بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين. اللهم لا علم لنا الا ما علمتنا. اللهم علمنا ما ينفعنا وزدنا علما الماء الماء واصلح لنا شأننا كله. ولا تكلنا الى انفسنا طرفة عين. اللهم يا ربنا اجعل لقاءنا هذا لقاء خير وبركة. ونفع وفائدة وصلاح وفلاح ووفقنا لما تحبه وترضاه. من سديد الاقوال وصالح الاعمال ثم اما بعد ايها الاخوة الكرام موضوع لقائنا هذا ايها الاخوة الكرام عن حسن الظن بالله جل وعلا. هو موضوع جليل القدر عظيم الاهمية رفيع الشأن. ينبغي على كل مسلم ان يوليه عنايته واهتمامه. وحسن الظن بالله جل وعلا ودية عظيمة ومنزلة جليلة من منازل السائرين الى الله تبارك وتعالى وهي من واجبات التوحيد. بل لا يستقيم توحيد العبد الا بحسن الظن بالله جل وعلا وقد جاءت احاديث عديدة عن نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم في الحث على ذلك والحظ عليه. وبيان ما ترتب على حسن الظن بالله جل وعلا من الاثار الحميدة والعوائد الكريمة والثمار النافعة في الدنيا والاخرة. وقد جاء في الصحيحين من حديث ابي هريرة اه رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال قال الله تعالى انا عند ظن عبدي بي. رواه احمد وزاد فان ظن بي خيرا فله وان ظن شرا فله. وروى الامام احمد في مسنده عن وافلة ابن الاصقع رظي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال قال الله تعالى انا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء في صحيح مسلم من حديث جابر ابن عبدالله رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قبل وفاته بثلاث لا يموتن احدكم الا وهو يحسن الظن بربه. والاحاديث في هذا الباب كثيرة تدل دلالة بينة على عظم شأن حسن الظن بالله تبارك وتعالى وان حسن الظن بالله جل وعلا من حسن عبادته ومن حسن المعرفة به جل وعلا. قد جاء في حديث رواه ابو داوود والترمذي وابن حبان. وغيرهم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان حسن الظن بالله من حسن العبادة. وان كان في سنده شيء من الكلام الا ان معناه حق لا ريب فيه. فحسن الظن بالله جل وعلا من حسن العبادة لله تبارك وتعالى ومن حسن المعرفة به سبحانه وتعالى. ولهذا انما يستقيم حسن بالله مع حسن العمل وحسن التقرب لله تبارك وتعالى لان من اسرف على نفسه بالذنوب وارتكاب المعاصي واقتراف الخطايا والاثام تعيقه هذه الذنوب وتلك الاثام عن هذا المقام العلي وهذه المنزلة الرفيعة الشريفة التي هي حسن الظن بالله تبارك وتعالى. ولهذا قال الحسن البصري رحمه الله تعالى ان المؤمن احسن الظن بربه فاحسن العمل. وان اساء الظن بربه فاساء العمل. وتأمل هذا الارتباط الوثيق. والتلازم بين حسن الظن بالله جل وعلا وحسن العمل. فان العبد كلما كان مقبلا على الله منيبا اليه تائبا مستغفرا ذاكرا محافظا على طاعة الله تبارك وتعالى كلما كان عظيم العناية بهذه العبادات زاد حظه ونصيبه من حسن ظنه بربه جل وعلا. اما اذا اسرف على نفسه في الذنوب وارتكاب الخطايا والاثام فان هذا الاسراف وذاك الارتكاب للخطايا والذنوب يعيق انسان اعاقة شديدة عن حسن الظن بالله تبارك وتعالى. ولهذا فينبغي ان يعلم ان حسن الظن بالله جل وعلا مبنية على حسن المعرفة بالله. وباسمائه وصفاته جل في علاه ان العبد كلما كان بالله عز وجل وباسمائه وصفاته اعرف كان اكثر حسن ظن بالله تبارك وتعالى. لان منشأ حسن الظن ومبناه على حسن المأرب بالله جل وعلا واسمائه وصفاته. وكل اسم من اسماء الله تبارك وتعالى وكل صفة من صفاته جل وعلا له عبودية تخصه وحسن ظن يخصه. وهذا امر ينبغي ان يعلم وان يفقه في هذا الباب باب المعرفة بالله سبحانه وتعالى فمثلا اذا عرفت ان من اسماء الله تبارك وتعالى الغفار فاحسن الظن به في استغفارك واكثارك من الاستغفار وعنايتك بالاستغفار ان يغفر ذنبك وان يغفر ذلتك وان يغفر لك خطيئتك. احسن ضنك به جل وعلا واذا تأملت في اسمه تبارك وتعالى التواب وانه جل وعلا تقبل التوبة من عباده ويعفو عن السيئات. فاحسن الظن به ان يتوب عليه مهما كان ذنبك. ومهما كانت خطيئتك ومهما كان جرمك فاذا كان جرمك عظيم فالله عز وجل واسع المغفرة يتوب على من تاب مهما كانت ذنوبه ومهما كانت خطاياه كما قال الله سبحانه وتعالى قل يا عبادي الذين لاسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله. ان الله يغفر الذنوب جميعا. انه هو الغفور الرحيم اذا اصابتك بعض المصائب او الاسقام او الامراض او الاوجاع او حتى ما يوصف من الامراض بانها امراض مستعصية كما توصف بذلك. فاحسن الظن بالله. وانه سبحانه وتعالى الشافي لا شفاء الا شفاؤه جل في علاه. قال خليل الرحمن عليه صلوات وسلامه فيما ذكره الله عنه واذا مرضت فهو يشفين. وهذا من حسن الظن بالله. مهما كان المرض ومهما ما كانت شدته فاحسن الظن بالله تبارك وتعالى ان يشفيك. او يشفي مريضك. واذا دعوت بهذه الدعوة المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم اللهم رب الناس مذهب البأس واشف انت الشافي لا شفاء الا شفاؤك لا يغادر سقما فاحسن الظن بالله تبارك وتعالى ان يشفيك. وان يذهب عنك ما اصابك من وجع او الم او ما اصاب ابنك او قريبك احسن الظن بالله جل وعلا. في دعائك لله وسؤالك ومناجاتك له سبحانه وتعالى من خيرات الدنيا والاخرة. احسن الظن بالله جل وعلا انه يجيب دعاءك ويعطيك سؤلك. وهو القائل جل في علاه. وقال ربكم ادعوني استجب لكم الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين. وقال ربكم ادعوني استجب لكم. وقال جل وعلا اذا سألك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداعي اذا دعان. اذا قلت ذات يدك واصابك من العوز والفقر والحاجة ما اصابك فاحسن الظن بالله عز وجل وانه واسع الفضل جزيل المن وانه ما بك من نعمة الا من الله تبارك وتعالى. وبهذا تعلم ايها الاخ الموفق ان حسن الظن بالله تبارك وتعالى يصاحب المسلم في جميع اموره. وجميع احواله وجميع شؤونه وجميع عباداته وجميع اعماله. ينبغي ان يكون المسلم في ذلك كله حسن الظن بالله تبارك وتعالى. ولهذا فان حسن الظن بالله جل وعلا يعد من اعظم النعم واكبر المنن التي يمن الله سبحانه وتعالى بها على من يشاء من عباده. روى ابن وبالدنيا في كتابه حسن الظن بالله وهو كتاب مطبوع ونافع جدا في هذا الباب عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه انه قال والذي لا اله غيره ما اعطي عبد مؤمن شيئا خيرا من حسن ظنه بالله. ثم قال والذي لا اله غيره لا يحسن عبد الظن بالله تبارك وتعالى الا اعطاه الله عز وجل ظنه وذلك ان الخير بيده سبحانه وتعالى. وهذا يفيدنا ان ان الظن مبناه على عقيدة راسخة. وايمان قوي في قلب المؤمن. وثقة كلمة بالله تبارك وتعالى ولا يحسن عبد الظن بربه ويكون صادقا في حسن ظنه بالله تبارك وتعالى الا اعطاه الله ظنه. وذلك ان الخير كله بيد الله سبحانه على كل ما ترجوه وتأمله وتريده لنفسك او لغيرك من خير الدنيا والاخرة كل ذلك بيد الله جل في علاه. فاحسنوا الظن بالله. احسن الظن بالله تبارك وتعالى. وكن حسن الظن به جل وعلا فيما يتعلق بمصالحك الدينية ومصالحك الدنيوية ولا يتعاظمك شيء ان تسأله رب رب العالمين سبحانه وتعالى. ولهذا يقول نبينا عليه الصلاة والسلام اذا انتم الله فاسألوه الفردوس الاعلى. فانه اعلى الجنة ووسط الجنة وفوقه عرش الرحمن. احسن الظن بالله ان الك من اهل فردوسه الاعلى وان يعيذك من النار وان يجيرك منها. واذا احسنت الظن به تبارك قال تعالى فاحسن العمل لان حسن الظن وحسن العمل كما تقدم قرينان متلازمان وكل منهما من بني على حسن المعرفة بالله عز وجل والمعرفة باسمائه وصفاته جل في علاه. ولهذا فان من وفقه الله سبحانه وتعالى لحسن معرفتي بالله سبحانه وتعالى وباسمائه وصفاته فان هذه المعرفة تثمر فيه حسن ظن بالله وتثمر فيه صلاحا في العمل. كما قيل من كان بالله اعرف كان منه اخوف عبادته اطلب وعن معصيته ابعد. والله سبحانه وتعالى يقول انما يخشى الله من عباده العلماء فمقام المعرفة بالله سبحانه وتعالى وباسمائه الحسنى وصفاته العليا مقام عظيم له ثماره العظيمة واثاره المباركة وعوائده الحميدة على العبد المؤمن في دنياه واخراه هذا فان من اعظم ما ينمي في العبد حسن الظن بالله تبارك وتعالى ان يعنى في ان يعنى بهذا الباب باب المعرفة بالله فاذا عرفت ربك سبحانه وتعالى بانه رحيم وانه غفور وانه جواد وانه محسن وانه تواب وانه كريم. الى غير ذلكم من اسمائه الحسنى وصفاته العليا سبحانه وتعالى فان هذه المعرفة ولا بد تثمر في العبد ثمارا عظيمة واثارا مباركة من حسن عمل وحسن ظن بالله تبارك وتعالى. ايها الاخوة الكرام ان حسنا الظن بالله تبارك وتعالى المبنية على حسن المعرفة بالله تبارك وتعالى المثمر لحسن العمل والطاعة والتقرب لله جل وعلا هذا ما هو نصيب وحظ اهل الايمان. وصفة اهل الايمان. اما من كان من اهل النفاق والشرك بالله سبحانه وتعالى فلا حظ له ولا نصيب من حسن الظن بالله تبارك وتعالى بل نصيب هؤلاء وحظهم هو والعياذ بالله سوء الظن بالله. ولهذا فان الله جل وعلا ذكر سوء الظن بالله صفة من صفات المنافقين والمشركين. بغير ما اية من القرآن الكريم ومن ذلكم قول الله سبحانه وتعالى ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم. ولهذا يقول العلماء تذكر عقوبة في القرآن اشد من عقوبة سوء الظن بالله سبحانه وتعالى كما هو واضح في هذه الاية وسوء الظن بالله جل وعلا الذي عند المنافقين والمشركين هو سوء ظن مبنيا على كفرهم بالله سبحانه وتعالى وفساد عقائدهم وفساد قلوبهم. وزيغ قلوبهم فانبنى على ذلك سوء ظنهم بالله سبحانه وتعالى. وتأمل في هذا المقام القصة العجيبة التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في سورة ال عمران والتي لك الفرق بين اهل حسن الظن بالله واهل سوء الظن به جل في علاه. وهذا انما يظهر جليا فالامور التي هي محك وباب من ابواب التمحيص والتمييز بين اهل الايمان واهل الريب والنفاق تأمل ما ذكره الله سبحانه وتعالى فيما يتعلق غزوة بدر. يقول الله عز وجل ثم انزل عليكم من بعد الغم امنة نعاسا يغشى طائفة منكم اي طائفة اهل الايمان وهذا النعاس الذي ذكر ذكره الله سبحانه وتعالى كان نعاسا في وقت تلاقي صف صف اهل الايمان وصف اهل الكفر والاشراك بالله سبحانه وتعالى. عندما تلاقى الصفان انزل الله على اهل الايمان امنة نعاسا. فكانت رؤوس الصحابة رضي الله عنهم وامامهم جيش تخفق. من النعاس. وسيف احدهم كان يسقط من يده من النعاس وامامهم العدو وهذا النعاس انزله الله تبارك وتعالى امنة لهؤلاء وطمأنينة لقلوبهم ولهذا جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال النعاس في القتال من الله سبحانه وتعالى. والنعاس في الصلاة من الشيطان النعاس في القتال وملاقاة الاعداء من الله لانه امن. ينزلها الله سبحانه وتعالى وسكينة على عبده المؤمن. فالصحابة رضي الله عنهم اهل حسن الظن بالله والثقة به. انه ينصر واولياءه المؤمنين وانه يعز دينه وانه يظهره على الدين كله وانه تبارك وتعالى لا غالب لامره وانه العزيز جل في علاه وانه القاهر وانه الناصر لاوليائه وعباده المقربين هذه المعاني كلها قائمة في نفوسهم وعندهم الثقة بالله وحسن الظن به جل وعلا. فانزل الله عليهم هذا النعاس امنة وطمأنينة. طائفة اهل الايمان. ثم قال جل وعلا وطائفة اي طائفة اهل النفاق قد اهمتهم انفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية. يظنون بالله غير الحق ظنا الجاهلية يقولون هل لنا من الامر من شيء؟ قل ان الامر كله لله. فظن هؤلاء اهل النفاق عندما حصل شيء يسير من الفشل حتى اذا فشلتم وتنازعتم في الامر عصيتم من بعد ما اراكم ما تحبون عندما حصل شيء من ذلك وجد شيء من الهزيمة ووجد عند بعض المسلمين شيء من التقهقر والانهزاق قال اهل النفاق حينئذ هذه المقولة وظنوا تبارك وتعالى غير الحق. واعتقدوا ان الامر اصبح للمشركين. وان ان اهل الدين ستستأصل شأفتهم وانه لا يبقى لهم بقية. ظنوا هذا هذا الظن السيء بالله تبارك وتعالى وقالوا ان لو كان لنا من الامر من شيء ما حصل هذا وهذا كما قال اهل العلم فيه انكار للقدر وانكار للحكمة حكمة الله سبحانه وتعالى. وهذا من كفرهم بالله ونفاقهم وعدم معرفتهم بالله سبحانه وتعالى واسمائه وصفاته وعظمته وجلاله وكماله وانه ناصر اوليائه ومعز دينه سبحانه وتعالى ومظهره على الدين كله. ولهذا فان امورا في الحياة تكون محكا في الصفين والتمحيص. تمحيص اهل الايمان اهل حسن الظن بالله وحسن الثقة به وحسن للتوكل عليه والالتجاء اليه تبارك وتعالى من غيرهم من اهل النفاق والريب والضلال ولهذا فان مقام حسن الظن ولهذا فان مقام سوء الظن بالله تبارك وتعالى مقام مهلك صاحبه ومرد له في الدنيا والاخرة. وتأمل في هذا المعنى قول الله سبحانه وتعالى وذلكم الذي ظننتم بربكم ارداكم فاصبحتم من الخاسرين. فيصبر فالنار مثوى لهم وان فما هم من المعتدين. قال ذلك سبحانه وتعالى لما ذكر عن قوم من اهل الضلال انهم ظنوا في الله سبحانه وتعالى انه لا يعلم كثيرا من اعمالهم. ولكن ظننتم ان الله لا يعلم كثيرا مما تعملون وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم ارداكم فاصبحتم من الخاسرين. ظنوا ان الله لا يعلم كثيرا مما يعملون. انظر هذا الخلل في الاعتقاد والمعرفة بالله سبحانه وتعالى كيف اورثهم سوء ظن بالله فقال الله جل وعلا وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم ارداكم فاصبحتم من الخاسرين وقد اشرت الى حديث لجابر رضي الله عنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم قبل ان يموت بثلاث انه صلى الله عليه وسلم قال لا يموتن احدكم الا وهو يحسن الظن بربه رواه مسلم. ورواه الامام احمد في مسنده وزاد فان قوما اساءوا الظن بربهم فاهلكهم اي سوء ظنهم بالله. فقال وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم ارداكم احثم من الخاسرين. فان يصبروا فالنار مثوى لهم. وان يستعتبوا فما هم من المعتدين. ايها الاخوة الكرام ان الواجب على المسلم ان يكون حياته كلها حسن الظن بالله تبارك وتعالى الثقة به قوي التوكل عليه. عظيم الالتزام الى الله سبحانه وتعالى والانابة اليه ومن كان مسرفا في الذنوب وارتكاب الخطايا والاثام لا يستولي عليه بسبب ذنوبه وكثرة خطاياه قنوط من رحمة الله ويأس من رح الله. بل عليه ان يبادر وان يحسن ظن بالله تبارك وتعالى ان يغفر له جل وعلا ذنبه كله. دقه وجله اوله واخره ومن الاستغفار المأثور عن نبينا عليه الصلاة والسلام اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله اوله واخره على انيته وسره. ومهما امتدت بالانسان حياته في الدنو والاسراف فعليه ان يحسن الظن بالله وان يتوب من كل ذنوبه فان الله جل وعلا يتوب عليه. وتأمل في هذا المقام قصة عجيبة تعين المتأمل لها اعانة عظيمة في هذا الباب. الا وهي ان الحسن البصري رحمه الله تعالى رأى رجلا مسرفا في الذنوب. فسأله كم تبلغ من العمر؟ قال ابلغ ستين سنة قال اما علمت انك في طريق وقد اوشكت ان تبلغ نهايته؟ اما علمت انك في طريق وقد اوشكت ان تبلغ نهايته فقال الرجل انا لله وانا اليه راجعون قال الحسن او تعرف تفسيره؟ اي هذا الكلام الذي قلته هل تعرف معناه؟ انا لله وانا اليه راجعون وذلك ان من الناس من يأتي بالاذكار المشروعة المأثورة ولكنه لا يفهم معناها. تجد مثلا يقول انا لله وانا اليه راجعون ولا يدري ما معناها. سبحان الله ولا يدري ما معناها. لا حول ولا قوة الا بالله لا يدري ايضا ما معناها والاذكار المشروعة تتحقق فائدتها ويعظم اثرها مع فقه العبد لمعناها ومعرفته بمدلولها. ولهذا قال له اوتعرف تفسيره؟ فقال الرجل وما تفسيره قال ان لله اي انا لله عبد. وانا اليه راجعون اي وانا الى الله راجع. فاذا علمت انك لله عبد وانك اليه راجع فاعلم انه سائلك واذا علمت انه سائلك فاعد للمسألة جوابا. فتنبه الرجل واستيقظ واثر فيه هذا الوعظ فقال ما الحيلة قال يسيرة قال وما هي؟ قال احسن فيما بقي يغفر لك ما قد مضى. فانك ان اسأت فيما بقي اخذت فيما بقي وفي ما مضى. تأمل هذا الكلام عظيم جدا. احسن فيما بقي. يغفر لك ما قد مضى. لا تدري انت كم الذي بقي لك من حتى وان كنت شابا. حتى وان كنت شابا قد لا يكون بقي لك من الحياة الا يوم او يومين والناس لهم فيما يشاهدون ويعاينون عبرة. كم ذهبت من ارواح الشباب والشابات وكم من شاب او شابة كان يأمل ان يعيش عمرا مديدا فحال بينه وبين اماله الموت ولهذا ينبغي ان يكون المرء في هذه الحياة الدنيا كالغريب. كن في الدنيا كأنك غريب او عابر سبيل واذا امسيت فلا تنتظر الصباح. واذا واذا اصبحت فلا تنتظر المساء. وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك. ولهذا في امور الدين والعبادة لا تؤجل ولا اخ عمل اليوم الى الغد ولا تسوف. اذا اصبحت لا تنتظر المساء لا تؤجل واذا امسيت فلا تنتظر الصباح لا تؤجل عباداتك وطاعاتك وفرائض الاسلام الى الصباح قد لا تكون من اهل الصباح فتبادر ولهذا قال له احسن فيما بقي. احسن فيما بقي اي ما بقي لك من الحياة. قد يكون الذي بقي لك من الحياة شيء قليل جدا ايام معدودات. فان احسنت فيما بقي غفر الله لك ما مضى كله ولو كان يزيد على السبعين الثمانين التسعين كل ذلك يغفره الله لك ان احسنت فيما بقي ولو كان الذي بقي يوم او يومين او ثلاثة او اربعة او حتى ساعات ومما يذكر في هذا المقام ما اورده ابن كثير رحمه الله في تفسيره وجود اسناده عن ابن عباس رضي الله عنه في قصة الرجل الذي جاء الى النبي عليه الصلاة والسلام وذكر انه وجد نفسه اكل آآ اتعب راحلته حتى اتى النبي عليه الصلاة والسلام ليعلمه. فكان يسأل النبي عليه الصلاة والسلام وهو فوق الدابة اي السائل فوق دابته فوق ناقته. قال علمني مما الله فقال له النبي عليه الصلاة والسلام فاشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة صوم رمضان وتحج البيت الحرام ذكر له مباني الاسلام الخمسة. فقال الرجل اقررت لم يزد على هذا للكلمة اقررت فساخت قدم ناقته في حفرة جرذان فسقط من بعيره على عنقه فمات. حياته كلها كفر بالله وحظه من الاسلام اقررت فقال النبي عليه الصلاة والسلام اذا اردتم ان تروا من عمل قليلا واجر كثيرا فهذا منهم. وفي بعض الروايات اذا اردتم ان تروا الذين امنوا لم يلبسوا ايمانهم بظلم فهذا منهم. حياته كلها كفر بالله سبحانه وتعالى. وكان حظه من الاسلام اقرر ومات على هذا الابقار فكان من من اهل الجنة. ومثله ايضا قصة الرجل الاخر الذي جاء الى النبي عليه الصلاة والسلام في ساحة القتال فقال يا رسول الله اقاتل واسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم بل اسلم وقاتل. فاسلم رظي الله عنه وقتل في تلك المعركة وكان حظه من الاسلام هو آآ النطق بالشهادتين ودخول هذه المعركة. ولهذا كان ابو هريرة رضي الله عنه يقول اخبروني عن رجل دخل الجنة ولم يصلي لله ركعة ثم يذكر هذا الرجل. والشواهد على ذلك كثيرة. ولهذا ينبغي على العبد ان ان يحسن الظن بالله تبارك وتعالى واذا مر عليه في حياته ذنوب كثيرة واسراف وذنوب وارتكاب للخطايا لا يستولي عليه اليأس ولا القنوط لا تقنطوا من رحمة الله بل عليه ان يغادر وان يسارع الى التوبة الى الله تبارك وتعالى والانابة اليه فان الله عز وجل يغفر الذنوب جميعا مهما عظمته وكثرت وتعددت. وينبغي ان يعلم في هذا المقام ان امام اهل سوء الظن بالله تبارك وتعالى وهو ابليس وهو اعظم الناس سوء ظن بالله تبارك وتعالى لا يريد من العبد المؤمن ان حاله وان يحسن ظنه بالله. ولهذا فان الشيطان من اعظم من يحرك القنوط واليأس ومن اعظم من يحرك التسويف والتأجيل في التوبة والانابة الى الله سبحانه وتعالى حتى يبقى العبد على سوء ظن بالله عز وجل وعلى القنوط من رحمة الله واليأس من روحه والتسويف في التوبة الى الله سبحانه وتعالى الى ان والعياذ بالله على هذه الحالة السيئة. والواجب على المسلم في هذا المقام ان بالله تبارك وتعالى من الشيطان الرجيم امام اهل السوء اهل سوء الظن بالله. وان يقبل على الله عز وجل تائبا منيبا محسنا الظن بربه جل في علاه. ومما ينبغي ان يعلم ايها الاخوة الكرام في هذا فالمقام ولعله يكون مسك الختام لهذه الكلمة ان نستحضر في هذا المقام اهمية الدعاء وقد مر معنا في كلمة ابن مسعود رضي الله عنه انه قال والذي لا اله غيره لا يحسن عبده الظن بالله الا اعطاه ظن ذلك ان الخير بيده. فانت في هذا المقام محتاج حاجة ماسة الى ان يعظم لجوءك الى الله وبراءتك بين يديه والحاحك عليه تبارك وتعالى بالسؤال. والرجاء والطلب والالحاح على الله سبحانه وانت على ثقة بالله. ان يقبل دعاءك وان يحقق رجاءك. وان يعطيك ولا يخيبك فيما دعوته وسألته ورجوته تقبل على الله سبحانه وتعالى اقبالا صادقا تدعوه الله عز وجل ان يصلح شأنك وان يصلح دينك وان يصلح دنياك وان يصلح حالك. وان يوفقك ما يحب يحبه ويرضاه من سديد الاقوال والاعمال لان الخير كله بيده سبحانه وتعالى. ولن تنال شيئا من الخير الا اذا وفقك الله سبحانه وتعالى له. ومن الدعوات المأثورة ما جاء في الحديث الذي رواه شداد ابن اوس رضي الله عنه وفيه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اللهم اني اسألك قلبا سليما ولسانا صادقا. ومما يتناوله هذا الدعاء في عمومه سلامة في القلب من سوء الظن بالله. اللهم اني اسألك قلبا سليما اي سليما من الشرك سليما من الهوى سليما من الباطل سليما من سوء الظن بالله تبارك وتعالى. ومن الدعوات المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم اللهم اتي نفوسنا تقواها وزكها فانت خير من زكاها انت وليها ومولاها. ومما تتناوله هذه التزكية للقلب تزكية القلب بحسن ظنه بالله تبارك وتعالى. وكذلك من الدعوات المأثورة اللهم اصلح لنا ديننا الذي هو عصمة امرنا واصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا. واصلح لنا اخرتنا التي فيها معادنا. واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر. الى خير ذلك من الدعوات العظيمة المأثورة عن نبينا الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. وايضا مما انبه عليه فيما يتعلق بحسن الظن وسوء الظن وهو مقام يحتاج الى او هو امر يحتاج الى تنبيه ان سوء الظن منه ما هو كفر بالله سبحانه وتعالى ومنه ما هو دون ذلك. منه ما هو دون ذلك. والناس في وسوء الظن بالله سبحانه وتعالى بين مقل ومستكثر منهم من بلغ سوء ظنه بالله الى درجة للحاد والكفر بالله سبحانه وتعالى وربما الردة عن دين الله سبحانه وتعالى ومنهم من بلغ به سوء ظنه بالله تبارك وتعالى الى امر دون ذلك ولهذا ينبغي على الانسان ان يفتش في قلبه وان ينظر في نفسه وان يحاسب نفسه قبل ان يحاسبه الله وان يزن اعماله قبل ان يزنها الله سبحانه وتعالى. وكما قدمت حسن الظن بالله قائم على حسن المعرفة بالله. وانت ترى الان في واقع الناس في بعض الامور التي تحصل لهم او لغيرهم تجد انه يأتي على لسانه كلمات من هذا السوء سوء الظن. بالله تبارك وتعالى. اضرب لذلك بعض الامثلة للتعظيم. احيانا يسمع عندما مثلا يمرض بعض الاشخاص ويشتد به المرض فيقال فلان مرض فتجد بعض الناس يقول فلان العابد المصلي الصائم وتجد بعضهم يقول ما يستاهل هذا كله هذا هذا الباب وعدم المعرفة بالله سبحانه وتعالى. لان هذه الامراض لو تأمل المتأمل عندما قال مثل هذه المقالة انه لا يستاهل او نحو ذلك لم يدرك حقيقة كذلك وان هذه الامراض التي يصاب بها من يصاب قد تكون باب رفعة له عند الله وعلو منزلة ودرجات. والله سبحانه وتعالى يبتلي عبده بالسراء ويبتليه بالضراء. عجبا لامر المؤمن ان امره كله خير. ان اصابته شكر فكان خيرا له وان اصابته ضراء صبر فكان خيرا له وذلك لا يكون الا للمؤمن. تجد بعضهم ان عندما يكون على عبادة وعلى طاعة ثم تصيبه امراض تجد اما في قلبه او على لسانه اتي كلمات فيها شيء من الاعتراض. او التسخط وعدم الرضا. فالشاهد ان واجب على الانسان ان يكون في اموره كلها حسن الظن بالله تبارك وتعالى. وراجيا من ربه سبحانه وتعالى ان يجعل اموره كلها الى خير كما في الدعاء المأثور وان تجعل كل قضاء قضيته لي خيرا واسأل الله الكريم رب العرش العظيم باسمائه الحسنى وصفاته العليا ان يصلح لنا اجمعين شأننا كله والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين. اللهم اصلح لنا ديننا الذي هو عصمة امرنا. واصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا واصلح لنا اخرتنا التي فيها معادنا واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات اللهم اصلح ذات بيننا والف بين قلوبنا واهدنا سبل السلام. واخرجنا من الظلمات الى النور. وبارك لنا في اسماعنا وابصارنا وازواجنا وذرياتنا واوقاتنا. واجعلنا مباركين اينما كنا. اللهم انا نسألك الثبات في الامر والعزيمة على الرشد ونسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك. ونسألك قلبا سليما ولسانا صادقا نسألك من خير ما تعلم ونعوذ بك من شر ما تعلم ونستغفرك لما تعلم انك انت علام الغيوب. اللهم امنا في اوطاننا واصلح ائمتنا وولاة امورنا واجعلهم هداة مهتدين يا رب العالمين. اللهم اتي نفوسنا تقواها اه وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها. اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك. ومن من طاعتك ما تبلغنا به جنتك. ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا. اللهم متعنا باسماعنا وابصارنا وقوتنا ما احييتنا واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا اجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا. سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك. اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه