ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فنسأل الله عز وجل ان يكتب لنا جميعنا في لقائنا هذا العلم النافع وان ينفعنا بما علمنا وان يزيدنا علما وان يجعل ما نتعلمه حجة لنا لا علينا وان يصلح لنا شأننا كله وان يثبتنا على دينه القويم وصراطه المستقيم وان يهدينا اليه صراطا مستقيما وان يغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات. انه تبارك وتعالى غفور رحيم ثم ان موضوع هذا اللقاء ايها الاخوة الكرام موظوع عظيم الاهمية جليل القدر وحقيق بكل واحد منا ان يعنى به وان يعطيه من اهتمامه وعنايته فموضوع هذا اللقاء عن الاستقامة قد قال الله سبحانه ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون اولئك اصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون قال الله جل وعلا ان الذين خانوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة الا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن اولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الاخرة ولكم فيها ما تشتهي انفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم فالاستقامة معاشر الاخوة يترتب عليها سعادة الدنيا والاخرة وفلاح العبد وصلاح امره كله كان حقيقة بالناصح لنفسه الراغب في سعادتها ان يعنى بالاستقامة عظيم العناية علما وعملا وثباتا على ذلك الى الممات مستمدا العون من الله تبارك وتعالى وكثيرا ما ترد الاسئلة من الناس لاهل العلم طلابه والدعاة الى الله عز وجل والمصلحين كثيرا ما تأتي الاسئلة عن الاستقامة وعن حقيقتها وعن الامور المعينة على الثبات على صراط الله المستقيم الى غير ذلك من السؤالات التي ترد في هذا الباب وقد رأيت من المفيد لنفسي ولاخواني جمع بعض القواعد المهمة الجامعة في هذا الباب لتكون لنا ضياء ونبراسا بعد مطالعة ل كلام اهل العلم واقاويلهم رحمهم الله تعالى عن حول الاستقامة وعن ما يتعلق بها وما سأتحدث عنه في هذا اللقاء هو عشر قواعد عظيمة في باب الاستقامة وقاعدة وهذه القواعد جدير بكل واحد منا ان ينتبه لها وبين يدي ذكر هذه القواعد اشير اشارة سريعة في بيان حقيقة الاستقامة بنقل بعض النقول المباركة عن الصحابة ومن اتبعهم باحسان في بيان حقيقتها ومعناها قال صديق الامة ابو بكر رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا قال لم يشركوا بالله شيئا وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال ثم استقاموا على شهادة ان لا اله الا الله وروي نحوه عن انس ومجاهد والاسود بن هلال وزيد بن اسلم والسدي وعكرمة وغيرهم وروي عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه انه قرأ هذه الاية على المنبر ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فقال لم يروغوا روضان الثعلب وروي عن ابن عباس رضي الله عنه انه قال استقاموا على اداء فرائضه وعن ابي العالية قال ثم استقاموا اي ثم اخلصوا له الدين والعمل وعن قتادة قال استقاموا اي على طاعة الله ذكر هذه الاقوال ابن رجب رحمه الله في جامع العلوم والحكم ثم عرف الاستقامة بقوله الاستقامة هي سلوك الصراط المستقيم وهو الدين القويم من غير تعريج عنه يمنة ولا يسرى ويشمل ذلك فعل الطاعات كلها الظاهرة والباطنة وترك المنهيات كذلك وترك المنهيات كلها كذلك. انتهى كلامه وهذه المعاني ايها الاخوة الكرام كلها متقاربة ويفسر بعضها بعضا لان الاستقامة من الكلمات الجامعة التي تشمل الدين كله قال ابن القيم رحمه الله فالاستقامة كلمة جامعة اخذة بمجامع الدين وهي القيام بين يدي الله على حقيقة الصدق والوفاء بالعهد ونشرع الان ايها الاخوة في ذكر قواعد في الاستقامة القاعدة الاولى الاستقامة منة الهية وهبة ربانية ففي ايات كثيرة من كتاب الله سبحانه وتعالى يضيف الله عز وجل الى نفسه الهداية الى صراطه المستقيم وان الامر كله بيده عز وجل يهدي من يشاء ويضل من يشاء وبيده سبحانه وتعالى قلوب العباد فمن شاء اقامه تبارك وتعالى على الصراط ومن شاء ازاغه قال الله تعالى ولو انهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم واشد تثبيتا واذا لاتينهم من لدنا اجرا عظيما ولهديناهم صراطا مستقيما فالهداية الى الصراط بيد الله عز وجل وقال الله تعالى فاما الذين امنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم اليه صراطا مستقيما وقال الله تعالى والله يدعو الى دار السلام ويهدي من يشاء الى صراط مستقيم وقال الله تعالى والذين كذبوا باياتنا صم وبكم في الظلمات فمن يشاء الله يضلله ومن يشاء يجعله على صراط مستقيم وقال الله تعالى والله يهدي من يشاء الى صراط مستقيم وقال الله تعالى ان هو الا ذكر للعالمين لمن شاء منكم ان يستقيم وما تشاؤون الا ان يشاء الله رب العالمين والايات بهذا المعنى كثيرا الهداية بيد الله عز وجل يمن بها سبحانه وتعالى على من يشاء من عباده ولهذا كان من اول قواعد الاستقامة واسسها التوجه الصادق الى الله عز وجل في طلبها لانها بيده وهو سبحانه وتعالى الهادي الى صراطه المستقيم وقد كان اكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك وهذا هو الثبات على الاستقامة قالت ام سلمة فقلت يا رسول الله او ان القلوب لتتقلب قال ما من قلب الا هو بين اصبعين من اصابع الرحمن يقلبه كيف يشاء فان شاء اقامه وان شاء ازاغه الاستقامة بيد الله فمن ارادها الى فمن ارادها لنفسه فليطلبها من الله وليلح على الله تبارك وتعالى بالسؤال وقد جاء في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها انها سئلت باي شيء كان النبي صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته من الليل قالت كان اذا قام من الليل افتتح صلاته اللهم رب جبريل وميكائيل واسرافيل فاطر السماوات والارض عالم الغيب والشهادة انت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق باذنك انك تهدي من تشاء الى صراط مستقيم هذا كان عليه الصلاة والسلام يقول كل ليلة افتتاحه بصلاة الليل انك تهدي من تشاء الى صراط مستقيم ولما كان هذا المطلب اعني سؤال الله تبارك وتعالى الهداية اعظم المطالب واجلها اوجبه الله سبحانه وتعالى او اوجب الله سبحانه وتعالى على عباده ان يسألوه جل وعلا الهداية الى صراطه المستقيم مرات متكررة في اليوم والليلة وذلك في سورة الفاتحة اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال بعض اهل العلم ينبغي ان ينبه العوام ان هذا دعاء ينبغي ان ينبه العوام ان هذا دعاء عندما تقول اهدنا الصراط المستقيم انت تدعو الله وهذه الدعوة اوجبها الله عليك يجب عليك في اليوم والليلة ان تدعو الله بهذه الدعوة سبع عشرة مرة بعدد ركعات الصلاة المكتوبة التي كتبها الله على عباده تجر ركعتان والظهر اربع والعصر اربع والمغرب ثلاث والعشاء اربع مجموع ذلك سبع عشرة مرة في كل ركعة من هذه الركعات تدعو الله اهدنا الصراط المستقيم ولهذا ينبغي على المسلم ان يستشعر ان هذا دعاء قد قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تأملت في الادعية المأثورة فوجدت ان اعظمها سؤال الله الهداية وجدت ووجدت ذلك في فاتحة الكتاب سؤال الله الهداية وطلب العون من الله وقال رحمه الله تعالى امر العبد بدوام دعاء الله سبحانه بالهداية الى الاستقامة امر العبد بدوام دعاء الله سبحانه بالهداية الى الاستقامة فانت مطلوب منك ان تداوم على هذا الدعاء. دعاء الله الهداية. دعاء الله بالهداية للاستقامة. وهذا موجود في سورة الفاتحة وكان الحسن البصري رحمه الله تعالى اذا قرأ قول الله تعالى ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا قال اللهم انت ربنا فارزقنا الاستقامة القاعدة الثانية حقيقة الاستقامة لزوم المنهج القويم والصراط المستقيم وقد مر معنا من النقول في ذلك عن الصحابة وعن اهل العلم ما يدل لهذه القاعدة ويشهد لها القائدة الثالثة اصل الاستقامة استقامة القلب اصل الاستقامة استقامة القلب قد جاء في الحديث عن نبينا صلوات الله وسلامه عليه لا يستقيم ايمان عبد حتى يستقيم قلبه رواه الامام احمد من حديث انس ابن مالك رضي الله عنه فاصل الاستقامة استقامة القلب فالقلب اذا صلح واستقام تبعه البدن قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى فاصل الاستقامة استقامة القلب على التوحيد كما فسر ابو بكر الصديق وغيره قوله تعالى ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا بانهم لم يلتفتوا الى غيره فمتى استقام القلب على معرفة الله وعلى خشيته واجلاله ومهابته ومحبته وارادته ورجائه ودعائه والتوكل عليه والاعراض عما سواه استقامت الجوارح كلها على طاعته فان القلب هو ملك الاعضاء وهي جنوده فاذا استقام الملك استقامت جنوده ورعاياه وفي الصحيحين عن النعمان ابن بشير رضي الله عنهما قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول الا وان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله الا وهي القلب ويقول ابن القيم رحمه الله في مقدمة كتابه اغاثة اللهفان من مخارج الشيطان ولما كان القلب لهذه الاعضاء كالملك المتصرف في الجنود الذي تصدر كلها عن امره ويستعملها فيما شاء فكلها تحت عبوديته وقهره وتكتسب منه الاستقامة وتكتسب منه الاستقامة والزيت وتتبعه فيما يعقده من العزم او يحله قال النبي صلى الله عليه وسلم الا وان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله الا وهي القلب فهو ملكها وهي المنفذة لما يأمرها به القابلة لما يأتيها من اه هديته ولا يستقيم لها شيء من اعمالها حتى تصدر عن قصده ونيته وهو المسؤول عنها كلها ولهذا قال الله عز وجل يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم وكان من دعاء نبينا صلى الله عليه وسلم اللهم اني اسألك قلبا سليما القاعدة الرابعة الاستقامة المطلوبة من العبد هي السداد فان لم يقدر عليه المقاربة استقامة المطلوبة من العبد هي السداد فان لم يقدر عليه فالمقاربة قد جمع النبي صلى الله عليه وسلم هذين الامرين في قوله ان هذا الدين يسر ولن يساد الدين احد الا غلبه فسددوا وقاربوا وابشروا فسددوا وقاربوا وابشروا فالمطلوب في باب الاستقامة السداد والسداد ان تصيب السنة قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه لما طلب منه ان يعلمه دعاء يدعو الله به قال قل اللهم اني اسألك الهدى والسداد قال واذكر بالهدى هداية الطريق وبالسداد سداد الفوز فالعبد مطلوب منه ان يجاهد نفسه على ان يصيب السداد ان يصيب هدي النبي ونهجه صلوات الله وسلامه عليه وسلوكه ويجاهد نفسه على ذلك فان لم يتمكن فعليه بالمقاربة وقد قال الله تعالى فاستقيموا اليه واستغفروه وهنا لطيف ذكر الاستغفار بعد الامر بالاستقامة فيه اشارة الى ان العبد لابد من تقصيره مهما جاهد نفسه على الاستقامة ولهذا قال الحافظ ابن رجب رحمه الله فيه اشارة الى انه لا بد من تقصير في الاستقامة المأمور بها فيجبر ذلك بالاستغفار المقتضي للتوبة والرجوع الى الاستقامة وقال رحمه الله وقد اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان الناس لن يستطيعوا الاستقامة حق الاستقامة اخبر ان الناس لن يستطيعوا الاستقامة حق الاستقامة كما خرجه الامام احمد وابن ماجة من حديث ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال استقيموا ولن تحصوا وفي الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال سددوا وقاربوا قال فالسداد هو حقيقة الاستقامة فالسداد هو حقيقة الاستقامة وهو الاصابة في جميع الاقوال والاعمال والمقاصد كالذي يرمي الى غرض فيصيبه وقد امر النبي صلى الله عليه وسلم عليا ان يسأل الله عز وجل السداد والهدى. قال واذكر بالسداد ايدك السهم وبالهداية هدايتك الطريق رواه مسلم والمقاربة ان يصيب ما يقرب من الغضب اذا لم يصب الغرض نفسه ولكن بشرط ان يكون مصمما على قصد السداد واصابة الغرض فتكون مقاربته عن غير عمد تكون مقاربته عن غير عمد لا يتعمد العبد ان يترك السداد بل يجاهد نفسه فان لم يصب السداد فليكن في المقاربة منه لا ان يتعمد العبد ترك السداد ولا يبالي بتحصيله القاعدة الخامسة بهذا الباب الاستقامة تتعمق بالاقوال والافعال والنيات بمعنى ان اقوال العبد ينبغي ان تكون ماضية على الاستقامة استقيم الانسان العبد وان تكون افعاله ماضية على الاستقامة تستقيم جوارح العبد وان ايضا يكون قلبه ماضيا على الاستقامة بان يستقيم قلب العبد فالاستقامة المطلوبة من العبد استقامة في الاقوال واستقامة في الافعال واستقامة في النيات قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه مدارج السالكين والاستقامة تتعلق بالاقوال والافعال اي والاحوال والنيات وفي المسند للامام احمد من حديث انس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يستقيم ايمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه قال ابن رجب واعظم ما يراعى استقامته بعد القلب من الجوارح اللسان فانه ترجمان القلب والمعبر عنه ولنلاحظ هنا خطورة القلب واللسان على العبد في في باب الاستقامة او الجنوح عنها خطورة القلب واللسان وفي هذا المعنى قال بعض اهل العلم المرء باصغريه المرء باصغرين قلبه ولسانه اللسان مرة صغيرة جدا والقلب مضغة صغيرة جدا قطعة صغيرة لكن المرء باصغريه جوارح العبد كلها تبع للقلب وتبعا لللسان اذا استقام القلب استقامت الجوارح واذا استقام اللسان استقامت الجوارح الدليل الاول مر معنا في حديث النعمان ابن بشير الا وان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله الا وهي القلب ودليل الثاني ما رواه الترمذي من حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا اصبح ابن ادم فان الاعضاء كلها تكفر اللسان اذا اصبح ابن ادم فان الاعضاء كلها تكفر اللسان. تقول اتق الله فيه فانما نحن بك فان استقمت استقمنا وان اعوججت اعوججنا فاذا استقام القلب استقامت الجوارح واذا استقام اللسان استقامت الجوارح ولهذا قيل المرء باصغريه المرء من حيث الاستقامة او عدمها باصغرها قلب اللسان. فاذا استقام القلب واستقام اللسان استقامت الجوارح كلها واللسان ترجمان القلب لسان ترجمان القلب وخليفته في ظاهر البدن فاذا اسند اليه الامر اذا اسند اليه الامر اذا اسند القلب الى اللسان الامر نفذ فاللسان تابع للقلب ولهذا كان واجبا على كل مسلم ان يعنى بصلاح قلبه وان يسأل ربه تبارك وتعالى ان يصلح قلبه وان يذهب عنه امراض القلوب واسقامها وادوامها وادواءها وسخائمها اذا صلح القلب صلحت الجوارح القاعدة السادسة لا تكونوا الاستقامة الا لله وبالله وعلى امر الله لا تكون الاستقامة الا لله وبالله وعلى امر الله ومعنى لله اي خالصة بمعنى ان يستقيم العبد وان يلزم صراط الله المستقيم مخلصا بذلك الامر لله عز وجل طالبا به ثوابه ورضاه ولا تكون الا بالله اي مستعينا على تحقيقها والقيام بها والثبات عليها بالله تبارك وتعالى فاعبده وتوكل عليه. اياك نعبد واياك نستعين احرص على ما ينفعك واستعن بالله وعلى امر الله ان يسيروا في استقامته على النهج القويم والصراط المستقيم الذي امر الله سبحانه وتعالى عباده به قد مر معنا بعظ الاثار عن السلف رحمهم الله تعالى في تقرير هذا المعنى كقول ابن عباس بقوله ثم استقاموا اي استقاموا باداء الفرائض قال الحسن استقاموا على امر الله فعملوا بطاعته واجتنبوا معصيته وامر الله عز وجل هو شرعه الذي بعث به نبيه صلوات الله وسلامه عليه القاعدة السابعة في هذا الباب الواجب على العبد الا يتكل على عمله مهما صلح واستقام لا يتكل على عمله مهما صلح واستقام ولا يغتر لا بعبادة ولا بذكر ولا بغير ذلك من الطاعات لا يتكل على عمله لهذا يقول ابن القيم رحمه الله والمطلوب من العبد الاستقامة وهي السداد فان لم يقدر عليها فالمقاربة فان نزل عنها فالتفريط والاضاعة كما في صحيح مسلم من حديث ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال سددوا وقاربوا واعلموا انه لن ينجوا احد منكم بعمله سددوا وقاربوا واعلموا انه لن ينجوا احد منكم بعمله سددوا وقاربوا واعلموا انه لن ينجو احد منكم بعمله. يعني مهما بذلت من سداد ومقاربة واستقامة ومجاهدة لن ينجو احد منكم بعمله قالوا ولا انت يا رسول الله قال ولا انا الا ان يتغمدني الله برحمة منه وصبر فجمع في هذا الحديث مقامات الدين كلها فامر بالاستقامة وهي السداد والاصابة في النيات والاقوال والاعمال واخبر في حديث ثوبان ايستقيموا ولن تحصوا واعلموا ان خير اعمالكم الصلاة انهم لن يطيقوا لن يطيقوا فنقلهم الى المقاربة وهي ان يطلبوا من الاستقامة بحسب الطاقة بحسب طاقتهم كالذي يرمي الى الغرق لم يصبه يقاربه ومع هذا هذا الموضع الشاهد من كلامه فاخبرهم ان الاستقامة والمقاربة لا تنجي يوم القيامة فلا يركن احد الى عمله. ولا يعجب به ولا يرى ان نجاته به بل انما نجاته برحمة الله وعفوه وفضله القاعدة الثامنة من هدي في الدنيا الى صراط الله المستقيم هدي في الدار الاخرة الى الصراط المستقيم المنصوب على متن جهنم يوم القيامة ينصب صراط على متن جهنم احد من السيف وادق من الشعر ويؤمر الناس بالمرور عليه ويتفاوتون في مرورهم عليه تفاوتهم في الاعمال والاستقامة على صراط الله المستقيم في هذه الحياة الدنيا قال ابن القيم رحمه الله فمن هدي في هذه الدار الى صراط الله المستقيم الذي ارسل به رسله وانزل به كتبه هدي هناك يعني في الدار الاخرة الى الصراط المستقيم الموصل الى جنته ودار ثوابه وعلى قدر ثبوت قدم العبد على هذا الصراط الذي نصبه الله لعباده في هذه الدار يعني الدار الدنيا يكون ثبوت قدمه على الصراط المنصوب على متن جهنم وعلى قدر سيره على هذا الصراط يكون سيره على ذاك الصراط فمنهم من يضرك البرق ومنهم من يمر كالطرف ومنهم من يمر كالريح ومنهم من يمر كشد الركاب ومنهم من يسعى سعيه ومنهم من يمشي مشيا ومنهم من يحبو حبوا ومنهم المخدوش المسلم ومنهم المكردس في النار فلينظر العبد سيره على ذلك الصراط من سيره على هذا حذو القدة بالقدة جزاء هل تجزون الا ما كنتم تعملون ولينظر الشبهات والشهوات اي التي في الدنيا ولينظر الشبهات والشهوات التي تعوقه عن سيره على هذا الصراط المستقيم فانها الكلاليب التي بجنبتي ذاك الصراط تخطفه وتعوقه عن المرور عليه. فان كثرت هنا وخويت فكذلك هي هناك وما ربك بظلام للعبيد من كان في هذه الحياة الدنيا تخطبه الشبهات عن الصراط المستقيم وتخطفه الشهوات عن الصراط المستقيم فايضا الكلاليب التي على جنبتي الصراط يوم القيامة تخطب مثل ما خطبته الشبهات والشهوات بهذه الحياة الدنيا وله كلام اخر قريب من هذا في كتابه الجواب الكافي القاعدة التاسعة الشبهات والشهوات قواطع وموانع صادة عن الاستقامة والسائر على صراط الله المستقيم يمر في سير باستمرار بشبهات وشهوات بشبهات وشهوات تصرفه وتحرفه عن صراط الله المستقيم. فكل من ينحرف عن الاستقامة اما ان ينحرف عنها بشهوة او ان ينحرف عنها بشبهة والشهوة تفضي بانحراف الانسان بفساد عمله والشبهة تحرف الانسان بفساد علمه قال الله عز وجل وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله جاء في حديث عبد الله ابن مسعود في مسند الامام احمد قال خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا ثم قال هذا سبيل الله ثم خطوطا عن يمينه وعن شماله ثم قال هذه السبل متفرقة على كل سبيل منها شيطان يدعو اليه والشيطان الذي يدعو الى الانحراف عن صراط الله المستقيم دعوته الى الانحراف عن صراط الله المستقيم اما بشبهة او بشهوة كما قال بعض السلف يسمى القلب فاذا رأى فيه التفريط حبب اليه الشهوات واذا رأى عليه الحرص والمحافظة ادخل عليه الشبهات ولا يبالي عدو الله الى اي الطرف الطريقين انحرف العبد؟ المهم ان ينحرف عن الصراط اما بشهوة او بشبهة وهنا ينبغي ان نستحضر مثلا بديعا عظيما ثبت في المسند والترمذي وغيرهما من حديث النواس ابن سمعان رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ضرب الله مثلا صراطا مستقيما. انتبه للمثل جيدا فهو في غاية النفع ضرب الله مثلا صراطا مستقيما وعلى جنبتي الصراط سوران يعني جداران وعلى جنبتي الصراط سوران وفي السورين ابواب مفتحة وعلى الابواب المفتحة سطور مرخاة تصور الان المثل ينفعك الله به ضرب الله مثلا صراطا مستقيما وعلى جنبتي الصراط سوران جداران تمشي في طريق مستقيم على يمينك جدار وعلى يسارك جدار وفي الجدارين الذين عن يمينك وعن يسارك عن يسارك سوران. ابواب ابواب كثيرة تمر بها على يمينك وعلى يسارك والابواب عليهم الستور مرهاة وانت تعلم ان الباب الذي عليه الستارة ليس كالباب الذي عليه ابواب وكوانين ومفاتيح الباب الذي عليه ستارة بكتفه تلمسه وتدخل لا لا يعوق الدخول فيقول ضرب الله مثلا صراطا مستقيما وعلى جنبتي الصراط سوران فيهما ابواب مفتحة وعلى الابواب سطور مرخاة وعلى باب الصراط داع يقول يا ايها الناس ادخلوا الصراط جميعا ولا تعوجا وداعا يدعو من جوف الصراط فاذا اراد ان يفتح شيئا من تلك الابواب قال ويحك لا تفتحه فانك ان تفتحه تلج قال والصراط الاسلامي والسراد حدود الله والابواب المفتحة محارم الله وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله عز وجل والداعي من جوف الصراط واعظ الله في قلب كل مسلم واعظ الله في ترك المسلم. المسلم مستقيم اذا ارادت نفسه ان تدخل في شهوة يجد ان قلبه هذا واحد واعظ الله في قلب كل مسلم يجد انه غير مطمئن قلق ليس مرتاحا ينقبض قلبه هذا واحد جعله الله سبحانه وتعالى في قلب كل مسلم الشاهد من هذا ان طريق الاستقامة على جنبتي ابواب تخرج الانسان عن طريق الاستقامة وهذه الابواب ترجع في الجملة الى امرين اما شبهات او شهوات وخروج العبد عن الاستقامة اما بشبهة او بشهوة قال ابن القيم رحمه الله وقد نصب الله سبحانه الجسر الذي يمر الناس من فوقه الى الجنة ونصب بجانبيه كلاليب تخطف الناس باعمالهم فهكذا كلاليب الباطل من شبهات الضلال وشهوات الغيب تمنع صاحبها من الاستقامة على طريق الحق وسلوكه والمعصوم من عصمه الله القاعدة العاشرة مشابهة المغضوب عليهم والضالين من اسباب انحراف العبد عن الصراط المستقيم تأمل هذا المعنى في الاية اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين غير المغضوب عليهم ولا الضالين وفساد اليهود من جهة العمل وفساد النصارى من جهة العلم يهود علموا ولم يعلموا والنصارى عملوا بلا علم ولهذا الفساد الذي يكون في هذا الباب اما بمشابهة لليهود بان يكون عند الانسان علم لا يعمل به او بمشابهة للنصارى بان يعمل بلا علم ولا بصيرة وقد سمى شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله كتابه اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة اصحاب الجحيم واشار فيه رحمه الله الى بعض امور اهل الكتاب التي ابتليت بها هذه الامة ليجتنب المسلم الانحراف عن الصراط المستقيم الى الصراط المغضوب عليهم او الضالين واورد قول الله سبحانه ود كثير من اهل الكتاب لو يردونكم من بعد ايمانكم كفارا حسدا من عند انفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فلما اليهود على ما حسدوا المؤمنين على الهدى والعلم وقد يبتلى بعض المنتسبين الى العلم وغيره بنوع من الحسد لمن هداه الله بعلم نافع او عمل صالح واخذ يذكر رحمه الله امثلة عديدة من الامور التي هي من اعمال اليهود او اعمال النصارى وقد يتشبه بهم فيها بعض المسلمين. وقد قال عليه الصلاة والسلام لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا شبرا ذراعا ذراعا حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه اختم قاعدة اخيرة او كلمة جميلة متينة لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله يقول ابن القيم رحمه الله سمعت شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله يقول اعظم الكرامة لزوم الاستقامة اعظم الكرامة لزوم الاستقامة وقال شيخ الاسلام رحمه الله بكتابه الفرقان بين اولياء الرحمن واولياء الشيطان؟ قال وانما غاية الكرامة لزوم الاستقامة ولهذا يقول ابن القيم نقلا عن بعض اهل العلم قال كن صاحب استقامة لا طالب الكرامة. كن صاحب الاستقامة لا طالب بالكرامة فان نفسك متحركة في طلب الكرامة وربك يطالبك بالاستقامة وربك يطالبك بالاستقامة بمعنى ان العبد ينبغي عليه ان يكون دوما وابدا مجاهدا لنفسه بانت تلزم صراط الله المستقيم وان تحافظ على طاعته تبارك وتعالى وان يجاهد نفسه على ذلك ونختم بما بدأنا به وهو قول ربنا عز وجل ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة الا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن اولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الاخرة ولكم فيها ما تشتهي انفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم وبقوله جل وعز ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون اولئك اصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون اسأل الله الكريم رب العرش العظيم باسمائه الحسنى وصفاته العليا ان يكتب لنا جميعا الثبات والهداية الى صراطه المستقيم وان يعيذنا من سبيل المغضوب عليهم وسبيل الضاجين وان يصلح لنا شأننا كله وان يصلح لنا ديننا الذي هو عصمة امرنا وان يصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وان يصلح لنا اخرتنا التي فيها معادنا وان يجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين هذا يقول كثير من مجتمعاتنا في اعمالنا تكاد لا تخلو المجالس من بذيء الكلام وفاحش القول ونجبر على الجلوس معهم ومجاورتهم فكيف الخلاص من ذلك المجالس او المجالس لا شك ان له خطورته على جليسه وبالمجالسة وطول المجالسة يتأثر الانسان والذي اقول في هذا المقام اذا كان بذيئة اللسان سيء القول فاحش القول لم يحترم جلسائه لم يحترم جلسائه فاخذ يأتي بفاحش القول ورديئه وسيء الكلام دون احترام لجلسائه فلماذا صاحب الحق يتقاعس ويتوانى عن بيان الحق والصدع به والنهي عن الفحش هذا الذي تكلم بالبلاء هو لم يحترم اصلا المجلس الذي لم يتكلم بالفحش لم يحترم اصلا المجلس فحقيقة الذي ينبغي على صاحب الحق انى يكون جريئا وليس معنى ان يكون جريئا ان يغرق في المعاملة وانما ينكر برفق وبكلمة طيبة وبموعظة حسنة سواء علنا في المجلس اذا اقتضى المقام ذلك او سرا والنصيحة في السر لها اثر بالغ اذا كان احد الناس في المجلس يكثر منها الفحش يزوره في بيته ويتحدث معه بلطف ويقول يا فلان اما تعلم ان كلامك من عملك وانه مكتوب عليك وانك ستلقى الله عز وجل به ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد وان يناصحه لعل الله سبحانه وتعالى يهديه وقد قيل قديما اذا لم تدعو تدعى الم تدعو تدعى اذا لم يكن الانسان في مجالسه يناصح ويبين بلطف وبرفق بالكلمة الطيبة سيكون المآل ان يتأثر هو بجلسائه ولهذا امر الانسان بمجالسة الاخيار قال عليه الصلاة والسلام المرء على دين خليله فلينظر احدكم من يخالل فان اضطر الانسان الى مجالسة اه بعض من يكون في كلامهم الفحش او البذاءة وسيء القول او نحو ذلك فلينكر بالرفق وبالكلمة الطيبة وليحاول ايضا ان يستلم زمام المجلس قبل ان يستلموه قبل ان يفتتحوا هما المجلس يستلموا ويستلم المجلس بالذكر والكلمات الطيبة والموعظة الحسنة واذا جاء الحق في المكان والايات والذكر ذهبت الشياطين هذا احد الاخوة لا يسأل وانما يقرأ التنبيه فاذا عدم مد القدمين الى ناحية المصحف احتراما كتاب الله عز وجل وجزاه الله خيرا والتنبيه في محله هذا يقول كيف نفرق بين الفرح بالعمل والغرور فرح بالعمل يحمد كما قال الله عز وجل قل بفضل الله وبرحمته بل يفرحوا هو خير مما يجمعون اما الغرور فمهلكة للعبد الغرور هو العجب ولا ينبغي للانسان ان يغتر بعمله او يعجب به لا ينبغي المؤذن يغتر بعمله او يعجن بعمله العجب والاغترار مهلك والعجب فاحذره ان العجب اعمال صاحبه في سيره العرم الخطورة واذا اغتر الانسان عمله واصيب العود يصل الى حال يكون فيها من اسوأ الناس عملا وسلوكا وهو يرى نفسه انه اصلح الناس واحسنه قد قال الله سبحانه وتعالى فلا تزكوا انفسكم هو اعلم من اتقى قال الله تعالى والذين يؤتون ما اتوا وقلوبهم وجلة جاء عن عبد الله ابن ابي مليكة من التابعين يقول ادركت اكثر من ثلاثين صحابيا كلهم يخاف النفاق على نفسه فالمؤمن الصادق مع الصلاح والمجاهدة على البلوغ بلوغ الكمال في العمل لا يزال يرى نفسه مقصرا بينما الاخر المسيء المقصر مع تقصيره يرى نفسه اه احسن الناس عملا بهذا المعنى قال الحسن البصري رحمه الله تعالى ان المؤمن جمع بين احسان ومخافة والمنافق جمع بين اساءة وامل محسن والمؤمن جمع بين احسان ومخاطر يحسن في العمل وهو خائف يؤتون ما اتوا وقلوبهم وجلة اي خائفة قد سألت ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم عن معنى الاية قالت اهو الرجل يزني ويسرق ويقتل ويخاف ان يعذب هل هذا هو المعنى؟ قال لا يا ابنة الصديق ولكنه الرجل يصلي ويصوم ويتصدق ويخاف ان لا يقبل ويخاف الا يقبل فالمسلم يجاهد نفسه ولا يغتر بعمله لكن يفرح ان الله من علي بالهداية من عليه بالاستقامة من عليه بالعبادة بالصلاة يفرح بذلك هذا فضل الله عليه ومنته عليه يفرح يفرح ان اكرمه الصيام للصائم فرحتان فرحة عند عند فطره وفرحة عند لقاء ربه الصائم يفرح اذا اتم الصيام يفرح المسلم باكرام الله عز وجل له بالصلاة والمحافظة عليها مع الجماعة يفرح بذلك. اذا حج يفرح هذا فضل الله علي لكن لا يغتر ولا يعجب بنفسه فالغرور والعجب مهلكة العبد ونكتفي بهذا القدر والعلم عند الله وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد اله وصحبه اجمعين