه وقدره بمن لا يملك شيئا ولا حول له ولا قوة الا بالله العلي العظيم سبحانه وتعالى البرهان التاسع في قوله سبحانه وتعالى وسع كرسيه السماوات والارض وهذا برهان عظيم وعجيب من براهين التوحيد. وفيه بيان لعظمة الله سبحانه وتعالى ومما يبين لنا معنى هذا الجزء من الاية ما ورد في مسند الامام احمد وهو حديث حسن بشواهده عن ابي ذر رضي الله عنه قال لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت الحرام فقلت له يا رسول الله اي اية في كتاب الله اعظم قال اية الكرسي الله لا اله الا هو الحي القيوم ثم قال عليه الصلاة والسلام ما السماوات السبع والاراظون في الكرسي الا كحلقة من حديد القيت في فلاة حلقة من حديد قطعة من حديد صغيرة رميت في صحراء ما نسبتها الى الصحراء يقول عليه الصلاة والسلام ما السماوات والاراظون في الكرسي الا كحلقة القيت في ثلاث وفضل العرش على الكرسي مثل فضل الكرسي على تلك على تلك مثل فضل الكرسي على الاراضين والسماوات فتأمل هذه النسب العجيبة الكرسي نسبة السماوات والارض اليه كحلقة من حديد القيت في فلاة والعرش ونسبة الكرسي الى العرش كحلقة من حديد القيت في فلاة. ايضا تأمل النسب في محيطك الذي تعيش فيه. ارضك انت الذي انت عليها. بما حولها من ما نسبتها الى الاراضين لو قارنت ما نسبتها الى الاراضين اولا ما نسبتها الى الارض ثم ما نسبتها الى الاراضين؟ ثم ما نسبتها الى السماء الدنيا؟ ثم ما نسبتها الى السموات السبع؟ ثم ما نسبتها الى الكرسي الذي وسع السماوات والارض ثم ما نسبتها الى العرش العظيم الذي استوى عليه الرحمن؟ اذا تفكرت هنا كما كما قال عليه الصلاة والسلام تفكروا في الاء الله ولا تفكروا في الله اذا تفكرت هنا هداك هذا التفكر الى عظمة الخالق جل وعلا عظمة الرب سبحانه وتعالى هذه مخلوقاته كرسيه وسع السماوات والارض وكرسيه بالنسبة للعرش كحلقة صغيرة من حديد القيت في صحراء. هذه النسب تبين لنا عظمة هذه المخلوقات فكيف بخالقها ومبدعها وموجدها تبارك وتعالى ولهذا قال بعض العلماء كلمة عجيبة هنا قال ان ذكر الكرسي هنا تمهيد وتوطئة لبيان عظمة الرب الذي ختمت به الاية في قوله سبحانه وهو العلي العظيم فاذا تأملت هنا هداك هذا التأمل الى عظمة الخالق سبحانه وتعالى ثم البرهان العاشر في قوله سبحانه ولا يؤوده حفظهما اي لا يثقله سبحانه وتعالى حفظ السماوات والارض فهذا دليل على انه سبحانه وتعالى الحفيظ للسموات وللارظ ولجميع المخلوقات ولا يثقله ذلك ولا يعجزه ذلك ولا يكرهه ذلك سبحانه وتعالى. وتنزه ولا يؤوده حفظهما اي حفظ السماوات والارض سبحان الله هل يسوى المحفوظ بالحافظ كل المخلوقات محفوظة بحفظ الله فهل يسوى المحفوظ بالحافظ هل يسوي المربوب بالرب؟ هل يسوي المملوك بالملك؟ سبحانه وتعالى؟ هذا يبين لنا تفاهة عقول من يلجأون الى غير الله الحادي عشر والثاني عشر من براهين التوحيد في هذه الاية المباركة العظيمة اية الكرسي في قوله جل وعلا وهو العلي العظيم فختمت هذه الاية بهذين الاسمين العظيمين لله جل وعلا اما اسمه العلي هو دال على علوه تبارك وتعالى على خلقه ذاتا كما قال سبحانه الرحمن على العرش استوى وقهرا كما قال جل وعلا وهو القاهر فوق عباده وقدرا كما قال جل وعلا ما قدروا الله حق قدره فالله عز وجل له علو الذات وعلو القدر وعلو القهر وعلوه سبحانه وتعالى برهان من براهين توحيده ووجوب اخلاص الدين له ولهذا قال عز وجل في اية اخرى ذلك بان الله هو الحق وان ما يدعون من دونه هو الباطل وان الله هو العلي الكبير فعلوه سبحانه دليل على وجوب اخلاص الدين له وافراده تبارك وتعالى بالتوحيد البرهان الاخير في قوله العظيم الذي له العظمة سبحانه وتعالى عظمة الذات وعظمة الاسماء وعظمة الصفات واسمه تبارك وتعالى العظيم هو من الاسماء الدالة على معاني عديدة فمن الاسماء ما يدل على معنى المفرد ومنها ما يدل على معان عديدة مثل مثل العظيم والسيد والحميد والمجيد وغيرها من الاسماء فاسمه تبارك وتعالى العظيم دال على عظمته جل وعلا ذاتا وقدرا وعظمة في الاسماء والصفات وعظمة في الافعال فالعظيم جل وعلا الذي له العظمة العظمة يقول سبحانه وتعالى ازاري والكبرياء ردائي من نازعني واحدا منهما قذفته في النار فالعظيم هو الذي يستحق ان يذل له ويخضع وتصرف له انواع العبادة. ولهذا جاء في اه الحديث الصحيح ان نبينا عليه الصلاة والسلام كان يقول في ركوعه وسجوده سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة فهذه كلمات اه مختصرة اولى هذه الاية العظيمة المباركة اية الكرسي واشارة الى ما اشتملت عليه من البراهين العظيمة البينة الواضحة على وجوب اخلاص الدين له لله جل وعلا وافراده تبارك وتعالى بانواع العبادة ذلا وخضوعا وتذللا وانكسارا ودعاء ورجاء ورغبا ورهبا وان لنسأل الله تبارك وتعالى باسمائه الحسنى وصفاته العلى ان يرزقنا توحيدا خالصا وايمانا صادقا واقبالا على الله تبارك وتعالى وان يجعلنا وان يصلح لنا ديننا الذي هو عصمة امرنا وان يصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وان يصلح لنا اخرتنا التي فيها معادنا وان يجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر وان يزيننا بزينة الايمان وان يجعلنا هداة مهتدين وان يصلح لنا شأننا كله وان يغفر لنا ذنبنا كله دقه وجله اوله واخره سره وعلنه وان يغفر لنا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات انه تبارك وتعالى غفور رحيم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبد الله ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين احسن الله اليكم وبارك الله فيكم هذا اخ سائل يقول احسن الله اليكم نطلب منكم اعادة البراهين بايجاز حتى يتسنى لنا كتابتها اعادة البراهين بايجاز الاول الحي الدال على كمال حياة الله سبحانه وتعالى والبرهان الثاني القيوم الدال على كمال غناه وكمال قدرته عز وجل البرهان الثالث الذي له ما في السماوات وما في الارض ملكا وتصرفا وتدبيرا والبرهان الرابع في قوله من من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه ببيان كمال سلطانه وان الامور كلها باذنه ولا يملك احد الشفاعة عند الله الا باذنه تبارك وتعالى وعرفنا الفصول الثلاثة العظيمة التي يجب ان تعرف هي اه في موظوع الشفاعة البرهان اه اه نعم قبل ذلك اه اه الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم لا تأخذه سنة ولا نوم هذا البرهان الثالث البرهان الرابع له ما في السماوات وما في الارض البرهان الخامس اه من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه البرهان السادس يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم احاطة علمه تبارك وتعالى بالمخلوقات البرهان السابع والثامن في قوله ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء البرهان التاسع في قوله تبارك وتعالى وسع كرسيه السماوات والارض والبرهان العاشر في قوله ولا يؤوده حفظهما والبرهان الحادي عشر والثاني عشر هي قوله سبحانه وتعالى وهو العلي العظيم لي رسالة مختصرة طبعت بعنوان اية الكرسي وبراهين التوحيد لخصت فيها هذه المعاني تلخيصا مختصرا يقول السائل فضيلة الشيخ احسن الله اليك كيف نحقق التوحيد في هذا الزمان الذي انتشرت فيه القنوات الفضائية وما فيها من سحر مشعوذة ودعوة الكفر والشرك ثم توجيهكم للرجال وللنساء خاصة في ذلك احسن الله اليكم تحقيق التوحيد في هذا الزمان وفي كل زمان بالمجاهدة والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وبالصبر يا ايها الذين امنوا اصبروا وصابروا ورابطوا فالمطلوب من العبد ان يجاهد نفسه وان يصبر على تعلم التوحيد وتفهمه ومعرفة دلائله وان يعتني به وبمذاكرته ومدارسته واذا كثرت الفتن والصوارف عن التوحيد وعن الاخلاص تأكد على المرء مزيد العناية والاهتمام بالتوحيد ودلائله وبراهينه فمع كثرة الفتن في هذا الزمان والصوارف والصواد عن التوحيد يتأكد على كل مسلم ان تعظم عنايته بالتوحيد وان يكون توحيده اغلى شيء عنده واثمن شيء يملكه فيعتني به مذاكرة ومدارسة مدارسة وتعلما وتحقيقا وتطبيقا ومجاهدة للنفس على القيام به وسؤالا لله تبارك وتعالى بدوام واستمرار على الثبات على الحق والهدى فهذا كله من الامور التي ينبغي ان ان يعتني بها العبد وقد قال عليه الصلاة والسلام قلوب العباد بين اصبعين من اصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء وكان اكثر دعائه عليه الصلاة والسلام يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك الواجب على المسلم ان ان يكثر من سؤال الله تبارك وتعالى الثبات على الحق والثبات على الدين والثبات على الاخلاص وان يعيذه من الضلال جاء في الصحيحين من دعائه عليه الصلاة والسلام اللهم لك اسلمت وبك امنت وعليك توكلت واليك انبت وبك خاصمت اعوذ بعزتك لا اله الا انت ان تظلني فانت الحي الذي لا يموت والجن والانس يموتون يقول السائل ما معنى قوله تعالى افمن هو قائم على كل نفس بما كسبت وجعلوا لله شركاء يقول الله سبحانه وتعالى افمن هو قائم على كل نفس بما كسبت وجعلوا لله شركاء قل سموهم ام تنبئونه بما لا يعلم في الارض ام بظاهر من القول بل زين للذين كفروا اللهم صدوا عن السبيل ومن يضلل الله فما له من هاد فهنا قدرت هذه الاية ببيان كمال قيومية الله سبحانه وتعالى وانه القائم على كل نفس بما كسبت جميع النفوس قائمة باقامة الله لها وبتدبيره وتصريفه سبحانه وتعالى فكل نفس قائمة باقامته سبحانه وجعلوا لله شركاء اي جعلوا له شركاء من مخلوقات لا تملك ولا تنفع ولا تعطي ولا تمنع وليس لها من امرها شيء فضلا عن ان تملك شيئا من امر غيرها جعلوا للقيوم تبارك وتعالى شركاء من مخلوقاته فيقول الله سبحانه وتعالى مبطلا هذا الشرك قل سموهم ان تنبئونه بما لا يعلم في الارض. سموا هذه آآ اسم هؤلاء الشركاء وعندما يسمى هؤلاء الشركاء يتبين ان واقعهم في الحقيقة اسماء سماها هؤلاء هم واباؤهم ما انزل الله بها من سلطان فيا اسماء سميت زورا وباطنا وادعيت الهة وصرف لها حق الله تبارك وتعالى وهي لا تملك لنفسها ضرا ولا نفعا ولا عطاء ولا منعا فضلا عن ان تملك شيئا من ذلك لغيرها ان تنبئونه بما لا يعلم في الارض فهذا ايضا من البراهين احاطة علمه تبارك وتعالى بجميع المخلوقات وجميع الكائنات وهذه المخلوقات لا تملك شيئا وليس بيدها عطاء ولا منع ولا خفض ولا رفع فذلك كله بيد الله عز وجل. فالاية من ايات التوحيد وذكر براهينه وبيان حججه وبيان بطلان ما عليه اهل الضلال والباطل ممن يصرفون العبادة لغير الله تبارك وتعالى نختم بهذا السؤال يقول اذا قرأت اية الكرسي بعد صلاة الفجر فهل اقرأها ثانية لاذكار الصباح ام ان الاولى تكفي عنها اية الكرسي ورد في في في حديث ابي امامة انها تقرأ ادبار الصلوات المكتوبة ورد في حديث ابي انها تقرأ في اذكار الصباح والمساء اه فتقرأها ادبار الصلوات وتقرأها في وردك اليومي الذي تأتي به صبيحة كل يوم ومساءه والله تعالى اعلم صلى الله وسلم على عبد الله ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين