بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد ايها الاخوة الكرام هذا لقاء في موضوع عظيم للغاية وكبير جدا وكل واحد منا محتاج اليه تذكرة وتبصره ولهذا لنصبر محتسبين صبرنا عند الله تبارك وتعالى في الوقوف على جوانب هذا الموضوع من باب المذاكرة والمدارسة لاعظم امر على الاطلاق الا وهو توحيد الله جل وعلا وموضوع هذا اللقاء عنوانه معالم في التوحيد. وساتحدث ايها الاخوة حول هذا الموضوع وفي معالم التوحيد عن نقاط ستة وهي اولا خصائص التوحيد وفضائله وثانيا حد التوحيد وحقيقته وثالثا تحقيق التوحيد وتكميله ورابعا نواقض التوحيد ونواقصه وخامسا مصدر التوحيد ومنبعه وسادسا ثمار التوحيد وفوائده فهذه ستة نقاط سيدور حولها الحديث باذن الله تبارك وتعالى في لقائنا هذا وكل نقطة من هذه النقاط تحتاج الى بسط وسعة في البيان لكنني سأجتزء في هذه النقاط من الكلام ما يحقق المقصود باذن الله تبارك وتعالى ونبدأ مستعينين بالله مستمدين العون والتوفيق منه تبارك وتعالى في نقاط موضوعنا هذا. النقطة الاولى خصائص التوحيد وفضائله ايها الاخوة الكرام التوحيد له خصائص كثيرة جدا وفضائل عديدة تدل على مكانته العليا ومنزلته الرفيعة وسأشير هنا الى عشر خصائص للتوحيد الاولى انه الغاية التي قلبن لاجلها واوجدنا لتحقيقها كما يدل لذلك قول الله سبحانه وتعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. ومعنى الا ليعبدون اي ليوحدون فالتوحيد هو الغاية التي خلقنا لاجلها في هذه الحياة والله سبحانه وتعالى لم يخلقنا عبثا ولا يتركن ايضا سدى وهملا بل خلق الخلق ليعبدوه واوجدهم تبارك وتعالى ليوحدوه ولاجل هذا خلقهم فمن خصائص التوحيد انه الغاية التي خلق الخلق لاجلها واوجدوا لتحقيقها الامر الثاني ان التوحيد هو محور دعوة الانبياء والمرسلين بمعنى ان كل نبي بعثه الله جل وعلا فان دعوته ترتكز على التوحيد وتقوم عليه وهذا ادلته كثيرة منها قول الله سبحانه ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت وقول الله سبحانه وتعالى وما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحي اليه انه لا اله الا انا فاعبدون وقال تعالى واسأل من ارسلنا قبلك من رسلنا اجعلنا من دون الرحمن الهة يعبدون وقال جل وعلا واذكر اخا عاد اذ انذر قومه بالاحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه الا تعبدوا الا الله قالت النذر من بين يديه ومن خلفه اي ان الرسل قبله وبعده متفقون على هذه الغاية الا تعبدوا الا الله فهذا من الدلائل على ان التوحيد مرتكز دعوة الانبياء والمرسلين ولهذا فان اول كلمة تسمعها او يسمعها الاقوام من انبيائهم واول ما يبدأونهم به في باب الدعوة الى الله الدعوة الى لانه هو الاساس الذي يبنى عليه الدين فان مثل الدين مثل شجرة ومن المعلوم ان الشجرة لها اصل ولها فرح ولا يستقيم امر شجرة الا باصلها ولا يستقيم امر الدين الا باساسه وهو التوحيد المتر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء وكما ان الشجرة اذا قطع اصلها ماتت فكذلك الدين اذا لم يقم على التوحيد لم ينتفع به فمكان التوحيد من الدين مكان الاصول من الاشجار والقواعد من البنيان ومما يدل على ان التوحيد محور دعوة الانبياء والمرسلين ومرتكز رسالتهم. قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه نحن الانبياء ابناء علات ديننا واحد وامهاتنا شتى اي عقائدنا او عقيدتنا واحدة كلنا دعاة الى توحيد الله وشرائعنا وامهاتنا شتى اي شرائعنا مختلفة لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا الامر الثالث من خصائص التوحيد انه اول واجب على المكلف فاول ما يجب على الانسان للدخول في هذا الدين هو التوحيد واول ما يبدأ به الانسان من الدعوة الى الله سبحانه وتعالى من هذا الدين هو التوحيد وهذا يدل عليه دلائل عديدة منها قول النبي صلى الله عليه وسلم امرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله ومنها قوله عليه الصلاة والسلام لمعاذ ابن جبل عندما بعثه الى اليمن قال انك تأتي قوما اهل كتاب فليكن اول ما تدعوهم اليه شهادة ان لا اله الا الله فالتوحيد هو اول ما يجب على المكلفين وبه يبدأون وهو اول ما يدخل به الانسان في هذا الدين فالدين قائم على التوحيد. وهو اساس الدين الذي عليه يبنى الامر الرابع من خصائص التوحيد وميزاته انه سبب الامن والاهتداء في الدنيا والاخرة واقرأ هذا في قول الله سبحانه وتعالى الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك اولئك لهم الامن وهم مهتدون الامن والاهتداء لاهل التوحيد الامن بيد الله ولا يعطيه سبحانه وتعالى الا للموحد الذي يوحد الله ويخلص الدين له سبحانه وتعالى ودليل ذلك الاية قال الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن وهم مهتدون. ما معنى بظلم ما معنى بظلم لما نزلت هذه الاية كما جاء في الحديث الصحيح شق امرها على الصحابة رضي الله عنهم واتوا النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا يا رسول الله اينا لم يظلم نفسه؟ يعني ما منا الا وقد ظلم نفسه والله يقول الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن وهم مهتدون. قالوا اينا لم يظلم نفسه فمعنى ذلك لا حظ لنا من الامن والاهتداء لان كل واحد منا قد ظلم نفسه فقال عليه الصلاة والسلام ليس هذا يعني ليس هذا هو معنى الظلم في الاية اما قرأتم قول العبد الصالح يعني لقمان الحكيم يا بني لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم ففسر عليه الصلاة والسلام الظلم في قوله الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم فسره بالشرك فافاد افادت الاية بتفسير النبي صلى الله عليه وسلم لها ان الذي امن ولم يشرك اي موحد لم يقع في الشرك له الامن والاهتداء في الدنيا والاخرة فهذه من خصائص التوحيد من كان موحدا منحه الله سبحانه وتعالى ومن عليه بالامن والاهتداء في الدنيا والاخرة الامر الخامس ان التوحيد فيه السلامة من الاضطراب والتناقض بخلاف العقائد الاخرى فالعقائد الاخرى ايا كانت مضطربة ومتناقضة قد قال الله سبحانه وتعالى ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا فالعقائد التي يخترعها الناس ويحدثونها فيها من الاضطراب والتناقض الشيء الكثير اما الايمان الصحيح والاعتقاد السليم والتوحيد الراسخ المستمد من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فهو سالم منه ذلك كله سادسا من خصائص التوحيد انه موافق للفطر السليمة والعقول المستقيمة. فالتوحيد هو دين الفطرة ولو ترك الانسان وفطرته لما قبل غير التوحيد لانه يتوافق مع الفطرة. بل هو الفطرة. كما قال الله سبحانه وتعالى فاقم وجهك للدين حنيفا. فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن اكثر الناس لا يعلمون فالتوحيد هو دين الفطرة اما الشرك فهو خروج عن الفطرة وانحراف عنها ولهذا جاء في صحيح مسلم حديث قدسي قال الله تعالى فيه خلقت عبادي حنفاء فاتتهم الشياطين عن دينه. خلقت عبادي حنفاء اي على الفطرة. التي هي التوحيد. فاتتهم الشياطين فاجتالتهم اي عن دينه وجاء في الصحيح من حديث ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال كل مولود يولد على الفطرة فابواه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه. كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل ترون فيها من جدعاء؟ الا ان تكونوا انتم الذين تجزعون البهيمة تخرج من بطن امها جمعاء القرون الاذان موجودة الاطراف موجودة الايدي موجودة فاذا انقطعت منها رجل او يد او اذن او نحو ذلك هذا ليس من اصل خلقتها. وانما هذا بفعل الناس بعدما خرجت تامة وكاملة. قال الا ان تكونوا انتم الذين تجزعونها فكذلك المولود يولد على الفطرة اذا تنصر او تهود او تمجس او وقع في اي نوع من انواع الانحراف والزيف والضلال والباطل هذا بفعل ماذا الابوين او المحيط الذي ينشأ فيه. وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده ابوه قال فابواه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه ولم يقل او يسلمان لانه نشأ على الاسلام لانه هو نسى وولد على الفطرة فالتوحيد هو دين الفطرة والشرك وغيره من الضلال والباطل كل ذلكم مصادم للفطرة مباين لها فاذا من خصائص التوحيد انه موافق للفطرة السليمة وموافق ايضا للعقول المستقيمة. العقل المستقيم الذي لم يزر ولم ينحرف لا يرظى بغير التوحيد ولا يقبل الا التوحيد من الذي عنده عقل سليم ويرضى بالهة ويرضى بتعدد الالهة اأرباب متفرقون خير ام الله الواحد القهار ما تعبدون من دونه الا اسماء سميتموها انتم واباؤكم ما انزل الله بها من سلطان الامر السابع من خصائص التوحيد ان التوحيد هو الرابطة الحقيقية الباقية المستمرة في الدنيا والاخرة. ولا يوجد رابطة بين الناس اطلاقا مثل رابطة التوحيد لان هذه الرابطة التي بين اهل التوحيد والايمان هي رابطة باقية مستمرة دائمة في الدنيا والاخرة الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو الا المتقين. قال في اية اخرى وتقطعت بهم الاسباب اي العلائق والصلات فكل صلة منقطعة وكل حب منقطع وكل تواصل زائل الا الحب والصلة والتواصل في التوحيد والايمان بالله. فما كان لله دام واتصل وما كان لغيره انقطع وانفصل مهما كانت الرابطة قوية ومهما كانت الصلة عميقة ستنتهي اما في الدنيا او في الاخرة قطعا ان الصلة التي تكون على توحيد الله سبحانه وتعالى وحسن الايمان به فهذه صلة دائمة مستمرة باقية في والاخرة الامر الثامن من خصائص التوحيد سلامة مصدره فهو مأخوذ من معين عد ومورد زلال فهو مستمد من كتاب الله ذي الجلال ومن سنة رسوله صلوات الله وسلامه عليه الذي لا ينطق عن الهوى وان هو الا وحي يوحى وهذا جانب سيأتي حديث عنه مفصل بعض الشيء التاسع من خصائص التوحيد الثبات والحفظ والله تبارك وتعالى تكفل بحفظ هذا التوحيد وحفظ هذا الدين وبقائه هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ان الله يدافع عن الذين امنوا وكان حقا علينا نصر المؤمنين. يثبت الله الذين امنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة الامر العاشر اشتماله على ثمار كثيرة وفضائل عديدة واثار متنوعة في الدنيا والاخرة سيأتي الحديث عن بعضها في تمام هذا الموضوع وختامه بعد ذلك ننتقل الى النقطة الثانية وهي حد التوحيد وحقيقته. ما هو التوحيد ما هو التوحيد وما حقيقته؟ التوحيد مصدر للفعل وحد يوحد توحيدا وهو اصل يدل على الافراد وتوحيد الله افراده سبحانه وتعالى ونفي الشريك عنه في حقوقه جل وعلا وخصائصه توحيد الله جل وعلا هو افراده جل وعلا ونفي الشريك لا شريك له في شيء من خصائصه ولا في شيء من حقوقه سبحانه وتعالى على عباده فالربوبية والتصرف في هذا الكون خلقا ورزقا واحياء واماتة وتدبيرا هذا من خصائص من الله اسماؤه الحسنى وصفاته العليا ومشيئته النافذة وقدرته الشاملة وعلمه الواسع وكماله جل وعلا في اسمائه وصفاته هذا من خصائص الله فمن اعطى شيئا او احدا من المخلوقات شيء من خصائص الله نقض بهذا توحيده وحقوق الله سبحانه وتعالى على العباد ان يعبدوه ولا يشركوا به شيئا كما في حديث معاذ قال له النبي صلى الله عليه وسلم اتدري ما حق الله على العباد؟ وما حق العباد على الله قال حق الله على العباد ان يعبدوه ولا يشركوا به شيئا. وحق العباد على الله الا يعذب من لا يشرك به شيئا فالتوحيد حق لله العبادة حق لله سبحانه وتعالى فمن صرف شيئا من العبادة لغير الله نقض ذلك توحيدا التوحيد هو افراد الله جل وعلا بحقوقه وخصائصه والشرك هو تسوية غير الله بالله في شيء من حقوقه او خصائصه فهذه حقيقة التوحيد. هذه حقيقة التوحيد ان نفرد الله. جل وعلا. والا نجعل معه شريكه واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه. وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا والايات في هذا المعنى كثيرة فهذا هو التوحيد وهذه هي حقيقته واذا تأملت ذلك تبين لك ان التوحيد اقسام ثلاثة ان التوحيد في ضوء ما دل عليه كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم اقسام ثلاثة توحيد الربوبية وتوحيد الاسماء والصفات وتوحيد الالوهية. اما توحيد الربوبية فهو افراد الله سبحانه وتعالى باعتقادي انه وحده الخالق الرازق المالك المنعم المتصرف الذي لا شريك له في شيء من ذلك وتوحيد الاسماء والصفات هو افراده سبحانه وتعالى باسمائه وصفاته اسمائه الحسنى وصفاته العلى الواردة في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى الله لا اله الا هو له الاسماء الحسنى وقال تعالى قل ادعوا الله او ادعوا الرحمن ايا ما تدعوا فله الاسماء الحسنى قال جل وعلا هو الله الذي لا اله الا هو عالم الغيب والشهادة والرحمن الرحيم هو الله الذي لا اله الا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله يشركون هو الله الخالق البارئ المصور له الاسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والارض وهو العزيز الحكيم والقسم الثالث توحيد الالوهية وهو افراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة واخلاص الدين له والبراءة من الشرك. كما قال الله تعالى وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين وقال الا لله الدين الخالص قال عليه الصلاة والسلام من مات وهو لا يدعو من دون الله ندا دخل الجنة. ومن مات وهو يدعو من دون الله ندا دخل فتوحيد الالوهية هو ان يفرد الله بالعبادة بالدعاء الرجاء الخوف النذر الذبح الصلاة الصيام الى غير ذلك من العبادات قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له. وبذلك امرت فهذا هو التوحيد وهذه حقيقته وهذه الاقسام الثلاثة للتوحيد لكل واحد منها ضد لكل واحد منها ضد فتوحيد الربوبية ضده جهل خصائص الله في ربوبيته او اعطاء شيء من خصائص الله تبارك وتعالى في ربوبيته لغيره سبحانه وتعالى وتوحيد الاسماء والصفات ينتقد بتعطيل اسماء الله وصفاته وجحدها او بتشبيه الله تعالى بخلقه تعالى الله عما يقولون قال جل وعلا سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين فهذه حقيقة التوحيد وهذا حده الامر الثالث من معالم التوحيد حول تحقيق التوحيد وتكميله وتحقيق التوحيد هذه درجة عليا ومنزلة منيفة وشريفة قال عليه الصلاة والسلام عن اهلها او ذكر عليه الصلاة والسلام ان اهلها يدخلون الجنة يوم القيامة بدون حساب ولا عذاب في الحديث المشهور حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال عليه الصلاة والسلام وفيهم سبعون الفا يدخلون الجنة بغير بغير حساب ولا عذاب ثم ذكره قال هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون. فهذه درجة عالية في التوحيد وهي تحقيق التوحيد وتكميله وتحقيق التوحيد المراد به تتميم التوحيد وتكميله. المراد بتحقيق التوحيد تكميل التوحيد وتتميمه. وتصفيته وتنقيته من شوائب الشرك والبدع والمعاصي هذا تحقيق التوحيد ان يجتهد العبد بتكميل التوحيد وتتميمه وان يجتهد في تصفيته وتنقيته من شوائب الشرك والبدع والمعاصي وهذه الامور الثلاثة يسميها اهل العلم العوائق التي تعوق السائر في سيره الى الله والدار الاخرة. عائق الشرك وعائق البدعة وعائق المعصية اما عائق الشرك فالخلاص منه باخلاص التوحيد لله واما عائق البدعة فالخلاص منه بلزوم السنة واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم والسير على منهاجه واما عائق المعصية ففي البعد منها والحذر من الوقوع فيها والتوبة النصوح الى الله سبحانه وتعالى اذا وقع في شيء من الذنوب والمعاصي اذا كان العبد بهذه الرتبة فانه بلغ تحقيق التوحيد وتحقيق التوحيد ايظا على رتبتين تحقيق التوحيد على رتبتين وكل من اهل الرتبتين يدخلون الجنة يوم القيامة بدون حساب ولا عذاب الرتبة الاولى الرتبة الاولى من تحقيق التوحيد هي رتبة المقتصدين والمقتصدون محققون للتوحيد والمقتصد هو من فعل الواجب وترك المحرم. فاذا كان العبد هذه حاله في دنياه محافظا على الواجبات والفرائض مجانبا للمحرمات والكبائر والاثام فانه قد حققت التوحيد التحقيق الواجب. حقق التوحيد التحقيق الواجب وكان من المقتصدين وهم ممن يدخلوا الجنة بدون حساب ولا عذاب فهذه رتبة في تحقيق التوحيد والرتبة الثانية اعلى من هذه الرتبة وهي تحقيق التوحيد التحقيق المستحب وهي مرتبة السابقين بالخيرات مرتبة السابقين بالخيرات وهم الذين مع حفظهم وعنايتهم بالواجبات وبعدهم عن الكبائر والمحرمات فهم اظافة الى ذلك متنافسون في الرغائب والنوافل والمستحبات فهؤلاء المحققون للتوحيد بقسميهم المقتصدين والسابقين بالخيرات كلهم يدخل الجنة يوم القيامة بدون ولا عذاب وقد قال الله تعالى ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق خيراتي باذن الله ذلك هو الفضل الكبير جنات عدن يدخلونها اي يدخل جنات عدن الثلاثة الظالم لنفسه والمقتصد والسابق بالخيرات اما المقتصد والسابق بالخيرات فان دخولهما الى الجنة دخولا اوليا بدون حساب واما الظالم لنفسه وهنا اقف واسألكم ما المراد بالظلم النفسي هنا؟ هل هو المراد بالاية المتقدمة الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم هل المراد بالظلم هنا في قوله فمنهم ظالم لنفسه اي بالشرك لا لان الله قال في تمام الاية او في الاية التي تليها قال جنات عدن يدخلونها والمشرك المشرك الجنة عليه حرام. لا تفتح لهم ابواب السماء ولا يدخلون الجنة الجنة حرام عليه اذا ما المراد بقوله فمنهم ظالم لنفسه اي ظلمها بالذنوب التي دون الشرك ظلمها بالذنوب التي دون الشرك. وقع في كبائر ومعاصي واثام دون الشرك فمن جاء يوم القيامة بذنوب ومعاصي واثام دون الشرك ايضا هو يدخل الجنة لكن هل يدخلها دخولا اوليا بدون حساب ولا عذاب كالمقتصد والسابق بالخيرات كلا هو عرظة للعذاب وعرظة العقاب والحساب فاذا قوله فمنهم ظالم لنفسه المراد بالظلم للنفس هنا اي بالمعاصي التي دون الشرك ولهذا اذا مظيت في قراءة هذه الايات تجد بعدها بقليل يقول الله والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور وهم يصطرخون فيها. ربنا اخرجنا نعمل غير الذي كنا نعمل او لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصيب قوله هنا للظالمين تختلف عن قوله فمنهم ظالم لنفسه هناك ظالم لنفسه اي بالمعصية والذنب الذي دون الشرك. وقوله هنا فما للظالمين اي للمشركين المراد بالظلم هنا الشرك والكفر بالله والكافرون هم الظالمون. المراد بالظلم هنا الشرك والكفر بالله سبحانه وتعالى اذا تحقيق التوحيد وتكميله على رتبتين رتبة المتصل ورتبة السابق بالخيرات ننتقل الى النقطة الرابعة وهي نواقض التوحيد ونواقصه التوحيد له نواقض وله نواقص ونواقض التوحيد هي التي تحبط الدين وتبطل الدين كله وهي الكفر بالله والشرك والنفاق الخالص الكفر بانواعه والشرك بانواعه والنفاق الاكبر بانواعه هذه كلها نواقض للتوحيد تنقض التوحيد من اصله وتهدمه من اساسه فالشرك الاكبر بانواعه والكفر الاكبر بانواعه والنفاق الاكبر بانواعه كلها ناقضة للتوحيد وهادمة له من الاساس قال الله تعالى ان المنافقين في الدرك الاسفل من النار وقال تعالى ومن يكفر بالايمان فقد حبط عمله. وقال تعالى ولقد اوحي اليك والى الذين من قبلك لئن اشركت ليحبطن عملك فالتوحيد ينتقض وينهدم ويبطل بالشرك الاكبر بانواعه والنفاق الاكبر بانواعه والكفر الاكبر بانواعه وهذه الجملة يطول الحديث في الكلام عليها وذكر تفاصيلها واما نواقص التوحيد فهي الامور التي تنقص التوحيد التي تنقص التوحيد ولا تبطله ولا تبطلوا ولا تهدمه من الاساس ومن ذلكم الكفر الاصغر ومن ذلكم النفاق العملي مثل اذا حدث كذب واذا وعد اخلف واذا اؤتمن خان هذه نواقص للتوحيد اذا وجدت في العبد نقص توحيده ونقص ايمانه وكذلك الشرك الاصغر والالفاظ اه الشركية التي لا يقصد الانسان حقيقتها. وانما تقع على لسان هذه تنقص توحيده اما اذا اعتقد حقيقتها كانت من الشرك الاكبر الناقض للتوحيد الخلاصة ان التوحيد له نواقض تنقضه من الاساس وتهدمه من الاساس وهناك نواقص تظعف التوحيد تظعف التوحيد والمعاصي والبدع ايظا تظعف التوحيد وتظعف الايمان ولهذا ينبغي على المؤمن ان يكون على رعاية لتوحيده وعناية به من كل ناقض وكل ناقص لتوحيده الامر الخامس مصدر التوحيد ومنبعه مصدر التوحيد ومن بعده. التوحيد دين صحيح وايمان قويم وعقيدة مباركة مستمدة من كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام التوحيد هو العقيدة الوحيدة والدين الوحيد الذي نزل من السماء هو الدين الوحيد والايمان الوحيد والعقيدة الوحيدة التي نزلت من السماء وكل ما عند الناس من عقائد مغايرة للتوحيد ومنافية له فهي فهي عقائد نابتة في الارض عقائد نابتة في الارض اخترعها الناس واحدثوها واوجدوها فالتوحيد هو العقيدة الوحيدة التي نزلت من السماء بوحي الله هو دين الله الذي رضيه لعباده قال الله تعالى ورضيت لكم الاسلام دينا وقال تعالى ومن يبتغي غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وقال تعالى ومن يرغب عن ملة ابراهيم الا من سفه نفسه. وقال تعالى ان الدين عند الله الاسلام فالتوحيد هو وحي الله وحي من الله منزل على عباده وهو دين الله الذي خلق الخلق لاجله واوجدهم لتحقيقه ولهذا مر معنا ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله اتى امر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون ينزل الملائكة بالروح من امره على من يشاء من عباده ان انذروا انه لا اله الا هو بالتوحيد يبعثون ويرسلون به. فوحي من الله سبحانه وتعالى اما العقائد الموجودة في الناس المخالفة للتوحيد والمناقضة له فهي عقائد نبتت في الارض واخترعت واوجدها الناس ولهذا كان من طريقة الانبياء في ابطال العقائد التي بين الناس من شرك وكفر ونفاق وغير ذلك من انواع الضلال من طريقة الانبياء في ابطال ذلك بيان انه لم ينزل قد مر معنا قول يوسف عليه السلام لصاحبي السجن اأرباب متفرقون خير ام الله الواحد القهار ما تعبدون من دونه الا اسماء انتم واباؤكم ما انزل الله بها من سلطان وفي سورة النجم قال الله تعالى افرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الاخرى الكم الذكر وله الانثى؟ تلك اذا قسمة ان هي الا اسماء سميتموها انتم وابائكم ما انزل الله بها من سلطان فاذا التوحيد مصدره ومنبعه كتاب الله والسنة نبيه صلى الله عليه وسلم اخذ التوحيد من هذا المولد العذب ومن هذا المنهل الصافي كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام والعقائد التي عند الناس من اين جاءوا بها العقائد التي عند الناس من اين جاءوا بها؟ ما مصدرها اما العقل اما العقل بعقله او بوحي ولكن ممن وان الشياطين ليوحون الى اوليائه وحي من الشيطان كما جاء احد السلف الى ابن عباس رضي الله عنهما قال له ان مسيلمة زعم الليلة انه نزل عليه وحي زعم الليلة انه نزل عليه وحي قال ابن عباس رضي الله عنهما صدق قد صدق قال زعم انه نزل عليه وحي قال ابن عباس رضي الله عنهما صدق اغتاب الرجل كيف صار نزل عليه وحي ويقول ابن عباس رضي الله عنهما صدق فارتاب الرجل قال ابن عباس رضي الله عنهما قال الله تعالى وان الشياطين ليوحون الى اوليائهم فالشيطان توحي الى اهل الضلال بافكار بعقائد بامور بوساوس بقطرات ثم يبدأ يدعو الناس اليها بهذا الوحي الذي نزل عليه من الشيطان قل هل انبئكم على من تنزل الشياطين تنزلوا على كل انفاك اثيم الشيطان الشيطان يتنزل ويوهم من يتنزل عليه انه يوحي اليه فتأتي مثل هذه العقائد اما بوحي من الشيطان او جاء وقت الاذان اما بوحي من الشيطان او اعمال الانسان والعياذ بالله فكره المجرد وعقله القاصر ويبدأ يخترق او باشياء يتوصل اليها الانسان بذوقه الفاسد ولهذا بعض الناس تأتي عنده اعمال وعبادات وطقوس يقول في يقول في الاستدلال لها ماذا جربنا او جرب مشايخنا من قال ان الدين والاعتقاد يؤخذ بالتجارب او من مصادره التجارب وبعضهم يأخذها من ماذا يأخذهم من من المنامات يأتي بعقيدة او بذكرى يقول رأيت في المنام. ويبني عليها دينا او عقيدة وهكذا تواليت من المصادر التي يأخذ منها الناس عقائد ما انزل الله تبارك وتعالى بها من سلطان اذا هذه العقيدة عقيدة التوحيد التي هي دين الله سبحانه وتعالى الذي لا يقبل الله دينا سواه هي عقيدة مستمدة من مورد عذب ومنهل صافي ومن نهل من المورد الاول ومن المنهل العذب وجد بقية المنابع كدرة وملوثة لكن متى يعرف الانسان ان بقية هذه المنابع او المصادر ملوثة الا اذا عرف المنبع الصافي الا اذا عرف المنبع النقي الذي هو وحي الله سبحانه وتعالى وتنزيله ولهذا كثير من المشركين بعد هدايتهم ودخولهم في التوحيد تبين لهم انهم كانوا قوما لا يعقلون بينما انهم في وقت ضلالهم وشركهم وباطنهم يظنون ان هذا هو العقل الصحيح. لكن لما عرفوا توحيد والدين الصحيح وهداهم الله اليه تبين لهم انهم كانوا قوما لا يعقلون. ولهذا كانوا احيانا كان بعض الصحابة يجلسون يذكرون من اخبارهم الغريبة عندما كانوا على الشرك ويحمدون الله الذي هداهم الى الاسلام والتوحيد يذكر بعضهم انهم ايام اي انهم ايام الشرك كانوا في سفر انهم كانوا في سفر جماعة وكانوا دائما في اسفارهم يحملون الاصنام التي يعبدونها. نعم اذا وقفوا في مكان اتجهوا اليها بالعبادة يقول كنا في سفر فبينما نحن جلوس اذا بمناد ينادي قال يا قوم ابحثوا عن ربكم فانا قد فقدناه يا قوم ابحثوا عن ربكم فان فقدناه الحجر الذي معهم الذي يعبدونه ظاهر نكت يقول فتفرقنا في الاودية نبحث عن الرب المفقود وتفرقنا نبحث كل واحد في جهة يقول فبينما نحن نبحث اذا بمناد ينادي يا قوم انا قد وجدنا ربكم او شبهه انا وجدنا ربكم او شبها وجدوا حجر اخر مثل ذاك الحجر او مقارب له فجاءوا به واتجهوا اليه يعبدونه ويرجونه ويصرفون له الدعاء والرجاء اين عقول هؤلاء اين عقول هؤلاء؟ هم في وقت هذا العمل وهذه الممارسة يقولون عن انبياء الله وعن رسله انهم مجانين ويعدون انفسهم هم العقلاء لكن اذا انار الله البصائر بالتوحيد والايمان وهدى الله عز وجل القلوب لهذا الاسلام تبين لهم او تبين للانسان ان تلك المصادر ملوثة مشوبة بكل باطل وظلال الامر الاخير من معالم التوحيد هو ثمار التوحيد وفوائده والتوحيد له ثمار لا تحصى وفوائده لا تعد ولا تستقصى وانظر الاشارة الى ذلك في قوله تبارك وتعالى الم ترى كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة اصلها ثابت فرعها في السماء تؤتي اكلها كل حين اي ثمارها وفوائدها ففوائد التوحيد وثمار التوحيد على العبد في دنياه واخراه لا حد لها ولا حصر بل نقول قولا كليا ان كل خير يناله العبد في الدنيا والاخرة. وكل شر يا ينجو منه العبد في الدنيا والاخرة هو من ثمار التوحيد واثر من اثار التوحيد واذا دخلنا في شيء من التفاصيل في ثمار التوحيد واثاره فان من اعظم كبار التوحيد واثاره انه يصحح الاعمال ويزكيها اذا الاعمال ايا كانت ومهما كانت لا تصح من العامل ولا تقبل منه الا بالتوحيد فهو للاعمال كالاساس للبنيان وكالاصول للاشجار ولهذا قال الله تعالى ومن اراد الاخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فاولئك كان سعيهم مشكورا وقال جل وعلا من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون التوحيد هو الذي يصحح الاعمال ويزكيها ولو كان عند الانسان من الاعمال الشيء الكثير والعدد الوفير فانه لا فانها لا تقبل منه الا اذا كانت قائمة على التوحيد ولا تصح منه الا اذا كانت قائمة على التوحيد ولهذا قال الله تعالى وما منعهم ان تقبل منهم نفقاتهم الا انهم كفروا بالله وبرسوله وقال تعالى ومن يكفر بالايمان فقد حبط عمله وقال ولقد اوحي اليك والى الذين من قبلك فان اشركت ليحبطن عملك فالتوحيد يصحح الاعمال بل لا تصح الا به والتوحيد سبب الفلاح والرفعة في الدنيا والاخرة اولئك على هدى من ربهم واولئك هم المفلحون. فاهل التوحيد هم اهل الاهتداء واهل التوحيد هم اهل الفلاح والفلاح هي اعظم كلمة قيلت في حيازة الخير فالمفلح هو من حاز خير الدنيا والاخرة ولا يحاز الخير ولا يظفر به في الدنيا والاخرة الا بالتوحيد لله واخلاص الدين له سبحانه وتعالى ومن ثمار التوحيد انه سبب للفوز. في كرامة الله وجنته وسبب للنجاة من عذاب الله وسخطه فمن لقي الله سبحانه وتعالى موحدا دخل الجنة ومن لقي الله والعياذ بالله مشركا دخل النار وخلد فيها ابدا ابد قال الله تعالى ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء فالتوحيد من اثاره وثماره الفوز بالجنة والنجاة من النار النجاة من النار للموحد النجاة من النار للموحد كيف تكون هل هي نجاة من الدخول او نجاة من الخلود النجاة من النار للموحد هل هي نجاة من دخول النار؟ او نجاة من الخلود بالنار. جواب هذا مضى ان كان الموحد محققا توحيده التحقيق الواجب او التحقيق المستحب فهذه نجاة من الدخول فهذه نجاة من الدخول ينجو من دخول النار اما اذا كان موحدا لكنه ارتكب معاصي واثام دون السر فالنجاة هنا من النار نجاة من الخلود. لانه لا يخلد في النار الا المشرك ولهذا جاء في الحديث القدسي اخرجوا من النار من قال لا اله الا الله وفي قلبه ادنى مثقال ذرة من ايمان ولهذا التوحيد نجاة التوحيد نجاة من النار. فان كان التوحيد محققا فهي نجاة منه الدخول وان كان ليس عن تحقيق فهو نجاة من الخلود في النار وثمار التوحيد لا حد لها ولا عد وهذه كلمات قليلات ومعالم حول هذا الموضوع العظيم ونسأل الله عز وجل ان ينفعنا جميعا بما علمنا وان يجعل ما سمعناه حجة لنا لا علينا وان يهدينا جميعا سواء السبيل والله اعلم صلى الله وسلم على عبد الله ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين