بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على خير النبيين وامام المرسلين نبينا محمد وعلى اله اصحابه اجمعين اما بعد تذكرت هذا المساء شيخنا العلامة المحدث حماد الانصاري رحمه الله كثيرا ما سمعنا منه دروسا وكلمات في تفسير سورة الفاتحة وتفسير سورة الاخلاص وفي مناسبات عديدة يطلب منه القاء كلمة او درس للحاضرين فكان يطلب من احد الحاضرين قراءة سورة الفاتحة او سورة الاخلاص واحيانا سور اخرى من القرآن كريم ثم يعلق بما يسر الله له من المعاني المستفادة من هذه السورة او من السور التي كان يتكلم عليها وكما ذكرت كثيرا ما سمعت منه دروسا في هذه السورة وفي سورة الاخلاص وكنا في كل مرة نستمع الى فوائد جديدة وكان بعض طلاب العلم قد يستغرب من اكثار الشيخ رحمه الله من الكلام على هذه السورة العظيمة وبيان دلالاتها في المناسبات المختلفة ولكن لا غرابة لان حاجة الامة الى هذه السورة والى فهمها والى العناية بها والى الوقوف مع دلالاتها ومعانيها حاجة شديدة ولاجل ذلك شرع لنا قراءتها في كل ركعة من كل صلاة فيستدعي المثاني التي تثنى في كل صلاة. وتقرأ في كل ركعة ولا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب وهذا التكرار والتقنية والاعادة لتلاوة هذه السورة في كل ركعة من كل صلاة يدل دلالة بينة على اهمية العناية بهذه السورة من حيث التلاوة. ومن حيث التدبر. ومن حيث التطبيق معاني هذه السورة ومقاصدها وغاياتها العظيمة وهذه السورة اشتملت على شفاء القلوب وزوال الاسقام وذهاب الامراض وتحقيق الايمان وغرس التوحيد ورد الباطل وقمع الشبهات الى غير ذلك. واشتملت عليه ودلت عليه باعظم ما يكون من الدلالة والبيان ومن اسماء هذه السورة ام القرآن قد قال اهل العلم في معنى ذلك انها اشتملت على ما اشتمل عليه القرآن كاملا اشتملت اجمالا على ما اشتمل عليه القرآن تفصيلا ولهذا فالقرآن كله بيان لهذه السورة وشرح وتفصيل وهذه السورة فيها اجمال لما في كتاب الله العزيز فهي مشتملة على غاية المقاصد العظيمة ونهاية المطالب العلية ومشتملة على تقرير الايمان وبيان التوحيد وغرس العقيدة ورد الباطل لجميع اصنافه وقد ذكر ابن القيم رحمه الله ان من فهم هذه السورة فهما صحيحا وتدبرها واحسن في القيام بمقاصدها ودلالاتها فانه يسلم باذن الله من كل باطل وبدعة وان اصابه شيء من ذلك فانه يصيبه لمما ولا يستقر لان فيها تأصيلا بليغا وتقريرا عظيما وتجلية بينة بمقاصد هذا الدين وغاياته العظيمة واهدافه الجليلة لا غرابة في ان تكون هذه السورة مع المؤمنين في ايامهم كلها يرددونها ويتأملون معانيها ويقفون عند دلالاتها. ويعملون بغايات ومقاصدها جاء في الحديث الصحيح عن عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما قال بين جبريل قاعد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ سمع نقيظا من جهة السماء يعني صوتا فرفع رأسه وقال هذا باب فتح من السماء لم يفتح الا اليوم نزل من هذا الباب ملك. ونزل من هذا الباب ملك لم ينزل الا اليوم. باب من السماء يفتح لاول مرة وملك من السماء ينزل لاول مرة فاتى هذا الملك قيل النبي عليه الصلاة والسلام وقال ابشر بنورين اوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة. وانك لن تقرأ بحرف منهما الا اوتيته رواه مسلم في صحيحه وجاء في الحديث الصحيح حديث ابي سعيد بن المعلى رضي الله عنه قال دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت في صلاتي فلم اجب فقال لي ما لي قد دعوتك فلم تجب قال اني كنت في صلاتي قال الم يقل الله استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم ثم قال لي عليه الصلاة والسلام ساعلمك عن افضل سورة في القرآن الكريم قبل ان تخرج من المسجد ولاحظ هذا التسويق والترغيب في الخير وسد الانتباه فهذا ابو سعيد رضي الله عنه لما قال له النبي عليه الصلاة والسلام هذه الكلمة صار في غاية الشوق وتمام الرغبة في معرفة هذا الامر العظيم ويتحرى متى يستمع الى هذه الفائدة الجليلة وكثيرا ما يأتي في احاديث النبي عليه الصلاة والسلام فهذا التشويق والترغيب في الخير قال فلما فاخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد ولما اردنا الخروج من المسجد قلت يا رسول الله الم تقل انك ستعلمني اعظم سورة في القرآن الكريم قبل ان نخرج من المسجد وهذا يدلنا على ماذا شدة شوقه شوقه وانشغال قلبه بهذا الامر. وشدة رغبته في معرفته الم تقل لي بانك ستعلمني افضل سورة في القرآن قبل ان نخرج من المسجد قال الحمد لله رب العالمين وهي ام القرآن وهي وهي ام القرآن والسبع المثاني فهذه السورة هي ام القرآن وفاتحة الكتاب وهي السبع المثاني فاتحة الكتاب لانها اول سورة تواجهك في كتاب الله عز وجل وهي ام القرآن لانها اشتملت على ما اشتمل عليه القرآن وهي السبع المثاني لانها سبع ايات وشرع تثنيتها واعادتها في كل صلاة وهذا امر اختصت به هذه السورة وفضلت به على غيرها من سور القرآن انت تقرأها كل يوم فرضا سبع عشرة مرة واذا كنت تحافظ على النوافل فانك تقرأها في اليوم مرات كثيرة ولهذا لا يحصي اعد قراءتها في حياة المسلم الا الله سبحانه وتعالى انت نفسك لو بحثت في مرات قراءتك لهذه السورة ما تحصي ذلك. لا يحصيه الا الله. الاف المرات فهذا كله يبين عظم شأن هذه السورة ولعظم شأنها تعددت اسماؤها واسماء هذه السورة دالة على معاني جليلة فيها لان الامر كلما عظم كثرت اسماؤه الدالة على معانيه الجليلة فسورة الفاتحة لها اسماء كثيرة جدا منها ما دل عليه القرآن ومنها ما دلت عليه السنة وسنة النبي عليه الصلاة والسلام ومنها ما جاء في كلام الصحابة ومن اتبعهم باحسان مما يدل على شدة تعلقهم بها وحسن فهمهم ومعرفتهم لمقاصدهم. مثل ما جاء عن عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما هذه السورة بالاساس وهذا واظح في هذه السورة لانها تؤسس في العقيدة وتقرر الايمان وتؤصل التوحيد وتنمي الاخلاص وتقوي الصلة بالله تبارك وتعالى. فما اجل شأنه وما اعظم قدرها وما ارفع مكانتها والمسلم لا ينبغي ان يكون حظه من هذه السورة قراءة الفاظها فدون وقوف منه على معانيها ودلالاتها ودون ايظا عناية بتطبيق مقاصدها وغاياتها واذا نظرت الى احوال الناس مع هذه السورة ترى في المسلمين من لا يحسن قراءة هذه السورة ويلحن فيها لحنا يحيل معناها ويغير دلالته وترى فيهم من يحسن قراءة هذه السورة ويأتي بالفاظها صحيحة سليمة لكنه لا يفهم معناها بل لربما ترى في بعض الجهال وضلال الناس من يقرأ هذه السورة حافظوا على قراءتها لكنه ينقض غاياتها ومقاصدها عياذا بالله من ذلك كمن يدعو غير الله ويلتجأ الى الى غيره ويطلب المدد من غيره ويعود ويلوذ بغيره. فاين هو هذه السورة واين هو ومقاصدها ودلالاتها ولهذا تلاوة هذه السورة الذين اتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته اولئك يؤمنون به انما يكون ذلك بامور ثلاثة كلها يشملها التلاوة قراءة الالفاظ قراءة صحيحة وفهم المعاني والدلالات فهما صحيحا سليما واتباع مقاصد القرآن والعمل بدلالاته. ولهذا تلاوة سورة الفاتحة حق التلاوة يكون بهذه الامور الثلاثة. بحسن القراءة لها وحسن الفهم لمعانيها ودلالاتها وحسن القيام بتطبيق مقاصدها وغاياتها فهذا الذي يتلو الفاتحة حق التلاوة والاتباع لمعاني القرآن ودلالاته. هو من التلاوة هو من التلاوة يقال تلا فلان فلانا اي تبعه ولهذا من لا يتبع ما جاء في القرآن ولا يعمل بما دل عليه القرآن له حظ من هجر القرآن بحسب تفريطه باتباع القرآن والعمل به هذا التقديم تركت ان انبه به الى حاجتنا الشديدة الى العناية بهذه السورة العظيمة قراءة وتدبرا وتطبيقا الى حاجتنا الشديدة الى تلاوة هذه السورة احق تلاوته وانظر الى لفتة كريمة من الامام المجدد شيخ الاسلام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله في هذا الباب حيث يقول رحمه الله ينبغي ان ينبه عوام المسلمين عندما يقرأ الفاتحة انهم في دعاء لله عز وجل انظر هذه اللفتة انهم في دعاء لله عز وجل عندما يقول المسلم اهدنا الصراط المستقيم ينبغي ان ينبه الى انه في دعاء يدعو الله يدعو الله باكمل ما يكون من الادب الدعاء والثناء والتمجيد والتعظيم لله سبحانه وتعالى لكن الحال ان كثيرا من الناس تراه ان كثيرا من الناس يقرأ الفاتحة دون ان يشعر انه يدعو الله فاين التدبر واين التلاوة واين العناية؟ بهذه السورة العظيمة يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تأملت الادعية تأملت الادعية يعني الادعية المأثورة الواردة فوجدت فوجدت ان اعظمها واجلها سؤال الله الهداية ووجدت ذلك في فاتحة الكتاب فوجدت ذلك في فاتحة الكتاب فهل شعرتا للقرآن هذا المعنى الجليل وهل استحضر معاني الهداية التي يطلبها من الله وهل استحضر افتقاره الى الله؟ واحتياجه اليه في ان يهديه سواء السبيل. وان يهديه صراطه المستقيم وهل استحضر صراط الله المستقيم الذي يطلب من الله مرات وكرات ان يهديه اياه وهل استحضر سبل الناكبة عنه والطرق المنحرفة والتي يسأل الله عز وجل مرات ومكرات ان يجنبه اياها فالحاجة اذا شديدة وماسة الى ان نعتني بسورة الفاتحة وان نهتم بتلاوتها وتدبرها وفهمها وتحقيق غاياتها ومقاصدها وموضوعنا دروس مستفادة من سورة الفاتحة والفاتحة المليئة بالدروس ولا عجب مليئة بالدروس ولا حزن فهي كما عرفنا ام القرآن ومشتملة على ما اشتمل عليه القرآن كله فما في القرآن على وجه التفصيل موجود في سورة الفاتحة على وجه الاجمال فهي مليئة بالدروس ومن دروس الفاتحة دلالتها على التوحيد الذي هو اعظم المقاصد واجل الغايات دلالتها عليه باركانه العظيمة واقسامه الجليلة توحيد الله في ربوبيته وتوحيده في اسمائه وصفاته وتوحيده في الوهيته وقد اشتملت هذه السورة على هذه الاقسام الثلاثة بالتوحيد وقررتها باجمل ما يكون من تقرير. واوضح ما يكون من بيان ومع ذلك ترى فيمن ينتمي للاسلام من يشكك في اقسام التوحيد الثلاثة مع انها ظاهرة بينة من هذه السورة. سورة الفاتحة فهل ترى هؤلاء فاتحة الكتاب حق تلاوتها وهل فهموها حق فهمها من لا يفرق بين معاني الربوبية ومعاني الالوهية واسماء الله وصفاته اين فهمه لفاتحة الكتاب فاتحة الكتاب قررت التوحيد اجمل تقرير وقررت ما ينبغي ان يكون عليه العبد من توحيد لله في ربوبيته بالاعتراف بانه وحده الخالق. وانما سواه مخلوق. وحده الرب. وما سواه مربوه الحمد لله رب العالمين والعالمون كل من سوى الله. فالرب واحد وهو الله ومن سواه ومن يثبت لله ربوبيته يثبت له كل ما عنوا من الخلق والرزق والايجاد والتصرف والاحياء والاماتة والتدبير وغير ذلك من افعاله سبحانه وتعالى فهو كله من الايمان بربوبيته الحمد لله رب العالمين. ثم في قولك في السورة واياك نستعين هذا من ايمانك بربوبية الله جل وعلا. فانت لا تستعين الا برب العالمين الذي بيده ازمة الامور ولهذا فان سورة الفاتحة كما انها مشتملة على بيان التوحيد فهي مشتملة باقسامه الثلاثة فهي مشتملة على ما ينبغي ان تكون عليه حال التوحيد فيا من امنت بان الله وحده الرب لا تلتجئ الا اليه ولا تعتمد الا عليه ولا تستعن الا به ولا تفوض امورك الا اليك. فهو رب العالمين وهو خالقهم اجمعين وهو الذي بيده ازمة الامور وفي ايمانك بالوهية الله عز وجل الذي دل عليه اسم الله الحمد لله به ايمان منك بانه وحده المعبود ولا معبود بحق سواه ولهذا فانت تقرأ في هذه السورة اياك نعبد اياك نعبد هذا متعلق باسمه الله لان الله لان الله ذو الالوهية والعبودية على خلقه اجمعين. كما قال ابن عباس رضي الله عنهم الله ذو الالوهية والعبودية على خلقه اجمعين واياك نستعين متعلق باسمه الرب ثم ايمانك باسمائه الرحمن الرحيم تؤمن باسماء الله وتؤمن بدلالاتها. والاوصاف التي دلت عليه فاسماء الله ليست اعلاما مجردة لا تدل على معاني بل هي اعلام واوصاف اعلام دالة على معانيها والرحمن الرحيم دالان على ثبوت الرحمة لله عز وجل والرحمن دال على الوصف القائم به سبحانه والرحيم دال على تعلق ذلك بالمرحوم وكان بالمؤمنين رحيما ومن رحمته سبحانه وتعالى بمن شاء من عباده ان يهديه للصراط المستقيم. فمن رحمه الله صراطه المستقيم ولهذا طلبك الهداية في هذه السورة له تعلق بايمانك لانه الرحيم فان ادخلك في رحمته هداك الى صراطه المستقيم ومن لم يهده صراط مستقيم فهو خارج من رحمة الله لا حظ له ولا مطمع له في رحمة الله سبحانه وتعالى تنظر دلالة هذه السورة على انواع التوحيد الثلاثة ودلالتها على ما ينبغي ان يكون عليه صاحب التوحيد ومحقق التوحيد من عمل وعبودية وذل وخضوع وانكسار بين يدي الله تبارك وتعالى محققا توحيدا عاملا بطاعته مجدا ومجتهدا فيما يقرب اليه هذه الاقسام الثلاثة للتوحيد بدأ بها القرآن وختم بها القرآن في سورة الناس وقد جاءت على الترتيب الذي جاءت في جاءت به في سورة وجاءت في مواضع كثيرة من القرآن بل ان القرآن كله توحيد لله عز وجل وبيان للتوحيد واقسامه وفضله ومكملاته وثواب اهله وعقوبة من خلفه وتركه وسورة الفاتحة بينت فضل التوحيد واقسام التوحيد وان الهداية الى التوحيد منة من الله وتوفيق وبينت سبل الناكبين عن التوحيد فما اعظم بيان هذه السورة للتوحيد الذي خلقنا لاجله واوجدنا لتحقيقه ومن دروس هذه السورة دلالتها على اركان للتعبد القلبية التي ينبغي ان تصاحب المسلم في كل عبادة بكل طاعة يتقرب بها الى الله سبحانه وتعالى فكل عبادة يتقرب بها الى الله لابد من ان تقام على اركان في القلب ثلاثة حب الله ورجاء ثوابه وخوف عقابه فانت تصلي وتصوم وتتصدق وتحج وتأتي بالطاعات حبا لله ورجاء لثوابه وخوفا من عقابه. فهذه اركان التعبد القلبية وقد جمعت في قول الله تعالى اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه ان عذاب ربك كان محظورا الحب في قوله يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب. والرجاء في قوله يرجون رحمته. والخوف في قوله ويخافون عذابا لابد في كل عبادة يتقرب بها الى الله تبارك وتعالى من ان تقام على هذه الاركان نعبد الله حبا فيه ورجاء لثوابه وخوفا لعقابه ولا يجوز ان يعبد بالحب وحده ولا ان يعبد بالرجاء وحده ولا ان يعبد بالخوف وحده بل يعبد بالحب والرجاء والخوف كما قال بعض السلف من عبد الله بالحب وحده توا زنديق ومن عبد الله بالرجاء وحده فهو مرجئ ومن عبد الله بالخوف وحده فهو حروري. ومن عبد الله بالحب والخوف والرجاء فهو مؤمن موحد حب الله عبادة الله بالحب وحده هذا طريقة المتصوفة ولا سيما غلاته يقولون نحن نعبد الله حبا فيه لا رجاء لا رجاء لثوابه ولا خوفا من عقاب والذي يعبد الله يقولون رجاء ثواب الله ورغبة في الجنة وخوفا من النار فهذه عبادة تجار يقدم ليأخذ وانبياء الله والتابعون لهم من عباد الله المؤمنين يعبدون الله عز وجل وهم يرجون منه رحمته وجنته ويخافون من عقابه وناله وقد كان عليه الصلاة والسلام يقول في دعائه اللهم اني اسألك الجنة وما قرب اليها من قول او عمل. واعوذ بك من النار وما قرب اليها من قول وعمل ولما قال ذلك الرجل يا رسول الله اني لا احسن دندنتك ولا دندنة معاذ. يعني الدعاء الذي تقوله انت ومعاذ ما احسنه قال فماذا تقول قال اقول اللهم اني اسألك الجنة واعوذ بك من النار فقال عليه الصلاة والسلام ونحن حولها ندندن ونحن حولها ندندن يعني اعمالنا وعباداتنا دندنة حول الجنة والنار نريد من الله عز وجل ان يدخلنا الجنة وان ينجينا من النار وكان عليه الصلاة والسلام يكثر في دعائه الاستعاذة بالله من النار وسؤاله سبحانه وتعالى في الجنة وكان من اكثر دعائه كما في صحيح مسلم ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار فكيف يقول هؤلاء المجرمون المعتدون؟ ان هذه عبادة التجار ثم ان هذا الاعتقاد عند هؤلاء اوجد في نفوسهم استخفافا بالجنة واستخفافا بالنار واستهانة بامرهما ولهذا كثر في كتب هؤلاء الغلاة من المتصوفة كلاما بغيظا والفاظا ذميمة في الاستخفاف بالنار والاستخفاف بالجنة والاستهانة بامرهما وكل ذلك وليد عقائدهم الباطلة فالله عز وجل لا يعبد بالحب وحده يعبد بالحب والرجاء والخوف نعبده سبحانه وتعالى لاننا نحبه جل وعلا ونحب عبادته ونحب ما يقرب اليه ونعبده لاننا نريد ثوابه وجنته ولاننا نخاف من عقابه وناره قوا انفسكم واهليكم نارا اي بعبادته والتقرب اليه سبحانه وتعالى ومن عبد الله بالرجاء وحده هو مرجع. والمرجئة طريقتهم اعمال نصوص الرجاء والوعد واهمال نصوص الوعيد ومن عبد الله بالخوف وحده فهو حروري اي من الخوارج على طريقة الخوارج. الذين يعملون نصوص الوعيد والخوف يهملون نصوص الوعد والرجاء فالله يعبد بالحب والخوف والرجاء. هذه الاركان الثلاثة للتعبد الاركان القلبية للتعبد اشتملت عليها سورة الفاتحة وما رأيت احدا نبه على هذه الفائدة الجليلة قبل شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله فقد نبه رحمه الله على هذه الفائدة في رسالة له في بعض فوائد سورة الفاتحة فذكر من فوائد هذه السورة انها اشتملت على اركان التعبد القلبية. الرجاء والخوف الحب والرجاء والخوف وانظر وانظر الى دلالة هذه السورة على هذه الاركان الثلاثة اما الحب ففي قولك الحمدلله رب العالمين والحمد كما قال العلماء هو الثناء على الله مع حبه الثناء على الله مع حبه اما اذا كان الثناء عاريا من الحب خاليا من الحب فانه يسمى مدحا. مدحا مجردا اما اذا كان عن حب للممدوح فهو حمد ففي قولك الحمدلله رب العالمين حب الله لانك فاحمدوا الله عز وجل وفي حمدك له قيام لحبه في قلبك سبحانه وهو عز وجل يحمد على اسمائه الحسنى وصفاته العظيمة ويحمد على مننه التي لا تعد ولا تحصى وعطاياه الكريمة وانت اذا عرفت الله وعرفت اسمائه وعرفت صفاته وعرفت نعمه عليك ازددت حبا له فالحمد فيه حب الله والرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم اذا تلوتها متدبرا معناها عارفا بدلالتها ما الذي يقوم في قلبك اذا قلت الرحمن الرحيم واستحضرت رحمة الله. ما الذي يقوم في قلبك؟ وما الذي يطمع فيه قلبك ويرجون رحمته ويرجون رحمته. فاذا قلت الرحمن الرحيم تحرك في قلبك الرجاء كما انك اذا قلت الحمد لله رب العالمين تحرك الحب فاذا قلت مالك يوم الدين وانت تتأمل معنى هذه الاية مالك يوم الدين ويوم الدين هو يوم الجزاء والحساب والعقاب والوقوف بين يدي الله ومجازاة الناس. وما ادراك ما يوم الدين ثم ما ادراك ما يوم الدين؟ يوم لا تملك نفس لنفس شيئا. والامر يومئذ لله فانت اذا تلوت مالك يوم الدين مستحضرا لمعناها اي شيء يقوم في قلبك اليس يقوم في قلبك خوف الله؟ جل وعلا. خوف ما لك يوم الدين مالك يوم الجزاء والحساب والعقاب فاذا تلوت مالك يوم الدين قام في قلبك الخوف عندئذ تقول اياك نعبد عندئذ تقول اياك نعبد وهذه الغاية الغاية هي العبودية عبودية الله والقيام بطاعته والذل له سبحانه وتعالى. اياك نعبد لكن اياك نعبد لم الا بعد ان ارسيت اركانها بعد ان ارسيت اركانها جاءت اياك نعبد فانت كانك تقول اياك نعبد يا الله بالحمد الذي دل بالحب الذي دل عليه الحمد لله رب العالمين وبالرجاء الذي دل عليه الرحمن الرحيم وبالخوف الذي دل عليه اياك نعبد واياك نستعين وهذا التنبيه من هذا الامام رحمه الله من الطف ما يكون. واجمل ما يكون في ربط الناس بدلالات هذه السورة العظيمة ومقاصدها الجليلة ومن فوائد هذه السورة ودروسها العظيمة اشتمالها على شرطي قبول الاعمال لان الاعمال التي يتقرب بها الى الله سبحانه وتعالى لا يكون الا بتحقيق شرطين اخلاص للمعبود ومتابعة للرسول عليه الصلاة والسلام كما قال الحسن البصري رحمه الله في قوله تعالى ليبلوكم ايكم احسن عملا قال اخلصه واصوبه قيل يا ابا علي وما اخلصه واصوبه قال ان العمل اذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل. واذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابه. والخالص ما كان لله والصواب ما كان على السنة فهذان شرطان لا قبول لاي لعمل من الاعمال الا بهما وسورة الفاتحة فيها هذين الشرطين فيها هذان الشر ان الاخلاص هو المتابعة. اما الاخلاص ففي قولك اياك نعبد واياك فان هذا الاسلوب فيه حصد تقديم المعمول على العامل يدل على الحصر اصل الجملة نعبدك ونستعين بك فلما قدم قال اياك نعبد واياك نستعين دل دل على الحصر اي نعبدك ولا نعبد غيرك ونستعين بك ولا نستعين بغيرك وهذا هو الاخلاص الاخلاص ان تأتي من عبادة صافية نقية لم يرد بها الا وجه الله هذا هو الاخلاص الاخلاص هو الصفاء والنقاء والله عز وجل لا يقبل العبادة الا اذا كانت بهذه الصفة هذه الصفة التي دل عليها قوله اياك نعبد اياك نخص بالعبادة. فلا نعبد غيرك. واياك نستعين. اي منك وحدك نطلب الاعانة لا نطلبها من غيرك والله عز وجل لا يقبل اي عمل الا اذا كان على هذه الصفة الا اذا كان قائما على هذا الاساس مصروفا لله وحده وليس لغيره فيه اي شركة وقد جاء في الحديث القدسي ان الله تعالى يقول انا اغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا اشرك معي فيه غيري تركته وشركه. فهو سبحانه وتعالى لا يقبل لا يقبل من امل الا الخالص ولا بأس ان نقف قليلا في فهم معنى الاخلاص في اللغة يقول الله تعالى وان لكم في الانعام لعبرة. نصفيكم مما في من بين فرط ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين خذ من هذه الاية درسا في فهم معنى الاخلاص نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم. لبنا خالصا. ما معنى خالصا؟ اي صافيا نقيا يخرج اللبن من بهيمة الانعام وهو حين خروجه خرج من بين فرث ودم حتى ان بعضهم يقول انه يخرج للتو عند حلفه من بين الفرث والدم ولا ترى فيه قطعة فرخ ولا نقطة دم خالص. اي صافي نقي. مصفى باحسن ما تكون التصفية بحيث انه لتوه خرج من بين الفرث والدم ولا في وليس فيه قطعة فرث ولا نقطة ثم انك مع علمك بمخرجه فهو سائر لك. سائغا للشاربين يستسيغونه ويستردونه ويتقعمون والله جل وعلا لا يقبل العمل الا اذا كان خالصا لوجهه اي صافيا نقيا لم يرد به الا وجه الله كالمخلص لا يسأل الا الله. ولا يستغيث الا بالله. ولا يتوكل الا على الله. ولا يرجو الا الله ولا يذبح الا لله ولا يصرف اي طاعة الا لله سبحانه وتعالى فهو المعبود بحق ولا معبود بحق سواه في سورة الفاتحة فيها تقرير للاخلاص. باروع ما يكون وباحسن ما يكون من بيان وفيها الشرط الثاني وهو المتابع للرسول عليه الصلاة والسلام وهو في قوله اهدنا الصراط المستقيم فانت تسأل الله مرات وكرات في كل مرة تقرأ هذه السورة تسأل الله ان يهديك الصراط المستقيم وما الصراط المستقيم؟ قال الله تعالى وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا. ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان. ولكن فعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وانك لتهدي الى صراط مستقيم. صراط لا الذي له ما في السماوات والارض الا الى الله تصير الامور الصراط المستقيم هو سبيل النبي الكريم عليه الصلاة والسلام هو هو السبيل الذي دعا اليه رسولنا عليه الصلاة والسلام. وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا اتبع السبل فتفرق بكم عن سبيله ففي قولك اهدنا الصراط المستقيم اهدنا الصراط المستقيم فيه المتابعة للرسول عليه الصلاة والسلام ولزوم نهجه والحرص على سنته وهديه فان الصراط المستقيم سبيله عليه الصلاة والسلام وانت عندما تقول اهدنا الصراط المستقيم فهذا منك دعاء وطلب من الله عز وجل. واهل العلم وهذه فائدة جليلة. اهل العلم يقولون من دعا الله عز وجل عليه ان يتبع دعاءه ببذل السبب. لان الدعاء طلب ورجاء واستعانة بالله عز وجل. فاذا طلبت من الله ودعوته ورجوت اتبع هذا الدعاء وهذا الرجاء ببذل السبب كما قال عليه الصلاة والسلام احرص على ما ينفعك واستعن بالله. فانت اذا قلت اهدنا الصراط المستقيم اهدنا الصراط المستقيم فانه يلزمك ان تبحث عن الصراط المستقيم وان تجتهد في معرفته وان تجاهد نفسك على لزومه وسلوكه والله يقول والذي جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا اما من يقول في صلاته اهدنا الصراط المستقيم. واذا انتهى من الصلاة فتح الكتب التي تشتمل على البدع والاهواء والضلالات والاراء الباطلة. يتعلم منها ويتلقى عليها ويفيد منها. فاين هذا دعاء من هذا العمل وهذا المسلك فلا بد للداعي والسائل صراط الله المستقيم ان يتبع دعاءه وسؤاله بالجد والاجتهاد في الصراط المستقيم وايضا في تطبيقه لهذا الصراط ومجاهدة نفسه على العناية به. ولهذا سورة الاخلاص سورة الفاتحة لا تزال مع عنايتك بها وتدبرك لها لا تزال تغرس فيك مرات وكرات الاخلاص للمعبود والمتابعة للرسول. واذا كنت تحسن فهم هذه السورة فانها باذن الله تبارك وتعالى تذهب عن قلبك البدع والاهواء وتقول عن هذه الاهوال ليست هي من صراط الله المستقيم لو كانت من صراط الله المستقيم لبينها الرسول عليه الصلاة والسلام ولا دعا اليها ولثبتت في سنته. ولهذا تلاوة هذه السورة علاج. وشفاء وربط. سبيل الله قيل وصراطه القويم الذي دعا اليه رسول الله صلوات الله وسلامه عليه. اين اهل الاهواء والبدع من هذه الدعوة الكريمة المباركة اهدنا الصراط المستقيم. وهم صباح ومساء في البدع والاهواء والاراء والضلالات التي ما انزل الله بها من سلطان وليس عليها في كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم حجة ولا برهان. اين سؤالهم الله جل وعلا ان يهديهم صراطه المستقيم فالذي يتدبر هذه السورة ويعتني بفهمها تغرس فيه الاخلاص للمعبود والمتابعة والمتابعة فلرسول وهما شرطان لا قبول لاي عمل من الاعمال الا بهما ومن دروس هذه السورة العظيمة ان فيها بيان لمقام الدعاء وعظيم شأنه ورفيع مكانته وحاجة الناس الشديدة الشديدة اليه. وان الدعاء مفتاح كل خير في الدنيا والاخرة هو انك لا صلاح لامورك كلها وشؤونك جميعها الدينية والدنيوية والاخرى قوية الا بالالتجاء الى الله. والاعتصام به. ومن يعتصم بالله فقد هدي الى صراط مستقيم فلا سبيل الى تحصيل اي خير واي فلاح في الدنيا والاخرة الا باللجوء الكامل الى الله سبحانه وتعالى وقد قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله الدعاء مفتاح كل خير. والدعاء هو ذل لله عز وجل وافتقارا بين يديه. والتزام كامل اليه وطلب منه وتفويض اليه فهذه السورة تغرس فيك حاجتك الى دعاء الله وافتقارك الى الله عز وجل. فالصراط حتى وان عرفت وان عرفت حسنه وجماله وكماله وعظم عائدته على اهله في الدنيا والاخرة لا تستطيع ان تسلكه الا اذا هداك الله اليه وتفاصيلها وتفاصيل هذا الصراط او التفاصيل المتعلقة بهذا الصراط. والثبات على هذا الصراط والممات وعليه لا يمكن ان يحصل لك الا اذا هداك الله وثبتك الله وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يقولون كما في صحيح البخاري لولا الله ما اهتدينا. ولا صمنا ولا صلينا وفي رواية ولا تصدقنا ولا صلينا فلا تستطيع ان تمشي في صراط الله المستقيم ولا خطوة واحدة الا اذا هداك الله اليه. فانت بحاجة الى دعاء الله انت فقير الى الله سبحانه وتعالى في بان يهديك الى صراطه المستقيم وقد كان كثيرا مما يأتي في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم سؤال الله الهداية كما في قوله اللهم اني اسألك الهدى والسداد. وقوله اللهم اني اسألك الهدى والتقى والعفة والغنى. وقوله في دعاء القنوت اللهم اهدني فيمن هديت ولاحظ اهدني في من هديت تستحضر ان الهادي هو الله. يعني اسلك بي سبيل من هديتهم فالهداية منة من الله. افمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فان الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء. فانت لتسلك صراط الله المستقيم بحاجة الى ان يهديك الله ان يهديك الله صراطا مستقيم. ولا تستطيع الثبات عليه الا اذا ثبتك الله جل وعلا وقد كان عليه الصلاة والسلام يقول في دعائي يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك. وكان يقول في دعائه اللهم لك اسلمت وبك امنت وعليك توكلت واليك انبت وبك خاصمت اعوذ بعزتك لا اله الا انت ان تضلني فانت الحي الذي لا يموت والجن والانس يموتون. رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما فهذه السورة فيها ربط للعبد بالله. وايجاد لصلة بالله وافتقار الى الله سبحانه وتعالى. لكي تكون من المهتدين. لكي تكون من اهل صراطه المستقيم وكما ان فيها بيان لحاجتك الى الدعاء وشدة افتقارك الى الله سبحانه وتعالى ففيها بيان للادب الذي ينبغي ان تكون عليه في دعاء الله فانت عندما تدعو الله تقدم بين يدي دعائك ثناء على الله وتمجيدا لله وتفويضا لله سبحانه وتعالى ثم تسأل جاء في صحيح مسلم من حديث ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال قال الله تعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين يقول شيخ الاسلام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله سورة الفاتحة قسمت بين الله والعبد نصفين فثلاث ايات ونصف لله وثلاث ايات ونصف للعبد. قسمت الصلاة والمراد بالصلاة الفاتحة وسميت الفاتحة صلاة لانه لا صلاة الا بها. وهذا يدلنا على عظم شأن هذه السورة الكريمة. قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فاذا قال العبد الحمد لله رب العالمين قال الله حمدني عبدي فاذا قال العبد الرحمن الرحيم قال الله اثنى علي عبدي. فاذا قال العبد مالك يوم الدين قال الله مجدني عبدي. وقال مرة فوض الي عبدي. حمدني اثنى علي مجدني. كل هذا الحمد والثناء والتمجيد يأتي بين يدي الدعاء فالحمد آآ فقولك الحمد لله حمد لله الرحمن الرحيم ثناء على الله وتوسع في الثنايا على الله ما لك يوم الدين تمجيد لله والمجد معناه في اللغة السعة. فانت في ثناء ومبالغة في حمد الله والثناء اي عليه وتعظيمه جل وعلا بين يدي دعائك. وقبل ذلك ايضا تعترف بالعبودية له. اياك نعبد واياك نستعين فهذه كلها وسائل بين يدي دعائك. فانت تتوسل الى الله سبحانه وتعالى باسمائه الحسنى وصفاته العلى وتتوسل اليه بعبوديتك له وذلك بين يديه وافتقارك التام اليه ثم يأتي الدعاء اهدنا الصراط المستقيم ففي هذا بيان لمقام الدعاء وبيان للادب الذي ينبغي ان يكون عليه الداعي فاذا قال العبد اياك نعبد واياك نستعين قال الله هذا بيني وبين عبدي اياك نعبد لله واياك نستعين للعبد. فالعبد هنا يطلب مصالحه وحاجاته من الله سبحانه وتعالى. وعبودية له وخضوعه كله يصرفه لله فهذا بيني وبين عبدي. فاذا قال العبد اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال الله هذا لعبدي. ولعبدي ما سأل هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ابن القيم رحمه الله في بعض كتبه يلفت الى لطيفة قل الحمد لله ماذا يقول الله حمدني من؟ عبدي. فاذا قلت الرحمن الرحيم يقول الله اثنى علي عبدي. واذا قلت مالك يوم يقول الله مجدني عبدي فانت في كل مرة تقرأ فيه فيها الفاتحة تحظى بقول عنك عبدي عبدي عبدي ثلاث مرات ويقول ابن القيم في هذا المقام لولا ما على القلوب من الغشاوة والتعلق بالدنيا لطارت فرحا بقول الله عنك عبدي عبدي عبدي لكننا مسؤولون فهذا ايضا من دروس هذه السورة العظيمة ومن دروس هذه السورة الايمان باليوم الاخر. والايمان بالنبوات من دروسها كذلك الايمان بالقدر ومن دروسها معرفة العبد ربه. ومن دروسها معرفة العبد. لنفسه وضعفه حاجته وافتقاره الى ربه وهي مليئة بالدروس العظيمة والعبر البالغة والدلالات نافعة ولعل فيما سمعناه من دروس حول هذه السورة كفاية ونسأل الله جل وعلا ان ينفعنا انا واياكم بما علمنا وان يهدينا واياكم صراطه المستقيم وان يوفقنا لكل خير يحبه ويرضاه في الدنيا اخرة والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين