بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله وصلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين اللهم لا علم لنا الا ما علمتنا اللهم علمنا ما ينفعنا وزدنا علما واصلح لنا شأننا كله اللهم ات نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها اللهم انا نسألك الهدى والتقى والعفة والغنى ثم اما بعد ايها الاخوة الكرام حديثنا هذه الليلة الطيبة المباركة في هذا المكان المبارك عن تقوى الله سبحانه وتعالى وعنوان هذا اللقاء والعاقبة للمتقين وقد جاء هذا اللفظ الكريم في خاتمة بعض اي القرآن الكريم كما في قوله سبحانه وتعالى ان الارض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين وقول الله سبحانه وتعالى تلك الدار الاخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الارض ولا فسادا والعاقبة للمتقين وقول الله سبحانه وتعالى وامر اهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى والاية الاولى دلت على ان العاقبة وهي المآل الحميد في الدنيا لاهل التقوى والاية الثانية دلت على ان العاقبة في الدار الاخرة للمتقين والاية الثالثة فيها بيان ان هؤلاء الذين لهم العاقبة الحميدة في الدنيا والاخرة هم اهل العمل بطاعة الله والاصطبار على امتثال اوامر الله سبحانه وتعالى اصلاحا للنفس واصلاحا للاخرين وفي القرآن الكريم ايات كثيرة تدل على هذا المعنى وتشير اليه كالايات العديدة التي فيها الاخبار بان الجنة والمفاز والنجاة انما هي للمتقين ان للمتقين مفازا حدائق واعنابا وكواعب اترابا وكأسا دهاقا ان للمتقين عند ربهم جنات النعيم. والايات في هذا المعنى كثيرة من ذلكم ايضا قول الله عز وجل تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار فاهل الايمان هم اهل العاقبة الحميدة والمآل الرشيد في الدنيا والاخرة واهل الكفر والضلال عاقبتهم وخيمة في الدنيا والاخرة واذا تأمل المتأمل هذا المعنى العظيم ومجيئه في مواضع عديدة من كتاب الله تبارك وتعالى تشتد عنايته بتقوى الله عز وجل وتعظم رغبته في تحقيقها والقرآن الكريم تكرر فيه الوصية بتقوى الله جل وعلا في مواضع كثيرة حتى ان ذكر التقوى ومشتقاتها في القرآن زاد عدده على المائتين والخمسين مرة مما يدل على عظم شأنها ورافعي مكانتها واخبر جل وعلا ان التقوى هي وصيته سبحانه للاولين والاخرين من خلقه وكفى بذلك دلالة على شرف التقوى وعظيم فضلها ورفعة مكانتها كما قال الله عز وجل ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم واياكم ان اتقوا الله فهي وصية الله جل وعلا للاولين والاخرين من خلقه وهي وصية جميع النبيين لاممهم كما ذكر الله عز وجل في وصية نوح وهود ولوط وصالح وغيرهم من انبياء الله ورسله الكرام قولهم فاتقوا الله واطيعون وهذه وصية جاءت من جميع النبيين لاممهم وكانت التقوى وصية نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم لامته ولهذا ترى في احاديث كثيرة يوصي صلوات الله وسلامه عليه بتقوى الله عز وجل كحديث معاذ اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن وكحديث العرباظ ابن سارية رظي الله عنه قال وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب. فقلنا يا رسول الله كأنها وصية مودع فاوصنا قال عليه الصلاة والسلام اوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة الى اخر الحديث واخبر عليه الصلاة والسلام عن مكانة التقوى وانها من اعظم اسباب دخول الجنة عندما سئل عليه الصلاة والسلام ما اكثر ما يدخل الجنة قال تقوى الله وحسن الخلق وكانت التقوى وصية السلف الصالح بينهم من صحابة وتابعين ومن تبعهم باحسان فلم يزالوا يتواصون بالتقوى حثا وترغيبا وحظا ولما قال رجل للخليفة الراشد امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه اتق الله قال رضي الله عنه وارضاه لا خير فيكم اذا لم تقولوها ولا خير فينا اذا لم نقبلها وفي تقوى الله عز وجل خلف من كل شيء وليس من تقوى الله خلف هذا كله يبين لنا مكانة التقوى العظيمة وحث الله سبحانه وتعالى عباده عليها وترغيبهم فيها وذكره جل وعلا لعاقبة اهلها الحميدة ومآلهم الرشيد في الدنيا والاخرة وهو جل وعلا لا تنفعه تقوى المتقين وطاعة المطيعين كما انه سبحانه وتعالى لا تضره معصية العاصين فان من اهتدى واتقى فانما يهتدي ويتقي لنفسه ومن ضل فانما يضل عليها والله عز وجل غني عن العباد وعن تقواهم وعن طاعتهم وعبادتهم ولهذا قال جل شأنه في الحديث القدسي يا عبادي لو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم كانوا على اتقى قلب رجل منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ولو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم كانوا على افجر قلب رجل منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا وتأمل قول ربنا جل وعلا في هذا الحديث القدسي المبارك حديث ابي ذر وهو في صحيح مسلم اتقى قلب رجل لتعلم من ذلك ان عماد التقوى واساسها قلب العبد كما جاء في الحديث الصحيح عن نبينا عليه صلوات الله وسلامه انه قال التقوى ها هنا ويشير الى صدره صلوات الله وسلامه عليه ثلاث مرات التقوى ها هنا اي في الصدر في القلب بمعنى ان منبع التقوى هو قلب العبد يوضح ذلكم قول نبينا صلى الله عليه وسلم الا ان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسدا الجسد كله الا وهي القلب والقلب اذا عمر بالتقوى حقا وصدقا معرفة بالله وجلاله وعظمته سبحانه وتعالى وعرف وعيده وعقوبته جل وعلا اقبل القلب على طاعة الله عز وجل وتجنب معاصيه ولهذا فان حقيقة تقوى الله عز وجل ان تجعل بينك وبينما تخشاه من سخط الله تبارك وتعالى وقاية تقيك وهذا كله ينشأ من القلب القلب الصالح الذي عمر بتقوى الله سبحانه وتعالى عمر بمعرفة الله ولهذا قيل رأس العلم خشية الله سبحانه وتعالى كما قال الله تعالى انما يخشى الله من عباده العلماء ومن كان بالله اعرف كان منه اخوف ولعبادته اطلب وعن معصيته ابعد والله عز وجل يقول ويحذركم الله نفسه ويقول جل وعلا هو اهل التقوى واهل المغفرة اهل التقوى اهل ان يتقى وان تجتنب مساخطه والامور التي تغضبه سبحانه وتعالى واهل المغفرة اي لمن تجنبوا ما يسخط الله عز وجل ولهذا فان من احسن ما عرفت به التقوى قول احد التابعين وهو طلق بن حبيب رحمه الله تقوى الله عز وجل ان تعمل بطاعة الله على نور من الله رجاء ثواب الله وان تترك معصية الله على نور من الله خيفة عذاب الله وهذا من احسن ما عرفت به التقوى وقد وقفت على كلام لغير واحد من اهل العلم في الثناء على هذا التعريف وبيان مكانته وانه من انفس واوجز واحسن ما عرفت بالتقوى قال نحوا من ذلك شيخ الاسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم والذهبي رحمه الله تعالى وابن رجب وغيرهم من اهل العلم اثنوا على هذا التعريف الجامع قال تقوى الله عمل بطاعة الله على نور من الله رجاء ثواب الله وترك لمعصية الله على نور من الله خيفة عذاب الله وبهذا يعلم ان التقوى فعل وترك فعل للطاعات وترك للمعاصي ثم ان هذا الفعل وذاك الترك مبني على العلم ولهذا قال فيهما على نور من الله اي معرفة ودراية بالحق والهدى لتعمله وعلى نور من الله اي على معرفة ودراية بالباطل لتجتنبه ولهذا كما ان المسلم مطلوب منه ان يعرف الحق ليفعله وليكون من اهله فانه كذلك مطلوب منه ان يعرف الباطل ليجتنبه ويحذر من الوقوع فيه ولهذا قيل قديما كيف يتقي من لا يدري ما يتقي كيف يتقي اي الباطل والضلال والحرام والشرك والبدعة؟ من لا يدري ما هي هذه الاشياء ولهذا جاء في الصحيح عن حذيفة رضي الله عنه قال كان اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه عن الخير وكنت اسأله عن الشر مخافته ولهذا المتقون لله سبحانه وتعالى عرفوا الحق وعملوا به وعرفوا الباطل وتجنبوه وحذروا من الوقوع فيه محققين بهذا الفعل والترك تقوى الله سبحانه وتعالى وقوله رحمه الله رجاء ثواب الله خيفة عذاب الله اي ان العبد يجمع في هذا الباب بين الرجاء والخوف الرغبة والرهبة والدين كله قائم على الترغيب والترهيب والرجاء والخوف الرجاء قائد للخيرات والخوف زاجر عن المعاصي والخطيئات ولهذا يحتاج العبد فعلا لان يكون من المتقين ان يعرف الحق معرفة من يريد العمل به وان يعرف الباطل معرفة من يريد تركه وتجنبه والحذر من الوقوع فيه الان تجد بعض اهل العلم افردوا مصنفات في البدع افردوا مصنفات في الكبائر افردوا مصنفات في المعاصي. لماذا كل ذلكم من باب التحذير لان من لا يعرف الشر ربما وقع فيه لجهله به او لجهله بخطورته او لجهله بسوء عاقبته على اهله فاحتاج هذا المقام من العبد الناصح لنفسه ان يكون على دراية ومعرفة بالحق والهدى ليلتزمه ويتمسك به ويكون من اهله وان يكون على دراية بضد ذلك ليحذر منه وليحذر من الوقوع فيه واحد العلماء ظرب في هذا المقام مثلا نافعا قال فيه ما معناه ان مثل المتقي مثل الانسان المحتاط في طعامه حفظا لجسده حفظا لصحته تجد بعض الناس لا يأكل كل شيء ولا يأكل في كل وقت وانما يأكل بمقدار كثير من الاطعمة يتجنبها ولا يأكلها ما الاشربة يتجنبها ولا يشربها لماذا حفظا لبدنه حفظا لصحته خوفا من الاسقام والامراض وكما قيل المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء فتجد بعض الناس عنده حمية وطريقة معينة ومسلك معين في الطعام خوفا على بدنه من الاسقام والامراض ثم في الوقت نفسه يكون هذا المتقي للطيبات من الطعام حفظا للبدن لا يكون متقيا ومتجنبا للسيئات من الاثام خوفا من العقوبة يوم لقاء الله ولهذا قال بعض اهل العلم قديما عجبا لمن تجنب الطيبات من المطعومات خوف مضرتها كيف لا يتجنب الذنوب والاثام خوف معرتها بل ان الحمية من الاثام هي الحفظ الحقيقي للبدن وهي الحفظ الحقيقي لهذا الجسد لان ان لم يحفظ جسده ويجنب جوارحه هذه الاثام عرض نفسه للعقوبة. عقوبة الله سبحانه وتعالى ولهذا جاءت النصوص الكثيرة مرتبة العقوبة على فعل الاثام اجمالا وتفصيلا مما يستوجب من العبد الفطن الحاذق ان يكون حذرا في هذا الباب ومن لطيف ما يذكر في هذا المقام ان رجلا سأل ابا هريرة رضي الله عنه قال ما التقوى قال هل سلكت طريقا ذا شوك قال نعم. قال ما صنعت قال اما ان اتجاوزه واما ان اميل عنه او اقصر دونه قال كذلك التقوى لاحظ هنا الذي يتجنب الشوك تجنبه للشوك مبني على دراية بخطورته ومضرة الشوك على قدمه وانتباهه لمواطنه وتركيزه في هذا الباب حتى لا تقع قدمه على شوكة واحدة فتؤذيه اذى عظيما فتجده في احتياط ونظر وتأمل لماذا؟ لانه يعرف العاقبة لو انه اهمل في هذا الباب او فرط فالمتقي هذا شأنهم في تعامله مع الامور وتعاطيه مع الاشياء يكون متنبها مستيقظا بل ان العبد ربما يبلغ به الحذق والكياسة والفطنة في هذا الباب ان يبلغ الدرجة العليا في التقوى كما جاء في الحديث الذي يروى عن نبينا عليه الصلاة والسلام لا يبلغ العبد درجة المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به بأس والحديث دع ما يريبك الى ما لا يريبك وفي الحديث الاخر قال ان الحلال بين وان الحرام بين وبينهما امور مشتبهات فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام قال فمن اتقى الشبهات اي تجنبها وتجنب من الوقوع فيها فقد استبرأ لدينه وعرضه. دينه اي بينه وبين الله وعرظه اي بينه وبين الناس لانه يكون في سلامة وعافية عندما يحقق هذا المقام العظيم والمنزلة الرفيعة وبما سبق يعلم ان التقوى تعني صلاح العبد ظاهرا وباطنا سرا وعلنا تقوى الله عز وجل صلاح في الظاهر والباطن في السر والعلانية في الغيب والشهادة. اتق الله حيثما كنت اذا خلوت الدهر يوما فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب فتقوى الله عز وجل وصف لازم للمتقي اينما كان واينما حل واينما ذهب لان الذي يتقيه والله سبحانه وتعالى يراه اينما كان ويطلع عليه اينما ذهب والله عز وجل امر في القرآن في مواضع كثيرة جدا بتقواه يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يا ايها الذين امنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله. ان الله خبير بما تعملون. يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة والايات في هذا المعنى كثيرة يأمر عباده بتقواه وهو سبحانه وتعالى مطلع على العباد لا تخفى عليه منهم خافية الم يعلم بان الله يرى الا يعلم من خلق فالله عز وجل مطلع على العباد ولهذا قال العلماء ان اعظم معينا للعبد على تحقيق التقوى معرفة الله عز وجل باسمائه الحسنى وصفاته العليا وجلاله وعظمته وقدرته وبطشه وانتقامه وعقوبته وسخطه الى غير ذلك فان هذا كله مما يعين العبد اعظم اعانة على تحقيق تقوى الله سبحانه وتعالى فاذا تقوى الله جل وعلا صلاح بالظاهر والباطن في السر والعلانية. صلاح في الباطن بالاعتقاد السليم والايمان الراسخ والعقيدة الثابتة ايمانا بالله وبملائكته وبكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر خيره وشره وصلاح في الباطن بفعل الاعمال الصالحات والطاعات الزاكيات وانواع القربات وتأمل هذا المعنى في بيان حقيقة التقوى في اية البر في سورة البقرة حيث قال الله سبحانه وتعالى ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من امن بالله واليوم الاخر والملائكة والكتاب والنبيين واتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب واقام الصلاة واتى الزكاة يطوفون بعهدهم اذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس اولئك اي اهل هذه الصفات المذكورات اولئك الذين صدقوا واولئك هم المتقون واذا نظرت بهذه الصفات المذكورة في هذه الاية المباركة التي ختمت بقوله واولئك هم المتقون اي اهل هذه الصفات تجد انها جمعت صلاح الباطن بالاعتقاد الصحيح ولكن البر من امن بالله واليوم الاخر والملائكة والكتاب والنبيين هذه كلها عقائد راسخة ثابتة مستقرة في مستقرة في القلب وصلاح في الظاهر بما ذكر بعد ذلك من الاعمال الصالحة. واتى المال على حبه ذوي القربى الى تمام الاية. هذه كلها اعمال صالحة وطاعات زاكية وقربات وفي قوله والصابرين تنبيه على دخول اعمال القلوب في هذا المقام مقام التقوى فاهل التقوى حقا من صلحت قلوبهم بمحبة الله وخشيته والصبر على طاعته وحسن التوكل عليه والعمل في نيل رضاه سبحانه وتعالى وصلحت بالعقائد الزاكية الايمان بالله والملائكة والكتب والرسل واليوم الاخر وصلحت جوارحهم بفعل ما يحبه الله سبحانه وتعالى ويرضاه من سديد الاقوال وصالح الاعمال وانظر ايضا اوصاف المتقين بقول الله سبحانه وتعالى في اوائل السورة سورة البقرة قال جل وعلا هدى للمتقين من هم ما هي صفاتهم ما هي نعوتهم؟ ما هي حليتهم؟ قال هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يؤمنون بما انزل اليك وما انزل من قبلك وبالاخرة هم يوقنون. اولئك اي اهل هذه الصفات على هدى من ربهم واولئك هم المفلحون وقوله جل وعلا يؤمنون بالغيب هذا وصف جامع لهؤلاء اهل التقوى يؤمنون بالغيب اي بكل ما غاب عنهم مما اخبرتهم به رسل الله لانهم يتلقون ما جاءت به الرسل بالقبول والتسليم دون تردد ودون شك ودون ارتياب كما قال الله سبحانه وتعالى انما المؤمنون الذين امنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا اي ايقنوا ولم يشكوا فتلقوا ما جاءت به الرسل بالقبول والتسليم من الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ وعلينا التسليم فهم يؤمنون بالغيب ما هو الغيب؟ كل ما غاب عنهم مما اخبرتهم به رسل الله. ولهذا قال العلماء في كتب التفسير يدخل تحت هذه الجملة الايمان بالله والايمان بالكتب والايمان بالرسل والايمان باليوم الاخر كل هذه الامور من الايمان بالغيب من الايمان بالغيب اي بما غاب عن الانسان لكنه يؤمن به تصديقا للمرسلين انظر مثالا لطيفا في هذا الباب جاء في الحديث الصحيح ان عن نبينا عليه الصلاة والسلام قال يأتي النبي يوم القيامة ومعه الرجل والنبي ومعها الرجلان والنبي وليس معه احد فيقال له هل بلغت فيقول نعم فيقال لامته هل بلغكم فيقولون لا لم يبلغنا فيقال له من يشهد لك فيقول محمد صلى الله عليه وسلم وامته فيشهدون له فيقال لامة محمد عليه الصلاة والسلام يقال لهم لماذا شهدتم له وانتم لم تروا فيقولون اخبرنا بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فصدقناه نبينا صلى الله عليه وسلم اخبرنا في جملة ما اخبرنا به ان الانبياء بلغوا قال عليه الصلاة والسلام ما بعث الله من نبي الا كان علي حقا علي ان يدل امته على خير ما يعلمه لهم وان يحذرهم من شر ما يعلمه لهم. اخبرنا في احاديث كثيرة ان الانبياء بلغوا البلاغ المبين وانهم ما تركوا خيرا الا دلوا اممهم عليه ولا شرا الا حذروا منه ولهذا اثنى الله على هذه الامة امة محمد عليه الصلاة والسلام بقوله سبحانه وتعالى وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا فمن خصائص هذه الامة الكريمة المباركة انهم شهداء على الناس اي الامم السابقة الشاهد من ذلك ايمان المؤمن بالغيب وكل ما اخبرت به رسل الله عليهم صلوات الله وسلامه كم من التفاصيل التي جاءت في الكتاب والسنة عن امور مغيبة لكن المؤمن يؤمن بها ولا يتردد يؤمن بها ايمانا جازما اعطيكم مثالا ايظا جميلا ونافعا النبي عليه الصلاة والسلام قال في الحديث ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم الا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الاخر ان الملائكة لتضع اجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع وقال يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار يجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر وما من يوم الا وينادي فيه مناد من الملائكة اللهم اعطي منفقا خلفا واعط ممسكا تلفا كل هذا نؤمن به ونصدق وان كان المسلمون لا يرونهم لكنهم يؤمنون بذلك وهم من ذلك على يقين ويؤمنون بان هذا الملك يقول اللهم اعطي منفقا خلفا واعطي ممسكا تلفا وهم لا يسمعون صوته. لكن يؤمنون انه يقول ذلك تصديقا منهم كلام الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام هذا كله من حلية اهل التقوى وزينة اهل التقوى وجمال اهل التقوى ايمانهم بما اخبرت به رسل الله عليهم صلوات الله وسلامه اجمعين مما لا يرونه ولا يسمعونه لكنهم يؤمنون به وهم منه على يقين. لا شك في ذلك عندهم ولا ريب فاذا تقوى الله عز وجل اعمال قلبية اعتقادات قلبية واعمال ظاهرة وطاعات عديدة يتقرب بها المتقي الى الله سبحانه وتعالى والايات التي جاءت في بيان التقوى وبيان اوصاف اهلها وحليتهم ونعوتهم في كتاب الله سبحانه وتعالى كثيرة جدا ولهذا القرآن كله كتاب لتحقيق تقوى الله وكلما ارتبط العبد بهذا القرآن الكريم قراءة وتأملا وتدبرا وعملا بهذا القرآن هداه لكل خير وكل فضيلة وكان بذلك من المتقين تأمل هذا المعنى في الاية الكريمة المتقدمة هدى للمتقين وموعظة للمتقين في ايات عديدة فالقرآن كتاب هداية لاهل التقوى لانهم هم الذين ينتفعون بهدايات القرآن هم الذين يتعظون بعظات القرآن هم الذين يذكرون ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد هؤلاء هم اهل تقوى الله سبحانه وتعالى قال جل وعلا ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ان لهم اجرا كبيرا وقال قل هو للذين امنوا هدى وشفاء وقال جل وعلا كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا اياته وليتذكر اولوا الالباب فالقرآن هو كتاب التقوى وكلما كان العبد معتنيا بهذا الكتاب ولا يكون حظه منه مجرد القراءة او مجرد الحفظ بل لا بد من الفهم ولابد من العمل ولهذا قال الحسن البصري رحمه الله انزل القرآن ليعمل به فاتخذ الناس قراءته عملا لا يكون العبد من اهل التقوى ومن اهل القرآن بمجرد القراءة لحروفه لان القرآن انزل ليعمل به لان القرآن كتاب هداية كتاب تقوى لله سبحانه وتعالى ولهذا قال ابن مسعود رضي الله عنه اذا سمعت الله يقول يا ايها الذين امنوا فارعها سمعك فانه اما خير تؤمر به او شر تنهى عنه اما خير تؤمر به او شر تنهى عنه فالعبد عندما يكون ذا عناية بكتاب الله عز وجل ذا عناية بسنة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام فهما لهما وعملا بهما وقياما بما دل عليه من الهدى والحق والخير كان بذلكم من المحققين لتقوى الله سبحانه وتعالى. ولهذا حظ العبد من التقوى بحسب حظه من هدايات القرآن وبحسب حظه من هدي النبي الكريم عليه صلوات الله وسلامه وعلى جميع النبيين ثمان هذه التقوى هي الجمال الحقيقي للعبد وهي الحلية الحقيقية وهي الزينة الحقيقية للعبد واذا عري العبد من تقوى الله سبحانه وتعالى اي شيء يفيده لباسه واي شيء تفيده زينته ومظهره اذا لم يكن للعبد لباس من تقوى الله وخشيته والخوف منه ومراقبته واتقاء مساخطه سبحانه وتعالى اي شيء تفيده حليته الظاهرة وزينته الظاهرة ولهذا قال الله سبحانه وتعالى ولباس التقوى ذلك خير ولباسك ولباس التقوى ذلك خير وقال الله عز وجل في موضع اخر ولكن الله حبب اليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان اولئك هم الراشدون فضلا من الله ونعمة. والله عليم حكيم فالزينة الحقيقية والجمال الحقيقي هو تقوى الله جل وعلا هو اللباس الحقيقي ولباس التقوى ذلك خير واما اذا كان العبد يعتني بمظهره وحليته الظاهرة واما الداخل فخراب تباب ليس فيه خشية ليس فيه مخافة ليس فيه تجنب لمساخط الله تبارك وتعالى على اي شيء تنفعه هذه الحلية وهذه الزينة الظاهرة لن تدخل مع العبد في قبره ولن تكون في عداد صالح عمله يوم يلقى الله جل وعلا. وانما الذي يدخل مع العبد في قبره ويكون مرافقا له في قبره وفي حشره عمل العبد الصالح وتقواه لله سبحانه وتعالى وعملوا بخشية الله سبحانه وتعالى هذا الذي يكون مرافقا للعبد ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح يتبع الميت ثلاثة فيرجع اثنان ويبقى معه واحد يرجع ماله واهله ويبقى معه عمله العمل الذي هو تقوى الله والعمل برضاه سبحانه وتعالى والسعي في تحقيق ذلك هو الجمال الحقيقي وهو الذخر وهو السبب للفوز بالعاقبة الحميدة والمآل الرشيد في والاخرة الله عز وجل هدى عباده في كتابه العظيم للتي هي اقوم ودلهم لما فيه عزهم وفلاحهم وسعادتهم في الدنيا والاخرة وعرفنا في مقدمة هذا الحديث ان تقوى الله عز وجل اعظم وصية وهي وصية الله جل وعلا للاولين والاخرين من خلقه كما تقدم معنا في قوله ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم واياكم ان اتقوا الله فعناية العبد بهذه الوصية العظيمة التي هي وصية الله للاولين والاخرين من خلقه واخذه بهذه قيم مأخذ الحزم والعزم والجد والعناية الفائقة هو الذي يكون به. نجاته وتكون به عاقبته الحميدة الدنيا والاخرة والايات التي في القرآن والتي فيها الامر بالتقوى جاءت على انواع من هذه الانواع جاء ذكر التقوى مضافا الى الله اتقوا الله وهذا في ايات كثيرة جدا والله عز وجل هو اهل التقوى واهل المغفرة قد قال عز وجل ويحذركم الله نفسه النوع الثاني ايات فيها الامر بتقوى النار واتقوا النار التي اعدت للكافرين قوا انفسكم واهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما امرهم يفعلون ما يؤمرون لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون فجاءت ايات فيها الامر باتقاء النار وجاءت ايات فيها باتقاء اليوم الاخر واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله وهذه ذكر انها من اخر او اخر ما نزل على نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه فجاء الامر باتقاء بتقوى الله وجاء الامر بتقوى النار لان النار هي موطن العقوبة للمضيعين للتقوى والمفرطين فيها وجاءت ايات باتقاء يوم المرجع والمآب لان في ذلك اليوم يجزي الرب سبحانه وتعالى المحسن باحسانه والمسيء باساءته ليجزي الذين اساءوا بما عملوا ويجزي الذين احسنوا بالحسنى والله سبحانه وتعالى اعلم بالمتقين فلا تزكوا انفسكم هو اعلم بمن اتقى اعلم بالمتقين ولهذا يجب على العبد ان يعد لهذا اليوم عدته قبل ان يندم ندامة عظمى في ذلك اليوم لا تفيده اي شيء يفيده في ذلك اليوم اذا قال يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله ماذا يفيده في ذلك اليوم؟ لو قال لو ان الله هداني لكنت من المتقين. اي شيء يفيده ماذا يفيده ان يندم في ذلك اليوم ولهذا العقل والفطنة والنباهة ان يأخذ العبد نفسه ما اخذ الحزم ما دام في دار العمل دار التقوى وتجنب المساخط تجنب الاثام تجنب الامور التي تسخط الله تبارك وتعالى اما يوم القيامة فهي دار الجزاء فينبغي على العبد ان يكون عظيم التذكر لهذه الوصية العظيمة وان تكون هذه الوصية نصب عينيه وموطن اهتمامه وعنايته وينبغي ان ان تعقد مجالس عديدة للوصية بالتقوى والتواصي بها ولا خير في الناس اذا لم يتواصوا بتقوى الله عز وجل ولا خير في من اوصي بتقوى الله واستنكف او استكبر او تعاظم ان يوصى بتقوى الله سبحانه وتعالى بل ينبغي على العبد ان يعتني بهذه الوصية عناية عظيمة محافظة عليها في نفسه وتحقيقا لها وعناية بمن يعول وباهله وصية لهم بتقوى الله والعمل بمرضاته وقد مر معنا قول الله سبحانه وتعالى وامر اهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا والعاقبة للتقوى فالعاقبة الحميدة والمآل المبارك والفلاح والسعادة في الدنيا والاخرة انما هي للمتقين وفي هذا المقام ثبتت دعوات عظيمة في هذا الباب عن نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه. ومن ذلكم ما جاء في صحيح مسلم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه اللهم اني اسألك الهدى والتقى والعفة والغنى وجاء في صحيح مسلم عن نبينا صلى الله عليه وسلم او من مأثور الدعاء عن نبينا صلى الله عليه وسلم اللهم ات نفوسنا تقواها اه وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها فجدير بالمسلم ان يعنى بهذه الدعوات لانه لن يكون من المتقين الا اذا جعله الله من المتقين لن يكون من المتقين لن يكون من اهل التقوى الا اذا جعله الله سبحانه وتعالى من اهل التقوى لان الهداية بيد الله والتوفيق بيد الله يهدي من يشاء سبحانه وتعالى فيلازم هذه الدعوات وغيرها من الدعوات المأثورة عن نبينا عليه الصلاة والسلام ويجاهد نفسه على العمل بطاعة الله على نور من الله رجاء ثواب الله والترك لمعصية الله على نور من الله خيفة عذاب الله حتى يحمد العاقبة وعند الصباح يحمد القوم السرى ونسأل الله عز وجل باسمائه الحسنى وصفاته العليا وبانه الله الذي لا اله الا هو ان يصلح لنا شأننا كله والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين اللهم اتي نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها. اللهم انا نسألك الهدى والتقى والعفة والغنى. اللهم اصلح لنا ديننا الذي هو عصمة امرنا. واصلح لنا دنيانا التي فيها واصلح لنا اخرتنا التي فيها معادنا واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر. اللهم اغفر لنا ذنبنا كله. دقه وجله اوله واخره سره وعلنا اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا اللهم متعنا باسماعنا وابصارنا وقوتنا ما احييتنا واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا يا من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه اجمعين هذا احد الاخوة يقول ما معنى هذه العبارة في تقوى الله خلف من كل شيء. هذه كلمة مأثورة عن عمر ابن عبد العزيز رحمه الله تعالى كان يقول رحمه الله ان في تقوى الله خلفا من كل شيء وليس من تقوى الله خلف بمعنى ان الانسان اذا ظيع التقوى ليس هناك شيء يعوض ليس هناك شيء يجبر هذا الكسر عندما يكون مضيعا لتقوى الله اما اذا وجدت التقوى في العبد فالتقوى فيها عوض للعبد عن كل شيء لكن اذا ضاعت التقوى لا يعوضها شيء ولا يسد مسدها شيء فهذه كلمة مأثورة عن عمر ابن عبد العزيز رحمه الله تعالى قال السائل قال احد السلف ان القرآن انزل ليعمل به فاتخذ الناس قراءته عملا. يقول كيف الجمع بينما ورد في السنة بان قراءة اه القرآن من الاعمال وبين هذا الاثر. لا تعارض هذا الاثر مروي عن اه الحسن البصري رحمه الله تعالى قال انزل القرآن ليعمل به فاتخذ الناس قراءته عملا مراده بقوله فاتخذ الناس قراءته عملا اي مجرد القراءة. دون عناية بالتدبر ودون عناية بالفهم ودون عناية بالعمل بالقرآن الكريم والله سبحانه وتعالى يقول كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا اياته وليتذكر اولو الالباب وقال جل وعلا افلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا وقال تعالى افلا يتدبرون القرآن ام على قلوب اقفالها وقال تبارك وتعالى افلم يتدبروا القول والايات في هذا المعنى كثيرة فمراد الحسن البصري رحمه الله اي من يجعل مجرد القراءة ان يجعل المجرد القراءة عمل دون فهم ودون تدبر اما من يقرأ القرآن لا شك ولا ريب ان هذه القراءة معدودة في صالح عمله لكن ان كان حظه مجرد القراءة مع الاعراب عن اوامر القرآن ونواهي القرآن فهذا مقام فيه خطورة على العبد كما جاء في الحديث الصحيح والقرآن حجة لك او عليك وفي الحديث الاخر ان الله يرفع بهذا القرآن اقوام ويضع اخرين وكلاهما في صحيح مسلم وقال بعض السلف ما جلس احد الى هذا القرآن الا قام منه بزيادة او نقصان بزيادة ان عمل به ونقصان بان كان معرضا عن العمل بالقرآن الذي هو المقصد من نزول هذا القرآن العظيم وهذا اخ يقول كيف يزيد التقوى التقوى تزيد وتنقص وتقوى وتضعف ولزيادتها اسباب ولنقصانها اسباب ومن المهم في هذا الباب العناية بالاسباب التي تزيد في تقوى العبد ليحققها العبد وان يعتني ايضا بالاسباب التي تظعف التقوى وتنقصها ليجتنبها ومن خلاله ما سبق في هذا الحديث تم الاشارة الى جملة من الامور التي تعين العبد على تحقيق التقوى وتقويتها وزيادتها في العبد وايضا الامور التي يحتاج العبد ان يكون على حيطة وحذر منها حتى لا تنقص تقواه تضعف ويمكن ان الخص هذه الاسباب في نقاط الاول الدعاء وحسن اللجوء الى الله سبحانه وتعالى لانه لن يكون من المتقين الا اذا جعله الله من المتقين فليكثر العبد من الدعاء واللجوء الى الله سبحانه وتعالى الامر الثاني العناية بالعلم ومعرفة التقوى ومكانتها ومنزلتها العلية وثوابها العظيم وان العاقبة لاهل التقوى ومعرفة حقيقة التقوى علما وعمله فيعتني بذلك الامر الثالث ان يعتني بمرافقة الاخيار الذين يعينونه على تقوى الله ويصبر على مجالستهم ومرافقتهم وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح المرء على دين خليله فلينظر احدكم من يخالل والصاحب ساحب ان كان من المتقين جر صاحبه الى التقوى ومنك وان كان من البطالين جر صاحبه الى البطالة والضياع فيحتاج العبد في هذا المقام ان يعتني ملازمة اه الاخيار الامر الرابع مجاهدة النفس كما قال الله سبحانه وتعالى والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله مع المحسنين. وفي هذا المعنى قال عليه الصلاة والسلام احرص على ما ينفعك واستعن بالله فيجاهد العبد نفسه على تحقيق التقوى والمحافظة عليها والعناية بها آآ يستعين بالله تبارك وتعالى على تحقيق ذلك ايضا من الامور المعينة على ذلك تذكر البعث والحساب والجزاء كما مر معنا في الاية الكريمة وهي من اخر ما نزل واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله. فيتذكر ذلك اليوم الوقوف بين يدي الله سبحانه وتعالى ومجازاته سبحانه وتعالى للمحسن باحسانه والمسيء باساءته فهذه من جملة الاسباب المعينة على تحقيق التقوى وتقويتها والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه بها اجمعين