بسم الله الرحمن الرحيم. ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه. ونعوذ بالله من شر لانفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين. اما بعد فبادئ ذي بدء اشكر للقائمين قناة القصباء ترتيب هذا اللقاء وتهيئة هذا المجلس في هذه الليلة المباركة الكريمة من ليالي شهر رمضان المبارك. وفي موضوع احسن واه في انتقاءه واختياره ولا سيما في مثل هذا الوقت المبارك والموسم العظيم الا وهو موضوع فقه الدعاء. وكلنا نعلم معاشر الاخوة كرام ان للدعاء خصوصية في شهر رمضان المبارك وشهر رمظان موسم الخيرات. والبركات وتنوع العطاء والهبات والعتق من النار. فما احرى العبد المؤمن واجدره ان عظم اقباله على الله تبارك وتعالى سؤالا وطلبا دعاء ومناجاة الحاحا ورغبا والله سبحانه وتعالى واسع المن عظيم العطاء جزيل النوالي سبحانه واذا اردنا ان ندرك خصوصية شهر رمظان بالدعاء تأمل الايات المباركات في سورة البقرة. ايات الصيام وذكر شهر رمضان شهر الصيام ففي اثناء هذه الايات المباركات قال الله عز وجل واذا سألك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان. فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون. فالايات قبل هذه الاية تتعلق بالصيام وبشهر الصيام. والاية تلي هذه الاية ايضا تتعلق بالصيام واحكامه احل لكم ليلة الصيام الرفث الى نسائكم فهذا الذكر للدعاء مسبوقا بايات الصيام ملحوقا بها يدل على هذه الخصوصية العظيمة لشهر رمضان بالدعاء وان مما ينبغي على المسلم ان تعظم عنايته به في هذا الموسم المبارك دعاء الله عز وجل وحسن الاقبال عليه جل وعلا. وما من ليلة من ليالي رمضان المبارك الا وينادي فيها مناد كما صح بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يا باغي الخير اقبل ويا باغي ويا باغي الشر امسك. ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة من ليالي رمضان. واذا غفل المسلم عن الدعاء في مثل هذا الموسم متى يقبل عليه؟ واذا غفل عن الاستغفار في مثل هذا الوقت المبارك متى يقبل عليه؟ وقد قال نبينا عليه الصلاة والسلام رغم انف امرئ دخل رمظان ثم خرج ولم يغفر له. نعم رغم انفه لانه فاز او حاز حصل على موسم الخيرات وشهر البركات ولكنه لم يكن له منه حظ ولا نصيب بل يدخل هذا الشهر بخيراته وبركاته وما جعل الله عز وجل فيه من انواع العطايا والمنن ويخرج ولا يكون له منه حظ ولا نصيب. فهذا حرمان. ولهذا ينبغي ان ان تكون من المسلم في هذا الشهر المبارك عناية فائقة بالطاعات والعبادات والتي من اجلها واعظمها واكرمها دعاء الله سبحانه وتعالى والدعاء كما لا يخفى على الاخوة جميعا اعظم العبادات. واهمها بل هو بوابة كل خير واساس كل فلاح. قال نبينا عليه الصلاة والسلام كما في من حديث النعمان ابن بشير رضي الله عنه قال الدعاء هو العبادة. وتلا قول الله عز وجل وقال ربكم ادعوني استجب لكم. ان الذين يستكبرون عن عبادتي. اي عن دعائي فالدعاء هو العبادة. اي هو اعظم العبادات شأنا. وارفعها مكانة واعلاها مقاما واكثرها عوائدا على العبد في دنياه واخراه ولا غنى للعبد عن الدعاء. واعجز الناس كما صح في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وابخلهم ابخلهم في الدعاء واذا كان البخل بلغ بالانسان مبلغه فان انكى البخل واشده ان يبخل الانسان على نفسه بدعاء ربه. وسؤاله سبحانه وتعالى الذي بيده ازلة الامور وتقاليد السماوات والارض. محروم من حرم نفسه من الدعاء. ابخل الناس بخل بنفس من بخل على نفسه بالدعاء. وكيف يبخل على نفسه بالدعاء ولا ولا غناء له عن ربه طرفة عين. لا في صلاح دينه ولا في صلاح دنياه ولا في التئام شمله واستقامة اموره الدينية والدنيوية. والدعاء كريم على الله. يحبه سبحانه وتعالى ويحب الداعين مع انه سبحانه غني عن الدعاء وعن الداعين. وقد صح في الحديث عن نبينا صلى الله عليه وسلم انه قال ليس شيء اكرم عند الله من الدعاء ليس شيء اكرم عند الله من الدعاء. فالدعاء كريم عند الله. ويحبه الله عز وجل. ويحب وتعالى الدعاء. ليس شيء اكرم عند الله من الدعاء. فالدعاء كريم عنده وهو جل وعز غني عن الدعاء وعن الداعين. لا ينفعه دعاء من دعا ولا طاعة من اطاع. كما انه سبحانه وتعالى لا تضره معصية من عصى وغفلة من غفل. وفي الحديث القدسي يقول الله تبارك وتعالى يا عبادي انكم لن تبلغوا نفعي فتنفعوني ولن تبلغوا ضري فتضروني. وفي الحديث القدسي نفسه يقول جل وعلا يا عبادي لو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم كانوا على اتقى قلب رجل منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ولو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم كانوا على افجر قلب رجل منكم ما وذلك من ملكي شيئا. فهو سبحانه لا تنفعه طاعة من اطاع. ولا تضره معصية من عصى. ومع ذلك كله ومع كمال غناه فانه سبحانه وتعالى يحب من عباده ان يدعوه. يحب من عباده ان يلحوا عليه يحب من عباده ان تعظم رغبتهم فيما عنده بل انه سبحانه وتعالى كما صح بذلك الحديث يغفل ممن لا يدعوه قال صلى الله عليه وسلم من لم يسأل الله يغضب عليه من لم يسأل الله يغضب عليه. فهو عز وجل يغضب على من يترك الدعاء. وفي المقابل ايضا من يكثر الدعاء ويكثر الالحاح وبني والله يغضب ان تركت سؤاله وبني ادم حين يسأل يغضب. ابن ادم عندما يسأل مرة مرتين يغضب اما الله عز وجل فانه يغضب ان ترك سؤاله. ويحب من عباده ان يلحوا عليه في الدعاء هذه التوطئة بين يدي هذا الموضوع الجليل المبارك فقه الدعاء وحلي بنا اذ عرفنا مكانة الدعاء العلية ومنزلة ومنزلته الرفيعة ان نفقهه كما جاء في كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم ان نفقه في الوقت نفسه حاجتنا الشديدة وضرورتنا الملحة الى الدعاء في كل وقت وحال. وفي كل مصلحة من مصالح ديننا ومصالحنا دنيانا. قال احد السلف كلاما عجيبا جميلا. قال تأملت فاذا ابوابه كثيرة الصلاة خير الصيام خير البر خير الصدقة خير يقول وجدت ابوابه كثيرة. ووجدت ان ذلك كله بيد الله. اي انه لا يوفق العبد الى شيء من ابواب الخير الا اذا وفقه الله عز وجل له ويسره له. فايقنت ان الدعاء مفتاح بكل خير. ايقنت ان الدعاء مفتاح كل خير. وهذا فيه تنبيه من هذا العالم الى ان اي باب من ابواب الخير تريده لنفسك فاستقبل الدعاء. استقبل الدعاء الح على الله سبحانه وتعالى بالدعاء. الصلاة والمحافظة عليها لا يمكن ان تحافظ عليها الا اذا اعانك الله فاسأله الصيام والمحافظة عليه لا يمكن ان تحافظ عليه الا اذا اعانك الله فاسأل البعد عن الحرام والفتن التي اهلكت كثيرا من الناس وتنوعت مجالاتها وابوابها لا يمكن ان تسلم من الفتنة والفتن الا اذا اعانك الله فاسأله ايضا صلاح اخلاقك وادابك ومعاملاتك وبعدك عن منكرات الاخلاق. لا يكون ذلك لا يكون لك من ذلك الا اذا اعانك الله فاسأل ومن دعاء نبينا عليه الصلاة والسلام اللهم اني اه اه اللهم اني اسألك اه اه اللهم اني اعوذ بك من منكرات الاخلاق والاهواء والادواء لا يهدي لاحسنها الا انت اللهم اني اعوذ بك من منكرات الاخلاق والاهواء والادواء في الدعاء الاخر يقول عليه الصلاة والسلام اللهم اهدني لاحسن اخلاق لا يهدي لاحسنها الا انت. واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها الا انت. العافية من الامراض والاسقام لا يمكن ان تعافى من شيء من ذلك الا اذا عافاك الله فاسأله جاء العباس امنا الى النبي صلى الله عليه وسلم قال علمني دعاء ادعو الله به قال سل الله العافية. فانت تحتاج الى الدعاء وتفتقر اليه في كل امورك اياك ان تبخل على نفسك بالدعاء. فتكون من ابخل الناس واشدهم بخلا. لا على نفسك بالدعاء ابدا في كل شأن من شؤونك ومصلحة من مصالحك. والصحابة رضي الله عنهم كما في الصحيح صحيح البخاري كانوا يقولون لولا الله ما اهتدينا ولا صمنا ولا صلينا. ونبينا عليه الصلاة والسلام يقول لمعاذ ابن جبل اني احبك يا معاذ فلا تدعن دبر كل صلاة ان تقول اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. كم هو جميل بنا معاشر الاخوة ان نكون على حظ وافر ونصيب طيب من فقه الدعاء ومن لا يفقه الدعاء لا يحسن اداءه. ولا يحسن المجيء به. على الوجه الذي يرضي الله تبارك وتعالى. وكتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم كافيا في بيان فقه الدعاء مما لا غناء للمسلم عن فهمه والعناية اية به. وفي باب فقه الدعاء وهو باب واسع والحديث فيه طويل وله جوانب كثيرة جدا اقدم بذكر اثر نافع جدا في هذا الباب. ثم اثني بعد ذلك بذكر نقاط سريعة في باب فقه الدعاء. اما الاثر فقد رواه الامام البخاري رحمه الله تعالى في كتابه الادب المفرد تحت باب عنوانه الناخلة من الدعاء. الناخلة من الدعاء والناخلة من الدعاء المنخول الخالص الصافي النقي الطيب الناخلة من الدعاء. واورد تحته اثرا عن عبدالرحمن ابن يزيد وهو من علماء التابعين. قال كان الربيع ابن خثيم يأتي علقمة ابن قيس كل منهما عالم من علماء التابعين وفقيه من فقهاء الاسلام كان يأتيه كل جمعة كان يأتيه كل جمعة. فاذا كنت ثم اي اذا كنت موجودا والا فانهم ارسلوا الي. اي لاشاركهم هذا المجلس. وهو مجلس علمي يجتمعون على مسائل العلم. يقول فاتى الربيع يوما ولم اكن ثم اي موجودا ثم لقيني علقمة وقال لي ارأيت ما اتى به الربيع اليوم ايتما اتى به الربيع اليوم قال ان الربيع يقول ما اكثر ما يدعو الناس الله جل وعلا وما اقل الاجابة. الدعاء كثير والاجابة قليلة قال وذلك لان الله سبحانه لا يقبل الا الناخلة من الدعاء. لا يقبل الا الناخلة من الدعاء اي المنخول الصافي الطيب الخالص. قال عبدالرحمن ابن يزيد لعلقمة هذا الكلام قال مثله عبد الله اي ابن مسعود الصحابي الجليل قال او قال ذلك؟ قال نعم. قال اي عبد الله ابن مسعود لا يسمع الله من مسمع ولا مراء ولا لاعب. الا داع دعا يثبت من قلبه فذكره علقمة وقال نعم اي انني سمعت عبد الله بن مسعود يقول هذا الكلام. فتأمل فقه رحمهم الله من الصحابة والتابعين للدعاء وفقهه وكمال عنايتهم به ومدارستهم له في مجالسهم. ومعرفتهم بضوابطه وعنايتهم بالفقه في هذا الباب. وابن مسعود رضي الله عنه يقول لا يسمع الله من مسمع. ولا مراء ولا لاعب اي في دعائه الا دائم دعاء يثبت من قلبه الا الذي يدعو بدعاء ان يثبتوا من القلب. ولهذا جاء عن بعض السلف لا اذكر من هو الان انه قال لبعض اخوانه انني اعرف الدعاء الذي يستجيبه الله لي. قالوا اطيل تعرف ذلك. قل اعرف الذي استجابه الله لي اعرفه. قالوا كيف تعرف ذلك؟ قال اذا خشع قلبي ولانت ودمعت عيني وعظم الحاحي ايقنت ان هذا دعاء مستجاب. اما الدعاء الذي يصدر من قلب غافل ومن قلب لاه ومن قلب معرض فهذا انى يستجاب له؟ كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام ادعوا الله وانتم موقنون بالاجابة. فان الله او فاعلموا ان الله لا يستجيب من قلب لاه فان الله لا يستجيب من قلب لاه. اي القلب الذي منصرف عن الاقبال على الله. ليس ثبتا في الدعاء كما مر معنا في اثر ابن مسعود فمثل هذا حري بالا يستجاب له. فالله عز وجل يستجيبوا من عبده الذي اقبل بوجهه واقبل بقلبه وصدق مع ربه والح في دعائه واقبل في سؤاله وهو واثق بربه تبارك وتعالى فمثل هذا حري ان يستجاب حري ان يستجاب. الشاهد من الاثر المتقدم هو عناية السلف بباب فقه وفهمه وان هذا من الموضوعات المهمة التي عظمت عنايتهم بها وعظم اهتمامهم بها. وندخل الان في ذكر بعض النقاط السريعة في التنبيه على امور مهمة ومطالب عظيمة في باب فقه الدعاء فمن اعظم ما يكون في باب فقه الدعاء ان يعلم الداعي ان الدعاء عبادة لا يجوز صرفها الا لله. ولا يجوز التوجه بها الى غيره. قال الله سبحانه وتعالى ومن اضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون. واذا حشر الناس كانوا لهم اعداء وكانوا بعبادتهم كافرين. وقال الله سبحانه وتعالى والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير ان تدعوهم لا يسمعوا دعائكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير. وقال الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم قل ادعوا الذين انتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الارض وما لهم فيهما من شرك وما له من من ظهير قال الله تبارك وتعالى قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا وقال جل وعلا وقال ربكم ادعوني استجب لكم. ان الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخلين. فالدعاء عبادة وهي حق لله تبارك وتعالى. ولا يجوز صرفها لغيره تبارك وتعالى فهذا اعظم ما ينبغي ان يفقه في باب الدعاء ويعتنى به بحيث يعلم علم يقين ان الدعاء عبادة والعبادة لله عز وجل وعليه فان من فقه هذا الباب الا يسأل الا الله ولا يلتجأ الا الى الله. ولا يطلب الرزق والعافية والصحة الا من الله ولا يتوكل الا على الله لا يصرف اي شيء من العبادة الا لله تبارك وتعالى ومن فقه الدعاء ان يحرص الداعي على موافقة السنة واقتفاء اثار النبي الكريم عليه صلوات الله وسلامه الذي هو اكمل الناس دعاء لله وعبادة وسؤالا وطلبا. وكانت دعواته صلوات الله وسلامه عليه. دعوات جامعة وكلمات مباركة فقد اوتي جوامع الكلم وبدائع الحكم. وكان عليه الصلاة والسلام كما قالت عائشة رضي الله عنها اذا دعا الله عز وجل تحرى جوامع الدعاء وكوامله. فكان يدعو بكلمات قلائل والفاظ معدودات تجمع خيري الدنيا والاخرة. وكان صحابته الكرام رظي الله عنهم اذا سألوه ان يعلمهم الدعاء يعلمهم كلمات القلائل تجمع لهم الخير كله. جاء عمه العباس والحديث تقدم الاشارة الى طرف منه فقال له يا رسول الله علمني دعاء ادعو الله به فقال سل الله العافية. فكأنه تقال لها فاتى بعد ايام وقال يا رسول الله علمني دعاء ادعو الله فقال يا عباس يا عم رسول الله سل الله العافية. فارشده الى هذه الكلمة في في الدعاء التي تجمع للانسان الخير كله. ولهذا ينبغي على كل داع ان يحرص على واتباع هدي النبي الكريم عليه الصلاة والسلام. وان يعرف ما جاء عنه من ضوابط في الدعاء واسباب لاجابته وموانع لقبوله يفقه ذلك كله ويأتي بالدعاء مقتفيا فيه اثار الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه. وفي الوقت نفسه يكون حذرا فيه من الاعتدال. والله عز وجل حذر من الاعتداء في الدعاء في قوله ادعوا ربكم تضرعا وخفية انه لا يحب المعتدين انه لا يحب المعتدين وان كان قوله انه لا يحب المعتدين عام في كل انواع الاعتداء الا ان وروده في سياق الامر بالدعاء على تحذير خاص في هذا السياق المبارك من الاعتداء في الدعاء. والاعتداء الدعاء يتناول كل مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وكل وقوع في في البدع والمحدثات وانواع الضلالات التي يقع فيها من لا يفقه الدعاء على بابه المأثور ووجهه المروي عن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ومن فقه الدعاء معاشر الاخوة الكرام ان يستحضر الداعي افتقاره الى ربه واحتياجه اليه سبحانه وتعالى. وكم هو جميل بك ايها الداعي عندما تمد يديك الى الله عز وجل ان تستحضر في مقام الدعاء انك فقير الى الله. وان الله عز وجل غني عنك. يا ايها انتم الفقراء الى الله. والله هو الغني الحميد. فتستحضر فقرك واحتياجك وذلك بين يدي الله وتعالى وانك لا غناء لك عنه طرفة عين. فتعظم حينئذ براعتك. ويزيد الحاحك ويكثر اقبالك على الله سبحانه وتعالى في السؤال والطلب. والله جل وعلا يقول امن يجيب المضطر اضطر اذا دعاه ويكشف السوء ويجعله خلفاء الارض. االه مع الله؟ فالامور كلها بيده تبارك وتعالى. وتأمل في هذا قول الله عز وجل في الحديث القدسي يا عبادي لو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فاعطيت كل واحد منكم مسألته ما نقص ذلك في ملكي من ملكي شيئا الا كما ينقص المخيط اذا غمس بالبحر. فاستحضر فقرك الى الله واستحضر ايضا غنى الله تبارك وتعالى الكامل وفضله العظيم. وان وانه سبحانه وتعالى عطاؤه كلام. انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون. اياك عندما تسأل الله جل وعلا ان تتعاظم المسألة. اياك ان المسألة فالله عز وجل لا يتعاظمه ذنب ان يغفره ولا حاجة يسألها العبد ان يعطيها تبارك وتعالى وهو سبحانه وتعالى آآ الشكور الغفور. الشكور الذي يشكر القليل من العمل ويثيب عليه الثواب الجزيل والغفور الذي لا يتعاظمه ذنب ان يغفره. وهو القائل سبحانه قل يا الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا. ففي باب طلب الحاجات الدينية والدنيوية اياك ان تتعاظم امرا او تتكاثر شيئا على نفسك. بعظ الناس يبخل على نفسه في الدعاء ويتكاثر امورا على نفسه اضرب مثالا وان كانت الامثلة كثيرة لكن اضرب مثالا وضح لنا بخلا بعض الناس على نفسه في الدعاء. من من من بخل بعض الناس على نفسه في الدعاء اثر الخير على نفسه وتعاظمه. بعظهم يقول في دعائه اللهم اني اسألك ان تدخلني الجنة ولو عند بابها هذا بخيل على نفسه انظر انظر ما يقول هذا وانظر توجيه النبي. النبي عليه الصلاة والسلام يقول اذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس الاعلى. اذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس الاعلى فانه اعلى الجنة ووسط الجنة وفوقه عرش الرحمن فلا يتعاظم الانسان مطلب ولا يتعاظم حاجة بل يسأل الله جل وعلا بصدق وقلب ثبت منا الدنيا والاخرة صادقا ملحا على الله سبحانه وتعالى في سؤاله وطلبه والله عز وجل لا نظمه شيء ولا يعجزه شيء جل وعلا. ومن فقه الدعاء ان يبعد ان يبتعد الداعي عن الاستعجال في دعائه. وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذا في احاديث كثيرة. منها ما جاء في الصحيح انه صلى الله عليه وسلم قال يستجاب لاحدكم ما لم يعجل. استجابوا احدكم ما لم يعجل يقول دعوت فلم يستجب لي. هذا هو الاستعجال. يدعو مرة او مرتين او ثلاث او اربع ثم يستحسن ان يترك الدعاء وينقطع عن الدعاء ويقول دعوت ولم يستجب لي. وربما قال مثلي لا يستجاب له. فيقع والعياذ بالله في القنوط من رحمة الله والله قال لا تقنطوا من رحمة الله. بل لا يكرر الدعاء ويجدد الطلب ويلح على الله سبحانه وتعالى ولا يزال راجيا طامعا فيما عند الله سبحانه وتعالى اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه. اولئك يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا مولانا خاشعين فيكون دائما راغبا راهبا ملحا على الله سبحانه وتعالى طامعا فيما عند الله سبحانه وتعالى ومن فقه الدعاء ان يكون الداعي حسن الظن بالله. عظيم الثقة فيما عند الله جل وعلا وقد جاء في الحديث القدسي ان الله تبارك وتعالى يقول انا عند حسن ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء. ولا نظن بربنا تبارك وتعالى الا خيرا. نسأله جل وعلا من فضله العظيم فينبغي على العبد ان يكون حسن الظن بالله تبارك وتعالى عظيم الثقة فيما عنده. وان يكون ايضا في دعائه يدعو الله جل وعلا وهو موقن بالاجابة. لا يدعو على سبيل التجربة او نحو ذلك بل يدعو وهو على يقين بان الله سبحانه وتعالى يجيب دعوته. كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم ادعوا الله وانتم موقنون بالاجابة. فان الله لا يستجيب لقلب لقلب لاه. ايضا من فقه الدعاء ان يطيب الانسان احواله واموره وطعامه وشرابه نفسه عن الحرام لان التلوث بالحرام والتلطخ به يحرم العبد ويحول بينه وبين الخير. والى ذلكم الاشارة والدلالة في قول نبينا صلى الله عليه وسلم عندما ذكر الرجل يطيل السفر اشعث اغبر يمد يديه الى السماء يقول يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام فانى يستجاب له اي كيف يستجاب لمن كان كذلك. وقد قال بعض السلف في هذا المعنى اطل مطعمك تستجب دعوتك. ولهذا ينبغي على الداعي ان يطيب نفسه بالبعد عن الحرام البعد عن الحرام. وايضا ينبغي ان يطيب نفسه بالبعد عن الاثام ولهذا يجعل بين يدي دعائه توبة صادقة الى الله عز وجل. وانابة ورجوعا الى الله سبحانه وتعالى. يا ايها الذين امنوا توبوا الى الله توبة نصوحة عسى ربكم من يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الانهار. فيتوب الى الله جل وعلا من الذنوب التي تبعد الانسان من الخير تبعده عن تحصيله ونيله خير الدنيا والاخرة. ومن فقه الدعاء ايها الاخوة ان يكون الداعي على علم بالدعوات التي يأتي بها. وهذا جانب قد يغفل عنه كثير من الناس. بل بعضهم ربما اخذ كتابا من كتب الدعاء المأثور واخذ يقرأه ولا يدري شيئا عن معانيه. وانما قرأ كلاما لا يدري ما هو. بل بعض الناس يقرأ الكلام خاطئا. بل بعضهم يقرأ دعوات لا تصلح له. ولا تناسبه. مثل احدهم سمع في في احد المواضع رجل سمع بيده كتاب يقرأه ادعية يقرأ بها من بين الدعوات التي كان يدعو بها يقول ربي اني نذرت لك ما في بطني محررا يدعو بهذا اخر يدعو بدعاء يقرأه ولا يحسن نطقه يقول اللهم فلا تدع لي ذنبا يقول احدهم وهو يحدثني يقول سمعته وهو يطوف يقول لا تدعني ذنبا يقول فقلت احسن تقول الا قطعته. لان هذا هو المناسب له فبعض العوام يعني يردد كلاما او يقول كلاما وهو لا يدري ما هو ولا يعرف معناه. ولهذا من فقه الدعاء من فقه الدعاء ان يفهم المعنى وان ينطق الفاظ الدعاء المأثورة عن نبينا صلى الله عليه وسلم كمان طيب وكان نبينا صلى الله عليه وسلم يصحح لاصحابه الفاظ الدعاء. مثل ما جاء في حديث البراء لما علمه صلى الله عليه وسلم الدعاء الذي يقوله فيه عندما يأوي الى فراشه اللهم اني اسلمت نفسي اليك ووجهت وجهي اليك فوضت امري اليك والجأت ظهري اليك لا ملجأ ولا منجى منك الا اليك امنت بكتابك الذي انزلت وبنبيك الذي ارسلت فلما اعادها البراء امام النبي صلى الله عليه وسلم قال البراء وبرسولك الذي ارسلت فقال له النبي صلى الله عليه وسلم وبنبيك الذي فيا فيا اتني بل بعض بعض الصحابة في بعض الدعوات المأثورة يقول كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا هذا الدعاء كما يعلمنا السورة من القرآن. كما يعلمنا السورة من القرآن. فيعتني المسلم بالفاظ الدعاء المأثورة وفي الوقت نفسه يعتني المسلم بمعانيها. والسلف رحمهم الله قديما كانوا ينبهون الناس والعوام طلاب العلم المهتدين الى ضرورة فهم الادعية ومعرفة معانيها ذلكم على سبيل المثال ما جاء عن الحسن البصري رحمه الله انه لقي رجلا وكان عنده شيء من التقصير فقال له آآ الحسن كم بلغت من العمر؟ قال ستون سنة. فقال له الحسن اوى علي او ما علمت انك في طريق وقد اوشكت ان تبلغ غايته او نهايته فقال رجل انا لله وانا اليه راجعون قال الحسن او تعرف تفسيره؟ انا لله وانا اليه راجعون. هل تعرف تفسير هذا الكلام؟ او تقول كلاما لا تدري ما معناه قال الرجل وما تفسيره قال الحسن انا لله اي انا لله عبد. وانا اليه راجعون اي انا اليه راجع. فاذا علمت انك عبد وانك اليه راجع فاعلم انه سائلك. واذا علمت انه سائلك فاعد للمسألة في جوابا فقال الرجل وما الحيلة؟ يعني فهم الان المعنى كان قبل يقول كلاما لا يدري ما معناه قال وما الحيلة قال الحسن يسيرة قال وما هي؟ قال احسن فيما بقي يغفر لك ما قد مضى. هذا كلام جميل وعظيم جدا في باب فقه الدعوات المأثورة عن نبينا صلوات الله وسلامه عليه وفهم معانيها ومدلولها والعناية بها. ايضا من فقه الدعاء ان الداعي على علم باحوال الدعاء الفاضلة واوقاته الطيبة التي جاء في السنة الدلالة عليها. كقوله عليه الصلاة والسلام اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد. واخباره عليه الصلاة والسلام ان في يوم الجمعة ساعة لا يرد فيها الدعاء وقوله عليه الصلاة والسلام ينزل ربنا الى سماء الدنيا كل ليلة. فيقول من يسألني فاعطيه ان يستغفروني فاغفر له. من يدعوني فاستجيب له. فيكون على فقه باحوال الدعاء الفاضلة واوقاته الطيبة التي يستجاب لمن تحرى تلك الاحوال الفاضلة وتلك الازمنة الطيبة الفاضلة فيلح فيها على الله تبارك وتعالى في الدعاء. باب فقه الدعاء والكلام عن موضوعاته باب واسع والحديث فيه ربما يطول لكن لعل فيما مر معنا من بعض آآ كفاية وربما آآ الاطالة ينسي بعضها بعضا و خير الكلام ما قل ودل. فنسأل الله عز وجل الذي اكرمنا بهذا اللقاء هذا الاجتماع ان يجعلنا جميعا من اهل الدعاء الصادق واليقين الراسخ والايمان الكامل وان يجعلنا جميعا من عتقائه من النار في هذا الشهر المبارك وان يصلح لنا شأننا كله وان يجمعنا على الحق والهدى وان يصلح لنا ديننا الذي هو عصمة امرنا وان يصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وان يصلح لنا اخرتنا التي فيها معادنا وان يجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر وان يغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات انه تبارك وتعالى غفور رحيم. والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبد الله ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين